Ch16 | DJPWNK
على الرغم من أن جيانغ شو كان قد قرّر إعطاء الترياق قبل
صدور نتائج فحص الدم، إلا أنه شعر بأن الوقت قد يكون قد تأخر بالفعل
بعد دقيقتين، بدأ تشبع الأوكسجين في دم المريضة بالانخفاض بشكل حاد
نظرت إليه الممرضة المناوبة بقلق ظاهر ، لكن قبل أن
يتمكن من الرد، قال تشين تشي فجأة :
“ طبيب جيانغ، خط الأساس لمعدل نبضات قلب الجنين
مرتفع جدًا مع انخفاض في التنوّع !”
— مما يعني على الأرجح أن الجنين في حالة ضائقة داخل الرحم
قال ليو ران بدهشة، وقد غلب عليه الذهول:
“ كيف يمكن أن يحدث هذا ؟”
رمقه جيانغ شو بنظرة وقال:
“ استخدموا ‘ميدافيلين’ كمُرخي للعضلات مع ‘فكورونيوم إينوزيتول’.”
فأكمل شين فانغ يو من بعده :
“ استعدوا لإدخال أنبوب التنفس .”
دُفع باب الغرفة فجأة ، ودخلت ممرضة تحمل ورقة نتائج التحاليل
ناولتها لأقرب شخص، ليو ران، ثم أعلنت لجيانغ شو:
“ نشاط إنزيم الكولينستيراز أقل من الطبيعي ،
وتركيز الفوسفور العضوي في الدم 135 نانوغرام/مل.”
— لقد كان بالفعل تسممًا بمبيدات الفوسفور العضوي —
ليو ران، الذي أنهى غسيل المعدة للتو، أخذ ورقة التحاليل
وقد علت وجهه علامات عدم التصديق
قرأها مرة تلو الأخرى، ثم سأل بذهول:
“كيف يمكن أن يكون ذلك؟”
ناوله الورقة إلى جيانغ شو، وقد ارتسم على وجهه مزيج
غريب من الدهشة والإعجاب الخفي:
“ كيف عرفت ذلك؟”
قال جيانغ شو وهو يواصل عمله:
“ لا وقت لديّ لإعطائك محاضرة الآن ….
أعراض المريضة لم تكن واضحة، على الأرجح كانت تتناول
كميات صغيرة بشكل متكرر .”
أخذ من الممرضة الورقة الثانية، وقرأها، وقد غطّى وجهه تعبير ثقيل
رغم غسيل المعدة وإعطاء الترياق، كانت مؤشرات تشانغ يون لا تزال غير مُرضية
قال بنبرة عابسة :
“العلاج تأخّر ”
فعلى الرغم من أن كمية المبيد الحشري كانت قليلة،
إلا أنها كانت قد دخلت مجرى الدم بالفعل،
وبسبب التأخير السابق، جاء كل من الغسيل المعدي
وحقنة الأتروبين متأخرين
سأل جيانغ شو الممرضة : “ ماذا قال أهل المريضة؟”
أجابت: “ ما زالوا يُصرّون على أن المريضة لا تتناول المبيدات.”
ردّ جيانغ شو ببرود، ووجهه خالٍ من أي تعبير : “ مفهوم.”
ثبت عينيه على مؤشر تشبع الأوكسجين في شاشة المراقبة،
لكن التحسّن الذي كان يأمل أن يراه… لم يحدث
لم تنجح عملية إدخال الأنبوب التنفسي في إنقاذ مستوى
الأوكسجين المتدهور لدى الأم،
فتنهد شين فانغ يو وقال:
“اتصلوا بالعناية المركزة، واطلبوا تجهيز جهاز تنقية الدم…
لم يبقَ لنا سوى أن نُصلّي كي يعود نبض قلب الجنين لطبيعته .”
لا أحد يرغب بولادة مبكرة ما دامت ظروف الولادة الطبيعية في موعدها لا تزال متاحة،
وإذا عاد معدل نبضات قلب الجنين إلى وضعه الطبيعي،
فمن الممكن أن يبقى بأمان داخل رحم أمه لشهرين آخرين
ولكن —- ولسببٍ قد يكون هو ' إفراط الطبيب شين في الكلام ' ،
ما إن أنهى جملته حتى صرخ شياو تشين قائلاً :
“ معدل نبضات قلب الجنين وصل إلى 150 نبضة في
الدقيقة ، وهناك تدهور شديد في التقلّب !”
رمقه جيانغ شو بنظرة لا تخلو من العجز ،
بينما دافع شين فانغ يو عن نفسه بنظرة محبطة
' أقسم أنني لست فم غراب ' ( فم منحوس )
لكن ما إن قال ذلك حتى تذكّر أنه أثناء تناولهم الأسياخ المقلية قبل قليل،
و كان قد تفوّه بعبارة حول ما إذا كان جيانغ شو يحدّق فيه لأنه جعله حاملاً…
سارع الطبيب شين إلى طمأنته :
“ سأبدأ رياضة وتمارين الصمت والتأمل بعد العملية .”
ومع تدهور مؤشرات نبض قلب الجنين على هذا النحو،
أدرك جيانغ شو أن لا مفرّ من اتخاذ القرار
كان غسيل الدم هو الأمل الأخير لإنقاذ الأم
وإن تم إخراج الطفل ، فسيتوجب تأجيل غسيل الدم
وبحسب حالة المريضة تشانغ يون ، فإن كل ثانية تفوت قد تكون قاتلة
لكن إن لم يُستخرج الجنين ، فسيواجه هذا الجنين ذو
الثمانية أشهر خطر الموت الوشيك ،
مما سيمثّل ضربة ثانية لجسد الأم الضعيف ،
ويؤثر على إمكانية نجاح غسيل الدم
علاوة على ذلك ، فإن غسيل الدم يؤثر على الديناميكا
الدموية ، وقد يتسبب بانقباضات مبكرة أو تمزق الأغشية،
مما قد يؤدي إلى إيقاف الغسيل قسرًا ،
ويزيد من خطر اختناق الجنين ——
في الحقيقة ، لا توجد “حمامات دم” داخل قسم التوليد
كما تصورها الدراما التلفزيونية ،
لكن ما دام الطفل متصلًا بالحبل السري ،
فإن حياة الأم والجنين تصبح متشابكة
والأطباء لا يُجرون أسئلة اختيار من متعدد ،
ولا يلقون بالعبء على كاهل عائلة المريضة ؛ بل يفعلون كل
ما بوسعهم لضمان سلامة الأم والطفل معًا
كان أمام جيانغ شو وشين فانغ يو خيار واحد فقط :
– السباق مع الزمن لإخراج الجنين بأسرع وقت ممكن ،
ثم نقل الأم مباشرةً لغسيل الدم —-
وكان هذا الخيار بلا شك تحديًا نفسيًا وجراحيًا هائلًا ،
يتطلب من الجراحين قدرة استثنائية مرعبة
: “ انقلوها إلى غرفة العمليات .”
: “ بسرعة !”
ما إن نطق الطبيبان بالأوامر ، حتى بدأ طاقم التمريض
والأطباء المساعدون بالتحرّك فورًا نحو غرفة العمليات،
وهم يدفعون الأسرة والمعدّات
وكان جيانغ شو يتحدث بسرعة لاهثة طوال الطريق :
“ تابعوا فحص حالة الجنين ، استعدوا لعملية قيصرية ،
راقبوا مؤشرات تشبع الأوكسجين لحظة بلحظة —”
وبينما بدأ أنفاسه تضيق مع تسارع الخطى ،
تولّى شين فانغ يو زمام المتابعة دون أي تردد :
“ استدعوا أطباء حديثي الولادة فورًا ،
أخبروا وحدة العناية المركزة أن تستعد لغسيل الدم ،
وقولوا لهم أننا سننتهي من هنا قريبًا !”
كل ثانية داخل العناية المركزة كانت سباقًا مع الموت…
لكن الموت في قسم التوليد كان طماعًا ،
دائمًا يريد أن يأخذ شخصين معًا
بينما الفريق الطبي يندفع مسرعًا وهو يرافق سرير المريضة
نحو باب غرفة العمليات،
اعترضهم فجأة رجل ضخم البنية،
ومدّ يده ليُمسك بذراع جيانغ شو —- نظر إليه جيانغ شو
باستغراب، ليقول الرجل بصوت خشن:
“ طبيييب !! هذه زوجتي التي ستجري لها العملية، أرجوك…
مهما حدث، عليك أن تحمي الطفل ! الطفل أهم شيء !”
لم ينبس جيانغ شو ببنت شفة ، واكتفى بنفض يده عنه بقوة
إلا أن شين فانغ يو —- الذي يسير خلفه ،
لم يتحمّل صدمة الموقف ، فانفجر فيه غاضبًا :
“ اللعنة عليك !”
ثم أضاف وهو يحدّق فيه بعينين مشتعلتين : “ في المرة
القادمة التي تأتي فيها إلى المستشفى، لا تنس أن تحضر
وجهك معك . وإن لم يكن لديك واحد ، فانعطف يسارًا ،
قسم التجميل في الطابق الثامن بانتظارك .”
رغم أن شين فانغ يو كان معروفًا بابتسامته الدائمة ،
إلا أن تحوّله المفاجئ إلى هذا الوجه البارد جعل الرجل
يرتجف ويشيح ببصره هربًا من نظراته الحادة
في المستشفى —— ، تتجلّى الوجوه الحقيقية للبشر بوضوح ،
وفي قسم النساء والتوليد تحديدًا ، لا يقتصر الأمر على
الأحباء الذين يحسدهم الجميع ،
بل يظهر فيه أيضًا أولئك الأنذال الذين لا يتمنّى المرء سوى
أن يفرغ عليهم سيلًا من الشتائم —-
الرجل ذو اللحية الخفيفة شاهد أبواب غرفة العمليات تُغلق أمامه ،
فبصق بغضب على الأرض وتمتم بسخط :
“ هل هذا حال جميع الأطباء ؟! أين أخلاق المهنة ؟ سأشتكيكم اللعنة عليكم !”
ثم أمسك بممرضة كانت تمر بالقرب منه وسألها بعصبية:
“ ما اسميّ ذلك الوجهين الأبيضين اللذين دخلا للتو ؟”
نظرت إليه الممرضة باشمئزاز ، ورفعت صوتها قائلة :
“ الأمن—!”
———
في هذه الأثناء ،
كان جيانغ شو وشين فانغ يو قد دخلا غرفة التعقيم ، يغسلان أيديهما بالماء المعقم استعدادًا للجراحة
وبينما الماء يتدفق بهدوء ، وقف الاثنان جنبًا إلى جنب ،
فقال جيانغ شو بنبرة حاسمة :
“ سأتولى القيادة ...”
ثم مال برأسه نحو شين فانغ يو وأكمل : “ أنت ستكون مساعدي الأول .”
ردّ شين فانغ يو بدهشة وشيء من السخرية :
“ تطلب منّي .. أنا نائب رئيس الأطباء ، أن أكون مساعدك الأول ؟”
أجابه جيانغ شو دون أن يتوقّف عن غسل يديه :
“ ألست من قال في المكتب قبل قليل أنك ستتحمّل المسؤولية ؟”
كانت المحادثة في المكتب تدور حول الطفل ،
مما جعل شين فانغ يو مذهولًا :
“ مشاعرك تتبدل بسرعة غريبة !”
لكن جيانغ شو لم يرد عليه ،
بل التفت إلى الطبيب الشاب الواقف بجانبه وسأله :
“ ما اسمك ؟”
كان الطبيب الشاب ' تشين تشي ' قد تلقى تدريبه في
مستشفى آخر ، لذا لم يكن جيانغ شو يعرفه
: “ أستاذ جيانغ، اسمي تشين "
أومأ له جيانغ شو :
“ تعال معنا أيضًا .”
——-
داخل غرفة العمليات ،
كان فريق التخدير قد أنهى تحضير الأجهزة ومراقبة تخطيط القلب
أُضيئت مصباحا السقف الخاليان من الظلال في آنٍ معًا،
فغمرت الأنوار الساطعة جسد المريضة المستلقية على طاولة الجراحة
ساعدت الممرضة جيانغ شو في ارتداء الرداء المعقم،
ثم تقدّم بخطوات ثابتة نحو الطاولة رافعًا يديه
وكما لو أن الأمر بديهي، كان شين فانغ يو قد أخذ مكانه
بالفعل كمساعد أول
رمقه جيانغ شو بنظرة سريعة، فرفع شين فانغ يو بصره إلى
السقف متظاهرًا باللامبالاة وقال:
“ إنقاذ الأرواح أولوية… سأسمح لك بذلك هذه المرّة فقط .”
ثم أنزل عينيه ، وعدّل نظارته ،
مخفيًا خلف عدستيه اللمعان الخافت في عينيه …
يتبع

كيوووت 🥺❤
ردحذف