القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch99 | TDVWD

Ch99 | TDVWD



اتضح أن ما توقعه تشي مو ياو منذ البداية لم يكن خاطئ —


في العادة، حين يتزوج أحدهم ، 

يذهب في اليوم التالي مباشرة لتقديم الشاي للأكبر سنًّا ، 

إلا أن شي هواي وتشي مو ياو، وبعد أن عقدا مراسم رابطة الزوجين ، 

لم يظهر لهما أثر حتى العام التالي ~  ——- ،

حيث التقى شي لين بابنه و”كنّته” لأول مرة من جديد


فقد مضى عام كامل لم يغادرا خلاله الجبل قط


من يعرفهما ، علم أنهما غارقان في “ليلة الدخلة الممتدة”، 

ومن لا يعرف، قد يظن أنهما في فترة عقوبة أو تحت الإقامة الجبرية ~


وفي اليوم الذي نزلا فيه معًا من الجبل، 

لم يكن أحد من داخل الطائفة قد توقع ذلك، 

ولهذا لم يكن هناك من ينتظرهما


وبمحض المصادفة ، رأيا سونغ وييو جالس في جناح صغير يقرأ كتاب


سونغ وييو لا يقرأ عادة إلا إذا أُجبر على ذلك من قِبل السيد قصر زون يوي والده 

الذي يشمئز من كونه لا يعرف القراءة والكتابة


وفي تلك اللحظة ، كان يحمل في يده كتاب صور تعليمي، 

في الأعلى  صورة، وتحتها الكلمة الموافقة لها


مثلًا، تُرسم شجرة في الأعلى ، وتُكتب كلمة “شجرة” أسفلها


حين رأى سونغ وييو الاثنين قادمين، دهش للغاية، 

فألقى الكتاب على الفور وتقدم إليهما، 

وألقى نظرة على تشي مو ياو وقال بدهشة:

“ آ-جيو، كيف نحفت بهذا الشكل؟! 

أنت في الأصل نحيف وضعيف، فكيف ما زال لديك ما يُنقص ؟!”


رد تشي مو ياو بصعوبة ، وكأن الكلمات تخرج من حنجرته بشق الأنفس :

“ بسبب… كثرة الحركة "


لحسن الحظ، أن من يتحدث معهم هو سونغ وييو—وكما 

هو متوقع، لم يفهم، 

وتابع الحديث وكأن شيئًا لم يكن:

“ القصر الثالث والثلاثين لم يُبنَى بعد ،

عندما دخلت طائفتنا ، كنت منشغلاً بالتحضير لحفل رابطة الزوجين ، وبعدها اختفيتما تمامًا ، 

ولم يعد أحد يعرف تفضيلاتك ، لذا لا أحد يعرف كيف 

يصممه، والكل كان في انتظارك .”


في تلك اللحظة ، كان تشي مو ياو على استعداد لفعل أي 

شيء فقط ليبتعد عن شي هواي ~~


بات يشعر بدوار كلما رآه، وكأن شي هواي هو محيط هائج… 

كله أمواج لا تنتهي


خلال هذا العام لم يعرف جسده سكونًا سوى عند النوم من 

الإرهاق أو أثناء الجلوس للتأمل وامتصاص الطاقة 


أما بقية الوقت ، فلم تتوقف حركته لحظة


حين سمع بشأن تصميم القصر ، 

سارع بالقول إنه سيذهب إلى قاعة الإداريين اللوجستية 

لمراجعة المخططات ، وما إن أنهى كلامه حتى فرّ هاربًا


شي هواي أراد اللحاق به، 

لكن السبب الأساسي لنزوله الجبل اليوم كان للبحث عن 

شي لين وسؤاله بشأن تقنيات الزراعة


فبعد أن أتمّا كفايته من الزراعة المزدوجة ، 

حان الوقت لتحسين قوته الفردية ، 

وكان يعاني من بعض النقص في هذا الجانب


ورغم نظره إلى ظهر تشي مو ياو وهو يبتعد بعين مليئة بالحنين ، 

فقد تحمّل وغيّر وجهته إلى والده


قاعة الإدارة في طائفة تشينغ زي أشبه بما يُقال عنه

 ' غنى فاحش يتدفّق من بين أصابعهم '


في طائفة هي هوان، كانت قاعة الإدارة عبارة عن جناح 

جانبي بسيط، 

ولا يمكن دخوله إلا بعد المرور بممر طويل ثم صعود إلى الطابق الثاني


أما في طائفة يو تشونغ فالوضع أكثر تواضعًا ، 

حيث استُخدم كوخ صغير مهجور وحُوّل بشكل عشوائي 

ليكون قاعة الإدارة


لكن في طائفة تشينغ زي، 

فإن قاعة الإدارة تقع في ساحة مستقلة


يصعد المرء إلى الجبل ليقابل أولًا بوابة مقوّسة ضخمة، 

نُقشت عند أعلاها تماثيل وحوش حراسة ذات مظهر مهيب وضخم، 

تكاد تضاهي تمثال الوحش الأساسي حجمًا وقوة


السقوف الخشبية المدعّمة تحمل نقوشًا على شكل سُحب— علامة السماء الخارجية ، 

وتفاصيل الزينة من الفسيفساء وزخارف العوارض الجانبية 

كلها من فنون الحفر المتقنة التي تبلغ حد الإتقان


حتى الحجارة المستديرة عند قاعدة الأعمدة نُقشت عليها 

رموز تعني [ البركة والتوفيق ] وأيضًا [ تدفّق الثروات ]


بعد عبور البوابة ، يظهر مبنيان جانبيان صغيران للتفتيش



وراءهما ، يمتد صفان من القاعات الجانبية ؛ 

الأولى يعرف بـ”مكتبة الشؤون”، 

وتُستخدم للحصول على الكتب والأوراق والأدوات الكتابية. 


أما الثانية فهي “قاعة الأسلحة”، مخصصة للحصول على 

الأدوات السحرية، وصيانة السيوف، وترميمها.


ولأنها طائفة تشينغ زي، فقد كانت قاعة الكتب شبه مهجورة، 

بينما يعجّ مدخل قاعة الأسلحة بالناس ذهابًا وإيابًا ~


القاعة الرئيسية المشرعة ذات الطوابق الثلاثة في الأمام، 

هي قاعة الإدارة الحقيقية في طائفة تشينغ زي


الطابق الأرضي مخصَّص لتسجيل المعاملات واستلام المواد، 

وكل أمر لم تُعالجه المكاتب السابقة يمكن التوجّه به إلى هنا


أما الطابقان الثاني والثالث، فهما غالبًا مساحة لتخزين 

الأغراض أو أماكن يعمل فيها التلاميذ


دخل تشي مو ياو إلى الداخل بدعوة من أحد التلاميذ، 

وجلس على كرسي جانب طاولة لاحتساء الشاي أثناء 

تصفحه لنماذج الرسومات الخاصة بالقصر الذي سيُشيَّد له


ولم يكاد يمضي نصف ساعة على جلوسه حتى بدأ يشعر أن 

هناك أمرًا غير طبيعي في المكان ——-


أداء التلاميذ في قاعة الإدارة بطيئ على نحو لا يُحتمل —-


الطالب المكلّف بالحسابات كان يُحرّك حبات المعداد 

بصوت بطيء وممل: “طَق… طَق… طَق…”

كأنه أنبوب ماء يقطر بتكاسل، 

وبالكاد يُحرّك حبّة واحدة بعد وقت طويل من التردد


حاول تشي مو ياو التحمل لبعض الوقت، 

لكن في النهاية لم يستطع، 

وأصابه الحَكّة في أصابعه من فرط الاستفزاز


أغلق كتاب التصاميم ، وتقدّم إلى الطالب المحاسب


كان هذا الطالب في مرحلة تأسيس الأساس ، ممسكًا بدفتر الحسابات، 

يشير بإصبعه إلى سطر فيه، ويحرّك المعداد ببطء، 

و يتمتم لنفسه ، 

وكل مرة يحرّك فيها حبّة يعود ويتأكد إن كانت حركته صحيحة أم لا


وما إن رأى تشي مو ياو يقترب حتى وقف مسرعًا لتحيته، 

وفي لحظته تلك نسي تمامًا أين وصل في الحساب


سأله تشي مو ياو ببرود قاسي :

“ أأنت جديد على استخدام المعداد ؟”


: “ نعم، لقد تم توجيهي مؤخرًا للعمل في قاعة الإدارة .”


رفع تشي مو ياو حاجبه وسأله:

“ أليست طائفة تشينغ زي تخصّص تلاميذها للعمل هنا؟”


: “ لا، تلاميذ طائفتنا غالبًا يمتازون بمواهب عالية، ويُطلب 

منهم التدرّب خارج الطائفة أو دخول العزلة لزيادة قوتهم.


أما المساعدة هنا، فهي مجرد مهمة مؤقتة، 

وبعد إتمامها يحصل التلميذ على مكافآت من الحبوب أو 

الحجارة الروحية.”


تنهد تشي مو ياو بعمق :

“ انسَى الأمر ، دعني أتولّى الأمر بنفسي .”


أخذ دفتر الحسابات منه وتصفّحه ، 

وسرعان ما اكتشف أن السجلات كانت مكتوبة بخطوط مختلفة ، 

وكل فترة زمنية دُوِّنت بخط تلميذ مختلف ، 

بأسلوب غير منتظم أو موحّد


تصفّح تشي مو ياو لبعض الوقت ، ثم أشار إلى إحدى الصفحات وسأل:

“ هل من هنا يبدأ التدقيق ؟”


: “ نعم، من هذا السطر.”


أبقى تشي مو ياو بصره مركزًا على الدفتر، 

ولم ينظر للمعداد أبدًا، 

لكن أصابعه كانت تتحرك بسرعة خاطفة، 

تحرّك حبّات المعداد بقوة وسرعة، 

حتى بدا كأن الصوت يصنع إيقاعًا مستمرًا من الطقطقة


يداه لم تتوقف عن الحركة ، والدفتر قد قلب صفحته بالفعل


كان الطالب في مرحلة التأسيس يراقبه مذهولًا ، 

يشاهد كيف يُنهي دفترًا كاملًا بسرعة لا تُصدّق ، 

ثم يطابقه مع دفتر الحسابات الرئيسي، 

و يرسم بعض العلامات هنا وهناك ، ثم أبعده وقال :

“ هات الدفاتر الأخرى .”


أسرع الطالب بإحضار الدفاتر الباقية ووضعها بجواره في احترام شديد


تابع تشي مو ياو التدقيق، 

بينما التلميذ يأخذ الدفتر الأول ليراه، 

ليجد أن تشي مو ياو لم يكتفِي بالتدقيق بل وضع علامات 

على الأرقام المشتبه فيها أو غير المتناسقة


هذه السرعة والكفاءة جعلته يُذهل ———


وبعد أقل من نصف نهار ، 

أنهى تشي مو ياو تدقيق حسابات عام كامل ، 


جلس بعدها يتصفح السجلات ، 

يتأمل كل موضع فيه خلل بالحسابات ، 

ويُحصي الأرقام بدقة على أصابعه ——


وفي تلك اللحظة ، دخل شي هواي إلى قاعة الإدارة، وسأل:

“ كيف وجدت الرسومات ؟”


لكن تشي مو ياو لم يُجبه ، 

بل أغلق دفتر الحسابات بقووووة ، 

فصدر عنه صوت بووووف 

ثم رفع رأسه وقال بنبرة هادئة لكنها حاسمة:

“ اذهب وأحضر والدك ! "


: “ هاه؟” تساءل شي هواي بارتباك : “ تقصد أن نُحضر 

زعيم الطائفة شخصيًا ؟”


: “ نعم ، أحضره فورًا .”


رغم دهشته ، لم يرفض شي هواي ، وأرسل على الفور رمزًا صوتي


وما إن دخل شي لين قاعة الإدارة حتى وجد تشي مو ياو منهمكًا في الكتابة ، فتقدّم وسأله:

“ انتهيت من اختيار الرسومات ؟ 

أنتما أحرار في ذلك ، لا حاجة لاستشارتي .”


لكن تشي مو ياو أجابه دون أن يرفع رأسه:

“ يا زعيم الطائفة بعد مراجعتي لحسابات طائفة تشينغ زي 

على مدار العام الماضي ، 

وجدت العديد من المخالفات ، 

والغالبية كانت مُوقّعة باسمك ! 

هل كنت أنت من اختلس الحجارة الروحية ؟”


: “ هاه …” بدا على شي لين بعض الارتباك ، 

ولم يكن يتوقع أن يكون لقاؤه الأول معهما بعد مراسم 

ارتباطهما، بهذا الشكل من المواجهة : 

“ وأين يكمن الخلل ؟”


فتح تشي مو ياو دفتر الحسابات ، 

وأشار إلى عدة أماكن وهو يشرح بهدوء:

“ في اليوم الخامس عشر من الشهر السابع ، 

تم صرف ثلاثة آلاف حجر روحي لشراء قماش باي وو جين؛ 

وفي اليوم الرابع من الشهر الثامن، 

صُرف مبلغ أربعة آلاف وتسعمائة لشراء خشب مينغ لينغ سونغ .

لكن في سجل البضائع الواردة ، لا يوجد أيّ توثيق لوصول 

قماش باي وو جين أو خشب مينغ لينغ سونغ ! ”


أخذ الحرج يتسلل إلى وجه شي لين، 

فشدّ على ملامحه وجلس جانبًا دون أن ينبس بكلمة، 

موجهًا نظره إلى شي هواي


أخذ شي هواي دفتر الحسابات وألقى عليه نظرة ، 

ثم نظر إلى دفتر البضائع أيضاً ، وتنهد قائلاً:

“ هل يعني هذا أنك لا تريد القصر الثالث والثلاثين 

وتريد أن تستلم مهام قاعة الإدارة اللوجستية بدلًا منها؟”


عندها فقط أدرك تشي مو ياو ما فعله ، وقال معتذرًا :

“ كنت فقط… لم أتمالك نفسي وأردت المساعدة لا أكثر .”


: “ وهل كنت في طائفة هي هوان تُراجِع الحسابات مع الزعيمة أيضًا ؟”


: “ نعم. الزعيمة تعشف لعب البايجيو، وكلما خسرت تبدأ 

بتزوير السجلات . 

لو لم أراقبها ، لانهار النظام المالي للطائفة .

اعتدت على هذا…”


عند سماعه هذا ، لم يجد شي لين ما يقوله سوى أن يسعل 

بخفة، مواصلًا صمته


لم يتمالك شي هواي نفسه من الضحك ، 

ثم التفت إلى أحد التلاميذ وسأله:

“ أين كان والدي في اليومين الماضية ؟”

وأشار إلى تاريخ المصروفات المريبة في دفتر الحسابات


فأجاب التلميذ بنبرة صارمة:

“ في الطائفة يا سيدي .”


هنا تدخل تشي مو ياو ليصحح له:

“ هذا ليس السؤال الصحيح . 

بل اسأله : أين كان زعيم الطائفة في اليوم السابق لهذين اليومين ؟”


: “ كان… كان…” تعثر التلميذ في الرد ، 

ولم يستطع قول شيء واضح


ولما علم شي لين أن الأمر لم يعد يمكن التستّر عليه، 

تنهد تنهيدة غاضبة وقال:

“ كنت ألعب البايجيو! 

أأنا ، زعيم طائفة بكل مقامي ، عندما أخسر في اللعب أُتعب 

نفسي وأدوّن حسابات مزورة بأنفسي ، أليس هذا دليلًا على المسؤولية ؟!”


حدّق فيه تشي مو ياو مذهولًا ، 

لم يتخيل قط أن يُقال هذا المنطق… بكل هذه الثقة ~


لكنه فكر قليلًا ، فوجد أن طائفة تشينغ زي كلها ملك لشي لين، 

لذا لم يكن هذا غريبًا تمامًا عليه


ثم سأله مو ياو بعد لحظات :

“ هل كنت تلعب البايجيو مع الزعيمة سي روييو ؟”


أجاب شي لين بكل أريحية :

“ نعم، ولمَ تسأل ؟”


رد عليه تشي مو ياو:

“ إذن ليس من الغريب أنك كنت تخسر .”


: “ ما الذي تعنيه ؟ 

هل سي روييو بارعة في اللعب ؟ 

أليس الأمر مجرد حظ ؟”


لم يرغب تشي مو ياو في الشرح أكثر ، فاكتفى بالقول:

“ في المرة القادمة ، دعني أرافقك .”


سأله شي لين وقد بدا عليه الاهتمام:

“ أأنت تحب لعب البايجيو أيضًا ؟”


هزّ تشي مو ياو رأسه:

“ لا، لا أحب اللعب… لكني أحب الفوز "


راقت هذه الإجابة لشي لين ، فضحك من قلبه ووافق فورًا 


————————



خلال هذا العام 

 كانت سي روييو متفرغة للغاية ، 

ولهذا كانت تدعو من تعرفهم من المزارعين كل فترة للعب البايجيو


وفي هذا اليوم ، وبمزاج رائق ، 

زارت جناح تشينغ يو ودخلت إلى الغرفة التي اعتادت 

ومجموعة من المقرّبين احتلالها دائمًا ، 

لتفاجأ بوجود تشي مو ياو وشي هواي داخلها 


فقالت بدهشة وهي تدخل:

“ أخيرًا قررتما النزول من الجبل ؟”


ثم مشت حتى وصلت إلى جوار تشي مو ياو

وأمسكت بمعصمه لتفحص حالته:

“ تدفق طاقتك الروحية مضطرب قليلًا ، لكنّه مستقر بما يكفي . جيّد .”


فأجابها تشي مو ياو بطاعته المعتادة ولطفه :

“ شكرًا لكِ يا زعيمتي على اهتمامك.”


عندما بدأت جولة البايجيو، 

لاحظت سي روييو أن تشي مو ياو جلس في مكان شي لين، 

بينما شي لين وشي هواي جلسا خلفه، 

الواحد عن يمينه والآخر عن يساره، 

ففهمت حينها أن الأمور لا تسير في صالحها ~~~


خلال اللعب ، سي روييو تنقر بأطراف أصابعها على الطاولة، 

وتنظر بين الحين والآخر إلى تشي مو ياو، 

محاولة تبادل النظرات معه، 

لكن تشي مو ياو بدا وكأنه لم يلاحظ شيئ


ظل محافظًا على ابتسامته الهادئة، 

وسلوكه المهذب الذي لا غبار عليه، 

دون أن يترك لأي أحد فرصة للإمساك عليه مأخذًا


كان المشهد بحد ذاته مضحك : اثنان من مزارعي مرحلة 

ولادة الروح يجلسان خلف مزارع في مرحلة الجوهر الذهبي ، 

وبينما على رأسيهما قرنان تنين يضفيان عليهما مظهرًا مهيبًا ومهيبًا، 

بديا الآن أشبه بحارسين شخصيين جالسين بخنوع خلف 

رجل ذو ملامح هادئة


وكأنهم يقولون ' من تجرأ على الفوز على هذا في البايجيو، 

فسنحرق أوراق لعبته ! ' 


أما شي هواي ، فبدا وكأنه لا يفهم شيئًا في قواعد اللعبة، 

حائرًا في قراءة مجريات الجولة، 

حتى أن حاجبيه كانا عابسين طوال الوقت، 

لكن ملامحه تلك أعطت انطباعًا لمن لا يعرفه بأنه غارق في التفكير العميق


أما شي لين، فكان متحمس جدًا، 

راغبًا بتقديم النصائح لتشي مو ياو، لكنه سرعان ما أدرك أن 

هذا الفتى لا يحتاج لإرشاد أحد


فمهاراته الحسابية فائقة ، 

حتى إن كانت أوراقه سيئة ، 

يعرف كيف يتجنب الخسارة الفادحة


و كل ورقة يخرجها محسوبة ، 

وكل خطوة محسوبة ، لعبه بالغ الحذر والاتزان


مرت الجولات الثلاث الأولى بسلاسة ، 

لكن في الجولة الرابعة ، بدأت سي روييو تلعب بخداع


بينما يستخدم الآخرون فن التحكم عن بُعد لسحب الورق ، 

كانت هي تمدّ يدها الرقيقة مباشرة ، 

تمررها فوق الطاولة في حركة سلسة ، 

وعطرها الفوّاح يتبع حركتها


راقبها تشي مو ياو بصمت ، 

ولم يُبدِ أيّ رد فعل في البداية


لكن حين وصلت الجولة إلى منتصفها ، 

رفع إصبعه فجأة وفرقعه ، فكسر الوهم


عندها ، تجمّد كل من حول الطاولة ، 

إذ وجدوا أن بطاقاتهم قد تغيّرت ، 

بل حتى الأوراق التي وُضعت على الطاولة لم تعد هي نفسها 

التي رأوها منذ قليل


ضربت سي روييو الطاولة بحدة ، وصرخت غاضبة :

“ تشي مو ياو !”


نظر إليها تشي مو ياو بنفاذ صبر وقال:

“ يازعيمة لا بد أنك استخدمت هذه الخدعة وفزت على 

زعيم الطائفة شي لين مراتٍ كثيرة ، أليس كذلك؟”


أخيرًا أدرك شي لين ما حدث، فقال مذهولًا :

“ زعيمة طائفة سي روييو أنتي… أنتي استخدمتِ الوهم في اللعب ؟!”


كانت سي روييو معروفة في عالم الزراعة بأنها من أسياد فنون الوهم، 

رغم أن مهاراتها في القتال لا تُعد الأقوى، 

فإن حيلها في نسج الأوهام كانت بالغة الدقة، 

حتى أن مزارعي مرحلة ولادة الروح أنفسهم لا يمكنهم 

بسهولة إدراك أنهم عالقون في وهم


ومتى أوقعت الخصم في فخها، 

فكل إدراكه سيتحوّر بمهارة، 

يجعله يظن أن كل ما يراه ويسمعه في غاية الواقعية


وهكذا كانت سي روييو تكسب مبالغ طائلة من أحجار الروح


لكن اليوم… كُشف أمرها على يد تشي مو ياو


أحد المزارعين القدامى، الذين يلازمونها في اللعب، 

لم يحتمل الموقف وسألها:

“ زعيمة سي ألستِ تبالغين قليلًا ؟”


فأجابته بكل وقاحة وثقة:

“ نحن من طريق الشياطين ، وأهل هذا الطريق كل شيء 

عندهم بالقوة والمهارة . 

أليس زعيم زعيم طائفة ' الألف يد ' استخدم الخداع وسرقة البطاقات ؟!”


لكن الرجل لم يقتنع ، واقترح بتسوية :

“ حسناً لا داعي لإعادة كل ما ربحته ، لكن أعيدي نصفه على الأقل "


صرخت برفض فوري:

“ مستحيل ! 

لكن… إن كان زعيم طائفة ' الألف يد ' يعاني من فائض في 

الطاقة الروحية لا يدري أين يفرغه ، 

فما نوع الفتيات التي تفضلها ؟ 

أرسل لك تلميذتي ترافقك ليومين ~~ .”


غضب زعيم طائفة ' الألف يد ' بشدة ، وصرخ:

“ سرقتِ مالي، والآن ترسلين فتاة من تلميذاتك تمتص طاقتي ؟! 

كل الفائدة لك وحدك ؟!”


سي روييو رفعت حاجبها بتهكم ، وردّت:

“ تلميذاتي كلهنّ من الجمال الأخّاذ ، 

ولو لم تكن طاقتك عالية، وموهبتك لا بأس بها، 

لما ألقين عليك نظرة من الأساس! 

من يدري، لعلّك حتى لا تجيد شيئًا سوى الاندفاع الأهوج !”


: “ هييييه ! 

ألم نتفق قبل اللعب أنه لا يُسمح بالكلام السوقي ؟!”


: “ نحن الآن لا نلعب ، نحن نتشاجر . 

هل عليّ مراعاة شعورك حتى في شجار ؟”


توقف شي لين للحظة ثم استعاد رشده 

وسأل تشي موياو: " هل خسرت من قبل بسبب الوهم ؟"


أومأ تشي مو ياو بجدية :

“ نعم يا الزعيم 

. العالم الخارجي مملوء بالمكائد ، من الأفضل أن تقلل من خروجك من الطائفة .”


شي لين، هذا التنين العظيم الذي يشتهر بأنه مرعب وسريع 

الغضب أمام أي نقد، 

والذي يُخدع بسهولة في لعب الورق، 

دون أن يدرك أنه يُخدع أصلاً—كان بكل بساطة، تنينًا ضخمًا وساذج


جلس بذهول، يحدّق إلى أوراق اللعب فوق الطاولة، 

ثم نهض وهو يتنهد كأنما خاب أمله في الدنيا


لقد فقد ثقته بالبايجيو و  فقد ثقته بطريق الشياطين ~



أما سي روييو، فقد أمسكت بتشي مو ياو من ياقة ردائه 

وسحبته إلى خارج جناح تشنغ يو 

ثم وقفت تضع يديها على خصرها، وقالت بغضب:

“ أنت، أيها الجاحد الصغير ! 

ما إن تزوّجت، حتى قلبت الولاء ! 

صرتَ تنحاز لأولئك الذين من خارج طائفتك ؟!”


أجاب تشي مو ياو بوجه بريء كأنه مظلوم :

“ لكن استخدامك للوهم في اللعب ليس من العدل… 

وأيضاً ربحتِ الكثير جدًا .”


رفعت حاجبها وقالت بإصرار:

“ منذ أن عدت إلى طائفة هي هوان ، أصبحت الرقابة علينا 

من الخارج أشد من ذي قبل ، 

وكثير من تلميذاتي لم يعد بإمكانهن البقاء خارجًا ، 

والآن نحن جميعًا متكدسات في الطائفة ، 

وكل واحدة فيهن رقيقة، مدللة ، تنتظر مني أن أطعمها وأرعاها . 

أفلا ينبغي أن أؤمّن لهنّ موردًا ؟!”


: “ لكن—”


: “ لا يوجد لكن! 

تشي مو ياو أنا غاضبة جدًا . 

وبهذا، أنت رسميًا… مطرود من طائفة هي هوان !”


وما إن نطقت بقرارها الجائر ، حتى استدارت وانطلقت غاضبة


شي هواي وقف ينظر إلى والده المغادر بحزن ، 

ثم نظر إلى سي روييو المنفعلة ، 

ولم يستطع تمالك نفسه من الضحك :

“ كلاهما في المئات من أعمارهم ، لكن يتصرفان وكأنهما 

في المراهقة… تطردك من الطائفة من أجل لعبة ورق؟ 

هل تحتاج أن تذهب لترضّيها ؟”


رد تشي مو ياو بهدوء:

“ لا داعي . لا تقلق . سأذهب إلى طائفة هي هوان وأتفاهم معها .”


: “ تريدني أرافقك ؟”


“ لا حاجة . أما أنت ، فاذهب وواسي والدك .”


وانطلق تشي مو ياو على متن أداة الطيران التي على شكل سحابة وردية، 

متجهاً نحو طائفة هي هوان خلف سي روييو


ولدى وصوله إلى بوابة الطائفة ، فتحت له إحدى 

التلميذات الباب خلسة، وسألته همسًا:

“ شيدي ماذا فعلت لتغضب الزعيمة ؟”


أجابها وهو يتسلل :

“ لم أفعل شيئًا حقًا ”


ثم اتّجه مباشرة إلى قاعة الإدارة ، 

وما إن جلس حتى أقبلت التلميذات الصغيرات نحوه حاملات دفاتر الحساب


فتح الدفتر الأول ، وما إن بدأ في قراءته حتى اندفعت سي روييو إلى الداخل تصيح:

“ ممنوع ! لا أحد يعطيه شيئ ، لقد طُرد من الطائفة !”


رفع تشي مو ياو رأسه ونظر إليها للحظة ، 

ثم عاد بهدوء إلى قراءة الدفتر


كانت أنامله تدقّ على المعداد بدقة وسرعة ، 

وقلمه يخط ملاحظات هنا وهناك بثبات


في البداية كانت سي روييو تدخل ومعها عاصفة من الغضب ، 

لكن مع كل سطر يُراجع ، وكل خطأ يُكشف ، 

وكل رقم يُضبط ، 

بدأت حدة انفعالها تخبو ، وصار وجهها يقطر إحراجًا


وفي لحظة ما، بدت وكأنها تفكر فعليًا في تمزيق دفتر الحسابات بأكمله ~~


وبعدما أنهى تشي مو ياو الحساب ، 

أغمض عينيه لأخذ نفس عميق ، 

ثم نادى بصوت هادئٍ لكن ضاغط:

“ يا سي روييو زعيمتي !”


في اللحظة التي نادى فيها تشي مو ياو بـ ' يا سي روييو زعيمتي ! '  اختفى ما تبقى من حنقها تمامًا، 

وما كان منها إلا أن رمت نفسها في أحضان شو رانتشو، وهي تئن وتتذمر:


: “ وووووو ووووو ! أنظروا إليه ! 

هذا الفتى مزعج جدًا ! 

أنا التي ربيته ، أنا التي دلّلته منذ الصغر ، والآن يوبخني ؟!”


لكن تشي مو ياو لم يتحرّك من مكانه ، 

بل حمل دفاتر الحساب وتقدم نحوها ، 

وأشار إلى بعض البنود قائلاً :

“ كيف تجرئين على شراء هذا الكم من الاكسسوارات ؟”


صرخت فورًا وكأنها قد ضُبطت متلبّسة :

“ أخطأت ! نعم أخطأت ! تمامًا ، أخطأت !”


لكن شو رانتشو تدخلت على الفور لتشرح :

“ بعض الأخوات الصغيرات تم طردهن من الطوائف التي تسللن إليها ، 

ولم يحرزن أي تقدم في الزراعة ، 

كانت معنوياتهن في الحضيض… الزعيمة اشترت لهن 

الاكسسوارات فقط لترفع من معنوياتهن .”



تنهد تشي مو ياو


ثم رجع إلى مقعده يحمل دفاتر الحساب، 

وقد ارتسمت على وجهه علامات القلق والانشغال


سي روييو اقتربت وجلست إلى جواره ، 

وسألت أخيرًا بصوت هادئ :

“ هل الوضع… خطير ؟”


تشي مو ياو قلّب في دفاتر الحساب ، 

ثم قال بعد أن نظر إلى مقدار السيولة في خزينة طائفة هي هوان :

“ نحتاج لشراء حبوب التأسيس قريبًا . 

وفقًا للإحصاءات التي رأيتها ، هناك عدد من الأخوات على 

وشك اجتياز مرحلة التأسيس . 

ومنذ زمن ، كنت أرى أن توزيع الحبوب يجب ألا يكون شديد 

القسوة ؛ ينبغي حتى لمن يخوض المحاولة الثانية أو الثالثة 

أن يحصل على حبوب مناسبة ، 

كي لا يشعرن بالضغط الكبير أثناء تجاوز المرحلة .”


: “ اووه …” تمتمت وهي تقترب أكثر لتنظر في دفاتر الحساب، ثم أقرت:

“ أنت محق ، لم أُحسن التقدير… هل لديك حل؟”


أجابها وهو ما زال يقلب الصفحات :

“ الحفيد الذي مال قلبه إلى الخارج ( يقصد نفسه ) لن 

يجد خيارًا إلا أن يذهب ويستجدي طائفة تشينغ زي. 

لقد راجعت دفاترهم مسبقًا— لو أن طائفتيْنا اشتركا في 

طلب جماعي للخبوب ، فسيكون السعر أقل بكثير . 

لكن… هذا الدين لا بد من سداده ، تفهمين؟”


: “ أفهم، أفهم.”


فلما رأى تشي مو ياو أن مزاجها قد هدأ تمامًا ، تابع بلهجة جادة :


“ كنت أعلم أنك قد تستخدمين الحيل اليوم ، 

ولهذا تعمّدت التصرف كما فعلت . 

استخدامك للوهم في لعبة الورق ليس سلوكًا مناسبًا . 

في عالم الزراعة ، كثير من المزارعين في طريق الشياطين 

ذوو طباع حادة ، وليس كلهم يتقبل أن يُخدع على طاولة لعب . 

اليوم كنا أنا وشي هواي موجودَين ، تمكّنا من تهدئة 

الموقف، لكن ماذا لو لم نكن؟

أنتِ، كزعيمة طائفة، والوحيدة في طائفة هي هوان التي 

بلغت مرحلة الولادة الروحية ، لو حدث لك شيء—فماذا 

سيحل بالتلميذات الأخريات ؟

وانتشرت اليوم سمعتك بأنك تغشين في اللعب ، 

فإن ذلك سيقطع عليك الطريق إلى اللعب مجددًا . 

وحتى لو أقلعتِ عن الغش ، تبقى المقامرة أمرًا محفوفًا بالخسارة —

 ولو خسرتِ كثيرًا ، فلن تتحمّل الطائفة ذلك. 

الأفضل أن تنتهي الأمور هنا .”


: “ اووه …” تمتمت وقد خجلت فعلًا ، 

مئات السنوات من العمر ، ومع ذلك تُوبّخ اليوم كطفلة


فقال تشي مو ياو بنبرة فيها بعض التأنيب:

“ وأرجوكِ، لا تذهبي دومًا لخداع زعيم طائفة تشينغ زي. 

إنه ساذج للغاية، ستجعليه غبيًا تمامًا إن استمررتِ .”


لكن سي روييو رفعت ذقنها بفخر:

“ هذا عالم الشياطين ، الحيلة جزء من البقاء ! 

إن كان لا يعرف خبث الناس ، فأنا فقط أعطيه درسًا مفيدًا .”


صرخ تشي مو ياو بحدة :

“ زعيمتي !”


صرخت فورًا رافعة يدها باعتراف درامي :

“ أخطأت !!!”


وكان صوتها عاليًا ، صارخًا ، مملوءًا بالعناد والبطولة ، 

كما لو أنها تعلن انتصارها رغم هزيمتها


أما شو رانتشو، فقد نظرت إلى المشهد كله… وانفجرت ضاحكة


يتبع


زاوية الكاتبة :


يدٌ واحدة تمسك بثلاث طوائف : طائفة تشينغ زي، 

طائفة هي هوان، طائفة يو شونغ 


زعيم طائفة ' الألف يد '  الذي يسرق الورق : “ أنتِ عديمة الشرف!”


سي روييو التي استخدمت الوهم : “ أنتَ أقذر !”


زعيم طائفة تشانغ  : “ أنا الضحية الوحيدة هنا !”


سي روييو: “ خسرت ولم تدفع ، تبًا لك!”


زعيم طائفة تشانغ : …


الزعيم شي لين، يقف على قمة جبل الأخلاق يشير إليهم 

جميعًا: “ كلكم حثالة !!!”


الثلاثة بصوت واحد : “ ومن الذي ضرب خصمه لأنه خسر ؟!”


شي لين:

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي