Ch13 | TDVWD
كان شي هواي قد سأل شخصين،
وتلقى منهما إجابتين متناقضتين تمامًا،
لم يستطع الوثوق التام بأيٍّ منهما،
كما لم يتمكن من تجاهلهما كليًّا.
وفي النهاية، بقيت صورة ' آ-جيو ' في ذهنه غامضة كما كانت دائمًا
قال:
“ شاب نحيف الطول ، ذو مظهر هادئ كهيئة طلاب العلم ،
يبلغ من العمر سبعة عشر أو ثمانية عشر عامًا،
وقد تجاوز تَوَّه محنة بناء الأساس في مرحلتها الأولى .
جسده يبعث أثرًا خافتًا من لهب تنين الهوي ،
ويمتلك جذرًا روحيًّا ضعيف مكوّنًا من عناصر الأرض والخشب والمعدن .”
أمسك سونغ وييو رأسه كما لو أنه أصيب بالصداع، وقال:
“ يوجد في عالم الزراعة عشرات الآلاف ممن تنطبق عليهم هذه المواصفات !
وفوق هذا ، فإن مزارعي طائفة هي هوان بارعون جدًّا في الهرب ، فمن المرجح أنه بات بعيدًا الآن .”
لكن شي هواي لم يبدِي أي اهتمام ، وأصر قائلًا :
“ في هذه الحالة ، علينا أن نوسّع نطاق البحث حتى نعثر عليه .
يمكنني التعرّف عليه من صوته .”
تنهد زونغ سيتشن وهزّ رأسه قائلًا :
“ أخشى أن هذا أيضًا لن يُجدي نفعًا .
لقد ابتكرت طائفة هي هوان حبة فريدة تغيّر الصوت مع كل استخدام ، دون تكرار .”
توقف شي هواي عن الكلام ، وقد بدت عليه الدهشة:
“ بإمكانهم تغيير أصواتهم أيضًا ؟”
أومأ زونغ سيتشن رأسه بالإيجاب
قال شي هواي بعد لحظة صمت:
“ أذكر أن له رائحة مميزة…”
ناول زونغ سيتشن خرزة صغيرة وقال له:
“ هل هذه هي الرائحة التي تتحدث عنها ؟”
لكن بعد أن استنشق شي هواي رائحة الخرزة ، اسودّ وجهه قليلًا
أوضح زونغ سيتشن :
“ كل تلميذة من طائفة هي هوان تحمل خرزة بخور كهذه
تخفي رائحتها الأصلية .
وما إن تُزال ، تتغيّر رائحتها بالكامل .”
ثم أضاف ضربة قاضية إلى قلب شي هواي المتوتر :
“ كان متحفظًا منك منذ البداية ، لم يخبرك باسمه ،
ولم يسمح لك بلمسه .
أظن أن جذره الروحي مزيف أيضًا .
ربما يملك جذرًا من ثلاثة عناصر ،
لكن من المحتمل ألا تكون الأرض والخشب والمعدن .”
حتى شفاه سونغ وييو شحب لونها :
“ هذا يعني أن الاحتمالات أصبحت لا نهائية !”
{ بمعنى آخر…
حتى لو أمسكنا بأشخاص تنطبق عليهم تلك المواصفات،
فلن يكون هناك وسيلة للتحقق من كونهم آ-جيو
وإن أنكر الشخص الأمر حتى آخر رمق ،
ولم يتمكن شي هواي من التعرّف عليه ،
فلن يكون أمامهم خيار سوى إطلاق سراحه }
عبث سونغ وييو برأسه وقال :
“ يعني لا نعرف شكله ، وصوته ورائحته تغيرا ،
وليس هناك وسيلة للتأكد من هويته إلا إن استخدم طاقته
الروحية في القتال وظهرت منها لهب تنين الهوي أليس كذلك ؟”
ظل شي هواي صامتًا …. لم يتبقَّ لديه أي خيط يستدل به
فالمواصفات التي يتحدث عنها تنطبق على عدد لا يُحصى من الناس ،
والأسوأ من ذلك، قد يمر بجانب آ-جيو ذات يوم دون أن يتعرّف عليه
سونغ وييو بقلق بالغ :
“ وكيف سنعثر عليه إذًا ؟ عن طريق اللمس ؟”
ثم عبس قليلًا وكأنما تذكّر شيئًا وقال:
“ لحظة ، ألم تقل إنك لم تلمسه قط؟”
ابتسم زونغ سيتشن ابتسامة خبيثة وهمس:
“ في الحقيقة ، لقد لمس مكان واحد فقط…”
عبس سونغ وييو وقال:
“ هل— هل تقترح عليه أن ينام مع كل شخص تنطبق عليه المواصفات ؟!
هل أمتدح سيد طائفتنا على محبته الشاملة ،
أم أرثي لأولئك المساكين الذين سيتعرضون للأمر ؟
المؤسف أن بعضهم سيظن أنه تلوّث لمجرد أنه نام مع سيد طائفتنا !”
وفي اللحظة التالية ، طار الاثنان من كهف شي هواي بعدما رماهما خارجًا
سقطا في جدول ماء على الجبل ،
ولم يتمكنا من إخراج أسلحتهما الروحية إلا بعد أن ابتلّا بالكامل ،
ثم حلقّا بعيدًا بمظهر مثير للشفقة
أما شي هواي ، فوقف وحده أمام الأغراض التي تركها له آ-جيو ،
ويداه مشدودتان بقوة حتى برزت عروقهما ،
وأصابعه احمرّت حتى مالت إلى البنفسجي
كان تشي مو ياو لم يغادر طائفته كثيرًا ،
وقد ترك كل ممتلكاته لشي هواي
{ لا بد أنه الآن ضعيف وبلا مال بعد محنته السماوية ….
ولا ينبغي له أن يبقى يتجوّل في الخارج بهذا الشكل …
عليّ أن أعثر عليه في أسرع وقت ممكن }
⸻
وفي مكانٍ آخر…
أحد الأسواق القريبة من قاعة طائفة الطب يعجّ بالحركة والنشاط
عربات وخيول تملأ الطرقات ،
والأكشاك مكتظة بالزبائن،
والبائعون الذين ينقلون البضائع من مكانٍ إلى آخر لم يكن
أمامهم إلا أن يرفعوها عالياً فوق رؤوسهم وهم يصيحون: “ تنحّوا ! افسحوا الطريق !”
ليتمكنوا من شق طريقهم وسط الزحام
تشي مو ياو واقف في وسط هذا كله،
وعيناه تتلألأان وهو يتأمل المكمّلات المعروضة للبيع
نصف مظهره كان تنكريًّا
أما النصف الآخر فبدا عليه البؤس كما هو في الحقيقة
كانت هيئته مختلفة تمامًا عن المعتاد
صحيح أن تشي مو ياو قادر على الحفاظ على شبابه ،
لكنه لم يكن ماهرًا بما فيه الكفاية ليغيّر ملامحه بحريّة ،
لذا لم يكن أمامه إلا أن يثبت لحية مستعارة على وجنتيه وفوق شفته ، متحوّلًا إلى رجل مُسن بلحية
ومع التجاعيد حول عينيه اللتين بدتا وكأنهما متهدلتان،
بدا وكأنه شيخ عجوز فعلًا
لفّ قطعة قماشية على رأسه ،
أما خصلات الشعر القليلة التي برزت منه فكانت محترقة وملتفة ، وكأنه تعرض للنار
لكن تشي مو ياو وحده يعلم أن هذه كانت آثار البرق الذي
ضربه أثناء اجتيازه لمرحلة التأسيس
فقد سقط الكثير من شعره حينها ،
وهذه الخصلات المحروقة هي كل ما تبقّى منه
لم يكن جسده متمرسًا في الزراعة،
وحتى مع ارتدائه لرداء شي هواي السحري وامتلاكه أدوات الحماية ،
إلا أنه بالكاد نجا بأعجوبة
بل إن بقعة سوداء كبيرة ظهرت على وجهه ولم تكن تزول بالغسل ، وكأنها وحمة
ومن المرجح أن تبقى هذه العلامة لعدة أشهر حتى أن تختفي
أما ملابسه ، فكانت تلك التي اعتاد ارتداءها حين ينزل للتسوّق ، لذا لم يلفت الأنظار وسط الحشد
وكان يحمل قفص للطيور ،
مغطى بقطعة قماش خضراء داكنة ،
ربما لحماية الطائر في الداخل من الشمس
غير أن هذا الطائر كان صامتًا على نحو مريب
لم يصرخ ولم يتحرك قط،
رغم أن تشي مو ياو ظل يتنقل بين الأكشاك لفترة طويلة
كان أحد الباعة المتحمسين يروج لبضاعته قائلاً:
“ تفضل، تفضل، انظر إلى هذا.
وسادة ركبة مزودة بجيب لحفظ الأعشاب،
ومبطنة بفراء المنك.
ما إن تربطها حول ركبتك، حتى تشعر بالدفء يتغلغل في المفصل.
ممتازة للركبتين، خاصةً في برد الشتاء .”
: “ أوه!” اتسعت عينا تشي مو ياو ببريق واضح وهو ينظر إلى هذا المنتج
وانفتح فمه من الدهشة،
حتى أنه لم يجد كلمات مناسبة للتعبير عن إعجابه
كان مهتمًا للغاية
تابع البائع قائلاً: “ وانظر إلى هذه اللصقات.
تضعها، وحتى لو كان ساقك مكسورًا، فستشفى !” ثم أمسك
بلصقة ووضعها على عظمة مكسورة ، وما إن نزعها ،
حتى بدا أن العظم قد التأم حقًا
: “ واو! مذهل!” تهلل وجه تشي مو ياو، وصوته –بعد أن
تناول حبة مغيرة للصوت– بدا فعلًا كصوت شيخٍ مسن
لاحظ البائع أن هذا ' العجوز ' يبدو ساذجًا وسهل الإقناع،
فمدّ يده إلى أسفل صدره وأخرج شيئًا وقال:
“ هذه هي حبة التغذية الكاملة العظمى التي تسربت من
العوالم الخالدة .
لا أملك سواها .
انظر، لا تزال تنبعث منها هالة خالدة !
إن تناولتها، ستختفي كل آلامك ، بل وستتمكن من إسعاد زوجتك في الليل !”
لكن كل اهتمام تشي مو ياو اختفى تمامًا عند رؤية ' حبة التغذية الكاملة العظمى ' حتى مزارع بمستوى متدني مثله
كان بوسعه التمييز بسهولة أنها لا تحتوي على أي طاقة روحية
لم تكن سوى حبة عادية ،
غالبًا من تلك التي تحفز طاقة اليانغ ،
والتي تمنح دفعة مؤقتة من النشاط ،
لكنها تجلب مشاكل صحية كثيرة لاحقًا
نظر تشي مو ياو إلى باقي المكمّلات المعروضة على الطاولة ، وفجأة امتلأ بشعور بأنها مزيّفة أيضًا
أشار إلى وسادة الركبة واللصقات قائلاً :
“ تايل واحد من الفضة مقابل الاثنين معًا .”
حدّق التاجر في تشي مو ياو بازدراء ، ثم بصق على الأرض وقال :
“ حسبتك من أصحاب المال بالنظر إلى ملابسك .
لكن لا ، لن أبيع لك شيئ .
ادفع ثمن اللصقة اللي استخدمتها على العظمة .”
فسأله تشي مو ياو بهدوء :
“ وكم تريد إذن ؟”
: “ عشرة تايل !”
كان هذا السوق يرتاده في الغالب عامة الناس والمزارعون
ضعيفو المستوى،
لذا كانت العملة المستخدمة فيه هي النقود الدنيوية
وبما أن تشي مو ياو اعتاد الخروج لشراء حاجيات طائفة الخدمات حين كان لا يزال فيها،
فقد كان يعرف الأسعار جيدًا
فثوب مصنوع من حرير عالي الجودة يمكن أن يُباع بتايل فضة واحدة ،
وهي كافية أيضًا لشراء خمسين رطلاً من لحم الخنزير العادي
لذا فإن عرضه لتايل واحد كان في الواقع أكثر من كريم
أخرج تشي مو ياو من كمّه كمية من العملات النحاسية ، وبدأ يعدها ، ثم قال:
“ ها هي سبعة عشر تايل من النحاس إضافية تعويض عن اللصقة .”
أخذ التاجر المال على مضض وسلّمه البضاعة،
ثم ما إن تمّت الصفقة حتى تجاهل تشي مو ياو تمامًا،
بل وأدار عينيه وهمس بغيظ :
“ عجوز ماكر…”
أخذ تشي مو ياو مشترياته ووضعها في فتحة رداءه كعادته،
ثم استدار وهو يضحك
{ عجوز ماكر؟
حسنًا ، أنا عجوز فعلًا ، لكن ليس ماكرًا … فقط لست غبي }
توجّه تشي مو ياو بعدها إلى أكشاك أخرى لشراء أعشاب طبية
فقد تعرّض لجروح أثناء عبوره لمرحلة التأسيس،
وكان بحاجة إلى حمّام طبي لتقوية جسده
ولأنه لم يكن يملك حقيبة أو أداة للتخزين ،
قرر أن يضع رزم الأعشاب في فتحة رداءه أيضًا ،
حتى تشكّلت في نهاية المطاف نتوء واضح في منطقة بطنه
وهكذا، أصبح فعليًا يبدو كعجوز كروي المعدة
وفي طريق عودته إلى النُزل وهو يحمل قفص الطيور ،
سمع صخب مفاجئ في الشارع
فقد وصل عدد من تلاميذ طوائف الخلود ، وكانوا يبحثون عن شخص ما
كان هدفهم واضح ، فقد كانوا يوجّهون أسئلتهم للشبان فقط ،
لا سيما أولئك الذين وصلوا إلى مرحلة التأسيس
أحد التلاميذ شعر بطاقة تشي مو ياو ،
فألقى عليه نظرة مشكّكة
لكن تشي مو ياو اقترب منه طواعية وقال بصوت هادئ :
“ يا ولدي، ما كل هذه الجلبة ؟
من هذا الذي تبحثون عنه ؟”
بدا وكأنه العجوز الفضولي المعتاد
صرخ فيه التلميذ بازدراء وهو يدفعه بعيدًا :
“ انصرف من هنا !
هل تظن أن هذه أمور تخص أمثالك ؟”
ظل تشي مو ياو يتجول قليلًا فضولًا ،
ثم عاد بخطى هادئة إلى النُزل ، حاملاً قفص الطيور
طلب من أحد الخدم إحضار ماء للاستحمام ،
ثم دخل غرفته
خلع معطفه الخارجي ،
ووضع رزم الأعشاب واللصقات على السرير
وبعد أن أُحضِر الماء ،
أخذ الرزم وأفرغ محتوياتها في حوض الاستحمام ،
ثم بدأ يخلع ملابسه
ساقاه النحيلتان أول ما دخل إلى الماء
لم يكن تشي مو ياو نحيفًا لدرجة الهيكل العظمي،
لكن جسمه مائلًا للنحول
جلس داخل الحوض ، ثم غاص تدريجيًا حتى غمر الماء شعره بالكامل
انتشرت خصلات الشعر السوداء كالشلال المتدفق
لو لم تكن جزءًا من تمويه مظهره ،
فإن قطع تلك الخصل المحترقة القليلة لن تُقلِّل من كثافة شعره إطلاقاً
تذكّر شيئ ، فنهض تشي مو ياو وأمسك بقفص الطيور
أزال القماش عنه فبدا طائر بدا عليه كأنه مطبوخ جزئيًا
كان الطائر مستلقيًا بلا حياة ، وريشه على جناحيه محمص بوضوح
وضع تشي مو ياو الطائر في حمام الأعشاب الطبي أيضًا ،
وحمله بين كفيه حتى لا يغرق
همس له : “ هل تشعر بتحسن قليل؟”
لم يرد الطائر عليه بالكلام ، لكنه تحرّك قليلاً
عثر تشي مو ياو على هذا الطائر بعد أن اجتاز محنته الروحية
لم يستطع تحديد نوعه ، لكن من الواضح أنه صار في هذه الحالة بسبب المحنة السماوية
شعر بالذنب فأنقذ الطائر
وبمعجزة ، تمكن الطائر من النجاة ،
لكنه ما زال في حالة يرثى لها ، ويبدو شبه ميت في كل يوم
بعد انتهائه من الاستحمام ، أعاد تشي مو ياو الطائر إلى قفصه ، ثم مسح جسده
دخل الغرفة الداخلية مرتديًا فقط الطبقة الخارجية من ملابسه ، وجلس على السرير
بعد الجلوس ،
أخرج لاصق الجروح ووضعه على ركبتيه ، وبدأ يفرك المنطقة لفترة طويلة
سنوات الحبس والتدريب قد أرهقت ركبتيه كثيرًا ،
وكان بحاجة للعناية بهما من الآن فصاعدًا
الوضع الذي كان فيه خلال ثلاث سنوات في ' وضعية الفارسة ' كان قاسيًا على ركبتيه
بعد وضع اللصقات، استلقى مجددًا على السرير،
لكنه قفز فجأة قبل أن يغفو
أخذ الطبقة الوسطى من ملابسه من على الشاشة وارتداها
الشاشة :
كان ينسى دائمًا ارتداء البنطال بعد أن عاش في الكهف ثلاث
سنوات، وكان عليه أن يغيّر هذا الأمر
تمدد على السرير الناعم، تقلب تشي مو ياو ذهابًا وإيابًا وهو يهمهم برضا
كان هذا بالتأكيد أفضل سرير للنوم عليه
بحركة من إصبعه ، أطفأ الشموع دون أن ينهض من على السرير
—————
في اليوم التالي ،
تنكّر تشي مو ياو مجدداً ،
وارتدى مجموعة الملابس البشر العاديين الجديدة
التي قد اشتراها سابقاً ، ثم خرج حاملاً قفص الطيور معه
يوجد مبنى قيد الإنشاء على أطراف السوق ،
ويبدو أنه كان من المفترض أن يكون نوع من أبراج المراقبة لتحسين الأمن
ولأن تشي مو ياو لم يكن لديه ما يفعله ،
كان يمر بالمكان بين الحين والآخر ،
ويجلس على درجة حجرية قريبة ليراقب أعمال البناء ،
يومًا بعد يوم ———
وكان كثير ممن يشاركونه المشاهدة من الأطفال الصغار ،
ومعظمهم من الفتيان
يراقبون البنّائين وهم يعملون دون أن يرمشوا ،
وكأنهم مجموعة من المعجبين المتحمسين والمخلصين
البرج يتكون من أربعة طوابق ،
وسقف ثلاثي الطنف تعلوه عارضة متقاطعة
وفي اليوم الذي جُلب فيه السقف المذهَّب
— الذي يُعد كنزًا معماريًّا — انبهر تشي مو ياو والصبية على حد سواء
فقد كانت دقة الصناعة مذهلة بحق ،
بتفاصيل مبهرة في انحناءات الحواف ،
ونقوش حيوانات الأساطير التي بدت وكأنها تنبض بالحياة
حتى تشي مو ياو نفسه أُعجب بالعمارة الصينية القديمة
وظل يتردد على المكان ،
في أيام المطر أو أيام الشمس ، طيلة شهرين كاملين ——
وفي الأيام الممطرة ،
يقف بعيدًا وهو يحمل مظلة من ورق الزيت ،
يراقب كيف يعملون تحت المطر،
ثم يُطلق تنهيدة إعجاب،
كأنه شاب ريفي ساذج لم يرَى شيئًا من الدنيا ،
ويشيد ويمدح عبقرية القدماء
مع مرور الوقت ، أصبح هذا الشخص مألوفًا لدى العمال ،
فسأله أحدهم بابتسامة : “ يا عم هل كنت وسيمًا في شبابك ؟”
ابتسم تشي مو ياو بخجل : “ لا، لا. أنا وُلدت بهذه العلامة على وجهي .”
رد العامل: “ حواجبك جميلة جدًا ، يا لها من خسارة .”
تنهد تشي مو ياو : “ لا أعتقد أن أحدًا سيختلف معك في ذلك .”
كانت حواجب تشي مو ياو جميلة لدرجة أنه بدا كجنيّ نازل من السماء
عيناه لوزية ، بجفنين مزدوجين منحنيين بانسيابية توحي بالبراءة
رموشه السوداء الطويلة تنتهي بانحناءة طفيفة نحو الأعلى
جسر أنفه مرتفع وأملس، دون مبالغة
رأس أنفه صغير، وشفاهه رفيعة قليلاً بلون أحمر قاني طبيعي
امتلك جمالًا ناعمًا ورقيقًا تنبع منه هالة خالدة ،
فكلما ابتسم ، بدا وكأنه جنِّي سماوي نزل ليُسعد العالم
والآن ، رغم آثار الزرقة والخضرة التي شوهت وجهه ، والمكياج المُسنّ الذي وضعه ،
إلا أن الناس ما زالوا يرون ملامحه مريحة للنظر
الجمال كان متأصلًا في عظامه
تأمله أحد العمال مجددًا وسأل:
“ لمَا يبدو وكأن الوحمة على وجهك قد بهت لونها كثيرًا
مقارنةً بما كانت عليه قبل شهرين ؟”
ضحك تشي مو ياو :
“ ذلك لأنك اعتدت رؤيتها طوال هذا الوقت ، لا أكثر .”
في الواقع، لقد أصبح مهملًا بعض الشيء…
فآثار المحنة السماوية بدأت تتلاشى تدريجيًا،
حتى لم تعد واضحة كما كانت من قبل
—-⸻
وبينما تشي مو ياو يقضي وقته بتكاسل يراقب بناء البرج بحماس …
كان شي هواي على وشك الجنون، يبحث عنه في كل زاوية من عالم الزراعة
بل توسّع في نطاق البحث مرات عدّة ،
دون أن يعلم أن تشي مو ياو لم يغادر المنطقة أصلًا
وبعد شهر آخر ،
خمّن تشي مو ياو أن وقت اختيار التلاميذ في عالم الزراعة قد حان
ما من مزارع عادي ليفوّت هذه الفرصة إن أراد دخول
إحدى الطوائف المشهورة من طوائف الزراعة الصالحة
لكن تشي مو ياو لم يذهب
بقي في السوق، يواصل مراقبة أعمال البناء،
ويتجوّل بين البسطات،
ويربي طائره، وأحيانًا يزور بيت الشاي ليرتشف كوبًا،
أو يذهب إلى البحيرة ليمارس الصيد
كان الوقت يمر بهدوء وبساطة وراحة
كان يعلم أن البطل الرئيسي قد انضم بالفعل إلى طائفة ' نوان يان'
خلال اختبارات اختيار التلاميذ هذه ،
سيُحدث البطل ضجّة كبيرة
سينقذ الموقف ، ويترك انطباعًا جيدًا لدى البطلة الرئيسية
— وهذه ستكون المرة الأولى من بين مرات كثيرة يتفوّق فيها على الجميع
ولهذا السبب ، لم يرغب تشي مو ياو في الذهاب
فلو ذهب ، سيُجرّ كأحد ' الضحايا الثانويين ' في مسار أحداث الرواية
هو لم يذهب .
لكن شي هواي فعل ——— بحثًا عنه …..
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق