القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch25 | DSYOM

 Ch25 | DSYOM



[ العالم قفص واسع ]


أخيرًا تقرر أن يُقام الحفل السنوي الخامس والثلاثون لقسم 

الهندسة المدنية بجامعة T في مطعم فيشرمانز وارف


فيشرمانز وارف مطعم يقع على جزيرة البحيرة ذات المناظر 

الخلابة في المنطقة السياحية، 

يقدم أطباق مأكولات بحرية تُجلب جوًا من مختلف الدول


المكان جميل ، وأسعاره مرتفعة ، 

حيث يستطيع الزبائن من خلال النوافذ الممتدة من الأرض 

إلى السقف أن يشاهدوا البحيرة والجبال


مرّ الوقت سريعًا ،

فالطلاب الذين كانوا ذات يوم في حرمٍ واحد فرّقت بينهم 

الآن آلاف الأميال، 

كلٌّ استقر في بلد مختلف ،

لم يكن ترتيب لقاء أمرًا سهلاً ، لذا جاء هذا التجمع فخمًا للغاية


استمر ثلاثة أيام كاملة ؛ إلى جانب نخب الكؤوس والدردشة، 

خططوا أيضًا لزيارة جامعتهم الأم والقيام بجولة معمّقة في بكين


بصفتهما ممثلين عن الخريجين الذين استقروا في بكين، تولى والد سونغ يوتشي وبيان تشنغ دور المضيفَين ، 

فأعدّا برنامج لثلاثة أيام للزملاء القادمين من أماكن بعيدة: 

جولات في الحدائق الإمبراطورية نهارًا ، 

ومآدب في المطاعم ذات الإطلالة الخلابة مساءً ،


حين وصلا سونغ يوتشي وبيان تشنغ إلى مدخل الفندق، 

كانت جزيرة البحيرة قد غمرها الغسق


أضاءت الأضواء الساطعة لافتة البلوط ، 

وفتح النادل المبتسم لهما الباب


وبينما سونغ يوتشي يفك وشاحه ، همس لبيان :

“ أنا منحوس لأنني أرافقك في مثل هذه المناسبات مرة أخرى . 

أنت مدين لي بتعويض عن الأذى النفسي .”


منذ الطفولة حتى الآن ، تلقى بيان تشنغ مثل هذه 

التهديدات اللفظية منه بلا عدد ، 

فصار دماغه يتعامل معها تلقائيًا كضجيج في الخلفية ،


الحقيقة أن سونغ يوتشي لم يكن يريد الحضور أيضًا ، 

لكن والده أصر عليه ،


لم يفهم عقلية والده تمامًا ؛ فوجود ابنٍ يمدد دراسته العليا 

ثم يحضر اجتماع زملاء قدامى، لا يمنح الكثير من ' الوجاهة '


بدأ يُعدد المخاطر المتوقعة من حضور الوليمة :

“ في الداخل يوجد ثلاثون عمًا وخالة ،” ارتجف لمجرد 

التفكير : “ بمجرد أن أدخل ، سيسألون فورًا : كيف تسير 

أطروحتك ؟ 

كيف بحثك عن عمل ؟ 

لماذا لا زلت طالب دكتوراه في السنة السادسة…؟”


سأل بيان تشنغ فجأة :

“ بالمناسبة كيف يسير بحثك عن عمل؟”


نظر سونغ يوتشي إليه بنظرة — لو كانت النظرات تقتل ، 

لكانت أنهت حياته لتوّها


استشعر بيان تشنغ أن هناك خطبًا ما وقال:

“ ما الأمر ؟ ألم تقل في المرة السابقة إنك تلقيت عرضًا من 

شركة قوه وانغ ؟”


فرك سونغ يوتشي أنفه ، وأجاب بارتباك :

“ آه، هذا… لم يعد مهمًا ، بما أنني لن أتخرج العام القادم على أي حال .”


حدق بيان تشنغ فيه قائلًا:

“ مددت تخرجك مجدداً ؟”


لم يعجب سونغ يوتشي وضوح نطق بيان تشنغ لكلمة مجدداً فقال متذمرًا :

“ آوه .. تحدث أمور غير متوقعة .”


ظل بيان تشنغ صامتًا لحظة، ثم قال:

“ ألم تجتاز دفاعك التمهيدي ؟”


الدفاع التمهيدي يعني أنّ المشرف قد وافق على تخرّج الطالب ،

ورغم أنّ الحصول على درجة الدكتوراه أمر في غاية الصعوبة ، 

إلّا أنّ المشرف يُعَدّ العقبة الأساسية ،

ومن الناحية النظرية ، بعد اجتياز هذه المرحلة ، 

يصبح التخرّج قاب قوسين أو أدنى ما دام الطالب قد كتب 

أطروحته على نحو سليم


بيان تشنغ:

“ هل أسقطها أحد المراجعين المجهولين ؟”


إذ بعد اكتمال الأطروحة ، تُرسل إلى زملاء التخصّص—

بروفيسورات في المجال نفسه —لمراجعتها


وتنقسم المراجعة إلى نوعين : مراجعة مفتوحة ومراجعة عمياء 


في المراجعة المفتوحة ، يكون البروفيسورات غالبًا من معارف المشرف ،

 ومن ثم يميلون إلى التساهل . 


أمّا المراجعة العمياء ، وبسبب سريّتها ، فهي مليئة 

بالاحتمالات غير المتوقعة ،


فإذا حصل الطالب على تقدير C، يصبح تأجيل التخرّج أمرًا لا مفرّ منه


الأطروحات مسائل مصيرية ، و البروفيسورات عادةً يتحلّون 

بالحذر الشديد عند وضع التقييمات


لكنّ هناك استثناءات—كأن يعرقل أحدهم طالبًا بدافع 

الخصومة أو الضغينة


وقد وُجدت بالفعل حالات لطلّاب متميّزين حصلوا على 

تقييم C في المراجعة العمياء ، 

وهو ما كان يتعارض بوضوح مع مستوى أعمالهم ،


وبعد كثير من التكهنات ، استنتج الجميع أنّ المراجع كان 

على الأرجح خصمًا لمشرف الطالب 


ظنّ بيان تشنغ أنّ سونغ يوتشي قد تعرّض لمثل هذه 

الضربة في المراجعة العمياء، فنسب سبب تأجيل تخرّجه 

كلّه إلى عوامل خارجية ، بدافع من حسن النيّة


لكن سونغ يوتشي بدّد هذا التعاطف النادر من صديق طفولته قائلاً :

“ ليس كذلك… أنا لم أقدّمها للمراجعة أصلاً…”


بيان تشنغ:

“ توجد عدة أشهر بين الدفاع التمهيدي والمراجعة . 

إذا لم تُعِد صياغة أطروحتك ، فبِمَ كنت منشغلًا ؟”


أجاب سونغ يوتشي مترددًا :

“ أنا… كنت منشغلًا بالبحث عن وظيفة…”


لكن اتّضح في النهاية أنّ تلك الوظيفة أيضًا بلا جدوى


لقد كان هذا الرجل دائمًا يفسد الأمور في اللحظات الحاسمة


ففي أيام الجامعة ، كان والد سونغ يوتشي قد خطّط لأن 

يتابع ابنه الدكتوراه في الخارج ، 

لكنه انشغل بأحد العروض المسرحية الجامعية ، 

وبحلول سنته الأخيرة لم يكن قد استوفى حتى متطلبات 

اللغة للجامعة التي يحلم بها، فبقي في جامعته ،


أمّا خلال مرحلة الدكتوراه ، فكان معظم الطلاب يقضون 

عامًا أو عامين في الخارج لاكتساب خبرة دولية


كان بعضهم يخرج في السنة الثالثة أو الرابعة ، 

لكنه أصرّ على أن يخرج في سنته الخامسة


وحين عاد، لم يكن قد بدأ بعد موضوع أطروحته، فانتهى به 

الأمر إلى تمديد دراسته


وها هو الآن يواجه المأزق نفسه


ويبدو أنّ والدي سونغ يوتشي لم يعرفا بالأمر بعد ، 

وإلّا لما كان واقفًا هنا سالمًا بأطرافه


أراد بيان تشنغ أن يقدّم له تعازيه مسبقًا ، 

لكن حين التفت إليه وجده في غاية السعادة ، وجهه يفيض بالبهجة:

“ هذا رائع، أستطيع أن أتمهّل عامًا آخر "


كانت حالته النفسية متينة إلى درجة جعلت بيان تشنغ لا 

يدري أَيَشكره على ذلك أم يرثي له


بيان تشنغ :

“ الأفضل أن تأكل كثيرًا الليلة ، فقد لا تحظى بوجبة أخرى .”


فردّ سونغ يوتشي متذمّرًا:

“ ألا تستطيع أن تتمنى لي شيئًا حسنًا ؟”


 بيان تشنغ ببرود:

“ لن ينقذك أحد بعد الآن . أنت وحدك .”


تنفّس سونغ يوتشي بعمق وأنزل رأسه ،


ففي المرات السابقة ، حين كان على وشك أن يتعرّض للعقوبة العائلية ، 

كان دائمًا جدّ بيان تشنغ هو من ينقذه من الخطر


فقد كان الرجل يحظى بمكانة رفيعة في الأوساط الأكاديمية، 

وكان الجيل الأصغر يُضطر إلى إظهار الاحترام له، 

ولذلك حين كانت العائلة تُطبّق عقوباتها، 

كانوا يخفّفون عنه


لكن للأسف، توفّي العجوز قبل عدة أشهر ، 

ولم يعد هناك أحد ليتدخّل ويمنع عنه العقاب


{ يا لها من مأساة }

وأشار سونغ يوتشي إلى بيان تشنغ مهدّدًا بسخرية:

“ إيّاك أن تفضح أمري . 

أريد أن أعيش في حرية لبعض الوقت قبل أن أموت .”


: “ لا تقلق ، الفضائح التي تعرفها عني أكبر بكثير من مجرد تمديد دراسي .”


فكّر سونغ يوتشي قليلًا ، ثم أومأ برأسه راضيًا


سارا معًا حتى وصلا إلى الغرفة الخاصّة، 

حيث بادر النادل بفتح الباب لهما


في الداخل ، التفتت أربع موائد من الحاضرين نحو المدخل في وقتٍ واحد


أخذ سونغ يوتشي نفسًا عميقًا ودخل بابتسامة مسرحية متقنة


في تلك اللحظة ، فحص بيان تشنغ القاعة بنظرة سريعة، 

فلاحظ أنّ إحدى الموائد ما تزال غير مكتملة ، وبها ثلاثة مقاعد شاغرة


تقدّم والده ' بيان هواييوان ' من الطاولة الرئيسية ، 

وألقى ذراعه على كتف بيان تشنغ مشيرًا إلى المقاعد الفارغة :

“ أنتم أيها الشباب ، اجلسوا هناك .”


بدأ يعرّفهما بالجلوس إلى المائدة واحدًا تلو الآخر ، 

مذكّرًا بالأسماء التي طالما كان بيان تشنغ يسمعها في 

أحاديث والديه ، 

لكنّها اليوم فقط اتّصلت في ذهنه بوجوهٍ حقيقية 


على مرّ السنين ، بدا أنّ بيان هواييوان كثيرًا ما يتحدّث عن 

ابنه مع زملاء دراسته القدامى، 

ولهذا بدت أعين الجميع مشدودة إلى بيان تشنغ بفضولٍ عميق


سأله أحد كبار السن ، وقد خطّ الشيب في رأسه :

“ بعد عودتك إلى الصين ، هل ما زلت تتابع بحثك في 

الهندسة الجبرية ؟”


أجاب بيان تشنغ باختصار :

“ صحيح .”




ابتسم الرجل في منتصف العمر ، ثم التفت إلى زميله القديم مازحًا :

“ في دفعتنا ، جينات آل بيان هي الأفضل . 

أما ابني ، فلولا أنني أغدقت عليه بالموارد لأرسله إلى 

الخارج ، لما دخل الجامعة أصلًا .”


تنفّس الرجل ذو الشعر الرمادي بعمق وقال:

“ وهل تظنّها جينات آل بيان ؟ إنّها جينات منغ جي "


ضحك الرجل الأوسط العمر ، ثم التفت إلى بيان تشنغ قائلاً:

“ كانت والدتك أسطورة حقيقية في أيامها "


وأضاف آخر:

“ كانت أوّل من فاز بجائزة الذهب في التصميم الهندسي 

المتميّز على مستوى دفعتنا .”


وقال آخر مبتسمًا:

“ أتذكر حين شاركت في ألعاب الجامعات ببكين ؟ 

كانت تكرّر أنّها متوترة ، ثم حطّمت الرقم القياسي في رمي الرمح ”


في ذلك الوقت، كانوا النساء في صفّهم نادرات ، لذا حين 

تحدّثوا أمام بيان تشنغ عن إنجازات والدته اللامعة، 

ارتسمت على ملامحهم غصّة ندم


لقد كانت أمّه المرأة الوحيدة في دفعتهم ، 

ولو لم تخطفها حادثة مأساوية في ريعان شبابها ، 

لكانت بلا شكّ نجمةً متألّقة في ميدان الهندسة ،


وبينما اجتمع زملاء الماضي ، لم يستطيعوا إلا أن يتنهّدوا 

بحنين على ' الثنائي الذهبي ' الذي جمع دفعتهم في تلك الأيام


قال أحدهم:

“ حين وقع حادث منغ جي ، اتصل بي العجوز بيان . 

ذلك الرجل الضخم… كان يبكي كالأطفال .”


وأضاف آخر:

“ أليس كذلك ؟ لقد مرّ أكثر من عشر سنوات ، وما زال لم 

يرتبط بامرأة أخرى .”


استمع بيان تشنغ إلى قصص الجيل الأكبر ، 

بينما سرحت ذاكرته إلى آخر مرة رأى فيها والدته ، 


كان والده قد اصطحبه إلى المستشفى بعد انتهاء المدرسة


أوّل ما وقع بصره عليه حينها كان البياض الطاغي في كل مكان ، 

ورائحة المعقّمات الحادّة تملأ الجو


في غرفة باردة مغلقة ، كان وجهها مغطّى بقماش أبيض، 

وعند رأس سريرها لافتة تقول : منغ جي ، أنثى ، 34 عامًا


في ذلك الوقت كان أبوه بالفعل غارقًا في الحزن ، 

لكن حزنه اختلف تمامًا عن حزنه هو


فقد كان حزنه شخصيًا أشبه بثقبٍ أسود ممتدّ لا ينتهي، 

يبتلع كل ضوء وكل دفء


أما حزن والده ، فكان أقرب إلى أرض متجمّدة في أوائل الربيع ، 

تُخفي تحتها بذورًا راقدة


ومع مرور الأيام ودفء الشمس ، بدأ الجليد يذوب ، 

والبذور تنبثق من تحت التراب ، لتنمو حياة جديدة 

: زوجة جديدة، ابن جديد، وعمر جديد


أما هؤلاء الجالسون أمامه ، فلم يكن لديهم أدنى علم بالحقيقة


كانوا ينظرون إلى بيان هواييوان باعتباره مثالًا نادرًا للوفاء الزوجي


في أعينهم ، كانت تلك قصة حبّ حزينة بقدر ما كانت عظيمة ، 

قصة تستحق أن تُغنّى عنها ،


إنّها ما يشير إليه المثل الشائع : من رأى البحر ، لم يَعُد يرضى بالأنهار


و بينما كل الانتباه موجهًا إلى بيان تشنغ، 

كان سونغ يوتشي يلتهم طعامه بصمت، 

ممتن لعدم اهتمام أحد به


لكن هدوءه لم يدم طويلًا  


بعد بضع لقمات فقط، وجه إليه والده نظرةً حازمة، 

حاثًا إياه على النهوض وإلقاء نخب


تنفّس سونغ يوتشي بعمق ، وحمل كأسه ، وعندما نهض ، 

ألقى نظرة مأساوية نحو بيان تشنغ، ثم تغير سريعًا إلى ابتسامة مرحة

“ أيها الأعمام والعمات ، مرحبًا بعودتكم إلى بكين ! 

لا بد أنّ الرحلة كانت شاقة .”


وقف الأعمام والعمات بلباقة ، 

وكلٌ منهم شرب رشفةً كبيرة من شرابه


كان سونغ يوتشي على وشك الجلوس، معتقدًا أنّه قد أتمّ 

واجبه الاجتماعي لهذا اليوم، عندها دمر صوت شخصٍ ما آماله :

“ يوتشي أليس كذلك؟ 

هل ما زلت في الدراسة أم تعمل ؟ 

أذكر أنّك تتابع دكتوراه ، أليس كذلك ؟”


: “ صحيح ...” سخّنت الغرفة بشكل مرتفع حتى بدأ سونغ 

يوتشي يتصبب عرقًا : “ أنا سأتخرج هذه السنة .”


تكلّم بشكل غامض ، آملاً أن لا يغوص الكبار في التفاصيل، 

وبهذا حول الموضوع بسلاسة إلى نقطة حساسة أخرى:

“ إذن أنت تبحث عن وظيفة الآن ! 

هل تنوي العمل في الصناعة أم البقاء في الوسط الأكاديمي ؟”


قال سونغ يوتشي وهو ينظر الى بيان تشنغ بنظرة سريعة ثم 

يحول التركيز :

“ البقاء في الوسط الأكاديمي صعب جدًا هذه الأيام… 

فقط شخص مثل بيان تشنغ ، يحمل درجة دكتوراه مرموقة 

وعائد إلى الصين يمكنه البقاء في جامعة جيدة .”


من بين الضيوف ، يوجد رجل يرتدي نظارات ذات إطار أسود ، 

بقي في الحرم الجامعي بعد التخرّج ، 

ويعمل الآن بروفيسور في قسم الهندسة المدنية بجامعة T . قال:

“ صحيح ، عندما تخرجنا من الدراسات العليا آنذاك، 

توسّلت إلينا الجامعة للبقاء ، لكن لم يرغب أحد . 

الآن من الصعب على الطلاب الذين يلتحقون مباشرة 

بالدكتوراه بعد البكالوريوس في جامعة T أن يلتحقوا بجامعة 211.”


امتلأ الضيوف من منتصف العمر بمشاعر الحنين، 

وكلٌّ منهم أدلى برأيه حول وضع التوظيف الحالي في الجامعات


مسح سونغ يوتشي عرقه بسرعة وجلس ، 

محاولًا تقليل حضوره قدر الإمكان


قال بروفيسور الهندسة المدنية :

“ في هذه الأيام ، الشباب منافسون جدًا . 

طلابي دائمًا يقولون إنهم لا يجدون وظائف جيدة .”


تنهد رجل آخر في منتصف العمر قائلاً:

“ كانت الأمور أسهل بكثير أيامنا . 

انظر إلى العجوز فانغ—عمل بجد في الولايات المتحدة 

لعدة سنوات ، والآن لديه حتى حوض سباحة في منزله .”


ضحك شخص مقابله :

“ ليس غاليًا أن تحفر حوض سباحة في أمريكا ، 

أسعار الأراضي هناك رخيصة . 

أنت لديك الكثير من المنازل في شنتشن—أنت الغني الحقيقي .”


أشار الرجل الأوسط إلى المقعد الرئيسي في مائدة أخرى وقال:

“ أيّ مالك عقارات ؟ أنا مجرد موظف كبير في لجنة إصلاح الأراضي . 

العجوز بيان رئيس جامعة ، وله طلاب في كل مكان . 

طلابه هم شبكة علاقاته — هذا ما يُسمّى الأصول الخفية ، 

وهذا هو الثمين فعليًا .”


تخرّجوا حين بلغ تطوير البنية التحتية ذروته ، 

وخلال تلك العشرين سنة الذهبية ، 

أكملوا تراكم رأس المال الأولي وانتقال الطبقة الاجتماعية بنجاح


الجلوس في هذه الغرفة الخاصة والتحدّث عن الماضي كان 

وكأنه صورة مصغرة لتلك الفترة من التنمية الاقتصادية السريعة


استمع بيان تشنغ للجيل الأكبر من متخصصي الهندسة المدنية ، 

مركزًا على تجنّب المشاركة في الحوار ،


بجانبه مقعد فارغ ، كشوكة عالقة في حلقه ، 

تجعل شعوره بعدم الارتياح واضح


اقترب بيان هواييوان من هذه المائدة وسأل إن كانوا 

يحتاجون إلى زجاجة أخرى من الماوتاي

وبعد أن رفض الجميع، 

ارتكز على كرسي أحد الزملاء وسأل:

“ متى تصل شيشن؟”


أجابه الشخص:

“ لقد أرسلت لي رسالة تقول إنها عالقة في زحمة المرور ، 

ربما تحتاج إلى خمس عشرة دقيقة أخرى.”


قال بيان هواييوان مبتسمًا:

“ إذاً لننتظرها قبل أن نطلب أطباقًا أخرى .”


كما كان متوقع ، وضع بيان تشنغ عيدانه جانبًا 

{ هذا بمثابة موعد مدبر }


كان يعلم أنّ إصرار والده على حضوره لمّ شمل الخريجين، 

رغم أساليبه اللطيفة والمتواضعة، لم يكن فقط لاستعراض ابنه


قال بيان هواييوان مبتسمًا لابنه:

“ لا تفكر كثيرًا . هي فقط هنا لتناول الطعام . 

تدرس الفيزياء ، لذا سيكون لديكما بالتأكيد الكثير من 

القواسم المشتركة .”


كانت الكلمات مُختارة ببراعة ، لكن النية الكامنة خلفها لم تتغير


نظر بيان تشنغ إلى سونغ يوتشي ، الذي كان يهز رأسه بعنف



قال سونغ يوتشي بصوت عالٍ : “ أساسي في الفيزياء ضعيف جدًا ،،

لقد حصلت فقط على تقدير C في مقرر الفيزياء المتقدم .”


قال بيان هواييوان وهو يربت على كتف ابنه : “ تحدثوا أنتم الشباب بحرية ”


رفع بيان تشنغ عينيه ، ورأى عبر المائدة زميل والده القديم

—والد شيشن—يحدّق فيه بتركيز شديد


{ كان هذا بالفعل موعد مدبر على الطريقة التقليدية ، بحضور الوالدين }


مرت ربع ساعة —- و عقارب الثانية تتحرك ببطء 


صوت التكتكة كعد تنازلي لقنبلة


فجأة، اهتز هاتفه


التقطه بيان تشنغ ورأى رسالة من وين دي:

[ هل أنت متفرغ ؟ 

أريد التحدث معك في أمر ما وأحتاج مساعدتك .]


توقف بيان تشنغ لحظة ، ثم رد: [ اتصل بي ]


وين دي: [ الموضوع قليلاً معقد… 

ما رأيك أن أدعوك لوجبة ونتحدث أثناء الأكل ؟]


بيان تشنغ: [ مهما كان الأمر ، اتصل بي الآن ، وسأوافق فورًا .]


تردد الطرف الآخر قليلًا ، 

وعندما أراد بيان تشنغ إرسال رسالة لتحفيزه ، رن الهاتف 


قال بيان تشنغ: “ عذرًا، لدي اتصال”، وأجاب الهاتف: 

“ ما الأمر ؟”


وصل صوت وين دي: “ لدي لقاء لخريجي الفصل الأسبوع 

المقبل ، وسيكون حبيبي السابق هناك أيضًا "


امتدت ملامح الجدّية على وجه بيان تشنغ: “ كيف حدث هذا ؟ 

هل تمكنت من السيطرة على الأمور ؟”


وين دي : “ هل يمكنك المجيء معي ؟”


بيان تشنغ : “ ما هو الوضع الآن؟ 

هل أخبرت والديك ؟”


: “ أتتظاهَر أن تكون حبيبي؟”


بيان تشنغ : “ حسنًا ،، سآتي فورًا . أين أنت ؟”


: “ المقهى خارج البوابة الشمالية الشرقية "


: “ حسناً . سأصل خلال نصف ساعة .”


أنهى بيان تشنغ المكالمة ، نهض ، 

وقال للكبار الفضوليين حوله : “حدث شيء في الجامعة . 

يجب أن أعود وألقي نظرة .”


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي