Ch59 | SJUTM
كان شين آنتو مترددًا في الحديث عمّا جرى بعد ذلك ،
لكن إصرار شي دوو دفعه إلى سردٍ مختصر —-
فإغضاب شين كايفينغ لم يكن يمرّ دون عواقب وخيمة —-
ألقى به في دولة Y , أرضٍ فوضوية لا يحكمها قانون ،
تمتلئ بالصفقات المشبوهة
عُزل في علّية ضيقة ، لم يكن يُقدَّم له فيها سوى ثلاث وجبات يوميًا
قال له شين كايفينغ:
“ إما أن تعترف بخطئك وتسجد لي ثلاث مرات ،
وسأدعك تعود لتخوض امتحان القبول الجامعي،
أو تبقى هنا في هذا الجحيم وتعيش حياة تافهة حتى تموت .”
لكن الخطأ لم يكن خطأ شين آنتو
بماذا يُفترض أن يعترف ؟
أعظم خطاياه أنه وُلد ابنًا لشين كايفينغ
لم يكن ليركع أمامه، ولم يكن مستعدًا للرضوخ لحياة حقيرة لا تليق به
كان الشهر الأول بمثابة عذاب مطلق
حطم كل ما في العلّية من أثاث ، خاض إضرابًا عن الطعام ،
بل وألحق الأذى بنفسه عمدًا ، ولكن لا فائدة
أدرك في النهاية أن شين كايفينغ لم يكن يهتم إطلاقًا
وإن مات ، فهناك ثلاثة أبناء آخرون في الانتظار
حينها بدأ يخطط للهروب ، لكن وحدته كانت خانقة
لا مال ، لا جواز سفر ، لا هوية ، ولا حتى لغة يفهمها
حتى لو ذهب إلى الشرطة ، لن يصدقه أحد
الرجل الذي كان يُحضِر له الطعام يوميًا رفض مساعدته ،
بل وبصق في طعامه
جرّب شين آنتو كل وسيلة يمكنه التفكير بها ،
لكن الهروب كان شبه مستحيل
لم يستطع مغادرة المدينة ، فضلًا عن العودة إلى الصين
وفي تلك الليلة التي وافق موعد امتحان القبول الجامعي،
بكى حتى الصباح
ندم شي دوو على نبش تلك الجراح القديمة
قبلة رقيقة على ندوب جسده، لعلّه يمسح بعضًا من الألم
لم يكن قادرًا على تغيير الماضي،
لكنه أراد التخفيف عنه ولو قليلًا
في التاسع من يونيو ، أي بعد امتحان القبول الجامعي بيوم واحد،
بلغ شين آنتو الثامنة عشرة،
وحيدًا في علّية ضيقة بأرضٍ غريبة
كان المستقبل أمامه مظلمًا، لا نهاية له
ظل مستيقظًا تلك الليلة حتى الفجر ،
يفكر في الامتحان ، في والدته ، وفي شي دوو ….
وحين بزغ الضوء ، عقد العزم على النجاة
أدرك أخيرًا لِمَا كانت شين ليجون مهووسة بالمال
هو أيضًا يحتاج المال—كثيرًا منه
فقط بالمال يستطيع شراء هوية مزيفة في السوق السوداء،
وشراء تذكرة طائرة، ثم العودة إلى الوطن وإكمال دراسته
لكن من أين له أن يحصل على ذلك المال ؟
كان العالم قاسيًا للغاية ، ومع ذلك عادل بشكل غريب —
إن أردت شيئًا ، فعليك أن تدفع ثمنه
تأمل شين آنتو نفسه — { على الأقل — ،
لا أزال أملك وجهًا وسيماً يمكنني الاتكال عليه }
بدأ العمل في أرخص نادٍ ليلي ،
يفعل أي شيء من أجل النقود
لم يكن يعرف الرقص ، فتعلّم
لم يكن يتحمّل الخمر ، فدرّب نفسه
وحين اشتكى الزبائن من ملامحه الجامدة ، ابتسم وكأن
حياته متوقفة على ذلك
حتى حين كانوا يتحرشون به، كان يعضّ على ألمه ويسألهم
إن كانوا يرغبون بالمزيد
لكن كل ذلك لم يكن كافيًا
صاحب النادي كان يستغله، يدفع له مبالغ تافهة بحجّة أنه
“أجنبي” و”قاصر بلغ للتو”
وحين اشتكى ، كاد أن يُضرَب
دخله الحقيقي الوحيد كان من بقشيش الزبائن—وحتى
ذلك، كان يُسرق منه أحيانًا على يد زملائه المتسلطين
لمدة شهرين، كان شين آنتو يقضي الليل في الحانة،
ويعود فجرًا مترنّحًا،
و تفوح منه رائحة الخمر، ويتقيأ على أرضية الغرفة
لم يكن يجني شيئًا يُذكر ، لكنه كان قد تحوّل بالفعل إلى
مخمورٍ يائس ،
أشعث الشعر ، مثير للشفقة
حتى الحارس الذي كان يجلب له الطعام احتقره أكثر —
و يبصق عليه كلما رآه
لم يكن الآخرون وحدهم من يشعرون بالاشمئزاز—كلما رأى
شين آنتو انعكاس صورته، شعر بالغثيان
لكنه لم يكن يملك خيارًا سوى الاستمرار
وكلما ظنّ أنه لم يعد قادرًا على التحمّل،
فكّر في والدته شين ليجون ….
فكّر في شي دوو ….
تخيّل كيف سيكون الأمر لو عاد يومًا إلى جانبه
نجا من تلك الشهرين القاسيين بالتمسك بأحلامٍ وهميّة ،
وشجع نفسه لتحمّل معاناةٍ ستستمرّ لعشر سنواتٍ قادمة
وبالطبع وصلت أخبار حالته إلى شين كايفينغ
وبعد سماعه بذلك ، بدا وكأنه فقد الأمل تمامًا في شين آنتو
فبعد أن كان يتحقّق من أمره بين الحين والآخر،
توقّف عن السؤال كليًا
حتى الشخص الذي كان يُحضِر له الطعام بات يتكاسل ،
يأتي يوم ويتغيّب أيام
ومع ذلك لم تذهب تلك الشهرين هدرًا بالكامل
فقد استطاع شين آنتو أن يتقن قدراً كافيًا من لغة البلاد التي نُفي إليها ،
ليجيد التفاهم في المحادثات اليومية ، وإن لم يكن طليقًا بعد
وبحلول ذلك الوقت ، كان قد فهم قواعد عالم الحياة الليلية
ترك الحانات الرخيصة خلفه ، وتقدّم للعمل في نادٍ فاخر
حدّق فيه المدير طويلاً وسأله عمّا يمكنه فعله ، فابتسم
شين آنتو ابتسامة فاتنة وقال:
“ أعرف كيف أؤدي رقصة تعرٍّ "
كانت الراقصات النساء أمرًا شائعًا في النوادي الليلية ،
لكن الراقصين الذكور نادرون — وخاصةً شخص مثل شين
آنتو بوجهه الساحر وخطوط جسده المثالية
وفي الحقيقة لم يكن قد تعلّم الرقص بعد ،
لكنه كان يلاحظ بدرجة مذهلة
و خلال شهرين فقط ، تعلّم الزوايا التي تُبرز جماله ،
والحركات التي تُثير إعجاب الزبائن ،
والتعابير التي ينبغي أن يرسمها على وجهه
سرعان ما اشتهر ، وبدأوا الجماهير يتوافدون لرؤيته
لكن الشهرة جلبت معها المتاعب : رجال ونساء على حدّ
سواء حاولوا التقرّب منه وادعوا ملكيته ،
بل وهدّده بعضهم بتدميره إن رفضهم
لكن شين آنتو لم يكن خائف
لم يكن لديه ما يخسره ، وحياته لم يكن بإمكانها أن تسوء أكثر
لم يكن يرى هؤلاء الأشخاص كعقبات ، بل كفرصٍ يجب استغلالها
كان ينسج حولهم الكلمات المعسولة ،
ويتقن ابتسامته الساحرة ،
ويُخفي مشاعره خلف قناعٍ لا يُخترق— كل ذلك لأجل هدفٍ
واحد : تفريغ جيوبهم ——-
لكن ذلك أيضًا لم يكن كافيًا
لا يزال المال أقل بكثير مما يحتاج إليه
وبعد تفكيرٍ عميق ، أدرك شين آنتو أنه إن عاد إلى الوطن،
فلن يستطيع الهروب من نفوذ شين كايفينغ،
مهما كانت الجامعة التي التحق بها
لذا قرر التوجّه إلى “A”، حيث يمكنه على الأقل أن يعيش
دون خوفٍ دائم من أن يُسحب من حياته بالقوة
لكن الدراسة في البلد A تتطلّب مصاريف هائلة—رسومًا
جامعية ومعيشية تفوق كل توقّعاته
كان بحاجة إلى الكثير من المال
وحينها حدّد أول فريسة له: فتاة لطيفة من عائلة ثرية،
بدا واضحًا أنها جاءت مع صديقاتها مُجبرة،
ولا تنتمي لهذا العالم
وما إن فكّ شين آنتو زرين من قميصه حتى احمرّ وجهها
وشهقت شهقة خافتة—لكنها مع ذلك لم تستطع منع
نفسها من التحديق إليه من خلال فجوات أصابعها
منذ تلك الليلة ، بدأت الفتاة بزيارة النادي كل مساء ،
وكانت دائمًا تترك بقشيش سخي
لم يسبق أن خصّ شين آنتو أحد الزبائن بأي اهتمام ،
لكنه استثناها من القاعدة ، وبدأ يقدّم لها كوب عصير كل
ليلة كنوع من ' اللُطف الخاص '
وبعد شهر ، حين أوقفته عند الباب الخلفي للنادي وسألته
إن كان لديه حبيبة ، علم شين آنتو أنه نجح
السبب الذي جعله يختار فتيات مثلها كان بسيط — كنّ
بريئات، طيبات القلب، يحلمن بالحب لكنّهن خجولات،
ولا يجرؤن على طلب أي علاقة جسدية
كلما ابتعد عنهن أكثر ، ازددن اقتناعًا بأنه شاب نبيل وجدير بالثقة
والأهم من ذلك كله، أنهن كنّ ثريات، مستعدات لإنفاق
أموال طائلة باسم الحب
ولكل واحدة منهن — تلك الفتاة ، ومن تَلَين بعدها — كان
شين آنتو يردد نفس الجملة :
“ يوجد فتاة أحبها ، لكنها لا تحبني .
أحاول نسيانها… إن لم تمانعي ، ربما يمكننا أن نمنح هذه العلاقة فرصة ”
كنّ ساذجات ، لا يعرفن شيئًا عن نواياه الحقيقية
و كلهن ظنن أنهن الحبيبة التي ستغير حياته ،
لكن في الواقع ، لم يكنّ سوى درجات على سلّم طموحه
وبعد ثلاثة أشهر ، حين جمع ما يكفي من المال ،
اقترح عليها الانفصال قائلًا إنه لم يستطع نسيان ' قمره
الأبيض ' ولا يريد أن يخدعها أكثر
فيتحطم قلبها ، ولم تعد تطأ النادي مجددًا
ومع الوقت ، استخدم شين آنتو نفس الحيلة مع عدد لا يُحصى من الأشخاص
لكن في نهاية المطاف ، بدأ الناس يدركون الحقيقة—لا
وجود لـ”قمر أبيض”، كل ما يريده هذا الشاب هو المال
حتى كذبته بشأن رغبته في الالتحاق بالجامعة لم تعد تُقنع أحد
فبالنسبة لهم ، لم يكن سوى نصّاب وقح بلا خجل
ونتيجة لذلك، تعرّض للضرب مرارًا ——-
كانت المرة الأولى على يد شقيق إحدى الفتيات الثريات؛
حاصره في زقاقٍ مظلم وانهال عليه ضربًا حتى تورّمت
ذراعاه وهو يحاول حماية وجهه،
لكن ما إن رحلوا، حتى نهض على قدميه وعاد لجني المال
وكأن شيئًا لم يكن ———
وبعد عام ، التقى بـ جي يوان ——- لم يكن جي يوان أول
رجل يُبدي اهتمامًا بشين آنتو —— ،
لكن الرجال غالبًا كانوا يسببون له المشاكل
كانوا ينجذبون بشهوانية وليس بعاطفة ،
ولم يكن لديه وقت لهذا النوع من العلاقات — لذا رفضه ،
دون أن يتوقّع العواقب
في تلك الليلة ، ظهرت امرأة ثرية مشهورة تُدعى تشو يوان في النادي ،
وطالبت شين آنتو بالاسم
رجال حراستها أحاطوا به من كل جانب ،
فلم يملك فرصة للرفض
وبعد تفاوض ، وافق على شرطٍ واحد : لن ينام معها ،
لكنها إن دفعت ، فلتفعل به ما تشاء
لكن شين آنتو قدّر تشو يوان بأقلّ مما تستحق
كانت سادية ، تستمتع بالعنف والإذلال ، وكادت تفتك به
حاول مرارًا أن يهرب منها، لكنها رفضت التخلي عنه
غرق مرة أخرى في ظلامٍ لا نهاية له
ولحسن الحظ، لم يطل الأمر و التقى بـ يو كيان ، التي كانت
تزور البلد بغرض الترفيه وتغيير الجو
وبفضل مكانة عائلتها ، كانت يو كيان تتلقّى دعوات كثيرة من نخبة البلد
وفي إحدى الليالي، دعتها تشو يوان لحفلٍ فاخرٍ في قصرها
وكعادتها، كانت تشو تتباهى بـ ' كلبها ' الجديد —شين آنتو
استخدمت الحبال والسياط عليه أمام الضيوف ،
لكنه تحمّل كل ذلك بصمتٍ مطبق ،
دون أن يُظهر أي مقاومة
لم يكن شين آنتو يعرف ما الذي لفت انتباه يو كيان
بالتحديد ، لكن بعد الحفل، قامت ' بشرائه ' من تشو يوان
عرضت عليه أن يمثل دور حبيبها ،
موضّحةً أنها تحتاج إلى شاب مطيع ، رزين ، لتستخدمه كغطاء أمام الغرباء
لاحقًا علم شين آنتو أن يو كيان كانت قد جاءت إلى دولة Y
هربًا من زواجٍ مرتب خططت له عائلتها
في ذلك الوقت ، لم تكن مكانتها داخل عائلة يو مثالية على الإطلاق ،
إذ كانت عالقة بين شقيقين أكبر منها يتنازعان على السلطة ،
ولم يُنظر إليها سوى كأداة لإتمام تحالف زواج
في تلك اللحظة ، رأى شين آنتو بصيص أمل
عرض عليها قائلًا :
“ سأساعدك في ترسيخ سلطتك داخل عائلة يو والهرب
من الزواج المرتب ، وفي المقابل ، تموّلين دراستي في دولة A "
ظنت يو كيان أن عرضه مجرد وهمٍ جميل ، لكنها فكّرت :
بما أن مصاريف الدراسة لا تُكلّفها شيئًا يُذكر ، فلمَ لا؟
ولم تدري أن شين آنتو ، خلال السنوات الأربع التالية ،
سيساعدها تدريجيًّا في الاستحواذ على ثلث مجموعة شركان ' فينميكا ' الخاص بعائلتها
قال شين آنتو مفسّرًا لشي دوو :
“ يعني علاقتنا مجرد شراكة عمل . لا داعي لأن تغار منها .”
فأجابه شي دوو بنظرة باردة:
“ اوووه ؟ إذاً .. من المفترض أغار من من ؟”
سعل شين آنتو مرتين على عجل وغير الموضوع فورًا:
“ لم أكن أنوي العودة للصين بهذه السرعة ،
ولكن شين كايفينغ لم يعد قادر على الصمود لفترة أطول .”
يتبع
زاوية الكاتبة :
خداع الفتيات الصغيرات من أجل المال تصرّف دنيء وغير أخلاقي ،
وقد تلقى شين آنتو توبيخًا قاسيًا من شي دوو على ذلك بالفعل .
تعليقات: (0) إضافة تعليق