Ch56 | TDVWD
لقد بلغت زراعة سو يو ذروتها قبل سنوات طويلة،
ولم يسبق له أن أُهين بهذا الشكل منذ زمن بعيد
نظر إلى شي هواي بملامح وحشية، وهاجمه مرارًا دون توقف
كل ضربة منه كانت شرسة وقاتلة، تعبّر عن كراهيته الشديدة
لكن شي هواي لم يكن خصمًا سهلًا
رغم صغر سنه، فقد درس فنون القتال الجسدية بجدية،
بل حتى بات يُعد من القلائل في عالم الزراعة ممن يتقنونها
ويجيدون استخدامها في القتال
في البداية ، كان كل ما يريده وسيلة للتنفيس حين تفقد
نيران التنين الرمادي السيطرة عليه،
فتمرّن مرارًا وتكرارًا على الطرق القتالية التقليدية
كانت هذه التمارين تُساعده على تشتيت انتباهه والتخفيف من حدّة مشاعره المنفلتة
ما بدأ كطريقة لتخفيف معاناته ،
أصبح الآن فائدة غير متوقعة، مكنته من قمع سو يو
توقف سو يو أخيرًا حين أدرك أنه ليس نِدًّا له ،
لكنه قال بنبرة ممتلئة بالضيق :
“ يكفي .”
: “ تتتتف !” شي هواي نظر إليه باستياء : “ هل تظنني مجرد
شريك في التمرين أتوقف وقتما تشاء ؟”
: “ أعد إليّ الجرس . لا فائدة لك منه .”
شي هواي : “ ولِم لا تموت أنت ؟ لا فائدة من حياتك أصلاً .”
: “ ماذا تريد بالضبط ؟”
شي هواي : “ بغضّ النظر عن كل شيء ، رغم أني أشعر بالاشمئزاز وأنا
أحمل تابوتًا معي، إلا أن وجوده سيجبرك على التصرف بتهذيب .”
فكر قليلًا ثم خبئ الجرس
فهو يعلم أن عليه الحذر من سو يو
الذي يستطيع القضاء عليه بلمحة خارج الأرض النقية
لكن طالما الجرس—نقطة ضعف سو يو—في حوزته، فالأمر مختلف
نظر سو يو إلى شي هواي،
ثم إلى من حوله للحظات، ثم ضحك بخفة:
“ حسنًا، سأدع الجرس معك مؤقتًا .”
ثم التفت ونظر إلى تشي مو ياو نظرة أخيرة ثم استدار وغادر
وبعد رحيله ، أراد الآخرون أن يسألوا شي هواي عن الوضع في الخارج،
لكنهم لم يكونوا يعرفونه جيدًا، بل كانوا قد عاملوه بازدراء من قبل
نظر يو يانشو إلى تشي مو ياو، وتبادلا نظرة قصيرة جدًا لا
تتعدى نفسًا واحدًا، لكنها كانت كافية ليتلقى الرسالة
عبوس شي هواي ازداد حين لاحظ تلك النظرة العابرة
سحب تشي مو ياو شي هواي إلى مكان منعزل وأجلسه ليرتاح، ثم سأله بلطف :
“ كيف دخلت ؟”
أجابه شي هواي بصراحة :
“ عندما أتيت ، كان مزارعو مرحلة ولادة الروح من طائفة نوان يان وطوائف أخرى قد وصلوا بالفعل لتعزيز التشكيلة
الكبرى التي تختم الجبل.
أصررت على الدخول، فلما رفضوا تشاجرت معهم.
وفي النهاية، خافوا من أن يفقد التنين السيطرة ويُدمّر
الجبل، كما أنهم لم يرغبوا في الظهور كمن يضطهد تلميذًا
أصغر منهم، فسمحوا لي بالدخول.
لكن بالمقابل… اضطررت إلى ترك زونغ سيتشن وسونغ
وييو كرهينة .”
مو ياو بنبرة عابسة :
“ كرهينة ؟ اووه… يا لهم من أصدقاء رائعين ، آيه …”
لم يستطع إلا أن يتنهّد ، وقد شعر فجأة بالأسى على هذين الاثنين
لكن شي هواي لم يُعِر الأمر اهتمامًا
و ارتفعت زاوية فمه بابتسامة خفيفة وهو يقول:
“ كانوا في الأصل لا يرغبون بمرافقتي أصلاً ”
: “ هاه؟” لم يفهم تشي مو ياو ما الذي يقصده :
“ ظننتُ أنكم تتفاهمون جيدًا ؟”
: “ لا شيء مهم . لا تقلق حيال الأمر .”
أومأ تشي مو ياو بتفكير
كان الختم الكبير قد أغلق على الميازما والناس داخل الجبل
وإن أراد أحدهم الدخول، فذلك ممكن، فقط إن تم دفعه بقوة إلى الداخل
لكن المشكلة الكبرى كانت في الخروج، إذ حتى أكثر التحضيرات حذرًا قد تُؤدّي إلى تسرب شيء مع الخارج،
أو تُزعزع استقرار الختم
لم يتوقّع أحد أن يندفع شخص ما إلى موته عن طيب خاطر، لذا لم يُجادلوه كثيرًا عندما أصر على الدخول
قال تشي مو ياو بقلق :
“ كيف عرفت أنني هنا ؟”
عبست حاجبا شي هواي،
وهو لا يرغب إطلاقًا في الإفصاح عن العقد السريّ الذي ربطه بتشي مو ياو…
عقد الشريكين في الزراعة ، والخيط الأحمر الذي لا يراه
سواه ، واللذَين مكّناه من تتبع مكانه مهما ابتعد
لم يكن يريد الحديث عن هذا مطلقًا —- فكلّما تذكّر مؤخرة تشي مو ياو البيضاء الناصعة وهو يهرب ،
شعر بألم في قلبه يستمر طويلًا
لم يكن أمامه إلا أن يقول باختصار :
“ صادف أنني سمعت بذلك .”
تنهد تشي مو ياو، وقد ضاق صدره وهو يتذكّر تكلفة مصباح تجديد الروح :
“ ما كان ينبغي لك أن تأتي .
لقد عرّضت نفسك للخطر بسببي .
حتى سو يو لم يتمكّن من الخروج، فكيف بنا ؟”
ردّ شي هواي فجأة:
“ أريد فقط أن أعرف… هل لا تستطيع العودة إلى طائفة تشينغ زي؟
أم أنك لا تريد العودة إليها ؟”
نظر تشي مو ياو إليه بدهشة
كان شي هواي أيضًا ينظر إليه …
لم يكن ذاك الوجه المتغطرس المعتاد ،
بل بدا وكأنه جرو عملاق تم التخلّي عنه ، يتوسّل نظرةً من صاحبه
هبت الرياح وحرّكت خصلات شعره ،
فكشفت جبينه الكامل وملامحه الوسيمة لتشي مو ياو
لسببٍ ما، شعر تشي مو ياو بانقباضٍ في قلبه
نظر حوله ليتأكد من أن لا أحد في الجوار، ثم قال بهدوء:
“ طائفة نوان يان واجهت مشكلة تتطلب مساعدة طائفة يو تشونغ .
وهم اعتنوا بطائفتنا دائمًا ، لذا كنا ملزمين بالمساعدة .
لم يكن هناك من يستطيع التعرّف على العظام الروحية
سوى أنا وشيجي ، لكننا علقنا هنا دون قصد .”
كان في كلامه تلميح واضح بأنه لم يتعمّد الغياب ، بل أُجبر عليه
كان هذا كافيًا ليُهدّئ قلب شي هواي المضطرب بعض الشيء
ثم سأل شي هواي :
“ لماذا يهتم سو يو بك كل هذا الاهتمام ؟”
كان هذا شيئًا لاحظه شي هواي منذ لحظته الأولى هنا
سلوك تشي مو ياو الغريب في مؤتمر الطوائف الألف،
والنظرة التي رمقه بها سو يو قبل رحيله… كلها أمور أثارت فضوله
لم يكن تشي مو ياو يعرف كيف يشرح له
و لا يمكنه التحدث عن غزال اليونّي ، أو عن قدرته على الشفاء
{ لكن ، ، إن لم أذكر ذلك ، فكيف لي أن شرح اهتمام سو يو؟ }
لم يجد ما يقوله سوى:
“ لا أعرف أيضًا .”
: “ ذلك العجوز الحقير !” شتمه شي هواي بغضب
{ عجوز في آلاف السنين ويطمع في تشي مو ياو ؟! }
ثم أوضح بعد لحظة :
“ كنت أقصد سو يو طبعًا .”
: “ آوه…” شعر تشي مو ياو بذنبٍ طفيف للحظة
{ لكن ما كان عليّ أن أشعر بالذنب لأجل العمر !
فأنا في الثامنة عشرة فقط ! الثامنة عشرة !! }
تلفت شي هواي حوله ثم سأل:
“ أين طائرك؟”
تشي مو ياو:
“ تشيوتشيو في حقيبة الحيوانات الروحية .
سيشعر بالجوع في الأرض النقية ،
ولا يوجد شيء لإطعامه هنا .
سيشعر براحة أكثر في الحقيبة .”
قالت يي تشيانشي فجأة وهي تصرخ لتشي مو ياو:
“ شيدي تعال بسرعة !”
وقف تشي مو ياو مسرعًا ، لكنه كان قلقًا من
شعور شي هواي بالوحدة ، فمسك بكمه وقال له:
“ تعال معي .”
نظر شي هواي إلى الأصابع البيضاء التي تمسك بكمه وابتسم قليلاً ،
ثم توجه مع تشي مو ياو نحو يي تشيانشي
كانت يي تشيانشي جالسة على حافة الأرض النقية ، تحدق في الغابة
ظن تشي مو ياو في البداية أن هناك فريسة،
ونظر إليها أيضًا
صُدم كثيرًا عندما لاحظ نقطتين متوهجتين باللون الأزرق
عند التدقيق ، رأى ثعلبًا أزرق تحت غصن شجرة قوي
بسبب انتشار الميازما في الغابة ، تحوّل محيط الأرض
النقية إلى ظلام دائم على مدار الساعة
تعكس عيون الثعلب الأزرق الضوء كأنه نيران أشباح،
مما جعله مشهدًا غريبًا ومرعب
تعجب تشي مو ياو قائلاً :
“ إذن بعض الثعالب الزرقاء نجت في الغابة !”
أومأت يي تشيانشي برأسها، وقالت:
“ نعم، يبدو أن هذا الصغير لا يزال ينمو ، وهذا ربما سبب نجاته .”
سأل تشي مو ياو:
“ هل تخططون للإمساك به؟”
أجابت:
“ نعم. سينتهي به الأمر متأثرًا بالميازما داخل الغابة .
إنه واقف هناك منذ فترة ،
ربما يحاول الدخول إلى هنا، لكنه يخاف بسبب كثرتنا .”
{ ربما بسبب القربان الأزرق } شعر تشي مو ياو بألم شديد لرؤية الثعلب الأزرق
{ كان من المفترض أن يعيش حرًا ،
لكنه أصبح على هذا الحال
لا بد أن رفاقه قد لقوا مصيرًا مروعًا }
قال:
“ فلنفكر في طريقة لإنقاذه .”
أومأت يي تشيانشي بالموافقة
الثعالب عادةً صعبة الإمساك بها لأنها ذكية وحذرة من البشر،
خاصة الثعالب الزرقاء في سلسلة الجبال،
التي أصبحت أكثر حذرًا بعد الصيد المكثف
لكن يي تشيانشي كانت دومًا تحمل عطفًا خاصًا للثعالب،
وإلا لما اختارت ثعلبًا أحمر كحيوان روحي مرتبط بها
كانت تفهم طبيعتهم جيدًا
لوّحت بلعبة في يدها محاولةً جذب الثعلب الأزرق
جثا شي هواي بجانب تشي مو ياو وسأله:
“ ماذا يحدث إذا حاولت مغادرة الأرض النقية بدون أي أدوات ؟”
أخبره تشي مو ياو عن تصاعد الرغبات
بعد لحظة، قال شي هواي :
“ أنا فضولي لمعرفة ما هي أقوى رغبة لديك .”
هز تشي مو ياو رأسه عدة مرات
كان يخشى أن يبدو كطالب يذاكر بمرارة للامتحان الجامعي
بعد مغادرته الأرض النقية ليصبح الجميع ينعتونه بغريب الأطوار
في الحقيقة هو نفسه كان يتساءل عن أعمق رغبة لديه
قبل الانتقال : أن يحصل على المركز الأول في المقاطعة ويدخل جامعة تشينغبي.
بعد الانتقال: الهروب من طائفة هي هوان.
الآن بعد مرور أعظم كارثة بعد الانتقال، انخفض هوسه قليلاً،
مما يعني أنه ربما يبحث في الغابة عن كتب دراسية ويصرخ بأعلى صوته : ' لا بد أن أتعلم ! '
{ وهذا سيكون… محرجًا جدًا ! }
بينما يحاولون جذب الثعلب الأزرق،
ظن باقي المزارعين أنهم وجدوا فريسة،
فتقدموا وسألوا إذا كانوا بحاجة للمساعدة
لكن عند رؤيتهم للثعلب الأزرق،
تغيرت تعبيراتهم وأصبحوا مترددين في الاقتراب،
لأنهم يخافون من التعامل مع هذا النوع من الحيوانات الروحية
فقط رؤية الثعلب جعلتهم يرتجفون،
خصوصًا أن الميازما في الغابة ناتج عنهم
وجدت يي تشيانشي وجود الآخرين مزعجًا،
ولا سيما أنهم كانوا يخيفون الثعلب الأزرق، فقالت بنفاذ صبر:
“ إن لم تستطيعوا المساعدة، فانقلعوا من هنا.”
أما مينغ شاولو، فكانت تراقب تشي مو ياو ومن معه من بعيد، وكانت نظراتها تعود مرارًا إلى شي هواي
كانت تتساءل { لو أن شي هواي غيّر قلبه ، فهل سيأخذني
معه ليغادر هذا المكان ؟ }
منذ أن اضطرت للاختباء هنا، أصبحت كأي شخص عادي،
تواجه صعوبات الحياة اليومية دون امتياز
وبالنسبة لها، وقد اعتادت على حياة الترف والراحة، كان هذا أصعب ما مرّت به
صحيح أن الرحلة السابقة كانت شاقة ،
لكنها كانت تملك الطاقة الروحية التي تعينها
أما هنا، فهي بحاجة للنوم، وللطعام، وحتى تنظيف نفسها
بات أمرًا مرهقًا. لقد سئمت هذا الوضع تمامًا
ومع ذلك، حين تنظر إلى شي هواي، لا تدري كيف تعيد
علاقتها به، فتغوص في تأملاتها
ثم سرعان ما لاحظت شخصين آخرين ينظران إلى تشي مو ياو ——
كان مو رين يبدو منشغلًا بما في يده ، لكنه كان يرفع نظره
إلى تشي مو ياو بين الحين والآخر
وقد تغيّر سلوك مو رين مؤخرًا بشكل ملحوظ ،
لكن ذلك لم يُدهش مينغ شاولو
ما أدهشها حقًا كان الطريقة التي نظر بها يو يانشو إلى تشي
مو ياو —- بنظرة عميقة ملؤها التفكير
لم تستطع أن تدرك ما الذي كان يفكر فيه،
لكنها تعلم أن يو يانشو يولي تشي مو ياو اهتمامًا خاصًا
يفوق ما يمنحه للآخرين
في تلك اللحظة، صاحت يي تشيانشي بغضب:
“ ما خطب هذا الثعلب الأزرق ؟! إن لم يقبل الجزرة ، فسأستخدم الشبكة !”
ثم انطلقت لإحضاره
كانت شبكة الصيد هذه أداة روحية في الأصل، لكن هنا في الأرض النقية ، لم تعد سوى شبكة عادية تتطلب مهارة في الرمي
ولحسن الحظ، كانت يي تشيانشي ذات خبرة واسعة،
ونجحت بالفعل في الإيقاع بالثعلب الأزرق داخل الشبكة
لكن حين بدأت في سحبه، بدأ الثعلب يقاوم بشدة
فأسرع تشي مو ياو لمساعدتها
أما شي هواي، فظل واقفًا يراقبهم دون قلق، غير متوقع أن قوّتهما معًا لن تكفي
وحين رأى الاثنين يُسحبان من الأرض النقية دفعة واحدة،
لم يملك إلا أن يتجمد في مكانه من الدهشة
وصُدم الجميع كذلك
فقد كان من المعروف أن من يفقد نفسه داخل الغابة،
لا يُستعاد إلا بتكاتف جهود عدة أشخاص لسحبه
كان شي هواي يعتزم الخروج مستخدمًا مصباح تجديد الروح، لكنه تردد
كان فضوله يدفعه بشدة لرؤية ما سيبدو عليه تشي مو ياو تحت تأثير الميازما
لطالما عُرف عن الميازما قدرته على خلق الهلوسات،
إذ يرى المزارعون فيه أعظم رغبات قلوبهم
حتى من في الأرض النقية كان بمقدورهم رؤية هذه الأوهام
وقد ظن الجميع أنهم على وشك مشاهدة مشهد محرج للاثنين،
لكنهم حين أسرعوا إلى المكان… أصابتهم الدهشة
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق