Ch25 | IOWY
ربما كان تعبير يانغ شياولي في تلك اللحظة مخيفًا إلى حدٍّ ما،
إذ ارتعبت الفتاتان وتراجعتا إلى الخلف
وسرعان ما تعرفتا على الشخص الواقف أمامهما
—— زميل السكن المقرب من يان لان
قالت إحداهما بتوتر :
“ نحن… لم نقل شيئًا…”
أما الأخرى ، وكانت أكثر جرأة قليلًا ، فقالت:
“ سينباي يمكنك أن تتحقّق بنفسك من المنتدى .
المنشور لا يزال موجود ، ولم نختلق شيئًا .
توجد صور وأدلة ، وكثيرون يصدقونه .”
تخلى يانغ شياولي عن وجبة شرائح اللحم والمكرونة التي طلبها،
وحمل حقيبته التي استخدمها لحجز المقعد ،
ثم اندفع نحو يان لان ، وأمسك بمعصمه وسحبه إلى خارج المقصف
قال له:
“ مومو، دعك من الطعام… لنعد للسكن ونتناول النودلز .”
وعندما رأى يان لان وجهه الشاحب ،
أدرك فورًا أن أمرًا ما قد حدث ،
فأطاعه بهدوء وسار معه عائدًا نحو السكن
الساحة الجامعية مزدحمة في هذا الوقت ،
وفي طريقهما التقيا بلين جيانشينغ
رآهما من بعيد ، وبدا عليه الفرح ، لوّح بيديه واقترب منهما راكضًا وهو يقول:
“ سينباي ، هل تناولتما طعامكما ؟”
هزّ يان لان رأسه نافيًا
نظر لين جيانشينغ نحو يانغ شياولي، وارتبك من شحوب وجهه الواضح
: “ ماذا حصل ؟”
سأله يانغ شياولي بنبرة جافة حادة :
“ هل سمعت عن المنشور في منتدى الجامعة هذا الصباح ؟”
أجاب لين جيانشينغ باستغراب:
“ المنتدى؟ منتدى الكلية ؟ لا أتابعه كثيرًا…
لا أدري عن أي منشور تتحدث .”
ردّ عليه يانغ شياولي بنبرة باردة كالجليد ، ووجهه مشدود:
“ لا تتكلّف عناء الادعاء . سنعود إلى السكن ، أريد أن أرى
بنفسي تلك الصور والأدلة المزعومة .
من تجرأ على نشر شائعة كهذه عن صديقي…
سأكسر عنقه اللعين !!!!!”
قال لين جيانشينغ على الفور :
“ هل يمكنني القدوم معكما ؟”
“ طبعًا، هيا بنا.”
ركض الثلاثة معًا نحو السكن،
يصعدون السلالم ثلاث درجات دفعة واحدة من شدة استعجالهم
وما إن دخلوا الغرفة ، حتى ألقى يانغ شياولي بحقيبته على سريره،
وجلس أمام لابتوبه بوجهٍ قاتم ، فتحه بسرعة ،
وسجّل دخوله إلى منتدى الكلية ليبحث عن مصدر الإشاعة
كان منتدى كلية الفنون عادةً هادئًا ،
لا تُنشر فيه إلا بعض المواضيع المتعلقة بالفعاليات والعروض
فعلى سبيل المثال، لا يزال المنشور الشهير الذي يتحدث
عن إطلالة يان لان “الملكة” في حفل الترحيب بالطلبة
الجدد يتصدر المنتدى، ومعه عشرات الردود التي تقول إنهم يريدون “رفع تنورة الملكة”.
وجد يانغ شياولي المنشور بسرعة
كان عنوانه مثيرًا للسخرية ، لكنه جذّاب ومثير للفضول :
[ فضيحة !
إليكم الوجه الحقيقي لزهرة الحرم الجامعي !
يتناول وجبات منتصف الليل مع رجل متزوج ثري !
و يتنقل بين سيارات فارهة مختلفة !
يُشتبه في كونه مدعومًا من عدّة رجال أغنياء !]
وعند فتح المنشور ، أول صورة تظهر فيه عربة طعام بائع متجول في الشارع…
في الصورة ، يان لان يجلس إلى جانب رجل يرتدي بدلة رسمية ،
ومعهما طفل نحيل يبدو في السابعة أو الثامنة من
عمره، يتناولون أسياخ الشواء من عربة بائع متجول
أسفل صورة العربة ، وُضعت عدة لقطات غير واضحة ، ضبابية الجودة ،
لكنها رغم ذلك أظهرت ملامح يان لان بوضوح كافٍ للتعرف
عليه من النظرة الأولى
والأدهى من ذلك، أن العلاقة بين يان لان وذلك الرجل بدت من الصور وثيقة ،
بل إنّ تشوش البكسل بدت وكأنها تنقل جوًا خافتًا من الألفة الحميمة بينهما
ضيق يانغ شياولي عينيه وهو يتأمل الصور المكبرة على الشاشة وقال :
“… أليس هذا زوجك ؟”
لين جيانشينغ: ؟
يان لان: …
بدأ لين جيانشينغ يحدق في الرجل ذي البدلة والطفل في
الصور ، وقد تجمدت عيناه عليهما:
“ أليس هذا هو نفس الرجل ، وذلك الطفل المختلط من
ليلة حفل الترحيب ؟”
ورغم أنه لم يرهما إلا مرة واحدة ، إلا أن ملامحهما تركت أثرًا عميقًا في ذاكرته
بل إنه لا يزال يذكر أن الطفل كان يملك عينين زرقاوين ،
وأن الرجل جلب باقة ورد ليان لان في تلك الليلة
{ فهل هذا الرجل… هو زوج يان لان فعلاً ؟! }
لم يتمالك لين جيانشينغ نفسه ، فاستدار نحو يان لان الذي
قد غطى وجهه وعينيه بكفيه ، وقال:
“ سينباي ، إذًا أنت…”
وكان يان لان ويانغ شياولي يظنان أنه على وشك التحدث
عن ميوله الجنسية ، إلا أن تركيز لين كان مختلفًا تمامًا …
: “… تزوجت في سن مبكرة !”
لم يتمالك يانغ شياولي نفسه، فاستدار إليه وقال:
“… يا الكوهاي ! ألم يخبرك أحد من قبل بأنك تفتقر إلى اللباقة ؟”
عبث لين جيانشينغ بشعره القصير في حرج :
“ إذًا ، هل ذلك الطفل المختلط بعيونه الزرقاء هو ابن زوج يان لان ؟”
: “ لا، هو ابن شقيقه . يان لان سيكون خاله المستقبلي ! .”
قال لين جيانشينغ وقد فهم أخيرًا :
“ آه، الآن اتضح الأمر ”
أما يان لان، فقد استسلم تمامًا،
ولم يعد يحاول الدفاع أو التبرير
فحتى لو لم يكن أبكم ، لما استطاع تفسير ما يحدث الآن
مرّر يانغ شياولي الماوس إلى الأسفل،
وبعد صور وجبة منتصف الليل،
ظهرت عدة صور ليان لان وهو يخرج من سيارة
العنوان بدا مبالغًا فيه ، لكن ما سُمّي بـ ' تنقله بين سيارات
فارهة مختلفة ' لم يكن سوى بنتلي ومرسيدس ،
و كلتاهما تخصان شيه يون تشي
ومن الطريقة التي صيغ بها المنشور ،
بدا واضحًا أن من نشره إما أحمق أو خبيث النية
لكن الأمر المثير للغضب فعلًا —— أن الكثيرين صدقوه
كانت التعليقات مليئة بالصدمة والاتهامات ،
وبعضهم بدأ يربط بين كون يان لان يتيمًا ويعاني من إعاقة،
وبين عدم قدرته على تحمل نفقات الدراسة الجامعية
والدراسات العليا، ليصلوا إلى استنتاج بشع: أنه مدعوم
ماديًا من رجال أثرياء ———
ضحك يانغ شياولي بسخرية وهو يكتب ردًا :
[ من كتب هذا المنشور أحمق ، يملك قلبًا أسود وروحًا أشد سوادًا .
إشاعات كاذبة وتشهير مقصود !]
قرأ لين جيانشينغ المنشور ثم غادر إلى المقصف لتناول طعامه ،
بينما قام يانغ شياولي بالتبليغ عن المنشور ،
ثم نهض ليغلي الماء ، بينما أخرج يان لان علبتين من النودلز
كان يانغ شياولي يأكل وهو يغلي من الغضب ، فصاح:
“ هذا أمر لا يُصدق !
من الجنون أن يصدّق الناس مثل هذه التفاهات !”
ابتسم يان لان وربّت على كتفه ، في إشارة منه ليهدأ ولا ينفعل
قال يانغ شياولي وهو لا يزال محتقنًا :
“ لا يمكننا أن نترك المنشور هكذا دون رد.
إذا بقي الأمر كما هو، قد يتم استدعاؤك للتحقيق !”
أومأ يان لان برأسه . لقد خطر هذا الاحتمال بباله أيضًا
تابع يانغ شياولي:
“ ما رأيك أن ننشر توضيحًا ؟
نقول فيه إن الشخص الموجود في الصور ، ومعه الطفل ،
هو رئيسك في وظيفة جزئية ، وهو طالب كذلك ،
ونتجنب ذكر علاقتكما العاطفية . ما رأيك ؟”
فكر يان لان قليلًا ، ثم أومأ موافقًا
بدا الأمر معقولًا ويمكن تنفيذه
وبعد أن انتهيا من تناول النودلز ، بدآ في كتابة المنشور التوضيحي
أخرج يان لان عقد عمله الجزئي ، وصوّره بهاتفه ،
بيننا تولى يانغ شياولي مهمة كتابة العنوان والمحتوى
وكانت الكتابة من نقاط القوة لدى يانغ شياولي،
فخلال بضع دقائق فقط، أنهى تدوين شرح طويل ومفصل،
يوضح فيه خلفية الصور وتسلسل الأحداث
وأثناء انشغالهما بذلك، تلقى يان لان رسالة من أستاذه المشرف :
[ يان لان، هل لديك وقت الآن ؟ أودّ التحدث معك .
أنا في مكتبي بانتظارك .]
أراها يان لان إلى يانغ شياولي
فقال الأخير وهو يدحرج عينيه :
“ كما توقعت… لقد رأى المنشور أيضًا .
اذهب أنت ، وسأتولى أنا الباقي هنا .”
أومأ يان لان مجددًا ، وغادر السكن
كان من الواضح أن محتوى المنشور قد انتشر بالفعل
فبينما يان لان ينزل الدرج ، شعر بأن مزيدًا من النظرات تتبعه ،
نظرات لم تكن عابرة ، بل ثقيلة واضحة ، تخترق هدوءه
توجّه إلى مكتب الهيئة التدريسية في كلية الفنون الجميلة،
حيث كان أستاذه الشاب في انتظاره خلف مكتبه
اقترب يان لان ، فألقى نظرة سريعة على شاشة اللابتوب أمام الأستاذ
وكما توقع، فقد استدعاه الأستاذ بسبب منشور المنتدى،
إذ أن الشاشة تعرض ذلك المنشور المليء بـ”الأدلة” الزائفة
لم يضيع الأستاذ وقته في المجاملات، بل أشار إلى الشاشة مباشرة وسأل:
“ هل تعرف ما الذي يجري بخصوص هذا المنشور في المنتدى ؟”
هزّ يان لان رأسه ببطء، نافيًا
: “ إذن ، إلى أي مدى ما ورد في هذا المنشور صحيح؟”
سأل الأستاذ المشرف بنبرة جدية، وهو ينظر إلى الشاشة
أخرج يان لان هاتفه وكتب :
[ لا توجد جملة واحدة صحيحة ]
بعد أن قرأ الأستاذ المنشور ، كان هو أيضًا يعتقد أن أغلبه –
إن لم يكن كله – محض افتراء
فرغم أنه لا يعرف كل تفاصيل حياة يان لان ،
إلا أنه كان على اطلاع بسلوكه منذ السنة الأولى وحتى
مرحلة الدراسات العليا : شاب مجتهد ، يعيش بتقشف ،
ويستحيل أن يكون مدعومًا من “عدة رجال” كما زُعم
قال الأستاذ بصوت مطمئن :
“ أنا أصدقك ، وأعلم أن هذا الكلام غير صحيح .
لكن ، للأسف المنشور انتشر ، وهذا ليس في مصلحتك ،
ولا في مصلحة الكلية .
لقد تواصلت بالفعل مع إدارة المنتدى لحذف المنشور ، وأقترح أن تنشر توضيحًا .
وإذا لزم الأمر ، يمكنك اللجوء للوسائل القانونية للدفاع عن سمعتك .”
أومأ يان لان برأسه بعد أن استمع إليه باهتمام
ثم نظر الأستاذ إلى الصور مرة أخرى، وسأله:
“ هل الرجل الذي مع الطفل صديقك ؟
يبدو أن بينكما علاقة وطيدة .”
كان سؤاله حذرًا ، لكنه مباشر
فحتى من لا يعرف يان لان يمكنه أن يشعر من الصور بوجود
علاقة تتجاوز حدود الصداقة
خفض يان لان رأسه وكتب:
[ هو حبيبي ، والطفل ابن أخيه ]
بدت الدهشة على ملامح الأستاذ للحظة ، ثم قال:
“ آه… فهمت .
على كل حال، طالما أن المسألة مجرد سوء فهم، فوضّح الأمر للناس .
سأكلف إدارة المنتدى بالتحقيق في هوية من نشر المنشور.
وإن ثبت أنه افتراء متعمّد ، ستتخذ الجامعة إجراءات تأديبية . لا تقلق .”
غادر يان لان المكتب ، متجهًا نحو السكن ، لكن أثناء سيره رنّ هاتفه
فتح الهاتف ، ليجد رسالة من شيه يون تشي على ويتشات،
مرفقة بصورة لبوابة الكلية الجنوبية للفنون الجميلة ، ومعها عبارة قصيرة :
[ أنا في انتظارك عند بوابة الجامعة .]
وما إن قرأ الرسالة ، حتى انطلق يان لان مسرعًا نحو البوابة دون أي تردد
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق