Ch39 | TDVWD
عندما عاد تشي مو ياو وشي هواي إلى طائفة يو تشونغ على لفافة الخيزران الطائرة ،
وجدا المكان أكثر حيوية مما كان عليه عند مغادرتهما
لقد أُرسل يو يانشو وشي زيهي لتوصيل بعض الحبوب
الطبية إلى تشي مو ياو ———
وما إن دخلا ساحة الفناء ، حتى صادفا سونغ وييو وزونغ
سيتشن وهما يلاعبان الثعلب
بطبيعة الحال أراد يو يانشو الاستفهام ببضع كلمات ،
وكان المعنى الضمني أنه مستعد لطرد هؤلاء التلاميذ من
الطوائف الشيطانية إن لم يكونوا ضيوفًا لدى طائفة يو تشونغ
لكن سونغ وييو كان لسانه سليطًا، فسأله على الفور: “ أصبحت تجرؤ على الكلام فقط لأن سيد طائفتنا الشاب
ليس هنا، أليس كذلك؟
أنت تعلم تمامًا أنك لست نده .”
رد يو يانشو بهدوء: “ إنه يملك عقدًا روحانيًا مع تنين الهوي ، لذا فمن الطبيعي أنني لست خصمًا له.”
لكنه كان يعتقد أن الأمور ستكون مختلفة إن أُزيل تنين الهوي من المعادلة
أجاب سونغ وييو باستياء: “ أنت لست نده حتى بدون عقد الروح .
لقد أسس قاعدته قبلك .
ولو لم يكن قد… تأخر ، لكان بالتأكيد قد شكّل النواة
الذهبية قبلك بوقت طويل .
أما الآن، فأصبحت أصغر مزارع يشكّل نواة الذهبية في عالم الزراعة ؟ تسسسك ، وكأنك شيء عظيم .
سيد طائفتنا الشاب هو من سمح لك بأن تسبقه .”
ولهذا السبب كان سونغ وييو منزعجًا منذ زمن طويل —-
رد يو يانشو بكلمات مؤدبة ، لكنها تحمل سخرية ضمنية:
“ إذن سأشكره في وقت لاحق .”
توتر الجو بين الطرفين وكاد أن ينفجر
ولحسن الحظ وصل شي هواي وتشي مو ياو في تلك اللحظة
وكان منظرهما، وهما متلاصقان على أداة طيران صغيرة،
أكثر ' وقاحة ' حتى من سمك البيكيونغ في تلك البحيرة
لاحظ تشي مو ياو أن الجميع يحدق بهم ،
فنزل بسرعة عن الأداة وحاول أن يبعد نفسه عن شي هواي… لكن دون جدوى
بل إن الآخر جذبه نحوه وسأله: “ هل يأتي كثيرًا إلى هنا ؟”
وكان يقصد يو يانشو
أجاب يو يانشو نيابةً عن تشي مو ياو: “ نعم ، هذا صحيح .”
ثم اقترب ليساعد تشي مو ياو على الإفلات من قبضة شي
هواي، وقال له: “هل أنت غصن شجرة تسلقت عليه ؟
ألا ترى أنه لا يرغب بذلك ؟”
لكن قبل أن يتمكن تشي مو ياو من الوقوف بثبات ،
زُحزح جسده مرة أخرى حين دفعه شي هواي بعيدًا عن يو يانشو
نظر شي هواي إلى يو يانشو وردّ بصوت منخفض:
“ وكيف عرفتَ أنت؟
هل علّمتكم طائفة نوان يان كيف تفهمون المشاعر
البشرية ، والسلوكيات ، وتفسير تعابير الآخرين ؟”
فرد يو يانشو بهدوء : “ لو كان راغبًا ، هل كان سيبتعد عنك لتوّه ؟”
سارع تشي مو ياو إلى الوقوف بينهما:
“ أنتم الإثنان ، لا…”
فردّ شي هواي بخشونة :
“ اصمت .”
فقال يو يانشو مطمئنًا له:
“ لا بأس .”
كان تشي مو ياو يحب قراءة مثل هذه اللحظات المشحونة
في الروايات ، لكن هذا لا يعني أنه يريد أن يعيشها بنفسه
قال بسرعة:
“ الأخ يو هم هنا فقط ليتفادوا أشخاص طائفة تشنغ يو حتى
نهاية الشهر . دعني أرى ما جلبته معك .”
سأله يو يانشو مجدداً :
“ هو لم يضايقك صحيح؟”
: “ لا!” ثم أشار تشي مو ياو إلى الكيس الكوني وقال:
“ أحضرت بطيخة ، هل تريد أن تأكل منها ؟”
لكن يو يانشو لم يرغب في أن يرى هؤلاء الآخرون منظره
وهو يلتهم بطيخة كاملة بنفسه،
حتى أن وجنتيه احمرّت من مجرد الفكرة،
فهزّ رأسه قائلًا:
“ لقد جئت لأجلب لك بعض المكملات .
السماوية الموقّرة تشي شان أرادتك أيضًا أن تأخذ هذا الأداة السحرية .
احتفظ بها جيدًا .”
: “ حسنًا، شكرًا.”
ثم تبع تشي مو ياو يو يانشو إلى القاعة الرئيسية ليرى ما جلبوه معه
وفي الطريق ، قال شي زيهي بتحية:
“ الأخ تشي لقد عانيت كثيرًا في ذلك اليوم .
في الواقع، لو كنت قد بدأت التحدي بعد ربع ساعة فقط،
لكنت دخلت التشكيلة معك .”
تنهد تشي مو ياو قليلًا عند سماع ذلك:
“ إذًا من حسن الحظ أنني فتحتها باكرًا .
تلك التشكيلة كانت خطيرة بحق ،
وأشك في أننا كنا سننجو منها معًا .
ففي النهاية، هو السيد السماوي غوان نان من كسرها .”
: “ صحيح . المعلم يملك فهمًا عميقًا جدًا بالتشكيلات،
وكسر هذا النوع من التشكيلات ليس صعبًا عليه .”
كان زونغ سيتشن يراقب حديث تشي مو ياو وشي زيهي
ولم يستطع إلا أن يعلق:
“ آييييه ياو … إنهما حقًا كنزان شابان .”
سونغ وييو لم يفهم :
“ ماذا تقصد؟”
: “ من النادر أن تجد شابان لطيفين ونقيي المظهر في عالم
الزراعة ، بل ويتفاهمان معًا أيضًا .
دائمًا أشعر أن وقوفهما معًا مشهد مريح جدًا .”
“…” فقام سونغ وييو بقرصه
بعد قليل رأى زونغ سيتشن شي هواي واقفًا بين تشي مو ياو
وشي زيهي، حتى صار الثلاثة يشكلون معًا شكل حرف 凸
زونغ سيتشن: “…”
{ ربما ما كان عليّ أن أتحدث بسوء ،
لكن واضح أن سيد طائفتنا الشاب يشرب الخل !
كان عليّ أن أقول فقط إن شخصًا نقيّ الذهن كـ تشي مو ياو هو الأنسب للارتباط بتنين شاب شرير المزاج }
( الخل = الغيرة )
أما عن المكملات التي أرسلوها طائفة نوان يان فقد كانت
حبوبًا تعزز من الزراعة ،
لكنها لم تكن الشيء الذي يريده تشي مو ياو أكثر من غيره
فحبوب تشكيل نواة الذهبية نادرة وثمينة جدًا،
حتى طائفة نوان يان لا يوزعها على التلاميذ بسهولة
فليس الجميع ينجح في المحاولة الأولى
أحيانًا تُعطى مرة واحدة ، لكن إن فشل التلميذ فلن يحصل على فرصة ثانية
لذا، يتردد التلاميذ كثيرًا قبل اتخاذ قرار تناولها في المرة الأولى
أما تلميذ من طائفة يو تشونغ مثل تشي مو ياو
فلا حاجة حتى أن يحلم بذلك
الأداة التي أُرسلت كانت من السماوية تشي شان
وكانت لوح تشكيل متين يُستخدم أثناء نصب التشكيلات ،
مما يجعل العملية أقل جهدًا وأكثر دقة
فعلى سبيل المثال ، كان على تشي مو ياو أحيانًا أن يرمي
الأحجار الروحية إلى مواقع مختلفة أثناء نصب التشكيلة،
وإن تغيّر موضع الحجر الروحي يتأثر أداء التشكيلة
أما الآن ، فالأمور ستتحسن كثيرًا بفضل اللوح
تفحص تشي مو ياو الأداة ثم شكر يو يانشو وشي زيهي:
“ شكرًا لكما على تكبّد عناء المجيء .
أرجو أن تنقلا شكري أيضًا إلى السماوي الموقر غوان نان
والسماوية الموقرة تشي شان .
هل لا تزال الأوضاع فوضوية في طائفة نوان يان؟”
عبس يو يانشو حاجبيه دون وعي عندما سمع هذا السؤال،
بل ظهر في عينيه شيء من الاشمئزاز
من الواضح أن مجرد التفكير في شؤون الطائفة أفسد مزاجه
ويو يانشو، الذي كان دائمًا يتصرف كرجل نبيل نادرًا يُرى
عليه هذا التعبير ،
بدا مظهره مقلقًا هذه المرة ،
وأخيرًا، أجاب بصراحة :
“ نعم، الوضع داخل الطائفة معقد نوعًا ما،
ونحن نحاول التعامل معه بأفضل ما نستطيع .”
فهم تشي مو ياو أنه من الأفضل تغيير الموضوع، فقال:
“ حسنًا، لن أُطيل عليكم أكثر من هذا .”
رمق يو يانشو شي هواي بنظرة أخرى قبل أن يقول:
“ إذا حدث أي شيء ، أرسل إليّ تعويذة إرسال صوت .
وفي أسوأ الأحوال ، أطلب من المعلم أن يأتي لطردهم .”
خشي تشي مو ياو أن يُغضب هذا الكلام شي هواي فيدفعه
إلى الشجار مع يو يانشو، فسارع إلى مرافقة يو يانشو بنفسه إلى الخارج
أما شي هواي، فقد توجّه مباشرةً إلى غرفة تشي مو ياو وانتظر فيها
لم يستطع تشي مو ياو إلا أن يتنهّد ——
لقد أصبح شي هواي أكثر جرأة وعلانية في تصرفاته مؤخرًا،
وطائفة يو تشونغ كلها تتغاضى عن الأمر
ففي النهاية ، لم يكن لديهم وسيلة لإيقافه
لم يكن أمامه سوى الذهاب بنفسه إلى غرفة الحسابات لتسجيل معاملات اليوم ،
وتجنّب رؤية شي هواي في الوقت نفسه
في هذه الأثناء ، جاءت يي تشيانشي تقفز إلى غرفة
الحسابات لتثرثر مع تشي مو ياو قائلة:
“ عندما ذهبتُ لتسليم عظام الوحوش إلى طائفة ياو
سمعت أن طائفة نوان يان كان صاخبًا جدًا مؤخرًا .
القصور السبعة الأولى يتشاجرون حول من سيكون القائم
بأعمال زعيم الطائفة ،
بينما لا تزال الفوضى قائمة في قصورهم أصلاً .
يبدو أن التنافس بينهم شرس .”
سألها تشي مو ياو:
“ زعيم الطائفة مصاب منذ فترة ، ألم يتم ترشيح أحد حتى الآن ؟”
أجابت:
“ معظم الناس يريدون أن يكون السماوي الموقر غوان نان
هو القائم بالأعمال ، لأنه أقوى شخص في للطائفة بعد الزعيم .
لكن السماوية الموقرة شيان يوي تعارض ذلك ،
لأن السماوي غوان نان لا يهتم بأي شيء ، ولو أصبح زعيمًا ،
فسوف تتولى السماوية الموقرة تشي شان شؤون الطائفة
نيابةً عنه ، وهذا يعني أن طائفة نوان يان سيكونون تحت سيطرة دخيلة…”
فالسماوية الموقرة تشي شان لم تكن من أبناء العائلات الكبرى في طائفة نوان يان، بل كانت تلميذة مختارة
ورغم أنها كانت في الطائفة لأكثر من قرنين،
إلا أنها لا تزال تُعتبر “دخيلة”،
وبالتالي لا تُعد مرشحة مناسبة لمنصب القائم بالأعمال،
مما يعني أن السماوي غوان نان أيضًا يُستبعد تلقائيًا بسبب علاقتها به
لم يشعر تشي مو ياو بالضيق بعد سماع هذا الكلام. ،
بل فكّر أن الزعيمة على الأرجح لا ترغب بالمشاركة في هذه الفوضى أصلًا
فإن لم تتمكن من النوم مع السماوي الموقر غوان نان،
فهي بالتأكيد لا تهتم بشؤون القصر الثالث
وحتى لو كان لديها طموح لهذا المنصب،
فسيكون فقط لأن السماوية الموقرة شيان يوي لا يجب أن
تحصل عليه
لأنها إن فعلت، فستقوم بقمع الزعيمة بلا رحمة
تابع تشي مو ياو تدوين الحسابات بفرشاته، وقال:
“ الآن بعد أن أفكر في الأمر ، لا بد أن شيوخ طائفة نوان يان
يعانون من صداع شديد هذه الأيام .”
أومأت يي تشيانشي بقوة :
“ أليس كذلك ؟
هناك المزيد والمزيد من النزاعات التي تزداد حدة بين
تلاميذ القصور المختلفين .
لا أفهم لماذا كل هذا الضجيج حول منصب قائم بأعمال زعيم الطائفة فقط .”
أجابها تشي مو ياو بهدوء:
“ هذا أمر طبيعي ، بما أن زعيم طائفة نوان يان يعيش آخر
سنوات عمره ، ولا أمل له في اختراق مرحلة نصف الإله.
منصبه سيُصبح شاغرًا عاجلًا أو آجلًا.
والأغلب أن من يتولى منصب القائم بالأعمال الآن سيحظى
بميزة عندما يحين وقت اختيار زعيم جديد للطائفة .”
عبست يي تشيانشي :
“ لكن نزاعاتهم هذه أوشكت على تمزيق قصورهم بالكامل!”
ردّ تشي مو ياو:
“ لطالما كانت هناك خلافات بين القصور السبعة الأولى في طائفة نوان يان.
فالعشائر الكبرى دائمًا تتصادم بسبب قضايا توزيع الموارد.
وما يحدث الآن هو مجرد انفجار لكل تلك المشاكل المتراكمة .
في العادة، كانوا يتحاشون المواجهة حفاظًا على ماء الوجه
والروابط ، لكن نقطة الانفجار هذه دفعتهم لتصفية كل الأحقاد دفعة واحدة.
وبمجرد أن يُحسم أمر زعيم الطائفة، سيعودون إلى حالة الانسجام المزيّف التي عهدناها .”
فكّرت يي تشيانشي قليلًا، ثم تمتمت:
“ الوضع معقد للغاية…”
ابتسم تشي مو ياو :
“بالضبط، ولهذا لا داعي لأن نُشغل أنفسنا به.
ليس من شأننا أساسًا.
طبعًا، من اللائق أن نظهر بعض الميل للقصر الثالث بعد ما
قدموه لنا من رعاية، حتى لا يُقال إننا ناكرو جميل.
لكن لا حاجة لأن نتورط مباشرة عند وقوع المواجهة.
فنحن لا نملك القوة الكافية وسنجرفنا الرياح إن دخلنا في هذا الصراع.
ولن يلومنا أحد إن بقينا بعيدين، لأن لا أحد يتذكر وجودنا أساسًا .”
أومأت يي تشيانشي بسرعة وقالت بحزم:
“ صحيح! لا يجب أن نتورط إطلاقًا !”
ثم خرجت من غرفة الحسابات وهي تقفز فرحًا، خالية البال
بعد أن غادرت، أنزل تشي مو ياو فرشاته على الطاولة،
وبدأ يتأمل دفتر الحسابات أمامه بشرود
بخور غرفة الحسابات لا يزال يتصاعد ببطء ،
ودخانه يرسم مشهدًا يشبه لوحات المناظر الطبيعية
هبّت نسمة هواء داخل الغرفة ،
فأطلقت الجرس المعلّق عند النافذة ،
وبدأ يرنّ بصوت رقيقٍ وعذب
بحلول هذه اللحظة ،
أصبحت أحداث الرواية التي يعرفها فوضى تامة ——
{ الشيء الوحيد الذي لم يخرج عن مساره ،
باستثناء الحب العميق بين البطلين ،
هو هذا: البطلة الثانية لا تزال كما هي، امرأة مُرّة وحقودة،
وتحب أن تتلقى الصفعات في كل مرة تفتعل فيها المتاعب ...
أما ما عدا ذلك، فكل شيء أصبح خارج السيطرة ؟
حتى الفوضى التي اجتاحت طائفة نوان يان
فقد وقعت قبل أوانها بمئة عام ….
ووقتها ، كان يو يانشو لا يزال في مرحلة الجوهر الذهبي .
ولا أحد يعلم إن كان سيتمكن فعلًا من أن يصبح زعيم
الطائفة بعد قرن كما كانت الرواية تقول }
لم يفهم تشي مو ياو لماذا لم يكن يستطيع مغادرة طائفة
هي هوان في الماضي مهما حاول،
رغم أن كل حبكات الرواية الأخرى قد انحرفت عن مسارها ولم يصحَّح منها شيء
{ هل لأن الشخصيات الثانوية مثلي لا تملك حتى أدنى
حقوقها في هذه الرواية ؟ }
لقد اعتقد سابقًا أن مجرى الحبكة لا يمكن تغييره،
ولهذا خاف من شي هواي لسنوات طويلة
أما الآن، فبدا له أن كل ذلك الخوف كان مجرد تفكير زائد لا طائل منه
نظر نحو غرفته وتنهد مجددًا
{ لا أدري ما الذي يجب عليّ فعله …
كيف يُفترض به أن أُواجه شي هواي ؟
كيف أتعامل مع كل هذا بشكلٍ سليم ؟
وماذا ستكون النتيجة… لو أنا وشي هواي…؟ }
في تلك اللحظة، بدأ المكتب أمامه يهتز فجأة
كما بدأ الجرس المعلَّق قرب النافذة يهتز بعنف ، ورنينه لا ينقطع
نهض من مكانه بسرعة وخرج إلى الفناء ،
ليجد بقية التلاميذ يندفعون إلى الخارج أيضًا
بادر تشي مو ياو بتنظيمهم وتوزيع المهام عليهم بسرعة ،
ثم أخرج الأداة السحرية دينغدينغ وتوجّه بها إلى قمة الجبل
فجبال بو هي غالبًا تشهد زلازل بشكل دوري ،
أحيانًا قوية وأحيانًا ضعيفة
لذا ، كان التلاميذ يتخذون الحيطة دائمًا في حياتهم اليومية،
كما أن مساكنهم كانت معزَّزة بتشكيلات وقائية
لكن الأماكن التي تعيش فيها الوحوش الروحية لم تكن تتمتع بهذه الحماية
فالوحوش الروحية تهاجر حسب تغيّرات البيئة المحيطة أو عند الإنجاب
بعض المواقع يمكن تحصينها بالتشكيلات ،
لكن لا يمكن فعل شيء في اللحظة نفسها إذا هربت الوحوش فجأة
ولأن الزلزال وقع ، كان أول ما خطر في ذهن تشي مو ياو هو
بيض وحوش الكلاب ذات المناقير المسطحة التي وضعت
بيوضها مؤخرًا في قمة الجبل
هذا النوع من الوحوش الروحية لا تمتع بحسٍّ أمومي قوي،
ولا تبقى بجانب بيوضها طوال الوقت
فعندما تشعر بالجوع ، تذهب للبحث عن طعام وتترك
البيوض وحيدة في الحفرة
كما أن هذا النوع يحبون بناء أعشاشهم في قمم الجبال ،
وهي الأماكن الأكثر خطورة وقت الزلازل
وبمجرد أن وصل تشي مو ياو إلى قمة الجبل مستخدمًا أداته السحرية ،
رأى صخرة ضخمة تتدحرج من مقدمة الكهف ،
تنثر الغبار مثل فِطْرياتٍ تنفجر تحت الشمس
تفاداها برشاقة ، ثم اقترب بحذر من الكهف محاولًا الدخول لإلقاء نظرة…
ما إن اقترب تشي مو ياو من الكهف ، حتى أمسك أحدهم بذراعه
قال بصوت فيه نبرة لوم : " ألا ترى أن الكهف على وشك الانهيار ؟
لماذا لا تزال تُصر على الدخول ؟"
نظر تشي مو ياو إلى شي هواي بدهشة
أول ما خطر في باله عند الزلزال هو الإسراع لحماية بيض
الوحوش الروحية ،
بينما أول ما فعله شي هواي هو اللحاق به لحمايته ——
أشار تشي مو ياو إلى داخل الكهف وشرح له: " لا تزال هناك بيوض في الداخل ."
: " بيوض؟ بيوض ماذا؟"
: " بيوض وحوش الكلاب ذات المناقير المسطحة."
"...؟" { ما هذا الكائن الغريب؟
ولماذا دائمًا أناس طائفة يو تشونغ يتعاملون مع مخلوقات عجيبة ؟ }
بدت ملامح القلق على وجه تشي مو ياو
فأمسك بأكمام شي هواي وسأله: " هل لديك طريقة لتثبيت الكهف ؟
دعنا ندخل ونلقي نظرة ."
الكهف يقع في أعلى جبل على الجزيرة، في ذروته تحديدًا
وعند وقوع الزلازل ، كلما زاد الارتفاع ،
زادت شدة الاهتزازات
هذا المكان تحديدًا يهتز بعنف ، والكهف بدا وكأنه سينهار في أي لحظة
نظر شي هواي إلى يد تشي مو ياو التي تشد على كمه ،
ثم نظر إليه مباشرةً
وفي النهاية، استخدم حاجزًا وقائيًا ليحيط بهما معًا ثم توّجها إلى داخل الكهف
هذه أول مرة يطلب فيها تشي مو ياو مساعدته
قال له شي هواي وهو يقرّبه منه : " اقترب أكثر .
كلما صغرت المساحة ، زادت قوة الحاجز ."
ثم سحب تشي مو ياو إلى جانبه
لكن تشي مو ياو كان قلقًا للغاية على البيوض،
ولم يهتم بهذه التفاصيل
سحب شي هواي من ذراعه إلى الداخل
" من هنا، الطريق مسدود ."
رفع شي هواي يده لدفع بعض الطاقة ،
فبادر تشي مو ياو بسرعة :
" لا تدمّر البيوض !"
"..." لم يجد شي هواي حلًا سوى أن يتخلى عن الهجوم ،
ويستخدم تقنية تحريك الأشياء لإزاحة الصخور والغبار برفق
الكهف الصغير من الداخل خانق الهواء وقليل الضوء،
لكن لحسن الحظ كلاهما مزارعان يتمتعان ببصر معزز،
فاستطاعا الرؤية بوضوح نسب
لاحظ تشي مو ياو أن التشكيلة الموجودة داخل الكهف لا تزال تعمل ، وإن كان بصعوبة
وكما توقّع، لا الأم ولا الأب من الوحوش كانا حاضرين
ما إن دخل حتى أخرج لوحة التشكيل الصلبة التي حصل عليها مؤخرًا وبدأ بتعزيز التشكيلة
لم يكن من الممكن نقل البيوض،
لأن الوحوش عندما تعود ولا تجد شيئ تظن أن بيوضها
فُقدت ولا تعود تجلس عليها مرة أخرى،
بل ربما حتى لا تتعرف عليها لو أُعيدت لاحقاً
في هذه الأثناء ذهب شي هواي لإلقاء نظرة على تلك البيوض
القشرة بلون أخضر شاي بنقوش بيجية
غريبة لكنها لطيفة
رفع بصره ونظر إلى الداخل مجددًا ، فرأى سرير حجري موجود في ركن من الكهف
سأل بتعجب : " هل عاش أحد هنا من قبل؟"
نظر تشي مو ياو إليه لوهلة ثم أجابه : " وحوش الكلاب مهملة لدرجة أنها لا تجلس على بيوضها بالقدر الكافي لتفقس،
ولهذا معلمنا أنشأ هذا السرير الحجري هنا،
ليبقى شخص يراقب ويحرص على أن تجلس الوحوش على بيوضها ."
اقترب شي هواي من السرير الحجري ، واستخدم تقنية التنظيف البسيطة لتنظيفه ، ثم تمدد عليه
بعدما انتهى تشي مو ياو من تعزيز التشكيلة،
لاحظ حركة شي هواي الغريبة هذه فسأله بفضول:
" أنت... ماذا تفعل؟"
رد عليه شي هواي :
" هل أنهيت تعزيز التشكيل ؟"
: " ممم ."
شي هواي استخدم على الفور تقنية التحكم بالأشياء ليرفع
تشي مو ياو في الهواء ويُجلسه فوق جسده ،
في وضعية كان مألوفًا بها تمامًا ——
تشي مو ياو صُدم وبدأ يحاول النهوض بهلع ،
لكن شي هواي ثبّته بقوة ومنعه
سأله مو ياو بسرعة : “ ما الذي تفعله؟!”
هواي : “ أتحسس الوضع .”
: “ تتحسس ماذا…؟” ازداد شعوره بالذنب ،
فهذه الوضعية كانت مألوفة جدًا له أيضًا ،
فقد تكرر جلوسه بهذا الشكل مرارًا خلال تلك السنوات الثلاث
: “ أتحسس طول فخذك حتى ركبتك ،
ومن ركبتك حتى كاحلك ، ثم قدمك .
لا أستطيع رؤيتها بعيني ، لكن يمكنني أن أسمعها وأشعر بها.
حواسي حساسة جدًّا لأشياء كهذه .
لا زلت أذكر بوضوح كم يبلغ طول ساقيك حتى .”
خفق قلب تشي مو ياو بقوة حتى كاد يتوقف ،
فازداد صراعه محاولًا الإفلات على الفور
إلا أن شي هواي نهض في تلك اللحظة، وضغط عليه ليبقيه ثابتًا ،
ثم انحنى ونظر مباشرةً في عينيه
توتر تشي مو ياو بشدة تحت هذا التدقيق ،
فابتلع بلا وعي وتهرّب من نظراته
أسند ذراعه على صدر شي هواي ليمنعه من الاقتراب أكثر،
ثم أبعد رأسه قليلًا وهو يقول: “ أ-أتركني .
الاهتزازات عنيفة هنا، قد أقع عليك .”
لكن شي هواي ضغط بصدره على ذراعه ، واقترب أكثر
وهمس في أذنه بصوت منخفض:
“ لا تقلق .
من كان في هذا الوضع سابقًا كان يرتجف أكثر بكثير ،
يرتعش ويبكي ويصرخ طوال الوقت .
اعتدت على ذلك، فما يحدث الآن لا يُذكر .”
ظل الصوت الغامض الناعم يداعب أذنه للحظات
تشي مو ياو بصوت متوتر: “ ل-لكننا التقينا بالصدفة…
لماذا تقول لي أشياء كهذه ؟”
ناداه شي هواي فجأة : “ تشي مو ياو "
“ مم ؟”
: “ اسمك تشي مو ياو ….
تشي مو ياو …. اسمك هو تشي مو ياو ” أخذ يهمس باسمه
في أذنه مرارًا : “ تشي مو ياو… أهذا هو اسمك ؟”
: “ مم .”
جالت نظرات شي هواي المتوحشة على ذراعي تشي مو ياو
المقاومتين ووجنتيه المحمرتين،
ثم سأل بابتسامة فيها سخرية ولعب:
“ لماذا أنت خجول الآن ؟
ألم تكن بلا بنطال في السابق حتى ؟
من المؤسف أنني لم أرَى ساقيك العاريتين أبدًا تحت ذلك
الزي الوردي . ما زلت غير راضي …”
: “ هل تتحدث مع الجميع بهذه الطريقة؟!” انفجر تشي مو ياو غيظًا بعد أن بلغ به الإحراج حدّه
{ هل يقول هذا الكلام لأي شخص؟ لأي مَن كان؟ }
نفى شي هواي على الفور : “ لا !!
لا أتكلم مع الآخرين بهذه الطريقة .”
: “ ش-شكرًا إذًا "
: “ على ماذا ؟”
: “ شكرًا لأنك مستعد للتحدث إليّ، لكني لا أريد سماع هذا الكلام !”
حدّق شي هواي في تشي مو ياو وضحك بخفّة ،
ثم جذب مو ياو إليه مرة أخرى واقترب ليقبّله عندما رفع الآخر رأسه بذعر
المسافة بينهما ضيقة لدرجة أن أنفاس كل منهما كانت
تداعب خدّي الآخر ، وحتى أطراف أنفيهما تلامست
تشي مو ياو تراجع بسرعة وصفع شي هواي على وجهه
الصفعة وقعت على خده ، لكنها ضعيفة جدًا بالنسبة إلى مزارع،
لدرجة أنها لا تُعد حتى تحذيرًا
أشبه بلعبة طفل صغير
ومع ذلك ، انزعج شي هواي
حدّق فيه وسأل بغضب:
“ تجرؤ على ضربي ؟!”
ملامح شي هواي المهيبة بطبعها كانت تبرز الغضب بسهولة ،
وعبوسه البسيط جعله يبدو وكأنه غاضب حقًا
والطريقة التي كان ينظر بها إلى تشي مو ياو الآن كانت
شرسة بعض الشيء بالفعل
تشي مو ياو ارتجف من الخوف حتى تيبّس ظهره ،
لكنه ردّ عليه بثقة:
“ اوووه ! وما المشكلة إن ضربتك ؟
أنت من تصرّف بطريقة وقحة ، وتسيء إليّ فوق ذلك ؟”
: “ لم أكن سيئًا معك…” شي هواي لا يعرف كيف يُلين نبرة صوته أصلًا ،
فدائمًا يتحدث بهذا الشكل : “ أنا دائمًا هكذا .”
: “ أتركني!” حاول تشي مو ياو أن يتخلص منه مجددًا
لكن شي هواي لم يتركه
بل عانقه بقوة أكثر ،
ودفن وجهه في عنق تشي مو ياو وقال بلا خجل:
“ لا. أنا أخاف من الزلازل . احمني يا جدي جيو "
“…”
تشي مو ياو تجمّد تمامًا من العناق ، ولم يجرؤ على الحراك،
لكنه ظل متماسكًا وقال بجفاف:
“ اسمي تشي مو ياو "
: “ اوه ، اووه . اسمك تشي مو ياو ... تشي مو ياو…” أخذ
شي هواي يتمتم بكلمات غريبة وكأنه يحلم:
“ جذور روحية من الماء والتراب والخشب .
ثمانية عشر عامًا .
تلميذ شاب من طائفة يو تشونغ.
شفتان نحيفتان قليلًا وساقان بطول ساقَي آ-جيو تمامًا…”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق