القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Extra3 | IDNWTAM

Extra3  | IDNWTAM


Ch59 : الحياة اليومية 


كان جي ياو دائم الابتسام ، 

يظهر وكأنه بلا مزاج ولا غضب ، 

إلا أنه لم يكن عديم الفعل أو التأثير ، 

لا سيما حين أعلن عن إقامة امتحانات الخدمة المدنية فور 

اعتلائه العرش ،  

لاختيار أصحاب الكفاءة وإدخال دماء جديدة في البلاط 

الذي كان يوشك على الاختناق


ومع مرور الوقت ، بدأ أولئك الوزراء الذين كانوا يصفون 

أنفسهم بـ “حزب التطهير” يشعرون وكأنهم يرون بريق أمل، 

فتنامى لديهم بعض التوقع تجاه جي ياو


استقاموا بعد انحناء طويل ، 

وبدأوا يحملون ألواحهم اليشمية، 

يهاجمون يانغ هي على بلاط المحكمة بصوت عالي وواضح


لكن أعوان يانغ هي لم يكونوا بسيطين ، 

فبدأوا يخرجون واحد تلو الآخر ، 

عابسي الحواجب ، يردون عليهم بعنف ، 

ويتبادلون الشتائم والاتهامات ، 

حتى تحولت جلسات البلاط الصباحية الجامدة إلى ساحة 

معركة من الألسنة المسنونة


أما جي ياو ، فكان يصغي بابتسامة لا تفارقه ، 

لا يقول صواباً ولا خطأً ، 

فلا يستطيع أحد أن يعرف موقفه الحقيقي


وبسبب هذا الموقف الضبابي من الإمبراطور الجديد ، 

بدا وكأن حزب التطهير قد أخذ دفعة قوية ، 

فأصبح البلاط نابضًا بالحياة من جديد


ومع تصاعد النزاعات بين الأحزاب ، 

بدأ البعض يرفع قضايا على يانغ هي، 

ومنهم أناس دهاة أذكياء جداً ، 

يضمرون رغبة في قياس موقف جي ياو عبر رد فعل يانغ هي


كان يانغ هي، الخصي الشاب صاحب النفوذ، 

يحافظ على ثبات ملامحه، 

ينقر بأصابعه على الوثائق بنبرة هادئة:

“ لا تهتموا… دعوهم يفعلوا ما يشاؤون، وأنتم—”

توقف لحظة، ثم تابع:

“ اعرفوا ما عليكم فعله ، 

واتخذوا قراراتكم بعقل راجح .”


فأجاب الوزراء بالإيجاب دون أن يجرؤوا على التحدث أكثر


وحين همّوا بالمغادرة ، نادى يانغ هي فجأة:

“ الوزير لين "


كان وكيل وزارة الطقوس قد تجاوز الخمسين ، 

فلما سمع اسمه يرتج على لسان يانغ هي، 

ارتجف كله، وانحنى باحترام قائلاً :

“ الوالي هل لديك أمر ؟”


ألقى يانغ هي الوثيقة جانبًا ، 

واتكأ على ظهر الكرسي ، وابتسم بخفة :

“ سمعت أن للوزير لين علاقة وطيدة مع الباحث الحائز على 

المرتبة الثالثة هذا العام .”


شحب وجه الوزير لين في الحال ، وركع أرضًا ، مرتجفًا :

“ الوالي …”


نظر إليه يانغ هي صامت ، 

حتى تبلل وجه الوزير بالعرق البارد وشحب كليًا، ثم قال:

“ انهض .”


قال الوزير بصوت مرتعش:

“ لقد… لقد كنت غافلًا لحظة من الزمن…”


قاطعه يانغ هي:

“ يا وزير لين، امتحان الربيع لهذا العام هو أول عمل رسمي 

بعد اعتلاء جلالته للعرش ، 

ونحن كوزراء، من واجبنا أن نخفف عن كاهله ونخلص له "


الوزير بحزن شديد :

“ الوالي يانغ ، أعترف بخطئي ، أعترف بخطئي…”


الباحث الثالث يُدعى شين ، وينتمي إلى عائلة شين ، 

من كبار التجار الأثرياء في جنوب يان —-

ورغم أن جنوب يان لا يمنع دخول أبناء التجار في الوظائف الرسمية ، 

إلا أن عائلة شين سلكت طريق غير مشروع ، 

إذ دفعوا رشوة للوزير لين مقابل تسريب أسئلة الامتحان —-


كانت المسألة شديدة السرية ، والوزير لين، رغم جشعه ، 

كان حذرًا


لكنه لم يعلم من أين تسرّب الأمر ، 

وكيف وصل إلى يانغ هي، 

فارتجف من الخوف حين تذكر نفوذ حراس الظل وسطوة الحزب الخصي 


يانغ هي:

“ طالما أنك تعترف ، فلا حاجة لشرحي ، أليس كذلك ؟”


ردّ الوزير وهو ملتصق بالأرض :

“… سأقدم استقالتي غدًا "


لوّح له يانغ هي بيده أن ينصرف ، دون أن يقول المزيد


فهو لم يكترث بهذه التلاعبات الصغيرة ، 

لكن من انضم إلى جناحه لا ينبغي له أن يتحرك من خلفه ويخدعه


خاصةً وأن هذه المهمة كانت من تسليم جي ياو له، 

وأمور جي ياو لا ينبغي لأحد سواه أن يتدخل بها


{ جي ياو … }


— جي ياو بات أكثر فأكثر مهيبًا كإمبراطور ——-


لقد اعتلى العرش في مطلع الخريف ، وها قد مر عام ، 

انقضى الشتاء وجاء الربيع ، 

وفي غضون هذا الوقت القصير ، 

جلس ذلك الفتى على العرش العالي ، 

يطل من فوق على الوزراء ، 

حتى إن يانغ هي شعر بالشرود وهو يراقبه


جي ياو كان يتعلّق به 


أمام يانغ هي ، ظل جي ياو ذلك الأمير الشاب المعتاد على 

التودد والتملق ، 

بلا وقار ولا هيبة ملك ، يتصرف كطفل ، 

حتى أن يانغ هي لم يعد قادرًا على التمييز بين ما يقوله 

صدقًا وما يقوله كذبًا


فقد كان يجلس على سرير التنين ، حافي القدمين ، 

وشعره منسدل ، 

و يبعثر تقارير البلاط التي كتبها الوزراء بجهد شاق ، 

وإذا لم يرُق له قراءتها ، 

استلقى واضعًا رأسه في حجر يانغ هي، 

يدلل ويتدلل ، و يطالبه أن يقرأها له بنفسه


كانت العلاقة بينهما حميمية إلى حد أن يانغ هي كاد ينسى 

أن هذا الإمبراطور هو من أمر في حياته السابقة بقطع رأسه، 

وكاد ينسى أنه هو من سمّم جي هوان بدم بارد، 

وخطط للإطاحة بعائلة شيه حتى مزّقها تمامًا، 

وجمع كل شبكات النفوذ التي نسجوها لسنوات بين يديه


أما كلمات الحب التي يقولها جي ياو ، 

فكانت كحبّات الحلوى ، مذاقها حلو ، 

لكن من يدري ؟ لعلها محشوة بالسم ، 

أو أن الحبة التالية ستقضي عليه


بينهما لعبة اختبارات متبادلة لا تنتهي 


فجي ياو ، في نهاية المطاف ، إمبراطور 


ولا يوجد إمبراطور يرضى حقًا بأن يكون دمية في يد أحد—

ويانغ هي يعرف ذلك تمامًا ——-


كان بينهما توازنٌ دقيق ، ضعيف كخيط مشدود …..

لكن يانغ هي كان يشعر في قرارة نفسه ، 

أن هذا التوازن سيُكسر في يومٍ ما ————-


في هذا القصر ، فعلا معًا كل ما يمكن أن يفعله أكثر العشاق


على سرير التنين ذاك، لا يدري يانغ هي كم مرة قضى ليلته


منذ المرة الأولى ، حين كان يتقلّب حتى الفجر رغم الإرهاق الشديد،

إلى الآن، حيث صار يقضي الليل حبيسًا في حضن جي ياو حتى طلوع النهار —-


كلما تذكّر ذلك ، يشعر بشيء من اللاعقلانية ، 

وكأن كل ما يعيشه أمر لا يُصدق


جي ياو لم يكن يبخل يومًا في قول “ أحبك ”


قالها في لحظات الهمس والاقتراب ، 

حتى صارت مألوفة، فاقدةً لرهبة المصير


يانغ هي تذوق طعم تلك الكلمة ،

تأملها ، قلبها في ذهنه ،


لكن كلمات مثل “بصدق”، و”من القلب”،

كانت تغرقه في حيرة نادرة،


يشعر أنها سكّين مغموسة في شراب سكري، غريب ، مشوش ،

ومع ذلك، هذه الغرابة كانت تمسّ شيئ في قلبه لا يستطيع أن يصفه


في أوائل الصيف ، 

بدأت أصوات البلاط ترتفع مطالبةً بأن يُختار لجي ياو نساء لملء القصر


لقد مضى عام على اعتلائه العرش ،

ومع ذلك ، لا يزال حريمه خاليًا


وحين عرض الوزراء الأمر ،

رمش جي ياو ببطء ، 

ونظر إلى يانغ هي الواقف جانبًا


كان وجه يانغ هي جامد كالصخر ،

حتى حاجباه لم يتحركا ، كأنه لم يسمع شيئ


جي ياو :

“ دعونا نؤجل هذه المسألة إلى وقتٍ لاحق "


وبعد أن انتهت الجلسة ، طرد الوزراء ،

وجلس وحده على عرش التنين يتنهّد


رفع يانغ هي عينيه إليه


قال جي ياو وهو يهمس:

“ يا حضرة الوالي العظيم ، سمعتهم ، أليس كذلك ؟ 

يريدونني أن أتخذ محظية .”


يانغ هي ببرود:

“ هذا أمر حسن . 

جلالتك في العمر المناسب لتوسيع الحريم .”


تنهد جي ياو مجددًا :

“ تعال يا حضرة والينا العظيم .”


نظر إليه يانغ هي، ثم تقدم بضع خطوات


فمدّ جي ياو يده، 

ووضعها على صدر يانغ هي،

وقال بنبرة حالمة:

“ الوالي ، اسأل قلبك، ألا يؤلمك ؟ 

أليس فيك ضيق ؟”


لم يجب يانغ هي بعد، 


فقال جي ياو محذرًا :

“ فكّر جيدًا قبل أن ترد ! "


فكر يانغ هي للحظة ، ثم هزّ رأسه نافياً :

“ لا يؤلمني "


“…”


جي ياو:

“ هل فكّرت جيدًا ؟ 

إن اتخذت زوجة ، فلن أشاركك فراشك ليلًا بعد الآن "


يانغ هي:

“… الأصل أن يبيت الإمبراطور مع نسائه "


جي ياو:

“ وماذا إن أحببت إحدى الفتيات ؟”


نظر إليه يانغ هي بنظرة ثابتة ، لا اضطراب فيها ،

وكأن الجواب واضح لا يحتاج إلى نطق


فقال جي ياو يتأمله:

“ أليس في قلبك حتى القليل من الضيق ؟”

تمتم :

“ لا بأس ، لا تُجب .”


جلس على عرش التنين، وتنهد تنهيدة طويلة :

“ قلب حضرة الوالي هذا ، لا بد أنه حجر ، 

لا فرق بينه وبين الصخر ….

يوماً ما… سأشقّه بيدي وأرى ما بداخله !”


لكن… لم يكن ليستطيع شق قلبه فعلًا


رغم أن جي ياو ، أحيانًا ، كانت تراوده أفكار مظلمة ،

أن يفتح تلك الطبقة الرقيقة ، البيضاء كطبقة الثلج ،

ويفصلها بحافة السكين ،

ليرى شكل قلب يانغ هي، ويعرف كيف يبدو


بل إنه كان يؤمن بأن قلب يانغ هي، 

لا بد أن يكون أجمل من قلوب الآخرين


يراه كـ زهرة نبتت في وحل قذر ،

نادرة ، ثمينة ،

محفوظة في رعاية فائقة ،

صغيرة ، مغلقة بإحكام ،

لا تطلّ على العالم ، ولا تسمح لأحدٍ بلمسها


ومع أن جي ياو لم يكن يهتم حقًا إن كان يانغ هي يحبه أم لا،

فبغض النظر عن الحب،

حياتهما صارت مرتبطة ، لن ينفصلا


{ لكن أن يقول أنه لا يهتم إطلاقًا … فهذا أيضًا كذب 

 

فالقلوب طامعة بطبعها ، لا ترضى بالقليل …. }


بدأت تقارير الوزراء المطالبة باختيار المحظيات تتوالى ،

واحدة تلو الأخرى تُرفع إلى الأعلى


تصفّح يانغ هي بعضًا منها،

ثم توقف عن النظر فيها،

وأمر بإرسالها كلها إلى جي ياو،

حتى تراكمت على مكتب العرش ، كومةً فوق كومة ،

مما جعل جي ياو يضحك من الغيظ


سأل جي ياو يانغ هي:

“ ألا تشعر بشيء في قلبك؟ 

ولو قليلًا من الضيق ؟”


فكر يانغ هي،

بتلك البلادة الهادئة التي عهدها بنفسه،

{ ماذا عساي أن أشعر ؟ ولما الضيق ؟ 


جي ياو عاجلًا أو آجلًا ،

سيختار إمبراطورة ويتخذ محظيات  


ما بيننا ، مجرد نزوة عابرة ،


شهوة شاب صغير لم يعرف الدنيا بعد ،


حدث مثل هذا ليس نادر في التاريخ ،


لكنه أبدًا لم يكن طريق طويل المدى …. }




غي ليلة من ليالي أوائل الصيف ،

هدأت الرياح ،

وبات الجو خانقًا بعض الشيء


جي ياو لا يحتمل الحر ،

فلما تراكمت التقارير أكثر ،

أمر يانغ هي بقراءتها له


صوت الخصيان رقيق مائل إلى النعومة ،

ويانغ هي لا يحب ذلك ،

ولذا حين يتحدث ، كان يلفظ كلماته ببطء وتروي ،

نغمة هادئة بلا استعجال ، 

تضيف إليه سكينة غير معتادة


لكن للأسف ، من بين كل عشر تقارير ،

سبعة تتعلق باختيار الفتيات وزواج الإمبراطور


تنهّد جي ياو :

“ كل هؤلاء يتقاضون رواتبهم ،

وليس في بالهم سوى إن كنت سأختار إمبراطورة أو لا،

هل فرغوا من كل همومهم ؟”


قال يانغ هي دون أن يتأثر:

“ اختيار الإمبراطورة شأن عظيم من شؤون الدولة .”


ضيّق جي ياو عينيه،

ثم فجأةً أمسك بكتفي يانغ هي،

وألقى به تحته، وضغط عليه وهو يبتسم:

“ ما رأيك ، 

أختارك أنت لتكون الإمبراطورة ؟”


تجمّد يانغ هي لوهلة ،

ثم عبس بحاجبيه :

“ هذا هراء ...

جلالتك ، لا تُكثر من المزاح .”


ردّ جي ياو بتكاسل :

“ من قال إني أمزح ؟ الوالي ، كلام الملوك لا يكون لعبًا ، 

أنا جاد .”


كان ينظر إليه ،

فرفع يانغ هي يده ،

وسحب أحد التقارير ليضعه بينهما كحاجز


أصابعه نحيلة ، مفاصله بارزة ،

وقال بنبرة باردة :

“ منذ الأزل ، لم يكن إلا النساء من يتولين منصب الإمبراطورة ،

أي منطق في تنصيب خصي لهذا المقام ؟”


ضحك جي ياو :

“ ذاك شأنهم ، وما دخلنا نحن ؟”


يانغ هي: “…”

عبس جبينه :

“ هذا عبث "


أراد أن يدفعه ،

لكن جي ياو ثبّته بركبته ،

وضغط بجسده عليه ،

جسده الشاب القوي  ،

وكلما دفعه ، زاد التصاقهما قربًا


يد جي ياو ساخنة كالجمر ،

ضغط بها على صدر يانغ هي، وقال:

“ الوالي كم أنت قاسي ،

قلبي لا يكفّ عن التفكير بك،

وأنت لا تفكر بي أبدًا ؟

بل تطلب مني أن أختار محظية ، وأن أتزوج ، 

حقاً ؟”


تغير وجه يانغ هي قليلًا ،

وسارع لتغيير موقفه :

“ إن لم يكن جلالتك راغبًا في اتخاذ إمبراطورة ، 

فلا بأس…”


لكن قبل أن يكمل ،

كان جي ياو يحدّق فيه من الأعلى ،

ابتسامة شريرة ترتسم على شفتيه ،

أخذ يُمرر إصبعه عند صدره ، 

كأنه نصل سكين ،

وقال:

“ دعني أشقّ هذا الصدر ، لأرى إن كان قلبك من حجر فعلاً.”


ارتجف قلب يانغ هي،

رغم أن الإصبع لم يضغط بقوة،

لكنه شعر كأن صدره قد شُق فعلاً،

أنزل عينيه ، وتمتم :

“…لا، ليس حجرًا "


ضحك جي ياو ضحكة خفيفة،

ثم جذب ياقة رداءه بأصابعه ،

وهمس بصوت منخفض:

“ لا أصدق… 

أخلع ثيابك ،

دعني أتحقق بنفسي "


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي