القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch62 | رواية TPSGCBTC اليوري

 Ch62


على عكس الأجواء المشبعة برائحة الأدوية في الخارج، 

الجو داخل الغرفة المظلمة في المعهد الطبي الإمبراطوري ثقيل ، 

يعج برائحة المرض النفاذة وعبق الدماء


في الأصل ، كانت هذه الغرفة مخصصة لتحضير الأعشاب 

الطبية، 

لكنها أُفرغت بالكامل بعد تسمم مينغ تشين، 

ليتسنى العناية بالمريضة فاقدة الوعي بسهولة


الأرض الخشبية الصلبة مغطاة بزجاجات وجرار متنوعة ، 

وتراكمت أكوام من الكتب الطبية والمخطوطات القديمة 

بجانب الجدران


وعلى لوح أسود مسطح ، 

تستلقي فتاة شاحبة الوجه ، 

مقيدة بسلاسل حديدية غليظة تكبل أطرافها بشدة ، 

تمنعها من أدنى حركة


مينغ تشين، المستلقية على السرير، 

تتلوى أحيانًا بعنف، وتتشنج بقوة، 

كوحش هائج مكبل بالسلاسل


تحول الجلد المحكوم بالأصفاد إلى اللون الأرجواني بسبب شدة مقاومتها، 

وقد تورمت الجروح النازفة حيث تمزق الجلد رغم طلاءها 

بمرهم كثيف ، 

إلا أنها بدت متقرحة بسبب الاحتكاك المتكرر


أما ذراعها المكشوفة ، 

فقد امتلئت بعدة جروح متخثرة ، 

لا تبدو كإصابات ناتجة عن السيف ، 

بل أشبه بخدوش عميقة التهمت اللحم ، 

وكأنها آثار أصابع انغرست بقوة


انعقد حاجبا مينغ تشين بشدة، 

وحُشرت قطعة من القماش الأبيض في فمها لمنعها من 

عض لسانها


جسدها غارق في عرق بارد امتزج بالدموع واللعاب، 

مبللًا تمامًا


رغم عدم قدرتها على الكلام، 

كانت تصدر أنين متواصل من أعماق حلقها، 

تارة كصراخ مكتوم ، 

وتارة كأنين متقطع يخترقه الألم ، 

وكأنها آلة موسيقية خرجت عن النغمات ، 

حيث تفصح كل نغمة عن العذاب المبرح الذي تكابده


عندما قادت سونغ شو تشينغ الأميرة مورونغ يان إلى 

داخل الغرفة، 

كان هذا المشهد هو ما استقبلها


قالت سونغ شو تشينغ وهي تستند على إطار الباب، 

عاقدة ذراعيها، 

ونبرة الحزن واضحة في صوتها : “ لقد… مر شهر ونصف 

منذ أن سُمِمَت .

نحاول يوميًا تخفيف آلامها .”


: “… آ-تشين؟”

حدّقت مورونغ يان في الفتاة المستلقية أمامها، 

بالكاد تستطيع التصديق أن هذه هي ذاتها الحارسة القوية 

والمفعمة بالحياة، صاحبة الابتسامة المشرقة


{ كيف يمكن أن يكون هذا ؟ 


كيف يمكن أن تتحول آ-تشين إلى هذا الحال ؟ }


: “ إنها لا تسمعك… 

لا تسمع ، لا ترى ، لا تشم ، ولا تتذوق ، 

غير قادرة على إدراك العالم الخارجي .”


أنزلت سونغ شو تشينغ عينيها، 

وهي تنظر إلى الفتاة التي بذلت جهدها لحمايتها، 

لكنها لا تزال غارقة في العذاب المستمر، 

وبدت نظراتها محملة بالأسى :

“ الشيء الوحيد الذي تشعر به الآن هو الألم .

في السابق، تشين تشين لم تكن تشعر بأي ألم .”


{ يا لسخرية القدر }


همست مورونغ يان : “ لماذا يحدث هذا… لماذا ؟ 

آ-تشين…”

غير قادرة على منع الدموع من التراكم في عينيها


أرادت أن ترى كل شيء بوضوح، 

رغم أن رؤيتها تغيم تدريجيًا


مصدومة ، خطت إلى الأمام ببطء، 

عازمة على الإمساك بأصابع مينغ تشين الهزيلة، 

لكن سونغ شو تشينغ أوقفتها


: “ تشين تشين لم تعد تشعر بشيء الآن، 

قد تؤذيك دون قصد …” رفعت كمها ، 

كاشفةً عن ندوب عميقة على أصابعها الخمسة ، 

ثم ابتسمت بمرارة : “ من كان يظن أنه حتى وهي فاقدة 

للوعي ، لا تزال تشين تشين بهذه القوة ؟”


في كل مرة كانت تحاول فيها إطعامها الدواء 

أو ملعقة من العصيدة، 

كانت تصاب بجروح من مقاومتها العنيفة


: “ وانغ وي… أقصد الطبيب وانغ لا يزال يعمل جاهد على 

تطوير الترياق ، 

ولكن حتى لو نجح، لا يوجد ضمان لتعافيها الكامل .”


قالت سونغ شو تشينغ ذلك وهي تحدق في مينغ تشين، 

التي تقاوم بشراسة رغم قطعة القماش في فمها، 

ثم ابتلعت بصعوبة: 

“ الآن… كل ما تريده تشين تشين هو الموت…”


و ارتسمت على وجهها تعابير العجز والألم


تمتمت مورونغ يان، 

وجسدها يرتجف بالكامل : “ كل هذا بسببي ، 

كل هذا خطأي ، 

آ-تشين…

آ-تشين… ماذا أفعل لك ؟ ماذا أفعل ؟”


كانت تعتقد أنها خططت لكل شيء مسبقًا


إذا نجت آ-تشين، فسيكون ذلك رائع ، وستعيش معها


وإذا ماتت ، فستقطع عنقها بسكين وتلحق بها


انخفض رأس مورونغ يان، 

وأسندت يديها على طرف السرير، 

ثم انهارت ساقاها ببطء. 

تركزت الدموع في عينيها، 

وأحست بمرارة تغمر حنجرتها



ومع تصاعد الشعور العارم بالذنب وتأنيب الضمير، 

أخذت دموعها تتساقط كنقاط المطر ، 

حتى شعرت وكأن روحها قد فارقتها


{ لكن …


هذا البقاء الضعيف ، 

وهذا الألم الفادح ، 

حيث يصبح كل نفس عبارة عن دعوة إلى التحرر …


كيف لي أن أتعامل مع هذا ؟  


أي قرار عليّ أن آخذه من أجلها ؟ }


بدا العالم يدور من حولها ، شعرت بالدوار، 

ثم جثت على ركبتيها، 

وبالكاد قادرة على التنفس


سقط المشبك الذهبي من شعرها، 

وارتطم بالأرض محدثًا صوتًا واضح


انعكست منه لمعة ذهبية براقة، 

وكأنه يهمس لها بإغراء خفي، يحثها على التقاطه بيدها


تأملت به للحظة، كما لو أنها تتخذ قرار مصيري


رأت محبوبتها مستلقية على السرير، 

تتلوى في عذاب، 

وتصدر أنين يكاد يمزق القلوب، 

وكأن أشباح جائعة تنهش جسدها


امتلأ قلب مورونغ يان بالحزن، 

وأرادت فقط أن تغرس المشبك الحاد في قلب مينغ تشين، 

لتنهي آلامها في لحظة، 

ثم تغرسه في قلبها، لترحل معها في نفس المصير


راودتها هذه الفكرة الجريئة، 

ونمت في قلبها كالنار المتأججة، 

في حين أن دموعها لا تزال تنهمر على وجنتيها


ولكن، بدلاً من الحزن الذي سيطر على وجهها، 

بدأ يظهر عليه الإصرار


{ آ-تشين… لا تخافي ….

لن يؤلمك شيء بعد الآن ….

سأكون معك

لن أدعك تبقين وحدك


أبدًا }


كانت على وشك رفع يدها، 

عندما قطعت سونغ شو تشينغ صمتها فجأة:

“ أيتها الأميرة ،

هل سمعتِ من قبل بحكاية الأميرة النائمة ؟”


. “ الأميرة النائمة؟” كررت مورونغ يان بذهول، 

بينما لا تزال تمسك بالمشبك بقوة


ورغم رؤية السلاح في يدها ، إلا أن سونغ شو تشينغ تابعت 

حديثها بهدوء : “ نعم، الأميرة النائمة .

إنها قصة عن شخص غارق في سبات عميق ، 

يستيقظ مجددًا عند نداء محبوبه .

هل تريدين أن تكوني الشخص الذي يعيد إشعال إرادة 

تشين تشين في الحياة داخل أحلامها ؟”


ركعت سونغ شو تشينغ على ركبتيها ، 

وأخرجت منديل من جيبها ، 

ثم ناولته إلى مورونغ يان ،


: “ إلى جانب الترياق الذي يطوره المعهد الطبي 

الإمبراطوري، تعتمد حياة تشين تشين أيضًا على رغبتها 

الخاصة في البقاء .”


بمهارة ، أخذت سونغ شو تشينغ المشبك الذهبي من يد 

مورونغ يان، 

بينما نظرت إليها مباشرة وسألتها بهدوء


———————————————————


داخل الزنزانة المظلمة …


الصمت المخيم في الزنزانة الباردة يخترقه صوت صرير 

باب حديدي يُفتح ببطء


اندفع عدة سجانين يحملون مصابيح زيتية ، 

وسحبوا مورونغ شياو المتكور في زاوية الزنزانة، 

ثم دفعوه بخشونة إلى الخارج ، 

و ألقوا بجسده الضعيف داخل عربة


تحركت العربة ببطء خارج أسوار القصر، 

وبعد فترة من الزمن ، توقفت عند مستودع للحبوب


عندما أُخرج مورونغ شياو من العربة، 

رأى سونغ شو تشينغ وشو جون واقفين في الثلج، ينتظرانه


شو جون : “ أيها الوضيع…”


رغم أن شياو لا يعرف شو جون ، 

إلا أنه لن ينسى أبدًا المرأة التي وقفت أمامه الآن — المرأة 

التي عذبته بقسوة


خفق ألم مبرح في يده التي لم تعد تملك أظافر ، 

لكن رغم ضعفه ، 

بصق الكلمات :

“ أيتها الكلبة الحقيرة…”


بحركات هادئة ، قامت سونغ شو تشينغ بحك أذنها 

بإصبعها الصغير ، مظهرة مللها : 

“ نعم، نعم، نعم ، أنت على حق في كل شيء ، 

و أنت الأعظم والأكثر نبالة .

بصفتك قريب ستصبح ‘ أثر تاريخي سيئ السمعة يُذكر إلى 

الأبد’، 

ألا يمكنك اختيار كلمات وداع أكثر شاعرية؟ 

شيء مثل ‘ ليت جسدي لا يُبعث أبدًا في العائلة

 الملكية  ’؟سيكون ذلك أكثر درامية لو تم تحويل قصتك

 إلى مسلسل تلفزيوني .”


سأل شو جون متردداً : “ الأخت الكبرى سونغ

هل علينا إخبار المؤرخ بهذه الكلمات ؟”


: “ لا حاجة ، لا حاجة ، كنت أمزح فقط. 

هذا النوع من القمامة لا يستحق حتى أن يُسلط عليه الضوء في الدراما ~ .”

لوّحت بيدها بلا مبالاة ثم مشت نحو مورونغ شياو، الذي 

ينظر إليها بعدائية


: “ اليوم هو يوم إعدامك . 

للأسف، ستصاب بخيبة أمل ، لأن الأميرة تشونغ ون 

مشغولة ، وليس لديها أدنى اهتمام بالتعامل معك . 

لذا، فقد أوكلت إليّ الإشراف على الأمر .”


ارتجف جسد مورونغ شياو، واتسعت عيناه في صدمة، 

بحثًا بين الحاضرين عن الشخص الذي تاق لرؤيته


“ لا… مستحيل… جي جي ستأتي لرؤيتي !”


ابتسمت سونغ شو تشينغ ابتسامة باردة، 

وضعت يديها خلف ظهرها، 

وقالت بنبرة ساخرة:

“ آه، قلب الأميرة تشونغ ون ممتلئ بشيء آخر الآن . 

لم تعد تهتم بك بعد الآن .”


ثم أومأت للحراس، الذين بدأوا في التحرك ، 

بينما استدارت ودخلت المستودع وهي تقول : 


“ لكن لا تحزن كثيرًا ، 

على الأقل، كل ما يتعلق بمصيرك قد قررته الأميرة شخصيًا .”


صوتها تلاشى بينما تتابع، غير مكترثة :


“ من لحظة موتك ، إلى الطريقة التي ستُدفن بها، 

كل شيء حددته الأميرة بنفسها "


{ ‘ اسحقوا عظامه وذرّوه في الرياح، 

ولا تدعوه يُبعث مجددًا .’ 


رغم أن كلمات الأميرة غامضة بعض الشيء ، 

إلا أنني مخلصة تمامًا لقرارها ، 

وسأجد الطريقة لتنفيذه }


: “ الأخت الكبرى سونغ إنهم جاهزون.” تحدث شو جون، 

وهو يراقب الحراس يقومون بتجريد مورونغ شياو من ملابسه ، 

ثم يربطونه بعمود خشبي على شكل صليب


أومأت المرأة برأسها، وتحدثت بصوت بارد:

“وفقًا لتحقيقات معسكر حراس الظل ، 

يوجد 23 امرأة دخلن القصر الشرقي وخرجن منه جثث هامدة ...”


بعيون غارقة في الاشمئزاز، 

نظرت إلى مورونغ شياو وكأنه كومة قمامة وتابعت :

 

“ تسسسك … ذوقك مقزز جدًا . 

كان من الأفضل أن تُخصى، لكن للأسف مهارات وانغ وي في 

الطب محدودة .”


تقلصت حدقتا مورونغ شياو وهو يصرخ بفزع :

“ كيف تجرئين ! 

ماذا تنوين أن تفعلي بي؟!”


أخذت سونغ شو تشينغ جرة من اليشم كانت تحملها، 

وفتحتها، 

فانتشرت رائحة كريهة نفاذة في الهواء


و بهدوء ، سكبت السائل اللزج فوق جسد مورونغ شياو، 

ثم مالت برأسها، 

وقالت بابتسامة خبيثة :

“أعتقد أنه قبل أن تدخل الجحيم ، 

عليك أن تتذوق طعم ما كنت تفعله للآخرين .”


التفتت وهمّت بالخروج، 

لكنها توقفت فجأة عند الباب، 

وقالت بنبرة مرحة:

“ آوه صحيح تذكر أن تعض على أسنانك جيدًا . 

لا تمت بسرعة  ، 

فهذه ليست سوى الخطوة الأولى .”


أُغلقت الأبواب الحديدية بقوة خلفها، 

وترك مورونغ شياو في ظلام المستودع، 

بينما يحاول فهم ما يجري


ثم…

سمع صوت تنفس ثقيل ————


الهدوء المشحون كُسر بصرير باب جانبي يُفتح ببطء، 

وتقدّم مخلوق ضخم إلى الداخل


ظهر ثور عملاق ، 

بحجم خمسة رجال ، 

عيناه حمراوان متوهجتان ، وعضلات رقبته مشدودة 


ضرب الأرض بأقدامه الأمامية القوية، 

مستشعرًا الرائحة النفاذة التي تفوح من جسد مورونغ شياو


وفجأة، انقطعت خيوط الصبر في رأس الوحش، 

فانقض عليه بجنون


————————————————


خارج المستودع ——- 



الأصوات تتردد — صرخات يائسة ، 

مختلطة بزئير الحيوان الغاضب


تأملت سونغ شو تشينغ الجرة في يدها، 

ثم رفعتها نحو شو جون وسألته بلا مبالاة:

“ يبدو أن هذا الدواء فعال جدًا.”


تجمّد شو جون للحظة، 

وشعر بقشعريرة تسري في جسده وهو يسمع صرخات 

الرجل في الداخل

و بغير وعي، شبك ساقيه معًا، 

ثم أجاب بصوت متوتر :

“ لم… لم أتناول أي طعام منذ البارحة… 

الأخت الكبرى طلبت مني ألا آكل ، لذا لم أفعل . 

هل هناك مشكلة ؟”


ابتسمت سونغ شو تشينغ بخبث، 

ثم نظرت إلى المستودع المغلق، 

وقالت وهي تحسب الوقت :

“ لا شيء… فقط، الأمور قد تصبح فوضوية لاحقًا ، 

وأخشى أن لا تتحمل المعدة الفارغة ذلك .”


ثم أضافت بلهجة ساخرة :

“على أي حال، لا يزال الوقت مبكرًا… 

ولدينا الكثير من الوقت لنستمتع بالمشهد .”


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي