Ch52
عندما تسلّقت مينغ تشين إلى حافة النافذة ،
وقع بصرها على مورونغ يان وهي تتعرض للخنق
شعرت بعمودها الفقري بأكمله يتخدر كما لو أن صاعقة ضربتها،
فاندفعت بسرعة عبر النافذة،
وبيد واحدة أطاحت بالرجل بعيدًا،
بينما الأخرى عانقت مورونغ يان المرتجفة بين ذراعيها
المرأة المستلقية في حضنها فاقدةً للوعي،
و جسدها يرتجف لا إراديًا
و عند زاوية شفتيها، آثار لعاب،
دليل على أنها قد أُجبرت على ابتلاع شيء ما
“ يان يان ! يان يااااان !”
نادت مينغ تشين بقلق،
وعيناها تلاحقان الحبوب المتناثرة على الأرض
التقطت القارورة الخشبية التي سقطت،
ورفعتها إلى أنفها لتشمها—
سم
حتى وإن لم تكن خبيرة في السموم أو تمتلك أي معرفة بالطب،
فقد أدركت ذلك فورًا
أعادت مينغ تشين ضبط وضع المرأة في حضنها،
بحيث صار ظهر مورونغ يان مستندًا على صدرها
ثم ضغطت بيدها على معدتها ،
و أدخلت أصابع اليد الأخرى في فمها، تدفع على لسانها
“ يان يان كوني فتاة مطيعة ، أرجوكِ ، تقيئيه ، تقيئيه .”
كانت كلماتها همس رقيق في أذن الفتاة اللاواعية ،
لكن أفعالها حازمة بلا رحمة
تشنجت مورونغ يان ، حاجباها معقودان بألم ،
وبدأت تتقيأ لا إراديًا
احترقت عينا مينغ تشين وهي تتوسل بهمس يائس :
“ أنا آسفة ، آسفة جدًا يان يان
لكن عليكِ إخراجه ، أرجوكِ .”
لعاب مورونغ يان ينساب من زاوية فمها،
و يبلل أصابع الحارسة ،
ويسقط قطرة تلو الأخرى على الأرض
دون أي تردد ، حركت مينغ تشين معصمها،
دافعة أصابعها أعمق في حلق الفتاة
شعرت بعضلات الحنجرة غير المستوية تحت ضغط أصابعها ،
فشدّت قلبها وقامت بالضغط بقوة
“ يان يان أرجوكِ ،
أتوسل إليكِ ،
لا تموتي ، لا تموتي…”
انسابت الدموع
بدأت معدة مورونغ يان في التشنج لا إراديًا،
واهتز جسدها بالكامل
سعال جاف امتزج مع قيء متقطع ،
حيث اندفعت بقايا الحبوب للخارج مع سائل شفاف لزج
من عصارتها المعدية
ابتلت يد مينغ تشين وكُمّها بالكامل،
لكن دون أن تلقي لذلك بالًاد، همست بصوت مبحوح :
“أحسنتِ يان يان هكذا تمامًا .”
مينغ تشين منحنية ، تميل بجسديهما إلى الأمام ،
و تضغط على بطن مورونغ يان وتعزز قوة التدليك ،
شيئًا فشيئًا تُفرغ محتويات المعدة
لم تكن تعلم مقدار السم الذي أُجبرت مورونغ يان على ابتلاعه ،
ولا مقدار ما تبقى داخلها
كل ما استطاعت فعله هو الاستمرار في الصلاة ،
و حنجرتها تخنقها الدموع ،
تتشبث بيأس بالأمل في أن تبقى الفتاة بين ذراعيها على قيد الحياة
عندما وصلت سونغ شو تشينغ إلى الطابق العلوي،
تلهث من الركض،
كانت الغرفة في فوضى عارمة،
وأمامها أختها تحتضن الأميرة، تبكي وتتوسل كطفلة ضائعة
وعند رؤية أختها الكبرى ، نادت مينغ تشين بصوت يائس،
و رؤيتها ضبابية ومهتزة بسبب دموعها :
“ اختي سونغ ! يان يان… يان يان…”
ركعت سونغ شو تشينغ سريعًا بجانب مورونغ يان،
و أصابعها تلتقط نبضها،
وجهها عابس ، لكن كلماتها خرجت مطمئنة :
“ لا بأس ، لا بأس ، تشين تشين قُمتِ بعمل جيد .”
وضعت الفتاة برفق على الأرض،
وأخرجت عدة إبر فضية رفيعة للغاية من حزام خصرها،
وبدأت في غرزها بمهارة في نقاط محددة بجسد مورونغ يان
كانت مينغ تشين جامدة في مكانها ،
و عقلها في فوضى ،
تقف بلا حول ولا قوة ،
تراقب الوجه الشاحب أمامها ،
شاحب حتى بدا مائلًا للخضرة
شعرت وكأنها على وشك الاختناق
وفي زاوية رؤيتها ، الثعبان البغيض يتلوّى
{ كل هذا بسببه … }
استدارت مينغ تشين، خطواتها ثابتة،
وتقدمت نحو مورونغ شياو
{ كل هذا خطؤه…
هو السبب في أن يان يان وصلت إلى هذه الحالة… }
التقطت شمعدان معدني بطول قدمين ملقى على الأرض،
وسحبته معها،
محدثًا صوت احتكاك مزعج
{ كل هذا خطؤه…
هو الذي جعل يان يان تتألم ،
جعلها تشعر بالخوف… }
كان مورونغ شياو مستند على الحائط ،
بالكاد استعاد أنفاسه بعد الألم الذي تلقاه حين أُلقي أرضًا
لكن قبل أن يتمكن من النهوض،
رأى مينغ تشين ترفع الشمعدان عاليًا
وبدون أي تردد ، ضربت بشراسة على ساقه اليمنى
لم يظهر أي تعبير على وجهها،
فقط رفعت الشمعدان مجدداً وضربت مجددًا — ومجدداً— ومجدداً
لم يكن للشمعدان أي حواف حادة،
لكنه في ظل القوة المذهلة للحارسة،
تحوّلت عظام الرجل إلى كومة مهشمة من اللحم والدم
بقي الدم واللحم المفروم متناثر على وجه مينغ تشين،
لكنها ظلت غير مبالية،
ولم ترَى سوى اللون الأحمر القاني يملأ مجال رؤيتها
—- ططق
تحطم الشمعدان النحاسي بصوت مدوّي
حدّقت مينغ تشين بذهول في الحامل المكسور نصفين ،
ثم أسقطت ببساطة ما في يدها وقبضت يدها بقوة ،
مُسدّدةً لكمة ثقيلة إلى وجه الرجل
بدا وكأن عقلها امتلأ بالمشاعر حدّ الانفجار ،
مما أدى إلى انقطاع أعصابها تمامًا
بخلاف الإحساس بالضربة الثقيلة ، لم تشعر بشيء
تركت غضبها يسيطر عليها،
وهي تواصل توجيه لكماتها المرة تلو الأخرى،
غير قادرة على التوقف
“ تشين تشين!
تشين تشين!
مينغ تشين !”
بعد أن تلقت عدة ضربات قوية خلف رأسها،
توقفت مينغ تشين أخيرًا
رفعت رأسها لتنظر إلى سونغ شو تشينغ بنظرة خاوية
قالت سونغ شو تشينغ بهدوء : “ لا تقتليه ،
ربما لديه الترياق ”
وهي تنظر إلى الرجل الذي كان وجهه مليئ بالكدمات ،
وساقه اليمنى بالكاد متصلة بجسده عبر بقايا الجلد واللحم ،
ورغم ذلك لم يصدر منه أي صوت
{ ترياق ؟
آه، الترياق
هذا صحيح…
لا يمكن قتله… }
سونغ شو تشينغ وهي ترفع مورونغ يان التي كانت
فاقدة للوعي : “ يجب أن نستشير معهد الطب الإمبراطوري
أو زوجة المعلم بشأن حالة الأميرة .”
لم يكن الأمر أنها لم تمنح مينغ تشين فرصة لحملها،
لكنها ببساطة لم ترغب في لمس الرجل الملطخ بالدماء الذي تعرض للضرب
استدارت على عجل ونزلت الدرج : “ لنذهب "
حدّقت مينغ تشين بشرود في ظهر أختها الكبرى ،
وعادت تدريجيًا إلى وعيها
ثم أمسكت الرجل من ياقة ملابسه،
وسحبته خلفها وهي تتبعها إلى الأسفل
—————————————
بعد ثلاثة أيام —-
في السجن المظلم شبه المدفون تحت الأرض،
لم يُسمع سوى صوت سلاسل الحديد التي تُجرّ على الأرض
من حين لآخر،
وصوت الفئران وهي تهرب بصوت صرير خافت،
بالإضافة إلى صوت قطرات الرطوبة المتساقطة على النافذة الحديدية
مرّت ثلاثة أيام منذ أن دخلت سونغ شو تشينغ ومينغ تشين العاصمة ،
وجاءتا واحدة تلو الأخرى إلى هذا السجن الحديدي
عندما فتح السجّان الباب الصدئ إلى حد ما،
رفع مورونغ شياو رأسه من حيث كان مستند إلى الجدار الحجري ،
وإلى جانبه وُضِعَت عدة كؤوس نبيذ
شعره غير مربوط، فبدا أشعثًا وبائس
ساقه اليمنى لم يبقَى منها سوى الجذع المتبقي،
وقد ضُمّدت جروحه بعناية
أما عينه اليمنى ، مغطاة بضمادة ،
وخده متورم ومليئ بالكدمات
ورغم أنه مجرد سجين الآن ،
إلا أن تعابير وجهه ظلت متعجرفة ومليئة بالكبرياء
وضعت سونغ شو تشينغ الصندوق الخشبي أمام مورونغ شياو بقوة ،
ثم استندت بكسل على الجدار وقالت بنفاذ صبر :
“ خذ ،،
لقد فعلنا كل ما طلبته ؛ عالجنا جروحك ، أعطيناك الكحول ،
وأحضرنا لك كل ما أردت .
توقف عن المماطلة ، أين الترياق ؟”
مورونغ يان ، التي لا تزال فاقدة للوعي رغم إجبارها على
التقيؤ وإعطائها الحقن،
كانت حالتها تزداد سوءًا مع مرور الوقت،
و حيويتها تقل شيئًا فشيئًا
لم يكن أمام سونغ شو تشينغ خيار سوى البحث عن الرجل المسجون في الزنزانة
سحب جسده المتداعي نحو الصندوق الخشبي ،
وانحنى مورونغ شياو قليلًا ،
وابتسم ابتسامة خافتة بينما يفتح الغطاء ،
كاشفًا عن عدد لا يحصى من القوارير والجرار مختلفة الأحجام
مرر أطراف أصابعه فوقها،
محدثًا صوت تصادم الزجاجات المزعج في الزنزانة الضيقة
بعد فترة طويلة ، فتح الرجل الشاحب شفتيه أخيرًا وقال
بصوت خافت : “ لا يوجد ترياق.”
نظرته كانت وكأنه يشاهد شيئ مسلي … مجرد لعبة
: “ ماذا قلت ؟!”
المرأة الكسولة عادةً لم تستطع تمالك نفسها،
تقدمت بخطوة ورفعت ساقها وركلت الرجل المقزز أمامها،
لم تستطع منع نفسها من الشتم
: “ لكن…” أمال مورونغ شياو رأسه بابتسامة ماكرة،
تعابيره تنضح بالمرح : “ لدي وصفة طبية يمكنها تخفيف
تأثير السم على جي جي ،
مما قد يطيل عمرها لشهر إضافي على الأقل .”
ركلته سونغ شو تشينغ مجددًا : “ اللعنة، وما فائدة ذلك ؟!”
ثم داست على رأسه بغضب،
متمنية لو أنها تركت مينغ تشين تجهز عليه في تلك الليلة :
“ قل شيئًا مفيدًا بحق الجحيم !”
تمتم مورونغ شياو وهو مستلقي على الأرض ،
ينزف قليلًا من ساقه اليمنى ،
لكن لم يبدِي أي اكتراث ،
بل ارتسمت على وجهه ملامح البراءة المصطنعة :
“ قدراتي محدودة حقًا،
ولم أتمكن بعد من تطوير الترياق .
لكن شهر إضافي قد يكون كافي ليتمكن أطباء معهد الطب
الإمبراطوري من إيجاد علاج كامل لسم جي جي .”
نظرت سونغ شو تشينغ إلى هذا الرجل الذي كان من
الواضح أنه يعاني من اضطراب شديد في الشخصية
المعادية للمجتمع،
وفكرت بأنه ينبغي عزله في مستشفى للأمراض النفسية ،
ومع تذكرها لمورونغ يان التي ما زالت فاقدة للوعي،
بدأ رأسها يؤلمها
رفعت قدمها ومدت يدها قائلة : “… أفضل من لا شيء.
أعطني الوصفة بسرعة !”
: “ يمكنني إعطاؤك الوصفة. لكن… هي … "
نهض الرجل ببطء، نفض الغبار عن نفسه ،
ثم أشار نحو مينغ تشين التي كانت مستندة على إطار الباب ،
وبدأ يتحدث ببطء بنظرة خبيثة : “ يجب أن تعقد معي صفقة.”
دارت عينا سونغ شو تشينغ ،
بصفتها عبقرية التفاوض في معسكر الحرس السري ،
شعرت بالرغبة في تحطيم شيء ما وهي تتعامل مع هذا
المجنون : “ تحدث ، هل أنت حتى رجل…”
سحبت سونغ شو تشينغ الغاضبة دبوس شعر طويلًا من تسريحتها ،
مستعدة للتعامل بخشونة مع الرجل المخادع أمامها ،
لكن مينغ تشين، التي ظلت صامتة طوال هذا الوقت ،
تقدمت بهدوء وجلست أمام مورونغ شياو
“ حسنًا "
رغم أن ملامح مينغ تشين بدت مرهقة،
والهالات السوداء ظاهرة تحت عينيها،
إلا أنها نظرت إلى الشخص أمامها بعينين اللامعتين وسألته :
“ ما هي الصفقة؟”
بابتسامة كأنها وقعت فريسته في الفخ،
رفع مورونغ شياو كُمّه قليلًا وفكر للحظة،
ثم أخرج ببطء من الصندوق وعاء زجاجي يحتوي على حبة حمراء زاهية
: “ كلي هذه ، وسأعطيك وصفة ترياق جي جي .”
سونغ شو تشينغ بغضب وهي تلوّح بالسلاح في يدها :
“ ما مشكلتك بحق الجحيم ؟
من الواضح أن هذه الحبة مشبوهة ...”
ثم وقفت وصاحت بانفعال : “ تشين تشين لا تصدقيه !”
دون أن ترد على كلمات أختها ،
أمسكت مينغ تشين بالوعاء الزجاجي وهزته برفق ،
أحدثت الحبة الكبيرة بحجم البيضة صوت تصادم واضح
سألت بهدوء : “ ما هذا ؟”
ضحك مورونغ شياو ساخرًا وهو يحدق بها قائلاً :
“ لا أفهم كيف تمكن شخص تافه مثلك من كسب مودة
جي جي … لذا، أريدك أن تثبتي أنك تستحقينها .”
عينا مورونغ شياو محمرتين بالدم ،
وتابع ببطء : “ لقد قمتُ بإعداد هذا السم بنفسي .
بعد ابتلاعه ، ستبدئين بفقدان حواسك واحدة تلو الأخرى خلال شهر .”
و بابتسامة شريرة ،
و نظرته مليئة بالحقد : “ عيناك ، أذناك ، أنفك ، لسانك ،
وجلدك… سيجعلُكِ تشعرين وكأنكِ وحدكِ في ظلام
دامس ،
عاجزة عن التمسك بالحياة أو احتضان الموت .
سيكون الأمر كما لو أن العالم قد تخلّى عنكِ ،
ولن تشعري بأي شيء على الإطلاق .”
لعق شفتيه بحماس ،
ثم أشار بيديه وكأنه يصف مشهد يستمتع بتخيله :
“ وحين يكتمل الشهر ، ستعانين ألم أشد من تكسير العظام ،
كما لو أن ألف إبرة تخترق قلبك .
ولمدة ثلاثة أيام وثلاث ليال ، قوتك ستنتزف حتى آخر
قطرة ،
ثم تموتي أخيرًا في عزلة تامة .”
حدّق في الفتاة المتواضعة الجالسة أمامه
{ عبارة عن دماء الحثالة !!
كريهة
لماذا جي جي سعيدة بهذه الفتاة ؟
في هذا العالم ،
الشخص الذي يحب جي جي أكثر من أي شيء …
هو أنا فقط !!
إذا وافقت هذه الكريهة على شرطي ،
فستضطر جي جي إلى مشاهدتها وهي تموت أمام عينيها ،
وحينها ستفهم أن لا أحد في هذا العالم سيبقى بجانبها سوى أنا
وإذا رفضت هذه المرأة شرطي ،
فذلك لا يثبت سوى أنها لا تستحق محبة جي جي ،
وعندها…
سأذهب إلى الجحيم مع جي جي ، لنبقى معًا إلى الأبد ...}
صوته البارد أشبه بوسوسة شيطان : " إذن ، اختاري
هل أنتِ مستعدة ؟”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق