Ch149
همس الأطفال بخوف، رؤوسهم متقاربة ،
“ ذلك الفتى الذي يُدعى باي ليو (6)
أصبح أكثر غرابة في الآونة الأخيرة…”
منذ أن قالت العميدة أن شي تا هرب من دار الرعاية ،
نقلوا خوفهم منه إلى باي ليو
كان الأطفال الآخرون ينظرون إلى باي ليو بذهول ورعب،
وهو يجلس في نهاية الطاولة الطويلة،
بعيدًا عن الآخرين، يأكل بصمت
كان هذا هو المكان الذي اعتاد شي تا أن يأكل فيه
رمش أحد الأطفال وهو ينظر إلى طفل آخر يبدو مهذبًا
وأكبر سنًا قليلًا :
“ أيها الجديد اسمك لو ييتشان صحيح؟”
ثم أشار إلى باي ليو وقال: “ ذلك الطفل الجالس في نهاية
الطاولة هو باي ليو (6)
تذكر أن تبقى بعيدًا عنه .”
نظر لو ييتشان إلى الخلف بارتباك وسأل: “ لماذا ؟
هل فعل شيئ ؟”
قام الطفل المتحدث بتقليد مظهر وحش بأسنانه ويديه،
مصدراً أنين غريب : “ لأنه وحش ! ،،
لقد أكل صديقه الوحيد ! بالطبع صديقه كان وحش أيضًا،
وحش الوخزات الدامية .
إذا أصبحت صديقه ، فسوف يأكلك أيضًا !”
هدد الطفل لو ييتشان بجدية
عبس لو ييتشان حاجبيه ونظر إلى باي ليو في نهاية الطاولة الطويلة
{ يبدو طفل طبيعي ظاهري ، بل إنه نحيف جدًا … }
لم يرَى لو ييتشان أي سبب للخوف أو الحذر من طفل مثله
{ يبدو هذا الطفل وكأنه لم يشبع أبدًا ،،
لحمه على وجنتيه غائرًا ،
ويبدو جائع جدًا وهو يأكل بسرعة
لكن… } ثم وقعت عينا لو ييتشان على صحن باي ليو
يوجد خبز أساسي على طبقه لم يلمسه بعد ،
بدا وكأنه لم يكن مستعد لأكله
أنهى باي ليو طعامه بهدوء وسرعة،
ثم أخذ الخبز الذي لم يلمسه وتوجه نحو البحيرة خلف الكنيسة
تبع لو ييتشان باي ليو إلى الكنيسة ثم توقف ،
وهو ينظر إليه بحيرة متزايدة وفضول
{ ما الذي يفعله هذا الطفل ؟
لماذا كان الأطفال في دار الرعاية يرفضونه إلى هذا الحد ؟ }
————————————
ليلًا ——-
بما أن لو ييتشان هو الطفل الجديد في دار الرعاية،
فقد تم تخصيص السرير الذي كان ينام فيه شي تا سابقًا له.
بمجرد أن استلقى، التفت برأسه ورأى باي ليو يقف عند
رأس سريره بوجه بلا تعبير ،
ممسكًا بأغطية الفراش بين ذراعيه
انتفض لو ييتشان من الذعر ، وجلس بسرعة ،
وغطى صدره بلحافه : “ ما الذي تنوي فعله باي ليو (6)؟!”
شعر الأطفال الآخرون في الغرفة بالخوف بسبب ظهور باي ليو المفاجئ،
فصرخوا وركضوا في كل الاتجاهات
“ باي ليو (6) جاء ليأكلنا! إنه قادم ليأكلنا !”
حاول لو ييتشان الحفاظ على هدوئه بصعوبة،
ثم نظر إلى باي ليو الواقف بلا حراك عند رأس سريره وهو
يحمل كومة من الأغطية
فهم لو ييتشان ما يقصده باي ليو ،
فأشار إلى سريره ثم إلى الأغطية في يد باي ليو ،
وسأل بتردد :
“هل تريد… أن تبدل السرير معي؟”
نظر باي ليو إليه بصمت
كان يبدو مرهق ، وعيناه شاردتان
هالات سوداء كثيفة تحت عينيه
سمع سؤال لو ييتشان وأومأ ببطء
تنفس لو ييتشان الصعداء { لقد جاء حقًا ليبدل السرير }
لم يكن لو ييتشان يهتم كثيرًا بملكية السرير،
لذا تنازل عنه بلطف لباي ليو،
لكن نبهه إلى ضرورة إعادته في الصباح،
لأن المعلمين هنا يتعرفون على الأطفال من خلال أسرتهم
كان يمكن للأطفال تبديل الأسرّة سرًا فيما بينهم،
لكن إذا اكتشف المعلمون ذلك، فسيكون الأمر مزعج
بعد الاتفاق مع باي ليو على إعادة السرير في الصباح التالي،
التقط لو ييتشان أغطية فراشه وذهب لينام في سرير باي ليو
قبل أن يغادر لو ييتشان سريره ،
ألقى نظرة إلى الوراء على باي ليو
رآه وهو يرتب سريره بصمت،
ثم حمل دمية غريبة الشكل،
نحيلة بلا وجه، وأغمض عينيه بهدوء
لم يبدو باي ليو كطفل قد ينام مع دمية في مثل هذا العمر،
لكنه كان من الواضح أنه يعتز بها كثيرًا
منح الدمية معظم المساحة على السرير لتنام ،
و غطاه باللحاف ، تاركًا نصف جسده مكشوف
الجو بارد قليلًا في الليل، لكن باي ليو لم يبدو أنه يشعر بالبرد،
تمامًا كما لو أنه لم يشعر بالجوع
و سرعان ما غطّ في النوم وهو يحتضن الدمية
لكنها كانت مجرد دمية
في نظر أي شخص عادي،
لم تكن تحتاج إلى أن تُعتنى بها أو تُحمى بهذا الشكل
كانت مليئة بالرقع، سيئة الصنع، خيوطها ممزقة عند الحواف،
ولم يكن لها وجه — كأنها مجرد نسخة غير مكتملة
تكور باي ليو على نفسه، ونام بجانب الدمية،
في حين أن جسد الدمية ملتف حوله في وضعية تجعل
كلاهما يبدوان وكأنهما نائمان في حوض استحمام ضيق،
بيضاوي الشكل
{ وضعية النوم هذه ….. غريبة جدًا }
هذا المشهد الغريب بينه وبين الدمية جعل لو ييتشان
يشعر برغبة طفيفة في الضحك
لكنه سرعان ما صرف نظره بعيدًا واتجه نحو سرير باي ليو
حكم لو ييتشان في داخله أن باي ليو طفل غريب للغاية
ومع ذلك، لم يبدو أنه صعب التعامل معه كما يقول الآخرون
بدا معقولًا إلى حد ما
بدأ لو ييتشان يولي اهتمام متزايدًا لهذا الطفل الذي كان
يُعتبر غريبًا وكئيبًا بالنسبة للآخرين
في اليوم السابع بعد وصول لو ييتشان،
كاد باي ليو أن يغمى عليه على طاولة العشاء
كان لو ييتشان أول من لاحظ أن هناك خطبًا ما
أعطاه قطعة من السكر وأجبره على تناول نصف وجبته
من الواضح أن باي ليو كان يعاني من انخفاض في نسبة السكر في الدم
لم يكن يأكل جيدًا على الإطلاق
كل يوم، كان يترك كمية كبيرة من الطعام جانبًا ويخفيها بطريقة ما
لم يكن معروف ما الذي يفعله بها،
لكنه في كل مرة يعود فيها ليلًا،
كان يبدو في حالة أسوأ من ذي قبل
بدأ لو ييتشان يشعر بالقلق عليه،
وبدأ بإعطائه طعامه عمدًا أو بشكل غير مباشر
لكن في معظم الأوقات،
كان باي ليو يرفضه ببرود،
قائلاً إنه ليس بحاجة لذلك
في الوقت نفسه،
بدأت أجواء غريبة وكئيبة تسود دار الرعاية
المزيد والمزيد من الأطفال بدأوا بالهروب—بعضهم هرب
حقًا، بينما آخرون تم إجبارهم على الفرار
أدرك لو ييتشان بحدسه أن هناك خطبًا ما
لم تكن هذه الدار تبدو مشرقة وآمنة كما ظن في البداية
مع اختفاء المزيد والمزيد من الأطفال،
ازدادت مخاوف لو ييتشان
لاحظ أن رائحة الدم بدأت تفوح من باي ليو أيضًا بعد أن
كان دمه يُسحب، فحسم قراره
{ سوف آخذ باي ليو والأطفال الآخرين وأهرب معهم }
قبل النوم ، جاء باي ليو إلى لو ييتشان لتبديل السرير
لكن قبل أن يغادر ، أمسك لو ييتشان بذراعه وهمس له:
“هذه الدار ليست آمنة باي ليو .
هل تريد الهرب معي ؟”
نظر إليه باي ليو بلا تعبير
تابع لو ييتشان بصوت خافت:
“ أنا أعرف دار رعاية عامة أكثر أمانًا من هنا .
إنها قريبة من مركز الشرطة، وهناك من سيحمينا .”
لكن باي ليو رد ببرود:
“ لن أذهب .”
سأل لو ييتشان بقلق : “ لماذا ؟
يوجد شيء غريب هنا، أنا متأكد من ذلك !”
أنزل باي ليو عينيه ، كانتا بلا تركيز ، وصوته باهت :
“ أنا أنتظر شخصًا ليستيقظ .
عندما يستيقظ ، سأأخذه معي .”
ربما كان ذلك بدافع الفضول،
أو ربما بسبب إصرار لو ييتشان على أخذ باي ليو بعيدًا
بعد تفكير طويل، كسر لو ييتشان مبدؤه بعدم التطفل على أسرار الآخرين،
وقرر تتبع باي ليو إلى خلف الكنيسة
كانت تلك المنطقة محظورة داخل دار الرعاية
كانت العميدة تمنع الأطفال بشدة من الذهاب إلى هناك،
بحجة أنها ليست آمنة
كانت منطقة غابة غير مطورة،
مليئة بالشجيرات وبحيرة صغيرة
لم يتم تعديلها أو تجهيزها،
وفي الماضي، كان من السهل أن يغرق الأطفال هناك
أو يسقطوا في الوحل
لذا، كانت الكنيسة تُغلق في أيام الأسبوع لمنع أي طفل من التسلل
لكن باي ليو بدا وكأنه وجد طريق مخفي يؤدي مباشرة إلى خلف الكنيسة
تبع لو ييتشان باي ليو ،
وشاهده وهو يتسلل بمهارة من خلال نافذة مكسورة خلف
الباب الجانبي للكنيسة
عبر الكنيسة ، خرج من الباب الخلفي ،
وسار بلا تردد عبر العشب الكثيف الذي كاد أن يبتلعه بالكامل
يتحرك باي ليو بخفة وسط الأشجار والشجيرات،
متجنبًا الأحجار الحادة التي قد تصيبه،
إلى أن وصل إلى بحيرة صغيرة مليئة بالطحالب العائمة
اختبأ لو ييتشان خلف العشب والأشجار، ينظر إليه بارتباك
{ لماذا جاء باي ليو إلى هذه البحيرة ؟
هل ينوي السباحة ؟ }
في العادة ، كان باي ليو سيتمكن بسهولة من اكتشاف لو ييتشان خلفه
لكن الجوع الطويل استنزف طاقته إلى الحد الذي جعله يفقد حواسه الحادة
لم يدرك أن هناك من يتبعه على مقربة
وقف باي ليو وظهره للو ييتشان،
ثم بدأ في خلع قميصه بلا مبالاة،
كاشفًا عن ظهره الهزيل الشاحب
انحنى إلى الأرض ووضع خبزه فوق قطعة قماش نظيفة،
ثم استدار وغاص مباشرة في البحيرة
اختبأ لو ييتشان في العشب يراقب بصمت،
لكنه شعر أن الحقيقة ستنكشف قريبًا — وسيعرف أخيرًا ما
الذي كان يفعله باي ليو طوال هذا الوقت
انتظر لو ييتشان وانتظر…
مرت عدة دقائق،
لكن باي ليو لم يطفُو على السطح
أدرك لو ييتشان أن هناك خطبًا ما
لم يكن هناك وقت للتفكير — خلع ملابسه بسرعة وقفز
بقوة في البحيرة،
يبحث في أعماقها المظلمة عن باي ليو في كل مكان
وأخيرًا ، رآه—كان باي ليو يُبتلع ببطء وسط الطين والرمال،
ويداه معلقتان في الماء،
مع علامات واضحة على الغرق
حبس لو ييتشان أنفاسه،
وسبح بسرعة نحوه،
أمسكه من كتفه ورفعه للأعلى
كان باي ليو يبدو وكأنه يسحب شيئ معه،
لكنه كان ضعيف جدًا
بمساعدة لو ييتشان، بالكاد تمكن من إخراجه
أخيرًا، أمسك لو ييتشان بالشيء الذي كان باي ليو يسحبه،
وسحبهما معًا خارج الماء
تمددا على حافة البحيرة، يلهثان لالتقاط أنفاسهما
بدأ باي ليو يرتجف لا إراديًا ثم تقيأ عدة رشفات من ماء البحيرة
بقي مستلقيًا للحظات، ثم نهض فجأة من الأرض
لقد كان قريبًا جدًا من الغرق في قاع البحيرة
بسبب انخفاض مستوى السكر في دمه وضعفه العام،
كانت هذه الجهود الجسدية مرهقة للغاية بالنسبة له
صرخ لو ييتشان بغضب وهو يلتقط أنفاسه:
“ فيما كنت تفكر ؟!
إذا لم تتمكن من إخراجه مرة واحدة ، ألم تفكر في
الصعود لأخذ نفس ثم المحاولة مجددًا ؟
هل كان عليك حقًا أن تغرق نفسك ؟!”
وبينما يتحدث ، استدار لينظر إلى الشيء الذي سحباه للتو
من البحيرة،
ولكن ما رآه جعله يقفز على قدميه فورًا،
وتغير تعبيره بالكامل
ما تمدد بجانب باي ليو لم يكن شيئ … بل كان جثة
كانت جثة برأس نظيف ، وقد رُبط حبل حول كاحليه لمنعه من الغرق تمامًا
حدّق لو ييتشان بصدمة، وكأنه فقد عقله للحظة:
“ أنت… أنت أخفيت جثة في البحيرة ؟!”
بدا وكأنه سيُجن
“ هل كنت تظن بجدية أن أحدًا لن يعثر عليه هنا ؟
ما قصة هذه الجثة ؟
ولماذا كنت تسحبها للخارج كل يوم ؟!”
لكن باي ليو لم يُجب
بدلًا من ذلك، جلس على ركبتيه بصمت بجانب شي تا،
وكأنه لم يسمع شيئ
أخذ قطعة الخبز التي وضعها على ملابسه،
وقام بتفتيتها برفق،
ثم بدأ بفركها على شفتي شي تا الباردتين،
كما لو أنه يُطعم سمكة
لم يقل أي كلمة — لكن أفعاله أوضحت ما كان يفعله هنا كل ليلة
لقد جاء ليُطعم الجثة
عمّ الصمت المريب المكان
جلس لو ييتشان يراقب باي ليو بصمت،
بينما استمر الأخير في إطعام الخبز للجثة بهدوء
بعد أن انتهى، نفض الفُتات عن يديه،
ورفع رأسه ونظر إلى لو ييتشان، ثم قال ببرود:
“ إنه ليس جثة ، إنه وحش . لم يمت بعد.
سيعود للحياة ، لذا لا يمكنني تركه جائع .”
نظر لو ييتشان إليه بتعابير معقدة للغاية
ثم قال بصوت منخفض:
“باي ليو (6) هل تعلم؟
أنت تبدو الآن وكأنك الوحش الحقيقي .”
تحولت عيناه ببطء نحو جسد شي تا،
ولاحظ أن يده اليمنى بدأت تتحلل بالفعل
يمكنه أن يتخيل المدة التي قضاها باي ليو يُطعم هذا الجسد
أخذ نفسًا عميقًا ، ثم جلس على الأرض،
أمسك بكتفي باي ليو،
وتحدث إليه بنبرة جادة،
وكأنه يحاول إيصاله إلى الواقع :
“ بغض النظر عمّا إذا كان وحش أم جثة ،
عليك أن تتركه يذهب .”
ثم تابع:
“ عندما تكبر ، يمكنك البحث عن من قتله والانتقام له،
لكن لا يمكنك دفن نفسك معه تحت الماء الآن .”
صوته هادئ لكن حازم :
“ إنه لا يتنفس ، وليس لديه نبض .
لا أحد يعرف متى—أو حتى إن كان — سيستيقظ .
لا يمكنك البقاء هنا إلى الأبد باي ليو (6).”
كان شي تا لا يزال ممددًا بصمت على الأرض
وخزات الإبر على يده لم تلتئم بعد
لكن في لحظة من الشرود،
بدا لباي ليو وكأنه يرى شي تا يفتح عينيه،
ينظر إليه ويقول بصوت هادئ :
“ارحل، باي ليو (6) سنلتقي مجددًا يومًا ما ،،،
سنلتقي مجددًا… داخل ألعاب الرعب
التي شاهدناها، ولعبناها،
وشاركناها معًا .
لذا ، دعني أذهب الآن ، واترك نفسك ترحل أيضًا .
فقط عندما نقول وداعًا…
يمكننا أن نلتقي مجددًا باي ليو (6).”
تمتم باي ليو بصوت خافت،
وكأنه كان يهمس لوعد غير مسموع:
“ هل تُقسم أننا سنلتقي مجددًا ؟”
ظهرت على شفتي شي تا ابتسامة باهتة جدًا
أمسك بيد باي ليو بيده اليمنى المتحللة قليلًا
“ أُقسم "
استدار لو ييتشان فجأة، متوتر ، ونظر إلى جسد شي تا الممدد بلا حراك
شعر بقشعريرة تسري في جسده
“ باي ليو (6)… من كنت تتحدث معه ؟”
باي ليو لم يُجب
ببطء، حرر يده من يد شي تا، ثم خفض رأسه،
والماء يقطر من شعره على قدميه
بعد لحظة، أخرج سكينًا من جيبه،
وقام بقطع الحبل الذي كان يربط كاحلي شي تا
ثم حمل جسده بصعوبة،
وسار به خطوة بعد خطوة نحو البحيرة،
إلى أن غطس نصفه في الماء
شعر لو ييتشان براحة غريبة وهو يشاهد باي ليو يُعيد شي تا إلى الماء،
لكن في اللحظة التالية، رأى شيئ غريب
رأى باي ليو يرمش مرتين — وسقطت دمعتان من عينيه
ثم، فجأة، أخذ نفسًا عميقًا—وقفز في البحيرة مرة أخرى
صرخ لو ييتشان : “ باي ليو (6) !!”
وقفز خلفه في رعب
حرك باي ليو أطرافه بقوة ومد يده نحو شي تا الغارق
شاهد الطين والرمال تغمر وجه شي تا،
تمامًا مثل وصول الظلام الذي لا يمكن مقاومته
تسللت الرمال السوداء مثل الكروم،
زاحفة على جسر أنف شي تا، ثم إلى شفتيه،
ثم إلى صدره وذراعيه
أخيرًا، لم يتبقى سوى يد شاحبة مخيفة مكشوفة خارج الطين
كافح باي ليو ليمسك بهذه اليد
شعر بلمستها الباردة والدافئة في آن واحد
شعر بيد شي تا تقبض على يده للحظة — ثم أفلته مجددًا
و اختفى شي تا تمامًا في قاع البحيرة
غرس باي ليو يده في الطين والرمال،
مصممًا بعناد على تمزيق الطين ليتمكن من رؤية عينيه مرة أخرى
لكن لو ييتشان أمسكه من كتفه بأسنانه المتشنجة ،
وبدأ في شده للأعلى
بدأت رئتاه تنفذان من الأكسجين
الهواء يختفي بسرعة من تحت الماء، وكأنه يُسحب بعيدًا
تصاعدت الفقاعات باستمرار من فمه وأنفه،
لكنه لم يشعر بالاختناق
فقط فتح عينيه وظل يبحث ميكانيكيًا في القاع،
عن الشخص الذي ابتلعه الظلام بالكامل
الكتاب المصور الممزق ثم المُرقّع ،
الدمية المرقعة ،
الوعد غير المُحقق ،
الوجه الذي أخفته خصلات الشعر
الأشياء التي تركها له شي تا كانت دائمًا ناقصة، غير مكتملة
وكأن هذه العيوب كانت تهمس لباي ليو ' شي تا لم يكن حقيقي '
{ هل سيعود هذا الشخص حقًا ؟
هل كان موجودًا فعلًا ؟
أم أنه كان مجرد وهم — اختلقته بنفسي ….
أنا طفل حُكم عليّ بالمرض العقلي ،
هل ذلك الشخص اخترعته ليملأ وحدتي وأخدع نفسي ؟
إذا لم يكن هناك إله في هذا العالم ،
فلماذا هناك وحش ينتظرني دائمًا في الكنيسة ليقرأ معي الكتب ،
ويلعب معي ألعاب الرعب ، ويصنع لي دمية ،
ويعانقني ؟ }
{ : “ باي ليو (6) لماذا تؤمن بوجود الوحوش لكنك لا
تؤمن بوجود الآلهة ؟”
: “ لأن الإله لم يكن لطيفًا معي قط.” }
حدق باي ليو في قاع البحيرة المظلم بعينين مفتوحتين.
بشكل غريزي، فتح فمه، فاندفعت الفقاعات منه
ثم همس:
“ شي تا أنا راحل . وداعًا .”
شعر أنهما لم يقولا وداعًا رسميًا قبل أن يرحل شي تا
وإذا لم يقل الوداع ، فلن يتمكن من لقائه مجددًا
لقد قالها شي تا بنفسه —لذا، قفز باي ليو إلى البحيرة مجددًا،
فقط ليقول وداعًا بجدية
تدفقت المياه إلى فمه وتجويفه الأنفي، وبدأت تخنقه
ارتفعت الرغوة من جانبي فمه مثل رقاقات الثلج
أغمض باي ليو عينيه ببطء،
فقدت أطرافه قوتها،
وانسابت إلى الخلف،
معلقة في الماء مثل الطحالب الميتة
سقط في دوامة من الضوء الأبيض المبهر
وفي تلك الدوامة،
رأى شظايا لا حصر لها من الذكريات تتدفق بسرعة
وفي نهاية ذلك الضوء الأبيض الساطع،
كان هناك شخص جالس بهدوء في الصف الأمامي من الكنيسة
يرتدي زي الدمية البالي لـ سليندرمان،
ويمسك بالكتاب المصور الذي تم لصقه معًا،
ويقرأه صفحة بصفحة، ببطء شديد
بدا وكأنه رأى باي ليو جالس خلفه، فرفع الكتاب،
كما لو أنه يسأله إن كان يريد القراءة معه
في الواقع، حتى قبل أن يدير الرجل رأسه،
كان باي ليو مستعد للموافقة على قراءة الكتاب معًا
كان يحب هذا الكتاب كثيرًا
كان يبدو قديمًا وممزقًا، لكنه لم يهتم
كان يجلس خلف شخص ، و يرافقه ،
يحدق في صفحاته واحدة تلو الأخرى، لفترة طويلة
لكن في اللحظة التي استدار فيها الشخص لينظر إليه —
اختفى الضوء الأبيض
ورأى وجه لو ييتشان القلق
كان يربت على وجه باي ليو بقوة،
وهو يناديه بفزع:
“ هاي! هاي! باي ليو (6)!”
سعل باي ليو ، وتقيأ كمية كبيرة من الماء
استيقظ في حالة ذهول
استلقى على ظهره على الأرض،
عيناه شاردتان، صدره يرتفع وينخفض بصمت
بينما لو ييتشان يلهث بجانبه،
ملابسه مبتلة بالكامل،
يضع يديه على ركبتيه،
وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة
بعد لحظات من الصمت،
تحدث لو ييتشان بصوت متعب لكنه جاد:
“باي ليو (6)، علينا تغيير اسمك بعد مغادرتنا من هنا.”
نظر إليه باي ليو بلا تعبير
تابع لو ييتشان:
“ هذا لمنع معلمي دار الرعاية من تعقبك مرة أخرى.
هذه الحادثة كانت كبيرة جدًا ،
وإذا تعرفت عليك دور الرعاية الأخرى ،
فسيكون من الصعب قبولك بسبب تدخل المعلمين هنا .”
بقي باي ليو صامت لثواني
ثم قال بصوت منخفض:
“ لا أقبل تغيير الاسم ”
رفع لو ييتشان حاجبيه :
“ لماذا ؟”
أدار باي ليو رأسه إلى الجانب،
نظر إلى البركة بعينين شاردتين،
ثم همس بصوت مبحوح :
“لا أعرف… لكني أشعر دائمًا أن هناك
شخصًا ما… قد يأتي إلي باسمي الأصلي ”
يتبع
يمه وربي احزانننن
ردحذف