Extra12 | IDNWTAM
Ch68
لم يكن يانغ هي ينوي إقامة احتفال كبير بمناسبة بلوغه الثلاثين ،
لكن جي ياو قال: “ سنقيمه ،
كيف يمكن أن يمرّ عيد ميلاد والينا العظيم يانغ مرور الكرام ؟”
في الواقع جي ياو نفسه لم يكن يحب المبالغة في الاحتفال بيوم ميلاده ،
فكان يكتفي كل عام بطلب وعاء من ' شعيرية طول العمر ' من يانغ هي
وكان إمبراطور البلاد يكتفي بهذه الهدية البسيطة،
ويأكلها بالكامل وهو راضٍ تمام الرضا
حتى إن الشعيرية العمر صارت الشيء الوحيد الذي يُجيده يانغ هي في الطبخ
وقد أوكل جي ياو هذه المهمة إلى هان تشانغ ——
هان تشانغ من رجال يانغ هي،
ماهر في قراءة خواطر الناس،
وقد فهم بعمق ما يدور في نفس الإمبراطور،
وكان جريئ في تصرّفه ،
فحوّل تلك الوليمة إلى حفل يفوق حدود العرف ،
غارقة في البذخ ،
حتى أن الرسائل والتقارير التي رفعوها المساءلة كثيرة
لكن جي ياو كان مسرور بها، بل وامتدح هان تشانغ أيضًا
يصادف عيد ميلاد يانغ هي أيام الحر الشديد،
في نهاية شهر يوليو ، حيث الجوّ خانق ،
لكن الليل حمل معه شيئ من البرودة المنعشة
وبعد مرور جولات الخمر الثلاث ،
وانتهاء الجميع من تقديم التهاني ،
سحب جي ياو يانغ هي وغادرا ، ولم يبقَى سواهما
صعدا إلى مكان مرتفع ليتأمّلا المشهد من فوق ؛
أنوار الفوانيس تملأ أرجاء مدينة يان
تتفجّر الألعاب النارية في السماء بألوانها الزاهية،
في مشهد مهيب وصاخب
أسند جي ياو يده على الدرابزين،
وابتسم بتكاسل قائلاً:
“ يانغ هي طبعه بارد ، فكيف وُلد في عز الصيف ؟”
فردّ يانغ هي بلا مبالاة :
“ جلالتك تظن أنّه كان ينبغي أن أُولد في أي وقت إذًا ؟”
أمال جي ياو رأسه مفكرًا ، ثم قال:
“ الخريف أو الشتاء "
يانغ هي:
“ في الحياة القادمة إذًا "
ضحك جي ياو ضحكة خافتة
في كليهما أثر من السكر ، والجو من حولهما ساكن ،
يبعث على الاسترخاء
تعرفا على بعضهما منذ الصغر ،
والآن ها هو يانغ هي في الثلاثين من عمره ،
وقد قضيا سويًّا سنين طويلة
الان حالياً في السنة العاشرة من عهد يوان جينغ
قبل عامين ، لا زال في البلاط من يطالب جي ياو بتعيين إمبراطورة ،
أما الآن ، فقد غيّروا وجهتهم وصاروا يلحّون عليه ليعيّن وليًّا للعهد
لكن جي ياو لم يكن يُعير تلك الكلمات أي اهتمام،
بل حين ضاق ذرعًا بها، كان يجيبهم مبتسمًا ،
“ أيها الوزير ، أتحرص على أن أُعجّل موتي ؟”
فيُفزع الوزير فيسكت، ولا يجرؤ على مواصلة الحديث
كان يانغ هي ينظر إلى جي ياو، ولا يكاد يصدق
لو قيل إن جي ياو حين كان شابًّا فُتن بوجهه الجميل،
وتعلّق بذكريات دفء قديم،
فذلك يمكن فهمه… لكن بعد كل هذه السنوات،
وقد استقرّت أركان حُكمه،
لم يكتفِي جي ياو بعدم سلبه سلطته ،
بل تولّى بنفسه موازنة القوى بين حزب الإمبراطور وحزب الخصيان،
حتى أصبح يانغ هي حقًا ثاني رجل في البلاد،
لا يعلوه سوى الإمبراطور نفسه
جميع من في الدولة ، من أعلاها إلى أدناها،
يعلم أن يانغ هي هو “النقطة المحرّمة” للإمبراطور،
لا يُمكن المساس بها
ولم يكن أحدٌ يخلو من الهمس والضحك أن إمبراطورًا
مهيبًا، يهيم حبًّا بخصي،
ويُدلّله لعشر سنين متواصلة، أليس هذا ضربًا من العبث؟
لكن جي ياو لم يكن يبالي،
بل ترك المؤرّخين يدونون ما يشاؤون،
بل وكان يأخذ الروايات التي تُكتب سرًّا في الأسواق عنهما ويقرؤها،
رغم أنها لا تذكر الأسماء صراحةً ،
إلا أنّ من يطّلع عليها يعلم مَن المقصود
وكان جي ياو يقرأها بصوتٍ عالي ليانغ هي،
يشير لما أعجبه، وينتقد ما لم يُحسن كاتبه تصويره
أما يانغ هي، فكان يردّ بوجه خالي من التعابير:
“ أصبح أولئك المتعلمون بلا ضوابط ،
يُطلقون الكلام في شؤون الملوك ونواياهم تستوجب العقوبة "
ابتسم جي ياو وأغلق القصة ثم نقر به راحة يده قائلاً:
“ مجرد شيء نقتل به الوقت ، لا بأس فيه "
قال ذلك، ثم اقترب ليقبل قبلة على أذن يانغ هي،
متمسّكًا به، وهمس بخفة:
“ الوالي العظيم يحرص إلى هذا الحدّ على سُمعتي ؟
إنني متأثّر حقًا "
أما يانغ هي، فأنكر ذلك بطبيعة الحال ~~
لكن في النهاية ، انتهى به الأمر مستسلمًا على السرير ،
حيث أخذه جي ياو ليقرأا معًا تلك المقاطع الفاضحة من القصص،
ولم يكتفِي بذلك، بل أجبر يانغ هي على ترديد الكلمات
الفاسقة والمخزية التي وردت فيها، دون أدنى خجل
احمرّ وجه يانغ هي خجلًا،
وتصبّب عرقًا،
وامتلأت عيناه بالدموع،
بينما الأسفل منه قد ابتل أيضًا
——————
لاحقًا، أمر يانغ هي حرس الظل بشن حملة صارمة على
القصص المحرّمة التي انتشرت في أرجاء مدينة يان
وأمر بإعدام عدد من الكتّاب علنًا ليكونوا عبرة لغيرهم،
فهدأت أحوال العاصمة قليلًا ——
وحين علم جي ياو بذلك،
اكتفى بابتسامة وقال بهدوء:
“ خيراً فعلت يا الوالي العظيم يانغ "
ثم أمر حرس الظل بوضع مرسوم رسمي يُحرم فيه على
عامة الناس الحديث عن شؤون الإمبراطور الخاصة،
أو اتخاذها وسيلة للترفيه والتسلية
بعدها، سأل جي ياو يانغ هي:
“ هل هناك شيء تتمناه بمناسبة ميلادك ؟”
ففكّر يانغ هي للحظة ،
ثم أدرك أن كل ما كان يرغبه صار اليوم بين يديه ،
وأن الحال كما هو الآن هو الأفضل ،
ولا يُرجى ما هو أحسن
{ وكل ذلك… بفضل جي ياو —— }
يانغ هي رجل عاش حياتين ،
وفي حياته السابقة نال أرفع المناصب ،
وكانت له الكلمة العليا في الدولة ،
لكنّه في أعماقه ظلّ يشعر بفراغ ،
حتى إن تلك السلطة التي تمسّك بها بيده كانت باردة ،
خاوية من الدفء
أما في هذه الحياة… فالوضع مختلف تمامًا
{ هل يحبّ يانغ هي جي ياو ؟
نعم ، أنا أحبه … لقد مرّت أكثر من عشر سنوات،
وحبّي له يفوق ما كان يتصوّر }
فكّر طويلًا، ثم هزّ رأسه قائلًا:
“ لا شيء …"
ثم تابع:
“ كل ما كنت أريده… أمتلكه الآن "
ضحك جي ياو، ورفع يده يلمس خد يانغ هي، وقال:
“ ما أسهل أن يُرضى الوالي "
كلمة كهذه ، لو سمعها أحد لذُهل،
ولانخلع فكه من شدة الدهشة
جي ياو:
“ لا أدري بعد الآن ما الهدية التي يمكنني أن أقدّمها لك "
هزّ يانغ هي رأسه، وأبعد يد جي ياو قائلًا:
“ جلالتك ، فلنعد إلى القصر "
نظر إليه جي ياو، ثم شبك أصابعه في مف يده، وقال مبتسمًا:
“ حسنًا "
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق