Ch16
تعثر المتنمر للمرة الثامنة عشرة دون سبب واضح ،
و سقط تشانغ يورونغ في قاعة الفنون القتالية
للمرة الثالثة دون حتى لمسه ،
في النهاية ، خلال وقت الغداء ،
عندما كان مورونغ وان بمفرده ، صرخ بغضب :
“مينغ تشين!”
ظهرت مينغ تشين على الفور كما لو أنها خرجت من العدم ،
فحدّق فيها مورونغ وان بعبوس واضح وسأل:
“هل أنتِ من فعل كل هذا ؟”
نظرت مينغ تشين إلى صندوق الطعام الموضوع على الطاولة ،
ثم ابتلعت بتوتر وقالت بارتباك :
“ لا أعرف ما الذي يتحدث عنه الأمير الحادي عشر…
الطقس جميل اليوم ، ههههههههه …”
في الخارج ،
الغيوم الداكنة تتجمع في السماء،
وكأن المطر على وشك الهطول
مورونغ وان : “ أنتِ… أنتِ…”
نادراً صادف شخص يكذب بهذه الفظاعة،
فداس على الأرض بغضب
و بعناده الطفولي صرخ:
“ لست بحاجة إلى شفقتكِ!”
شعرت مينغ تشين أن هذه الجملة مألوفة للغاية،
مما جعلها تشعر بالحيرة للحظة :
“ لكنني لم أشفق عليك ، أليس كذلك؟”
مورونغ وان بانفعال واضح : “ إذا لم تكوني تشفقين عليّ،
إذن لماذا ساعدتني في تأديب تشانغ يورونغ وأتباعه
هذه الأيام ؟!”
ثم تابع بغضب :
“ أقول لك ، أنا لا أحتاج إلى شفقتك !”
عندما تأكدت مينغ تشين من أن لا أحد قريب منهما ، خلعت قناعها وقالت بوضوح :
“ لقد ضربت تشانغ يورونغ وأتباعه لأنهم مقززون للغاية !
ولأنهم أهانوا والدتك ،
وكان ذلك أمرًا سيئًا !
لذا ، استحقوا العقاب .”
ثم توقفت للحظة ، وعبست بحيرة :
“ لكن لماذا يجب أن أشفق عليك ؟
ماذا لديك لتكون مثيرًا للشفقة ؟”
لم يكن مورونغ وان يتوقع مثل هذا الرد،
فبدأ يتمتم بتلعثم :
“ أنا… أنا… أنتِ… ألا تشفقين عليّ لأنني نشأت بلا أم؟
ولأنني ضعيف وأتعرض للتنمر كل يوم ؟
ألا يبدو ذلك مؤسفًا ؟”
رفعت مينغ تشين حاجبها وقالت ببساطة :
“ لكنني أيضًا ليس لدي أم ، ولا حتى أب .
كما أنني أعرف الكثير من الأشخاص الذين لا يملكون والدين ،
فهل يفترض بي أن أشفق عليهم جميعًا ؟”
نظرت إليه مباشرة بعينيها الصافيتين وتابعت :
“ أنت تتعرض للتنمر كل يوم لأن مهاراتك في القتال ضعيفة جدًا .
هل من المفترض أن أشفق عليك لهذا السبب ؟
لكن حتى لو شعرت بالشفقة عليك ،
فلن تتحسن مهاراتك القتالية ، أليس كذلك؟”
شعر مورونغ وان بأن كلماتها كانت جارحة بشدة،
لكنه لم يتمكن من الرد،
فقط حدق فيها بعجز وغضب مكبوت
: “ أنتِ… أنتِ…!”
قالت مينغ تشين بنبرة هادئة ،
وكأن الأمر بديهي تمامًا :
“ ليس لديكِ أم، لكن لا يزال لديكِ أب يحميك.
أنا الأقوى في القتال، ووالدك أرسلني لحمايتك،
وهذا يعني أنه يهتم حقًا بأمانك .”
ثم أمالت رأسها قليلاً كما لو أنها تفكر ،
و تابعت ببراءة :
“ وبصراحة ، لا أعتقد أنك ضعيف على الإطلاق !
يمكنك أن تحفظ تلك النصوص الصعبة في الأكاديمية ،
بينما أنا لا أفهم منها شيئ !
مع كل هؤلاء الطلاب ، ومدح المعلم العجوز لك كل يوم ،
فهذا يعني أنك مدهش حقًا .”
ظل مورونغ وان، الذي لم يكن سوى صبي في العاشرة من عمره،
مذهولًا تمامًا وهو يستمع إليها
واصلت مينغ تشين حديثها بثقة :
“ عدم إجادتك للقتال لا يعني أنك ضعيف ...”
ثم تبسمت وهي تتذكر شخصًا ما :
“ أنا أعرف شخص …
ليست مثل الناس العاديين ، فهي ضعيفة ورقيقة ،
ولا تجيد القتال ، لكنها ذكية وشجاعة .
أعتقد أنها أقوى شخص قابلته في حياتي .”
مرّ وجه مورونغ يان في ذهن مينغ تشين ،
مما جعلها تبتسم قليلًا ثم تابعت :
“ ثم إنك بصحة جيدة ، لذا تناول المزيد من الطعام !
تعلم الفنون القتالية لا يحدث في يوم وليلة .
بمرور الوقت ، ستصبح أقوى ،
وعندها لن يتمكن أحد من التنمر عليك !”
شعر مورونغ وان بوخز غريب في حلقه ،
ثم قال بصوت متردد ومليء بالمشاعر:
“ هل تعتقدين حقًا أنني مدهش ؟”
: “ بالتأكيد !” أجابت مينغ تشين بحزم ،
ثم أضافت بسؤال :
“ لكن هل تعتقد أنت أنك مدهش ؟”
ظل الصبي مذهولًا للحظة ،
ثم رفع رأسه لينظر إلى عيني مينغ تشين الصافيتين
بعد ثوانٍ من الصمت،
أومأ برأسه بقوة وقال بثقة متزايدة :
“ أنا قوي، وسأصبح أقوى يومًا بعد يوم !”
ابتسمت مينغ تشين بسعادة :
“ أنا أؤمن بك !”
عندما لم يقل مورونغ وان شيئ آخر ،
قامت مينغ تشين بإعادة قناعها إلى وجهها،
ثم ربّتت على رأس الصبي واستدارت للقفز إلى الشجرة
ولكن، قبل أن تتمكن من المغادرة،
شعرت بشيء يشد طرف كمها
قال الأمير الصغير بصوت خافت ،
وهو يخفض رأسه قليلًا :
“ صندوق الطعام مليء بالطعام…
تناولي معي بعضه .”
حدقت مينغ تشين في الأطباق الغنية والمغرية أمامها،
ثم ابتلعت ريقها
في اللحظة التالية ،
أزالت قناعها مرة أخرى ،
وجلست بسعادة وبدأت تأكل بنهم
في منتصف الوجبة ،
لاحظت مينغ تشين أن أكتاف مورونغ وان ترتجف ،
فانتفخت خدودها الممتلئة بالطعام وسألته باستغراب :
“ هيه ؟ لماذا تبكي ؟”
مورونغ وان بصوت مخنوق ،
وهو يحاول إخفاء وجهه عنها : “ إنه صاخب جدًا ، اصمتي .”
لم تفهم مينغ تشين ما كان يشعر به،
لكنها مدّت له منديل وربّتت على كتفه بلطف قائلة :
“ لابد أن الدجاج كان حار جدًا ،
فأحرق حلقك وجعلك تبكي !
الأطفال لا يجب أن يأكلوا طعام حارًا هكذا .”
قالت ذلك بثقة مطلقة ،
ثم أخذت قطع الدجاج الحار وأكلتها بنفسها
بينما وضعت أمامه أطباق أخرى
: ”… لست طفلاً بعد الآن "
لم يكن مورونغ وان متأكد مما إذا كانت هذه الحارسة
السرية شخص حنون أو مجرد شخص بلا إحساس
{ هذا على الأرجح أكبر لغز واجهته في حياتي حتى الآن }
————————————————
القصر الشرقي لولي العهد
معدة مورونغ يان تتقلب بعنف ،
وكأن ثقلًا لا يُحتمل يضغط على رأسها ،
رغم أنها لم تكن مرتدية أي زينة في شعرها ،
و بجهد ، رفعت عينيها لتنظر إلى الرجل أمامها ،
الذي بدا مثل أفعى سامة ،
محاوِلةً كبح رغبتها في التقيؤ
نظر إليها مورونغ شياو :
“ عزيزتي جي جي … حبيبتي جي جي …
هل كنتِ تفكرين بي؟”
وعيناه تلمعان بإعجاب مريب ممزوج بجنون
واضطراب واضح،
بينما يتقدم نحوها خطوة بخطوة
لم تشعر مورونغ يان يومًا بهذا القدر من الاشمئزاز من اقتراب شخص منها
شعرت أن حدودها تُنتهك،
و أن غريب دنسًا يقتحم عالمها بالقوة
كل جزء من جسدها يصرخ بالرفض
{ الشخص الوحيد الذي سمحت له بالاقتراب …
هي … آ-تشين فقط ….
أما هذا الرجل المقزز أمامي …
لا أستطيع تحمله …. }
و عندما لمس مورونغ شياو عنقها ،
نطقت أخيرًا بصوت بارد ومليء بالاشمئزاز :
“ أذكر أن ولي العهد عندما كان صغير ،
لم يكن يتحدث بكل هذا الهراء .”
نادراً مورونغ يان تبادر بذكر الماضي ،
مما جعل يد مورونغ شياو تتوقف في مكانها
همس الرجل ، وكأن الذكرى أثارت شيئ في داخله :
“ عندما التقيتُ بكِ لأول مرة ،
كنتُ في الحادية عشرة من عمري .
والآن… أنا في الثالثة والعشرين .”
ثم، كما لو أنه تذكّر شيئ يثير حماسه الشديد،
لعق شفتيه ببطء و ابتسم بسخرية:
“ ألا تريدين معرفة مدى نموي منذ ذلك الحين ،
عزيزتي جي جي ؟”
شعرت مورونغ يان بأن معدتها تنقلب،
بينما نبض الألم يضرب رأسها بشدة
لم تكن لتسمح لهذا الرجل القذر بالحصول على أي متعة من استفزازها،
لذا ، رغم كل اشمئزازها،
حافظت على نبرتها هادئة وغير مكترثة :
“ بكل صراحة… لا يهمني ذلك على الإطلاق.”
ارتسمت على وجه مورونغ شياو ملامح الأسف المفتعل ،
وكأنها أضاعت عليه فرصة عظيمة
“ ياللأسف ،
أنا أفكر فيكِ كل يوم ، عزيزتي جي جي
وأتمرن على لقائنا مرارًا وتكرارًا ….”
ثم، كما لو أنه تراجع عن أفكاره المشينة للحظة ،
و تراجع بضع خطوات إلى الخلف ،
لكن نظرته بقيت مشبعة بالهوس ،
: “ .. هل ما زلتِ غاضبة مني جي جي ؟”
جسد مورونغ يان يصل إلى حدود احتماله ،
لكن بدلًا من إظهار ضعفها ،
قررت أن توجه له الضربة القاضية
قالت بسخرية : “ كيف لي أن أغضب من ولي العهد؟”
ثم تابعت بكلمات محسوبة بعناية ،
كل واحدة منها خنجر في صدره :
“ أنا لا أشعر بالغضب تجاهك ، ولا بالكراهية ،
ولا حتى بأي مشاعر أخرى .
بالنسبة لي، أنت لا شيء .”
في لحظة ، تجمدت ملامح مورونغ شياو المشوهة بالرغبة
وتحولت إلى تعبير فارغ تمامًا
ببطء، أمال رأسه ،
ونظر إليها بعينين متسعتين وهو يتمتم :
“ عزيزتي جي جي … تقولين إنه ليس لديكِ أي مشاعر تجاهي؟
لكنني أحمل الكثير من المشاعر تجاهكِ.”
عيناه تشتعلان بجنون متزايد
“ أريد أن أمزقكِ …
أريد أن أعضكِ !
أريد أن أملأكِ بي !!
أريدكِ أن تكوني لي وحدي ...”
مدّ يده فجأة نحو عنقها النحيل ،
لكن في اللحظة الأخيرة، توقف
{ لا… ليس الآن …..
وقتي لم يحن بعد …
طالما أن والدها ، الأمير يو لا يزال على قيد الحياة ،
فلا يمكنه التصرف كما أريد ...
عليّ الانتظار اللعنة !
عليّ التحلي بالصبر حتى أتمكن من امتلاكها للأبد .. }
شعر مورونغ شياو بجسده كله يرتجف من ضبط النفس ،
شد ذراعيه بقوة حول نفسه ،
محاولًا السيطرة على رغباته الملحة —-
استمر في الوقوف لمدة احتراق عود بخور كامل ،
محاولًا ' تهدئة ' نفسه —-
عندما استعاد السيطرة على أنفاسه المضطربة ،
بدأ يتراجع نحو الباب ،
لكن نظرته لم تفارق مورونغ يان للحظة ——
عند وصوله إلى العتبة ،
ابتسم ابتسامة باردة مريبة وقال :
“ عزيزتي جي جي …
اليوم ، تبدين أجمل من أي وقت مضى .
لماذا يا ترى ؟”
لم يمنحها فرصة للرد
كما لو أنه لم يعد قادر على تحمل وجوده هنا،
دفع الباب بعنف وخرج من الغرفة
عندما أُعيد إغلاق السلاسل الحديدية على الباب،
لم تعد مورونغ يان قادرة على كبح غثيانها
انحنت فوق الحوض ،
وتقيأت بشدة ،
كما لو أنها تحاول أن تتخلص من كل شيء داخلها
لم تتوقف حتى لم يبقَى شيء في معدتها سوى الحموضة
استلقت مورونغ يان على السرير ،
جسدها يرتجف دون سيطرة ،
وطاقتها بالكامل مستنزفة
أرادت أن تستدعي أحد لينظف المكان قبل وصول مينغ تشين ،
لكن وعيها بدأ يتلاشى تدريجيًا …
و قبل أن تتمكن من فعل أي شيء ،
سقطت في غيبوبة ...
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق