القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch53 IDNWTAM

Ch53 IDNWTAM


فكّر يانغ هي { بالفعل، لم يكن رجلاً صالحًا }


لكن في أحلامه ، كان دائمًا يسمع ما قاله له جي هوان:

" حتى أنت كذبت عليّ "


وجه جي هوان من الحياة السابقة بدأ يندمج تدريجيًا مع 

وجهه في هذه الحياة، 

ليتحوّل إلى وجه نحيل شاحب، 

يحدّق إليه بعينين يملؤهما الحزن والعتاب


نظر إليه طويلاً ، وفجأة شعر يانغ هي بالسكينة


{ في الواقع ، ما قاله جي ياو كان صحيح 


لقد كُنت حقير وأناني ، 

وتلك الرحمة الصغيرة التي شعرت بها لم تكن ذات قيمة }


————————



تدهورت صحة جي هوان يومًا بعد يوم


لقد لعب بالخشب الأحمر لفترة طويلة ، 

وكان السم قد تغلغل بالفعل في رئتيه


ظل السم خاملاً فترة طويلة ، 

ثم تفجّر في النهاية


لم يكن لدى الأطباء في القصر سوى القدرة على تأخير تفاقم المرض ، 

لكنهم لم يجدوا ترياق له


كان مصير جي هوان الموت، عاجلاً أم آجلاً


في البداية ، كان لا يزال قادرًا على إجبار نفسه على حضور 

جلسات البلاط ، 

لكن لاحقًا بدأ يتقيّأ دمًا وانهار مغشيًا عليه على العرش 

الذهبي في القصر الكبير ، 

مثيرًا بذلك ضجّة في البلاط وبين عامة الشعب


كان في الثلاثين من عمره فقط ، لا يزال شاب ، 

ولم يكن قد عيّن وليًا للعهد


والآن وقد سقط مريضًا ، بدأ النقاش في البلاط يتصاعد حول ضرورة تعيين ولي عهد


لم يكن لجي هوان أبناء كثيرون ، بل لديه أميران فقط


الأكبر في السادسة من عمره ، وأمه جارية عملت في قصر 

ولي العهد سابقًا ، 

أما الأمير الأصغر ، فهو ابن المحظية تشي ، 

ولم يتجاوز الثالثة


لم يكن خلف الأمير الأكبر 'سند' ( حزب يدعمونه )  ، 

بينما للأصغر علاقة بعائلة تشي 


تصاعد الجدل في البلاط حول من يستحق ولاية العهد


لسببٍ ما، لم يتخذ جي هوان قراره بعد


الطقس في يان الجنوبية قد بدأ يبرد تدريجيًا


وفي أحد الأيام ، بدا جي هوان في حالة جيدة ، 

فاستدعى المحظية وان وان لترافقه


طرد يانغ هي وترك الفتاة وحدها ،  

وظل الاثنان يتحادثان داخل القاعة


أما يانغ هي، فوقف خارج الباب، 

مغمضًا عينيه قليلًا، 

يتأمل السماء الزرقاء في صمت، 

وكأنها تبشّر بقدوم الخريف


عائلة شيه لم تعد قادرة على الانتظار ——-


في اليومين الماضية ، بدأت أصوات تظهر في البلاط تطالب 

بجعل جي ياو وليًا للعهد ، 

بحجة أن الأميرين صغيران جدًا ولا يصلحان لحمل أعباء الحكم


ظل جي هوان صامت ، لكن يانغ هي أحس بشيء من القمع والبرود في سلوكه


لقد كان هو وجي هوان إمبراطور ووزير في حياتين ، 

وكان يعرف جي هوان جيدًا


في حياته السابقة ، مات جي هوان بسبب المرض


قبل وفاته بعدة سنوات ، كان يانغ هي قد أحكم سيطرته 

على جميع شؤون الدولة ، 

فأغلق أذني جي هوان وأعمى عينيه ، 

حتى لم يعد يرى سوى عهد مزدهر وسلام زائف


ومع تواطؤ يانغ هي المتعمد وتحريضه ، 

أصبح جي هوان أقل اهتمامًا بأمور الحكم يومًا بعد يوم


ولم تتحطم تلك الأوهام إلا حين اقتربت ساعة وفاته


{ هل من الممكن أن يكون جي هوان قد لاحظ شيئ بهذه السرعة ؟ }


وفجأة ، دوى صوت سقوط شيء في القاعة


عبس يانغ هي ونادى:

“ جلالتك ؟”


سُمع سعال حادّ من داخل القاعة ، 

ثم صوت جي هوان قائلاً:

“ يانغ هي ادخل .”


وحين دفع يانغ هي الباب ودخل ، 

رأى وان وان ملقاة على الأرض ترتجف ، 

وجهها شاحب وعيناها دامعتان ، 

و لا تكف عن السجود والضرب برأسها على الأرض


و الأرضية مغطاة ببقايا مبعثرة من أبراج وجسور ' شرفة ون 

ياو ' منتثرة و بشكل فوضوي


توقف يانغ هي فورًا وانحنى باحترام


كان وجه جي هوان محمرًّا من السعال، 

ولوّح بغضب بأكمامه، 

مشيرًا إلى وان وان قائلاً:

“ لقد اغترّت بعنايتي لها ، فتكبّرت على الخدم وتجرأت على 

تحطيم أشيائي العزيزة ….”

ثم أغلق عينيه، وهدّأ صوته وهو يقول ليانغ هي:

“ خذها وأرسلها إلى قسم الغسيل عقابًا لها .”


ظهرت علامات الدهشة على وجه يانغ هي، 

لكنه أجاب بعد لحظة:

“ أمرك  جلالة الإمبراطور "


بدأت وان وان تبكي وتنادي “جلالتك”، 

محاولةً التشبث بساقي جي هوان، 

لكنه نظر إليها ببرود وتنحى جانبًا، قائلًا:

“ خذوها، لا أريد رؤيتها مجددًا .”


وبعد مدة ، أخذها الخصي وغادر


قدّم يانغ هي فنجان شاي ساخن للإمبراطور ، 

لكن جي هوان لا يزال غاضب ، 

فأنزل الكوب على الطاولة بقوة


يانغ هي:

“ جلالتك ، تمهّل ، لا تُؤذِي نفسك .”


تنهد جي هوان بهدوء، 

ونظر إلى المجسمات المتناثرة على الأرض وقال:

“ عبثًا أحببتها…”


انحنى يانغ هي وجلس القرفصاء ، 

يلتقط قطع الأبراج الخشبية المبعثرة ، ثم سأل:

“ ما هذا جلالة الإمبراطور؟”


جي هوان:

“ لا داعي لالتقاطها ”


توقف يانغ هي، ثم رفع رأسه وركع على الأرض، 

ناظرًا إلى الإمبراطور بعينين ناعمتين، وقال برقة:

“ جلالتك، هدّئ من روعك ، 

فهذه الأشياء يمكن جمعها مجددًا ، 

ولا يزال بالإمكان شراؤها من جديد .”


كان صوته هادئ ، وكل كلمة منه كانت واضحة ، 

تُشعر من يسمعها بالسكينة


خفض جي هوان عينيه ونظر إلى يانغ هي


ولسببٍ ما، شعر يانغ هي أن عيني جي هوان كانتا تشبهان 

عيني جي ياو في هذه اللحظة ———


جي هوان:

“ حتى لو جمعناها من جديد ، فلن تعود كما كانت "


ابتسم يانغ هي :

“ لقد بذل جلالتك جهدًا كبيرًا في مجسم ‘شرفة ون ياو’. 

سيكون من المؤسف حقًا التخلي عنه بهذه البساطة .”


وضع جي هوان يده على الطاولة ، 

ورفع بصره نحو المجسمات المهدمة ، 

وهمس بصوت خافت:

“ أجل، لقد تعبت كثيرًا… لكن، في هذا العالم ، 

حتى حين أكون صادقًا في مشاعري ، 

تكون النتيجة دائمًا مؤسفة ومؤلمة "


ارتجف قلب يانغ هي، ولم يستطع تحمّل نظرات جي هوان


لكن ملامحه بقيت ثابتة، 

فابتسم بهدوء وبدأ يلتقط الأبراج من على الأرض، 

قائلاً:

“ النبيلة الشابة صغيرة ، وقد أساءت إلى جلالتك . 

رجائي أن يعاقبها جلالتك بلطف ، مع توبيخها بصرامة .”


سحب جي هوان نظره ، 

لكنه لم يستطع كبح السعال ، فسعل مراتٍ أخرى


فوضع يانغ هي الأشياء جانبًا وقال بنبرة دافئة :

“ الطبيب الملكي أوصى بأن لا تنفعل جلالتك كثيرًا ، 

ولا تُرهق نفسك . 

أرجو أن تحافظ على سلامتك .”


جي هوان:

“ الطبيب الملكي… فحص كثيرًا ، 

لكنه لا يزال يصف مرضي بأنه مرض غريب ، لا فائدة منه . 

يا هي تشي، هل تعتقد فعلًا أن مرضي هذا غريب؟”


نهض من مكانه ، وتبعه يانغ هي بهدوء ، وهمس:

“ الآن، بالإضافة إلى الأطباء الملكيين ، 

استدعينا أشهر الأطباء من كل أنحاء المملكة ، 

وأثق أنه لن يمر وقت طويل حتى نجد طبيب ماهر يعالج داء جلالتك .”


ضحك جي هوان بسخرية وقال:

“ أخشى أن الجميع ينتظر موتي فحسب ، 

واحد تلو الآخر يلحّون عليّ كي أُعيِّن وليًا للعهد .”


لم يكن يانغ هي قد ردّ بعد ، 

حين جلس جي هوان على عرش التنين ، 

ونظر إليه وسأله بصوت خافت :

“ هي تشي ما رأيك؟ 

من يجب أن أُعيِّن وليًا للعهد ؟”


خفق قلب يانغ هي، وأجاب بصوت منخفض:

“ يا جلالة الإمبراطور ، هذه مسألة عظيمة تخص استقرار الأمة ، 

ولا يجرؤ هذا التابع على إبداء رأيه فيه دون أمر "


حدق جي هوان مباشرة ، 

ثم ابتسم فجأة وقال:

“ مجرد سؤال عابر ، لا داعي لتوترك "


ثم سأله مجددًا :

“ ما رأيك في آ ياو؟ 

رغم أنه نشأ منذ صغره في القصر البارد ، 

لكنه فتى ذكي ومؤدب . 

إن أصبح هو ولي العهد .."


رفع يانغ هي رأسه ، ونظر إلى عيني جي هوان ، 

وقال بهدوء:

“ مسألة ولي العهد تمسّ أساس الحكم ، 

وأعتقد أن جلالتك قد اتخذت قرارك بالفعل في أعماق قلبك . 

هذا التابع لا يجرؤ على إبداء رأي ، 

ولا على تخمين إرادتك السامية .”


لوّح جي هوان بيده :

“ حسنًا ، يمكنك الانصراف .”


يانغ هي بصوت خافت:

“ مفهوم جلالتك ، تابعك يستأذن .”


وتراجع خطوات إلى الوراء ، لكنه لم يخرج من القاعة


وخلف الستارة المطرّزة بالخرز، 

رأى جي هوان، عبر الخرز المتأرجح، 

يانغ هي جاثيًا على ركبتيه، 

يجمع قطعة قطعة من تلك الأبراج الخشبية التي حطّمها بنفسه


تشتت ذهن جي هوان لوهلة ، 

وخطر في باله ما جرى في ذلك اليوم حين جاء جي ياو لزيارته


وقبل مغادرته ، وبينما جي هوان بين النوم واليقظة، 

تذكر أن المطر لا يزال يهطل في الخارج، 

فاستفاق وأراد أن يأمر يانغ هي بأن يبقي جي ياو في القصر 

لبعض الوقت حتى يتوقف المطر


لكنه لم يتوقع أن يرى جي ياو واقف أمام يانغ هي، 

يمدّ يده ليمسح شعره المبتل عند الصدغين، 

بحركةٍ تنم عن ألفة وغموض


وأثناء الحديث معه أيضًا كانت هناك ودّية مألوفة لا تفسير لها


في تلك اللحظة ، شعر جي هوان وكأن صاعقة أصابته


التقط أذنه بعض الكلمات ، 

وراوده حدس مفاجئ وقوي : { ثمة أمر ما يخفونه عنه }


و خطر في ذهنه تقرير الاتهام الذي قدّمه المعلم تشنغ ضد 

يانغ هي في السابق ، 

والدفاع المستميت الذي قدّمه جي ياو عنه


والآن ، كل ذلك بات مغطى بسحابة ثقيلة من الشك


لم يجرؤ على التفكير أكثر


فالمريض بطبيعته يفرط في التفكير والريبة، 

وما زُرع من شكٍ في الماضي، 

نما بسرعة فجائية في قلبه


{ سواءً كان الوزير أو الأمير ، 

فإن التواطؤ مع الخدم من المحظورات العظمى


والآن ، في هذا الجو المشحون داخل البلاط ، 

ومع احتدام الصراع على منصب ولي العهد ، 

بدا وكأن جي ياو هو الوريث الطبيعي ، والأوفر حظًا ! }


بمجرد أن خطرت له هذه الفكرة ، 

بصق جي هوان دمًا من شدة الغيظ ، 

وامتلأ رأسه بألم الخيانة والخذلان من قبل هذين الشخصين


وبلا سببٍ واضح ، خطر في باله والدته الراحلة


كانت امرأة قوية طوال حياتها، 

لكن في لحظة احتضارها، 

نظرت إليه باكية، بصوتٍ مبحوح قالت له:

“ يا ابني الإمبراطور ، بطبعك هذا… كيف لي أن أغمض عيني بسلام؟ 

كيف لي أن أرحل مطمئنة ؟”


رنّ صدى ثقيل في أذني جي هوان ، 

وارتفعت مرارة الدم في حلقه


حاول كبحها وبلعها بصعوبة ، ثم قال بصوت خافت:

“ يانغ هي اخرج "


وبعد صمت طويل، أجابه يانغ هي :

“ مفهوم جلالتك .”


خرج يانغ هي من قاعة النوم، 

وكان على أطراف أصابعه أثر من عبق خشب الصندل الأحمر، 

امتزج برائحة المكان المكبوتة الباردة التي حملت شيئ من رائحة الدم ….


تنهد تنهيدة عميقة ، 

ثم أخرج منديل أبيض بسيط ومسح به أصابعه ، 

ثم أشار إلى أحد خدمه المقرّبين وأوصاه:

“ راقب المحظية النبيلة جيدًا "


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي