القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Extra31 | رواية آرها

Extra31


عنوان الفصل: اكسترا شوي مينغ: شوي مينغ يحقق نصره النهائي.


بما أن تشو وانينغ قد وقع هو الآخر ضحية لروح اللفافة، فقد حُكم عليه، بطبيعة الحال، بأن يُلعن مؤقتًا ويتحوّل إلى قط ثلجي أبيض.


وعندما تبددت الهالة الفضية، جلس القط الأبيض بكل مهابة على أرضية الملحق، وقد رفع عينيه الجميلتين قليلاً وهو يحدق بغضب في كل من كان حاضرًا.


ورغم أنّ الجميع قد توقّعوا هذه النتيجة منذ خمسة أيام بعد هزيمتهم، إلا أن الصمت الخائف خيّم على المكان.


النحلة: ما فانغ تشي.

الطائر الإلهي: جيانغ يي تشين.

القط الأبيض: تشو وانينغ.


ما الذي كان يحدث هنا؟ هل كانوا بحاجة لجمع الأساتذة السبعة الكبار لاستدعاء المزار الإلهي، شينّونغ؟


كانت نظرة تشو وانينغ مرعبة أكثر حتى من نظرة جيانغ يي تشين، ربما لأن أحدهما طائر والآخر قط — فالطيور لا تملك تعبيرات وجه كثيرة، لكن القطط قادرة على التعبير عن الغضب بشدة. شعر مو ران بتعاطف وحنان في آنٍ معًا، وأحسّ برغبة في الجثو واحتضان القط. غير أن القط طوى أذنيه، ونفش فروه الأبيض، وأظهر أنيابه الحادة مطلقًا موائًا غاضبًا:


“مياااه-هاا-آااوو!!”


لم تستطع إحدى التلميذات كبح نفسها، فهتفت بصوت خافت: “لطيف جدًا!”


“أعتقد حتى أن مو-زونغشي تعمّد تحويله إلى قط…”


وعند سماع ذلك، اتسعت عينا تشو وانينغ فجأة، وحدّق في مو ران بوحشية، مطلقًا زمجرة تهديد.


فرفع مو ران يده على عجل وأقسم قائلاً: “لم أفعل! أقسم أنني لم أفعل!”


ضيق تشو وانينغ عينيه، ورفع طرف مخالبه بتردد وكأنه على وشك استدعاء تيانوين لاستجواب من أمامه. غير أنّه، ومع صرخة حادة، لم يظهر سوى توهج ذهبي خافت من كفّيه المغطاة بالثلج، وانبعث من أنفه الوردي الصغير البارد كقط أبيض، ما جعل الأمر يبدو كأن القط الكبير يؤدي خدعة سحرية بلطف، رافعًا كفه بتدلّل.


شعر مو ران بانقباضة في صدره، ولم يستطع مقاومة الرغبة في الركوع لمداعبة تلك الكرة الزغبية، وعيناه تتلألآن بشغف: “شيزون…"


“مياو!!”


ولم يكن الرد إلا خدشًا عنيفًا من الكف الثلجي. شهق مو ران من الألم، فوثب تشو وانينغ غاضبًا متجاوزًا يد مو ران الممتدة — كان هو وجيانغ يي تشين فعلًا غير قادرين على تحمّل الإهانة.


فكما أن جيانغ يي تشين قد طار مبتعدًا فور تحوّله إلى طائر سماوي، كذلك، بعد أن تحوّل تشو وانينغ إلى قط أبيض، عزم على المغادرة فورًا.


شعر شوي مينغ بالذنب، وخشي أن يهرب تشو وانينغ — الذي لا يقدر على الطيران — دون أن يُرتب له من يرافقه، فلا يتمكن من العودة بأمان إلى نانشان. فبادر بإيقافه سريعًا: “شيزون، أرجوك اهدأ أولًا، إن لم أرتب من يرافقك، فربما… آااه!”


هبط القط الأبيض كالنمر المفترس، وصد يد شوي مينغ الممدودة بقوة. وما إن حاول شوي مينغ احتضانه، حتى غرزت تلك القطة أنيابها بلا رحمة في طرف إصبعه.


شوي مينغ: “شيزون!”


مو ران: “شيزون!”


ها قد نال كلا التلميذين إصابة، بكل عدالة وإنصاف.


بعد هجومه، فرّ تشو وانينغ دون أن يلتفت خلفه، وذيله الثلجي يتمايل وهو يختفي عند زاوية الشارع، ولم يترك خلفه سوى ذكرى قوّته. كان شوي مينغ يربّت على يده المتألمة، على وشك أن يبدأ بالشكوى، لكنه قُطع حين نهض مو ران لملاحقة المعلم الهارب—


“هيه! لا تعد إلى المنزل وحدك! ماذا لو أمسك بك أحدهم وأجبرك على تحضير طبق تنين-ونمر؟!”


أراد شوي مينغ هو الآخر أن يلحق القط، لكن مي هانشوي أمسكه ليمنعه. عبس شوي مينغ وحدجه بنظرة حادة: “ما الذي تفعله؟!”


قال مي هانشوي: “ألا ترى أنه غاضب منك؟ دع مو-زونغشي يتولى الأمر. عندما يستعيد عافيته بعد خمسة أيام، يمكنك زيارته مجددًا في الجبل.”


صرخ شوي مينغ معارضًا: “مالذي تقوله! شيزون يحبني أكثر من الجميع، كيف يكون غاضبًا مني؟!”


نظر مي هانشوي الأكبر إليه بنظرة غامضة: “هل أنت متأكد أنك كنت صادقًا في معاييرك لاختيار الشريكة، ولم تكذب فقط لتكسب مديحه؟”


شعر شوي مينغ بالذنب فورًا.


اقترب مي هانشوي منه بابتسامة، وانحنى قليلًا نحوه: “قلت لك لا تكن بوجهين، وكن صادقًا في كلامك. والآن، انظر إلى أين أوصلك هذا؟”


أراد شوي مينغ الجدال، لكنه كان يعلم في قرارة نفسه أنه المخطئ. وبعد لحظة من التلعثم، اعترف على مضض: “ل-لم أقصد ذلك. أعني، أنا حقًا أعتقد أن معلمنا مثالي من كل النواحي…”


“مفهوم، خالص تعاطفي.” ربت مي هانشوي على كتفه مبتسمًا. “لكن الآن، بما أن السيد تشو والسيد جيانغ قد هُزما، لم يعد هناك أحد للمساعدة.”


شعر شوي مينغ بإحساس مشؤوم يجتاحه، ورفع بصره بقلق.


تلاقت نظراتهما — عينَي مي هانشوي بلونهما الأخضر الزمردي المتوهج تحملان ابتسامة مدروسة: “لم يتبقَ سواك أنت يا زعيم الطائفة شوي، لتتولى الأمر.”


ارتبك شوي مينغ: “لماذا أنا؟ لماذا لستَ أنت؟!”


لمس مي هانشوي أنفه وضحك: “لأن ذوق روح اللفافة تشكّل بناءً على مظهرك. وأنت قد رأيتني سابقًا بملابس نسائية، ولم تُبدِ أي إعجاب.”


احتجّ شوي مينغ: “لكني…"


“أو ربما أعجبك مظهري فعلًا، لكنك تخجل من الاعتراف. ربما أنت واقع في سحر جمالي سرًا؟”


شحب وجه شوي مينغ: “أنت تكذب!”


انفجر مي هانشوي ضاحكًا: “إن اعترفت بأن مظهري يعجبك، فسأتولى أمر روح اللفافة. وإن لم تفعل، فستضطر لتوليه بنفسك — فماذا تختار؟ تمدحني أم تطارده بنفسك؟”


كان هذا خيارًا مؤلمًا للغاية بالنسبة لشوي مينغ. جذب الوحش المتجسد لم يكن أمرًا مخجلًا، خصوصًا بعد أن فعلها كل من جيانغ شي، وما يون، وتشو وانينغ. أن يكون هو الرابع لم يكن عارًا.


لكن ماذا لو فشل، وانتهى به الحال كطائر مثل جيانغ شي؟ لن يكون ذلك فقط مثيرًا للشبهات، بل قد يُقدم مي هانشوي على نتف ريشه!


ويبدو أن مي هانشوي استشعر اضطرابه الداخلي، فابتسم بمكر: “ألن يكون الأمر أسهل لو مدحتني فقط؟ قل: ’مي لانغ وسيم جدًا‘، وسأتولى المهمة.”


تردد شوي مينغ لوهلة، ثم حدّق في وجه مي هانشوي المبتسم. وبتجهم، شدّ على أسنانه وقبضتيه، وهتف: “وسيم جدًا؟ أظن أنك مصاب بضعف في الكلى! مي لانغ يعاني من ضعف كلوي!!” (عند الصينيين الكلى مرتبطة بقدرات الرجل في السرير)


“…”


تنهد مي هانشوي: “هذا افتراء سافر وتشويه للسمعة.”


وبعد أن رفض المديح، تابع شوي مينغ بعناد: “سأصطاد الوحش بنفسي، ما الذي سيخيفني؟ لا أصدق أنني لن أنجح! فقط ترقب!”


ودفع الإخوة مي جانبًا، ونزل الدرج الخشبي المتهالك وهو يغلي من الغضب.


كان شوي مينغ رافضًا تمامًا لفكرة التنكر بملابس نسائية، لذا اختار الخيار نفسه الذي اتبعه معلمه: ارتداء كيس بخور الوهم. تنفّس بعمق، ووقف أمام المرآة النحاسية، وفتح عينيه ببطء بينما قبضتيه مشدودتان.


وفي المرآة ظهرت النسخة الأنثوية منه، تلك التي رآها قبل سنوات داخل قرع النبيذ واللون.


مهما نظر، لم يستطع شوي مينغ تقبّل الأمر، فكان يستدير يمينًا ويسارًا في حرج. وبصراحة، شعر أن الفتاة في المرآة جميلة، لكن فيها شيئًا أخرقًا في حركاتها — بالطبع، هو يصف ذلك بأنها 'هالة من الهيبة'. ومع هذه الهيئة، سيضطر غالبًا للصمت التام عند لقائه بروح اللفافة، متظاهرًا بأنه تمثال خشبي أو طيني.


وإلا، فوفقًا لذوقه، لن يُعجب بمثل هذه الفتاة أبدًا إن نطقت أو تحركت.


بينما كان يفحص أذنيه في المرآة، ظهر انعكاس آخر فجأة.


استدار شوي مينغ على الفور: “ما الذي تفعله هنا؟”


وقف مي هانشوي الأكبر مستندًا إلى إطار الباب، وذراعاه معقودتان، وهيئته الطويلة تنضح بالأناقة، وقال بلا مبالاة: “لأرشدك إلى طريق الصواب. فلو فشلت أنت أيضًا، سيكون من الصعب جدًا إخضاع هذا الوحش.”


ورغم أن شوي مينغ لم يكن مسرورًا، لم يكن بوسعه طرده بالنظر إلى خطورة الوضع. وفي النهاية عبس وسأل: “هل تقدر على ذلك؟”


رفع مي هانشوي الأكبر حاجبيه قليلًا، وقال بهدوء: “هم؟”


سأل شوي مينغ: “ألم تلمس يد فتاة من قبل قطّ؟”


“أنت لا تمتلك الأهلية للتعليق عليّ.”


تذمر شوي مينغ: “أنا فقط لم أكن مهتمًا!”


أجابه مي هانشوي الأكبر بهدوء: “أما أنا، فكنت أجد الأمر مزعجًا.”


ثم، وبعد لحظة صمت، قال مي هانشوي بلا مبالاة: “في أكثر أيام السنة ازدحامًا، رفضت ثلاثًا وسبعين مزارعة بالنيابة عن هانشوي.”


“…”


بقي شوي مينغ مذهولًا، عاجزًا عن الكلام.


ث- ثلاث وسبعون؟!


تحدّاه مي هانشوي الأكبر: “لمَ لا تجرّب أنت؟”


ارتجفت شفتا شوي مينغ جفافًا، ومن دون سبب واضح، شعر فجأة بتعاطف عميق تجاه مي هانشوي الأكبر.


رغم أنه في أوج شبابه، إلا أنه يقضي أيامه في التنظيف الإجباري وراء علاقات شقيقه العاطفية التي لا تعنيه بشيء. ليس مستغربًا إن تدهورت صحته النفسية بسبب ذلك.


وحين بقي شوي مينغ صامتًا، دخل مي هانشوي الأكبر غرفة النوم وأغلق الباب خلفه.


“تعال إلى هنا.”


حذّره شوي مينغ: “م-ماذا تنوي أن تفعل؟”


لم ينتظر مي هانشوي إجابة، بل تقدّم بخطواته الطويلة، وتوقّف على مسافة قريبة مزعجة، ضاغطًا عليه بهالته الثقيلة. عينيه الباردتين كبركة متجمدة، وأهدابه الذهبية الشاحبة لم تتحرك.



قال: “سأعلمك كيف تردّ دون أن تُرفض من قِبل الرجال”، في عينيه لمعة تحدٍ وسخرية مبطّنة ببرود فطري.


كان هذا التعبير من مي هانشوي الأكبر يستفزّ شوي مينغ بشدة، فرفع يده فورًا ليضربه، إلا أنه تم الإمساك بمعصمه بمهارة دون أن ينظر إليه حتى.


اتسعت عينا شوي مينغ غضبًا: “م-ما الذي تظن أنك تفعله؟ انقلع عني!”


أجابه مي هانشوي الأكبر: “هذا التصرف غير مقبول إطلاقًا”، ثم شدّ على قبضته بقوة، وبحركة رشيقة هائلة، قلبه فوق كتفه وطرحه أرضًا بعنف.


“تبًّا!”


قال مي هانشوي الأكبر وهو يقترب، ناظرًا إلى شوي مينغ المصدوم والمحمّر الوجه على الأرض: “واستخدام لغة سوقية كهذه أمر مرفوض كذلك. انهض. إن لم ترغب في أن تتحوّل إلى طائر يُنتف ريشه بيدي هانشوي غدًا—”


 توقف لحظة، ثم شدّ ياقة ردائه بعناية، متخذًا وضعية استعداد كما لو أنه على وشك خوض نزال، وقال بلا مبالاة: “أمامك ليلة واحدة فقط لتتلقى تدريبي كما ينبغي.”


نظر إليه شوي مينغ بحنق شديد، وعيناه محمرتان من شدة الإهانة.


لكن مي هانشوي الأكبر بدا وكأنه لا يرى غضبه، كما لو أنه غير موجود. مدّ أصابعه النحيلة باتجاه زعيم الطائفة وقال:

“تفضل، زعيم الطائفة شوي.”


في اليوم التالي.


رتب تشين شيو يوان من قصر توباو لقاءً جديدًا مع الوحش المتجسد، وكان الموعد هذه المرة في بيت دعارة في السوق الشرقي. لم يكن الوحش المتجسد ذكيًا كثيرًا، فلطالما نسي الخطر الكامن في مثل هذه 'الولائم'، ووافق بحماسة.


نظر شوي مينغ إليه بازدراء: “ذكاؤه بالتأكيد لم يرثه مني.”


وحين رأى مي هانشوي أن شوي مينغ يهمّ بالذهاب إلى اللقاء، اقترب منه مبتسمًا ليقدم له بعض النصائح، لكن شوي مينغ صرخ في وجهه غاضبًا: “ابتعد! وجهك وحده يجعلني أشتعل غضبًا!”


ثم قاد رجاله في موكب مهيب، تاركًا مي هانشوي واقفًا في حيرة، يتساءل ما الذي فعله هذه المرة ليستحق هذه المعاملة.


أما شوي مينغ، فحين جلس وحده في الغرفة الخاصة التي أُعدّت مسبقًا لاستقبال الوحش، كان لا يزال يشعر بالضيق الشديد. فقد أمضى الليلة السابقة كلّها يتعرض للنقد من مي هانشوي الأكبر بدايةً قال له إن ردوده غير مناسبة، ثم اتهمه بأن تصرفاته كلها خاطئة.


بعد كل ذلك، توصّل مي هانشوي الأكبر إلى استنتاج حاسم: شوي مينغ يفتقر إلى الموهبة الفطرية ولا يمكنه أبدًا استيعاب ما يُسمى بتقنية “تجنّب الرفض من قِبل الرجال”.


ومع اقتراب الفجر، قال له مي هانشوي الأكبر بصراحة: “انتهى الأمر. لا تُتعب نفسك بالتعلّم. إن لم تتمكّن من مجاراته، فاكتفِ بإغراق الوحش المتجسد بالمديح طوال مدّة فنجان شاي.”


كان شوي مينغ في قمة الانزعاج. استلقى على السرير، وعلى وجهه تعبير غير مصدّق، وقال بصوت ضعيف: “لماذا لم تخبرني بذلك منذ البداية؟ هل كان لا بد من تعذيبي طوال الليل؟”


رمق مي هانشوي الأكبر زعيم الطائفة الممدّد على السرير منهار القوى، ولم يرد. بل صرف نظره عنه ببرود.


وبينما كان شوي مينغ يستعيد ما جرى ويسبّ مي هانشوي الأكبر على غرابته، انفتح الباب بصرير خافت.


وتوتّرت أعصابه على الفور.


كان يعلم أن الوحش المتجسد قد وصل.


وبالفعل، من خلف ظلّ الباب الأحمر المزخرف، ظهرت هيئة مألوفة لكنها غريبة في آن. أضاء ضوء المصباح المتمايل على شخص يطابقه وهو يدخل الغرفة بخطى واثقة.


ثم، وبحركة غاية في الإزعاج، لوّح ذلك الشخص مبتسمًا وقال: “يا لها من مفاجأة جميلة، آنستي! أنا شوي مينغ، أُعرف أيضًا باسم شوي زيمينغ. أعتذر على الإزعاج!”


“…”


شعر شوي مينغ أنّه من المعجزات أنه لم يقفز فورًا ليرتكب جريمة قتل.


ثم بدأ الحديث السطحي المعتاد مع الوحش المتجسد. كان شوي مينغ يظنّ نفسه قد استعدّ جيدًا للردّ بما يرضي 'ذاته'، لكن لم تمرّ سوى لحظات حتى أدرك مدى خطئه.


سأل الوحش المتجسد: “هل تغسلين ثيابك بنفسك؟”


أجابه شوي مينغ، متصنّعًا: “نعم، أفعل.”


“لكن يداك لا تبدوان كأنهما غسلتَا شيئًا من قبل.”


“…”


“هل تمارسين الفنون؟”


“أنا… أمارسها قليلًا. من غير اللائق أن تكون الفتيات عنيفات جدًا، لكن لا يصح أن يكنّ عاجزات تمامًا أيضًا.”


“كنت أقصد الرقص، أي الرقص بالمعنى الحرفي. ما نوع الفتيات هذا التي تفكّر أولًا في القتال؟ أنتِ لستِ ناعمة ولا راقية أبدًا!”


“…”


“هل ستقفين لتوديعي وتركعين لاستقبالي؟”


كان شوي مينغ، حين يُلقي بمثل هذه العبارات عادة، لا يشعر بشيء. أما الآن، وهو يرى نفسه من الطرف الآخر، فقد بدأ فجأة يشعر بأنه يستحق الضرب حقًا — الوقوف لتوديع شخص ما، والركوع لاستقباله؟ لماذا لا يطير إلى السماء أيضًا؟ هل يظنّ نفسه حقًا تجسيدًا لفوشي أو شينونغ؟!


لكن، ومن أجل نجاح الخطة، أجبر نفسه على القول: “لا يوجد ما لا أفعله.”


رد الوحش المتجسد: “هذا الجواب يبدو مترددًا ويفتقر إلى الحماسة والإخلاص.”


“…”


“يجب أن تقولي: ‘بالطبع أنا مستعدة بكل سرور!’”


ورغم هذا الحوار، نهض الوحش المتجسد قبل انتهاء مدّة الساعة الرملية، وقال لشوي مينغ: “أنا آسف، لكن لا أظنّ أنني أرغب في مواصلة هذه المحادثة.”


تجمّد شوي مينغ في مكانه!


لقد اتبع جميع معاييره الخاصة في اختيار الشريكة، بل وطبق النصائح التي لقنه إياها مي هانشوي الأكبر ليلة البارحة. فكيف انتهى به الأمر هكذا؟!


وبينما كان في قمة ارتباكه، تذكّر نصيحة مي هانشوي الأخيرة: 'إن فشلت في كل شيء، فامدحه.'


فصرخ بسرعة: “توقّف!!”


توقّف الوحش المتجسد، ونظر خلفه باندهاش: “ماذا؟”


أسرع شوي مينغ يضبط نبرة صوته، وقمع انزعاجه، مجاهدًا لابتسامة زائفة وقال: “أم… زعيم الطائفة شوي، أنت بوسامتك اللافتة، وكاريزماك التي تناطح أثرى الأثرياء، وقوتك التي تطال السماء، لا ينبغي لك أن تكون متكبّرًا وتضيّع جاذبيتك عبثًا. اسمح لي بمدحك بدلًا من ذلك…”


كان الوضع محرجًا إلى حدٍ لا يُطاق.


حقًا، كان المديح فنًا يتطلّب موهبة فطرية.


وبالفعل، ارتعش طرف فم الوحش المتجسد. وبعد لحظة، قال: “لا داعي لهذا. أعترف أنكِ جذابة للغاية، لكن ليس إلى درجة أقع في حبك من النظرة الأولى. ثم إنني أستطيع أن أرى أنك تحاولين تسلّق السلم الاجتماعي، وتحاولين إرضائي باستمرار. يا آنسة الصدق أمر بالغ الأهمية. الفتيات أمثالك، اللواتي يقتربن مني فقط ليصبحن زوجة زعيم الطائفة ويتمتعن بالثراء، لسن من النوع الذي أبحث عنه.”


شوي مينغ: “؟؟؟؟”


“آمل أن تدركي قريبًا أن الحب الحقيقي هو الشيء الوحيد الذي يستحق الاعتماد عليه، لا أن تصبحي امرأة سطحية، جشعة، تسعى وراء المكانة. وداعًا!”


فورًا، انفجر الغضب في عروق شوي مينغ! ما هذا الهراء؟!


كيف تجرأ أن يتحدث معه بهذه الطريقة؟! ما هذا الجنون؟!


وبحسب التقاليد المتوارثة عن تشو وانينغ وجيانغ شي لم يعد شوي مينغ قادرًا على كبح جماح غضبه هو الآخر. في لحظة غضب هادرة، مثل معلمه ووالده، فقد السيطرة على نفسه، وأطلق صرخة عالية، فانكسر كيس العطر الوهمي المعلق على خصره. استلّ سيفه، وانقضّ على الوحش المتجسد.


صرخ الوحش المتجسد بذعر: “يا للهول! جريمة قتل أخرى!”


“سأقتلك! من تظنّ نفسك، لتطلق كل هذه الشروط السخيفة؟!”


ردّ الوحش المتجسد بصوت مرتعش وهو يتفادى النصل: “أيتها الشرسة! كيف يمكنك تهديدي بالأذى فقط لأن رغباتك لم تُلبَّ؟ أنتي، أنتي، أنتي—”


تمايل المصباح بفعل الحركة، ونجا الوحش بأعجوبة من الضربة.


لكن حين التفت ليكمل توبيخه، وصادف عيني شوي مينغ بعد أن أزال كيس العطر، تجمّد مكانه.


لاحظ شوي مينغ نظرته الغريبة، فارتاب على الفور، وظنّ أن هناك فخًا يُنصب له. تراجع خطوتين إلى الوراء، ورفع سيفه أمام صدره، حاجبُه مرفوع، وقال بصرامة: “ما الذي تنوي فعله؟”


نقر الوحش المتجسد لسانه بدهشة لا تُصدّق، وتمتم: “أ-أنت رجل؟!”


“بالطبع!”


كان شوي مينغ على وشك الهجوم من جديد، عندما سمعه يهتف: “ورجل وسيم وجذاب وصريح بهذا الشكل!!!”


شوي مينغ: “؟؟؟”


تألقت عينا الوحش المتجسد وهو يصرخ نحو السماء: “آه! أخيرًا! لقد وجدت الحب الحقيقي!!”


شوي مينغ: “………”


.


“وهكذا، تبيّن أن النرجسي شوي زيمينغ لم يكن بحاجة إلا لأن يؤدي شوي مينغ رقصة السيف المعتادة أمام الوحش المتجسد، ليُدرك هذا الأخير أن في هذا العالم رجالًا وسيمين بالفعل، دون الحاجة إلى كل هذا العناء والتنكر كأنثى…”


وبعد انتهاء الأمر، وقف الشيخ تشين شيو يوان في قاعة الزهور في قصر تاوباو، يراقب شوي مينغ وهو يصرخ بغضب على المعلم ما، الذي عاد الآن إلى هيئته الأصلية، متحررًا من اللعنة.


أما المعلم ما، وقد زال عنه التهديد، فلم يكن يمانع في تقبّل صراخ شوي مينغ عليه. بل راح يضحك ضحكة اعتذار مرحة، دون أن يبدو عليه أي ضيق من حقيقة أن هذه الفوضى بأكملها كانت من صنع شوي مينغ منذ البداية.


"لا تَبِع مثل هذه اللفافة الضارة مجددًا أبدًا!" اختتم شوي مينغ بغضب.


سارع المعلم ما إلى الموافقة: "نعم، نعم! لا أريد أن أتحول إلى نحلة صغيرة مرة أخرى. في الحقيقة، حين رأيت الزعيم جيانغ يتحول إلى طائر، والمعلم تشو يتحول إلى قط، شعرتُ برعب شديد؛ كان من الممكن أن يأكلاني. لا مزيد من المزاح، لا مزيد."


رمقه شوي مينغ باستياء، لكنه وافق على مضض على عدم متابعة المسألة.


أما بالنسبة إلى الوحش المتجسد المروّض، فقد أعاد السيد ما صقل تعويذته، وحوله إلى دمية خشبية صغيرة بحجم كفّ اليد. وقدمتها إلى شوي مينغ كعربون شكر لترويضه الوحش.


في البداية، لم تكن لدى شوي مينغ أي نية لقبول شيء تافه كهذا، خصوصًا أن الدمية ما إن تُحرك حتى تصيح:

"الزعيم شوي وسيم، أنيق، وسحره لا يُضاهى!"

في الماضي، كان مثل هذا الإطراء يطرب شوي مينغ، لكنه الآن، بعد مواجهته مع الوحش المتجسد، ظلّ متوجسًا؛ لم يُشعره هذا المديح بالكثير من الفرح.


قال وهو يعقد حاجبيه: "حسنًا، حسنًا، هذا يكفي. لم أعد أحب سماع المديح. لا حاجة لي بهذا، لن آخذه، هذا الشيء لا يبدو صادقًا أصلًا."


فزعت الدمية الصغيرة من رده، وسارعت إلى الإضافة:

"شوي زيمينغ وسيم جدًا! وسيم للغاية!"

"السيدة وانغ هي الأجمل!"

"المعلم تشو هو الأعظم!"


"لا تتركني، الزعيم شوي وسيم وطيب القلب للغاية."


آه، لا يُمكن التخلص من العادات القديمة بسهولة. حتى وإن كانت الكلمات ساخرة، فإن وقعها ما زال لطيفًا في أذن شوي مينغ. وهكذا، قبِل على مضض بالدمية الخشبية، ووضعها في صندوق، ثم أخذها معه إلى قمة الحياة والموت.


وقبل مغادرته، ابتسم مي هانشوي بلطف وقال:

"الزعيم شوي، خطر لي أن أسأل فقط… هل أعجبك أدائي في دور شوهو؟ إن كان كذلك، أرجو أن تمنحني تقييمًا إيجابيًا."


"لا!" قاطعه شوي مينغ بحدة، وهو يرمي نظرة غاضبة على كليهما، مي هانشوي ومي هانشوي الأكبر. "لقد دونت ما تدينان لي به! وسأدع مبنى القمر الساطع يتولى أمركما لاحقًا!"


ضحك مي هانشوي بخفة، ورد بلطف: "أنا خائف جدًا."


أما مي هانشوي الأكبر، فردّ ببرود: "المعلم دخل مؤخرًا في عزلة، لذا فأنا أتولى مؤقتًا شؤون قصر كونلون. الزعيم شوي مرحّب به إن أراد تقديم الشكوى في أي وقت. سيكون شرفًا لنا استقبالك."


ارتبك شوي مينغ، ثم انفجر قائلًا: "مي هانشوي!—أنت، أنت عديم الحياء!—هل هناك شخص عادل في قصر كونلون؟!»


كانت شمس الصباح تسكب خيوطها الذهبية كأنها من نولٍ سماوي، تتساقط فوق الجدران الوردية والبلاط الداكن، وتضيء حاجز قصر تاوباو المزخرف بظلال قطط ليلية تتحرك. كذلك، تسطع على مجموعة الشبان الصاخبين، وعلى وجه المعلم ما المليء بالحيرة، وذراعيه مرفوعتين، يتأرجح بين الضحك والبكاء وهو يحاول عبثًا فضّ النزاع بينهم.


وهكذا، مرّ هذا الاضطراب الصغير في عالم السكينة دون أن يترك أثرًا يُذكر.


وبعد شهر، أعلن السيد ما عن الفائز بالجائزة الكبرى لفعالية 'لفافة تهدئة الروح'. وبسبب الضغط الهائل من شوي مينغ، عبث مدير القصر بالنتائج خلف الأبواب المغلقة، وقدم صندوق الهدايا الفاخر للضيف الأول 'وانغ شياوشوي' بأسى وتردد. كل تلك الكنوز الذهبية والفضية، ورسومات الأدوات السحرية… نُقلت جميعها إلى قمة الحياة والموت.


أما النسخ الخمسمئة من الرسوم النادرة والمثيرة لمشاهد قصر الربيع، فقد تم اعتراضها في منتصف الطريق من قبل تاشيان جون القادم من الجنوب.


جاء في رسالة على رافعة تواصل ذهني: 'يوهينغ من سماء الليل يبعث برسالة إلى شوي مينغ، يقول فيها: إن أعطيتني تلك الكتب، فسأصفح عن كذبتك.'


شوي مينغ، الذي كان في قاعة الولاء في قمة الحياة والموت، يدير شؤون الطائفة، قرأ الرسالة وسحق الرافعة الورقية بقبضته غاضبًا حتى صارت كتلة مسطحة.


"ما كل هذه الوقاحة! شيزون لن يقرأ أمورًا كهذه أبدًا! علاوة على ذلك، لقد سامحني منذ زمن! كتب إليّ منذ أكثر من عشرة أيام! أنت، مو ران، أيها الكلب الوضيع، تحاول زرع الفتنة مجددًا!"


ولم يكتفِ بذلك، بل استدار نحو أحد التلاميذ الواقفين أسفله وصرخ: "أنت! قُد فريقًا إلى الجبل الجنوبي واستعد تلك الكتب النادرة المثيرة وعددها خمسمئة! أحرِقها كلها!"


كان التلميذ الشاب يرتجف من الرعب، يخفي اضطرابه في قلبه فقال على مضض: "أمرك."


قال التلميذ داخليا: 'زعيم الطائفة، نحن نتحدث عن تاشيان جون! محاولة انتزاع كتاب واحد من يده لا تختلف عن نزع ناب من فم نمر—إنها مهمة انتحارية!'


رمقه شوي مينغ بنظرة حادة: "ما الذي تنتظره؟ لا يمكننا السماح لمو ران باستخدام هذا الشيء الوقح لخداع الشيخ يوهينغ! أسرع!"


«…»


لم يكن أمام التلميذ الشاب سوى المغادرة بوجه ممتقع، آملًا في قرارة نفسه أن يصادف مو-زونغشي. لعلّ هناك فرصة للبقاء على قيد الحياة…


دفع الباب، وانعكست أشعة الشمس الساطعة على لوحة اليشم المُجددة حديثًا لجناح قلب الروح. كانت الكلمات الأربع 'قلب الروح يعكس النية الحقيقية' منقوشة بخط أنيق وقوي، تتلألأ ببريق سماوي، لا يطغى على العين، بل يفيض بلطافة ونقاء بلوري.


كانت جراح الفقد القديم تلتئم ببطء. فبعد عام أو اثنين من المعركة الكبرى… بدأ من تبقّوا في هذا العالم الفاني يتعلمون مجددًا كيف يفرحون، ويتشاجرون، ويتصالحون، ويتأقلمون، ويشتاقون في صمت. بدأ الشباب يُزاحمون الكبار، والحيوية تطرد الحزن، والنور يغلب الظلام، والثبات يحلّ محل الاضطراب.


لا يهم كم يطول الظلام، فإنه حتى بعد أطول ليلة باردة لا بدّ أن يأتي النهار.


وسيعود الضحك والفرح ليزهر من جديد.


تمامًا كهذا اليوم.


نهاية الفصل الإضافي: 'موعد شوي مينغ الأعمى' —

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي