Ch24
سأل الامير الحادي عشر مورونغ وان بغضب وهو يتناول غداءه بحدّة :
“ أين كنتِ طوال هذا الوقت ؟”
: “ كنت خارج المدينة في مهمة ” أجابت مينغ تشين،
و فمها ممتلئ بقطعة ضخمة من فخذ الدجاج،
مما جعل كلماتها تخرج مكتومة
نظرًا لأن مورونغ وان كان على وشك صبّ غضبه على
الطعام أمامه باستخدام عيدانه،
ابتلعت مينغ تشين ما في فمها وسألته : “ هل ضايقك أحد أثناء غيابي؟”
هزّ مورونغ وان رأسه
في غياب مينغ تشين، تولّى الأخر كاو يون مكانها
كان كاو يون حارس ظل بارع للغاية،
دائمًا يتمكن من القضاء على أي خطر محتمل
كان يقلد صوت قطة برية لإخافة المتنمرين مثل تشانغ
يورونغ قبل أن يتمكنوا حتى من مضايقة مورونغ وان،
و كان ماهر في استخدام الحصى لتعزيز ضرباته خلال
جلسات التدريب في صالة الفنون القتالية،
ويُصيب الخصم بدقة
علاوة على ذلك ، كان يتعامل معه باحترام شديد،
لم يكن يسرق حصته من اللحم،
ولم يصفعه بوقاحة على كتفه
لكن مورونغ وان كان يفتقد مينغ تشين حقًا
خمّنت مينغ تشين : “ هل لأن الأخ آ-يون هادئ جدًا ولا يدردش معك ؟
على الرغم من أن الأخ آ-يون ليس كثير الكلام ،
إلا أنه طيب القلب ولا يحب التلاعب بالآخرين،
إنه حقًا شخص جيد .”
ردّ مورونغ وان بعناد ، محاولًا إخفاء احمرار وجنتيه :
“ لست بحاجة لمن يتحدث معي !
كاو يون لا يتكلم أبدًا ، وهذا بالضبط ما يعجبني !”
: “ فهمت.”
{ حقًا ، لست جيدة لأكون حارس شخصي لأحد أفراد العائلة الإمبراطورية ..
ربما مورونغ يان الوحيدة القادرة على تحملي }
فكرت مينغ تشين وهي تواصل قضم فخذ الدجاج
حاول مورونغ وان، الذي خشي أن يجرح مشاعرها،
أن يجد الكلمات المناسبة لكنه لم يتمكن حتى من تكوين نصف جملة
لكن مينغ تشين لم تهتم،
بل اكتفت بربت معدتها والتثاؤب على نطاق واسع
عندما كان الاثنان على وشك العودة إلى قاعة الدراسة عبر
الممر، صادفا فجأة ولي العهد وحارسه تشانغ هي
شحبت ملامح مورونغ وان،
ولم يستطع منع نفسه من النظر إلى الأعلى ليتأكد مما إذا
حارسة الظل المكلّفة بحمايته لا تزال في مكانها
أخذ نفسًا عميقًا ،
وأخفى يده الصغيرة داخل كمه ،
شاد قبضته بقوة
ابتسم ولي العهد مورونغ شياو بسخرية ،
و وجهه الشاحب أشبه ببطن أفعى : “ أليس هذا أخي الحادي عشر ؟
يا لها من مصادفة .”
انحنى الفتى رسميًا أمام شقيقه الأكبر : “ الأخ الأكبر ولي العهد ...”
ثم ابتلع بتوتر و سأل: “ ما الذي يجلب ولي العهد إلى
الأكاديمية الإمبراطورية اليوم؟”
ظل مورونغ شياو مبتسم ،
لكن نبرته حملت برودة حادة مغموسة بالعسل : “ هل
الأكاديمية الإمبراطورية مكان يُمنع عليّ زيارته؟”
و وضع يده اليمنى على مقبض السيف المثبّت
على خصر حارسه تشانغ هي ،
يطقطق أصابعه واحد تلو الآخر
أسرع الفتى يوضّح بذعر : “ الأخ الأكبر ولي العهد ، يمكنه
الذهاب حيثما شاء.” أبقى رأسه منخفضًا،
محدّقًا في الألواح الخشبية على أرضية الممر
: “ بالفعل .
أنا، الشخص الوحيد، حرّ في الذهاب حيثما أشاء .”
بدا أن نبرة مورونغ شياو تحمل مسحة من الرضا ،
وكأنه مستمتع بردّ الفتى
كرر مجدداً : “ أنا، الشخص الوحيد الحرّ في فعل ما أريد !”
و بمجرد أن أنهى كلامه ،
استلّ الرجل السيف بسرعة ،
محدثًا صوتًا حادًا وهو يشقّ الهواء
ووووشش —-
و لمع الضوء الفضي،
موجّهًا مباشرة إلى عنق الفتى النحيل،
و على وشك أن يضرب
صوت طَنين ——-
اندفعت مينغ تشين، المقنّعة، من الأعلى،
معترضة السلاح الحاد في يد مورونغ شياو بخنجرها
بدت الشرارات تتطاير مع اصطدام النصلين ببعضهما
“ تسسسك " نقر مورونغ شياو بلسانه بضيق،
ثم أعاد السلاح إلى غمده وسلمه إلى أحد الحراس بجانبه
بنبرة بين التذمر الحقيقي والمفتعل : “ شياو هي أرأيت؟
قلت لك إن والدي الإمبراطور لا بد أنه عيّن حراس ظل
لحماية أخي ، لكنك لم تصدقني .”
غمد تشانغ هي سيفه وانحنى باحترام ، قائلاً : “ لقد كانت
رعونة ( غباء) من هذا التابع ،
فقد أصررت على اختبار الأمن
المحيط بصاحب السمو الأمير الحادي عشر ،
مما أدى إلى إزعاج الأمير .
أرجو من ولي العهد أن يُنزل عقابه بي ”
“ الاعتراف بالخطأ أمر جيد .
لذا ، سأعاقبك بمئة جلدة عسكرية .”
أدخل مورونغ شياو يده في كمه،
وعيناه الباردتان، كعيني أفعى، استقرت على شقيقه الأصغر.
ثم قال بنبرة خفيفة، “ أخي الحادي عشر، هل أنت راضي بهذه العقوبة ؟”
كان مورونغ وان لا يزال مختبئ خلف مينغ تشين،
ولم يتعافَى تمامًا من الصدمة الناتجة عن المواجهة
المفاجئة بين السيوف والظلال
و بشفاه مرتجفة،
تمكّن أخيرًا من النطق، “ج… جيد، شكرًا ولي العهد الأخ الأكبر .”
بدا أن مورونغ شياو راضٍ عن إجابة شقيقه الحذرة ،
وبينما على وشك أن يستدير ويرحل،
جذب انتباهه لون أحمر داكن
اختفت الابتسامة الغامضة التي كانت تزيّن وجهه في لحظة،
لتحلّ محلها تعابير خالية من المشاعر،
وعيناه امتلأت ببرودة قاتلة
صرخ : “ أنتِ…”
لم يمسك بسيف،
لكن هالته أصبحت أكثر خنقًا من ذي قبل،
كأنه أفعى تحدق بفريستها.
و أشار إلى القرط العقيق في أذن مينغ تشين اليمنى وسأل
ببطء : “ أنتِ… كيف حصلتِ على هذا القرط الذي في أذنكِ؟”
{ اللعنة …. يا لهذه الورطة }
لعنت مينغ تشين داخليًا هذا التطور السيئ
أبقت نظرها منخفض كما لو كانت تنحني باحترام،
مجبرةً نفسها على التركيز على عدّ أنماط الخشب على
الأرض، وأجابت : “ هذا التابع اشتراه من السوق.”
ازداد عبوس مورونغ شياو قتامة :
“ لم أكن أعلم أنه يمكن للمرء أن يحصل على مثل هذه
الحلي الفاخرة بهذه السهولة من السوق .”
وكبح رغبته في مدّ يده وانتزاع القرط ،
بصوت مغمور بالغضب المكبوت : “ تكلمي! أي سوق؟
ومتى حصلتِ عليه ؟”
قالت مينغ تشين بثبات ظاهري، رغم اضطرابها الداخلي :
“ ردًا على سمو ولي العهد …
لقد كان في السوق الشرقي،
اشتريته في ليلة رأس السنة القمرية .”
بضحكة باردة ، نظر مورونغ شياو إليها بحدة وقال :
“ في ليلة رأس السنة، كانت جميع الأسواق في العاصمة مغلقة .
كيف تجرئين على الكذب عليّ بهذه الوقاحة ؟”
احمرّت عيناه بالغضب،
وكأنه على وشك تمزيق المرأة أمامه في أي لحظة
تحدثت مينغ تشين بثقة أكبر : “ سمو ولي العهد ، لطالما
كنت مقيمًا في القصر ، وربما لم تكن على دراية ،
ولكن حتى في ليلة رأس السنة ،
تبقى بعض الأكشاك الصغيرة مفتوحة
في السوق الشرقي .”
إذ دخلت في مجال تعرفه جيدًا
رفعت نظرها بثبات، متحدّيةً عيني مورونغ شياو المتوترة
“ تشانغ هي !”
رَكّز تشانغ هي نظرته على مينغ تشين،
مع تحذيرٍ في عينيه و جَزَّ على أسنانه
وأمر الحارس الذي بجانبه قائلاً : “ قف هنا لحراسة الأمير
الحادي عشر .
دون إذني، لا يُسمح لك أن تتركه يذهب ولو خطوة واحدة .”
قبل أن يتمكن الحارس الحامل للسيف من الرد،
ألقى مورونغ شياو ردائه،
واستادر مغادرًا بسرعة
بمجرد أن ركب في العربة ،
انتفخت عروقه وهو يصرخ :
“ إلى برج كانغيوي.
أحدكم ! تحققوا مما إذا كانت المرأة التي تحدثت هي الصادقة أم لا!”
حجبت سحابة دموية من الغضب رؤيته
{ لن أسمح بذلك ، لن أسمح أبدًا بأن تفلت جي جي من بين يديّ }
عندما اندفع مورونغ شياو إلى غرفة البرج ،
نظرت إليه الفتاة بنظرة من التململ،
وكأنها منزعجة من شخص يعكر صفو قراءتها الهادئة
“ جي جي !”
اندفع مورونغ شياو، فحص أولًا ما إذا كانت أذنا المرأة
خاليتين من المجوهرات
ثم بدأ يفتش بشكل يائس في صناديق الزينة أمام مرآة التجميل
: “ يبدو أن صاحب السمو الأمير قرر أن يهتم بالمجوهرات اليشم،
وهذا أمر جديد بالفعل”، قالت مورونغ يان وهي تضع
كتابها، بصوت مليء بالتهكم
مورونغ شياو ، الذي لم يتمكن من العثور على ما يبحث عنه : “ لا يمكن ، هذا مستحيل ...”
التفت إلى مورونغ يان وعينيه محمرتين من الغضب :
“ من هي تلك الوضيعة التي ارتدت أقراط جي جي ؟”
توقف تنفس مورونغ يان لحظة،
و شعور مفاجئ بالقشعريرة انتاب أطرافها ثم استعادت
تماسكها وأظهرت حيرة مصطنعة :
“ من تعني صاحب السمو الأمير؟ ما الأقراط ؟”
اندفع الرجل بغضب ،
وأمسك برقبة الفتاة ،
صارخًا بصوت منخفض : “ جي جي ، لا تتظاهري بالجهل كي تخدعيني .
أقراط العقيق ، التي كنتِ ترتدينها دائمًا .”
و اشتدت قبضة يده حول رقبتها
بينما تتنفس بصعوبة دون أن تطلب الرحمة،
شهقت مورونغ يان شهقة ساخرة ،
ثم خرجت كلماتها بصعوبة متقطعة :
“ الأقراط… العقيق… فقدتها… منذ… وقت طويل…”
بدا مورونغ شياو غير مصدق : “ فُقدت؟”
ولكن يده بدأت ترفع الضغط تدريجيًا
تنهدت يان ساخرة : “ لقد اختفت…
منذ أن أرسل صاحب السمو الأمير الأشخاص…
للبحث في المبنى…
ليس فقط بعض… الأقراط،
بل أيضًا عدة دبابيس شعر ذهبية اختفت…”
همس شياو بعدم تصديق : “ مستحيل، مستحيل…”
،ثم فجأة صاح : “لديهم الجرأة لسرقة أغراض جي جي !”
ابتسمت يان ابتسامة ساخرة ،
ثم نظرت مباشرة إلى شياو :
“… من الذي سيخاف من فتاة… مسجونة… ومعاقة؟
أو ربما صاحب السمو الأمير…
ينبغي أن… يرضخ لمطالبهم… ويخنقني هنا، أليس كذلك؟”
الشعور كأنما أدرك الرجل أنه كان ممسكًا بكماشة حمراء حارقة،
تركها فجأة،
وسقطت الفتاة على طاولة القهوة،
مصدرةً صوت مدوي عند اصطدامها بها
بدت نظرات شياو مشوشة تمامًا،
وهو يركع بجانب الأريكة وكأنه يظهر مودة شديدة،
يطلب من الشخص أمامه قائلاً : “ كيف لي أن أجرؤ على
خنق جي جي ؟
كان خطئي - اتهمت جي جي ظلمًا .
هل تسامحيني من فضلك ؟”
على الرغم من الألم ،
بقيت ملامح مورونغ يان باردة وغير مبالية بالكلمات البائسة
للرجل،
وهي تتنفس بصعوبة ثم ردت بسخرية :
“… كيف لصاحب السمو الأمير…
أن يحتاج إلى تسامح من فتاة ضعيفة ؟”
: “ جي جي ، كنت مخطئ . كان خطئي ...” بدا وكأنه يطلب
المغفرة بصدق ،
لكن سرعان ما تحولت ملامحه إلى وحشية ،
وقال بنبرة قاسية : “سأذهب لمعاقبة هؤلاء السفلة المجرمين فورًا .”
ثم استدار مسرعًا ونزل الدرج بسرعة،
غير مكترث بهدوئه المعتاد
تقدم أحد الخدم وأبلغ بصوت منخفض ، وهو يلهث: “ صاحب السمو الأمير ،
على الرغم من أن المتجر المحدد الذي باع أقراط الأميرة لم
يُعثر عليه بعد ،
فقد تم التأكد من أن السوق الشرقية لم يغلق تمامًا في ليلة رأس السنة .”
مورونغ شياو الذي ازداد غضبه عند سماعه لهذا،
حاول أن يهدأ ثم أعطى تعليماته قائلاً: “ اختاروا عدة
صناديق من الأقراط ودبابيس الشعر الذهبية للأميرة وأرسلوا بها .
تذكروا
! يجب أن تكون الأكثر تميزًا فقط هي التي تُرسل .
اذهبوا إلى رئيس مقاطعة جينغهاو
سأتعامل مع أولئك الكلاب الذين تجرؤوا على الركوب على
ظهر سيدهم بنفسي .”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق