Extra18 | IDNWTAM
Ch74 – تونغ مينتشو
كاد تشاو شياودو أن يُجنّ من تونغ مينتشو ——-
ذلك اللص الشاب ، يعتمد على خفة حركته المتقنة إلى حدٍّ مذهل،
فلا يستطيع حراس الضريح الإمبراطوري رصده،
يدخل ويخرج كأن المكان بيته،
ويزورهم كل بضعة أيام بلا خجل
في فناء تشاو شياودو، نبتتان من شجر الزعرور،
كانتا قديمتين، تتلوى فروعهما بانحناءات غير منتظمة،
لكن ثمرهما كبير،
متدلّي على الأغصان، منها الأخضر، ومنها الأحمر،
يلمع تحت الضوء،
فيبعث في النفس بهجة يصعب إنكارها
تشاو شياودو حين يراها، يشعر بسعادة لا تفسير لها
وضع رقعة شطرنج تحت الشجرة،
جلس متربعًا وحده،
وبجانبه طبق من الفاكهة المجففة المُحلّاة بالعسل — عادة
اعتادها،
حتى إن من يتولّى شراء حاجيات الضريح صار يعرف ذوقه تمامًا
حراسة الضريح عبارة عن عزلة ساكنة
لم يكن لتشاو شياودو منصب رفيع،
لكنه في نهاية المطاف ابنٌ بالتبنّي ليانغ هي،
ورغم رحيل من في القمّة،
لم يكن ليُنفى أو يُعامل بجفاء
حين وصل في البداية، كان الحراس قلقين منه،
لكنه لم يكن يُعيرهم اهتمام
أمضى أيامه بصمت أمام القبر،
قليل الكلام، كأنه نصف مجنون
حتى إن البعض حين غلبهم الطمع،
بدأوا يسرقون من طعامه وثيابه ولوازمه،
فلم يُظهر اعتراض ، مما شجّعهم على التمادي
إلى أن جاء يوم، واستُبدلت أعواد البخور التي اعتادها بأخرى
رخيصة سيئة،
فحمل سيفه وذهب بنفسه إلى باب من فعلها
يومها ، كانت هيبته مخيفة ،
جليد قاتم في هيئة بشر ،
جعلت كل من شهد الموقف يذوب من الرعب
ومنذ ذلك الحين، لم يجرؤ أحد على مسّه بسوء
وهكذا ، مضت سنتان بسلام ،
صار فيها لتشاو شياودو بعض المكانة ،
وصار يتبادل الهدايا البسيطة مع الحراس والخصيان،
كالفواكه الموسمية وألعاب صغيرة من سفح الجبل
لم يكن يطلب الكثير، وكان راضي
في الأعياد، يجتمعون أحيانًا على جرّتين من الخمر الساخن
ليست حياة مثالية ، وليست حياة تعيسة ،
لكنها حياة ارتضاها بقلبه
كان يظن أن من الممكن أن يمضي عمره هكذا… ببساطة وسلام
لكن فجأة ، ظهر تونغ مينتشو اللص الملعون ——
لا أحد يعلم من أين سمع السارق هذا ،
سمع خرافة تقول أن جي ياو حين بُني قبره ،
دفن معه عدد هائل من الكنوز النفيسة ،
فقرر هذا الأحمق الطامع أن يضع عينه على الضريح الإمبراطوري
أول مرة التقى فيها الاثنان ، كانت في ليلة هادئة ،
بين آخر الشتاء وأول الربيع
تشاو شياودو لم يهمل تدريبه قط
كان قلبه ساكنًا وتركيزه حادّ
وموهبته الطبيعية جعلت سيفه يرقى إلى مستوى خرافي
في هذه السنوات، نادر من أمكنه منافسته
ما إن سمع الصوت، حتى فتح عينيه في اللحظة التالية،
و مدّ يده إلى سيفه بجوار الفراش،
وانطلق كالسهم نحو مصدر الضجيج
بريق نصلٍ اخترق ضوء القمر — ضربة قاتلة،
هجومية وعنيفة، تستهدف نقطة مميتة مباشرة،
لكن…
من أمامه تفادى الضربة بانسيابية خبيثة،
وكأنه أفعى تلتفّ في العتمة
استعان تشاو شياودو بضوء القمر ليرى وجه خصمه،
رأى رجل يرتدي قناع مضحك لطفل احتفالات رأس السنة
— من النوع المنتشر في الأسواق —
لكن ما يلفت في مظهره تلك العينان الصافيتان اللامعتان،
تخترقان القلب بنظرتها
همهم تشاو شياودو بصوت دهشة خافت " واااه "
من الواضح أنه لم يكن يتوقع وجود خصم بهذا المستوى في الضريح الإمبراطوري
وقف على حافة السطح،
حافي القدمين، ممسكًا بسيفه، وصاح بغضب:
“ أي لص جبان هذا الذي يتجرأ على اقتحام الضريح الإمبراطوري؟!”
ابتسم الشاب ابتسامة خفيفة وقال:
“ ضريح طاغية ووزيره المنافق ؟
كيف لا أجرؤ على اقتحامه ؟
بل سأدخل… وأقلبه فوق رؤوسهم أيضاً !”
ضاقت عينا تشاو شياودو وهو يضحك بسخرية:
“ وقح مغرور !”
وفي تلك الليلة، تبادلا أكثر من مئة ضربة دون أن يتمكن
أحدهما من كسر تعادل الآخر
في الواقع ، لو كان القتال يعتمد فقط على المهارة القتالية،
لما استطاع ذلك اللص الصمود أمام تشاو شياودو،
لكنّه كان يتقن خفة الحركة على نحو فريد،
فكان يتلوّى بخفة حول ضربات السيف القاسية،
وكأنه يرقص في مواجهة الموت
سيف تشاو شياودو كان عنيف صريح ،
يضرب بجبروت لكسر كل شيء،
ومع طول القتال، بدأ خصمه يظهر علامات التعب،
لكن الأخير كان يعرف متى ينسحب،
فهرب ببراعة، بل وترك خلفه تهديدًا:
“لقد عزمت على استكشاف هذا الضريح،
إن كنت قادرًا على حمايته، فافعل !”
أغاظه الأمر حد الجنون ——-
لكن ما أغاظه أكثر أن هذا اللص لم يتوقف ،
بل عاود التسلل مرات عدة،
حتى أن نيّته لم تعد منصبّة على الضريح ،
بل… على تشاو شياودو نفسه ———-
تحوّل اهتمامه عن المقابر إلى… ساكنها ~~~
“ خطأ، خطأ !
إن وضعت الحجر الأسود هنا ، ستخسر كل خياراتك !”
رنّ صوت واضح ونقي فجأة في الأرجاء
لم يرفع تشاو شياودو حاجبًا حتى،
فقط التقط قطعة الشطرنج بين أصابعه،
وفي حركة عكسية سريعة التقط ما رُمي عليه — حبتان من
الزعرور الأحمر
اتجهت عينيه بضيق نحو الشخص الذي رمى عليه الزعرور ،
ثم أنزل الحجر الأسود في مكانه بقوة وقال:
“ أنزل القطعة حيث أشاء ، وليس لك أن تعترض !”
و بنبرة باردة : " هاه ؟ تسرق زعروري مجددًا !”
هبط تونغ مينتشو بخفة وجلس مقابله،
مبتسمًا ابتسامة لا تغادر وجهه، وقال:
“ زعرورك نضج ، لو لم أقطفه ، لفسد !”
تشاو شياودو:
“ حتى لو فسد، فهو زعروري!
وما شأنك أنت؟!”
كان تونغ مينتشو يضع قناعه المضحك كعادته،
وقال مبتسمًا:
“ مصادفة… أنا فقط لا أطيق رؤية الأشياء تُهدر .”
مدّ يده نحو رقعة الشطرنج،
لكن تشاو شياودو ضرب يده بعيدًا:
“ أيها الغبي، لا تلمس شطرتي !”
ضحك تونغ مينتشو :
“ من الذي خسر أمامي آخر مرة ؟”
رد تشاو شياودو على الفور:
“ لا تظن أنك تستطيع خداعي ، أنا من فاز ،
لكنك خبأت بعض القطع !”
أسند تونغ مينتشو ذقنه على كفّه، وقال بتكاسل:
“ آه؟ ومن قال ذلك؟ هل رأيتني ؟”
ابتسم تشاو شياودو ابتسامة باردة:
“ سأقطع تلك اليد عاجلًا أو آجلًا .”
ردّ الآخر بلا مبالاة :
“ أرجوك لا تفعل يا سعادة تشاو ،
فهذه اليد مصدر رزقي في عالم الجريمة !”
عبس تشاو شياودو بحاجبَيه وحدّق في عيني تونغ مينتشو وقال:
“رجل من عالم الجريمة مثلك، ماذا تفعل هنا دائمًا؟
دعني أوضح لك، لا تحلم حتى بأن تمسّ هذا الضريح .”
تونغ مينتشو:
“ أنت تعرف أن سمعة رجل مثلنا هي رأس ماله .
إن لم أسرق شيئ من هذا الضريح ، فسمعتي ستُدمر !
ومن سيأخذني على محمل الجد بعد الآن ؟!”
أجابه تشاو شياودو ببرود:
“ طالما أنا على قيد الحياة ،
فلن تلمس ذرة غبار من هذا المكان .”
تنهد تونغ مينتشو :
“ إذن… لا خيار أمامي إلا أن أواصل التشبث بك يا سعادة تشاو "
حدق إليه تشاو شياودو بلا تعبير،
ثم حوّل وجهه بعيدًا، مفكرًا
{ مزعج… مزعج جدًا ! }
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق