القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Extra2 | IDNWTAM

 Extra2 | IDNWTAM


Ch58 : القرابة 


مرضَ الماركيز العجوز من عائلة شيه —-


لقد سقط في نفس اليوم الذي توفي فيه جي هوان ، 

حين نُصّب جي ياو إمبراطورًا جديدًا، 

وكان من المفترض أن تستغل عائلة شيه الفرصة لتبلغ ذروة المجد


لكن أبناء شيه الثلاثة ، اثنان لقيا حتفهما في تلك الفوضى ، 

والثالث أُصيب بجراح خطيرة ، وقطعت ذراعه ، 

وكاد أن يصبح عديم الفائدة


وحين تلقّى الماركيز العجوز الخبر ، انفجر غضبًا ، 

وبصق دمًا وسقط مغشيًا عليه عند بوابة القصر


هو كبير في العمر ، وفي غضون أيام قليلة ، 

شاب شعره تمامًا ، وأُرغم على ملازمة الفراش


فخرج جي ياو اليوم من القصر لزيارته ———


الماركيز العجوز شاحب الوجه ، وقال ببرود :

“ ما الذي أتى بك؟!”


مدّ جي ياو ساقه وسحب مقعد ليجلس بجوار السرير، 

وابتسم قائلًا :

“ ما هذا الكلام يا جدي ؟ 

أنت مريض ، فمن الطبيعي أن أزورك .”


: “ أتذكرتَ أخيرًا أنني جدّك ؟!”

و ضرب الماركيز العجوز السرير بقبضة مرتجفة ، 

وبدأ يحدّق فيه بعينين جاحظة :

“ قل لي، 

أليست مصيبة أخوالك الثلاثة من تدبيرك ؟!”


فتح جي ياو عينيه باتساع وكأنه مصدوم :

“ كيف لي أن أدبّر مكيدة لأخوالي ؟”


ثم بدا عليه بعض الحزن والظلم ، وتابع :

“ جدي ، وحتى هذا اليوم ، لقد كنتُ أسيرُ على الطريق الذي 

رسمتموه لي أنتم .”


الماركيز العجوز يحدّق به بعينين يملؤهما الدم ، 

قال بصوت مرتجف :

“ لو لم تكن أنت وراء تلك الخطط المتهورة ، 

لما مات اثنان من إخوتي وأُصيب الثالث بهذه الطريقة !”


حدّق جي ياو فيه، وسرعان ما بردت ملامحه، 

ثم رتب أكمام ردائه المزخرف بالتنانين ، 

وقال بلا مبالاة:

“ جدي ، هذا الحديث لا معنى له. 

من أراد تحقيق المجد كانوا أخوالي ، وأنت كنت حاضر ، 

سمعتهم بأذنك "

ابتسم ابتسامة باهتة ، وتابع :

“ من أراد المجد ، فلا بد أن يرى الدم .”


الماركيز العجوز نظر إليه بحدة ، 

والدم يغلي في عروقه ، 

لكنه أجبر نفسه على ابتلاع الدم ثانيةً ، وقال:

“ أيها العاقّ! 

إنهم أخوالك من لحمك ودمك !”


فقال جي ياو وكأنه تذكّر فجأة :

“ أخوالي … صحيح ، إنهم أخوالي 

وأنت جدي من جهة أمي "


ثم ابتسم فجأة ، وظهرت أنيابه الحادة :

“ فما الذي تغيّر ؟”


اتّسعت عينا الماركيز العجوز ، 

ليسمع بعدها صوت جي ياو بنبرة باردة :


“ أليست والدتي ابنتكم ؟ 

أليست شقيقتهم ؟ 

ومع ذلك، ألقيتم بها في القصر البارد وتخليتم عنها دون أن 

تسألوا عنها يومًا .”


تجمّدت ملامح الماركيز العجوز ، وارتبك للحظة ، 

ثم تغيّر وجهه بالكامل:

“ كنتَ تحقد علينا طوال هذا الوقت…”


فردّ جي ياو بلا اكتراث :

“ وما الذي يدعو للحقد ؟ 

والدتي لم تكن سوى مُلكٍ مكسور ، لا نفع لها ، 

أن تضحوا بها لحماية أنفسكم أمرٌ طبيعي "


ثم غيّر نبرة صوته فجأة ، وابتسم بخفة :

“ لقد تعلّمتُ هذا منكم يا جدي ،،،

برأيك ، 

هل أجدتُ التعلّم ؟”


قالها بصوت طفولي ، 

كأنه عاد ذلك الطفل الذي اعتاد أن يسأله ' جدي، هل أديتُ واجبي جيدًا ؟ ' 


ذلك الطفل الذي كان دومًا خجولًا، مطيعًا، 

لكن ذكيّ كالسيف ، لا ينسى ما قرأه من مرة واحدة


وقتها ، فكّر الماركيز العجوز بأسف 

{ يا لَخسارته ، شخصية جي ياو ضعيفة ، 

لكن سيكون من السهل التحكّم به، 

وهذا أنفع لعائلة شيه ،

لم يكن كأمه المتغطرسة التي جلبت العار للعائلة }


لكن لم يدرِي أن جي ياو أشدّ منها ، 

بل أكثر دهاءً وفتكًا ، 

وأنه ربّى بنفسه أفعًى سامّة تبتسم قبل أن تلتهمه


شحب وجه الماركيز العجوز ، 

وأشار إلى جي ياو بأصابع مرتجفة ، 

عاجزًا حتى عن النطق


أما جي ياو ، فأمال رأسه ، وابتسم له:

“ لا تغضب ، يا جدي… 

فالغضب حتى البصق دمًا ليس جيداً للصحة .”


: “ أيها العاقّ… أيها العاقّ !”

همهم الماركيز العجوز، 

وتذكّر أبناءه الثلاثة، فغمره الندم حتى كاد يبكي :

“ ربيناك في كنف عائلة شيه كل هذه السنين ، 

وأنت لم تحفظ ذرة من الوفاء !”


: “ وفاء؟”

ضحك جي ياو قليلًا ، ثم تابع :

“ لو لم تمت والدتي حينها ، لكنتُ اليوم مجرد ورقة تلعبون 

بها في صراع السلطة . 

هل كنتم لتهتموا إن متُّ أو حييت ؟


كل هذه السنوات ، علّمتموني ، 

شككتم بي ، 

وطالبتموني بأن أكون ممتنًا لكم ، 

لكنكم لم تروني سوى قطعة شطرنج .


فكيف تطلبون مني أن أتحدث عن الوفاء ؟”

ضحك بسخرية :

“ جدي ، أحقًا تظنني أحمقًا ؟”


اشتعل غضب الماركيز العجوز، 

وارتجف جسده كله من شدة الغيظ، 

رفع يده ليضرب جي ياو، 

لكن هذا الأخير أمسك بمعصمه وطرحه جانبًا، 

ثم نظر إلى وجهه الغاضب العاجز، 

وابتسم قليلًا، وهمس بهدوء:

“ لقد أصبحت عجوز يا جدي ….

أنصحك أن تموت قريبًا ….” تنهد : “ بما أنك لطالما اعتبرت 

بقاء عائلة شيه أمرًا بالغ الأهمية ، 

فلو رأيتَها تنهار أمام عينيك ، 

أخشى أن تموت بقلب غير مطمئن .”


ارتجف الماركيز العجوز قليلًا ، 

ثم أغلق عينيه وبدأ يلهث لالتقاط أنفاسه ، 

ثم قال بصوت مبحوح:

“ أنت لم تكن تنوي قتل يانغ هي أبدًا… 

ما قلته عن استخدامه لتعتلي العرش لم يكن سوى ذريعة !”


وضع جي ياو يده بتكاسل على ساقه ، 

واتخذ وضعية لامبالية :

“ في ذلك اليوم ، حين جعلتوني أواجه الحائط في معبد 

أجداد عائلة شيه ، 

وأُعاقَب راكعًا للتأمل في أخطائي ،


لم يكن أمامي خيار إلا أن أقسم أنني سأقتل يانغ هي بعد أن أنجح ، 

وإلا كيف كنتم لتثقوا بي ؟”


كان حينها قد اقترب كثيرًا من يانغ هي ، 

مما أثار استياء عائلة شيه، 

فبالنسبة لهم، التعاون مع يانغ هي كان ضرورة مؤقتة ، 

لكنهم لم يكونوا يحتملون أن يرى جي ياو نفسه مساوي له 

أو يتصرف بلا كرامة ،


ركع جي ياو وقال أنه يُجاري يانغ هي فقط ، 

فالأخير كثير الشك ، وإن لم يفعل ذلك فلن يثق به ، 

ثم تصنّع أنه مظلوم ، وعيونه حمراء ، 

ورفع يده مقسمًا أنه لا ينتمي إلى حزب الخصيان… 

وهكذا كسب ثقة عائلة شيه بعض الشيء


لكن ما إن نطق القسم ، حتى نسِيَه هو نفسه ~~ ، 

فلم يكن يعيره أي اهتمام ~~~


فهو لا يؤمن بالسماء … بل لا يؤمن إلا بنفسه


قال الماركيز العجوز بحنق:

“ يانغ هي طماع ومخادع ، 

وأنت اليوم دمّرتَ دفاعاتك بنفسك ، 

ووقفت إلى جانب الخصيان ، واتبعت أهل الخداع ، 

فحتى لو أصبحت إمبراطور ، فلن تكون سوى طاغية !”


ضحك جي ياو :

“ ما زلتَ تقلق بشأن هذا ؟”

ابتسم :

“ أنا أصلاً لم أرغب يومًا أن أكون إمبراطور صالح .


أما يانغ هي، فاطمئن ، 

ما دمتُ قد أبقيته بجانبي ، فأنا قادر على التحكّم به . 

على كل حال ، يانغ هي هو أعزّ من في قلبي ، 

كيف يمكن أن أتحمّل قتله ؟”


نظر إلى الماركيز العجوز ، 

فجأة شعر أن الأمر لم يعد ممتع ، فقال :

“ أنا—”

توقف قليلًا ، ثم ابتسم :

“ سأعود إلى القصر الآن ، فلتعتني بنفسك يا ماركيز .”


كان وجه الماركيز العجوز رماديّ كالميت ، 

لكنه فجأة أمسك بكمّه بتوتر ، وقال بسرعة :

“ آ ياو… دع عائلة شيه وشأنها ، 

لن ننافس بعد الآن ، 

لن ننافس…”


نظر جي ياو إلى أصابعه ، عجوزة ، كأغصان ذابلة ، 

لكنها تمسّكت بردائه بشدة ، 

وكأنها تتشبث بآخر أمل في النجاة


لكنه لم يُجب


انهمرت دموع الماركيز العجوز ، وقال متوسلًا :

“ لا يمكن لعائلة شيه أن تنقرض في عهدي… 

آ ياو 

فقط لأجل والدتك ، أرجوك ، 

دع عائلة شيه على قيد الحياة… أرجوك ؟”


سحب جي ياو كمه ببطء ، 

ثم اقترب منه ، وهمس في أذنه :

“ جدي هل تعرف كيف ماتت أمي ؟


كانت قد علّقت حبلاً أبيض ، 

أرادت أن تشنق نفسها . 

لكنني استيقظت… وحين رأتني أبكي ، لم ترغب أن تموت فجأة ….”


خفض صوته ، مع ابتسامة صغيرة ، 

ونبرة طفولية مفعمة بالقسوة :

“ لكن هذا لا يجوز أليس كذلك ؟ 

لذا… ساعدتُها قليلاً "


تجمّدت ملامح الماركيز العجوز ، 

وحدّق فيه بذهول وصدمة ، 

بينما جي ياو ابتسم ، ثم استدار وغادر


ولم تمر لحظات ، 

حتى صدر من داخل الغرفة صوت تقيؤ دم


—————


في الخارج ، الطقس جميل ، 

الخريف قد حلّ فعليًا ، والرياح باردة ، 

تبعثرت بها رائحة الدم والدواء المنبعثة من الغرفة


جي ياو لم يتوقف عن المشي ، 

وبينما يواصل طريقه ، 

مرّ شريط عمره في ذهنه كسراب ، 


سنوات الطفولة في القصر البارد مع أم فقدت عقلها ، 


خدم يسيئون إليه ، 


أقارب يعاملونه كأداة لا كطفل ، 


أيامٌ عاشها وهو يمشي على خيط رفيع كأنه سيموت في أي لحظة ، 


غمرته كلها في موجة باردة زاحفة ، 


وصلت قلبه ووشكت أن تلتهمه


عند باب القصر ، 


يانغ هي واقف ينتظر منذ وقت ، يضيق صبره ، 

وملامحه متجهمة قليلًا


توقف جي ياو لحظة ، ورفع يانغ هي عينيه وكأنه شعر بوجوده


تلاقت أعينهما ، وفي تلك اللحظة ، 

جفّت كل مشاعر الغضب والظلام والمرارة في أعماقه ، 


كأنها تراجعت لتترك له مساحة ، 

وفي تلك المساحة ، كُتب بوضوح : يانغ هي ——-


ابتسم جي ياو فجأة ، وسرّع خطواته ، متجهًا نحوه …..


يتبع 

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي