القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch41 | Rainfall: 100%

 Ch41 | Rainfall: 100%


قبل أن يصعد إلى المنصة ، كان عقل تشين كان متزنًا بشكل مفاجئ


لكن، في اللحظة التي ثبت فيها قدميه تحت الأضواء ونظر 

إلى الجمهور أدناه، بدأ حنجرته تضيق بلا تحكم


كان هناك الكثير من الناس


وليسوا أي ناس عاديين — بل كانوا نخبة النخبة في الوسط الأكاديمي ، 

المتكررين على صفحات أبرز المجلات العلمية


لم يكن هناك وجه واحد في الحشد استثنائي ؛ جميعهم عمالقة في مجالاتهم


في جزء من الثانية ، سيطر عليه التوتر لدرجة شعر بموجة غثيان تصعد

وتوقف عقله عن العمل


لم يستطع استجماع قواه إلا عندما تذكر شكل شي ييجين 

المسترخي على السرير في الليلة السابقة، 

وهو يهمس بلا مبالاة “ لا داعي للتوتر”، 

حينها فقط استطاع تشين كان أن يجمع نفسه


أخذ نفسًا هادئًا، رفع رأسه، ارتسمت على وجهه ابتسامة، 

ونظر إلى الجمهور

بعزيمة ثابتة ، ألقى جملته الافتتاحية


وعندما انفجر القاعة بتصفيق مدوي في النهاية عرف تشين 

كان أنه قد أنجز المهمة


تبع المؤتمر حفلة استقبال صغيرة ، 

مناسبة اجتماعية غير رسمية لم يكن تشين كان ينوي البقاء فيها طويلًا


فقد استنزفت الأيام الماضية مخزون طاقته الاجتماعية بالكامل


خطط فقط لتناول مشروب يهدئ حلقه ثم ينسحب إلى الفندق


فكر في إرسال رسالة نصية لشي ييجين يسأله إذا كان يريد 

العشاء معه، لكنه تردد


{ ماذا لو كان شي ييجين يأخذ قيلولة ؟ }


و في النهاية أعاد الهاتف إلى جيبه ، 

وقرر أن يسأله وجهًا لوجه لاحقاً 


: “ مرحبًا ...”


رحب به صوت مرح


اقتربت منه فتاة ذات شعر أحمر تحمل كأس مارتيني 

وابتسامة مشرقة : “ أنا كاتي . 

تحدثنا قليلاً أمام ملصقك أمس . هل تتذكرني ؟”


استعاد تشين صورة كاتي في ذهنه


كانت هي الفتاة التي أخطأت في نطق اسمه ، 

حيث نطقت اسم ' كان'  الإنجليزي ، 

وهو خطأ شائع حتى أن معلمه الموقر جوناثان كان قد وقع فيه ذات مرة


صحح لها تشين كان بصبر في الحال، ومن هنا تعارفا


كاتي ، طالبة دكتوراه في سنتها الثانية ، 

تعمل على أبحاث الشيخوخة في مناعة الفئران . 

قدمت عرض واثق وطليق في وقت سابق — مما يدل 

بوضوح على قدراتها كباحثة ناشئة


ابتسم تشين كان بأدب : “ بالطبع. كان عرضك ممتاز .”


تحدث الاثنان بشكل ودي عن مشاريعهم الحالية 

وطموحاتهم البحثية المستقبلية


كانت كاتي واضحة في أهدافها، 

حيث أعلنت عن رغبتها في الحصول على وظيفة ما بعد 

الدكتوراه في جامعة أمريكية مرموقة، 

ثم أن تصبح عضوة هيئة تدريس


أعجب تشين كان بوضوحها وتصميمها


ثم تنهدت كاتي قائلة : “ لقد كان هذا اليوم مرهقًا جدًا.” 

وأخذت قطعة مادلين من طاولة الحلويات وأكلتها وتابعت : “ الابتسامة أثناء المحادثات مع الأساتذة كان 

مؤلم تقريبًا من الناحية الجسدية . 

الحديث مع شخص أقرب إلى سني حقًا ارتياح .”


ضحك تشين كان بهدوء ، مختارًا عدم التعليق أكثر


عادةً المحادثة تنطفئ عند هذه النقطة بشكل طبيعي، 

لكن كاتي استمرت في التهام الكعك والبسكويت، 

موجهة الحديث نحو مواضيع تافهة ، وكأنها لم تنتهِي بعد


شعر تشين كان أن هناك أمرًا أكثر ، فقرر مساعدتها قائلاً : “ حسنًا هل هناك شيء آخر تودين أن تسأليني عنه ؟”


ضحكت كاتي، وكشفت أخيرًا عن نواياها الحقيقية : 

“ لقد أمسكت بي. هناك شيء واحد ….”

ترددت لحظة قبل أن تواصل : “ بالأمس، في جلسة 

ملصقك، لاحظت رجلاً يمشي معك. 

هل كان اسمه… شي ييجين ؟”


رمش تشين كان بدهشة : “ هل تعرفينه؟”


اتسعت ابتسامة كاتي : “ آه، إذًا هو ،،

لقد التقينا من قبل، نوعًا ما. 

لكنه ربما لا يتذكرني .”

ثم شرحت : “ كنا نعمل في نفس فريق البحث في كاليفورنيا . كنت متدربة وقتها ، 

وهو كان ينهي سنتَه الأخيرة في الدكتوراه . 

سألتُه الكثير من الأسئلة الأكاديمية ، ونصائحه كانت مفيدة للغاية . 

كان… موهوب بشكل استثنائي ...”

تحولت نبرتها إلى التأمل : “ كان كفؤًا بشكل لا يصدق . 

وحتى الآن لا يزال مرشدي روبرت يثني عليه . 

فهل أنتما زميلان الآن ؟”


كان سماع قصة شي ييجين من شخص آخر أمرًا جديد ... 

استغرق تشين كان لحظة ليرتب أفكاره ثم أجاب : 

“ نعم ، نحن نعمل في نفس المختبر الآن .”


تلألأت عينا كاتي بالفضول : “ انتظر لحظة ،،،” 

قالت، وكأنها تربط بعض الخيوط : “ أنت من معهد الأبحاث 

في جامعة U في لندن، صحيح؟ 

هل هو يقوم بمرحلة ما بعد الدكتوراه هناك الآن ؟”


أكد تشين كان : “ صحيح .  

انضم إلى مختبرنا منذ عدة أشهر .”


همست كاتي : “ لندن هااه … لم أتوقع ذلك ...”


جعلها صوتها الغامض تشين كان يتوقف قليلاً

فسأل بنصف مزاح :  “ لماذا ؟ هل لندن لا تناسبه ؟”


: “ لا، لا، لقد أسأت الفهم ،،،،” قالت كاتي وهي تلوّح بيدها 

اعتذارًا : “ كان دائمًا شخصًا متحفظًا جدًا 

— منغلق معظم الوقت . 

لم نعرف إلا بعد رحيله أن والده أستاذ مشهور في المجال ، 

ولديه مختبر وفريق بحث في الصين .”


توقف تشين كان فجأة : “ والده ؟ أستاذ ؟”


أكدت كاتي : “ نعم . و مرشدي روبرت عرض عليه شروط 

مذهلة للبقاء معنا ، لكنه رفض . 

كنا نظن جميعًا أنه عاد إلى الصين لينضم إلى فريق والده. 

لم أكن أتوقع أبدًا أن ينتهي به المطاف في لندن .”


كانت هذه المفاجأة صادمة لتشين كان ——


لم تلاحظ كاتي تعبيره المصدوم واستمرت قائلة : 

“ حسنًا، معهد الأبحاث في جامعة U مكان مذهل أيضًا ...” 

حمل صوتها لمسة إعجاب : “ كان دومًا يبدو لي شخص لا 

يلتزم بالطرق التقليدية… 

لكنه هل ما زال يعمل منفردًا ، أم يتعاون الآن ؟”


هزّ تشين كان رأسه ليتخلص من أفكاره ، وأجاب : 

“ لم يعد يعمل بمفرده . 

نحن نتعاون في مشروع معًا .”


ابتسمت كاتي : “ الناس يتغيرون أليس كذلك؟”

نظرت إلى ساعتها ثم قالت فجأة: “ يا إلهي ، يجب أن أذهب الآن! 

فندقي بعيد قليلاً ، وسيحل الظلام قريبًا.”


أومأ تشين كان برأسه : “ انتبهي على نفسك في الطريق.”


وبينما كاتي تغادر، التفت تشين كان إلى طاولة الحلويات، 

يحدق بلا وعي في صينية من السندويشات


منذ زمن بعيد كان يتساءل لماذا ترك شي ييجين شمس 

كاليفورنيا المشرق ، 

و متجهًا إلى مطر لندن الدائم


و كان تفسير شي ييجين بسيط : “ أتحكم في ساعات عملي 

وأستمتع بالعزلة ” 


كان هذا منطقيًا على السطح، لكنه بدا سبب ضعيف تحت التدقيق


أما عن عائلته … فلم يذكرهم شي ييجين قط


تنهد تشين كان بهدوء ، ومد يده نحو كأس النبيذ ليضعه 

على صينية قريبة، لكنه رأى كاتي تسرع عائدة ، تلهث


تنهدت كاتي باستسلام : “ يبدو أنني سأضطر للبقاء لفترة أطول قليلاً ”


رمش تشين كان بدهشة : “ ماذا حدث؟”


قالت كاتي متعبة : “ لا تسأل ..” وجلست في أقرب كرسي، 

وأخذت كأسًا من نبيذ الفواكه من الطاولة ،

وبعد رشفة عميقة ، 

استطاعت أخيرًا أن تستجمع أنفاسها: “ تمطر بغزارة في 

الخارج — من المستحيل حتى المرور من المدخل . 

الطقس في المملكة المتحدة حقًا كما يُشاع . 

خاصةً في إدنبرة . 

بارد ورطب جدًا. بصراحة ، كاليفورنيا كانت …"


قبل أن تكمل ، لاحظت كاتي الرجل أمامها يتصلب فجأة


و تغيرت ملامحه بالكامل وغابت الابتسامة عن وجهه


و بحركة سريعة وضع تشين كان كأسه على الصينية بجانبه 

وقال: “ عذرًا ، يجب أن أذهب "


قالت كاتي بدهشة: “ هل تغادر الآن؟ 

هل معك مظلة على الأقل؟ 

إنها تمطر بغزارة !”


لكن الرد الوحيد الذي تلقته هو صورة ابتعاده في العاصفة، 

و يختفي بين الأمطار


ركض تشين كان عائدًا إلى الفندق ، متحديًا الغزارة الشديدة


لقد استعار مظلة من موظفي المكان ، 

لكنها لم تكن كافية أمام المطر




فالرياح العاتية تدفع قطرات الماء الباردة جانبًا ، 

فابتلت بدلته المصونة بعناية في لمح البصر


لحظة عابرة ، جعله منظر ملابسه المبللة يشعر بألم في 

قلبه ، لكنه هز رأسه ، استنشق نفسًا عميقًا واستمر في الجري


كان هذا المطر قاسي بلا رحمة ، 

فاجأ الجميع دون سابق إنذار


كان تشين كان قد راجع توقعات الطقس بتمعّن لأيام 

متتالية — حتى أصبح يحفظها عن ظهر قلب


وكانت التوقعات قد وعدت بأن يكون الجو غائمًا فقط هذا 

المساء ، مع احتمال هطول أمطار خفيفة لا يتوقع حدوثها 

إلا صباح الغد


ومع ذلك، ها هو الآن، مبلل تمامًا تحت سيل من الأمطار 

الغزيرة التي تجاوزت كل التنبؤات


في اللحظة التي خرج فيها إلى الخارج 

أدرك أنه لا حاجة لتفقد هاتفه ليتأكد ما إذا كانت هذه 

الأمطار “خفيفة” أم “متوسطة”


كانت قطرات المطر الثقيلة تضرب جسده بقسوة لاذعة


لم تكن مجرد زخّة أمطار ، بل كانت عاصفة كاملة الشدة


ومن الغريب أنه مع تساقط المطر عليه، 

شعر بشيء من الامتنان لأن شي ييجين قد قرر البقاء في الفندق اليوم


فسّرع من خطواته


عندما وصل تشين كان إلى الفندق، 

كان يقطر ماءً من رأسه حتى أخمص قدميه


مرر بطاقة المفتاح ، ودفع الباب المفتوح


في الداخل ، لم يكن هناك سوى الصمت



الغرفة مظلمة تمامًا


أدخل البطاقة في الفتحة ، لكن لم يضئ أي ضوء


حتى الستائر مسدلة بإحكام، تحجب أي شعاع ضوء


للحظة وجيزة ظن تشين كان أن الغرفة فارغة


و ببطء ، تحسس مفتاح الإنارة قرب الثلاجة الصغيرة ، 

فأضاء ضوء خافت من مصباح صغير


أظهر ذلك الضوء الخافت السرير — و الأغطية مرفوعة قليلاً 

في المنتصف ، 

مكوّنةً الظل الواضح لشخص مستلقي


ارتاح صدر تشين كان ، وتنهد نفسًا عميقًا من الارتياح


قال بصوت منخفض: “سنباي؟ عدتُ. 

الجو يمطر بغزارة…”


تردد في كلامه وهو يحاول اختيار صياغة الجملة التالية


{ هل اسأل مباشرةً ' هل تحتاجني الآن؟ '


أم أصوغها بشكل أقل مباشرة ، مثل : ' هل تحتاج مساعدتي؟ ' }


العاصفة في الخارج، والوضع في الداخل، ترسمان صورة 

واضحة لما قد يحدث لاحقاً 


ابتلع تشين بقوة ، وتحركت تفاحة آدم بحذر بينما تسللت 

إليه لمحة من الحماس مع مزيج من التوتر


لكن الشكل على السرير لم يتحرك …. لم يرد …


تردد تشين كان { هل هو نائم بالفعل ؟ }


بالنظر إلى شدة المطر، لم يكن ذلك مفاجئًا تمامًا


فقد أظهر شي ييجين ميلاً للغفوة حتى أثناء زخات المطر الخفيفة


وهذا الطقس كان من السهل أن يجعله يغفو


نزع سترته المبللة ، و نادى تشين كان مجدداً : “ شي ييجين ؟”


لكن لم يكن هناك أي رد


تملكه القلق فاقترب من السرير


توقفت يده للحظة فوق الجسم ثم وضعه يده على كتفه


وهنا شعر بشيء خاطئ جداً —- جداً ——


اجتاحته قشعريرة حين شعر برجفات خفيفة لا إرادية تحت يده


شغّل مصباح الطاولة الجانبية للسرير ، وسحب الأغطية


المشهد أمامه أرسل له صدمة باردة عميقة في قلبه


شي ييجين مستلقي ، بلا وعي تام


توردت وجنتاه بلون أحمر محمرّ ، 

متلألئتان بعرق يتصبب


جسده كله منكمش على نفسه، 

و يرتعش كجرو صغير خائف يبحث عن الدفء


تنفسه خافت بشكل مرعب ، 

ورموشه ترتجف بخفة وضعف


و يده الشاحبة متدلية بلا حول ولا قوة على جانب السرير—


و كأنّ الحياة نفسها تهرب منه شيئاً فشيئاً ….


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي