القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch33 | TDVWD

 Ch33 | TDVWD

 


———— ليلاً ——— 


النجوم ساطعة ——


تطاير الرداء القرمزي الداكن في الرياح ، 

ليلوّن الزرقة الجليدية لطائفة نوان يان بلون صارخ يلفت الأنظار


وقبل أن يتمكَّن شي هواي من تثبيت قدميه على الأرض بعد هبوطه ، 

طار العصفور تشيوتشيو من يده ——


فزع هواي وخاف من أن يفقد الوحش الروحي المرتبط 

بروح تشي مو ياو ، 

و بدأ يبحث في جرس الكنوز الألفي أداة بنيّة الإمساك به مجددًا


لكن على غير المتوقع ، وبعد أن طار العصفور في دائرة عاد 

تشيوتشيو إلى كتفه بدلًا من الهرب.


وكان جسده المتمايل يدل على أنه في مزاج جيد وسعيد


بل بدا وكأنه لم يُدرك حتى أنه قد خُطِف ——


كان شي هواي ينوي استغلال فترة انشغال تشي مو ياو 

باختبار النقاط الإضافية لفحص تشيوتشيو بعناية ، 

بحثًا عن أي آثار لهب التنين الهوي على جسده


فقد كان إخفاء تشي مو ياو الكامل لتلك الآثار أمرًا يثير الريبة بشدّة


وخز شي هواي ريش رقبة تشيوتشيو بإصبعه بقلق، وقال: 

“ سيدك ذكي جدًا ، فلماذا أنت غبي إلى هذا الحد ؟”


كان تشيوتشيو قادرًا على استشعار مشاعر الآخرين، 

وحين فهم أنه قيل عنه كلام غير لطيف، 

أدار وجهه بعيدًا وكأنه يتجاهله، 

لكنه بقي على كتفه رغم ذلك


أخذه شي هواي معه إلى الفناء ، 

وبمجرّد دخوله سأل: “ هل وجدتم شيئًا ؟”


زونغ سيتشن يتصفح بسرعة الكتب التي سُرقت من 

طائفة نوان يان وهو يردّ: “ كتب طائفة نوان يان مليئة 

بالهراء ، كلها تفسيرات نظرية بلا فائدة عملية .”


و سونغ وييو أيضًا يحمل كتاب ، 

إلا أن سرعة قراءته لم تكن تقارن أبدًا بسرعته زميله

تمتم وهو يقرأ: “ ما الذي يقوله هذا بالضبط… 

لماذا لا توجد صور؟”


ألقى زونغ سيتشن بالكتاب جانبًا وقال بامتعاض: 

“ عدد السجلات المتعلقة بالوحوش الروحية قليل جدًا. 

وبما أننا جميعًا لا نرغب في إضاعة وقتنا بمحاولة التقرب 

من هذا الطائر ، سيتوجب علينا سؤال أحد تلاميذ مدرسة يو 

تشونغ عن طريقة فك القيود الموضوعة عليه .”


شي هواي نظر إليه بريبة وجلس متجهمًا : 

“ تريدني أن آخذ الوحش الروحي المرتبط بروح تلميذهم 

إلى طائفتهم ، وأطلب منهم فك القيود عنه ؟”


اقترب زونغ سيتشن من شي هواي ونظر إلى تشيوتشيو من 

بعبوس : “ كيف من المفترض أن نتحرى عن طاقته الروحية؟ 

هناك عدد لا يُحصى من الوحوش الروحية، ولكل منها خصائصه الفريدة . 

صحيح أن كثيرًا منها مذكور في الكتب ، 

لكن لم يُذكر أبدًا أن أحدًا جعل طائرًا أصفر مثل هذا وحشًا 

روحيًا مرتبطًا بروحه . 

أعتقد حتى أن مؤلف كتاب لم يتخيل أن يفعل أحدهم 

ذلك… من أين نبدأ أساسًا ؟”


أمال شي هواي رأسه نحو تشيوتشيو وقال: “ أنا فقط أريد 

معرفة ما إن كانت هناك ألسنة لهب تنين الهوي داخل جسده .”


: “ أعرف، لكن ماذا عن القيود الموضوعة عليه؟”


في الواقع كان شي هواي قد حاول التحقق من تشيوتشيو 

ليلًا أثناء نومه في غرفة تشي مو ياو


فبعد أن فعّل أداة روحية تمنع الأصوات ، 

أطلق تشيوتشيو سرًا حين كان تشي مو ياو نائمًا، 

آملاً في تتبع الطاقة الروحية داخل جسده


كان يظن أن الطريقة ذاتها التي تُستخدم مع البشر تنطبق 

أيضًا على الوحوش الروحية، 

لكن حين بثَّ طاقته الروحية في جبهة تشيوتشيو لم يحدث 

شيء سوى أن بطن الطائر الممتلئ اهتز قليلًا


فالوحوش الروحية تختلف عن البشر ، 

خصوصًا هذه المرتبطة بروح مالكها


فلكلٍ منها قيود خاصة يضعها سيده


انضم سونغ وييو إليهما بعد أن وضع كتابه جانبًا، 

ونظر إلى تشيوتشيو باستغراب: “ لماذا قد يختار شخص ما 

جعل طائر أصفر كهذا وحشًا روحيًا مرتبطًا به؟ 

هل يستطيع الهجوم أصلًا ؟ 

ما الذي سيفعله في معركة ؟ ينقر العدو بمنقاره ؟”


قال زونغ سيتشن بجدية وهو يستعيد ذاكرته : 

“ لم أرَى تشي مو ياو يستخدمه قط. 

كان دائمًا يبدو وكأنه في… مهمة حراسة . نعم، الحراسة، هذا هو.”


سأله شي هواي مجددًا: “ ألم تتمكن من معرفة شيء آخر؟”


: “ تمكنت من معرفة القليل . 

إما أن يصدر له سيده أمرًا برفع القيود ، 

أو أن يرفعها من تلقاء نفسه أثناء القتال حتى يتمكن من 

استخدام طاقته الروحية .”


ساد بينهم صمت ثقيل ومشحون بالتوتر وهم يحدّقون في الطائر 


كان سونغ وييو بطبيعته كسولًا فيما يتعلق بالتفكير ، 

فأخرج مطرقته الروحية وقال: “ سأضربه ، وسيضطر لرفع 

القيود ليرد الهجوم ، أليس كذلك ؟”


مدَّ شي هواي يده فورًا ليحمي تشيوتشيو : “ لا. 

ماذا لو كان مجرد طائر أصفر عادي؟ 

ستسحقه كلوح مسطّح .”


كاد سونغ وييو أن يصاب بانهيار عصبي وهو لا يزال ممسكًا 

بمطرقته ، و قال بانفعال: “ وما الذي يفترض بنا أن نفعله إذن؟ 

تلك الشيجي الصغيرة لتشي مو ياو ليست بالشخص 

الطيب ، فقد تجرأت على قتالك . 

والآن بعدما فقدت الوحش الروحي المرتبط بأخيها 

الأصغر ، لا شك أنها ستذهب مباشرة إلى يو يانشو —

وهذا يعني أن طائفة يو تشونغ بأكملها ستبدأ البحث عن هذا الطائر ، الذي صادف أنه معنا ! 

فماذا سنقول إن قُبض علينا ؟ 

’ أردنا شويه لأنه يبدو سمينًا‘؟”


في تلك اللحظة ، فجأة فرد تشيوتشيو جناحيه وأطلق زقزقة 

حادة ثم حلق في الهواء


رفع الثلاثة رؤوسهم ليراقبوه وهو يطير في أرجاء الغرفة


لم يجرؤ أيٌّ منهم على استخدام قوته الروحية، 

فكلهم مزارعون بارعون، وأي هجوم منهم قد يُنهي حياة الطائر في لحظة


لذا ، قرروا الإمساك به بأيديهم فقط، وباستخدام أدوات روحية شبيهة بالشباك


لكن، وعلى الرغم من بدانة تشيوتشيو، إلا أن حركته كانت رشيقة للغاية


لم يتمكن الثلاثة من الإمساك به حتى وهم يستخدمون تقنية خفة الجسد


بل إنه استهدف سونغ وييو خصيصًا وأسقط فوق رأسه فضلاته


سونغ وييو — بوصفه ابن أحد سادة قصور طائفة تشينغ 

زي، كان قد نشر حاجزًا وقائيًا فوق رأسه


لكن رؤية تلك القذارة وهي تنتشر ببطء فوق الحاجز كانت مثيرة للاشمئزاز بالفعل…


انفجر زونغ سيتشن ضاحكًا : “ ههههههههه ، يبدو أنه يملك 

بعض المهارات الخفية . لقد استهنا به فعلًا .”


قفز سونغ وييو مبتعدًا بخفة قرد ، 

وانتهى به المطاف جاثيًا فوق إحدى الطاولات ، 

وقد وطأ قدمه كتاب ، 

نظر إلى الأسفل وشعر بأن هذا الفعل فيه قلة احترام للمعرفة ، فالتقط الكتاب



ورغم أنه لم يفهم ما فيه ، إلا أنه لا يزال يُعدّ كتابًا ذا قيمة


نفض الغبار عن غلافه وقال : “ تشي مو ياو هذا شخص مثير للانتباه فعلًا . 

دخل طائفة يو تشونغ، لذا فإن افتقاره للتقدم في الزراعة ليس بالأمر المستغرب . 

لكن أن يختار طائرًا أصفر كهذا ليكون وحشه الروحي المرتبط؟ 

هذا المستوى من انعدام الطموح فعلًا مثير للإعجاب .”


أجاب شي هواي بعينين منخفضتين: “ لكلٍّ طموحه ، 

ويبدو أنه يفضل أسلوب حياة مختلف ، هذا كل ما في الأمر .”


أومأ زونغ سيتشن برأسه وأضاف تحليله : 

“ وهذا يعني أن نمط حياته يختلف عنك تمامًا . 

وربما لهذا السبب لا يعترف بالأمر ، 

مع علمه بأنك تبحث عنه . 

حياته ستتغيّر كليًا إن وجدته ، 

وحياة طائفة تشينغ زي لم تكن يومًا هادئة . 

لو كان إلى جانبك ، فسيُجبر على خوض عالم مليء بالاضطراب ، 

ومن الواضح أنه لا يحب الفوضى . 

لذا، فإنه ينكر كل شيء ببساطة ، هربًا من ذلك المصير .”


لقد أصبح من الواضح لكليهما الآن أن شي هواي لم يكن 

ينوي معاقبة آ-جيو أو قتله عندما يجده ، 

وإلا لما كان كلّف نفسه عناء حماية آ-جيو وكل من له صلة به


كان بإمكانهما أن يستنتجا من نظرة واحدة أن شي هواي قد 

وقع في حب آ-جيو، لكنه فقط لم يُفصح عن ذلك بالكلام


وبينما يساعدان شي هواي في تحليل الأمور ، 

فقد كانا في الحقيقة يُحلّلان مستقبل هذين الاثنين معًا


ضحك سونغ وييو : “ هل تعتقد فعلًا أن تشي مو ياو هو آ-جيو؟ 

يبدو أن السيد الشاب للطائفة يريد ببساطة أن يكون آ-جيو بهذا الجمال . 

كيف تفسر تنكره المثالي ؟ 

لمَ نواصل البحث عن آ-جيو أصلًا؟ 

من المرجح أن آ-جيو الحقيقي يرفض الظهور لأنه يرى 

السيد الشاب وهو يغازل ذلك الجمال الشاب كل يوم .”


: “ لكن…” تردد زونغ سيتشن وقال: “ آ-جيو كان حاضرًا في 

تشكيل الحماية ، وكان موجودًا أيضًا عندما التقينا بتلك 

السماوية العجوزة شيان يوي. 

لا يوجد الكثير ممن اجتمع فيهم هذان الشرطان . 

بدأتُ أشتبه في تشي مو ياو أيضًا . 

من غيره يمكن أن يكون ؟ شي زيهي ؟”


استمع شي هواي إلى تحليلهما ووجهه يزداد ظلمة


عدم وجود إجابة قاطعة كان يزعجه بشدة


كان قلبه كأوراق اللوتس تطفو على صفحة ماء زرقاء ، 

بلا جذور ، تتلاطمها الأمواج دون توقف


كان يحدق في تشيوتشيو طوال الوقت


لاحظ أنه طار قليلًا في أرجاء الغرفة ثم عاد ليحطّ على كتفه، 

يتمايل وكأنه يستعرض أمام سونغ وييو


حتى أحشاؤه كانت ممتلئة شحمًا


ثار سونغ وييو واقفًا وقال: “ إنه يتحداني ! 

ما الذي يجعله واثقًا إلى هذا الحد ؟”


ضحك زونغ سيتشن أيضًا وقال مبتسمًا: 

“ يعرف أن السيد الشاب شي هواي يحميه . 

وبالمناسبة، يبدو أنه يحب السيد الشاب كثيرًا .”


سمح شي هواي لتشيوتشيو أن يحط على يده ، 

ثم جرّب ضخ طاقة روحية فيه مرة أخرى—لكن دون جدوى


ولم تنجح أي من الأدوات الروحية أو الطرق التي جرّبها بعد ذلك


أخيرًا، وبعد خيبة أمل واضحة، اضطر الثلاثة للتراجع عن خطتهم


تنهد سونغ وييو وقال: “ يبدو أن هذا الطريق مسدود.”


لم يكن أمام شي هواي إلا أن يعيد تشيوتشيو


لكنه لم يُعده إلى يي تشيانشي، بل أعاده إلى الغرفة التي 

كان يعيش فيها تشي مو ياو


أغلق كل النوافذ والأبواب بإحكام، حرصًا على ألا يهرب مجددًا


وبعد أقل من ساعة، دخلت يي تشيانشي غرفة تشي مو ياو


ولم تتنهد بارتياح إلا عندما رأت تشيوتشيو يحط على الستارة ، يراقبها برأس مائل


ركضت نحوه فورًا واستدعت الوحش الروحي، 

ثم بدأت تسبه وهي تحمله: “ لماذا طرت وحدك؟ 

كنتُ على وشك أن أُجنّ !”


كانت قد ذهبت إلى خلف الجبل لتُخرج تشيوتشيو والثعلب 

الأحمر قليلًا للهواء الطلق، 

بدلًا من إبقائهما في حقيبة الوحوش الروحية طوال الوقت


لكن عندما اختفى فجأة ، دبّ الذعر في قلبها


بحثت عنه في كل أرجاء طائفة نوان يان ، 

خائفة من أن يستخدمه أحدهم كهدف لتجربة تعويذة كرة النار أو ما شابه


وكان أول من لجأت إليه بطبيعة الحال هو يو يانشو


الذي استدعى بضعة تلاميذ لمساعدتها وبحثوا في كل مكان


وحين لم تجد خيارًا آخر ، اتجهت إلى غرفة تشي مو ياو، 

لتكتشف أن تشيوتشيو موجود هنا


وما إن زال عبء ثقيل عن كاهلها حتى بدأت تبكي بصوت عالٍ جدًا وهي تحتضنه


وقف يو يانشو إلى جانبها ، مرتبكًا بعض الشيء


مدّ يده ليواسيها، ثم تردد وسحب يده


لم يكن بارعًا في التعامل مع هذا النوع من المواقف، 

فاكتفى بإرسال رموز إرسال الصوت ليُبلغ التلاميذ الآخرين 

بأن تشيوتشيو قد تم العثور عليه 


ثم بدأ يتفحص الغرفة من حوله وقال: “ كل النوافذ والأبواب كانت مغلقة ، 

لذا تشيوتشيو لم يطِر إلى الداخل 

من تلقاء نفسه. شخص ما تركه هنا .”


نجح في تغيير الموضوع ... فسارعت يي تشيانشي إلى السؤال :

“ إذًا، حقًا تم اختطافه ؟”


: “ يبدو ذلك . ثم أُعيد لاحقاً .”


: “ هل من فعل هذا هم أشخاص من طائفة تشينغ زي؟”


: “ لا أعلم.”


مسحت يي تشيانشي دموعها أخيرًا، وبدأت تدوس الأرض غيظًا :

“ ذلك المنحرف ! مثلي الجنس… كيف تجرأ على امتلاك 

نوايا دنيئة بعد أن رأى كم أن شيدي وسيم؟!”


قال يو يانشو وهو يشير إلى تشيوتشيو:

“ اعتني به جيدًا ما دام أخاك الأصغر تشي مو ياو مشغول 

بالاختبار . سأتولى مراقبتهم . هل أُصيب العصفور بشيء ؟”


رفعت يي تشيانشي حاجبيها بعد أن فحصته وقالت:

“ لا "


: “ جيد. سأغادر الآن.”

لم يرغب يو يانشو البقاء بمفرده في غرفة واحدة مع فتاة، 

فغادر بسرعة


انتظرت يي تشيانشي حتى خرج، ثم تحققت من القيود 

داخل جسد تشيوتشيو، وقامت بتعزيزها


{ من الواضح أن تشيوتشيو قد اختُطف بالفعل… }


—————————



أما تشي مو ياو ——- 


فكان يجلس في جناح العنقاء ، 

يتأرجح بساقيه بينما يراقب بقية المزارعين وهم منشغلون


وبالمقارنة مع توتر الجميع ، بدى هدوءه لافتة للنظر


جناح العنقاء في هذا المكان مكوّن من ثلاثة أجنحة متصلة ببعضها


الجناح الأوسط كان الأعلى ، 

بزوايا سقفه المقوّسة بانحناءة أنيقة ، 


أما الجناحان الجانبيان فكانا أشبه بجناحين مفرودين


جلس تشي مو ياو في الجناح الرئيسي السداسي الشكل، 

مستمتعًا بنسيم عليل يحمل عبق النباتات


في أرض اختبار برج الزجاج المصقول ذي التسع وتسعين طابق ، كان على المزارعين الخاضعين للاختبار أن يدخلوا 

ثلاث تشكيلات في كل طابق


من ينجح في الثلاث ، يمكنه الصعود إلى الطابق التالي


وقد كان هذا اليوم الثاني من الاختبار ——-


وبعد أن شق طريقه إلى الطابق الثالث ، 

شعر تشي مو ياو بأن بصره قد اسودّ للحظة حين رأى مينغ شاولو وجماعتها


{ يبدو أنه لا مفر من لقائهم }


في الحقيقة ، منذ أن رأى مو رين ، كان تشي مو ياو قد توقّع 

أن آلية البرج يمكنها التنبؤ حتى باختياراته العشوائية في 

الدخول إلى التشكيلات، لذا لم يُفاجأ بلقائه بهذه المجموعة


أما مينغ شاولو —- فقد بدت مصدومة لرؤيته في الطابق الثالث


كيف لا، وهي لا تكاد تكفّ عن التحديق فيه منذ أن وقع نظرها عليه؟


وبعد أن أنهت استعداداتها ، تولّت مينغ شاولو القيادة، 

وبدأت بتوجيه المزارعين لكسر التشكيل سويًا


في هذا الطابق ، أصبحت التشكيلات أكثر تعقيدًا ، 

ولم تكن هذه استثناء


لقد بدت وكأنهم قد نُقلوا إلى عالم آخر تمامًا : 

عشب طازج تفوح منه رائحة الأرض ، 

أجنحة ليستريح فيها المرء ، 

ونسيم بارد يداعب الوجوه


و الضباب لم يتبدد بعد


أمام الجناح ، امتدّ بحر من العشب الأخضر المتمايل برفق، 

وتطايرت أغصان الصفصاف فوق ضفة النهر المرصوفة 

بالحجارة الزرقاء المغطاة بالطحالب


كأنهم دخلوا عالمًا خيالي آخر


لكن هذا التشكيل كان جذاب أكثر من اللازم


فالضباب يخلق تشويش يجعل المرء يتوه


وحين يواصل الأشخاص التجوال في هذا التشكيل الذي يبدو بلا نهاية ، 

يجدون أنفسهم يعودون إلى نقطة البداية ، 

ولكن بنسخة مختلفة قليلًا عمّا كانت عليه


إنه تشكيل إرباك وخداع، يُضلّ من فيه ويحبسه


وإذا لم يتمكنوا من العثور على مركز التشكيل ، 

فسيظلون يتجولون إلى الأبد ، غير قادرين على الخروج


كان تشي مو ياو يشعر بالملل وهو يراقبهم ينشغلون


فهو معتاد على هذا النوع من التشكيلات ، 

إذ إن طائفة هي هوان تتقن فنون الأوهام ، 

وهذا التشكيل يعتمد عليها بشكل كبير


مجرد نظرة سريعة تكفيه لاكتشاف الثغرات ، 

لكنه لم يكن يرغب في سرقة الأضواء من مينغ شاولو، 

كما لم يشأ أن يُربط بها أو بجماعتها


ولكن الجلوس والانتظار بدأ يرهقه


وفي النهاية ، لم يستطع البقاء ساكنًا أكثر ، 

فنهض عازمًا على مساعدتهم


دار حول عين التشكيل ، وأثناء دراسته لها ، سمع أشخاص يقولون :


“ ذلك الذي من طائفة يو تشونغ يتجول حول الدرج 

الحجري منذ وقت طويل .”


“ هل من الممكن أنه يظن أن تلك هي عين التشكيل ؟”


“ لقد مررت من هناك مرارًا ولم ألاحظ شيئًا مريبًا . 

يبدو أنه جاء ليحصد نتائج جهد الآخرين، 

من العجيب أنه وصل إلى الطابق الثالث أصلًا .”


“ جلس أولًا وكأنه أبله ، والآن يدرس الدرج الحجري . 

يا لها من نكتة .”


جاء مو رين من جهة أخرى وتنهد قائلًا :

“ ومن أين لكم أنه لا يراقب شيئًا بعناية ؟”


سكت الجميع على الفور بعدما دافع مو رين عن تشي مو ياو


وكانت مينغ شاولو أيضًا قريبة منهم، فسألت مبتسمة:

“ مو رين يبدو أن موقفك منه تغيّر . 

هل التقيتما من قبل ؟”


: “ أجل، مرة واحدة .”



لم يرغب مو رين في الخوض في التفاصيل، 

كما أنه لم يعر تشي مو ياو مزيدًا من الاهتمام، 

بل عاد للبحث بمفرده


كان مو رين يملك جذورًا روحية من عنصر الخشب تفوق المعدل، 

لذا دخل إلى أحد الأجنحة وجلس متربعًا ليتأمل، 

مستخدمًا إحساسه الروحي للاتصال بالنباتات في المكان 

لمحاولة الإحساس بأي خلل في التشكيل


وبالطبع، كان لدى بقية المزارعين طرقهم الخاصة، 

فمن وصل إلى الطابق الثالث لا بد أنه يمتلك ما يكفي من الخبرة


وحين فتح مو رين عينيه ، التقت نظراته بنظرات تشي مو ياو


ورغم شعوره بشيء من الحرج ، توجه نحو تشي مو ياو


وكأنه أراد أن يسأله ' لماذا لم… 

 لماذا لم تكسر هذا التشكيل الوهمي ببساطة ؟


لكنه التفت إلى مينغ شاولو بنظرة ذات معنى، 

ثم صرف النظر عن الأمر، وقرر أن يتولى هو حلّ التشكيل بنفسه


وفي لحظة ، تغيّر العالم من حولهم


تحوّل النهار إلى ليل ، 

وارتفعت قمر في كبد السماء ، 

وتناثرت النجوم كأوراق الخريف المتساقطة


اختفى جناح العنقاء ، وتحولت النباتات إلى أرض حجرية ملساء


امتدّ الطريق بلا نهاية من حيث عين التشكيل —- عند الدرج الحجري


وتحت ضوء القمر ، 

طبول منثورة ، يغلفها الحرير الأحمر


الطبول من النوع التقليدي الأحمر ، تُثبت جلودها بمسامير 

ذهبية وتحيط بها حلقات معدنية


الحرير الأحمر يلفّ واحدًا وثمانين طبلًا ، وكلما تحرّك 

الطبل، تحرك معه الحرير


وفي هذا الوقت، دوى صوت آلة تشين قادمًا من داخل التشكيل


لحنه كان عذبًا ، لكنه يحمل إيقاعًا واضح


لا يزال التشكيل من نوع التشويش الحسي ؛ فكل شيء: 

الحرير الأحمر، والليل، وحتى الموسيقى، صُمم لإرباك الحواس


تغيّرات عشوائية ، تهدف فقط لجعل فكّ التشكيل أكثر صعوبة


هذا التشكيل لا يسمح إلا لمزارعٍ واحد بأن يضرب الطبول في التوقيت الصحيح


هذا الشخص يحتاج أيضًا إلى فهم التلميحات التي تحملها الموسيقى كي يعرف أي طبل يجب ضربه


بمعنى آخر، لا بد أن يكون شخصًا متمكنًا حقًا


أما أولئك الذين لم يفهموا نظرية الموسيقى، 

فقد استسلموا ووقفوا جانبًا بانتظار أن يحله الآخرون


تشي مو ياو لم يكن في عجلة من أمره


جلس يراقب مينغ شاولو وهي تقفز إلى داخل التشكيل 

وتحاول إيجاد المواقع الصحيحة بالاستماع إلى اللحن


لا تستهِن بمينغ شاولو لمجرد عنادها، فكبرياؤها له ما يبرره.


فهي ذات جذور روحية من عنصر الخشب النقي، 

جميلة المنظر، وتأتي من خلفية عائلية ممتازة


قفزاتها داخل التشكيل بدت وكأنها ترقص


أكمامها تتطاير في الهواء كزهور الخوخ التي بدأت تفتّح لتوها


كان لا بد من ضرب الطبول واحدًا وثمانين مرة بدقة


لكن إذا أخطأ المرء مرة واحدة فقط، 

فعليه أن يعيد المحاولة من البداية


واحد وثمانون طبلًا، واحد وثمانون ضربة


يجب أن يُضرب كل طبل مرة واحدة فقط


النغمة تتغير باستمرار ، وموقعها غير ثابت


إذا لم تستطع مواكبتها ، فسوف تفشل حتمًا في كسر التشكيل


سمع تشي مو ياو بعض المزارعين وهم يتنهدون:


“ إنه صعب للغاية .”


“ الأخت مينغ مذهلة حقًا . لو كان الأمر بيدي ، لفشلت حتى 

لو استخدمتُ الإحساس الروحي لمراقبة الطبول كلها .”


“ صحيح؟”


في محاولتها الأولى ، تمكّنت مينغ شاولو من ضرب اثنين وأربعين طبلًا متتاليًا


لكنها لم تستطع المواصلة في الضربة الثالثة والأربعين، 

وبالتالي فشلت في كسر التشكيل


خرجت من التشكيل وهي تتنهد طويلًا ، وقالت بامتعاض:

“ الأمر صعب جدًا !”


لكن رغم ذلك، كانت راضية في داخلها


فهي تعلم أنها أدّت أداءً ممتازًا بالفعل


كانت قد اجتازت هذا التشكيل في حياتها السابقة قبل أن تُبعث من جديد


في ذلك الوقت، كان مو رين هو من اكتشف عين التشكيل أولًا


لم ترَ بنفسها كيف فعلها، لكنها كانت شاهدة على تغيّر المشهد ودخولهما المرحلة الثانية من التشكيل


هذه المرحلة الثانية سببت لهم إرباكًا حينها


جرّب الجميع ، واحدًا تلو الآخر ، 

لكن في النهاية كانت هي أول من اجتازها بعد يومين من المحاولات المتكررة


ومع تكرار المحاولات ، كانت قد حفظت الإيقاع تقريبًا


كانت واثقة تمامًا من أنه لا أحد سيستطيع التفوق عليها هذه المرة


تذكرت أن الوحيدين الذين نجحوا في اجتياز هذا المستوى 

من التشكيل حينها كانا هي ومو رين


قال مو رين وهو ينظر إلى التشكيل بجديّة ويُشيد به:

“ هذا التشكيل صعب للغاية . 

لقد أبليتِ بلاءً حسنًا بالفعل .”


سألته مينغ شاولو:

“ هل يود الأخ الأكبر مو رين أن يجرب ؟”


: “ أجل، سأجرب.”

قال هذا ودخل التشكيل مستخدمًا تقنية الجسد الخفيف، 

محاولًا تهدئة نفسه والاستماع بعناية إلى الإيقاع


لكن في محاولته الأولى، لم يتمكن سوى من ضرب الطبول أربع عشرة مرة متتالية


تقدّم المزيد من المزارعين بعده، وجميعهم فشلوا أيضًا


حينها، نظرت مينغ شاولو إلى تشي مو ياو، الذي ظل جالسًا 

أغلب الوقت يراقب بصمت، وقالت:


“ينبغي للأخ الصغير تشي أن يُجرّب أيضًا .”


كانت ترغب في أن يجرّب الجميع، 

كي يدركوا بأنفسهم مدى صعوبة هذا التشكيل، 

وعندها فقط سيقدّرون حقًا ما أنجزته


بل إنها بدأت تتخيل بالفعل أن خبر اجتيازها لهذا التشكيل سيصل إلى آذان شي زيهي


وربما، سيتغيّر رأيه عنها أخيرًا


ففي النهاية ، لم يكن هناك أحد مهووس بالتشكيلات أكثر من شي زيهي


وبينما أومأ تشي مو ياو وتقدّم إلى الأمام ، قال مو رين فجأة:

“ جربها بطريقة عادية .”


التفت إليه تشي مو ياو ، ليواصل مو رين حديثه بنبرة توجيهية كعادته :

“ الناس سيكتشفون الأمر عندما تجتاز الطوابق التالية بسرعة على أي حال . 

لا داعي لإخفاء ذلك الآن، ستوفّر على نفسك الجهد والوقت .”


فكّر تشي مو ياو للحظة ثم أجابه:

“ أجل… معك حق.”


لم يفهم الآخرون ما الذي كان يتحدث عنه الاثنان


عبست مينغ شاولو قليلًا ، 

فلم تكن تتوقع أن يتمكن تشي مو ياو من الوصول إلى هذا التشكيل

 —— وبصراحة، كانت فضولية للغاية حيال قدراته الحقيقية


دخل تشي مو ياو التشكيل ، مستمعًا إلى الإيقاع ، 

مراقبًا الطبول، ثم بدأ في كسر التشكيل


كل تلميذ في طائفة هي هوان يتقن الإيقاع


وكانوا بارعين أيضًا في سائر الفنون الرقيقة، 

وهي أساليب كانوا يستخدمونها لجذب “الأفران” الأفضل


وبطبيعة الحال، كان تشي مو ياو متمكنًا في ضبط الإيقاع، 

ربما أقل قليلًا من أخواته في الطائفة، 

لكنه لم يكن سيئًا إطلاقًا


كان يترك عند ضرب الطبل أثرًا من توهج وردي خفيف لا 

يراه سوى أبناء طائفة هي هوان، 

حتى يتمكن من تتبع الطبول التي سبق له ضربها ——


كان يتحرك من طبلٍ إلى آخر برشاقة ، وكأن خطواته رقصة خفيفة


وسطوع القمر الفضي تسلّل إلى شعره وثيابه ، 

فبدا وكأنهم يضيئونه بلون أبيض فضي


اللحن يدور ، والرقص ينساب


  وظلال جسده تنعكس على أسطح الطبول والحرير الأحمر


ظهر واختفى بين الطبول المتنقلة والحرير المتمايل، 

وأكمامه وشعره الطويل يرفرفان في النسيم


ألقى حجر روح على الأرض، ثم قفز عليه، فأمره بالتحطم، 

فانطلقت الطاقة الروحية منه في لحظة


و تناثرت الشظايا في مشهد أشبه بتفتح زهر الكمثرى، 

و خيوط القطن المبعثرة جميلة على نحو غير متوقع


كان تانغ مينغ دائمًا من أكثر المعجبين المتحمسين بمينغ شاولو —- مهووس بجمالها


لكن حين شاهد تشي مو ياو وهو يكسر التشكيل، 

لم يستطع أن يمنع نفسه من الهمس بدهشة :

“ ما أجمله…”



ولم ينتبه إلى ما قاله إلا بعد أن لاحظ ملامح الاستياء على وجه مينغ شاولو، 

فسرعان ما صرف نظره واستدار، 

ثم بلع ريقه في حرج محاولًا إخفاء ارتباكه


أما مو رين، فظل يراقب تشي مو ياو وهو يحطم التشكيل، 

يعدّ الضربات في صمت، 

ثم بدأ بعدها في العدّ بصوت مسموع عندما وصل إلى السبعين


واتسعت أعين الجميع الذين كانوا يشاهدون من داخل التشكيل


وبدأ البعض لا إراديًّا بحبس أنفاسهم


{ لقد وصل إلى الضربات الأخيرة الحاسمة ! }


: “ سبعون، واحد وسبعون… ثمانون، واحد وثمانون!”

صرخ مو رين بالعدد الأخير بصوت أعلى من المعتاد، 

وكان في نبرته أثر من الدهشة السعيدة


{ لقد نجح !


من المحاولة الأولى !


تنفيذ نظيف وسلس من البداية وحتى النهاية !! }


تنفّس مو رين الصعداء نيابةً عن تشي مو ياو —-

كان يحتقره في السابق، لكنه الآن بدأ يحترمه ——-


كان مو رين قادرًا على تغيير نظرته إذا واجه من هو حقًا أهل للتقدير


أما مينغ شاولو —— فكانت تنظر في ذهول إلى تشي مو ياو 

وهو ينجز التحدي بسهولة


بل إن مو رين نفسه تخلى عن نفوره السابق من تشي مو ياو، 

ونجاح تشي مو ياو بعث فيه الحماس مجددًا، ليحاول مرة أخرى


كان الأمر كما لو أن مو رين كان يتعلّم أثناء مشاهدته لتشي مو ياو وهو يكسر التشكيل


مينغ شاولو : { كيف حدث هذا ؟

من أين جاء هذا الـ تشي مو ياو ؟!


كيف يمكن أن يكون هذا ؟


مجرد نفاية من طائفة يو تشونغ!


كيف يمكن أن يكون هذا ؟!! }

نظرت إلى من حولها، فوجدت أن الجميع تقريبًا كانوا 

مذهولين من مهارات تشي مو ياو في كسر التشكيل


بعضهم بدا مصدوم ، وبعضهم متشككًا ، 

وآخرون كانوا ببساطة مبهورين بالكامل


لكن أكثر ما كان حاضرًا ، هو الصدمة العميقة التي لا تزول بسهولة


: “ هذا التلميذ من طائفة يو تشونغ مذهل فعلًا.”


: “ بدأت فجأة أقتنع أنه يُلقّب بأجمل شخص في العوالم الثلاثة لسبب وجيه ! 

مشهد ضربه للطبول كان في غاية الجمال !”


: “ من كان يظن أن لديه هذه القدرات فعلًا…”


أما تشي مو ياو —- فقد قد نُقل خارج التشكيل بعد نجاحه ، 

لذا لم يعرف أن مينغ شاولو كانت غاضبة لدرجة أنها عضت 

شفتها حتى جرحتها


ولم يلمس حجر النقل الموجود في الغرفة فورًا ، بل بقي واقفًا بصمت ، يضع يده على الحائط


: “ خصري العجوز… آآآآه!! آي، آي، آي!!”


كان الألم شديدًا لدرجة أنه لم يجرؤ على الحركة بتهوّر

و ظل واقفًا لفترة طويلة ، ممسكًا بخصره بيد ، وبالحائط باليد الأخرى


كان قد شدّ عضلة في خصره أثناء كسره للتشكيل


ولم يتذكر تشي مو ياو قدرته العلاجية إلا بعد أن ظل واقفًا 

بهدوء لبعض الوقت، فبدأ يعالج خصره سرًّا


ركبتاه وخصره المتقدّمان في العمر لم يتعافوا أبدًا من ' الإصابات القديمة ' 

فهو لم يُخلق لهذا النوع من الحركات أصلًا


أما ' الإصابات القديمة ' فقد كانت بطبيعة الحال تلك التي 

تعرّض لها خلال سنواته في الكهف ~ —-


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي