Extra19 | IDNWTAM
Ch75 : رأس السنة الجديدة
أصرّ تونغ مينتشو بعناده المعتاد على إبقاء تشاو شياودو في
قصر عائلة تونغ لقضاء رأس السنة —-
أما والدا تونغ ، فقد تخلّيا منذ زمن عن وضع أي سقف
لطموحاتهما بخصوص ابنهما ،
طالما ظلّ حيًا يُرزق ، فهو بخير
أما عن كونه جلب معه رجلاً إلى المنزل؟
فقد غضّا الطرف ، واحد يفتح عينًا ويغمض الأخرى
زد على ذلك أن تشاو شياودو، ومن أول وهلة،
قد حلّ لهم مصيبة كبيرة كانت تؤرّق العائلة،
فصار يُعامل بينهم كفارس نبيل، بل كمنقذ
لكن لم يكن أحد يتوقّع أن تونغ مينتشو،
قبل عشاء ليلة رأس السنة،
جثا فجأة على ركبتيه أمام والديه ،
وقال بجدية:
“ هذا الرجل…
هو من أريد أن أقضي معه بقيّة حياتي "
أغضبت كلماته والده إلى حدّ أن الأخير أشار إليه وهو يصرخ :
“ يا لك من ابن عاق !”
ثم تنهد طويلاً، وقال بحسرة:
“ ألم يكن بوسعي أن أقضي هذا العيد بسلام أيها الابن العاق !”
أما تونغ مينتشو فابتسم وهو يعرض صفّ أسنانه البيضاء وقال:
“ لا تغضبا يا والديّ العزيزَين،
أليس هذا هو العيد الهادئ بعينه ؟ ~~ ”
كادا أن يضرباه بالمزهرية ~~~~
لكن تونغ مينتشو، كعادته، لا يترك الفرصة تفوته
نظر إلى تعابير وجهيهما،
وسرعان ما انحنى على الأرض ببضعة سجدات سريعة:
“ شكرًا لكما على السماح والموافقة ~!”
ثم أضاف:
“ أوه صحيح ، هذا الشخص جبان نوعًا ما،
فلا تُظهرا أنكما تعرفان أي شيء ،
تصرّفا بشكل طبيعي، لا تُخيفاه ،
لقد أجهدت نفسي حتى أُقنعه بالمجيء ،
لا تُعيداه لجحره مجددًا .”
صرخ والده فيه:
“ انقلع ، انقلع ، يضيق صدري بمجرد رؤيتك !”
ردّ تونغ مينتشو بكل خفة:
“ حاضر ~!”
في تلك الليلة ، جرّ تونغ مينتشو تشاو شياودو ليشاركه الشراب،
وتشاو شياودو لم يكن يُجيد الرفض،
فانتهى به الحال وقد غلب عليه نصف سكران
عندما عادا مترنّحَين،
كان تونغ مينتشو يلفّ ذراعه حول كتف تشاو شياودو،
وطوله يسمح له أن يُقارب شفتيه من أذنه،
فهمس بأنفاس دافئة:
“ غدًا تبدأ السنة الجديدة شياودو
ما رأيك أن أقضي معك كل سنة قادمة ؟”
تجشأ تشاو شياودو وهو ينظر إليه بدهشة،
ومدّ يده ليدفع وجهه بعيدًا وقال:
“ لا تُثرثر بكلام سكارى "
ضحك تونغ مينتشو بخفوت :
“ هذا ليس كلام سكارى ،
لو كنت ثملًا حقًا ، لكنت الآن أفتعل فوضى .”
ضحك تشاو شياودو بصوت خافت،
ثم قبض على خذه :
“ كلام فارغ "
أمسك تونغ مينتشو بيده ، وقبّله قبلة خفيفة وقال بهدوء:
“ أنا جاد "
اختفت الابتسامة عن وجه تشاو شياودو،
رمش بعينيه ونظر إليه،
وإذا بالشاب يحدّق به دون أن يرمش،
نظرته ثاقبة مباشرة،
حتى احمرّ وجه تشاو شياودو أكثر،
وتمتم في ضيق:
“لماذا أنت مزعج هكذا…”
تنهد تونغ مينتشو وكأنه يشكو حقًا، وقال:
“ في هذه الليلة المباركة… أبي وأمي يرونني مزعج ،
والآن أنت أيضًا تعتبرني كذلك… آه—”
تنهد تنهيدة طويلة جدًا،
فمدّ تشاو شياودو يده ليمررها في شعره،
وبقي ساكنًا للحظة،
ثم قال بصوت مكتوم:
“ أنا خصي "
ابتسم تونغ مينتشو ابتسامة خافتة لطيفة :
“ أعرف "
تشاو شياودو:
“ وأنا أكبر منك سنًا "
اقترب منه تونغ مينتشو وهمس في أذنه:
“ لا تقلق ،
سأحبك كما أنت… بل حتى الموت "
وضع تشاو شياودو يديه على أذنيه ،
و غطى الاحمرار وجهه حتى الأذنين:
“لا خجل لديك!”
ردّ الآخر مبتسمًا:
“ ولم أحتاج الخجل؟
لست بحاجة للخجل ،
أنا بحاجة إليك أنت !”
ثم مدّ صوته نداءً :
“ شياودووووووو
شياودووووووو
شياودو الأخ ، شياودوووو البطل ،
هل تجيبني أم لا ؟”
أحرجه النداء لدرجة أنه تمتم مرتبكًا :
“ أجيب ، أجيب… فقط لا تناديني هكذا…”
لكن قبل أن يُكمل ، كان تونغ مينتشو قد أمسكه…
وقبّله قبلة حقيقية، عميقة، لم تترك له مجالًا للكلام
غارق لدرجة الهذيان ، سمع تونغ مينتشو يقول بمزاح ممزوج بالصدق:
“ شياودو وأخيرًا… سرقتك .
من اليوم ، سأغسل يدي من كل شيء ،
ولا أطمع بعدك في شيء "
————————————————-⸻
في ليلة رأس السنة
الليلة من رأس السنة ،
أُقيمت حفلة “إمساك الأشياء” بمناسبة بلوغ صغير آل جي
في شنغهاي عامه الأول ——
طفل يافع ، لا يزال في سنته الأولى ،
تحمله والدته في حضنها ،
كأنه منحوت من اليشم ، وسيم الوجه ،
لا يبكي ولا يصرخ ،
بل يبتسم لكل من يراه ، محبوب من الجميع
وُضعت على المائدة الكبيرة أمامه أصناف شتى من
الأغراض : عَدّاد ذهبي ،
سبائك ذهبية صغيرة ،
فرش كتابة بأنواعها ،
بل حتى علبة بودرة تجميل ،
وفي نهاية الطاولة… مسدس براوننغ
الطفل صغير ، لكنه فائق الجمال ،
وعندما بدأت مراسم الحفل ، زحف نحو الطاولة ،
ومن حوله رجال ونساء ، صغار وكبار ،
يرتدون الحرير والديباج ،
يحيط بهم الثراء من كل جانب ،
وكل الأنظار مشدودة إليه
لكن على غير المتوقع ، بدأ الطفل يركل العداد الذهبي
برجليه الصغيرتين،
ثم داس على الكتب وهو لا يزال غير قادر على الجلوس بثبات،
فسقط بجسده على الطاولة
شهق الكبار المحيطون به، إلا أن الطفل لم يبكِي ،
بل زحف خطوتين إضافية ،
و يداه الصغيرتان الممتلئتان تُمسكان بمسدس براوننغ في طرف الطاولة
ساد الصمت، تلاه صوت شهقة خافتة،
ثم انفجر الجميع ضاحكين
“ يبدو أن آل جي، بعد أجيال من التجارة
سيُنجبون أخيرًا واحد مختلف !”
ضحك كبير العائلة لوّح بيده :
“ مجرد شقي صغير ، لا أكثر .”
———————-
وفي الليلة نفسها ، بعيدًا في شمال مدينة بكين،
وخارج أسوارها، قتل يانغ هي أول إنسان في حياته
بين يديه مسدس مسروق ———
الضحية ضابط صغير من قوات تشينغ،
رأسه قد انفجر وتناثر دمه،
و قد فارق الحياة تمامًا، والدماء لطّخت وجه يانغ هي
يده لا تزال ترتعش،
لم يعرف كيف أطلق النار،
كان صراع على السلاح،
وإذا به ينفجر فجأة… وذاك الرجل سقط ميتًا
الليل قد حلّ، والبرد شديد، وبدأ الثلج يتساقط برفق
ارتجف يانغ هي ، فاستعاد وعيه فورًا
سقط السلاح من يده إلى الأرض،
ثم استدار يبحث عن والدته
كان هو وأمه يهربان من بكين،
وفي الطريق اصطدما ببعض الجنود التائهين
أمه، رغم ثيابها البالية ودبابيس شعرها البسيطة،
لا تزال جميلة بوجه لا يمكن للخراب أن يُخفيه
ركع بجانبها،
وشدّ معطفها الممزق بإحكام،
وهو يهمس مختنق الصوت:
“ أمي… أمي…”
فتحت المرأة عينيها بصعوبة،
ورأت وجه ابنها الملطّخ بالدماء،
ففزعت، ومدّت يدها المرتعشة تتحسس وجهه
عينا يانغ هي تلمعان بالدموع،
لكنه تماسك وقال بصوت خافت:
“ أمي، انتهى الأمر… هيا نرحل .”
أسند جسد والدته الهزيل على كتفيه الضعيف،
وسارا بضع خطوات، ثم قال:
“ أمي، انتظري قليلاً .”
عاد مسرعًا وسط الظلام،
التقط المسدس عن الأرض،
ودسّه في صدره،
ثم نظر إلى الجثة،
ووجد في ملابسه ورقتي نقود ملطختين بالدم،
طواهما في يده ووضعهما في جيبه،
ثم لحق بوالدته وكأن شيئًا لم يكن
أمسك يد والدته الباردة وقال برقة:
“ لنذهب .”
المرأة لا تزال مذعورة،
لم تكن تدري ما فعله ابنها،
تشبّثت بيده الصغيرة وسارت متعثّرة على الطريق الوعر
في تلك السنة ، كان يانغ هي في الثامنة من عمره
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق