القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch15 | DJPWNK

 Ch15 | DJPWNK



لم يتحرّك شين فانغ يو —الذي كان واقفًا كتمثال من الشمع ، 

إلا بعد مضي وقتٍ طويل


تحرّك ببطء ، ورأسه بدا ثقيلًا بينما قدماه خفيفتان ، 

كما لو أنه يخطو فوق القطن


تنهد تنهيدة طويلة ، وهزّ رأسه، ثم انحنى ليجمع تقارير 

الفحوصات واحدة تلو الأخرى


رتّبها بعناية، وتب أطرافها، 

وأعادها إلى مكتب جيانغ شو ثم قال بنبرة هادئة:

“ ماذا تريدني أن أفعل ؟”


لم يلتفت جيانغ شو إليه


ضغط شين فانغ يو بإصبعيه بين حاجبيه، وقال :

“ لم تأتِ إليّ فقط لتخبرني بأنني سأصبح أبًا "


كان يعرف طبع جيانغ شو جيدًا ، 

فهو ذو شخصية قوية واعتزاز شديد بالنفس


وبعد أن هدأ قليلاً ، خطرت له فكرة وحيدة 


لولا أنّ جيانغ شو واجه أمرًا صعبًا ، لما اعترف له بهذا أبدًا 


أغلق جيانغ شو عينيه ، ثم قال :

“ أجرِ لي عملية… وأزِل هذا الجنين ”


لم يصفه بأنه طفل


ثم أضاف:

“ يوجد طبيب في دولة M أجرى عملية مماثلة مؤخرًا ، 

لكن بحثه لم يُنشر بعد . 

لقد أرسلت له بريدًا إلكترونيًا لأطلب منه تفاصيل العملية، 

وأريدك أن تُجريها لي.”


على الرغم من أنهما كانا خصمين لأكثر من عشر سنوات، 

فإن شين فانغ يو كان الوحيد الذي وثق به جيانغ شو في النهاية


ولأنهما كانا خصمين، فهو يعرف قدرات شين فانغ يو أكثر من أي أحد


وإذا كان يعتقد أنه قادر على إجراء العملية بنفسه، 

فذلك يعني أن شين فانغ يو قادر على إجرائها أيضاً


لم يكن هناك يومًا تكافؤٌ حقيقيّ بينهما


لكن لا يوجد طبيب يمكنه أن يربّت على كتفه بثقة ويقول ' لا بأس ' أمام موقف كهذا


وبالفعل ، تردّد شين فانغ يو


وقعت نظرة جيانغ شو على شاشة اللابتوب ، 

وبدأ يحرك الفأرة بإصبعه ، 

وكانت زاوية فكه حادة بوضوح ، ثم قال:

“ بإمكانك الرفض ، سأتفهم الأمر ”


قال شين فانغ يو بجدية:

“ أنت تدرك خطورة الوضع أليس كذلك يا جيانغ شو؟”


ردّ بهدوء :

“ أدرك .”


ساد المكتب صمتٌ تام ، 


ولم يُسمع سوى أنفاسهما


كان شين فانغ يو يحدق فيه دون أن ينطق بكلمة


انتظر جيانغ شو طويلاً حتى بدأ يشعر بأن عضلات وجهه قد تيبّست


أما قلبه ، فكان وكأنه غُمر في الماء ، يغوص شيئًا فشيئًا


تنفس بصمت بعمق ، 

وقبل أن يعود إلى أوراقه التي لم يُكمل قراءتها محاولًا 

استعادة رباطة جأشه… تحدث شين فانغ يو فجأة :


“ يمكنني إجراء العملية ”


جيانغ شو بهدوء:

“ لا داعي للعجلة في قبول الأمر … 

يمكنك أن تعود وتفكر فيه .”


شين فانغ يو:

“ أنا خيارك الأول ، أليس كذلك؟”


لم يجب جيانغ شو —- لكن صمته كان بمثابة اعتراف ضمني


فأعاد شين فانغ يو جملته بحسم :

“ لا حاجة للتفكير ، سأقوم بها .”


نظر إليه جيانغ شو ——


فقال شين فانغ يو بإصرار :

“ لكنني بحاجة إلى توثيق كامل للعملية… يجب أن أكون مسؤولًا ”


سحب شين فانغ يو الكرسي المجاور لجيانغ شو وجلس عليه، وقال:

“متى تتوقّع أن يرد؟ 

علينا أن نستعدّ في أقرب وقت ممكن ، كلما تأخّرنا ، زادت 

خطورة العملية .”



نظر جيانغ شو إلى هاتفه ، فلم يكن هناك أي ردّ بعد، فهزّ رأسه بخفة وقال:

“ من الصعب التنبؤ بذلك .”


سأله شين فانغ يو:

“ هل أنت واثق أنه سيوافق؟ فالمقال لم يُنشر حتى الآن .”


أجاب جيانغ شو بهدوء :

“ العلم لا يعرف حدود .”


لم يكن جيانغ شو يومًا أنانيًا، 

بل كان دومًا واثقًا من قدراته وسرعته، 

ولهذا لم يكن يمانع في مشاركة أبحاثه غير المنشورة خلال 

الاجتماعات والعروض العلمية. ثم أضاف:

“ كما أن إيمان الطبيب هو في الشفاء وإنقاذ الأرواح .”


لم يعلّق شين فانغ يو


في الحقيقة ، لم يكن متفائلًا مثل جيانغ شو


لكنه لم يشأ أن يزيد الطين بلّة ، فاختار الصمت


وبعد أن انتهى الحديث عن المسألة ، 

بدا أنه لم يعد هناك ما يُقال بينهما


ولم ينبس جيانغ شو بكلمة بعد ذلك


عيناه لم تغادرا شاشة اللابتوب ، وكان واضحًا أنه قد عاد 

إلى وضعية العمل بالفعل


ألقى شين فانغ يو نظرة على شاشة جيانغ شو


فوجد أنه يقرأ بحثًا باللغة الإنجليزية عن أدوية موجّهة 

لعلاج سرطان عنق الرحم


وفجأة، شعر شين فانغ يو بإعجاب حقيقي بجانبه النفسي؛ 

فجيانغ شو، حتى في مثل هذا الظرف، 

كان قادرًا على تركيز انتباهه الكامل على محتوى الورقة العلمية


بينما هو—شين فانغ يو—كان عقله لا يزال في حالة فوضى


أفكاره ما تزال مبعثرة، 

ورغم أنه بدا أكثر هدوءًا من ذي قبل، 

إلا أن هدوءه كان أشبه بما بعد الصدمة


وعندما حوّل نظره بعيدًا عن شاشة جيانغ شو ، 

وقعت عيناه فجأة على يده ، ولاحظ أن كوب القهوة الذي 

اعتاد شربه طوال العام قد استُبدل بكوب ماء عادي


جيانغ شو —- الذي كان يعتبر القهوة ماءً ، لم يعد يشربها — 

لأنه يحمل طفلًا في بطنه —-


لسببٍ ما —- أنزل شين فانغ يو بصره نحو بطن جيانغ شو


تحت المعطف الأبيض ، لم يكن هناك ما يُرى ، 

ولكن بمجرد أن تذكّر أن هناك طفلًا بداخله ، 

طفلًا له وله، شعر فجأة بأنه لا يعرف كيف يُواجه جيانغ شو


الملف المعروض على الشاشة كان مليئًا بالتحديدات والملاحظات الدقيقة، 

وقد انتقل جيانغ شو بالفعل إلى الصفحة التالية


كان واضحًا أنه يقرأ بتركيز حقيقي، وليس مجرّد ادّعاء


وفجأة ، مدّ شين فانغ يو يده ولمس جيانغ شو


قال جيانغ شو دون أن يلتفت :

“ اصمت .”


لم يكن مستعدًا لسماع سخرية شين فانغ يو أو تعليقاته في هذا الوقت


لكن شين فانغ يو ظل صامتًا للحظة، ثم، ولأول مرة، انحنى برأسه قليلًا أمامه وقال:

“ أنا آسف… وسأتحمّل المسؤولية .”


انثنى إصبع جيانغ شو على الفأرة فجأة ، 

وبعد فترة طويلة من الصمت ، قال دون أي تعبير على وجهه :

“ لا داعي لذلك ، لقد كان مجرد حادث عابر ، 

لم أُعره اهتمامًا ، 

ولا حاجة لأن تتحمل المسؤولية عني . 

طبيب شين ركّز فقط على شؤونك الخاصة .”


: “ جيانغ شو…” حاول شين فانغ يو الاعتراض


لكن جيانغ شو واصل كلامه:

“ بعد أن تنتهي هذه المسألة ، سنعود كما كنا من قبل ، 

فقط أرجو ألا تُطلّ عليّ كثيرًا .”


كأن دلوًا من الماء البارد قد سُكب فوق رأسه، 

فانطفأت تلك الشرارة الصغيرة التي اشتعلت للتو في قلب 

شين فانغ يو في لحظة واحدة


لطالما امتلك جيانغ شو موهبة جعل شين فانغ يو يغلي غضبًا


تأمل شين فانغ يو جانب وجهه بصمت، ثم ابتسم بسخرية وسحب زاويتي فمه قائلًا:

“ حسنًا ، كما تشاء .”

ثم فرقع بأصابعه ونهض واقفًا ، مضيفًا :

“ لكن شكرًا لك طبيب جيانغ ،،، 

على ثقتك واعترافك بمهاراتي الطبية .”


لطالما كانا متساويين حين يتعلق الأمر بطعن بعضهما البعض في القلب


لكن —-  وقبل أن يتمكن جيانغ شو من الرد ، 


فتح طبيب شاب من المكتب المجاور الباب على عجل وبوجه مظلم


وبلمح البصر ، أبعد الرجلان المتواجهان نظراتهما في آنٍ 

واحد ، محاولَين إخفاء التوتر الذي بينهما



ولحسن الحظ لم يلحظ الطبيب الذي اقتحم المكتب أجواء التوتر ، 

وما إن رأى كلا الطبيبين حتى اندفع بالكلام كأنه تمسّك بطوق نجاة


“ طبيب شين ، امرأة حامل سقطت من على الدرج وقد تم 

نقلها إلى غرفة العمليات ،

الطبيب وو هو الطبيب الثاني اليوم . 

قبل ساعة أُحيلت إلينا امرأة حامل أخرى كانت قد تعرّضت 

لحادث سيارة ، وذهب شياو يانغ لإنقاذها . 

تواصلتُ للتو مع الفريق الثالث وما زالوا في الطريق ، 

لذا طلب مني الطبيب وو أن آتي إلى هنا لأرى إن كان هناك من يمكنه المساعدة .”


وقبل أن يُنهي كلامه ، كان جيانغ شو وشين فانغ يو قد لحقا 

به بالفعل نحو جناح الطوارئ بقسم التوليد وأمراض النساء، 

وسرعان ما وصلا إلى المرأة المستلقية على سرير المستشفى


انحنى جيانغ شو وبدأ بفحص حالة المريضة ، 

بينما بدأت الممرضة المناوبة في قسم الطوارئ تبلغه 

بمؤشرات جهاز مراقبة القلب


ليو ران ، طبيب الطوارئ الذي دخل معهم، 

وقدّم تقريره :

“ المريضة تعاني من كدمات متعددة في الأنسجة الرخوة 

على الذراعين والركبتين ، 

ويوجد سائل في مفصلي الركبتين . 

تم تطهير الجروح ، وتثبيت خط وريدي ، ولا توجد كسور 

واضحة حتى الآن .”


قال الطبيب المُناوب تشين تشي ، بعد أن انتهى من مراقبة 

نبضات قلب الجنين :

“ اسم المريضة: تشانغ يون، في الأسبوع الثاني والثلاثين من الحمل ، مؤشرات نبضات قلب الجنين طبيعية ، 

ولا توجد تقلصات حتى الآن ...”

ثم نظر إلى جيانغ شو وتابع :

“ يبدو أنه إنذار كاذب .”


تنهد ليو ران تنهيدة ارتياح وقالت:

“ هذا جيد . 

عائلة المريضة قالت إنها سقطت من على الدرج ، 

وعندما رأيت أن الأم كانت فاقدةً للوعي، أسرعت بإحضارها 

عبر ممر الطوارئ الخاص بقسم التوليد ، خشيت أن تدخل في حالة ولادة مبكرة .”


كان يبدو صغير السن ، ومن الواضح أنها المرة الأولى التي 

يكون فيها في المناوبة بمفرده


ثم قال لجيانغ : “ بما أنه لا يوجد ما يدعو للقلق ، فسأنصرف الآن .

أخبرني عندما تستيقظ المريضة .”


قال جيانغ شو : “ انتظر ...”، 

وقد ارتسمت نظرة حادة في عينيه وهو يتفحّص الكدمات 

التي تغطي ذراع المريضة وركبتها


كان جبين المريضة تشانغ يون مغطى بعرقٍ بارد ، 

فمدّ يده ليلمسها ، 

ولاحظ أن ذراعها كانت مبللة قليلًا أيضًا ،

اقترب أكثر واستنشق رائحتها من خلال الكمامة


رائحة ثوم باهتة جدًا وصلت إليه


رفع يده وقال:

“ المصباح .”


قال ليو ران بنبرة استغراب:

“ تم الفحص مسبقًا ، الحدقتان متساويتان في الحجم، 

بقطر 3.5 ملم ، واستجابتهما للضوء طبيعية .”


نظر جيانغ شو نحو شاشة مراقبة القلب ، وقال ببرود :

“ لن أكرر كلامي !! ”


خفض ليو ران نظره على مضض ، وسلّمه المصباح


فتح جيانغ شو جفنَي تشانغ يون وسلّط الضوء القوي داخل حدقتها، ثم سأل:

“ هل تم فحص الكولينستيراز في نتائج الدم؟”


: “ الكولينستيراز؟” ردّ ليو ران بدهشة وهو ينظر إلى جيانغ : 

“ عائلة المريضة قالت إنها سقطت من الدرج، وقسم 

الطوارئ تعامل مع الحالة كإصابة جسدية، لماذا سنفحص 

الكولينستيراز؟”


قال جيانغ شو وهو يوجّه حديثه للممرضة :

“ اسحبوا عينة دم وفحصوا الكولينستيراز في المصل وتركيز الفوسفور العضوي ….”

ثم التفت إلى ليو ران وأضاف :

“ استعدوا لغسيل المعدة ”


اتضحت معالم الاعتراض في عيني ليو ران وهو ينظر إلى 

بطاقة تعريف جيانغ شو المعلّقة على صدره ، ثم قال:

“ الطبيب جيانغ المريضة لا تظهر عليها أعراض موسكارينية واضحة ، 

ولا يوجد أي سجل سابق لتناولها مبيدات حشرية .”


لكن جيانغ شو قال له ببرود ، وهو يمد يده ليلتقط السماعة الطبية :

“ أنا طبيبك الأعلى هنا ، وسأتحمّل كامل المسؤولية عن 

أوامري ، أما أنت ، فكل ما عليك هو تنفيذها .”


وبعد أن أنهى كلامه ، نظر إلى ليو ران بنظرة باردة ، 

ثم وضع رأس السماعة على جلد المريضة


وقف ليو ران بوجه عابس، ينظر إلى جيانغ شو الذي بدا 

وكأنه لا يراه ولا يأبه لكلامه على الإطلاق، 

فاشتد غضبه وقال بصوت مرتفع :

“ سأتقدّم بشكوى ضدك !”


: “ بإمكانك ذلك ،،،” قال جيانغ شو دون أن تتوقف يداه عن 

العمل : “ لكن الآن، عليك أن تطيع أوامري.”

نهض من مكانه ونظر إلى ليو ران بعينين حادتين، مشبعتين 

بهيبة لا يُستهان بها


شعر ليو ران بترددٍ مفاجئ ، 

وكأن الكلمات التي كانت على وشك الخروج قد اختنقت في حلقه فجأة


أطلق تسسك غاضبة ، 

ثم بدأ بإدخال أنبوب المعدة للبدأ في غسيلها بالماء


ظلّ شين فانغ يو صامتًا على الجانب ، 

وعندما لاحظ أن ليو ران قد هدأ ، سأل جيانغ شو:

“ هل تريد أن نحقن الأتروبين والكلوفيبرات مسبقًا ؟”


كان كلا الدواءين من الترياقات الشائعة الاستخدام في 

حالات التسمم بالفوسفور العضوي


ظلّ جيانغ شو صامتًا للحظة ، ثم أومأ برأسه وأعطى 

تعليماته للممرضة لتجهيز الأدوية وحقنها


حاول ليو ران الاعتراض مجددًا : “ أنتم…”

لكن نظرة حادة من شين فانغ يو جمدته في مكانه


الغريب أن شين فانغ يو — رغم ملامحه الهادئة والمألوفة ، 

إلا أن تلك النظرة حملت رهبة غريبة ، 

جعلت ليو ران يشعر بالخوف دون أن يعرف السبب


لم تكن نتيجة تحاليل الدم قد صدرت بعد، ومع ذلك، كانت 

السوائل الشفافة تُحقن بالفعل في وريد المريضة


نظر جيانغ شو بلا وعي نحو شين فانغ يو


فصادف أن الأخير كان ينظر إليه أيضًا


التقت أعينهما للحظة ، ثم أبعد كلاهما بنظره سريعًا ، 

كأن النظرة كانت عبئًا ثقيلًا


أعاد جيانغ شو تركيزه إلى المريضة ، 

وعبرت ذهنه خاطرة عابرة ، لم تلبث أن تلاشت ——


لقد مضى زمن طويل منذ أن أنقذ هو وشين فانغ يو مريضًا معًا ——-


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي