Ch5 | SJUTM
تداخلت أنفاسهما للحظة ——
كانت قبلة مضبوطة ، لم تتعدَّى مجرد ملامسة خفيفة للشفاه ، ولم تدم أكثر من ثلاث ثواني
لم يجرؤ شي دوو على التمادي ،
إذ كان يعلم أنه إن فعل ، فلن يتمكن من السيطرة على نفسه
كانت القبلة فقط لتهدئة شين آنتو — لا أكثر
وقد هدأ شين آنتو بالفعل،
أو ربما لم يكن يعرف كيف يتصرف
في كلتا الحالتين ، لم يوجّه إلى شي دوو أي اتهامات أخرى محمومة
أمسك شي دوو بذقنه وأجبره على النظر في عينيه
قال بصوت منخفض: “ما الذي قلته لك؟ كرّره "
: “ أن… أنظر إليك "
نسي شين آنتو أن يرمش، وعيناه اللوزيتان اللامعتان من
فرط الرقة والارتباك تركزت على شي دوو
حتى شعر الأخير أنه على وشك الانهيار من شدة وقع نظراته
قال شي دوو بجمود: “ لا، الجملة التي قبلها .”
ردّد شين آنتو آليًّا ، متوقفًا بين كل كلمة وكأنه آلة تسجيل:
“ لم… ننفصل .”
: “ مم ...” تنهد شي دوو : “ إن كنت تريد أن تعرف، فسأشرح لك كل شيء .
حين علمت أن والديّ يريدان مني الزواج وإنجاب الأطفال،
غادرتَ المنزل سرًّا،
ظنًّا منك أنك بذلك تحقّق رغبتهما، أو بالأحرى، تحقّقها لأجلهما .
والآن تفهم لماذا أخفيت الأمر عنك .
لو كنت أخبرتك من البداية ، لربما كنت قد اختفيت بحلول
اليوم التالي حين ذهبتُ لرؤيتك في المستشفى .”
قال هذا بملامح خالية من التعبير ——-
كان وجه شي دوو بطبيعته هادئًا ومتماسكًا ،
لدرجة أن تشو مينغ هوي قال له مرة مازحًا:
“ بوجهك هذا ، يمكنك أن تشير إلى الشمس وتقول إنها ثريا اشتريتها لتوّك ،
وسيبدأ الناس بالشك في عقولهم قبل أن يشكّوا بك ”
والآن ، كان شي دوو يستخدم هذا الوجه ليكذب على شخصٍ ما
تنفّس شين آنتو بصوت مسموع ،
وأنزل عينيه ليُخفي ما بداخله
و قال بصوت خافت : “ إذًا ، لهذا السبب لا تسمح لي بالخروج ؟”
كذبة تجر أخرى —- أجابه شي دوو:
“ هذا جزء من السبب .
أما الجزء الآخر ، فهو أن حادث سيارتك كان مريبًا .
ليس من الآمن أن تخرج وحدك .
فمن أجلي ، ابقَ في المنزل هذه الفترة ، حسناً ؟”
ترك شي دوو ذقنه من بين أصابعه ،
لكن سواء ضغط بشدة أو أن بشرة شين آنتو كانت شديدة
الحساسية ، فقد ظهرت علامة حمراء واضحة في المكان ،
بدت مزعجة للنظر
مدّ شي دوو يده بسرعة ليمسحها بلطف
تفاجأ شين آنتو وقال مذهولًا :
“ هل يُعقل أن أحد معجبيك استأجر من يؤذيني ؟
ما هذا السيناريو الدرامي ؟”
: “ غالبًا لا.
من الأرجح أن يكون منافس في الأعمال .
ما زلنا نُجري التحقيق .”
لم يكن بمقدور شي دوو أن يشرح التفاصيل بدقة،
لكن عندما قال “مريب”، كان يقصد الحادث المتعلّق
بتحطّم طائرة شين آنتو
خلال الأيام الماضية، أرسل رجاله للتحقيق في الأمر سرًّا،
وقد توصلوا إلى عدّة دلائل غير طبيعية — أبرزها اختفاء الصندوق الأسود الخاص بالطائرة
ومع ذلك ، وُجدت بعض الأدلة في موقع التحطم
في ذلك الوقت ، كان شين آنتو يسافر إلى جزيرة هايشا مع
خطيبته وحارسين شخصيين
وكانت أسرع وسيلة للوصول إلى هناك هي الطائرة ،
إذ تمر فوق البحر وتعبر جبال أومانشي
كان من المفترض أن تستغرق الرحلة نصف ساعة فقط،
أما الخطر الحقيقي الوحيد، فكان الضباب البحري الكثيف
الذي يُضعف الرؤية بشكل حاد
لكن الطيار كان يملك خبرةً تقارب العشر سنوات،
وقد أتمّ أكثر من مئة رحلة بين مدينة z وجزيرة هايشا
و كان قد واجه الضباب البحري مرارًا،
وكان من المفترض أن يعرف كيف يتعامل معه
وقد أشار تقرير التحقيق إلى أن المروحية كانت تفتقر إلى
تجهيزات مثل الرادار المتقدّم ونظام تجنّب الاصطدام،
وهو ما أدى إلى اصطدامها بجبال أومانشي على ارتفاع 300 متر، وسط رؤية شبه معدومة
ومع ذلك، ما زال السبب الدقيق للحادث قيد التحقيق
لم يكن شي دوو ليصدّق أن الطائرة الخاصة بشين آنتو كانت
بلا أحدث أنظمة الرادار وتجنّب الاصطدام ——
لا بدّ أن أحدًا عبث بالمروحية ، أو ربما رُشي الطيار ليدفع
شين آنتو نحو الهلاك في عملية انتحارية
أما عن الأشخاص الذين يرغبون في موت شين آنتو ؟ ——
فالقائمة لا نهاية لها
ففي نظر العالم الخارجي، كان شي دوو بلا شكّ عدوه اللدود
لكن حتى دون النظر إلى الغرباء ،
كان إخوة شين آنتو الثلاثة كافين لجعل حياته جحيمًا —-
فما إن انتشر خبر الحادث، حتى انقضّ شقيقه الأكبر
والأخوان الأصغر كوحوش مفترسة تنهش جثة شركة العائلة
بطبيعة الحال لم يكن بإمكان شي دوو أن يبوح بأي من هذا لشين آنتو
و لحسن الحظ ، بدا شين آنتو غير مكترث
فما إن اقتنع بـ”سبب الانفصال” حتى هدأ بشكل ملحوظ
توقف عن الجدال، وجلس مطيعًا،
بل حتى طمأن شي دوو بقوله: “ سأبقى في المنزل .
كن حذرًا في العمل .”
ردّ عليه شي دوو بهمهمة مختصرة ،
ثم مدّ يده ليلمس رأس شين آنتو
وهذه المرة، لم يتراجع شين آنتو
كانت الإصابة الظاهرة قريبة من صدغه،
لكنّ الضربة الأقوى كانت على الجانب الأيمن من رأسه،
ولا يزال يوجد انتفاخ بسيط حتى الآن
مدّ شي دوو يده بلطف ، ووضع كفّه فوق موضع الورم :
“ هل لا يزال رأسك يؤلمك ؟”
“ همم…”
مدّ شين آنتو الصوت بأنفاس أنفية ، بدا فيها كالمتذمّر الحزين
“ سأدفئه لك. حاول أن تنام قليلًا.”
“ حسنًا…”
كان شي دوو قد قضى اليوم بأكمله يراقب لقطات المراقبة،
وقد لاحظ أن شين آنتو كلما اشتد عليه الصداع،
كان يضغط بيده على تلك المنطقة،
ربما لأن دفء كفّه يخفف من الألم
وبعد أن أُطفئت الأنوار، وتمدد الاثنان على السرير،
ارتمى شين آنتو تلقائيًا في أحضان شي دوو
عانقه شي دوو بذراعه ، ووضع كفّه بلطف فوق رأسه ، وهمس:
“ تصبح على خير .”
استلقى شي دوو مغمض العينين ،
لكن ذهنه كان يقظًا في العتمة
تذكر الليالي التي كان يتخيل فيها حياته الزوجية المستقبلية،
وكيف كان يظن بثقة أنه لن ينام أبدًا إلى جانب شريكه ،
لأنه لا يحب وجود شخص قربه أثناء النوم
لكن تلك الفكرة تلاشت تمامًا منذ البارحة —- حين سأل
شين آنتو فجأة : “ لماذا لا ننام في نفس الغرفة ؟”
فكر شي دوو للحظة
لم يكن قد نسي تلك الفكرة ، لكنها ببساطة لم تنطبق على شين آنتو
قبل أسبوعٍ فقط، وقبل أن تتحطم طائرته على سفح جبل أومانشي،
لم يكن شي دوو ليحلم حتى بنظرة من شين آنتو
أما الآن، فها هو شين آنتو نائم بعمق بين ذراعيه،
يتدلّى عليه كأنه يعود لموطنه
انتهز شي دوو الفرصة وقبّل قبلة سريعة على قمة رأسه
رغم أن الوقت كان متأخرًا ، لم يتمكن شي دوو من إغلاق عينيه
كانت الليلة قصيرةً جدًا… ولم يرغب في إهدارها في النوم
———————
في صباح اليوم التالي ،
عندما استيقظ شين آنتو، كان شي دوو قد غادر بالفعل
جلس شين آنتو على السرير شاردًا ، يحاول تذكّر الحلم الذي رآه
كان يشبه شيئًا من الماضي،
لكنه نسيه تمامًا، ولم يجد وسيلةً لاستعادته،
فاختار أن يتخلّى عنه
بعد أن غسل وجهه، توجّه إلى المطبخ،
فوجد أن شي دوو قد ترك له الإفطار في حافظة طعام حرارية
بداخلها فطائر مطهوة على البخار ، وحليب الصويا ،
وبيض — من الواضح أنها وجبة جاهزة من أحد مطاعم الفطور
شين آنتو كان يتناول فطوره بينما يُقلّب هاتفه
تذكّر ما حدث الليلة الماضية،
فكتب اسم “شي دوو” في شريط البحث
وفي لحظة، غمرت شاشة هاتفه نتائج لا تُحصى،
ففقدت الفطيرة بين يديه جاذبيتها على الفور
في الوقت نفسه، تلقّى لابتوب شي دوو سجلّ تصفّح شين آنتو تلقائيًا
خلال وجبة الإفطار ، زار شين آنتو الصفحات التالية :
– [ صفحة ويكيبيديا لشي دوو ]
– [ نظرة معمّقة على مجموعة روي تشيان التابعة لعائلة شي ومديرها التنفيذي الحالي شي دوو ]
– [ هل سيتمكن وريث عائلة شي من قيادة روي تشيان نحو آفاق أعلى ؟ ]
– [ وسيم في مأدبة – هل اقترب زفاف شي دوو ؟ ]
…
– [ رئيس مجموعة جينشنغ، شين لين، مفقود:
هل ستكون روي تشيان المستفيد الأكبر ؟ ]
وتوقّف تصفّح شين آنتو عند هذا العنوان الأخير ————
توجّه شي دوو إلى لقطات المراقبة ،
فلاحظ أن شين آنتو كان قد ذهب إلى المطبخ ليغسل الصحون ————
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق