Ch31 | IDNWTAM
سقط جي ياو عن الحصان ،
لكن لحسن الحظ كان ذلك في أواخر الربيع ، فالأعشاب كثيفة وناعمة ،
فحمى بنفسه الأجزاء الحيوية من جسده ولم يُصب بأذى حقيقي
لكن بسبب يانغ هي، كان جي ياو في مزاج سيئ،
وقد بدا عليه الكدر
وعندما سمع الإمبراطور بسقوطه،
قلق عليه كثيرًا
ولما رآه صامت ، ظنّ أنه مجرد طفل مدلل يمرّ بنوبة غضب ،
فأمر الطبيب الإمبراطوري بأن يفحصه بعناية ،
ثم أمره بأن يستريح جيدًا
سادت السكينة داخل الخيمة
كان جي ياو مستلقي ، يحدّق في سقف الخيمة بعينيه السوداوين
وكلما فكّر في يانغ هي ونظرته الباردة،
اشتعل غضبه حتى باتت أسنانه تكاد تطحن بعضها
لقد أراد حقًا، في تلك اللحظة، أن يخنق يانغ هي حتى الموت بيديه
لكنه ما إن يتذكّر لمسته الهادئة، حتى يخفت ذلك الغضب المتقد داخله
لقد أراد أن يحتفظ بيانغ هي داخل فمه ،
ويفضّله مضغة تلو الأخرى ،
يمضغه حتى يتفتّت ،
ويبتلعه مع الدم واللحم ، ومع ذلك ،
يتمنّى أيضًا أن يحتفظ به إلى الأبد على طرف لسانه
كان لطف يانغ هي في الأيام الماضية قد أربك جي ياو ،
وجعله ينسى نفسه ،
وجعلته يصدق مشاعر الدفء والحميمية التي جمعتهما على السرير
{ لقد نسيت تقريبًا من يكون يانغ هي }
أما ما فعله اليوم ، فقد أعاد إليه وعيه بالكامل
{ يانغ هي يفكر في قتلي كل لحظة ..
لم يكن من الضروري أن أكون رقيق مع شخص مثل يانغ هي
لقد اعتنى بي أفعى جميلة وسامة ،
وأنا حقاً مهووس به بجنون
حتى أنيابه القاتلة جزءًا من فتنته وله سحر مميز
لذا ، يجب ترويّضه ….
و أُمسكه من موطن ضعفها ، وأُثبتّه جانبي دون فرصة للفكاك }
————————
اليوم التالي ، شارك جي ياو في الصيد كالمعتاد
أرض الصيد شاسعة ،
وقد جلب كبار المسؤولين الذين رافقوا الإمبراطور أبناءهم أيضًا ،
طمعًا في لفت نظره إليهم
وكان الحضور كثيف ، وكان جي هوان في غاية السعادة ،
فأعلن أنه سيمنح جائزة لمن يحرز المركز الأول في الصيد
و انطلقت موجة من الشكر من الحاضرين
شبان العائلات الأرستقراطية كلهم متحمسين للمشاركة،
مما أضفى على الأجواء حيويةً ومرح
أما المحظية الشابة المقرّبة من جي هوان ،
فقد ارتدت اليوم أيضًا ملابس الفروسية
عيناها لوزية ، وأنفها صغير وجميل ، وخدّاها مستديرين ،
ووجهها ممتلئ كوجه الأطفال ،
مما جعلها تبدو لطيفة وذكية
صعدت إلى الحصان وهمست شيئ لجي هوان
اقترب جي هوان أيضًا ليتحدث معها،
ولم يُسمع ما قاله،
لكن النبيلة رمقته بنظرة جانبية مليئة بالدلال
لم يكن بينهما جفاء القصر ، بل بدا وكأنهما زوجان حديثا
الزواج من أسرة عادية ، يملؤهما الحب والمودّة
أما يانغ هي، فكان لا يُجيد الفروسية ،
فركب حصان وديع سهل الانقياد ،
وسار خلف الإمبراطور ببطء
بينما بقي جي ياو بين أبناء العائلات النبيلة
استغل ملامحه الجميلة بذكاء ،
و حاجباه مرفوعين بثقة ، وناباه يظهران بذكاء عند ابتسامه ،
يفيض بالشباب والحيوية ،
مما جعله محط إعجاب الجميع
ارتفعت الشمس تدريجيًا في السماء،
وبعد بضع جولات،
كل مشارك قد اصطاد فريسة أو أكثر
و أبناء العائلات الأرستقراطية يتنافسون بشدة ولا يرغبون
في أن يتخلّف أحدهم عن الآخر،
فراحوا يتفرّقون تدريجيًا بحثًا عن فرائسهم الخاصة
لم يكن يانغ هي معتاد على ركوب الخيل،
و فخذاه تؤلمانه من الاحتكاك،
كما بدأ يشعر بالحر
شدّ اللجام وأوقف الحصان
وفي تلك الأثناء ، كان جي هوان يشدّ قوسه الطويل حتى
آخره ، وفي لحظة ، انطلق السهْم كنيزك
نظر يانغ هي فرأى غزال صغير كان يبحث عن الطعام،
فأُصيب بسهم وسقط في بركة من الدماء
تقدّم يانغ هي بحصانه وقال:
“ الجائزة الأولى اليوم لا بد أن تذهب لجلالتك .”
شدّ جي هوان لجام حصانه ،
ووضع القوس على ظهره، وقال مبتسمًا:
“ لا زال الوقت مبكرًا على قول ذلك .
أظن أن بين الشبان الحاضرين اليوم من يتمتعون بمهارات واعدة .”
ابتسم يانغ هي وهمّ بالكلام ،
لكن جي هوان رفع إصبعه إلى شفتيه فجأة ، وقال:
“ ههشش — انظر ” ثم أشار بذقنه
نظر يانغ هي باتجاه الإشارة ،
فرأى أرنب أبيض كالثلج ، يجلس غير بعيدعنهم
صغير ومستدير الشكل، ممتلئ ، وأذناه منتصبتان
ضحك جي هوان وهمس:
“ ألا تظن أنه يشبه وان وان ؟”
وان وان هو اسم المحظية الشابه
ابتسم يانغ هي، بينما حدّق جي هوان في الأرنب دون أن يرمش، ثم قال له:
“ آ ياو سقط عن حصانه بالأمس .
اذهب واعتنِي به بدلًا عني .
وإن لم يكن في حال جيدة ، دعه يعود ويستريح .
لا تدعه يُرهق نفسه ….
سأذهب وأصطاد ذلك الأرنب لأقدّمه لوان وان .”
أجاب يانغ هي:
“ مفهوم جلالتك ”
ثم أوصى رجاله بأن يعتنوا بجلالته جيدًا ،
وانطلق مع عدد من المرافقين بحثًا عن جي ياو
ولم يكن في حسبانه أن يتعرض لمحاولة اغتيال
وجد جي ياو أخيرًا
كان وحده، لا يرافقه سوى عدد قليل من الحرس الإمبراطوري،
وكان جالس بتكاسل تحت شجرة
اقترب يانغ هي بحصانه ، وعبس بحاجبيه :
“ لماذا أنت هنا وحدك يا صاحب السمو ؟”
وحين رأى جي ياو يانغ هي، لمعت عيناه،
وتكوّنت ابتسامة على شفتيه،
وتنهد بكسل وقال:
“ الكل مشغول بالتنافس ، وأنا لا أجيد الرماية ،
ومهاراتي في الفروسية متوسطة ،
فلم أجد غير أن أقتل الوقت وحدي .”
يانغ هي: “ إن كان الأمر كذلك ، فليعد سموّك معي .”
ضحك جي ياو : “ أجاء الوالي يانغ خصيصًا للبحث عني؟”
أجابه يانغ هي ببرود : “ جلالة الإمبراطور قلق على صحة سموّ الأمير ،
فأرسلني للبحث عنه .”
تنهد جي ياو تنهيدة وقال: “ صراحة الوالي يانغ ليست في موضعها أبدًا ”
لم يُبدِي يانغ هي أي رد فعل
وقف جي ياو ، وقال مبتسمًا: “ المنظر هنا جميل ،
لسنا في عجلة للعودة ،
هل ينزل الوالي يانغ عن حصانه ويتمشّى قليلاً ؟”
تردّد يانغ هي، وكان على وشك الرفض،
لكن سمع جي ياو يقول: “ ركبت كثيرًا ، وساقاي تؤلماني
قليلاً ، فليبقَى الوالي يانغ معي للراحة بعض الوقت .”
نظر يانغ هي إلى جي ياو ،
وفي النهاية أومأ وقال : “ كما يشاء سموّك ”
ظهرت ابتسامة على وجه جي ياو،
وتقدّم ومدّ يده ليانغ هي، وقال: “ انزل ”
تردّد يانغ هي، وأسدل عينيه ينظر إلى أصابع الشاب النحيلة
والواضحة المفاصل،
ثم أمسك بيده دون أن يقول شيئ ،
وكان على وشك أن يضع قدمه على الرِكاب لينزل ،
لكن فجأة شعر بشيء يشد خصره ،
وجي ياو يمسك به نصف معانق ودفعه للأسفل وصرخ : “ احذر !!!!! ”
تراجع الاثنان بسرعة ،
وعدّة سهام مرّت بمحاذاة كمّ يانغ هي
تغيّر وجه يانغ هي: “ قتلة !! ”
تساقطت رؤوس السهام كالمطر ،
فاختبأ الاثنان خلف شجرة ،
وتبادلا نظرة سريعة ،
ثم رفع يانغ هي يده وأطلق إشارة دخانية للاستغاثة ،
لم يعرف متى ظهر عشرات من القتلة المقنّعين بملابس سوداء
كان الحرّاس الملكيون المرافقون لرحلة الصيد من النخبة،
فاشتبكوا مباشرةً مع القتلة،
أمسك جي ياو بيد يانغ هي بقوّة وقال بحسم :
“ العدو يفوقنا عددًا ، لنهرب .”
كان واضح أن القتلة قد تسلّلوا مسبقًا ،
وكلّ واحد منهم بارع القتال ،
فبينما كان الحرس الملكي يقاتلون حتى الموت،
هرب الاثنان بسرعة دون وجهة واضحة ،
حتى دخلا غابة كثيفة
وجه يانغ هي شاحب ، إذ جُرّ جَرًّا خلف جي ياو ،
فهو مرفّه مدلّل ، ونادرًا وجد نفسه في موقف هروب بهذه الفوضوية ،
حتى أصبح يلهث من التعب
ومع ذلك، كان جي ياو لا يزال يمزح،
مشدّدًا على معصمه،
وقال: “ لو أمسكونا، فستكون نهايتك معي "
يانغ هي ببرود : “ اصمت ”
ضحك جي ياو : “ ما رأيك ؟
تراهم يريدونني أنا أم أنت ؟
أظنّ أنهم جاؤوا لأجلك ، أعداؤك اليوم أكثر من أعدائي .”
لم يردّ يانغ هي، و لا يزال يركض،
ولم يتبقّى حولهما سوى عدد قليل من الحرس،
و القتلة لا يزالون يطاردونهم عن كثب،
وتتساقط سهامهم من حين لآخر
يانغ هي: “سواءً كانوا يستهدفونني أو يستهدفونك
في النهاية نحن معًا الآن ”
حين سمع جي ياو عبارة ' نحن معًا ' شعر بسعادة غريبة ،
رد : “ لا تقلق ، لن أتخلّى عنك ”
ضحك يانغ هي ضحكة باردة ، ولم يرد
وفجأة ، ظهرت صرخة ألم من الخلف ،
القتلة قد لحقوا بهم ،
وأطلقوا عدّة سهام ،
أصابت بعضها الأرض خلفهم مباشرةً
سمع جي ياو أنين مكتوم من يانغ هي،
لقد أصابه سهم في كتفه ،
وأصابه بالألم و تعثر وسقط ،
وسحب معه جي ياو
نظر جي ياو للأسفل ،
فالتقت عيناه بعيني يانغ هي،
وجهه شاحب، وخصل شعره ملتصقة بوجنتيه من العرق
تغيّرت ملامح جي ياو فجأة
في تلك اللحظة ظنّ يانغ أن جي ياو سيترك يده ،
وربما يدفعه للخلف ليستخدمه كطُعم للفرار
لكنه لم يتوقّع أن جي ياو لم يفعل هذا ،
بل شدّ على معصمه أكثر ،
وكأنّه مستعد أن يسحق عظامه ، لكن لا يتركه
تشابكت يداهما المتعرّقتان بقوّة ،
فرفع يانغ هي رأسه ونظر إلى أصابع جي ياو التي ابيضّت من
شدّة القبض،
كف يده حارّ كالنار
على شفير الموت ، لم يكن بإمكان أحد منهما التوقّف ،
فتابعا الهرب برؤوس منحنية ،
بحثًا عن مخبأ ريثما يصل الحرس الملكي
ركضا بجنون ، دون أن ينتبها إلى الأحراش الكثيفة تحت أقدامهما ،
فوجد الاثنان نفسيهما يتدحرجان معًا من فوق المنحدر ——
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق