Ch53
في اللحظة التي همّت فيها مينغ تشين بفتح فمها للرد ،
مدت سونغ شو تشينغ يدها مباشرةً ،
وأغلقت فمها بقوة ، وسحبتها بعنف إلى خارج الزنزانة
عند مدخل الزنزانة ،
وقفت سونغ شو تشينغ بشفاه مزمومة وتعابير غير راضية،
ثم سألت : “ أنتِ… لم تكوني تنوين الموافقة فعلًا أليس كذلك ؟”
أومأت مينغ تشين برأسها ،
ورغم أن ملامحها كئيبة ، إلا أنها أجابت بنبرة واقعية :
“ بلى ، هذه هي الطريقة الأكثر أمانًا "
: “ أمان مؤخرتي ! كيف كنت أُدَرّسك الرياضيات هاه؟!
حياة مقابل شهر ؟”
صفعت سونغ شو تشينغ رأس تشين بإنزعاج وتابعت :
“ لنضع جانبًا مسألة ما إذا كان ذلك الأفعى الماكر سيفي بوعده أم لا،
لكن لنفترض أنكِ ستعيشين حتى سن الخمسين أليس كذلك؟
هذا يعني أنه لا يزال لديكِ أكثر من عشرة آلاف يوم .
عشرة آلاف مقسومة على ثلاثين…
كيف يمكن أن يكون الناتج هكذا ؟
هل كنتِ نائمة أثناء دروس التفاوض ؟
هذه صفقة سيئة جدًا !”
وقفت مينغ تشين منتصبة ،
خافضة رأسها وهي تتلقى التأنيب بصمت،
ثم فجأة رفعت صوتها
“ إنها تستحق ،
تستحق !”
ارتجف جسدها لا إراديًا ،
و بصوت يملؤه الإصرار : “ طالما أن الأمر من أجل يان يان،
حتى لو كان عليّ أن أدفع مقدّمًا ثمن آلاف الدورات من
التناسخ، فإنه لا يزال يستحق !”
تذكرت مورونغ يان ، التي قضت معها ليلًا ونهارًا ،
و يديها الجافتين ووجنتيها الغائرتين،
والحياة التي كانت تتسرب منها ببطء مع مرور الوقت ،
همست مينغ تشين كما لو أنها تتحدث إلى نفسها
: “ حتى لو كانت هناك فرصة ضئيلة، يجب أن أتمسك بها.”
سونغ شو تشينغ : “… تشين تشين ….”
نظرت إلى الشابة الصغيرة ، التي ربّتها بعناية وحنان ،
وشعرت بقبضة ضيقة تعتصر قلبها ،
فتمتمت بمرارة : “ أحيانًا، الحياة والموت مقدّران ،
ولا يمكن للبشر أن يجبروا القدر…”
قاطعتها مينغ تشين بانفعال : “ أنا أرفض !
أختي الكبرى ، كما تعلمين
لم أطلب شيئ طوال حياتي، صحيح ؟”
قبضت مينغ تشين على يديها بإحكام ،
وواصلت بصوت متأثر : “ لكن يان يان… يان يان مختلفة …
لا يمكنني فقط الوقوف ومشاهدتها تموت…
دون أن أفعل شيئ…”
رمشت عينيها محاولة منع دموعها من الانهمار ،
لكن صوتها مختنق بالفعل
: “ هذا… ليس لأننا حاكمة وتابعتها ،
ولا لأننا مجرد صديقتين …..”
وقفت مستقيمة ،
ونظرت مباشرة إلى سونغ ،
ثم قالت بصوت صافي وواضح : “ أختي الكبرى…
أنا مغرمة بها ،
وأنا مستعدة .”
تنشأ المشاعر من مكان مجهول ،
لكن حين تُسترجع ، تبدو أعمق مع كل لحظة
توقفت مينغ تشين للحظة ،
كما لو أنها تبحث عن طريقة لشرح المشاعر المتدفقة في
قلبها أمام أختها الكبرى،
ثم تابعت : “ طوال الطريق إلى العاصمة ،
كنت أفكر… لو لم تكن يان يان ،
ربما لم أكن لأحب شخص بهذا القدر في حياتي أبدًا .
أنا مستعدة لفعل أي شيء من أجلها ،
سواءً كان ذلك تقبيلها ، البقاء بجانبها ، حتى معاشرتها ،
أو الآن… القتال من أجل حياتها .”
نبرتها ثابتة بشكل لم يكن له مثيل من قبل،
تفوهت دون وعي بأعذب كلمات الحب وأكثرها مرارة في آنٍ واحد
“ إن أراد القدر أن ينتزع يان يان مني ،
فسأخوض طريقي إلى العالم السفلي لاستعادتها !
طالما أن يان يان على قيد الحياة ،
فلا شيء أخشاه !”
وقفت سونغ شو تشينغ صامتة،
تحدّق في أختها الصغرى التي نبرتها مشتعلة بالإصرار
وعينيها متفجرة بالعزم
امتلأ قلبها بمشاعر معقدة، ولم تجد ما تقوله
لم تكن تتوقع أن تشين ، التي كانت فيما مضى تجهل تمامًا
معنى المشاعر ،
والتي كان عقلها كما لو أنه مغطى بالعجين ،
ستصبح بعد اختراق ذلك الجدار الفاصل ،
واضحة تمامًا فيما تريده …
و مندَفعة للأمام بلا رجعة ، مثل قطار خرج عن مساره
حتى لو كان أمامها منحدر سحيق ،
حتى لو تحطمت تمامًا ،
حتى لو فقدت حياتها …
لن تتراجع أبدًا
رؤية صمت أختها الكبرى جعل مينغ تشين تشعر بالقلق ،
فحاولت التفكير في أي شيء لإقناعها :
“ أختي الكبرى ، لن أموت .
أنتِ دائمًا تقولين أنني قوية كالثور ، وبالإضافة إلى ذلك ،
أليس حارس الظل لايخاف من السم ؟
لقد أصبتُ بسهم مسموم من تشانغ هي سابقاً
ولم يحدث لي شيء .”
تذكرت سونغ شو تشينغ الجرح على كتف مينغ تشين الأيمن ،
والتجربة المريرة التي خضعت فيها لجراحة كشط العظام ،
والندوب العشوائية التي انتشرت مثل شبكة عنكبوتية على
عضلات ظهرها،
ومع ذلك، كانت تصف ذلك بـ ' لا شيء خطير ' …
وضعت مينغ تشين يدها على قلبها كقسم :
“ أنا لن يُهزمني السم أبدًا !”
بينما أمسكت بكتف سونغ بيدها الأخرى،
محاوِلة كبح المرارة التي تعتصر حلقها : “ أختي الكبرى ،
أرجوكِ ، دعينا نستغل هذا الشهر الإضافي من أجل زوجة
المعلم ومعهد الطب الإمبراطوري لإيجاد الترياق…
يان يان يجب أن تبقى على قيد الحياة …
يجب أن تعيش بأمان وسعادة !”
لطالما كانت سونغ شو تشينغ خالية الهموم،
لكنها الآن أمسكت برأسها،
تنظر إلى تشين ، التي اغرورقت عيناها بالدموع،
تتوسل إليها بتواضع،
مما جعل ألمًا لا يُحتمل يتغلغل في صدرها
بعد أن عاشت حياتين ، وجدت نفسها أمام هذا السؤال
الصعب متعدد الخيارات ،
لكنها كانت حقًا عاجزة عن إيجاد إجابة
: “ أنتِ…”
رفعت رأسها لتنظر إلى السماء،
وكأنها تحاول منع المرارة من التدفق خارج قلبها،
ثم تابعت بمزيج من العجز والاستسلام : “ كما تشائين
تشين تشين قد كبرتِ ،
ولم يعد بإمكان أختك الكبرى السيطرة عليكِ بعد الآن .”
——————————————————
قصر تشانغنينغ
فتاة مستلقية على سرير خشبي ، وشعرها ، مهما دُقّق في
تفاصيله ، كان خالي تمامًا من أي خُصل سوداء ،
مما جعلها تبدو كعجوز عند النظر إليها من بعيد
لكن عند الاقتراب ،
يمكن رؤية عينيها المغلقتين بإحكام وحاجبيها المرسومين بدقة ،
ووجهها الذي لم يكن يحمل أي تجاعيد،
بل فقط شديد الشحوب والنحول ،
مما زاد من الإحساس بالشفقة عليها
عند طرف السرير ،
نمر مستلقي بجانبها ، يحرك ذيله ذهابًا وإيابًا
و رغم أنها فاقدة الوعي ، إلا أن جسدها قد تم الاعتناء به
بعناية فائقة ،
حيث وُضع أحمر الشفاه بعناية على شفتيها،
ليحافظ على رطوبتهما حتى في موسم الخريف الجاف
وهكذا ، استلقت هناك بهدوء ،
وبالنسبة لأي عابر غير مُدرك لحالتها ،
لم تكن تبدو سوى كشخص نائم بسلام
راحة يدها مغطاة بمرهم العناية ،
وأمسكت مينغ تشين بأطراف أصابعها الناعمة بلطف ،
وبدأت بعناية في برد أظافرها ،
ثم صبغتها بلون أحمر زاهي
كانت يان يان تحب الجمال ، و مينغ تشين تعرف ذلك
لو استيقظت ووجدت نفسها قد فقدت أناقتها،
فلا شك أنها كانت ستعبس مستاءة
فبذلت مينغ تشين جهدها بعناية في المهمة التي لم تكن
بارعة فيها ، مركزة تمامًا
“…تشين تشين "
“… تشين تشين، تشين تشين!”
“تشين تشين!”
صاحت سونغ شو تشينغ ، وهي تحمل وعاء الدواء ،
مما جعل مينغ تشين تتوقف أخيرًا عن عملها ،
وتنظر إلى القادمة بحيرة
: “ ماذا تفعلين ؟
لم تردي حتى على الطرق ، جعلتني أناديك لفترة طويلة…”
أثناء تسليمها وعاء الدواء إلى مينغ تشين،
بدأت سونغ شو تشينغ في التذمر،
لكن كلماتها توقفت فجأة في منتصف الطريق :
“ لا يمكن… هل فقدتِ سمعك ؟
كيف يمكن أن يحدث ذلك بهذه السرعة !
ما هذا السُم اللعين ؟”
نظرت بقلق إلى أختها الصغرى ، محاولة مدّ يدها للتحقق
ردت مينغ تشين بابتسامة ، وهي تبعد اليد الممتدة نحو
أذنها : “ ليس الأمر كذلك ، لا تقلقي ،،،
كنت فقط مركزة جدًا ولم أسمع ،
بالإضافة إلى أن أذني اليمنى لم تعد تعمل جيدًا منذ إصابتها .”
نظرت إليها سونغ شو تشينغ بنصف شك،
وهمّت بالكلام، لكن مينغ تشين قاطعتها
تجمدت ابتسامة مينغ تشين على وجهها ،
وسألت بقلق واضح : “ لقد مرّ سبعة أيام بالفعل ،
كيف تسير الأمور مع المعلم ؟”
سونغ شو تشينغ : “ جميع أطباء المعهد الطبي الإمبراطوري يبذلون قصارى جهدهم…”
لكن إجابتها بدت وكأنها لم تقل شيئ
أنزلت مينغ تشين عينيها : “ فهمت ”
ولم تقل شيئ آخر
قامت سونغ شو تشينغ بسحب أنبوب خيزران بسمك إصبع
الخنصر من جيبها ،
ووجهت أختها لإمساك الفتاة الفاقدة للوعي مع إرجاع
رقبتها إلى الخلف ،
ثم قامت ببطء بإدخال الأنبوب الذي تحمله في فم مورونغ
يان المفتوح قليلاً ، وصولاً إلى حلقها
مينغ تشين وهي تحمل الشخص الذي تعتز به،
مع عبوس وقلق : " كوني أكثر لطفًا .
لا تجعليها تشعر بالألم ."
ردت سونغ شو تشينغ وهي تتدحرج بعينيها نحو تشين
المفرطة في القلق ،
بينما تسكب الدواء ببطء في أنبوب الخيزران : " أنا أتعامل بلطف، حسنًا !
لا تكوني عصبية كل مرة ."
تشين التي كانت غرائزها الوقائية قوية بشكل مفرط ،
بدت وكأنها فقدت صوابها منذ عودتها إلى العاصمة —-
في كل مرة يلمس أحد ما الأميرة ،
تصبح متوترة للغاية ،
خوفًا من أن تتأذى الأميرة
مينغ تشين تتقبل وجود اختها سونغ والطبيب الإمبراطوري،
ولكن إذا دخل غريب ما إلى الغرفة ،
كانت تتفاعل بعنف ،
تراقب الشخص الغريب بعيون يقظة ، تمامًا مثل نمر ،
تحدق في الشخص بشكل مميت ،
وتكاد تكشف عن أنيابها
في البداية ، دون فهم الموقف ،
كادت أن تخطئ في تصنيف أخ الأميرة ،
الجنرال مورونغ كان ، على أنه شرير وكادت أن تطرده
وقد تشاجر الاثنان في الفناء ،
مما أدى إلى تدمير عدة صخور صناعية الخاصة بتزيين الفناء
لم تتوقف مينغ تشين المتوترة إلا بعد أن خرجت زوجة المعلم لإيقافهم ،
وربما كانت ستفصل ذراع الجنرال لو لم يتم التدخل
بينما سونغ شو تشينغ تسحب الأنبوب ببطء ،
سألت بشكل عابر : " هل تحتاجين مساعدتي في أعمال
التمريض لاحقًا ؟
منذ متى لم تنامي ؟"
هزت مينغ تشين رأسها بحزم : " لا داعي ،
أستطيع أن أتدبر الأمر
أنا لست نعسانة ."
مسحت الدواء الذي تسرب من زاوية فم الفتاة ،
ثم وضعتها ببطء على السرير ،
وعيناها تفيضان بتعلق لا يمكن وصفه
: " حسنًا إذن "
رؤية أختها ، التي عيناها تميلان إلى أن تصبح داكنة مثل
عيني الباندا ،
شعرت سونغ شو تشينغ ببعض العجز ،
لكنها لم ترغب في إقناعها أكثر
بعد أن أنهت ترتيب الأشياء ،
التفتت بصمت وهمت بالمغادرة بخطوة تبدو خفيفة
دون أن تتوقف لفتح الباب ،
تحدثت سونغ فجأة بطريقة استفهامية : " ذلك...
بخصوص ترياق الأميرة..."
لم يكن صوتها منخفض ، صوت سونغ عالي وواضح
لكن مينغ تشين التي تجلس خلفها لم تُظهر أي رد فعل —-
{ كما توقعت ….
تشين تشين هذه الكاذبة …..
كاذبة كبيرة ! }
أرادت سونغ شو تشينغ أن تلتفت وتصرخ وتلعن بغضب ،
و أن تمسك بياقة تشين وتلقي عليها محاضرة عن حماقتها ،
و تهز هذه الشابة المليئة بالعاطفة لتستيقظ وتواجه الواقع
لكن في النهاية ،
لم تفعل سونغ شيئ سوى فتح الباب
والمغادرة بخطوات ثابتة …..
( مينغ تشين فقدت حاسة السمع )
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق