Ch22 | IOWY
لم يُبدِي يان لان أي خجل من انكشاف مشهد ' الخيانة '
بل حمل تيانتيان الذي لا يزال ممددًا على الأرض،
ووضعه على فخذيه، ثم نزع قفازَي الدمى، وبلطف،
مسح بظهر يده العرق الخفيف الذي بلّل جبين الصغير
شيه يون تشي ابتسم بامتعاض طفيف، وسأل بنبرة هادئة تحمل شيئًا من الدعابة :
“ هل تودّ الفوز إلى هذه الدرجة ؟”
يان لان، دون أن يرفع رأسه، أومأ بخفة
ضحك شيه يون تشي ضحكة خافتة
ثم التفت إلى تيانتيان وسأله بلغة الإشارة:
“ هل ترغب في الذهاب إلى مدينة الألعاب وركوب دوّامة الخيل مع الأستاذ ؟”
أومأ تيانتيان بحماس دون تردد
هزّ شيه يون تشي رأسه مستسلِمًا، ورفع يديه قائلاً:
“ يبدو أنك ربحت الرهان . سأمشي على هواك الآن .
أي شيء تقوله ، أنا موافق .”
كان يان لان يحتضن تيانتيان في حضنه،
وعندما سمع كلمات شيه يون تشي، التفت إليه بنظرة ثابتة
تحمل شيئًا من العزم
شيه يون تشي لم يتجنب النظر إليه، بل ارتسمت على وجهه
ابتسامة باهتة، ثم قال باقتراحٍ خفيف:
“ هيا ننزل ، يبدو أن الغداء قد أصبح جاهزًا .”
⸻
عند الظهيرة ،
المائدة عامرة بأصناف الطعام التي أعدّتها الخادمة
وكان تيانتيان، بمزاجه الجيّد، يأكل بشهية مفتوحة،
حتى انتفخ بطنه الصغير وبدت عليه علامات الشبع
وما إن أنهى طبقه، حتى وضع الملعقة جانبًا،
وبدأ ينظر بتلهف إلى يان لان وشيه يون تشي، و رأسه
الصغير يتحرك ذهابًا وإيابًا بينهما كأنّه يُراقب مباراة مصيرية
ولعلمه أن تيانتيان متحمّس للخروج واللعب أسرع يان لان
في إنهاء نصف وعائه من الأرز ، ثم نهض من مكانه ،
وأخذ تيانتيان إلى الطابق العلوي لتبديل ملابسه
فتح خزانة الملابس ، وأشار له أن يختار ما يحب
وفي النهاية ، اختار تيانتيان شورت أصفر لامعًا مُطرّز بزهور دوّار الشمس ،
وقبعة صغيرة صفراء لها حواف على شكل بتلات
أما شيه يون تشي، فقد استبدل بدلته الرسمية التي كان
يرتديها صباحًا بملابس أكثر راحة وعفوية
وكان هذا أول مرّة يرى فيها يان لان شيه يون تشي بغير بذلة وقميص أبيض
لكن تلك الهالة المهيبة لم تتلاشى،
بل أضافت له لمسة من الأناقة الهادئة والراحة التي يصعب تجاهلها
يان لان لم يستطع منع نفسه من إمالة رأسه قليلًا، متأملًا
———-
وعندما غادروا المنزل ،
كان تيانتيان قد بدأ يشعر بالتعب ، فرفض المشي ،
فحمله شيه يون تشي بين ذراعيه
كان يان لان يسير خلفهما بخطوات قليلة ،
يحدّق في ظهر شيه يون تشي حتى انتبه الأخير وتوقف ثم التفت ينظر إليه
وعندما رأى تلك النظرة الغامضة المرسومة على ملامحه،
ظنّ أنه ربما شعر بالتعب أيضًا، فقال له بنبرة لينة :
“ هل أنت متعب أيضًا ؟
نبحث عن مكان نستريح فيه .”
لكن يان لان نظر إليه وأشار بلغة الإشارة ، معبّرًا عن رغبته في أن يمسك بيده
تفاجأ شيه يون تشي للحظة ، ثم مدّ يده نحوه ، وهو لا يزال
يحتضن تيانتيان باليد الأخرى، وقال بابتسامة خفيفة:
“ تعال ”
وكأنّه لم يحتمل الانتظار ، أسرع يان لان بخطوتين ووضع
يده في تلك الكف الدافئة
⸻
مدينة الألعاب في المساء تعجّ بالحياة ،
ويوجد عرض للألعاب النارية مقرّر لاحقًا
أراد شيه يون تشي أن يشاهد تيانتيان العرض ، فاختاروا
تناول العشاء في أحد مطاعم المدينة الترفيهية
وبعد أن أكل ، استعاد تيانتيان حيويّته ،
ففتح يان لان تطبيق الكاميرا على هاتفه ،
وترك للصغير مهمة التقاط الصور للألعاب النارية
كان تيانتيان يأخذ الأمر بجدية ، رافعًا الهاتف بكل تركيز ،
ليُنتج سلسلة من الصور غير الواضحة ، تمتلئ بالأضواء
والظلال المشوشة
ومع أنها لم تكن صورًا جيدة ، إلا أن يان لان ضحك بخفة ،
ولم يحذف منها شيئًا، بل اختار واحدة وجعلها صورة
لحسابه على ويتشات
رأى شيه يون تشي ذلك، فأخرج هاتفه وقال:
“ أرسلها لي، سأضعها أنا أيضًا .”
فأصبحت صورة ملفّيهما الشخصي على ويتشات عبارة عن صورة ضبابية مشوشة لألعاب نارية
للوهلة الأولى ، بدت وكأنها صورة مشتركة لعاشقين
تضفي على المشهد لمسة من الرومانسية غير المقصودة ….
⸻
وبعد مغادرتهم مدينة الألعاب ، وقبل أن يركبوا السيارة ،
أمسك يان لان فجأة بذراع شيه يون تشي، وأشار بلغة
الإشارة أنه بحاجة لشراء شيء
عرض عليه شيه يون تشي أن يرافقه، لكن يان لان أشار إلى
تيانتيان الذي كان نائمًا، وكأنه يقول ' ابقَ معه ، سأعود سريعًا '
راقب شيه يون تشي يان لان وهو يعبر الطريق بسرعة مع
تغيّر الإشارة الخضراء للمشاة ،
ولم يستطع كبح فضوله : “ ما الذي ينوي شراؤه ؟”
⸻
بعد نصف ساعة ، عاد يان لان وهو يلهث من الركض، وشعره مبعثر
اقترب من السيارة ، وفي يده باقة مغلّفة بشكل جميل…
أول مرة يرى فيها شيه يون تشي زهور “الجرس” (bellflowers)
مُنسّقة كأنها باقة ورود ، ولم يستطع صرف نظره عنها
سأله بدهشة :
“ لمن هذه ؟”
أشار يان لان إليه ، ثم وضع الباقة بين المقعدين
دون أن يوقظ تيانتيان النائم بهدوء في حضن شيه يون تشي
”…لي؟”
أومأ يان لان برأسه
ظلّ شيه يون تشي محتار ، لم يستوعب الموقف تمامًا
فسأل مجددًا :
“ ولِمَ تُهديني زهورًا فجأة ؟”
يان لان : “ لأنني… أحبك، لذا أهديك إياها .”
نقل ذلك بلغة الإشارة ، ثم أدار رأسه بسرعة ونظر إلى خارج نافذة السيارة ،
تاركًا شيه يون تشي يتأمل في هذه اللفتة
بدا شيه يون تشي حائرًا، فسأله:
“ هل يمكنك البقاء الليلة ؟ لا تعُد إلى منزلك .
سأطلب من الخالة تجهيز غرفة ضيوف لك ”
خفق قلب يان لان بقوة عند هذا العرض المفاجئ
لم يومئ بالموافقة ولا بالرفض،
بل بدا وكأنه شرد في أفكاره
ولم ينتبه إلا وقد توقفت السيارة أمام مدخل منزل عائلة شيه
لم يستفق من شروده إلا عندما خرج شيه يون تشي من السيارة وقال له بهدوء :
“ احمل الزهور ، تعال .”
أخذ يان لان باقة زهور الجرس وتبعهم إلى الداخل
كانت الخادمة بانتظارهم في غرفة المعيشة
وعندما رأت شيه يون تشي يحمل تيانتيان النائم بين ذراعيه،
أسرعت نحوه لتأخذه ، لكنه هز رأسه وقال:
“ حضّري ماءً دافئًا ومناشف . امسحي جسده بلطف ،
لا توقظيه. حمّميه غدًا .”
أومأت الخادمة برأسها وتبعتهما إلى الأعلى
تبعهم يان لان بصمت ، محتضنًا باقة الزهور بين ذراعيه
وعندما وصلوا إلى غرفة نوم تيانتيان، وقف عند الباب
يراقب شيه يون تشي يضع الطفل بهدوء على السرير
ثم ينزع حذاءه وثيابه بعناية
كان تيانتيان نائمًا بعمق ، لا أثر لأي حركة في ملامحه
دخلت الخادمة تحمل الماء والمناشف ، وبدأت تمسح جسد تيانتيان برفق
حينها —- ، التفت شيه يون تشي نحو يان لان ،
أمسك بمعصمه بلطف ، واقتاده إلى نهاية الممر نحو غرفته الخاصة
لم يكن يان لان يتوقع أن يُقاد إلى غرفة شيه يون تشي
كان لا يزال يحمل الزهور ، ولا يعرف ماذا يفعل بيديه أو أين يضع قدميه
كانت الغرفة تمثل مساحة شخصية حميمة ، فلم يجرؤ على الالتفات
عيناه الجميلتان كانتا ممتلئتين بالحيرة ،
تنظران إلى شيه يون تشي باستفهام صامت
لكن شيه يون تشي لم يقل شيئ
فقط أضاء نور الغرفة ،
ثم اقترب منه وأخذ الزهور من بين يديه ، وقال بابتسامة هادئة :
“ شكرًا لك. أعجبتني كثيرًا .
هذه أول مرة أتلقى فيها باقة من زهور الجرس .
هل لها معنى خاص ؟”
أنزل يان لان عينيه بصمت
شيه يون تشي وضع باقة الزهور على الطاولة ،
ثم عاد بخطواته نحو يان لان وقال :
“ رغم أنك تبدو دائمًا باردًا ومتبلّدًا، وأحيانًا حتى قاسيًا
تجاهي… ما زلت أرغب برؤيتك .
لأن تلك الليلة التي كنت فيها ثملًا ، شعرت أن الشخص
الذي رأيته حينها هو أنت الحقيقي .”
رفع يان لان رأسه عند سماعه ذلك :
" أأنت تتذكر ما حدث وأنت في حالة سُكر ؟ "
شيه يون تشي:
“ ليس بوضوح تام ، لكنني رأيت وجهك… كان لطيفًا جدًا .
أذكر أنك ساعدتني في فك ربطة عنقي، بلطف شديد ،
كأنك تخشى أن تؤذيني .
لم يعاملني أحد من قبل بهذه الطريقة ، لذا ظل ذلك
المشهد عالقًا في ذهني ، ولم أستطع نسيانه .”
حدّق يان لان به —— بينما واصل شيه يون تشي حديثه :
“ في اليوم التالي حين استيقظت ورأيتك ، قلت لك إنني
بحاجة إلى وقت للتفكير ،،،
لكن ما يجب أن أقوله الآن هو: حتى بعد التفكير الطويل ،
ما زلت أظن أنني لست مثليًّا .”
لم تتغير ملامح وجه يان لان، لكن قلبه شعر وكأنه سقط في بركة من الجليد
و كل نفس يأخذه كان كرياح باردة تمرّ عبر أنفه
تلسعه من الداخل
“ أقول هذا لأنني ، في الماضي ، حاولت أن أتخيل نفسي
مع رجال آخرين
سواء كانوا مشاهير، أو ممثلين ، أو حتى رجالًا عاديين ، وسيمين أو لا…
وكلما تخيّلت أنني أقبّل أحدهم ،
شعرت بالاشمئزاز ، لدرجة أنني لم أتحمل ذلك .
لكن الغريب… أنني لا أشعر بذلك تجاهك .
حين أتخيل تقبيلك ، أشعر بالسعادة … وأتطلع لذلك ...”
نظر إليه يان لان بذهول ،
وكأنّ هذا التحوّل المفاجئ في الحديث أذهله كليًا
شعر أن روحه انفصلت عنه للحظة ، دارت في الهواء ،
ثم عادت إليه بقوة ،
جالبةً معها نبضًا دافئًا هزّ جليد قلبه وبدأ يذيبه
بشيء من الحرج في ملامحه ، أضاف شيه يون تشي :
“ لست متأكدًا إن كان هذا يُعدّ ‘حبًا’…
ولا أعلم إن كنت سأندم على هذا القرار يومًا ،
لكنني أعلم شيئًا واحدًا فقط : لا أريد أن أفقدك .
لا أريد أن يمر يوم دون أن أراك .
ولا أريد أن يأخذك أحد غيري ، لا زميلك الأصغر …
ولا أي شخص آخر .
أتمنى أن تأتي كثيرًا ، أن ترافق تيانتيان، بل ترافقني أنا أيضًا
وإن احتجت إليّ… فسأكون إلى جانبك .”
أومأ يان لان برأسه بخفة، وسأل بإشارة :
" هل فكّرت جيدًا ؟
هل قررت أن نكون أكثر من مجرد أصدقاء ؟ "
أجابه شيه يون تشي : “ نعم ، في الحقيقة ، كنت أنتظر
فرصة لأقول لك كل هذا…
لكنني كنت خائفًا أنك لن تصدقني .”
راقبه يان لان وهو يومئ ، وقد تملّكه الفضول
اقترب شيه يون تشي منه قليلًا ، وانحنى نحوه ،
ثم قبّل قبلة خفيفة على شفتيه ،
بلمسة خفيفة تكاد لا تُحس ،
لكنها حملت كل ما عجز عن قوله
قال بهدوء : “ أرأيت ؟
أستطيع تقبيلك… وأنا بكامل وعيي ”
يتبع
كككيييياااااااا
ردحذف