القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch50 | IDNWTAM

Ch50 | IDNWTAM



أطلقت الإشارة النارية صوت حاد وهي تشق عنان السماء، 

ثم انفجرت بألوان زاهية في الصباح الباكر


الفجر صافي والسماء عالية مترامية ، 

يومٌ جميل بكل المقاييس


صعدوا فرسان الحرس الشمالي الجبل، 

و ترفرف الرايات السوداء فوق رؤوسهم


أما حرس العائلات النبيلة ، 

فقد باتوا عاجزين عن التقدم أو التراجع ، 

ومعنوياتهم مهزوزة


كان يانغ هي يدرك تمامًا أن النتيجة قد حُسمت


و خسرت عائلتا تشي وشيويه  ——

دون أدنى مفاجأة


أما يانغ هي وعائلة شيه ، فقد أصبحا المنتصرَين الأكبرَين


نسمات الصباح في ذلك اليوم باردة مع رائحة الدماء ،


وقف يانغ هي على الدرجات العالية ، ينظر إلى الأسفل ، 

يحيط به الجنود وخدم القصر يتحركون على عجل ؛ 

بعضهم ينقل الجثث ، وبعضهم يتفقد الوضع ،

وكان الصمت يخيم على المكان


جي ياو إلى جانبه ، 

وسمعا خطوات تتردد على الدرج 


صعد قائد الحرس الشمالي الدرج ؛ تشو لين ، رجل بملامح 

صارمة يكسوها شيء من الكآبة


رمق يانغ هي جي ياو بنظرة باردة عندما رآه يسير نحوه 

ويحيي تشو لين بلطف كأنه مراهق خائف ، 

يردد “العم تشو” بحميمية، وكأن بينهما علاقة وطيدة طويلة ~~


تشو لين ردّ بالتحية وانحنى بأدب مخاطبًا :  “صاحب السمو”


لم يستطع يانغ هي كبح شعور الارتباك في قلبه ،

عندما استيقظ بعد أن عاد إلى الحياة ، 

لم يتخيل أبدًا أنه سيكون هو بنفسه يرفع جي ياو بيديه 

ليجلسه على ذلك العرش


{ كل شيء بدا كأنه لم يتغير ، ومع ذلك ، كل شيء تغيّر …


إن لم يحدث أمر غير متوقّع ، 

فسوف يسير جي ياو على الطريق المرسوم له ويعتلي العرش …. أما أنا ؟ }  

و غرق يانغ هي في التفكير


كأن جي ياو أحسّ بشيء ، 

فرفع رأسه ونظر إلى يانغ هي ،

ولسبب مجهول ، نظر يانغ هي إليه في اللحظة نفسها


تلاقت نظراتهما ——


ابتسم جي ياو ، ارتفعت حاجباه وعيناه ، 

فظهرت نابيْه الصغيران ،

تحت دفء الشمس ، بدا كفتى نقيّ ومشرق ، 

دافئ لا يمكن وصفه


تجمّد يانغ هي للحظة، ثم أدار وجهه دون أي تعبير ، 

وفكّر { يا للجنون … ما خطبي !!  }


——————————


عاد الامبراطور جي هوان إلى القصر


أما عائلتا تشي وشيويه، فقد جمعوا أكثر من عشرة وزراء 

وخرجوا في حركة عصيان عسكرية ، 

وهو في نظر القانون خيانة عظمى —-

عقوبتها الإعدام ومحو العائلة بأكملها


غرقت مدينة يانجينغ في الذعر ، 

وكل يوم تأتي الأخبار عن الحرس الإمبراطوري 

أو حرس الظل وهم يداهمون البيوت ويعتقلون الناس


منصة الإعدام خارج بوابة “ميريديان” غُسلت بالدم عدة مرات


ذهب يانغ هي ليرى ذلك بنفسه مرة


اليوم أُعدم وزير يُدعى لي في البلاط الإمبراطوري —-

عالم فاز ذات مرة في الامتحانات الإمبراطورية ، موهوب ، 

صادق ومستقيم ، ويتمتع بسمعة طيبة بين الناس


عائلة الوزير لي تتألف من اثني عشر فرد ، 

من بينهم والدان تجاوزا الخمسين وأطفال ،

و جميعهم جثوا على ركبهم على منصة الإعدام


ربما لم يحتمل الناس رؤية عائلة وزير مخلص تُباد ، 

أو ربما كانوا يخشون التورط ، 

فلم يكن هناك سوى عدد قليل من المتفرجين : بعض 

الشحاذين ، والمتشردين ، 

وقليل من الكتّاب الشجعان الذين غطّوا وجوههم وذرفوا الدموع ، 

حاملين صناديق الطعام لتوديعهم .


الساعة تشير إلى الثالثة بعد الظهر ، 

والشمس تتوهج في كبد السماء


يانغ هي يرتدي ثوب أخضر عادي ، 

و بتدلّى من خصره الأحزمة المعلّقة وتعويذات ، 

ويحمل مظلة ، واقفًا تحت الشمس بلا مبالاة


جي ياو إلى جانبه ، مختبئ تحت مظلته ، 

همس في أذنه:

“ غونغونغ ما الممتع في مشاهدة الإعدام؟”


لم يقل يانغ هي شيئ


لم يكن يعرف لماذا جاء إلى هنا ——— 

في حياته السابقة ، مات يانغ هي في هذا المكان


السيف في يد الجلاد ظل حادًا وباردًا، 

لكن الشخص الراكع تحته تغيّر


أرض الإعدام مشبعة بالدم على مدار السنة، 

وحين تشرق الشمس فوقها، 

تصبح أكثر كآبة واختناق


قبض يانغ هي على مقبض المظلة بشدة، 

وكان نظره شارد ، كأنه هو من يركع هناك ، 

وكأن الجلبة المحيطة به صادرة عن فضوليين لا شأن لهم


على بعد أقدام قليلة ، صاح أحدهم : “ حان الوقت نفّذوا الحكم !”


تشنّج جسد يانغ هي لا إراديًا ، 

وبدت ملامحه شاحبة متوترة


نظر إليه جي ياو، وعبس من الدهشة ، 

ولمس يده ، ليكتشف أن أصابعه كانت باردة بشكل مرعب


ناداه جي ياو بصوت خافت ، 

لكن قبل أن يتمكن يانغ هي من الرد، 

صدر صوت — طاخ —- وضعت اللوحة الخشبية على عنق المذنب


رفع الجلاد سيفه ، وفجأة ، سُمع بعض الأنين كأن أحدهم يجهش بالبكاء


ارتجف يانغ هي ورفع رأسه


لم يظهر على وجهه الشاحب أي تعبير ، 

لكن عينيه لمع فيهما بريق خوف، 

كأنه يخشى الألم ،

وكأن نصلًا عالقًا في عنقه ، يخترق عظمه ، 

ويجتاح جسده بأكمله بألم لا يُحتمل


رفع الوزير لي رأسه على المنصة ، 

ونظر في هذا الاتجاه ، ثم بصق ، ونظر بازدراء


فجأة تغيّرت ملامح جي ياو ، 

ضاقت عيناه ببرود وظل يحدق فيه بنظرة حادة وشرسة ، 

جعلت الوزير لي يُبعد بوجهه في النهاية


وفي اللحظة التي هوى فيها السيف ، 

رفع جي ياو يده ليغطي بها عيني يانغ هي ، 

وارتعشت رموش الأخير قليلًا ، 

و تلامست مع كف يد جي ياو


لم يُبعد جي ياو يده ، بل أمسك بذراع يانغ هو بإحكام ، 

وسحبه بقوة وهو شارد الذهن مبتعدًا به عن ساحة الدم 

شيئًا فشيئًا


فكّك أصابعه التي كانت تقبض بقوة على مظلته، 

واقترب ليهمس في أذنه ويقبّلها ، مازحًا :

“ جئتَ لترى ، ثم لم تجرؤ على النظر… أليس هذا من 

تعذيب النفس بلا فائدة ؟”


توقف الاثنان تحت ظل الزاوية عند مدخل الزقاق ، 

الشمس حارقة ، ولا أحد في الشارع ، 

سوى كلب ضال ممدّد على الأرض، يغفو كسولًا


أزاح يانغ هو يد جي ياو عنه ، 

وقد استعاد هدوءه ، إلا أن وجهه ما زال شاحبًا ، وقال:

“ لا شيء "


لكن جي ياو لم يصدّقه ، وتمتم بودّ:

“ لا شيء وتأتي إلى هنا في عزّ الظهيرة لتغرق في النحس ؟”


وبعد لحظة صمت ، قال يانغ هي :

“ رأيت حلم… رأيت أنني أُعدم ويُعرض رأسي أمام الناس .”


تجمّد جي ياو قليلًا ، ثم ضحك:

“ ما الذي تقوله أيها الوالي العظيم ؟ 

من لا يعلم أن سيّدنا اليوم في أوج سطوته ومجده ؟ 

من ذا الذي يجرؤ على قطع رأسك ؟”


لكنه لم يُكمل ، إذ رمقه يانغ هو بنظرة باردة ، 

فتوقّف ضاحكًا وسأله:

“ إذًا ؟ أتيت لترى كيف تُقطع الرؤوس ؟ 

كيف كان الشعور ؟”


عبس يانغ هي وقال بصوت خافت:

“ مؤلم… مؤلم جدًا "


ضحك جي ياو بصوت مرتفع ، 

ومدّ يده يربّت على عنقه الرقيق :

“ عنق والينا ما زال في مكانه ، لا تقلق… لا تخف ، آهههخ "


ارتجف يانغ هو بشدّة ، وصفعه على يده ، 

ناظرًا إليه بحدة


تنهد جي ياو وهو يفرك ظهر يده ، وشكا :

“ أنا من يجب أن يتألم ، والينا لا يرحم أبدًا ، 

انظر ، لقد احمرّت !! "


تجاهله يانغ هي ، لكن جي ياو اقترب منه مجددًا وسأله:

“ في حلمك… من الذي أمر بإعدامك ؟”


توقفت خطوات يانغ هي ، نظر إليه لحظة ، 

ثم قال بوجه خالي من التعبير:

“ لا أتذكر "


نقر جي ياو بلسانه ، ولحق به، 

ومدّ يده يعبث بالأحزمة المتدلية والتعويذات المعلّقة على 

خصر يانغ هي ، يداريه بدلال :

“ حسنًا ، ليس إلا كابوس ، لا داعي لأن تشغل بالك . 

من يجرؤ الآن على مسّ والينا العظيم ؟”


يانغ هي ببرود :

“ لا تقترب مني ، الجو حار .”


ضحك جي ياو ساخرًا :

“ دلوع "


كما قال جي ياو، كان يانغ هي في قمة مجده


البيوت العريقة تنهار ، وفي طرفة عين تتناثر القرود حين تسقط الشجرة ، 

كل شيء مفكك مبعثر ، 

والأصدقاء المقربون أصبحوا اليوم صامتين كالقبور ، 

منهم من سارع إلى مبايعة حزب الخصيان خوفًا من أن يُزجّ 

به في غياهب السجون


أما المحظية تشي ، فما إن سمعت بخبر انهيار عائلتها حتى 

اسودّ كل شيء في عينيها ، 

وانهارت باكية حتى أغمي عليها


ولما أفاقت ، ارتدت ملابس الحداد البيضاء ، 

وأمسك يد ابنها الأمير الصغير ، 

متحدّية أمر الحبس ، 

واقتحمت بوابة القصر ، 

وركعت خارج قاعة الإمبراطور ، 

تبكي وتنوح بحرقة ، 

حتى سال دم من جبينها جراء كثرة السجود


الأمير الصغير ، لم يفهم تمامًا ما يجري ، 

لكنه ركع إلى جانبها ، و يجهش بالبكاء ، 

و يصرخ بمرارة  “ أبي الإمبراطور… أبي الإمبراطور…”


أمام هذا المشهد — ابن من صلبه ، 

وامرأة شاركته سنين من المودّة — لان قلب جي هوان ، 

فأمر المربّية أن تأخذ الطفل ، ودخل ليرى المحظية تشي


كانت قد سادت الحريم بجمالها فيما مضى ، 

أمّا اليوم ، فوجهها الشاحب تغطيه دموع وعرق ممزوجان بالدم ، 

تظهر في هيئةٍ مزرية ، تثير الشفقة


شعر جي هوان بشيء من الحزن، فرفعها عن الأرض، 

وأخرج منديل ومسح وجهها بلطف، 

وجمّع خصلات شعرها المبعثرة خلف أذنيها


عيناها محمرّتان من البكاء ، 

وقلبها يعتصره الألم ، 

ومع ذلك سقطت مجدداً أرضًا تركع و تتوسّل من أجل إنقاذ أهلها


صمت جي هوان للحظات :

“ تطلبين مني أن أصفح عنهم ؟ 

حين حشدوا الجند وداهموا القصر الصيفي ، هل فكّروا 

لحظة أنني الإمبراطور ؟”


قالت وهي تبكي :

“ أبي وأخي لم يكونا في وعيهما… 

لم يكن ما فعلوه تمردًا مقصود ، 

جلالتك… أبي هو خالك ، من دمك ”


نظر إليها جي هوان ، دون أن يبدو عليه التردد ،


فأدركت أن قلبه قد تحجّر ، وزادها اليأس وجعًا ، 

فنهضت من الأرض ، وأشارت إليه بأصبعها ، 

توبّخه بأشدّ الكلمات ، وتعدّد أخطاءه كـ إمبراطور 


لم يتحمّل الإمبراطور هذا ، فغضب بشدّة


وفي النهاية ، ضحكت ضحكة مأساوية ، 

ثم اندفعت وضربت رأسها بمكتب العرش ——-


تجمّد جي هوان ، نظر إليها مذهولًا مصدوم ، 

ثم صرخ مستدعيًا الحرس ، 

لكنه فجأة شعر بضيق حادّ في صدره ، 

وامتلأ حلقه بطعم الدم ، فبصق دمًا على الأرض


و عمت الفوضى أرجاء القصر


———————————-


وقف يانغ هي عابس الوجه ، 

ينظر إلى الطبيب المرتجف الجاثي على الأرض ، 

وسأله ببرود مرعب :

“ ما الذي قلته ؟”


: “ الوالي يانغ…” الطبيب بصوت مرتجف، 

ووجهه شاحب كالأموات : “ جلالته… جلالته قد تَسمّم "


دفع يانغ هي الأوراق عن الطاولة بعنف ، وصرخ :

“ تسمّم ؟! 

كيف يتسمّم جلالته ؟! كيف ؟!”


ارتجف الطبيب كمن وقع في مصيدة الموت ، 

وجبهته ترتطم بالأرض:

“ هذا السم نادر ، 

تراكم ببطء على مرّ الزمن …”


يتبع


واااه وااه ي هذا الفصل 💔💔💔 كمية قشعريرة لا نهائي 


" حان الوقت ، نفّذوا الحكم ! " 


ولا جملة " من الذي أمر بإعدامك ؟ " 


صداع صداع 😭


تعليق الكاتبة : 

شكرًا لكم على دعمكم وتعليقاتكم ، 

ولللطيف الذي رشّح قصتي !


أما لماذا جي ياو واقع في غرام يانغ هي ، 

فسيُكشف عنه في الفصول القادمة ، 

لن أفسد عليكم .

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي