القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch304 | GHG

 Ch304


قال أليكس بصوت خافت : “في المرة الثانية ، أنا و غاي 

انشققنا إلى معسكر السكان الأصليين .

في هذه المرة ، وبفضل تشجيع غاي ، تعرفتُ على هذه 

المجموعة من السكان الأصليين ومعتقداتهم في الإله الشرير .  

كنت أظنهم جهلة من قبل ، لكنها المرة الأولى التي أشعر 

فيها أن الجهل شيء جيد ….”

ضحك مرتين بسخرية : “ إيمانهم يأتي من الأرض ومن الإله الشرير . 

هم لا يغادرون أبدًا الأراضي التي منحها لهم إلههم لغزو 

أماكن أخرى . 

بمعنى آخر ، هم لا يشنّون حروب واسعة النطاق ولا 

يواصلون الغزو مثل جيشي .

كنتُ أظن بغباء أنه إن استطعت فقط جعل السكان 

الأصليين ينتصرون في الحرب بسلام، فسينتهي كل شيء .


صرت أعلم أن إخفاء هذه الجرعة لم يعد مجديًا ، 

لأن من أُعيد إحياؤهم بواسطتي سيخبرون معسكرهم حتمًا 

بتأثير الجرعة ، مهما حاولت إخفاء الأمر .  

لذا هذه المرة قررت إخبار السكان الأصليين مباشرة بتأثير الجرعة …..”


خفض أليكس رأسه ولم يُرَى تعبير وجهه بوضوح : 

“ بعد أن أحييت اثنين من السكان الأصليين القتلى، 

صدقوني بسهولة . 

أنشأتُ جيش ضخم من الأموات الأحياء الأصليين، 

ووضعت خطة ، وهاجمنا العدو بشكل منظم . 

وسرعان ما حققنا نصرًا مرحلي .


وعندما بات العدو يائسًا واستعد لاستخدام كميات ضخمة 

من المدفعية ، نصبتُ لهم كمين باستخدام جيش الأموات 

الأحياء، ونقلت هذه المدفعيات إلى السكان الأصليين .


في الليلة السادسة، وتحت التهديد المزدوج لجيش الأموات 

الأحياء ونيران المدفعية الثقيلة، 

استسلموا أخيرًا، 

واختاروا التفاوض سلميًا مع السكان الأصليين وتخلّوا عن 

المزيد من الهجمات ….”

صوته مبحوح : “لا أعلم كم كان سيستمر هذا السلام 

الزائف ، لكنني شعرت بالارتياح في تلك اللحظة . 

بعد توقيع اتفاق السلام وإيقاف الحرب ، 

ظننت أنني سأربح اللعبة هذه المرة ، لكن لم أتوقع أبدًا…”

أغمض عينيه ، 

وأخذ نفسين عميقين ، 

ثم تابع بصعوبة : “… حين عدت إلى معسكر السكان 

الأصليين ، وجدتهم يوجهون مدافعهم نحو مجموعة 

الأموات الأحياء الذين أُعيد إحياؤهم بالكامل .


قال السكان الأصليون إن هؤلاء الأموات الأحياء أشرار 

ومصابون بلعنة الآلهة . 

لقد تحمّلوا وجودهم حتى نهاية الحرب ، 

لكنهم قرروا الآن أخيرًا محاكمتهم .


ومهما شرحتُ أن هؤلاء الأموات الأحياء، بعد اكتمال 

إحيائهم، لن يختلفوا عن الأشخاص العاديين، إلا أنهم لم يصدقوني . 

امتلأت وجوههم برعب لا يوصف . 

صرخوا قائلين إن الأموات الأحياء لا يموتون بسهولة ، 

ويجب قصفهم مرارًا حتى يتفتتوا تمامًا ، 

فلا يعود بالإمكان إحياؤهم .


…أولئك الأموات الأحياء كانوا ذات يوم آباءهم، 

وأصدقاءهم، وأحباءهم، بل وحتى أطفالهم . 

لقد ركعوا أمامي ، واحتضنوا جثثهم ، وتوسلوا إليّ أن أحييهم . 

لكن الآن، بعدما استخدموهم للفوز ، خافوا من قوتهم ، 

ووصموهم بالهرطقة ، ويريدون إرسالهم إلى الجحيم ...”

ضحك أليكس بسخرية : “ يا للمفارقة ! 

كنتُ سعيدًا سابقًا لأن حماقتهم لا تؤذي الآخرين ، 

لكنها الآن أصبحت سلاح يؤذيني .


صرخت في الأموات الأحياء أن يهربوا، لكنهم بقوا في أماكنهم .


لأنهم خلال عملية الإحياء، يسترجعون ذكرياتهم تدريجيًا من 

الأيام السبعة الماضية. 

هم لا يعلمون ما حدث خلال تلك الأيام . 

كل ما فعلوه أنهم فتحوا أذرعهم وابتسموا لأقاربهم 

وأصدقائهم الذين اقتربوا منهم… 

ثم سمحوا لهم بوضع المدافع .”

صرّ أليكس على أسنانه وتابع : “ هم لم يفهموا ما كان 

يحدث حتى لحظة استهدافهم بالمدافع . 

شاهدتهم عاجزًا وهم يصرخون بأسماء أحبّائهم ، 

ثم يُفجَّرون إلى أشلاء في اللحظة التي اكتمل فيها إحياؤهم .

…خسرتُ في المرة الثانية ، 

واخترتُ إعادة تحميل اللعبة مجددًا .


في المرة الثالثة ، لم أنضم إلى أي معسكر . 

جننتُ تمامًا ، وبدأت بإنشاء جيشي الخاص من الأموات 

الأحياء للهجوم والسيطرة على المعسكرين الآخرين . 

كلما قاوموا أكثر ، مات المزيد من الناس ، 

وازداد حجم جيشي .”

أخذ أليكس نفسين عميقين : “ بهذه الطريقة ، سيطرت 

على الوضع بسرعة . 

وللحد من خطورتي ، اضطر المعسكران الآخران إلى إيقاف 

الحرب والتعاون فيما بينهما . 

أحدهما جلب كمية هائلة من المدفعية ، 

والآخر استخدم التضاريس للتنسيق في الهجوم عليّ .


لكنني اعترضت المدفعية مرة أخرى. 

بعد المرتين السابقتين ، لم أعد فقط أتقن توزيع نيران 

المدافع ، بل أصبحت أيضًا ملمًّا تمامًا بالتضاريس. 

وظننت أنه ما دمت أستطيع الصمود لسبعة أيام، 

فسيكون كل شيء على ما يرام ….”


توقف أليكس للحظة ثم قال: “في الليلة السادسة، 

ذهبت لأسأل الإله الشرير . 

قلت له: طالما لم تقع حرب خلال هذه الأيام السبعة، 

فسوف أفوز، صحيح ؟


قال نعم، لكن خط الزمن الذي أنت فيه سيستمر كخط زمني فزت فيه .”


ذرف أليكس دمعة ، وخنق صوته الألم : “…بمعنى آخر ، إن 

فزتُ في هذا الخط الزمني، فعليّ الاستمرار في خلق الأموات 

الأحياء للحفاظ على قوة معسكري، 

وكبح تعاون المعسكرين الآخرين، ومنع اندلاع الحرب .


لكن بعد مرور سبعة أيام، سيعود هؤلاء الأموات الأحياء 

ليصبحوا أحياءً عاديين من لحم ودم. 

لن يعودوا خالدين، بل أشخاصًا طبيعيين. 

وإذا أردتُ الاستمرار في خلق الأموات الأحياء، 

فعليّ الاستمرار في قتل الناس. 

وإذا توقفت عن القتل، ستندلع الحرب مجددًا، 

ولن يتغيّر شيء في الجوهر .


لذا، اخترت إعادة تحميل اللعبة مجددًا .”


سكت أليكس طويلًا، 

وبدأ يحدّق في تمثال الإله الشرير الخشبي بعيون خاوية : 

“…لقد عدت عشر مرات . 

جربت كل شيء لأمنع اندلاع الحرب ، لأمنع موت الجميع .


لكن حتى مع وجود جرعة الخلود غير المحدودة، 

وحتى مع امتلاكي عشر فرص للبدء من جديد، 

لا يزال عددٌ هائل من الناس يموتون في هذه الحرب .


أدركت أن لا الجرعة ولا أنا نستطيع إنقاذ أحد . 

الطريقة الوحيدة لوقف الحرب هي ألا يكون هنالك من 

أشعلها من الأساس ، كي لا يتوسع ضررها أكثر "


انسابت دموع أليكس : “ لذا، عندما حمّلت الحفظ الأخير، 

اخترت استخدام كل الطلاء الذي منحني إياه الإله الشرير، 

وسكبته على مستودع الأسلحة وقتلت الجميع بيديّ عشية 

اندلاع الحرب .


وأخيرًا، استمر العالم الحقيقي في العمل مع نهاية مفادها 

أنني قتلت الجميع في المرة الأخيرة ، 

وواصل الزمن تدفقه إلى الأمام .


لقد خسرت اللعبة مع الإله الشرير ، 

فجمع تجاربي التي تكررت عشر مرات ، 

وخلق منها هذا العالم الكابوسي من الحرب الذي لا ينتهي. 

جمدني هنا إلى الأبد كشخصية في لعبته ، 

ليتسلى بمشاهدة ألمي ….”


أنزل أليكس رأسه ، وبدأت دموعه تتساقط من ذقنه : “…

نقطة البداية في كل دورة من هذا العالم الحربي الذي أوجد 

فيه، تكون دائمًا وصول مجموعة جديدة من الجنود لم 

أرهم من قبل، 

وتنتهي دائمًا بأن يقوم هؤلاء الجنود، وهم يضحكون، بإغراق 

الأموات الأحياء الذين خلقتهم في قاع البحيرة لعدّهم .


لم أعد أتذكر كم مرة تم إغراق غاي في قاع البحيرة ، 

ليظهر مجددًا في الخيمة ، مستلقيًا إلى جانبي. 

الأحياء الآخرون الذين أُعيد إحياؤهم ينسون كل ما حدث 

خلال الأيام السبعة الماضية. لا يتذكرون شيئ ….

لكنني أنا… أتذكر …..”


ابتسم أليكس بعصبية نحو التمثال الخشبي للإله، 

ودموعه تنهمر على خديه : " أنا أتذكر كل دورة !!!!


لأنني لستُ من الأحياء الأموات ، 

أنا الإنسان الحي الوحيد في هذا العالم المملوء بالأحياء الأموات . 

الإله لا يسمح لي بالموت ، 

لذا لا يمكنني أن أنسى . 

أنا أتذكّر كل شيء ...”


كان صوت أليكس مبحوح بالكاد يُسمع ، 

كأنه أنفاس متقطعة :

“ في البداية ، كنت عالق هنا وحاولت تغيير ما يحدث ، 

حاولت إنقاذهم في هذا العالم الافتراضي ، 

لكنني في النهاية يئست—لم أستطع تغيير شيء ….”

ابتسم ابتسامة خاوية:

“ لم يفهم أحد ما كنتُ أفعله سوى غاي، 

هو الوحيد الذي آمن بي تمامًا . 

لذا أخبرته بما سيحدث ، فقال غاي: لنهرب .


وجدنا منطقة فارغة ضبابية، يجب أن تكون حدود هذا 

العالم الحربي الافتراضي . 

جرّبنا عدة طرق للخروج ، لكننا لم ننجح . 

مع ذلك، لم نستسلم أنا و غاي . 

بعد كل دورة، أعود لأتحدث مع غاي مجددًا ، 

ونعود إلى هنا لنبحث عن مخرج …..

حتى جاء ذلك اليوم ...” همس أليكس بصوت خافت :

“ ركعت على الحافة ، وقد قادني اليأس من الحبس إلى 

الجنون ، 

وسمعت صوت الإله الشرير مرة أخرى . سألني : ‘ أتريد الخروج ؟’ 


قلت نعم ، فقال إنه يستطيع تصميم طريقة لخروجي، 

لكن فقط أنا أو غاي من يمكنه المغادرة، 

وطلب مني أن أختار .


اخترت أن أترك غاي يخرج .


لم يكن غاي يعرف شيئ . 

لم يكن يستطيع سماع صوت الإله الشرير . 

شاهدته يختفي وسط الضباب . 

جاءني صوت من الجهة الأخرى ، مندهش ، قال: ‘ أليكس، لقد خرجت !’


اختفى الضباب أمامي في لحظة ، 

ورأيت غاي واقفًا على الجانب الآخر من الحاجز . 

كان يبتسم ويُلوّح لي، يطلب مني أن أسرع وأخرج معه . 

قلت له إن عليّ دراسة قواعد الخروج ، 

وأنه قد يكون مجرد صدفة . 

ربما أحتاج إلى الانتظار سبعة أيام أخرى .


غاي من الأحياء الأموات . 

كنت أعلم أنه خلال الأيام السبعة القادمة سيُبعث تمامًا ، 

ثم ينسى أنني محبوس في هذا العالم . 

ربما يظن أنني متّ في العالم الحقيقي .


لكن على الأقل، كان هناك شخص واحد — حبيبي، الذي أنقذته أنا .


غاي كان يأتي إلى طرف الحاجز يوميًا ليبحث عني. 

لم يكن يستطيع الدخول، 

وكان يشاركني كل يوم ما يراه في الخارج . 

قال لي بدهشة إنه وجد قبري وقبره ، 

وأن رسالة إلينا وفستان الزفاف وُضعت فوق القبر . 

قال إن الطفلة الصغيرة كبرت فعلًا وخاطت له فستان زفاف …...”

اختنق صوت أليكس: “ كان يحمل فستان الزفاف ويبتسم 

بسعادة كبيرة . 

للحظة، شعرت أن ألمي له معنى .

لكن بعد سبعة أيام ، عدت إلى تلك الحافة مجددًا ، 

مستعدًا لرؤية غاي للمرة الأخيرة قبل أن تعاد الدورة…”

أليكس يرتجف بالكامل . “ وجدت غاي على الطرف الآخر 

من الحاجز . 

لا يزال يحمل فستان الزفاف ، لكنه تحوّل إلى جثة فاقدة 

للوعي، زومبي أزرق مائل إلى البياض .

كِدتُ أجنّ ، حطّمت تمثال الإله الشرير الخشبي مرارًا 

وتكرارًا، وسألته لماذا .”


فقال لي الإله الشرير بنبرة مليئة بالشفقة : “ ' أليكس هل نسيت؟ 

في العالم الحقيقي، في النهاية التي اخترتها ، كان غاي قد 

تمّ تفجيره حتى الموت على يدك . 

لقد كان جثة منذ البداية .

غاي لا يمكنه العيش لأكثر من سبعة أيام. 

بعد ذلك، يعود لما كان عليه في العالم الحقيقي .' 


لم أستطع تقبّل هذا . 

حاولت مرارًا وتكرارًا أن أجعل غاي يخرج من هنا، 

لكنني فشلت كل مرة. 

وكل ما فعلته هو إضافة عدد لا يُحصى من العرائس الزومبي 

إلى حدود العالم ….”

بدأ صوت أليكس يخفت شيئًا فشيئًا : “ وفي النهاية، استسلمت . 

أصبحتُ آخذ فستان الزفاف والرسالة التي يجلبها غاي 

الزومبي ، وأُعطيها لغاي آخر في الدورة التالية ، 

لأجعله يرتدي فستان إلينا ويتزوّجني قبل أن يموت . 

ربما هذا أكثر شيء يمكن أن يجعله سعيداً .

… لم أعد أستطيع فعل شيء آخر .”


نظر القاضي إليه  : “ يجب أن تكره الإله الشرير كثيرًا . 

لا أفهم لماذا تساعده على إتمام طقوس التضحية من أجل 

خليفة الإله الشرير الجديد ؟”


تحركت عينا أليكس، كأنه ينظر إلى القاضي، 

ثم التفت مجددًا إلى تمثال الإله الشرير الجديد:

“ هل تعرف كيف تهرب من سيطرة إله؟”


صمت القاضي للحظة، ثم قال:

“ بأن تخلق إلهًا جديدًا أليس كذلك؟

وكيف يمكنك أن تتأكد أن هذا الإله الجديد سيكون شخصًا 

طيبًا، ولن يستمر في تصميم ألعاب لتعذيبك ؟”


صوت أليكس خافت بالكاد يُسمع :

“ لا أعلم ، لكنني لم أرَى قط الإله الشرير مهووس بهذا 

الشكل بجندي جديد . 

في اللحظة التي دخل فيها الجندي المدعو باي ليو إلى عالم 

الحرب هذا، سمعتُ الإله الشرير يخبرني بسعادة أن الإله 

الشرير الجديد، الخليفة الذي اختاره منذ وقت طويل، قد 

وصل أخيرًا .


في تلك اللحظة ، بالكاد استطعت كبح اشمئزازي من باي ليو ،،

وكرهت أيضًا التابعين الذين جلبهم معه . 

كرهتهم لأنهم تواصلوا مع غاي .”


تذكّر القاضي داخلياً { لهذا السبب قال له باي ليو من قبل 

إن معدل الودّ بينه وبين أليكس انخفض عن الحدّ الآمن 

عند لقائهما الأول بعد دخول اللعبة ، 

بينما بقي معدل الودّ عند اللاعبين الذين اختاروا الانضمام 

إلى معسكر العدو مع أليكس ثابت فوق الستين ….


اتضح أن خلف هذا سببًا آخر …. }


تابع أليكس:

“ لكن سرعان ما لم أعد أكره باي ليو إلى ذلك الحد ، 

لأن الإله الشرير قال لي إنه ما إن يتكوّن الإله الجديد ، 

فسيهلك، وستُرفع سيطرته عني — هذا الباي ليو جاء 

ليُدمّره، ثم يرث عرشه .


التناوب بين الآلهة وحشي للغاية ، لا يختلف عن البشر ...” 

لم يتمالك أليكس نفسه من الابتسام بسخرية : “ ربما لأن 

الآلهة ، بطبيعتهم ، ليسوا سوى بشر ممتلئين بالرغبة .”


القاضي:

“هل فكرت يومًا، لماذا أخبرك الإله الشرير بهذه المعلومات التي تُضره؟ 

ماذا لو كان يريد قتلك…”


توقف القاضي فجأة عن الكلام


استدار أليكس لينظر إليه


حاجباه منخفضين، وعيناه قاتمتين، 

وضحكته مجنونة:

“—من سيقتلني ؟ 

الشيء الوحيد الذي لم أعد أخشاه هو الموت .


لم أعد أريد إنقاذ أحد، ولم أعد أخاف من شيء. 

أيًّا كان الثمن، طالما يمكنني إنهاء هذا كله، 

فأنا مستعد لدفعه .”


أليكس يتنفس بصعوبة ، وعيناه محمرّتان:

“ ذلك الشخص ، حين أخبرني الإله الشرير بهذه الأمور، 

حين قال إن باي ليو سيدمّره، 

كان يبتسم من أعماق قلبه ! .

إنه يتوق بكل كيانه لأن يقتله باي ليو ويصبح هو الإله الشرير الجديد ….”

ضحك أليكس بجنون مريض:

“—ربما هو مثلي تمامًا ، سئم من العيش ، 

وكاد يجنّ وهو ينتظر أن يموت في هذا العالم الممتلئ 

برغبات البشر القبيحة ، 

لذا بدأ يتطلّع إلى شخص يمكنه أن ينهي حياته ….”

حدّق أليكس في التمثال الخشبي للإله الشرير القديم :

“ تعرف ، أيها الجندي الجديد ، لقد تحدثتُ مع هذا الإله 

الشرير ذات مرة بعد أن خسرت اللعبة . 

سألني بنبرة متعالية إن كنت أعرف لماذا خسرت .

قلت إنني لا أعلم . 

لقد بذلت قصارى جهدي، ومع ذلك لم أستطع تغيير شيء. 

لماذا لا يمكن للجميع النجاة ؟


فضحك ، وقال إن الرغبات البشرية في أغلب الأوقات تنبع 

من إيذاء الآخرين . 

كلما كان الإنسان أكثر تعاسة ، ازداد رغبته في إيذاء غيره ، 

أو كلما كانت رغباته أقوى ، ازداد معنى وجوده .


إنه الكائن الذي يرى ويسجّل ويستمع إلى جميع الرغبات 

الشريرة في هذا العالم . 

وطالما وُجد شخص واحد في هذا العالم تنبعث من رغباته 

رائحة الدم، فلن تتوقف لعبة الإله الشرير أبدًا ...”


تحركت عينا أليكس تدريجيًا من النقش الخشبي القديم إلى 

وجه النقش الخشبي الجديد:

“ وباي ليو هو اللاعب الذي وجده أكثر ملاءمة لهذه اللعبة 

المرتبطة بالرغبة . 

رغبته قوية لدرجة أنه يستطيع تجاوز هذه اللعبة ولمس وجود الإله .


باي ليو هو لاعب وُلد من أجل لعبة الإله الشرير . 

كل ما أعدّه الإله الشرير بعناية في اللعبة — الحرب، الدمار، 

الموت، الأرواح — كان كله احتفالًا بمقدمه .


الإله يفضّله ومستعد للموت من أجله ...” توقف أليكس 

قليلًا : “ سواء كان ذلك الإله السابق الذي مات منذ زمن بعيد، 

أو هذا الذي ما زال مملوءًا بالتطلعات .”


ازداد دفء ابتسامة التمثال الخشبي للإله الشرير القديم 

على نحو مخيف، 

وبلغ النقش الخشبي الجديد للإله الشرير أقل من ثلث 

الطريق ليولد من الخشب بشكلٍ كامل


الابتسامة على وجه تمثال الإله الشرير دافئة ومسالمة، 

كما لو أن إلهًا مشفقًا يرمق جميع الكائنات الحيّة بنفاقٍ خفي


———————————————



في المعبد ——-


عملية التحجّر التي أصابت النبي الجالس على المقعد 

الحجري قد وصلت إلى قلبه، 

مما جعله يجد صعوبة في الكلام ،

أصبح صوته مبحوح :

“– ماذا وضعتَ في هذه النسخة من المرحلة ؟”


الاله الشرير الذي يرتدي القناع بابتسامة هادئة بشكل مروّع ، 

مطابقة تمامًا لتلك التي على النقش الخشبي القديم للإله 

الشرير ،

شبك يديه معًا، ثم فتحهما، 

فظهر بين يديه سوط أسود نقي ، 

وصليب معكوس معلّق في الهواء ، 

كأنهما انبثقا من العدم

: “ أسلحته الأصلية ومعتقداته "


السوط مغطّى بنتوءات عظمية حادة للغاية


وبالمقارنة مع سوط الحوري العظمي وسوط سبييدز 

العظمي المصنوع من عظام السحالي، 

بدا هذا السوط مشابه ، لكنه كان يحمل هالة قاتلة واضحة


أما الصليب المعكوس فكان مصنوع من حجر مجهول ، 

لونه يشبه الدم المتدفّق ، 

و يشعّ ضوء يخطف الأرواح


انكمشت حدقة النبي للحظة :

“ لقد وضعتَ سلاح باي ليو والصليب المعكوس في هذه النسخة ؟”


ابتسم الاله الشرير بكسل :

“ باي ليو هو الخليفة الأكمل الذي اخترته من بين كل نسخ 

باي ليو المتعددة . 

لقد حطّمتُ سلاحه الأصلي وصليبه المعكوس ، لذا من 

الطبيعي أن أستبدلهما بأحدث وأفضل ، أليس كذلك ؟


كما لو أنني قتلتُ إلهه القديم، 

فمن الواجب أن أمنحه إلهًا جديدًا أكثر كمالًا .”


تحدث النبي بكل ما أوتي من قوة :

“ باي ليو يكرهك ، ولن يصبح مؤمنًا لك، 

لذا فادعاؤك بأنك تهديه إلهًا جديدًا أكثر كمالًا ليس حقيقي على الإطلاق. 

هو لن يؤمن بك، ولن يرغب فيما تهديه. 

الشخص الوحيد الذي سيؤمن به باي ليو هو …. "


فتح الاله الشرير المقنّع عينيه وابتسم : “ تاويل ….. 

لكن أيها النبي، إن لم يكن تاويل موجود ، 

فأنت قد أغفلتَ شخص آخر يؤمن به باي ليو .”


صُدم النبي، وهذه المرة تجمّد وجهه بالكامل


ضحك الاله الشرير المقنّع :

“ إنه باي ليو نفسه .

الإله الجديد الأكمل الذي أتحدث عنه ليس أنا، 

بل باي ليو نفسه .


يمكن لباي ليو أن يكرهني، أن يمقتني، أن يحتقرني قدر ما يشاء. 

بل إنني بحاجة إلى أن يحمل هذه المشاعر نحوي ...” في عيني الاله الشرير ابتسامة لا يمكن رؤيتها بوضوح، 

لكنها تتوهّج من الداخل:

“ سأستمر في أخذ كل ما يعزّه ، حتى يُجبر باي ليو على 

مواجهتي وقتلي .


لأن من يملك القوة لقتل إله ، 

لا يمكن أن يكون سوى إله آخر .  

وباي ليو ، لا بد أنه فهم هذه الحقيقة تمامًا الآن . 


لكي يقتلني، عليه أن يقبل كل الهدايا التي وهبتُه إياها… 

هدايا قوة الإله ….”

ابتسم الاله الشرير برقة :

“ إذن ، كما أريد ، كن أنت الإله الشرير الجديد الذي يقتلني، 

الإله القديم .”


تكلّم النبي بصعوبة بالغة ، 

وكأنه يلهث لالتقاط أنفاسه، 

كأن كل كلمة تنهك روحه:

“ هل ترغب حقًا في أن يصبح باي ليو الإله الجديد؟ 

ستهلك على يده إن فعلت .”


وقف الاله الشرير المقنّع ببطء، 

وأدار ظهره للنبي الذي كان على وشك أن يتحول بالكامل إلى حجر، 

وبدأ ينظر إلى أمواج البحر خارج المعبد، 

بابتسامة على وجهه، 

في حين لم ينعكس أي شيء في عينيه:

“ أيها النبي ، أنت ترى المستقبل ، 

لذا لا بد أنك تعرف أن لا شيء في هذا العالم يدوم إلى الأبد. 

لا الصخور، ولا المياه، ولا الأمواج، ولا السماء، ولا الأرض، 

ولا حتى الإله، جميعها ستفنى يومًا ما.

ولهذا تملك الكائنات الحيّة غريزة التكاثر . 

فجميع الأشياء الواعية تبحث غريزيًا عن وسيلة ما لمواصلة وجودها .”


سعل النبي، ثم قال بصوت مبحوح :

“ هل تحاول أن تبحث عن استمرارية وجودك في باي ليو؟”


الاله الشرير ابتسم : “ كلا، أرى أن السعي وراء استمرارية 

هذا النوع من الوجود أمر ممل .

لذا، كل ما أرجوه هو وجود شخص ما، 

شخص يلتزم تمامًا بقواعد لعبي، 

لاعب قادر على حل جميع ألعابي، 

وكسر كل القوانين التي وضعتها لكل عالم، 

والوصول إليّ، 

وقتلي بيديه، أنا مصمّم اللعبة ...”

تألّق بصيص غريب في عينيه المختبئتين تحت الرداء :

“ ألا ترى أنه من الممتع أن يُقتَل المرء على يد شخص كهذا، 

كجزء من اللعبة ؟”


النبي بصوت مبحوح:

“ يوجد العديد من نسخ باي ليو القادرة على هزيمة لعبتك ، 

لماذا اخترتَ هذا باي ليو تحديدًا ليكون خليفتك ؟”


أمال الرجل رأسه قليلًا ، وسأله باهتمام:

“ إذن دعني أسألك: لماذا أنت نفسك وضعتَ كل رهانك 

على هذا الباي ليو كي يهزمني؟ 

لماذا لم تراهن على باي ليو آخر ؟”


صمت النبي


أدار الاله الشرير وجهه مجددًا، 

و نسمات البحر تداعب ذيله الطويل المنسدل من تحت الرداء ،

أنزل عينيه وابتسم ابتسامة لطيفة :

“—لأنك وأنا، كلانا نعلم… أن هذا الباي ليو مختلف .


روح باي ليو مختلفة تمامًا عن أولئك الباي ليو المبتذلين 

والمصنوعين على عجل . 

إنه الأكمل، والأكثر إثارة للاهتمام .


إنه يمتلك روح مفعمة بالرغبات ، لكنها في نفس الوقت 

مشبعة بالكبح والسيطرة ”


وإن كنتُ سأموت بطريقة ما—” رمق البحر اللامتناهي 

بنظرة هادئة، وابتسامة تنبض بتوقٍ داخلي:

“ فإنني أرجو أن يكون باي ليو ، الذي يملك روحًا كهذه ، 

هو من يقتلني بيديه .”



يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي