القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch51 IDNWTAM

 Ch51 IDNWTAM


جاء مرض الإمبراطور فجأة ، 

وسرعان ما أُرسل معظم أطباء البلاط للإقامة في قصره


وقد تولّى كبير الأطباء ، ويدعى سونغ ، فحص جلالته ، 

فشخّص حالته بأنها تسمم

كان هذا الرجل بارع في الطب ، واسع المعرفة ، 

لكنه ضعيف الشخصية ، فاحتجزه يانغ هي في القصر ، 

وهدّده بأسرته كي يُبقي فمه مغلقًا ولا يفشي سر تسمم الإمبراطور


أخفى يانغ هي حقيقة إصابة جي هوان بالتسمم ، 

واكتفى بأن أمر سونغ يوانتشنغ بإيجاد وسيلة لإزالة السم


لكن الطبيب الملكي ارتجف وقال إنه لا يعرف نوع السمّ، 

ولا يوجد علاج ناجح له


ومع مرور الوقت، أُعلن للناس أن الإمبراطور أُصيب بداء غريب


أطبق المرض عليه كجبل، فجعل جلالته شاحب الوجه، 

فاقد الحيوية، دائم التعب، 

وسريع الغضب إلى حد أنه كان يسعل دمًا ويُغمى عليه من شدة الانفعال


بدأ يضعف بسرعة مرعبة يُمكن رؤيتها بالعين المجردة


ولمنع وقوع ما لا يُحمد عقباه، 

أمر يانغ هي فرقة الحرس من اسطبلات القصر بمراقبة 

بوابات القصر مراقبةً صارمة، 

وانتقى بنفسه رجالًا أكفاء للتحقيق في كيفية إصابة جلالته بالتسمم


ولم يكن بحاجة لتفكير طويل ليوقن أن الأمر على الأرجح مرتبط بجي ياو


لكن جميع شؤون حياة الإمبراطور اليومية كانت بيد الخصيان، 

ولم يتمكن يانغ هي من تحديد موضع الخلل بالضبط


تذكّر حبوب الحلوى التي كان جي ياو يلعب بها في يده، 

وقد رآه يانغ هي بعينيه يتناولها، 

بل إن كثيرًا من الخصيان ذاقوها أيضًا، 

ولم يُصب أحد منهم بأذى


وبعد ذلك أرسل مَن يفحص تلك الحبوب، 

فثبت أنها مجرد حلوى عادية، لا تحتوي على أي مادة سامة


وخلال أيام قليلة فقط، كان الإمبراطور قد خسر الكثير من وزنه، 

وبدا الشحوب مرسومًا بين حاجبيه


———————-



زار يانغ هي جلالته  —-


الإمبراطور يتناول الدواء، 

وكان أحد الخصيان الشبان قد تذوّقه أولًا ، 

ثم بدأ يُطعمه إيّاه ملعقةً بعد أخرى


يانغ هي: “ دعني أتولى الأمر.”

ثم صرف الخصيان، وجثا إلى جانبه، 

وغرف من الحساء الأصفر بملعقة صغيرة، 

نفخ عليه قليلًا، ثم قرّبه من شفتي الإمبراطور


نظر جي هوان إلى الحساء الأصفر المرّ، وقطّب حاجبيه، 

وقال: “ما هذا الدواء الذي وصفه الطبيب هذه المرة؟ 

طعمه كالعلقم.”


ابتسم يانغ هي ابتسامة باهتة : “الدواء الجيد مرّ المذاق ، 

جلالتك ، اشرب أولًا، وسأحضر لك بعض الفاكهة المجففة بعده .”


جي هوان: “ أذكر أنك كنت تخاف الألم أشد خوف .”


ارتجف قلب يانغ هي، 

فرفع بصره إلى جي هوان، 

ثم غرف ملعقة أخرى وقال:

“ كيف عرف جلالتك ؟”


شرب جي هوان كمية من الحساء الأصفر، 

فغصّ فمه بالمرارة ، 

وقبل أن يبتلعها ، ناوله يانغ هي قطعة فاكهة مجففة


وضعها الإمبراطور في فمه للحظة، ثم قال:

“ قبل سنوات ، في موسم الانتقال بين الربيع والصيف، 

أصبتَ بنزلة برد وأصررت على مواصلة العمل . 

سمعتك تسعل ، فأمرت الطبيب الملكي الذي فحص نبضك 

أن يصف لك جرعتين من الدواء .

أتذكر وجهك حينها ، كان مليء بالمرارة .”


كانت حادثة تافهة وقد نسيها يانغ هي منذ زمن، 

لكن جي هوان رواها بنبرة تحمل ابتسامة، 

مما جعل يانغ هي يتوه ذهولًا للحظة


وحين فرغ من الدواء، ساعده يانغ هي على غسل فمه، 

فبدا وجه الإمبراطور وقد استعاد بعض لونه


سأله جي هوان فجأة:

“كيف حال المحظية الإمبراطورية؟”


أجابه يانغ هي:

“ ما تزال ضعيفة ، وقد أمرت الطبيب الملكي أن يعتني بها. 

لا تقلق، جلالتك .”


ضحك جي هوان وهو يتكئ على الوسادة الوثيرة، 

وقد بدا عليه التعب:

“ هي تشي كنت دائمًا أطمئن حين أوكلك بالأمور "


ثم تابع بعد لحظات :

“ أرجوك ، لا تُخبر وان اوان عن مرضي الغريب . 

لا أرغب أن تقلق ، فهي ما تزال صغيرة . 

انتظر حتى أتحسن ، ثم أبلغها .”


حدق يانغ هي إلى الإمبراطور ، 

وأومأ برأسه قائلًا بهدوء :

“ جلالتك سيتعافى قريبًا .”


ابتسم جي هوان :

“ طبعًا ، فلم أُكمِل بعد بناء ياوتاي.”


ابتسم يانغ هي أيضاً


انحنى ببطء وتراجع خارجًا ، 

حتى أُسدل الستار المزيّن بالخَرَز ، 

حاجبًا وجه الإمبراطور الشاحب ،


كان وجهه الوسيم اللطيف قد انعقد حاجباه قليلًا، 

و كأن نومه غير هانئ


تنفّس يانغ هي بعمق، ثم نهض واقفًا

ولما همّ بالخروج ، توقّف فجأة ، 

ونظر إلى قطعة الخشب نصف المنحوتة


كانت من خشب الصندل الأحمر النادر، 

داكن اللون ، عالي الجودة ، 

ومن أثمن الهدايا المجلوبة من أصقاع البلاد


اقترب يانغ هي، والتقط قطعة منها، 

واستنشق عبيرها، ثم تأملها لحظة، وأبقاها في يده



جي هوان طريح الفراش ، فتم إلغاء مجلس الصباح —-


ورغم أن بعض الوزراء أبدوا امتعاضهم ، 

فإن نفوذ جماعة الخصيان كان في ذروته ، 

ولم يكن دم عشيرتي شيويه وتشي قد جف بعد ، 

فلم يجرؤ أحد على التفوّه بكلمة ،


القصر تحت الأحكام العرفية* ، 

ولم يدخل جي ياو إليه لعدة أيام

( الأحكام العرفية : تشير إلى أن الوضع داخل القصر شديد التوتر ، 

وقد تم فرض إجراءات أمنية صارمة . 

يمكن أن يكون الجيش أو حراس القصر قد تولوا السيطرة الكاملة ، 

مما يمنع الدخول والخروج دون إذن، 

و يحدث  عند حالات الطوارئ مثل : مرض الإمبراطور

 أو تهديد سياسي )


في اليوم الذي عاد فيه إلى القصر ، 

صادف هطول المطر ——-


جاء المطر فجأة بعد الظهر ، 

فقبل لحظات كانت الشمس مشرقة ، 

وفجأة انقلبت السماء ، 

وغطّت الغيوم الداكنة المدينة كأنها تهدد بسحقها


لم يدَع جي ياو الخدم يمسكون له المظلة ، 

بل حملها بنفسه


مظلة مرسوم عليها خيزران أخضر كثيف ، يانع ، 

لكنها بدت عاجزة أمام وابل المطر الغزير ، 

ولم تعد صلبة كما كانت ، بل مائلة قليلًا ومتآكلة


ركض جي ياو وسط برك الماء ، 

وتتناثر قطرات المطر مع خطواته


ارتدى تاج من اليشم ، و رداءً أبيض من بروكار فخم واسع الأكمام ، 

منقوش بسُحب ، 

فأضفى عليه المطر مظهرًا أكثر حيوية وفتوة


وقبل أن يصل إلى يانغ هي، بدأ يتذمر كطفل:

“ تبللت حتى العظم… المطر هطل فجأة !

ما إن دخلت القصر حتى انهمر .”


يانغ هي واقف تحت السقف الحجري ، 

ينظر إليه بصمت ،


رفع جي ياو المظلة وابتسم :

“ انظر ، ثيابي كلها ابتلت "


فتقدم الخصي بذكاء ، 

وأخذ المظلة من يده ، وتراجع جانبًا


يانغ هي:

“ أمطار الصيف لا تدوم طويلاً ، 

لكن سموك عجول جدًا للدخول إلى القصر .”


كلامه كان بارد بلا مشاعر ، 

وكأنه يحمل بين طياته عتابًا مبطن


رمش جي ياو بعينيه :

“ لم أكن قلقًا فقط على أخي ، بل عليك أيضًا "


نظر إليه يانغ هي بهدوء ، 

ثم التفت إلى الخصي وقال :

“ اذهب وساعد سمو الأمير على تغيير ملابسه المبتلة "


جي ياو:

“ لا داعي ، سأجف في لحظة .

سأذهب أولاً لأحيّي أخي .”


تبادل الاثنان النظرات للحظات ، 

ثم تنحّى يانغ هي عن الطريق ببطء وقال :

“ سأبعث من يبلغه أولًا يا صاحب السمو "


ابتسم جي ياو :

“ إذن سأكلفك بهذا العناء "


المطر منهمر ، يُحدِث طقطقة متواصلة ،

السماء داكنة ، والغيوم تتدحرج ، 

والرعد يزمجر بين الحين والآخر ، 

مخيمًا بجو ثقيل كالحزن


لم يقل يانغ هي شيئ آخر


لكن لم تمضِي فترة طويلة ، حتى استدعاه الإمبراطور لمقابلته


وقف يانغ هي بعيدًا ، 

يراقب جي ياو وهو يضحك ويتحدث بمودة مع الإمبراطور ، 

وكأنه شقيق أصغر قلق على أخيه الأكبر ، مهذب، لطيف ، 

ومُراعي حقاً


لم يشعر يانغ هي سوى بقشعريرة تنتشر من قلبه إلى أطرافه ، 

برد سكن يديه وقدميه ، 

حتى أنه شعر في لحظة من الشرود بشيء من الخوف


{ كيف يمكن أن يوجد شخص كهذا ؟ 


يخدع الآخرين ، ويتغذى على لطفهم وحنانهم ، 

لكنه يقتل دون أن يرف له جفن ، 

مملوء بالكذب حتى يصعب التمييز بين الحقيقة والزيف 


كلامه معسول ، لكن قلبه مسموم ، قاسي لا يرحم }


لم يعتبر يانغ هي نفسه شخص طيب ، 

فدماء كثيرة لطخت يديه ، 

لكن قسوة جي ياو كانت تُشعره بالقشعريرة


حتى ذلك ' الحب ' الذي كثيرًا يردده جي ياو ، 

لم يعد سوى أفعى سامة ، 

تبصق لسانها القرمزي ، تكشف أنيابها ، 

وتبدو مرعبة تُثير الفزع


: “ غوووونغ غوووونغ ”


ظهر وجه فجأة أمامه ، بابتسامة ، 

واقترب :

“ فيما كنت شاردًا ؟ لمَ هذا الشرود ؟”


تراجع يانغ هي خطوة للخلف دون وعي


رفع جي ياو حاجبيه ونظر إليه ، 

فاستفاق يانغ هي واستوعب بجفاف:

“ كيف حال جلالته  ؟”


همس جي ياو:

“ تعب ، فنام ….”

لا تزال نظرته ثابتة على وجه يانغ هي :

“ هل هناك ما يشغل بالك غونغونغ ؟”


تنهد يانغ هي بهدوء ، واستعاد هدوء ملامحه :

“ لنتحدث في الخارج "


رفع جي ياو طرف فمه بابتسامة ، 

ثم مد يده ليُبعد خصلة شعر من عند صدغ يانغ هي، 

أرجعها خلف أذنه وأخفاها تحت قبعته :

“ حسنًا "


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي