Ch33 | DSYOM
[ الماضي ] ——-
العروسـان الجديدان، اللذان كانا على وشك دخول قاعة
الزواج، وجدا نفسيهما في مأزق. للحصول على رخصة
الزواج، كان عليهما دفع رسوم طلب، بينما لم يكن في
حوزتهما سوى الخمسين سنتًا التي استخرجها وين دي من بين الطوب
لا يعرف وين دي المبلغ الدقيق للرسوم،
لكنه بالتأكيد يتجاوز الخمسين سنتًا
وهكذا فهم أخيرًا معنى المثل القائل ' قد تعجز قطعة نقود
واحدة عن تحريك بطل '
جلسا بهدوء على مقعد في الحديقة،
يحدّقان في اللوحات الإعلانية البعيدة في مركز المدينة
الشاشات العملاقة تومض بصور متحركة ،
صانعة مشهدًا بصريًا يكاد يكون سرياليًا
أما الكازينوهات المحيطة بالإعلانات،
لكل منها تصميم فريد وخلاّق: هرم فرعوني ،
أفق مدينة نيويورك ،
قنوات البندقية ، وبرج إيفل الباريسي…
جميع عجائب الدنيا مجتمعة في مكان واحد ...
{ الكازينوهات …. }
فجأة ، دوّى في المكان صوت نرد يتدحرج ،
فقفزت فكرة إلى ذهن وين دي
أخرج قطعة الخمسين سنتًا البائسة وقال:
“ هل تريد أن نقامر ؟”
بيان تشنغ فهم بالطبع ما قصده ،
فمدينة القمار لديها دائمًا طريقتها في تحويل الرهانات
الصغيرة إلى مكاسب كبيرة
لكن وين دي، الذي أطلق الاقتراح، بدأ سريعًا يشك في نفسه:
“ وبماذا يمكننا أن نقامر بخمسين سنتًا فقط ؟”
قال بيان تشنغ وهو يلقي نظرة نحو الشارع :
“ لننظر حولنا ، ربما نجد آلة قمار منخفضة الرهان ”
دخلا أحد الكازينوهات ، وهناك ، قرب المدخل في الطابق
الأول ، وجدا ضالتهما : آلة قمار قديمة بتصميم الفواكه ،
على بكراتها ظهرت الكرز والليمون ورمز “BAR”،
و كلفة اللعب فيها خمسين سنتًا
غالبًا يقصد السياح هذه الآلات لتجربة أجواء الكازينو دون إنفاق الكثير من المال
رفع وين دي بصره إلى جدول المكافآت المعروض أعلى الآلة ،
حيث ظهرت تركيبات الرموز المختلفة وما يقابلها من جوائز
لم تكن هذه الآلات الرخيصة تمنح جوائز كبرى بالطبع؛
تراوحت الجوائز بين بضعة سنتات إلى بضع دولارات
وين دي: “حتى لو حصلنا على ثلاثة رموز متطابقة ، العائد
أربعون مقابل واحد… أي عشرون دولارًا .”
فأجابه بيان تشنغ : “ وهذا يكفي لرسوم الطلب .”
تجهّم وين دي وهو يتأمل آلة القمار ،
مترددًا مرارًا في إدخال القطعة ،
ثم متوقفًا في كل مرة ،
فاستغرب بيان تشنغ من تردده :
“ تقدّم ، ألم يكن هذا اقتراحك أنت ؟”
تنهد وين دي بين أسنانه: “ أنت لا تعلم… حظي سيّئ بالفطرة "
بيان تشنغ : “ هل هذا مصطلح اخترعته للتو ؟”
وين دي: “ صدقني ، منذ صغري وحظي عاثر
لم أنجح جيدًا في امتحان دخول الثانوية ،
ولم أختَر التخصّص الجامعي المناسب ،
وأول حب لي كان وغدًا .
كلما اشتريت منتجات مالية ، مهما كان اتجاه السوق
صاعدًا ، ينهار فورًا بمجرد شرائي .
حتى علكة الفقاعات في سحب المول لم أفز بها قط !
ومع حظ كهذا ، كيف لي أن أربح هذه الفرصة التي لا تتجاوز 1% ؟”
حدّق في القطعة البالية بين أصابعه وتابع : “ هذه كل ثروتي "
{ حتى ساق الذبابة لحم ... خمسون سنتًا ما زالت مالًا.
ولكن ماذا لو تحطّم آخر أمل لي هنا ،،،، في يدي ؟ }
استدار نحو الرجل وقال : “ ماذا لو أنتَ…”
وقبل أن يُكمل ، مدّ بيان تشنغ يده ، وأمسك أصابعه ،
وأجبره بقوة على إدخال القطعة وسحب المقبض
ارتبك وين دي: “ماذا تفعل؟”
لكن بيان تشنغ أشار بيده نحو الآلة ،
فعاد بتركيزه إليها منتظرًا النتيجة
بدأت البكرات الثلاث تدور بسرعات مختلفة ،
وتعالى صوت الموسيقى الإيقاعية من الآلة ،
يتناغم ' دي–دي–دو–دو ' مع دقات قلبه
توقفت البكرة الأولى —— كرز
ثم توقفت الثانية —— كرز
تجاوزت دقات قلبه حدود العلم
{ مستحيل، مستحيل… هل بدأ حظي أخيرًا في التغيّر ؟ }
حبس وين دي أنفاسه فجأة وأمسك بذراع الرجل
وبحركة عفوية ، غطّى بيان تشنغ يده بيده ،
والتصق الاثنان ببعضهما قربًا
توقفت البكرة الثالثة… ليمون ——
تنهد وين دي { كما هو متوقّع ، ما زال القدر لا يحنو عليّ }
أفلت يد الرجل وقال :
“ اقتربنا جدًا "
اعتدل بيان تشنغ في جلسته ؛ فالنتيجة كانت ضمن
الاحتمال المتوقع ،
لكن لسبب ما شعر بوخزة خفيفة من خيبة الأمل
لقد ضاعت ثروتهما كلها ، وكادا يغادران حينها فجأة دوّى
من الآلة رنين جرس مبتهج
بدأت رموز الكرز والليمون تهتز ، ومع طنين حاد ،
سقط شيء في الفتحة المعدنية
اتسعت عينا وين دي بدهشة
وكأنها أول قطرة مطر تتساقط ثم يعقبها هطول غزير ،
انهمرت العملات المعدنية دفعة واحدة ،
وتصادمها الكثيف المعدني كان صاخبًا لدرجة جعل فروة الرأس تقشعر
التفت جميع السائحين في الكازينو ، يحدّقون بآلة وين دي ،
متمتمين بإعجاب وحسد
رفع وين دي رأسه ببطء ، عيناه فارغتان كأنه آلة :
“ ماذا يحدث ؟”
أشار بيان تشنغ إلى سطر من التعليمات على جانب الآلة:
“ Jackpot — لقد ربحت الجائزة الكبرى .
تأخذ كل العملات التي وضعها اللاعبون السابقون .
النمط عشوائي ، وأي تركيبة قد تفجّره ”
الجائزة الكبرى
احتمالية أقل بكثير حتى من ثلاثة رموز متطابقة
قال بيان تشنغ وهو ينظر إليه:
“ ألم تقلها بنفسك؟ هذه إرادة الإله .”
ظل وين دي مذهولًا ، يحدّق في الآلة المجلجلة وقد صعقه عدم التصديق
لطالما اعتقد أن الحصول على أي شيء يتطلّب منه جهدًا مضاعفًا،
لأن الحظ لم يكن يومًا حليفه ،
هكذا كان الحال في الدراسة ، وكذلك في الحب
أما الفوز بجائزة كبرى ؟
ذلك النوع من الاحتمالات المتناهية الصِغَر يحتاج ،
في نظره ، دعم الكون بأسره
{ كيف يمكن لشيء كهذا أن يحدث لي ؟ }
لكن للتوّ، وقف الكون كله، على نحو غير متوقّع،
وربما لمرة واحدة فقط، في صفّه
لقد حدثت معجزة
ولما لاحظ أنّ الناس من حوله ما زالوا يحدّقون في آلة الجوائز،
أخذ وين دي نفسًا عميقًا،
ثم جثا مسرعًا محاولًا جمع العملات من الفتحة المعدنية
: “ كم من المال هنا ؟”
العملات من فئات مختلفة، والكمية ضخمة،
بحيث أن فرزها وعدّها سيكون مهمة شاقة
انحنى بيان تشنغ بجانبه ونظر :
“ هل تريد أن تعدّها بنفسك ، أم تطلب من شخص آخر أن يحصيها لك؟”
رمش وين دي بعينيه:
“ ومن سيساعدني؟”
فأشار بيان تشنغ إلى شباك في الخلف فوقه لافتة خشبية
كُتب عليها بالإنجليزية: [ كاشير ] — وهو مكان صرف رموز الكازينو
أخذا العملات إلى شباك الكاشير ، فاستلمها الموظف
سريعًا ووضعها على ميزان صغير —- معلنًا المبلغ الكلّي
بدا كبير ، لكنه في الحقيقة لم يتجاوز أربعين دولارًا بقليل
كان وين دي على وشك أن يأخذ المال بسعادة ، لكن بيان تشنغ بجواره قال:
“ من فضلك ، بدّلها برموز لعب فئة دولارين "
حدّق وين دي فيه بدهشة :
“ ماذا تفعل ؟”
لم يتأخر الموظف، فاستبدل العملات برموز لعب ووضعها
في صحن بلاستيكي صغير وسلّمها إلى الرجل
مدّ وين دي يده ليخطفها ، لكن بيان تشنغ ، بذراعيه
الطويلتين وقامته الأطول، سبقه إليها
قال وين دي بذهول وهو يحدّق فيه:
“ رأس المال لي؛ أليس من المفترض أن تكون الأرباح لي؟”
{ لم نتزوج بعد ، وهذا الرجل بدأ بالفعل يمدّ يده على ممتلكاتي ! }
أما ذلك الرجل البغيض فظلّ ثابتًا ، وقال ببرود :
“ المال غير كافٍ "
{ ثق بي هاه ؟ اللعنة ! أثناء رحلتنا الطويلة مرا بالعديد من
الكنائس الصغيرة المفتوحة أربعًا وعشرين ساعة ،
وعند أبوابها لافتات بأسعار حفلات الزفاف ،
أرخصها لم يتجاوز خمسة عشر دولارًا }
وين دي بمرارة :
“ في هذه المرحلة ، هل نحن حقًا بحاجة إلى حفل زفاف فاخر ؟
لنوفر ما استطعنا من المال !”
لكن بيان تشنغ لم يُعد النقود بعد ، بل قال :
“ هل تريد أن نعود سيرًا على الأقدام ؟”
كان ذهن وين دي غارقًا في أرقام الرقائق ،
حتى أنه بالكاد سمع ما قاله الآخر
تابع بيان تشنغ :
“ بعد الحصول على الرخصة وإقامة الزفاف ،
لن يتبقى معنا ما يكفي لأجرة سيارة أجرة .
ما دمنا نملك رأس المال ، فلنكسب على الأقل ما يكفي للأجرة .”
رفع وين دي رأسه فجأة :
“ ماذا تقصد ؟”
بيان تشنغ :
“ نقامر مجددًا .”
شهق وين دي محدّقًا فيه : “ ماذا ؟
لقد قلت لك .. ما حدث كان مجرد حظ محض!
هذا لا يتكرر دومًا ! استفق !”
{ لم نتزوج بعد ، والآن زوجي المستقبلي يأخذ مالي ليقامر به؟
أي حياة مُرّة ملأى بالدموع هذه ! }
ردّ بيان تشنغ بثقة:
“ ليس حظًا ، بل هو الاحتمال .
القمار قائم على الاحتمالات .”
قال وين دي ممتلئًا بالغضب :
“ وماذا في ذلك؟”
: “ الاحتمال لعبة رياضيات ...” ثم التفت ليسأل الموظف:
“ أين طاولة Texas Hold’em؟” ( تكساس هولدم )
أشار له الموظف إلى الطابق والمكان،
فسار بيان تشنغ نحو المصعد ممسكًا بالرقائق
أما وين دي فتفادى السياح بشفتيه المضغوطتين قلقًا ،
لم يكن له أي فرصة في مواجهة بدنية ،
فلم يجد إلا الأسئلة ليخفف من توتره ،
: “ أأنت تعرف كيف تلعب الورق؟”
أومأ بيان تشنغ برأسه
أطلق وين دي آه خافتة ، لكن القلق ما زال ينهش قلبه:
“ لكن… حتى أبطال البوكر يخسرون ملايين في ليلة واحدة…”
تذكّر كل القصص المرعبة عن القمار التي كانت أمه تحذّره
بها— و توسل الإله ألا يخسر هذا الرجل كل ماله وينتهي به
الأمر إلى رهنه هو نفسه
بيان تشنغ :
“ هذا مالك الذي نراهن به؛ وإن ربحت فسأعوّضك أيضًا عن الهاتف المسروق .”
وزن وين دي الأمر في رأسه ، وبعد تردّد قرر أن يقدّم رأس المال بسخاء
فلطالما قالت أمه إن أساس الزواج هو الثقة
في الطابق الثالث ،
عثرا بسرعة على طاولة البوكر الصغيرة بين الحشود
معظم الرقائق كانت من فئة دولار أو دولارين ،
لكن بتجميعها ، قد تصل رمية اللاعب إلى ثلاثين أو أربعين دولار
أما اللاعبون حول الطاولة فكانوا خليطًا غريبًا : عجوز متأنقة ،
رجل في منتصف العمر بكرش بارز ،
وهيبي بثياب غريبة ،
لم يكن كبار المقامرين على هذه الطاولة ؛ بل مجرد
سائحين يبحثون عن متعة عابرة
اختار بيان تشنغ مقعد وجلس ،
فأعلن الموزّع امتلاء الطاولة وبدأ في توزيع الأوراق
تسلّم بيان تشنغ ورقتيه ، رفع زاوية منهما قليلًا ليتفقدهما،
ثم وضع رهانًا إلزاميًا، لا كثيرًا ولا قليلًا
لمح وين دي الورقتين—7 و 9—فاضطرب صدره
بفضل حبيبه السابق كان لديه فهم بسيط لقواعد تكساس هولدم،
وهذه لاتعتبر ' يد جيدة'
قلب الموزع أول ثلاث أوراق مشتركة—8
نظر بيان تشنغ إلى رزم رقائق خصمه ،
يحسب قيمة ما لدى اللاعبين ، والوعاء ، والاحتمالات ،
ثم دفع بكدسة من الرقائق إلى منتصف الطاولة ،
كان وين دي متوتّرًا ومنهكًا بعد ليلة من الجري والتقلب،
حتى شعر بجفاف شديد ،
وكأن حلقه على وشك أن يشتعل نارًا
في تلك اللحظة ، اقتربت خادمة كازينو تحمل صينيةً عليها
كؤوس نبيذ ممتلئة
سأل عن السعر ، فأجابته بأن المشروبات مجانية لروّاد القمار
خطف الكأس على الفور وشربها دفعةً واحدة
وما إن تحلّل الكحول السابق في جسده حتى جاء الجديد ليغمر عروقه مجددًا
وعند الورقة الأخيرة River ( نهر ) ، بقية اللاعبين الأربعة قد
انسحبوا جميعًا، ولم يبقَى سوى بيان تشنغ واللاعب الكبير في الرهان
تردّد بيان تشنغ لحظة ، ثم دفع بجميع رقائقه إلى الأمام
كادت يد وين دي، المستندة على كتفه، تسحق كتفه من شدّة الذهول
الخصم بدوره ذهب بكل ما يملك—All in
ساد جو غريب من التوتر حول طاولة البوكر ،
وكأن أشعة ليزر حمراء تملأ المكان ،
وأي حركة خاطئة قد تُحطّم كل شيء
تسلّل إلى أنف وين دي عبق خافت من التبغ والكحول ،
بينما عقله يطفو في الهواء ، مترنّحًا ، عاجزًا عن الاستقرار
كشف بيان تشنغ أوراقه
في الجهة المقابلة اتّسعت أعين اللاعبين بدهشة في
اللحظة نفسها، يحدّقون بعدم تصديق في أوراقهم المخفيّة
ومع لعنةٍ خافتة، ألقوها أرضًا
إنها AA ——-
: “ اللعنة…” تمتم وين دي وهو يرمق الأوراق، ثم حدّق في
بيان تشنغ وقد اجتاحه دوار : “ لقد… فزت فعلًا ؟”
{ لا يمكنك الحكم على الكتاب من غلافه —
هذا الرجل بدا مهذبًا وجادًا للغاية ،
هل يمكن أن يكون سرًا إله القمار ؟! }
كنس الموزّع الرقائق نحو الفائز ،
ومدّ بيان تشنغ يده ببطء ليسحبها أمامه ،
محطمًا وهم وين دي في لحظة
قال وهو يلتفت نحوه بهدوء :
“ كل ما في الأمر زيادة تدريجية في الاحتمالات ،
مع قليل من علم النفس .
والأهم… أنه منذ قررنا الزواج ، يبدو أن سيدة الحظ صارت تقف إلى جانبنا .”
كاد وين دي أن يقفز من مكانه من شدّة الحماس
الأدرينالين المتفجّر في جسده من أجواء الكازينو جعل قلبه
يدقّ كطبول حرب
هتف بسعادة ، ثم أمسك وجه بيان تشنغ بكلتا يديه ،
وانحنى ليُقبّله قبلة قوية على شفتيه ….
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق