Ch135
رفع باي ليو يده وهو ينظر إلى سو يانغ ببرود،
مما جعل الأصفاد الفضية الثقيلة تتأرجح أمامه،
ثم لوح بها بلا مبالاة ، قائلًا : “ إذن، هل هذا هو السبب
الذي دفعكم، أيها الضباط، إلى القبض على مواطن
صالح يطيع القانون دائمًا، في الساعة التاسعة ليلًا،
وتكبيله بالسلاسل؟”
و أضاف بنبرة ساخرة : “ هذا الفيديو المراقب ليس دليلًا
قاطع على أي شيء.
ألا تعتقد أنك تتصرف بتحيز عندما تعتقل الناس بهذه الطريقة؟”
سعل سو يانغ بشكل محرج
في الحقيقة ، كان الفيديو مجرد خدعة للإيقاع بـ باي ليو،
ولم يكن دليل أساسي يمكن استخدامه لتوجيه اتهام رسمي
لكن باي ليو لم يمنحه فرصة للرد،
بل تابع حديثه بنبرة هادئة: “ أنا مجرد موظف مفصول من
عمله،
أعيش في شقة مستأجرة رخيصة .”
ثم ضحك بسخرية وأضاف: “إذا كنت أملك حقًا شيئ قادر
على علاج جميع الأمراض، كما تزعم،
فلماذا كنت سأقدمه للأطفال مجانًا ؟
لقد حققتم في وضعي بالفعل ،
لذا لا بد أنك تعرف أن وضعي المالي سيئ، أليس كذلك؟”
كانت أوضاع باي ليو المالية سيئة بالفعل
فلو كان قد حصل على فطر الجانوديرما الدموية،
فلماذا قد يطعمه للأطفال مجانًا دون أن يستفيد منه؟
أي شخص عاقل سيدرك القيمة الهائلة لهذا الفطر
قلة قليلة من الناس يمكنهم مقاومة إغراء بيعه،
ناهيك عن باي ليو، الذي تم تسريحه من عمله منذ ما يقارب الشهر
لكن سو يانغ لم يظهر عليه أي ارتباك،
بل استعاد هدوءه بسرعة،
وضغط على جهاز التحكم، قائلاً:
“ موظف عادي تم فصله من وظيفته؟
إذن، لماذا قام مياو غاوجيانغ، الرجل الذي قتل ابنه
وانتحر مؤخرًا، بالصراخ باسمك برعب قبل أن يقطع
عنقه بنفسه؟”
ظهر مقطع فيديو جديد على الشاشة
المشهد يعرض وجه مياو غاوجيانغ المتعب والمجنون ،
عيناه غائرتين وعظام وجنتيه بارزة بشكل مخيف ،
يمسك بسكين موجه إلى عنقه،
وقد تلطخت الأرض تحته ببقع دم فوضوية
و فيتشي لم يكن بعيدًا عنه ، جسده ملقى بلا حياة
في الفيديو ، سُمع صوت أحد الضباط وهو ينادي:
“ مياو غاوجيانغ! اهدأ أولًا! ضع السكين جانبًا !”
“ الانتحار لن يحل أي شيء! تمالك نفسك !
إذا كنت تواجه مشكلة لا تستطيع حلها،
فتحدث إلينا، نحن الشرطة هنا لمساعدتك!”
لكن مياو غاوجيانغ هز رأسه برعب،
واهتزت يداه وقدماه بينما كان يصرخ بصوت مبحوح :
“ أنا ميت ! لقد قتلني باي ليو !”
ثم، بصوت متحشرج، قال:
“هذا ليس انتحار ، هذا قتل!”
وجهه مشدود بتوتر واضح ،
و يحاول إبعاد السكين عن عنقه ،
لكن يده لم تكن تحت سيطرته ،
فجأة ، اندفع النصل الحاد إلى شرايينه ،
سقط أرضًا وسط صرخة ألم أخيرة :
“ إنه من قتلني !
باي ليو! باي ليو!
باي ليو وذلك التمثال هما قاتلاي !”
تدفقت الدماء من عنقه بقوة، لترتطم بالسقف
عيون مياو غاوجيانغ كانت محتقنة باللون الأحمر وهو
يسقط في بركة من الدماء،
بينما السكين لا يزال مغروس في عنقه
توقف الفيديو عند هذه اللحظة،
حيث تجمد المشهد على جسد مياو غاوجيانغ الملقى على الأرض
استدار سو يانغ نحو باي ليو، وسأله بجدية:
“هل لديك ما تريد قوله؟”
لكن باي ليو لم يظهر أي تغير في ملامحه،
بل ظل هادئًا تمامًا
لم ينبض قلبه حتى بسرعة،
بل ملأت عيناه نظرة ارتباك واقعية وهو يقول:
“أيها الضابط، لا أعرف هذا الشخص.”
ثم أضاف، متظاهرًا بالحيرة: “ألم يظهر هذا الشخص في الأخبار؟
ألم يقتل نفسه؟
أنتم سجلتم كامل عملية انتحاره بالفيديو.
فما علاقته بي؟”
نظر إليه سو يانغ بحدة، وقال ببطء:
“لقد صرخ باسمك قبل أن يموت.”
ثم شدد على كلماته: “قال إنه قُتل، وأنك أنت القاتل.
هذه قد تكون رسالة الموت التي تركها لنا السيد مياو.”
لكن باي ليو لم يفقد هدوءه
بل ابتسم ابتسامة خفيفة، وقال بنبرة ساخرة:
“إذن، بسبب هذه الكلمات، تحول موت
السيد مياو من انتحار إلى جريمة قتل؟”
ثم نظر مباشرة في عيني سو يانغ، وتابع بسخرية:
“ نائب القائد سو أنت تمارس ضغط نفسي كبير عليّ .
ماذا لو لم أتمكن من تحمله وانتحرت ،
وأنا أصرخ باسمك قبل أن أموت ؟
هل هذا يعني أنك ستكون القاتل ؟”
تنهد سو يانغ تنهيدة بطيئة ،
متجاهلًا كلمات باي ليو،
لأنه أدرك أن الانجرار وراء أسلوبه في الحوار سيجعله يفقد
السيطرة على التحقيق
{ باي ليو أكثر دهاءً وتكيفًا مما كنت أعتقد ،،
بل إنه يبدو بالفعل كشخص عادي تمامًا ،
تمامًا كما أظهرت سجلاته الشخصية ... }
لكن سو يانغ لم يكن مستعد للتخلي عن
الأمر بهذه السهولة ،
فغير الموضوع قائلًا :
“ بالطبع، هذا ليس ما أعنيه.
لكن لا يمكن إنكار أنك تبدو مثيرًا للريبة ، أيها السيد باي ليو "
لم يُظهر باي ليو أي انفعال،
بل نظر إليه ببرود وقال:
“ ألا يفترض أن الشرطة تقدم أدلة قبل اتهام الناس؟”
ثم استرخى على الكرسي،
وابتسم بخفة :
“بصرف النظر عن كوني ' أبدو ' مشبوهًا ،
هل لديكم أي دليل حقيقي يثبت أنني قتلت هذا الشخص المدعو مياو؟”
كرر باي ليو إليه الكلمة نفسها : ' أبدو '
ساد الصمت في الغرفة
لم يكن هناك أي تواصل بين باي ليو ومياو غاوجيانغ،
ولم يسبق لهما أن التقيا أو تشاركوا أي شيء في حياتهم
لم يكن هناك أي رابط بينهما على الإطلاق
لهذا السبب، كان صراخ مياو غاوجيانغ باسم باي ليو قبل
وفاته أمرًا مريب للغاية،
وهو ما جعل القضية تُنقل إلى مكتب التعامل مع
الهراطقة الخطيرين
ومع ذلك، لم يكن هناك أي دليل حقيقي في هذه القضية،
باستثناء كلمات مياو غاوجيانغ الأخيرة
تكلم باي ليو بهدوء: “ إذن ، لا يوجد دليل حقيقي .
في هذه الحالة ، لا أفهم كيف يمكنكم اعتقالي بهذه
الطريقة لمجرد الاستجواب؟
هذا لا يتماشى مع مفهومي الأساسي عن القانون.”
نظر سو يانغ إلى باي ليو وكأنه لم يستيقظ بعد من كابوس طويل
بدا عليه الإرهاق،
ثم تنهد تنهيدة عميقة ،
وكأنه استعاد ضميره أخيرًا
أخرج زجاجة صغيرة أخرى من جيب صدره،
ووضعها على الطاولة أمام باي ليو
يوجد غاز وردي اللون يطفو داخل الزجاجة،
يشبه كون صغير مكون من نجوم متناثرة
يلمع في الزجاجة الصغيرة،
مما جعله يبدو ساحرًا للغاية
تحركت عينا باي ليو قليلًا
هذا الغاز يشبه إلى حد كبير الدخان الوردي الذي رآه في
حلمه عندما اختفى تاويل
نظر سو يانغ إلى الزجاجة الوردية ،
المليئة بهواء حالِم يُشبه أجواء الفتيات :
“ هذا هو العطر الغازي الذي يُباع على الإنترنت والذي
أصبح شائع جدًا مؤخرًا .
يحتوي على مادة منعشة ، يُقال إنه بمجرد رشه على
الجسم، يمكن للمرء الحفاظ على طاقة عالية في العمل
طوال اليوم.
لذا، تستخدمه العديد من الشركات كمعطر هواء في مكاتبها .
وله أسماء أخرى مثل قهوة الغاز و
حب العمل .”
توقف قليلًا ثم تابع بصوت أكثر جدية :
“ لكن مؤخرًا ، لاحظنا أنه عندما تقرر الشركات التي
تستخدم هذا العطر بكثرة التوقف عن استخدامه
أو استبداله ،
يُظهر الموظفون أعراضًا معينة من الجنون ….”
تردد سو يانغ للحظة ثم تابع: “ الغريب في الأمر أن جميع
الفحوصات لم تكشف عن أي مكونات ضارة في هذا العطر .
إنه يتوافق تمامًا مع معايير تصنيع وبيع العطور .
لكننا أدركنا أن هناك شيئ غريب ، لذا استلمنا القضية
ونقلنا بعض الموظفين إلى هنا للعلاج والبحث .”
و بنبرة ثقيلة : “ بعد اختبارات متكررة ،
وجدنا أن أعراض هؤلاء الموظفين تشبه بشكل كبير
أعراض الإدمان .”
سقطت عينا باي ليو على الزجاجة الصغيرة،
وأدرك تمامًا ما يقصده سو يانغ
: “ لقد صنفنا هذا العطر على أنه نوع جديد من
' الأفيون الغازي ' ،
وقررنا فرض علاج إجباري على الموظفين المدمنين عليه ...” تنهد سو يانغ بعمق : ،
" لكن حدث خطأ ما أثناء عملية العلاج ….”
ضغط على جهاز التحكم عدة مرات ،
حتى ظهر مقطع فيديو على الشاشة
ظهر في الفيديو رجل في منتصف العمر،
عيناه جاحظتان بشكل غير طبيعي،
يصرخ ويهجم بجنون
لون وجهه وردي ، تمامًا مثل لون الغاز في الزجاجة الصغيرة
انتفخت عروقه بشكل مرعب وهو يضرب رأسه بالحائط بقوة
دخل شخص ما في محاولة لتقييده على كرسي،
لكنه تمكن من تمزيق قيوده بسهولة وكأنها لا شيء
بعد لحظات ، صرخ الرجل صرخة حادة،
وبدأ جسده يتغير بشكل غريب
ظهر بوضوح شكل وردة ذابلة في بؤبؤ عينه ،
ثم بدأ لحمه ودمه في الذبول والاسوداد،
متساقطًا مثل بتلات وردة جافة
في النهاية، لم يتبقَى منه سوى كومة من الملابس وهيكل
عظمي أبيض غير معقول جالس على الكرسي…
ثم انهار تمامًا إلى رماد
في خلفية الفيديو ، يوجد صوت ضوضاء مختلطة ،
تخللتها جملة واضحة:
”…المصاب بـ CEDT-0756 حاول الإقلاع عن العطر
لمدة 6 أيام و17 ساعة و56 دقيقة… لكنه فشل.”
انتهى الفيديو
لم ينظر سو يانغ إلى الشاشة،
بل تحدث بصوت جاف قليلًا:
“لقد جربنا العديد من الطرق،
ووجدنا أنه لا توجد أي وسيلة لإبقاء هؤلاء الموظفين
على قيد الحياة إلا إذا استمروا في استخدام هذا العطر
المسمى غاز أوراق الورد الجافة .”
ثم أضاف بعد لحظة من الصمت: “وإلا… فإنهم سيذبلون .”
ساد الهدوء في الغرفة للحظات
ثم تحدث سو يانغ أخيرًا: “ لا يمكننا السماح باستمرار
إنتاج وبيع هذا النوع من الأشياء .
لكن عندما أدركنا خطورة الأمر، كان الأوان قد فات…”
ابتسم سو يانغ بمرارة وهو يرفع الزجاجة
الوردية الصغيرة بين أصابعه،
و سأل:
“هل تعرف كم مرة تم بيع هذا العطر عبر الإنترنت خلال الشهر الماضي؟”
لم ينتظر إجابة باي ليو،
بل تابع بصوت ثقيل: “ مئات الآلاف من المرات… ويتضاعف العدد كل شهر .
هناك عدد هائل من الأشخاص الذين يستخدمونه بالفعل .
و إذا تم إيقافه فجأة…”
لكن باي ليو لم يُظهر أي اهتمام أو تعاطف،
وقال بنبرة غير مبالية: “ إذن ماذا ؟
نائب القائد سو، كل ما ذكرته ليس له أي علاقة بي.
حتى لو قبضتم علي،
فلن تتمكنوا من حل هذه المشكلة .”
رفع سو يانغ عينيه وحدق مباشرة في باي ليو بثبات،
وقال بصوت حازم:
“ لا، لديك طريقة لحلها.”
ثم وقف وانحنى قليلًا إلى الأمام،
ليقترب أكثر من باي ليو، محدقًا في عينيه مباشرةً :
“قائدنا قال إنك وحش قادر على حل جميع الأمور
الشريرة في هذا العالم .
طالما أنك مقبوض عليك ، ستتوقف هذه الأشياء
المجنونة عن التدفق إلى عالمنا .”
عند هذه الجملة ،
ارتفع حاجب باي ليو قليلًا ،
في تعبير نادر عن المفاجأة
———————————————
تمتم بعض أفراد الفريق وهم يحملون رجلًا طويل القامة، مخمور ،
بزي رسمي إلى الغرفة الصغيرة التي كان باي ليو محتجزًا فيها
بدا الرجل منهار تمامًا،
و رائحة الكحول تفوح منه،
مما جعل أعضاء الفريق يلوحون بأيديهم أمام أنوفهم بامتعاض
: “ كم شرب القائد تانغ هذه المرة ؟”
ابتسم أحد أعضاء الفريق بمرارة : “ لا أعرف .
وجدناه ممدد أمام القاعدة ،
ولا أحد يعلم كم من الوقت قضاه هناك حتى عثر عليه
أعضاء الدورية ...
أين نائب القائد سو؟
هل لا يزال مشغول بالهرطقي البشري الذي تم القبض عليه حديثًا ؟
بالنظر إلى حالة القائد تانغ الآن ،
لا أعرف ما إذا كان قد جعلنا نطارد شخص عادي أم
هرطقي حقيقي …”
قال أحدهم بتردد : “ يجب أن نثق بالقائد تانغ .
فهو يملك القدرة على رؤية المستقبل ، ولهذا السبب
يتمتع بسلطة طوارئ عالية .
علاوةً على ذلك، كل ما أرسلنا للقبض عليه سابقًا كان صحيح .
هذه المرة يجب أن تكون كذلك… أليس كذلك؟”
توجهت أنظار الفريق إلى تانغ إردا،
الذي كان وجهه مخفي خلف شعره الطويل غير المشذب
كان في حالة يرثى لها،
يلعق شفتيه بين الحين والآخر ويحك فخذيه بتعب
ثم تردد أحد الأعضاء مرة أخرى و همس :
“ مع ذلك… القائد تانغ يشرب كثيرًا هذه الأيام.
ألم يقل بنفسه إن كلما شرب وفقد صوابه،
زادت رؤيته للهراطقة في المستقبل؟”
ظهر صوت سو يانغ وهو يدفع باب الغرفة الصغيرة ،
متحدثًا بلا مبالاة: “ هل تصدق هذا الهراء؟
إذا امتنع تانغ إردا عن الشرب تمامًا ، فيمكنه التنبؤ بدقة
متى وأين ستظهر الأشياء الشريرة .
لكن الآن، بسبب شربه ، تراجعت قدرته .
عملياته الأخيرة لم تؤدِي إلى شيء ،
وربما ذهب عقله مع كمية الكحول التي شربها .”
نظر إلى تانغ إردا الملقى على الأرض ،
والذي لا يزال يشخر قليلاً أثناء نومه ،
وبرز عِرق في جبهته من الإحباط
“ اذهبوا إلى غرفة CEDT-0076
وأحضروا ماء بارد لإيقاظه.”
أُفرغ دلو من الماء المثلج فوق رأس الرجل النائم
سعل تانغ إردا بعنف ، ثم جلس ببطء
شعره مبلل وفوضوي ، متدليًا على جانبي أذنيه
لم يكن واضح متى كانت آخر مرة حلق فيها ذقنه،
حيث غطى وجهه لحية خفيفة
مرر إبهامه على فكّه ليمسح الماء المتدفق،
ثم وقف بتكاسل
زيه الرسمي غير مُرتب تمامًا،
و بعض أزرار ياقة قميصه لم تكن مثبتة،
وشارة اسمه مائلة حتى وصلت إلى ذقنه
الشارة المكتوبة عليها:
[ قائد الفريق الثالث - إدارة التعامل مع الهراطقة
الخطيرين - تانغ إردا ]
تجشأ الرجل برائحة كحول واضحة : “ هاه— صوت تشجؤ !” ثم
مسح شعره المبلل للخلف،
كاشفًا عن عينيه الزرقاء الداكنة، حادة كنظرة الذئب
على الرغم من رائحة الكحول القوية التي تفوح منه،
إلا أن عيناه صافيتين تمامًا، بلا أي أثر للسكر
لكن لم يدم هذا طويلًا
و سرعان ما استند على الجدار وهز رأسه بحيرة،
متذمرًا: “ لماذا تبدو جدران هذا البار مثل جدران القاعدة ؟”
أمسك سو يانغ بجبهته بيد متعبة ، ثم أمر : “ أعطوه ثلاث
دقائق ليستفيق ،
ثم أرسلوه إلى الغرفة الصغيرة .
دعه يتعامل بنفسه مع الهرطقي البشري الذي أصر على القبض عليه .”
بعد ثلاث دقائق،
جلس تانغ إردا أمام باي ليو، مبللًا ومرهق
بينما وقعت عينا باي ليو على شارة اسمه
: “ إذن أنت القائد تانغ الذي ذكره سو يانغ بأنه كان
مصممًا على الإمساك بي؟”
نظر باي ليو نظرة عابرة إلى زجاجة العطر الوردي على الطاولة،
ثم إلى تانغ إردا الجالس مقابله،
و ببرود: “ لا أعلم لماذا تعتقد أن الإمساك بي يمكن أن
يحل هذه… المشاكل الغريبة التي تواجهونها .
أنا مجرد مواطن عادي، فقد وظيفته.”
: “ تسسسسك ، مواطن عادي ؟ هههههههه .”
أخرج تانغ إردا علبة سجائر من جيب معطفه وأشعل
واحدة بلا تردد ،
استنشق الدخان بعمق،
ثم نفثه ببطء
و انعكس اللون الأحمر المتوهج من سيجارته في عينيه الحادة،
التي تشبه عيون الذئاب
ثم، فجأة، ابتسم ابتسامة شرسة
: “ باي ليو (6) إلى متى ستستمر في التظاهر معي؟”
وقف ، مائلًا بجسده قليلًا إلى الأمام،
وهو يدخن ببطء،
و تابع بصوت ساخر:
“هل تعلم كم مرة ألقيتُ القبض عليك في هذا المكان؟”
ثم ضغط بقوة بطرف سيجارته على أصفاد باي ليو المعدنية ،
ونفث الدخان في وجهه بتهكم :
“ لقد كنت ثعلب عمره عشرة آلاف عام عشرات المرات .
هل لا تزال بحاجة إلى التلاعب بي؟”
تراجع باي ليو قليلًا لتجنب الدخان،
وقال بلا تعبير:
“ ولكن هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها .
القائد تانغ، هل تعتقدني شخص آخر؟”
تراجع تانغ إردا وجلس مجددًا ،
ضيّق عينيه وهو يحدق في باي ليو بنظرة متشككة،
ثم ضحك بازدراء :
“ لقاؤنا الأول؟
هذه ليست المرة الأولى التي أراك فيها باي ليو (6).
لقد رأيتك مرات كثيرة .”
ثم، بنبرة تحمل بعض السخرية والتهكم،
بدأ في سرد الألقاب :
“ المؤمن الأسطوري للإله الشرير ،
كلب تاويل المخلص ،
أخطر مطلوب في جميع مكاتب الهراطقة الخطيرين
حول العالم ،
الواجهة لكل الأشياء الشريرة ،
المقامر الذي يلتهم الأموال باستخدام الأدوات الهرطقية بلا رحمة…”
ثم، فجأة، استدار لينظر إلى باي ليو مباشرةً وقال ببطء :
“ وقائد الفريق الشهير في اللعبة ، السيرك المتجول .
باي ليو (6) الملك الأبيض .”
بقي باي ليو هادئ ،
لم يظهر أي تعبير يدل على الاعتراف أو الإنكار ،
فقط قال بصوت هادئ :
“ لا أذكر أنني رأيتك من قبل القائد تانغ .
لا أفهم ما الذي تتحدث عنه .”
ابتسم تانغ إردا بشكل قاتم،
ثم انقض فجأة إلى الأمام،
ضاغطًا يده بقوة على كتف باي ليو
أشبه بذئب ينقض على فريسته، يكشف عن أنيابه الحادة
مد إصبعه ببطء ورفع السلسلة المعدنية حول عنق باي
ليو، حيث يتدلى الصليب المقلوب وقشرة سمكة رمادية
غمغم تانغ إردا بتهكم: “ ترتدي هذا الصليب الشرير حول
عنقك، ثم تدعي أنك لا تعرف أنك المؤمن الوحيد لذلك
الإله الشرير؟”
أمسك بالصليب بين أصابعه ورفع رأس باي ليو بابتسامة ساخرة،
و همس بتحذير خطير:
“ من الأفضل أن تخفي ذيلك جيدًا باي ليو (6).
والآن، دعني أخمن… أين أخفيت مدير لعبتك ؟”
ضغط تانغ إردا بقوة ، مما أجبر فم باي ليو على الانفتاح،
متسببًا في ألم حاد جعله يغمض عينيه قليلًا
كان تانغ إردا قد غطى يده بكيس بلاستيكي،
كما لو كان يتعامل مع شيء مقزز،
ثم مدّ أصابعه بقسوة نحو لسان باي ليو
تجعد جبين باي ليو قليلًا بسبب هذا الفعل المهين،
ثم تحركت أصابع تانغ إردا داخل فمه
لكنه سرعان ما عبس وهو يتمتم بارتباك: “ لا يوجد شيء؟”
لأول مرة ، أظهر هذا القائد الغريب ، الذي بدا
وكأنه يعرف باي ليو تمامًا، تعبير متفاجئ أمامه
: “ في كل مرة ألقيت القبض عليك فيها في الجداول
الزمنية الأخرى ،
كنت تخبئه دائمًا تحت لسانك .
كيف لا يكون هنا الآن ؟”
نقر بلسانه بعدم رضا،
وسحب يده من فم باي ليو، ثم لوّح باشمئزاز
“ هل ابتلعته ؟
لم تكن تفعل مثل هذه الأمور التي لا تناسب أسلوبك
كشرير في الجداول الزمنية الأخرى .”
ثم ألقى بالكيس البلاستيكي جانبًا،
وعاد ليضع فك باي ليو في مكانه بعنف
كان هناك صوت طقطقة واضح،
جعله مؤلمًا حتى لمن يسمعه
لكن باي ليو لم يُظهر أي ضعف،
ولم يمنح تانغ إردا رد الفعل الذي كان يتوقعه
و بدلًا من ذلك ، قام بتحريك فكّه قليلًا ليتأقلم،
ثم رفع عينيه بهدوء نحو تانغ إردا وسأله بصوت رتيب:
“ جداول زمنية أخرى؟
هل مهارتك الشخصية هي التنقل عبر الزمن؟
هل قلت إنك ألقيت القبض عليّ عدة مرات في جداول
زمنية أخرى؟”
تانغ إردا لم يجب فورًا ،
استرخى على كرسيه بكسل،
ورفع قدميه فوق الطاولة،
وأراح رأسه للخلف،
متجاهلًا باي ليو تمامًا كما لو أنه لم يكن هنا
ثم تحدث بصوت متثاقل: “ مهارتي الشخصية ليست
التنقل عبر الزمن .
هذه قدرة خطيرة جدًا ، أو بمعنى آخر ، هي عنصر إلهي في اللعبة .”
عضّ على سيجارته غير المشتعلة ،
ونظر إلى السقف بعينين نصف مغمضتين،
وكأن السكر لا يزال يسري في جسده
“ لقد فزت بدوري في أحد الجداول الزمنية ،
فحصلت على فرصة لتحقيق أمنية .
ثم أعطتني اللعبة عنصر وفقًا لأمنيتي .”
و أضاف بصوت هادئ: “هذا العنصر سمح لي بالقفز بين
جداول زمنية مختلفة .
في كل مرة لا أكون راضي عن شيء، أو أشعر بالندم،
يمكنني عكس الزمن لتغييره .”
لكن سرعان ما أصبح صوته أكثر برودة: “ كنت أظن أنني
أعود بالزمن إلى الوراء ،
لكنني اكتشفت لاحقًا أنني لم أكن أفعل ذلك .
لقد كنت في جداول زمنية مختلفة ،
في عوالم موازية ،
وليس في خطي الزمني الأصلي .”
بقي صامت للحظات،
ثم استعاد تعبيره الساخر المعتاد،
والتفت نحو باي ليو، قائلاً:
“ الشيء المثير للاهتمام باي ليو (6) هو أنه في كل
جدول زمني مررت به،
كنتَ دائمًا العدو الأكبر لمكتب التعامل مع الهراطقة .”
حدق به ببرود ، ثم تابع بصوت هادئ لكنه قاتم:
“ لأنه في كل خط زمني أبدي ومتكرر ،
أنت مقدّر لك أن تكون المؤمن الوحيد للإله الشرير تاويل .”
بيد ثابتة ، سحب تانغ إردا مسدسه من على خصره،
ورفعه باتجاه باي ليو، محدقًا في عينيه بثبات
لا يزال يبدو ثملًا،
لكن الطريقة التي أمسك بها السلاح لم تكن مضطربة على الإطلاق
و المسدس موجه مباشرةً نحو عين باي ليو اليمنى
“ ثم، أنت، أيها الشيطان الجشع الذي لا يشبع،
استخدمت الإله الشرير الذي تؤمن به لتحويل العالم إلى
جحيم مليء بالأشياء الشريرة .
لقد رأيت هذا في كل جدول زمني مررت به.”
نظر تانغ إردا إلى باي ليو كما لو أنه يتحدث عن حقيقة مطلقة
“ لقد استخدمت هويتك كمؤمن وحيد للإله الشرير
لإنشاء كل أنواع الأدوات الشريرة التي تدر المال .
لقد أقمت مزادات بأسعار خيالية لمرآة تعكس مخاوف
الناس ، مما جعل الجشعين يتسابقون لسرقتها وإعادة
بيعها مرارًا وتكرارًا .
وضعت عظمة حورية البحر المعطوبة في متحف
حصري ، حيث يصاب الزوار بالجنون بسبب جمالها
المتعفن .
بعت أغلى دواء منقذ للحياة ، فطر الجانوديرما الدموية،
للأثرياء فقط ،
بينما تراقب ببرود أولئك الفقراء الذين يموتون من دونها .”
ثم نظر بازدراء إلى الزجاجة الصغيرة على الطاولة
“ وهذا العطر ، غاز أوراق الورد الجافة ،
الذي جعل الجميع يفقدون عقولهم…
لقد سمحت له بالانتشار ، وزدت سعره باستمرار ،
حتى يشعر الفقراء الذين لا يستطيعون تحمل تكلفته
باليأس ويذبلون على جوانب الطرقات،
ناشرين رائحة الورود في الشوارع .
بينما أولئك الأثرياء الذين يستطيعون شراؤه…
تزهر الورود في عيونهم وهم يقفون في قاعات المجد .”
ثم، بإبهامه، فتح أمان المسدس، ووضع إصبعه على الزناد
نظر مباشرةً في عيني باي ليو، بعينين ثاقبتين كحد السيف
“ أنت تفعل الشيء نفسه داخل اللعبة .
أنت مجنون يشتري أرواح البشر ،
ويقذف بالأشياء الشريرة في العالم لتحقيق مكاسبك الخاصة .”
و أضاف بصوت منخفض لكنه حاد :
“وفي المقابل… قدري هو قتلك "
بانغ ——
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق