Ch21
بحثتت مينغ تشين في أرجاء معسكر الحراس السريين
طوال اليوم ،
ولم تتمكن من جمع الأشياء التي طلبتها مورونغ يان إلا
في المساء ،
وذلك من أحد الإخوة الكبار الماهرين في التنكر
كان اخوها المتحمس يفتش في صندوق خشبي،
ثم أخرج عدة زجاجات وجرار غريبة الشكل
وبعدها، نظر إلى شعر مينغ تشين وقال :
“ شعرك أسود جدًا ، لماذا تحتاجين إلى صبغة معجون الفاصولياء السوداء؟
هل تحاولين صبغ شعر شخص مسن ؟”
هزّت مينغ تشين رأسها قائلة: “ لا، إنه لصديقة لي لم تبلغ الثلاثين بعد "
“ حقًا؟!” هتف الأخ الكبير بدهشة،
ثم بدت عليه بعض ملامح القلق ، وقال بجدية:
“ في هذه الحالة ، ربما تكون صديقتك مرهقة نفسيًا وتفكر كثيرًا .
يا أختي ، عليكِ أن تنصحيها ، فهذا السلوك ليس جيدًا للجسد .
إذا كان مجرد حزن بسيط أو إصابة ،
فمن الأفضل تركه وشأنه ،
فالإفراط في التفكير لا يفيد في طول العمر .”
تجارب مورونغ يان ليست شيئ يمكن تلخيصه بكلمات
بسيطة مثل ' حزن بسيط أو إصابة ' وليس من المناسب
للغرباء التخمين بشأنها
لم تعرف مينغ تشين كيف ترد ،
لذا اكتفت بأخذ نفس بصمت
وبعد أن وضعت الأشياء التي سلمها لها الأخ الكبير في
كيس قماشي،
شكرته بإخلاص ثم هرعت إلى برج كانغيوي
الغريب أنه عندما وصلت إلى البرج،
لم تجد مورونغ يان مستلقية على الأريكة المعتادة أمام النافذة،
بل وجدتها جالسة أمام طاولة الزينة ،
خلف شاشة قابلة للطي
الشاشة :
: “ آ-تشين أعطني الأشياء .”
و امتدت يد بيضاء من الفراغ بين ألواح الشاشة القابلة للطي ،
فالتفتت مينغ تشين وسلمت الحزمة القماشية التي في يدها
مورونغ يان بصوت خافت : “ انتظري بالخارج قليلًا .”
جلست مينغ تشين على كرسي بطاعة ،
وألقت نظرة على المعجنات المرتبة على الطاولة ،
وكلها من الأصناف التي تحبها ،
لم تستطع المقاومة ،
فلعقت شفتيها ومدّت يدها لتأكل
لم تشعر بالنعاس إلا بعد أن أفرغت الطاولة تمامًا من الطعام،
ومع ذلك ، لم تخرج مورونغ يان بعد
وعند التثاؤب التاسع لمينغ تشين ،
سمعت صوت احتكاك القماش خلف الشاشة القابلة للطي
“ آ-تشين … "
خرجت مورونغ يان ببطء من خلف الشاشة ،
مبتسمة بعجز :
“ الإفراط في تناول الحلويات سيؤلم أسنانكِ.”
رفعت مينغ تشين رأسها ،
مستعدة للرد ،
لكن جسدها كله تجمد على الفور ،
وكأنها تحولت إلى حجر
لطالما كانت مورونغ يان جميلة ،
وكانت مينغ تشين تعرف ذلك
سواء كانت تلك الفتاة الرشيقة الأنيقة على ظهر الحصان
عندما التقيا لأول مرة،
أو التي تسترخي بخمول بينما تلهو بأدوات الشاي،
أو حتى تلك التي تنادي اسمها بأنفاس متقطعة أثناء
المرض— كلها كانت جميلة
لكنها لم تكن يومًا بهذا الجمال المذهل،
الجمال الذي كاد يسلبها أنفاسها، كما هي الآن
أدركت بوضوح أن ' تلك النسخ ' لم تكن سوى بقايا لما
كانت عليه مورونغ يان في السنوات الماضية
في تجمع شعري واحد خلال مهرجان الربيع ،
أحدثت ضجة كبيرة ونالت لقب المعجزة الأدبية ،
وسَحَر جمالها العاصمة بأكملها ،
لكن الآن ، لم يبقَى منها سوى شذرات من ' مورونغ يان ' التي كانت تتألق يومًا
بشرتها البيضاء كالياقوت لم تكن مغطاة بالمساحيق،
بل اكتفت بمسحة خفيفة من أحمر الخدود،
مما أضاف لونًا دافئًا إلى وجهها الشاحب،
الذي يحمل أثر المرض
جفونها بلون خوخي رقيق،
وزوايا عينيها مرسومة بلمسة خفيفة من الفرشاة،
مما أضفى عليها سحرًا لا يمكن مقاومته
أما شفاهها، التي كانت عادةً باهتة ،
فلم تُغطَّ باللون القرمزي العميق كما جرت العادة ،
بل رُسمت بدقة بفرشاة رفيعة ،
لتظهر بلون أحمر زاهي ،
و تعلوه طبقة خفيفة من اللمسة اللامعة .
لكنها كانت فقط هكذا …
حتى لو كانت فقط هكذا ،
فقد كانت مثل الفاوانيا التي تتفتح عند انتقال الشتاء إلى الربيع،
متألقة بجمالها الذي يخطف الأبصار،
مما يجعل كل الأزهار الأخرى تتلاشى أمامها
خدودها ، التي كانت ذات يوم غائرة بعض الشيء ،
استعادت امتلاءها خلال الأشهر الستة الماضية ،
واكتسبت إشراقة تنبض بالحياة
كل نظرة ، كل ابتسامة ، كانت أشبه بلوحة ، بقصيدة حية
وعندما تحدثت ،
ذلك اللون الأحمر المغري بين شفتيها جعل قلب مينغ
تشين يرتجف دون وعي
أما شعرها ، الذي كان يحمل بضع خصلات فضية ،
فقد صُبغ بالسواد الحالك ،
وجُمِع في كعكة واحدة أنيقة ،
و زُيِّنت بدبوس شعر ذهبي خالص.
وفوقها، وُضِعت زهور الفاوانيا الحمراء المصنوعة من
حرير القصر ،
حيث احتوت بتلاتها على خيوط ذهبية خفية ،
وكأنها تتفتح على شعرها الداكن
رداؤها الأبيض كان مطرزًا بأغصان متسلقة من خيوط
حريرية خضراء داكنة،
تبدأ من الأكمام الواسعة المتدفقة ،
وتمتد صعودًا ،
متشابكة حول كتفيها الرشيقين ،
ثم تتلوى بخفة خلف ظهرها
وعندما استدارت قليلًا ،
ظهر التطريز الرائع لزهرة الفاوانيا القرمزية المشعة على ظهرها
الغرز الدقيقة رسمت صورة نابضة بالحياة ،
كما لو أن الزهرة المتفتحة قد تثقب عمودها الفقري
النحيل في أي لحظة،
وكأنها تستعد للانطلاق مع كل حركة تقوم بها
بضع بتلات حمراء تساقطت على امتداد ذيل تنورتها
المتأرجح،
مما جعلها تبدو وكأنها زهرة تنتظر أن تُحتَضن بعناية
أما التنورة الداخلية ،
فكانت ذات لون أحمر عميق،
أقل تكلفًا من الرداء الخارجي،
حيث لفَّتها طبقة من الحرير الأبيض المطرز بالأزهار الحمراء،
مع جزء متدلّي من الأمام ،
يهتزّ برقة مع كل خطوة تخطوها
لم يكن هناك أي رائحة مزعجة لمساحيق التجميل،
بل فقط عبق الفاوانيا،
ينساب بهدوء مع حركتها،
مجبرًا كل من حولها على إفساح الطريق أمام جمالها المتعالي
لقد كانت فاتنة لدرجة مذهلة ، و هذا كل ما في الأمر
حدّقت مينغ تشين إليها،
وهي لا تشعر فقط بالصدمة الساحقة،
بل أيضًا بحزن لا يمكن وصفه …
{ أرأيتم ؟
جمالها ….
افتحوا أعينكم جيدًا وانظروا ، أليس كذلك ؟
أليست جميلة ؟
جمالٌ قادر على قلب العالم رأسًا على عقب،
وكأن كائن سماوي قد نزل إلى الأرض ….
يجب أن تُعجَب بها كل العيون،
ويجب أن تكون كنزًا محفوظ في القلوب
هذه هي الجمال الذي لا يُضاهى ،
هذه هي أميرة تشونغ ون الأولى ، مورونغ يان!
يجب أن تعيش بحرية وسعادة ،
و أن تزهر بكامل ربيعها ،
أكثر إشراقًا وتألقًا
لكنها كانت منحنية ،
مكبّلة في برج عالي ،
مقيّدة بأغلال خفية ،
حُرمت بوحشية من الهواء والضوء ،
حتى ذبلت ببطء …...
هذا غير مقبول …..
سواء كان ولي العهد المجنون ،
أو الإمبراطور العاجز ،
أو حتى عجزها عن إنقاذ نفسها ،
فإن هذا العالم القاسي الذي عاملها بهذه القسوة …
لا يُغتَفر ... }
“ آ-تشين، تعالي إلى هنا "
ورغم أنها كانت تدرك جمالها منذ صغرها،
فإن رؤية تعبير الذهول على وجه مينغ تشين أضفى
عليها شعورًا بالسعادة،
فنادت بلطف : “ أمسكيني، ساقي تؤلمني "
مينغ تشين، التي كانت غارقة في أفكارها،
تقدمت بسرعة ورفعت مو رونغ يان بحذر،
تحملها عالياً : " لا تجهدي نفسك "
مو رونغ يان أنزلت رأسها،
ونظرت إلى تعبير مينغ تشين القلق
مدت يدها ولمست القرط الذي كان يخصها ذات يوم ،
مستمتعة باللحظة ،
وأشارت إلى الزاوية حيث كانت آلة غوتشين موجودة ،
" احمليني إلى هناك ."
مينغ تشين أمسكت بها،
داعمة مو رونغ يان وهي تجلس في حضنها
و بيد واحدة ، أخذت مينغ تشين قطعة قماش
ومسحت الغبار عن الآلة ،
بينما يدها الأخرى تُعانق خصر مو رونغ يان ،
مما سمح لها بالجلوس بثبات أمام الغوتشين
مورونغ يان : " على الرغم من أنه من المستحيل أن أرقص على أنغام الموسيقى ،
إلا أنني ما زلت أستطيع العزف على الغوتشين …."
الغوتشين :
مورونغ يان نقرت على بعض الأوتار بيد واحدة ثم وضعت
كلتا يديها على الأوتار
: " لكن مر وقت طويل منذ آخر مرة عزفت فيها،
لذا قد تكون يديّ قليلة الخبرة ."
نقرت على الأوتار وأنسابت أنغام
مينغ تشين لم تكن تفهم الموسيقى
كانت دائماً تشعر بأن جميع أصوات الغوتشين جافة ورتيبة ،
مجرد أوتار تتردد ذهاباً وإياباً
الآن أدركت كم كانت مخطئة
في هذه اللحظة، ما زالت لا تفهم الموسيقى
لكنها بدت وكأنها تستطيع سماع الحزن الذي ينقله
الغوتشين بين يدي مو رونغ يان
في البداية، كان مجرد نغمة وحيدة وحيدة،
ثم تعمقت تدريجياً
مع تراكم طبقات النغمات الموسيقية،
بدا وكأنها تشعر بقوة أصابع العازفة
و تراكمت الكراهية والحزن بلا توقف
كان الأمر كما لو كانت تفرغ استياءها وتفضي بظلاماتها،
مليئة بالحزن والغضب تضغط على الصدر،
وكأنها على وشك الانفجار في اللحظة التالية
دينغ —-
صوت حاد قاطع و اخترق الهواء ،
وكأنه يحاول قطع كل شيء
انقطع وتر ——-
توقفت النغمة المتحمسة فجأة ،
ويدا مورونغ يان بقيت معلقتين في الهواء
الوتر المقطوع ضرب ذراعها مثل سوط ،
تاركاً وراءه علامات حمراء طويلة ،
مع عدد قليل من أوتار الغوتشين تهتز بلطف
وكأنها على وشك البكاء
تنهدت مورونغ يان برقة : " حتى الغوتشين يرفض أن يتبع قلبي؟"
،وكان تعبيرها مليئ بالحزن
فجأة ، شعرت ببرودة على عنقها
أدارت رأسها إلى الجانب،
ولأول مرة رأت الدموع تتدفق على خدي مينغ تشين
" آ-تشين؟"
ظهرت على وجه مورونغ يان علامات نادرة من الذعر
لفّت أكمامها،
تنوي مسح دموع مينغ تشين ،
لكن مينغ تشين أمسكت بها بقوة في حضنها
" آ-تشين ؟ مابك ؟"
هزت مينغ تشين رأسها،
غير راغبة في الكلام،
فقط بقيت صامتة،
تلمس بلطف العلامات الحمراء على يد مورونغ يان وتربط
قطعة قماش حولها
مورونغ يان بيدها الحرة ،
لمست بلطف وجه مينغ تشين وسألت " آ-تشين لماذا تبكين ؟
هل آذيتك ؟"
نظرت مورونغ يان إلى الدموع التي تملأ عيني الشخص أمامها،
وشعرت بالرغبة في البكاء مرة أخرى
همست مينغ تشين : " إنه يؤلم كثيراً..."
شعرت مورونغ يان بألم عميق
" آ-تشين، لا تبكي.
في الواقع، الضربة بالوتر لا تؤلم بقدر ما تبدو ."
قالت مورونغ يان لتهدئة مينغ تشين،
وهي تنظر إلى الشخصية التي ما زالت منكسرة،
محاولة تحويل انتباهها وسألت :
" الآن، هل فهمت آ-تشين قيمة المرأة الجميلة ؟"
أومأت مينغ تشين برأسها :
" أعتقد أنني الآن أفهم لماذا قد ينفق بعض الناس ثروة
فقط لجعل امرأة جميلة تبتسم ."
{ إذا كان الأمر من أجل إسعاد مورونغ يان ،
فإنني سأضحي بنفسي بكل سرور ،
حتى لو كان ذلك يعني أن أُحطم إلى قطع }
عند سماع ردها ،
ابتسمت مورونغ يان ابتسامة سعيدة
كانت تعلم أنها جميلة بشكل استثنائي
في الماضي، إذا كانت قد رغبت في ذلك،
لكانت استطاعت استخدام مظهرها لجعل أي رجل في
العالم يفعل أي شيء من أجلها
لكنها أيضاً كانت تكره وجهها إلى درجة قصوى،
وتتمنى أن تمزقه بدبوس شعر أمام المرآة
الآن، فقط بسبب ملاحظة مينغ تشين عن عدم فهمها لقيمة
المرأة الجميلة،
كانت مستعدة لاستعادة أناقتها السابقة مؤقتاً
علاوة على ذلك، رؤية تعبير مينغ تشين المذهول،
لم تستطع إلا أن تشعر بإحساس بالفخر في قلبها
{ كم كُنت طفولية } شعرت مورونغ يان بالعجز قليلاً
وبالمرح من نفسها
نظرت إلى مينغ تشين،
التي كانت عيناها ما زالت محمرتين قليلاً،
وتنهدت : " آ-تشين مكياجي لم يكتمل بعد ."
نظرت مينغ تشين إلى وجهها المثالي بحيرة : " لم يكتمل؟"
مورونغ يان بحزم : " لم يكتمل ،"
وضعت يدها على خد مينغ تشين :
" أحتاج إلى مساعدة آ-تشين "
وافقت مينغ تشين على الفور : " بالتأكيد ، كيف يمكنني المساعدة ؟"
: " أغلقي عينيكِ ولا تفتحيهما ،" قالت الفتاة بصوت خافت ، صوتها مبحوح قليلاً
أطاعت وأغلقت عينيها،
ووصلت رائحة الفاونيا الغنية إلى أنفها
لم تشكك أبداً في كلام الفتاة
بعد لحظة ، شعرت بإحساس عابر ،
رطب وبارد على شفتيها
لم تفهم مينغ تشين ما كان ذلك،
ولكن على الرغم من فضولها لفتح عينيها،
قاومت وشعرت وكأنه حرير ، فلعقته برفق
ارتجفت الشخصية في حضنها، ثم استرخت ،
وسمحت لسان مينغ تشين بالدخول ،
وكأنه يدخل عالم غير مأهول
كان فم مينغ تشين وأنفها مليئين برائحة الزهور ،
و تشعر بالصلابة ونعومة أخرى كانت رطبة
بدت مينغ تشين وكأنها تعرف ما تفعله
لقد رأت ذلك في بيت الدعارة
و بصوت عالي ،
احمر وجهها بشكل لا إرادي ،
فتحت عينيها بسرعة وتراجعت
نظرت إلى الشخص الذي أمامها ،
الذي يتنفس بخفة ،
مع أثر من لعابها على زاوية فمها
شعرت مينغ تشين أنها استغلت الأميرة ،
وأصبحت وغداً حقيراً
و بقلق ، حاولت أن تتحدث : " أنا، أنا، أنا..."
: " هل تلطخ أحمر شفتي ؟"
سألت مورونغ يان بهدوء ، وهي تلعق شفتيها،
لكن خديها المحمرين كشفا أفكارها
تجاوزت نظرة مينغ تشين بسرعة شفاه الأميرة القرمزية ،
ثم انجرفت نحو النافذة ،
وهي تتلعثم في الكلام : " لا... لا..."
مورونغ يان : " إذن ، هكذا يمكن اعتبار مكياجي مكتملاً ."
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق