Ch107 | TDVWD
كان في طائفة نوان يان مزارع من مرحلة ولادة الروح ( الأولى ) ،
يمتلك جذرًا روحيًا ترابيًا نقي
حين يقاتل ، تهتز الأرض وتتصدّع، تتهاوى الجبال،
وتنهمر الصخور الهائلة من كل جانب،
كل شظية وكل صخرة تتحوّل في قبضته إلى سلاح قاتل
وبينما يهدر صوته المدوي كالرعد في أذن كل من حوله،
كانت السماء ترتجّ كأنها تستجيب لغضبه
من فجر تلوّن بأطياف الشفق ،
إلى ليل نثرت فيه النجوم هدوءها على الساحة ،
استمرت المعركة على هذا النسق العنيف ،
مما جعل الخطر يتسلل شيئًا فشيئًا إلى جانب تشي مو ياو ورفاقه
رغم إصابة السماوية شيان يوي البالغة ،
لا تزال تحمل قوة المرحلة الأخيرة من ولادة الروح ،
وحين تتكاتف مع ذلك المزارع الترابي العنيف،
يتحوّل هجومهم إلى عاصفة من السيوف والقوى،
سريع ، حاد ، خانق ، يكادان يلتهمان خصومها التهامًا
ظهور تشيوتشيو بالفعل شكّل مفاجأة لهم
لم يتوقع أحد أن هناك طائرًا في عالم الزراعة يتمتّع بمثل هذه القدرات القتالية،
وأن يملك فوق ذلك لهب الهوي النادر والخطر،
وأن يكون قادرًا على التناسق مع تنين
وإن لم يكن بينهما ألفة حقيقية
لكن——
تشيوتشيو كان مخلصًا لتشي مو ياو،
وتشي مو ياو، رغم موهبته، ليس ممن يخوضون المعارك كثيرًا،
وهذا ما انعكس على تشيوتشيو ، إذ قلّت خبرته في ساحة القتال،
ومع أنه يتمتع بقوى لا بأس بها،
إلا أن مواجهة خبراء من ولادة الروح شيءٌ آخر——
كان يقع في الفخ تلو الآخر ،
وكانوا يحسنون استغلال اندفاع هذا الطائر المتهور
توزعت أدوار الخصوم بخبث:
منهم من شتّت انتباه تشيوتشيو ، ومنهم من اختبأ في الظلال
واحد منهم شد وتر قوسه حتى بلغ مداه،
ثم أطلق سهمًا مزّق جناح تشيوتشيو الأيسر
صرخ الطائر صرخة ألمٍ مروعة،
ثم استدار باندفاع، غير آبه،
وانقضّ على مطلق السهم،
أمسكه بمخالبه القوية،
ثم انحنى منقاره الملتهب نحو جسده
تشيوتشيو يلفه اللهب دائمًا،
لم يكن يحتاج أن يهاجم ليحرق العدو ،
مجرد الاقتراب منه كافٍ ليلتهب الجلد
صرخ ذاك المزارع ألمًا ، ومع ذلك لم يتوقف تشيوتشيو ،
بل نهش ذراعه ، ومزقها انتقامًا لجرحه
لكن انهالت عليه تعاويذ جديدة ،
رفع جناحه المتبقي ،
وأطلق سلسلة من النيران الكاسحة ،
صدها المهاجم ، لكن تشيوتشيو كان قد اقترب منه،
وأطلق آخر كرة نارية لديه ——
هجمة مركزة ، أقوى ما في جعبته،
اخترقت صدر الرجل ، وطرحت جسده بلا حراك
وفي اللحظة التي أصيب فيها تشيوتشيو، شعر تشي مو ياو،
بصفته سيده، بألم يخترق قلبه
صاح فورًا، وقد اختنق صوته بالقلق:
“ تشيوتشيو عُد إليّ !”
لم يُصرّ تشيوتشيو على القتال——
هذه أول مرة يواجه فيها مزارعين من مرحلة ولادة الروح ،
ومع ذلك أن يُصيب أحدهم بإصابة دائمة ،
وقتل الآخر ،
كان في حد ذاته انتصارًا باهرًا
وقبل أن يدخل حقيبة الروح ، غرّد نغمة ضعيفة ”تشيو”،
وكأنها تنهيدة ألمٍ ووداع——
هزّت قلب تشي مو ياو حتى كاد يتوقف
الآن، لم يبقَ إلا التنين الهوي يواصل القتال ،
كان عليه أن يهاجم ،
وفي نفس الوقت يحمي تشي مو ياو وسي روييو ،
وهذا أضعف من قدرته الهجومية
لكن عندما شمّ الهوي رائحة الدم،
وحين رأى المزارع الذي فقد ذراعه،
فتح فمه الضخم وابتلعه دفعة واحدة——
واستعاد طاقته عبر التهام الجسد الحي
وهكذا، سقط خصمٌ آخر
لم يتبقَى منهم سوى ثلاثة
تشي مو ياو، الذي أنهك جسده وروحه، لم يجد خيارًا سوى أن ينهض،
ويبدأ مجددًا في رسم التشكيلة التالية
" تشكيلة الأربع والعشرين قتل ——انطلق !”
همس تشي مو ياو بصوت منخفض،
وفي اللحظة نفسها ، كان التشكيل الذي أعدّه خلال فترة
حمايته بين التنين والطائر قد انتشر في الخفاء،
واندفع نحو المزارعين الثلاثة المتبقين من طائفة نوان يان
هؤلاء الثلاثة لم يكونوا مبتدئين،
كل واحد منهم كان على دراية لا بأس بها بتشكيلات القتال،
ولذا حافظوا على حذرهم، ولم يقتربوا أبدًا من حدود
التشكيل، بل بدأوا يتفادونه بدقة ويحاولون المناورة خارج مجاله
وكان جسد التنين الهُوي ضخمًا للغاية،
لم يكن قادرًا على تغطية وحماية تشي مو ياو وسي روييو بشكل كامل،
فاستغل الثلاثة الثغرات، وكلما سنحت الفرصة،
وجّهوا هجمات مكثفة نحو الجرس الذهبي
ورغم أن الجرس الذهبي كان حصنهم الأخير،
إلا أن تحمّله لم يكن أبديًا.
وهذا ما أرادوه——كسر هذا الحد، وتحطيم الحماية
المعركة كانت شاقة ——-
تستنزف القوة والعقل، وتُنهك الجسد والروح
هذه أول معركة يخوضها تشي مو ياو منذ بلوغه مرحلة ولادة الروح ،
ومع ذلك ، فقد حوضر في ساحة حرب بهذا الحجم والقسوة
لذا، بات الصمود بالنسبة له معجزة حقيقية
ثلاثة أشهر وأكثر في داخل هذا العالم الوهمي،
كلها من التحمل،
كلها من الكفاح،
وما تبقى منه الآن——لم يكن سوى أنفاس متقطعة ومحاولات يائسة
وعندما نجح في استخدام تشكيل الأربع والعشرين قتل
لقتل أحد مزارعي طائفة نوان يان،
لم يتردد ، بل نظر إلى سي روييو ، وتبادل معها نظرة قصيرة مفهومة،
ثم تحرّكا في الوقت نفسه ——
استغلّا توافق التشكيل مع الوهم ،
واستخدماه كستار للهرب خارج هذا المكان ، نحو طائفة تشينغ زي
لكن——
كيف يمكن للعدو أن يسمح لهما بالهرب ؟
لقد كانت هذه أفضل فرصة لقتلهم ——
كان خصومهم يعرفون جيدًا أنهم في الرمق الأخير ، وأن
طاقتهم على وشك النفاذ
تشي مو ياو وسي روييو كانا من أمهر الهاربين،
وفوق ذلك، كان التنين الهُوي يسدّ الطريق خلفهم ويمنع التتبع
أثناء هروبهما، عملا على تفعيل مزيد من الأوهام لتقييد مَن في الداخل،
ثم أرسل تشي مو ياو رسالة إلى سيد قصر يوي مو ( والد زونغ سيتشن )
ليخبره بضرورة أن يقود من تبقّى من التلاميذ إلى خارج الوهم أيضًا
لكنه لم يكن يتوقع أن يرى سيد القصر يخرج من الضباب،
يجرّ جسده المليء بالدماء
أسرع تشي مو ياو نحوه في فزع، وأمسكه ليسنده
قال سيد القصر والدم يتساقط من شفتيه:
“ بيننا… كان هناك…
كنتُ أراقب الجميع…
لكنه… صديقي لسنوات… لم أظن أنه…”
كان قلبه ممزقًا ——
حتى في صفوف قصر يوي مو وطائفة تشينغ زي، كان هناك من خان،
من باع ضميره،
من طعن أصدقاءه الذين عاش معهم مئة عام
{ لهذا ——
عَرَفَت السماوية شيان يوي أنني مركز التشكيل.
لم يكن الجاسوس من بين المراقبين على حراسة الكهف فقط ،
بل كان يوجد أكثر من واحد …. }
رأى تشي مو ياو أن سيد القصر في حال يرثى لها،
فأسرع يعالجه،
إن لم يُحافظ على أنفاسه المتبقية، فلن يصمد للحظة أخرى
لكن——
ظهر فجأة رجل ممسكًا بسيف،
تجاوز التنين الهُوي مباشرةً ، واندفع باتجاه تشي مو ياو
هذا الرجل لم يكن يهاجم الجرس الذهبي مباشرةً ——
بل استهدف تشي مو ياو من خلال موجات الارتداد ،
يعلم أن الجرس سيصد الهجمات المباشرة ،
فقرر أن يضرب من الجوانب ، بأعنف طاقته
وفي لحظة ،
تلقى الثلاثة —— تشي مو ياو ، سي روييو ، وسيد قصر يوي مو——
ضربة هائلة زعزعت الحماية ———
كان تشي مو ياو الأشد تضررًا ، فبصق دمًا، وشعر أن أحشائه تتمزق
رفع عينيه والحقد يشتعل في حدقتيه ——
كان المهاجم هو المزارع الأعور ———-
ذاك الذي قضى وقتًا طويلًا سابقًا يعالجه ،
يعالجه بكل عناية …
لكنه الآن ، يطعنه من الخلف ——
سي روييو ، وشفتيها مليئتين بالدم، أمسكت بتشي مو ياو وسيد القصر
وسحبتهم قائلة:
“ هيا، اهربوووا !”
هي بارعة في الهرب ،
لكن عندما حملت شخصين معها، بدأت طاقتها تنفذ ،
حتى استخدام أدوات الطيران صار يشق عليها
لكن——
في تلك اللحظة،
ظهر شخص آخر——
خرج من التشكيل،
وقف أمامهم، حاجزًا بينهم وبين أعدائهم
وقف ذلك الرجل شامخ القامة،
رغم أن كل ما بدا لتشي مو ياو كان مجرد ظهره ،
إلا أن هذا الظهر وحده ، كفى ليُظهر له أنه داعم ثابت لا يتزعزع ——
يو يانشو ——-
كان يو يانشو مصابًا أيضاً ،
وبعد أن تلقّى إشارة الانسحاب ، تبعها وخرج ،
و ما إن رأى هذا المشهد أمامه ، حتى تقدم دون تردد
ليحمي تشي مو ياو ومن معه
تشي مو ياو نظر إليه ،
رغم أن يانشو لم يكن نِدًّا للمزارع الأعور ذو المرحلة المتقدمة من ولادة الروح ،
إلا أن يانشو كان يقاتل بكل قوته ، ويصرّ على الصمود ——
فإذا بقلب تشي مو ياو يهتز بدفء مفاجئ
{ نعم… يو يانشو لا يزال هو ذلك الأخ يو
تمامًا كما حدث في تشكيلة ميتيان تونغيين ذات مرة——
كان دومًا يحميه بجسده، دائمًا صادقًا ،
دائمًا أبيض القلب،
نقيًّا، طيّب
هو كذلك دائمًا… }
تشي مو ياو أدرك——
كان مخطئًا في ظنونه
حين يتملكه الشك ، يرتكب هو أيضًا الحماقات
{ هذا الرجل… لم يُخلف وعد أو يخون
هو من يسعى للعدل ،
فكيف له أن ينقلب على من يثق به ؟ }
في هذه اللحظة ،
زونغ سيتشن وسونغ وييو في مركز التشكيل الدفاعي
لطائفة تشينغ زي،
ينتظران عودة تشي مو ياو ومن معه
معركة كهذه ،
لا يستطيع مزارعو مرحلة الجوهر الذهبي المشاركة فيها،
فلو دخلوا ، لابتلعتهم هجمات مزارعي ولادة الروح في طرفة عين
فقط في هذه اللحظة،
بدأوا يكرهون ضعفهم الحقيقي——
أنهم لا يزالون… غير أقوياء بما يكفي
رأى زونغ سيتشن بأمّ عينه والدَه ، سيد قصر يوي مو
مليء بالجراح ، عاجزًا عن السير
ورأى الثلاثة العائدين على أداة طيران،
يتقدمون بصعوبة تحت مطاردة الأعداء خلفهم
صرخ زونغ سيتشن من الأعماق:
“ أبي!”
كانت تلك الصرخة نابعة من قلبه مباشرة،
حرارة تسري بعينيه، والدموع تتشبث بأهدابه رافضةً السقوط
ومع ذلك،
لم يستطع سوى أن يشهد ——
كيف تم اعتراضهم قبل أن يصلوا إلى حدود التشكيل الدفاعي
ثلاثة أشهر من الحصار ،
ومن طائفة نوان يان لم ينجُو سوى ستة من مزارعي ولادة الروح
وبعد مغادرة سي روييو لتشكيل الوهم ،
لم يعد التشكيل بتلك الخطورة ،
فتمكن من كان عالقًا في أماكن أخرى من الإفلات ،
ليتحدوا مع السماوية شيان يوي ومن تبقى من الداعمين لها
ومع انضمام المزارع الأعور الذي خان طائفة تشينغ زي،
أصبح عددهم سبعة——
كلهم من مزارعي ولادة الروح
سبعة مزارعين أقوياء ،
في مواجهة مَن خرج من التشكيل من طائفة تشينغ زي——
اندلعت معركة كبرى خارج التشكيل الدفاعي
سيد قصر يوي مو كان يحتضر
أما تشي مو ياو،
فقد كان، وسط أنفاسه المتقطعة،
ما يزال يُلقي بتعويذات الشفاء على كل من يقدر عليه،
ويُسند سيد القصر،
يضغط على الألم ليعالجه
هو أيضًا كان مصابًا بشدة،
لكنه آثر أن يمنح معظم طاقته العلاجية لسيد القصر
لقد رأى أن إصاباته ليست قاتلة ،
لكن إصابات سيد القصر… كانت كذلك
سي روييو أيضًا كانت في حال يُرثى لها، بالكاد تقف
نظر تشي مو ياو من حوله ——
لم يرَى الثعلب الأزرق،
ولا يعرف إن كان تلقى الإشارة وتمكن من الخروج،
أم لا
الموقف اشتد سوءًا،
و طائفة تشينغ زي في موضع ضعف واضح،
بينما طائفة نوان يان، بسبعة من مزارعين ،
بدأوا يهاجمون بكل وحشية ——
هذه فرصتهم الذهبية ، ولا ينوون تفويتها
السماوية شيان يوي عادت للهجوم،
ويبدو أنها وجدت الطريقة لكسر الجرس الذهبي،
فبدأت قدرته في النقلّص تدريجيًا
رآى تشي مو ياو أنهم على وشك أن يفقدوا الحماية،
والجرس بدأ في التشقق والتصدّع ——
شيان يوي ضحكت بسعادة وجنون ،
ثم اندفعت نحو سي روييو
سي روييو ، رغم قوتها في الأوهام ،
إلا أنها أضعف في قتال مباشر ،
وكانت تتراجع بشدة
تشي مو ياو، وفي غمرة الفوضى،
استجمع كل ما يملك لتجديد الجرس الذهبي،
ومدّ يده في محاولة لجرّ سي روييو إلى داخله،
و إذا بسيف شيان يوي يقطع أصابعه ——
ثلاثة أصابع ، سقطت دفعة واحدة
سي روييو التفتت في تلك اللحظة——
رأت دمه
فورًا، احمرّت عيناها، وصاحت في غضب:
“ يا العجوز الملعونة !”
ضحكت شيان يوي ببرود :
“ وأنتِ لا تستطيعين حماية نفسك ، فكيف تحمين غيرك؟!”
ثم رفعت سيفها لتهاجم مجددًا——
وفي تلك اللحظة ،
توهّج ما بين حاجبي تشي مو ياو بضوء قرمزي ،
ومضت منه شُعلة صغيرة ، على هيئة لهبٍ متراقص ،
تكوّنت منها وشم ناري ،
ثم انبثق من ذلك الوشم ظل منبعث من الروح ،
ضربة كفّ في الهواء ،
وصّد ضربة السماوية شيان يوي،
صائحًا بصوتٍ غاضب :
“ اذهبي للجحيييييييم !”
فوجئت شيان يوي، وتلقّت الضربة مباشرةً ،
تراجعت مترنحة ،
وسقطت أرضًا سقوطًا ثقيلًا ،
وحتى بعد لحظة طويلة… لم تستطع أن تنهض
كل من كان في المكان رأى بوضوح ذلك الظل
لقد كان نسخةً روحية من وعي شي هواي ——-
وسط نيران المعركة الملتهبة ،
وقف ذاك الرجل فارع القامة ،
وفي جانب جبهته يبرز قرن تنين ،
ملامحه وسيمة ، ولكنها تحمل غضبًا هائل ،
يبعث الهيبة حتى دون أن يتكلم
هالة مرعبة غلّفت جسده ،
وقامته بدا كأنه قادر على تدمير السماء والأرض
أما خلفه،
فقد امتدّت سماءٌ صافية كأنها مغسولة بالماء ،
يعلوها هلال وحيد معلق بين السحب ،
و تحت ضوئه الأشجار تهتز كأشباحٍ ترقص ،
والأرض كما لو أنها غرقت بدمٍ مسكوبٍ في سكون الليل
كل من حضر،
انقسم بين نقيضين :
قسم غمره البهجة ، وقسم استبدّ به الذعر
استغلّ تشي مو ياو تلك الفترة الزمنية ليعالج إصاباته،
فعاد لتجديد أصابعه المبتورة،
نظر إلى يده المكتملة،
لكن قلبه ما زال يرتجف من الخوف——
تلك الآلام… لن تُنسى
التفت إليه ظل شي هواي،
أول ما وقع نظره كان على يده،
ثم ارتفع بصره إليه بغضبٍ شديد:
“ تشي مو ياو ! أكنت هكذا أيضًا في تشكيل مي تيان تونغ؟
هل الذراع المبتورة بجانب الذئب الذهبي كانت لك؟!”
تشي مو ياو تلعثم قائلًا :
“ لا بأس… لم يكن مؤلمًا…”
صرخ شي هواي : “ لم يكن مؤلمًا ؟!
لو لم يكن ،
فكيف يظهر على وشم رابط الشريك بيننا أثر دمٍ عند جبيني ؟!”
تشي مو ياو تدارك ، وأشار إلى المعركة :
“ الآن ليس وقت العتاب ، اذهب وساعد الآخرين…”
لكن شي هواي لوّح بيده ،
وفجأة——
توقّف كل شيء
الهواء لم يعُد يتحرّك ،
النيران تجمدت في مكانها ،
حتى الزمن … بدا كأنه توقف عن الجريان
المتقاتلون جميعًا تثبتوا في أماكنهم ،
وكأنهم تماثيل حجرية
تشي مو ياو فغر فاه بدهشة ——
{ أي نوع من القوى هذه ؟
لا أعرف هذا الأسلوب مطلقًا }
تقدّم شي هواي أولًا،
وثبّت حالة سيد قصر يوي مو،
ثم عاد إليه بخطى ثقيلة،
وتفجّر غضبه حين رأى حاله:
“ جعلت نفسك بهذا الشكل …
و تريدني أن أهتم بالبقية ؟!”
تشي مو ياو اعترف أخيرًا :
“ ألا… يؤلمني كثيرًا… ومع ذلك تصرخ في وجهي ؟”
تشي هواي كتم غيظه ،
أمسك يده المرتجفة بشيء من الرقة ،
بدأ يتحقق من حاله ، وقلبه يعتصر من الألم:
“ تشي مو ياو لو فقدت عقلي مرة أخرى ،
فسيكون ذلك لأنك تؤذيني بهذا الشكل !
لو تجرأت مرة ثانية على جعل قلبي يتألم هكذا…
سأقوم بمجزرة !”
أجابه تشي مو ياو بنعومة:
“ سأنتبه… في المرة القادمة ، أعدك ، هل هذا يرضيك ؟”
كان هذا اللين قاتلًا لشي هواي ،
فبمجرد أن يُظهر تشي مو ياو بعض الضعف ،
يذوب غضبه كثلج في الشمس ،
وينقلب حنقه على نفسه فقط
ترك يد مو ياو ،
ثم نظر إلى بقية مزارعي نوان يان ومعهم الخائن ذو العين الواحدة
رفع يده ،
وشكّل تعويذة بيد واحدة ،
ثم قال بصوتٍ منخفض :
“ تحطّموا !”
فور أن نطق بالأمر——
انفجرت أجساد السبعة المتبقين من نوان يان فجأة ،
و تناثرت دماؤهم في السماء كالزهور ،
سبع شلالات من اللون القرمزي ،
انفجرت بصمت ، كأنها أزهار دمويّة في ليل ساكن
انتهى مفعول إيقاف الزمن ،
وعادت الحياة للحركة —
كل من كان حاضرًا ،
لم يفهم ما الذي حدث ،
فقط رأوا خصومهم تنفجر أجسادهم دون سابق إنذار——
مَن مات فورًا ، ومنهم من بقي يتنفس بصعوبة ،
ممددًا في برك دمائه
تقدّم شي هواي ،
أخذ سيفًا من الأرض ،
ثم اقترب من السماوية شيان يوي التي تزحف بصعوبة،
وهوى بسيفه عليها ——
ضربة ، تلتها أخرى ، حتى بتر أصابعها العشر كاملة
عندها فقط…
سحب سيفه وتوقف
نظر تشي مو ياو إلى هذا المشهد الدموي بشيء من الاشمئزاز،
كاد أن يتقيأ من شدة النفور
لم يستطع سوى أن يصرف بصره عنه،
لكن سمع شي هواي يقول:
“ تركتها لكم… استمتعوا بها "
تشي مو ياو لم يرغب أن “يستمتع”،
بالنسبة له، المشهد نفسه مقزز بما فيه الكفاية،
فاستدار على الفور وعاد لمساعدة سيد قصر يوي مو على التداوي
أما سي روييو فقد بدت مهتمة حقًا،
رفعت سيفها واقتربت من شيان يوي،
و بابتسامة باردة :
“ مهما حدث ، كنا من نفس الطائفة ذات يوم…
دعيني أكون من يوصلك في رحلتك الأخيرة .”
في عيني شيان يوي، انطفأ آخر بصيص من الضوء
شي هواي الذي وقف أمامهم ليس سوى نسخة روحية من وعيه،
ولم يكن بوسعه البقاء طويلًا
فلما بدا أنه سيرحل، سارع تشي مو ياو ليسأله بقلق:
“ هل كان التأمل ناجح ؟”
رد عليه شي هواي:
“ عدا عن أنني فجأة شعرت بأن شريكي الروحي تعرّض لإصابة خطيرة ،
بل ونزفت من بين حاجبي ،
فكل شيء سار على ما يرام .”
تردد تشي مو ياو قبل أن يسأل:
“ إذًا… هل تمكنت من—”
لكن شي هواي لم يجب، واكتفى بالإشارة نحو السماء
رفع الجميع رؤوسهم
رأوا فوق قصر تشينغ زي سحب داكنة تتراكم،
تومض بينها برق هائل،
والمشهد بأكمله بدا أشبه بطوفان سماوي،
أشد فتكًا من أي عاصفة برق تخص مرحلة الجوهر الذهبي
في تلك اللحظة ، غمر الفرح قلب تشي مو ياو
{ لقد نجح هواي ! }
لقد صمد في وجه غزو نوان يان لأكثر من ثلاثة أشهر ،
ومنح شي هواي الوقت الكافي لإتمام عزلته ،
حتى تمكّن من الترقية إلى مرحلة تجسيد الروح ( التجلّي )
حين دخل عالم الزراعة ،
ظنّ نفسه مجرد نملة صغيرة ،
سيقضي حياته في الهرب والتخفي ليبقى حيًا
لكن شي هواي منحه شجاعة عظيمة ،
جعلته يواجه هذه المحنة بكل ما لديه
{ وأخيرًا… لقد فعلها ! }
نظر تشي مو ياو إلى ظل شي هواي الذي بدأ يتلاشى،
وقال بحنان:
“ انتبه على نفسك… سأنتظرك ”
رد عليه شي هواي بإيمائه خفيفة،
وقبل أن يغيب، ألقى عليه نظرة أخيرة،
ثم اختفى تمامًا، عائدًا إلى جسده الأصلي
في عالم الزراعة،
عند إقامة طقوس الشراكة الروحية،
دائمًاً يتبادل الشريكان وشك خاص يُعرف بـ ' وشم الروح '
وهو رابط يتيح لهما الشعور بمكان وجود الآخر ، وحالته العامة
( ذُكر في ch97 و الوشم هو 'الهمس بين الارواح ' )
لكن فقط من امتلك رابطًا عاطفيًا عميقًا،
وحبًا صادقًا لا يتزعزع،
يمكنه أن يشعر بألم الآخر،
بل وينزف من بين حاجبيه،
ويستدعي نسخة من روحه لإنقاذه
كانوا يظنون أن الأمر مجرد أسطورة،
لكنهم رأوه بأعينهم هذا اليوم
تشي مو ياو وشي هواي… فعلاها
في هذه الليلة ، القمر ساطع ،
وقف تشي مو ياو في هذا الفراغ السماوي ،
نظر للخلف نظرة خاطفة ،
كأنها تعود به إلى أيامهما في الكهف
في ظلام ذلك المكان ،
كسر تشي مو ياو حواجز قلبه ،
ومدّ يده ليلمس ذلك الشخص المقيد بالسلاسل ،
وأمسك بيده
ثم… تشابكت أصابعهما
{ لا هروب بعد اليوم ، ولا تراجع ….
فأيًّا كانت الصعاب والمخاطر ،
سأكون دومًا بـ جانبك …. }
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق