Ch101 | TDVWD
وقف تلميذان صغيران خارج جدار القصر الثالث والثلاثين
يحملان دفاتر حسابات قاعة الشؤون بين أيديهما،
ويطالعان ما خلف الجدار بفضول
تشيوتشيو حلّق أيضًا إليهما، واستقر على كتف أحدهما،
وبدأ يمدّ عنقه وينظر معهما،
بعينين مستديرتين خالية من الذكاء
هكذا صار يوجد اثنان من التلاميذ وطائر،
يحدّقون معًا بعيون مستديرة لامعة،
يشكّلون مشهدًا متناسقًا وغريبًا
في الوقت الحاضر، لم يعد القصر الثالث والثلاثين يُدعى بهذا الاسم ،
بل أصبح يُعرف باسم قصر هوان شيان وتشي مو ياو هو سيّده الحالي
أما التلميذان الواقفان بالخارج ،
فهما من تلامذة تشي مو ياو ؛
أحدهما يُدعى هان جون ، والآخر يُدعى تشو سان
هان جون أحد التلاميذ الذين استُقطِبوا بعد عدّة اختبارات،
شديد الذكاء،
وفطنًا بالفطرة،
إلا أنّ جذوره الروحية الثلاثية حدّت من إمكانياته
ومع ذلك، لفتَ نظر تشي مو ياو،
فاختاره وسمح له بدخول طائفة تشينغ زي كأحد التلاميذ الداخليين
أما تشو سان، فقد التقطه تشي مو ياو أثناء إحدى رحلاته
خارج الطائفة،
كان صبيًّا جريح نجا وحده من حادثة فقد فيها جميع أفراد عائلته
رقّ له قلب تشي مو ياو، وتذكر نفسه عندما دخل هذا
العالم، فضمّه إليه وعالجه،
ولأنه لم يعرف اسمه أو إن كان له اسم من الأصل،
سمّاه على اسم اليوم الذي أنقذه فيه : الثالث من الشهر —
كان الغرض من مجيئهما هو تسليم دفاتر الحسابات،
لكن ما إن اقتربا حتى سمعا صوت جدال داخل القصر،
فترددا في الدخول
هيبة مزارع في مرحلة ولادة الروح، حين يغضب، تكفي
وحدها لتهزّ الأغصان في الحديقة، وتُرجف النسيم،
وتقلّب الماء. ومع ذلك، كان الغضب مُحاطًا بالحرص، فلم
يصب تشي مو ياو بأذى يُذكر
كان شي هواي في أوج انفعاله، يتنقل جيئةً وذهابًا في
الجناح المطلّ على الماء، وهو يصرخ غاضبًا:
“ حتى حينما تكون نادرًا ما تجد وقتًا للراحة ، تمضيه في صيد السمك !
أنت تقضي وقتًا مع الطائر أكثر مما تقضيه معي !”
تشي مو ياو لم يكن ليرضى بهذا الاتهام،
فردّ عليه محتجًا:
“ ما أقضيه مع تشيوتشيو ليس بالكثير !”
: “ ليس بالكثير؟! رأيتك أمس تتحدث إليه نصف النهار !”
: “ أكنتُ أتحدث ؟ لقد كان يسرق طُعمي ، وكنتُ أوبّخه!”
: “ حتى التوبيخ لم أعد أحظى به!”
: “ أنت لم تسرق طُعمي، ولماذا تقارن نفسك بطائر ؟!”
: “ أنت تتعمد قلب الحقائق !”
: “ وأنت تُثير الشغب بلا مبرر !”
سأل تشو سان، وقد التبست عليه الأمور:
“ أخي الكبير طالما أن سيدنا وسيد الطائفة دائمًا ينعزلان
لثلاث أو خمس سنوات، ويقضيان هذا الوقت معًا، فلماذا
يتشاجران على مثل هذه الأمور؟”
أجابه هان جون بصوت خافت:
“ أنت لا تعرف ... سابقاً ، كان سيد الطائفة يريد أن يُحبس
مع سيدنا لعشر سنوات متواصلة ، كي يُعينه على بلوغ قمة
مرحلة الجوهر الذهبي.
لكن بعد ثلاث سنوات فقط، سيّدنا لم يحتمل وأصرّ على
الخروج، ومنذ ذلك الحين، ظلّ سيد الطائفة يكتم ضيقه،
وها هو اليوم يجد الفرصة ليُفرغ ما في صدره .”
: “ ولماذا كل هذا الحرص على الانعزال؟”
: “ لأنه أراد أن يدفع سيدنا بسرعة نحو مرحلة ولادة الروح،
قبل أن يدخل هو نفسه في انعزال طويل ليحاول بلوغ
مرحلة التجلّي .
إن نجح في رفع سيدنا ، يمكنه أن يطمئن قلبه وينعزل بلا قلق .”
—— مرّ ثلاثة وعشرون عامًا منذ أقام تشي مو ياو وشي
هواي حفل زواجهما الرسمي كزوجين مزارعين —-
لكن لأن مؤهلات تشي مو ياو كانت متواضعة للغاية ،
فقد استغرق الأمر منه ثلاث سنواتٍ كاملة فقط للانتقال من
مرحلة التنقية إلى التأسيس ، وذلك رغم الزراعة المزدوجة المستمرة مع شي هواي
كمية الطاقة الروحية المطلوبة للانتقال من مرحلة
التأسيس إلى مرحلة الجوهر الذهبي، لا تُقارن إطلاقًا بما
يُستهلك بين مرحلتي التنقية والتأسيس
ولولا اعتماد تشي مو ياو على نواة الوحش الخاصة بالذئب السماوي ،
إضافة إلى نبع الطاقة الروحي الموجود داخل تشكيل العقاب السماوي ، لما تمكن حتى بصعوبة من بلوغ مرحلة
الجوهر الذهبي
بعد ذلك بدأ شي هواي يجوب أرجاء عالم الزراعة،
يبحث عن أندر الكنوز والموارد،
حتى أنه فكّر جديًّا في أن يبني غرفة كاملة من حجر تجميع
الطاقة خصيصًا له
أما كبار مزارعي نيران الجحيم الخضراء تيار ،
فقد بذلوا كل ما بوسعهم لمساعدته ،
ولم يبخلوا عليه بأي من تقنياتهم ومخطوطاتهم
لكن، حين انتهت المصادفات النادرة ، وعاد كل شيء
ليعتمد على الموهبة الذاتية وحدها ،
صار من الصعب أن يتقدّم تشي مو ياو أكثر
وبسبب قيوده الفطرية ، توقّف تقدّمه عند المرحلة
الأخيرة من الجوهر الذهبي
أما شي هواي، فكان على النقيض تمامًا
فهو موهبة قلّ نظيرها ،
نادر كالهالة السماوية التي لا تظهر إلا مرة في الألف عام ،
يتقن أي فنون تُدرّس له منذ المرة الأولى ،
وما يتطلب من غيره سنين طويلة من التدريب ،
لا يحتاج هو إلا لأشهر قليلة ليجيده
إن كان غيره يرى الزراعة طريقًا شاقًا لا بد من الجهد فيه،
فـشي هواي يقطع ذلك الطريق وكأنه يلعب
وفوق كل ذلك، نال إرشاد كثير من شيوخ الطائفة،
وتم تعليمه تقنيات قديمة ضائعة،
كما تعاون معه العديد من كبار مزارعي طائفة تشينغ زي،
فكان من الطبيعي أن تبلغ سرعته في الزراعة حدًّا يفوق التصور،
حتى بات تقدّمه يُدهش كامل عالم الزراعة
في سنواتٍ لا تتجاوز العشرين ، بلغ شي هواي ذروة مرحلة
ولادة الروح، حتى صار في مقام والده شي لين ،
و يقف معه كتفًا بكتف
في البداية ، كان شي لين يوبخه دائمًا قائلاً إنه لا يأخذ الزراعة على محمل الجد
أما الآن، فلم يعد يملك حتى الحجة لانتقاده،
فـشي هواي في هذا السن، قد تجاوزه بمراتب
شي لين تطلّب منه الأمر مئات السنين ليبلغ ما هو عليه الآن،
بينما شي هواي لم يحتج لأكثر من خمسين عامًا
والأسوأ من ذلك، أن عالم الزراعة بات يمرّ بندرة خانقة في الموارد الروحية،
لم يعد كعهده في العصور القديمة عندما كانت الطاقة تتدفّق بوفرة
و أغلب المزارعين وصلوا إلى حافة الزراعة ،
عالقين في مرحلة ولادة الروح غير قادرين على تجاوزها
الحد الأعلى المعروف حاليًا في عالم الزراعة هو مرحلة ولادة الروح
حتى سو يو، الذي استولى على جسد آخر وأعاد زراعته من
جديد، لم يفلح في بلوغ مرحلة التجلّي
لكن شي هواي ليس مثلهم،
فقد نال خبرات الكثير من كبار المزارعين الذين نجحوا فعلًا
في تجاوز تلك العقبة
لذا، هناك احتمال حقيقي أن ينجح هو أيضًا في بلوغ
مرحلة التجلّي ، ويكسر جمود عالم الزراعة كله
ولذا، أصبح شي هواي بمثابة أمل عالم الزراعة بأسره
لكن، رغم موهبته الخارقة،
وسرعته الخارقة في التقدم — إذ لم يحتج لأكثر من أشهر
قليلة ليصل إلى ولادة الروح، وأيامٍ معدودة ليترقى للتجلّي — إلا أنّ مرحلة التجلّي شيء آخر تمامًا ،
ويحتاج إلى الحذر والتروّي
لا ماء نبع روحي هذه المرة ،
ولا تشكيلات مساندة ،
وهذه قفزة حقيقية تتخطى حدود العالم الروحي القائم
لذا، لا مجال للاستهانة بها
أما أكثر ما يشغل بال شي هواي قبل دخوله العزلة ،
فهو تشي مو ياو
يشعر في قلبه أنه لن يطمئن تمامًا ما لم يتمكن من رفع
تشي مو ياو إلى مرحلة ولادة الروح أولاً
⸻
انتظر هان جون وتشو سان أمام بوابة قصر هوان شيان لبعض الوقت،
ثم لم يستطيعا كبح فضولهما،
ومدّا عنقيهما مرة أخرى ليراقبا ما يجري
وإذ بهما يُفاجآن بظهور شي هواي أمامهما مباشرة،
يرمقهما بنظرة غاضبة تنبئ بالسوء
وجه شي هواي في العادة لا يخلو من رهبة،
وجه اعتاد القتل والدمار، يجعل القلب يرتجف
فكيف إذا كان غاضبًا ؟
نظراته وحدها كادت تُسقط نصف أرواحهم
تجمّد هان جون في مكانه، وارتجفت شفتاه حين تمتم مرتجفًا:
“ ش-شيخ الطائفة…”
أما تشو سان، لصغر سنّه، فقد اهتزّت روحه،
وتراجع خطوة إلى الوراء مذعورًا،
ولم يُفلح في استعادة أنفاسه إلا بعد وقت، ثم نادى بتلعثم:
“ ش-شيخ الطائفة…”
تشيوتشيو هو الوحيد الذي سعد بشكل ملحوظ حين رأى شي هواي،
فتح جناحيه وأظهر بطنه المستدير،
و غرّد ”تشيووووو”، دون أن يدرك أنه أزعج شي هواي بغيرة خفية
شي هواي اكتفى بإلقاء نظرة عابرة على تشيوتشيو ،
ثم أدرك أن الصغير ربما ناداه “أبي” مجددًا
تلفت شي هواي إلى دفاتر الحسابات التي يحملها الفتيان ،
وهمس بسؤال منخفض:
“ أليس تشي مو ياو قد علمكما كيف تُرتب الحسابات؟
فلماذا تواصلون عرضها عليه؟”
رد أحدهما متلعثمًا:
“ صحيح ، صحيح ، سيدي تشي قال لنا بعد الانتهاء أن نعرضها عليه للمراجعة .”
حينها تقدم تشي مو ياو ودفع شي هواي قليلاً قائلاً:
“ لا تخيف الأطفال هكذا .”
ثم أخذ الدفاتر من يديهما
تساءل شي هواي باستغراب:
“ كيف أصبحت طريقتي في الكلام تخيفهم ؟”
ابتسم تشي مو ياو وهو يرد :
“ أنت تعرف نفسك جيدًا، أليس كذلك؟”
ثم لوّح للفتيان :
“عودوا إلى قاعة الإداريين ، سأأتيكم لاحقًا.”
: “ حسنًا!” ركض الفتيان مبتعدين
نظر شي هواي إلى اختفائهم وقال ساخراً :
“ خوفهم يشبه تمامًا خوفك أنت في البداية .”
وضع تشي مو ياو دفاتر الحسابات على طاولة حجرية في الجناح،
وجلس على كرسي حجر، ونادى:
“ شي هواي ”
سمع شي هواي اسمه الكامل بهذا النداء، فأدار وجهه نحوه
قال تشي مو ياو مجددًا:
“ أنا أيضًا قلِق ”
توقف شي هواي عن الكلام
تابع تشي مو ياو:
“ أنا أبذل جهدي ، وأحاول امتصاص الطاقة الروحية ،
لكنني موهوبتي محدودة .
عندما أرى ما تبذلونه من جهود لمساعدتي ، وها أنا لا أتقدم،
أشعر بالذنب والقلق.
طريقتي في تخفيف الضغط مختلفة، فأنا أُفضّل أن أصطاد
السمك قليلاً أو ألهو في صمت، لأفرّغ ما في قلبي .”
جلس شي هواي بجانبه، وقال بهدوء:
“ لم أكن أقصد الضغط عليك ، فقط أردت أن تهتم بي أكثر ”
قال تشي مو ياو :
“ لكن أليس هدفك الأخير هو مساعدتي على بلوغ مرحلة ولادة الروح؟
رغم جهدك الدائم، إلا أني كأنني أسكب نقطة ماء في بئر لا
قاع له، كيف ومتى سيمتلئ ؟”
أجاب شي هواي:
“ جهودي ليست فقط لهذا ، بل أحيانًا أريد فقط أن نتدرب معًا ”
حمل الجو فجأة مزيجًا من الجدية والدفء،
فتجمد تشي مو ياو للحظة ، وكاد لا يجد كلمات يرد بها
ثم سأل شي هواي بصدق :
“ هل ما زالت الزراعة المزدوجة تجعلك تشعر بعدم الراحة أو الرفض ؟”
ردّ تشي مو ياو سريعًا:
“ لا، بالعكس أشعر كأنني في عالم من النعيم .
أنت تتقدم بشكل غريب وسريع .”
ثم أضاف:
“ لكن… أنا أخشى أن أكون مصدر خيبة لك،
رغم تقدمي في التدريب، لا أحقق الإنجاز الذي ترجوه .”
سأل شي هواي:
“ لماذا هذا الخوف ؟”
ردّ تشي مو ياو:
“ أخشى أن تعتقد أني لا أملأ حاجتك ، رغم التدريب المستمر، لا أزداد قوة .”
نظر شي هواي بتعجب:
“ فقط لهذا ؟”
: “ ممم… أخشى أن تظنني غبيًا.”
شي هواي رد بجدية لا تخلو من الصدق:
“ غباؤك هذا ، عرفته من أول يوم التقينا فيه ، هل تتوقع
مني أن أبدأ في كرهك الآن بسببه ؟”
نظر تشي مو ياو إليه، شعر أن شي هواي يحاول مواساته…
لكنه لا يشعر بأي عزاء حقيقي
والمشكلة أن شي هواي قال ذلك بنبرة صادقة جدًا
حين رآه صامتًا ، لم يتمالك نفسه وسأله:
“ لماذا رغم أنني أظهرت لك كم أهتم بشأنك ، لا تزال تفكر كثيرًا ؟”
أجاب تشي مو ياو بصوت خافت:
“ لأنك موهوب جدًا… في نفس الفترة التي قضيناها معًا،
ارتقيتَ من بداية مرحلة ولادة الروح حتى ذروتها ،
أما أنا، فبشق الأنفس تقدمت من بداية التأسيس إلى آخره،
وهذا فقط من الناحية الزمنية، أما كمية الطاقة الروحية
المطلوبة بين هاتين المرحلتين فهي لا تُقارن… أشعر بالنقص .”
: “ ولِمَ تشعر بالنقص؟
لمَ لا تفكر بالأمر هكذا : شخص بهذه العظمة ، يحبني أنا،
إذًا فلا بد أنني مميز أيضًا ؟”
: “ لكنني في ذلك اليوم، حين ذهبتُ إلى السوق، سمعتُ
أحدهم يقول إني لا أستحقك .”
: “ هل تريدني أن أذهب وأقتله ؟”
: “ لا… تلميذي قد لقنه درسًا بالفعل،
لكن كلماته بقيت في قلبي .”
تأمل شي هواي وجه تشي مو ياو للحظات،
ثم تنهد بنفاد صبر ممزوج بالضعف:
“ هل أعطيتك وقتًا أكثر من اللازم ؟
صرتَ تجد وقتًا لتفكر بهذه التفاهات ؟”
: “ ليست تفاهات… فقط أعبّر عن مشاعري بشكل منطقي…”
: “ إن كنت لا تتقدم في مستوى تدريبك، فتابع العمل حتى
تملأ تلك الحفرة الكبيرة داخلك،
وإن لزم الأمر، سأحاول الوصول إلى مرحلة التجلّي قبل
أن تصل أنت إلى ولادة الروح .
ولو لم أكن خائفًا من أن التقدّم الزائد سيجعلك تدخل في
حالة من الفوضى في الطاقة عند التدريب معي ،
لكنتُ تجاوزت ذلك منذ الآن .
تشي مو ياو… منذ أن اخترتك شريكاً لزراعتي ، لم أعد أكترث لأي شيء آخر.
فقط لا تتركني… أما البقية، فافعل ما شئت .”
همس تشي مو ياو:
“ إن كنت ستدخل في عزلة طويلة ، فلا بأس… هذا سيخفف الضغط عني…”
فقاطعه شي هواي فورًا وهو ينهض ويمسك بطرف ردائه:
“ حسنًا، سأدخل في العزلة .”
قفز تشي مو ياو واقفًا ، وقد بدا عليه السعادة :
“ إذن سأساعدك على الاستعداد!”
لكن شي هواي مرر ذراعه حول كتفه ، وسحبه نحو المسكن :
“ إن دخلتُ في عزلة ، فقد تطول من عام إلى خمسة سنوات ،
والبقاء كل هذه المدة من دون رؤيتك…
هذا لا يمكن،
لذا، قبل العزلة علينا أن نقضي وقتًا كافيًا من… المودة .”
أراد تشي مو ياو أن يعترض ، لكنه لم يجد سببًا منطقيًا
واضحًا، فتنهد، وسحب دفاتر الحسابات عن الطاولة الحجرية،
وتبع شي هواي عائدًا إلى المسكن
لكن تلك الدفاتر لم يحالفها الحظ في المراجعة،
ولم يعد إلى قاعة الإدارة،
وهكذا… دخل في عزلة مع شي هواي دون أن يدري
وغاب سنتين كاملتين ——-
⸻
خرج شي هواي وحده ، وقد جلب رفاق من مرحلة ولادة
الروح لحماية المسكن ،
في سبيل مساعدة تشي مو ياو على اختراق مرحلته والارتقاء
أما تشي مو ياو، فبقي داخل المسكن يجلس القرفصاء ،
لا يعلم كم نوعًا من الحبوب قد ابتلع،
معدته بدت وكأنها على وشك الانفجار ،
جالس في وضع التأمل، مغمض العينين،
لا يريد حتى أن يتذكر ما عاشه خلال هاتين السنتين
من سبق له أن خاض تجربة الجمع بين التدريب المزدوج…
وتشجيع الشريك في الوقت نفسه ؟!
وفي خضم الاضطراب والضياع ،
يسمع صوت شي هواي الثقيل يهمس له بكل حب:
“ هيا ، استمر ، أنا معك .”
كاد يستفيق من فوره … جسده كله تراخى من وقع هذا الموقف الغريب
لكن مع اقتراب موعد اختراق مرحلة ولادة الروح ،
أكثر ما كان يخشاه… هو الوقوع في أسر شيطان الداخلي
كل مرة يرتقي فيها ، كان يُبتلى به…
ما إن دخل تشي مو ياو حالة التأمل ،
حتى شعر بأكثر من عشر موجات من الطاقة الروحية تتدفق نحوه،
تدعمه وتحيطه،
هذه الطاقة من شيوخ طائفة تشينغ زي، الذين اصطفوا
لحمايته أثناء اختراقه للمرحلة
لم يجرؤ على إضاعة الوقت ، فدخل رسميًا مرحلة اختراق ولادة الروح
بإمكانه أن يشعر بتقلب الطاقة في جسده،
بل كأنه يسمع خرير الماء،
كل شيء بدا نقيًا وواضحًا حد المبالغة،
لكنه في الوقت نفسه، كأن شيئًا لم يحدث
لا يدري كم من الوقت مر،
وكم شمسًا أشرقت وكم قمرًا اكتمل،
إلى أن شعر فجأة بأن العالم من حوله قد أشرق
لحظة الإدراك هذه، جلبت له مفاجأة مبهجة — لم يواجه
شيطان داخلي هذه المرة
اتضح أن شي هواي، في اختراقه السابق،
دخل إلى عالم شيطان الداخلي وساعده على تخليص نفسه منه بالكامل
وبدون شيطان داخلي ، لم يتبقَى سوى الحاجز الروحي لاختراقه
ومع البيئة المثالية للتدريب ،
ودعم أكثر من عشرة من كبار المزارعين ،
بدا أن اختراق تشي مو ياو لهذه المرحلة لم يكن عسيرًا
وعندما فتح عينيه مجددًا،
شعر بأن قصر طاقته الروحية الداخلي بات فارغًا
لقد ارتفعت درجته الروحية ، واحتياجات المرحلة الجديدة
من الطاقة الروحية أكبر بكثير،
فبدت كل مخزونات الطاقة لديه كما لو كانت لا تُذكر
أطلق وعيه الروحي نحو مركز الطاقة في جسده،
وحين رأى قشرة الجوهر الذهبي وقد انكسرت،
وفي داخلها طفل صغير أبيض البشرة يتكور ويعانق ركبتيه،
لم يستطع أن يمنع سعادته
{ لقد دخلت أخيرًا مرحلة ولادة الروح… }
كأنه حلم جميل تحقق — { من يصدّق أن شخصًا مثلي ،
بثلاثة جذور روحية مختلطة ،
تمكن في النهاية من تجاوز هذا الحاجز ؟ }
أغمض عينيه مجددًا، وبدأ بامتصاص المزيد من الطاقة
لتثبيت مستواه الجديد،
بينما استمر أولئك الأساتذة بدعمه ورفع مستواه تدريجيًا
هذه العزلة ، ما بين اختراقه وتثبيت مستواه بعدها،
استغرقت خمسة أشهر وسبعة أيام
وعند انتهائه ، استقرت طاقته بالكامل
خرج تشي مو ياو من مسكن العزلة،
فوجد شيوخ الطائفة بالخارج قد بدأوا بتفكيك تشكيلاتهم
واستعدادهم للانصراف
فأسرع إليهم وانحنى بامتنان:
“ أشكركم ياشيوخي على مساعدتكم .”
ضحك شي لين بلا مبالاة وقال:
“ عندما كانت طائفة تشينغ زي في أزمة ، كنت أول من هبّ لنجدتنا ،
نحن من يجب أن يشكرك.
ثم إن دخولك لطائفتنا يعني أنك تستحق كل هذا الدعم،
هذه إحدى مميزاتنا !”
أما شي هواي فقد تقدّم نحوه وبدأ بتركيب عدد من أدوات
الحماية عليه — أغلبها كان مأخوذًا من جرس الكنوز الشهير لـ سو يو
ذلك الجرس الذي يُقال إن سو يو خزّن فيه كنوزًا استعدادًا لاختراق مرحلة التجلّي
تشي مو ياو قال بسرعة :
“ أنا أستطيع وضعها بنفسي ، أستطيع أن أتعامل مع البرق
وأعالج نفسي في الوقت ذاته !”
شي هواي رمقه بنظرة سريعة :
“ لو كنتَ بتلك القدرة ، هل كنتَ ستشعر بالنقص أساسًا؟”
ثم سحب تشي مو ياو من يده ، وسارا معًا إلى أسفل الغيوم المتكدّسة فوقهم
هذه المرة الثانية التي يرافق فيها تشي مو ياو شريكه لتجاوز اختبار البرق ،
لكن هذه المرة هو من كان يخضع له،
بينما وقف شي هواي بجانبه،
يخفف من شدة البرق عبر تشكيل خاص،
ثم يُسقطه عليه ليزيد من صلابته الجسدية
بقية شيوخ الطائفة كانوا قد استعدوا ليتدخلوا لو دعت الحاجة ،
لكن ما رأوه كان مختلفًا تمامًا عمّا تخيلوه
تلك النظرات المتبادلة بين شريكين محبين ،
وسط عاصفة من الرعد ،
جعلت المشهد أشبه بحبيبين يتقاسمان مظلة تحت المطر
— دافئ، هادئ، مطمئن
فما كان من الجميع إلا أن صرفوا نظرهم، وتراجعوا في صمت
' لا حاجة للقلق… فهما بخير تمامًا '
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق