Ch34 | DSYOM
[ الماضي ] ——-
حين لامست شفتا وين دي شفتَي الرجل ،
لم يُبْدِ هذا الأخير سوى اندهاش خفيف للحظة ،
ثم مدّ يده ليحتضن مؤخرة رأسه ويعمّق القبلة ——
كان فمه دافئًا ورطبًا
ولعلّ تأثير الكحول قد زاد الأمر حدّة ،
إذ إنّ لمسةً طفيفة من طرف لسانه جعلت كهرباء خفيّة
تجتاح عمود وين دي الفقري،
ارتعش من رأسه حتى أخمص قدميه
العجوز الجالسة عدّلت ملابسها بارتباك ،
بينما تمتم الرجل في منتصف العمر ، الذي قد خسر رغم
امتلاكه ورقة رابحة قوية ، بلعنةٍ مكتومة
في فم الرجل ، تذوّق وين دي كوكتيل الشراب الذي شربه قبل قليل
و أحسّ كأنّ رأسه امتلأ بضعف كمية الكحول ، فداخ عقله
وحين ابتعدا ، ظلّ في حالة شرود وسأل بذهول:
“ وماذا بعد ؟”
ألقى بيان تشنغ نظرةً على الرقائق المضاعفة أمامه وقال:
“ هل تودّ أن ترافقني في جولة قمار أخرى ؟”
لا يزال عبير الرجل عالقًا بين شفتيه وأسنان وين دي
توقّفت أفكاره فجأة ، وأومأ برأسه دون أن يشعر
منذ أن وافق على الزواج منه ، أخذت حياته منعطفًا حادًا ،
مندفعًا نحو مستقبل غامض يكتنفه الضباب
{ جدول أيامي المعتاد تحطّم منذ زمن ؛
فما ضرّني أن أركب موجة مخاطرة أخرى ؟ }
ابتسم بيان تشنغ ثم التفت إلى الموزّع قائلًا :
“ وزّع الأوراق "
كما لو جرفته دوّامة هادرة في عرض البحر ،
انغمس وين دي في عاصفة اللعبة
راقب البطاقات وهي تُوزَّع وتُقلب ورقةً تلو أخرى ،
والاحتمالات تصعد وتهبط ،
والوعاء يمتلئ ويفرغ ،
وبنهاية الجولة ، ارتفعت الرقائق أمام بيان تشنغ حتى كادت
تُكوّن جبلًا صغيرًا
تجمّع حول الطاولة حشد من السياح الفضوليين
وحين فاز بيان تشنغ آخر وعاء ،
تعالت من الجمهور صيحات الإعجاب والحسد
نهض بيان تشنغ واقفًا ، فانقضّ عليه وين دي وارتمى في حضنه
عانقه بشدّة ، ثم تبادلا قبلةً أخرى
: “ خمسون سنتًا فقط!” قال وين دي لاهثًا وهو يحدّق في
عينيه : “ ظننت أنّ هذا لا يحدث إلا في الروايات !”
لقد استعادا بالفعل المال الذي سرقه اللصوص
في ليلةٍ واحدة ،
انقلبت حياتهما رأسًا على عقب في ليلةٍ واحدة ،
مدّ وين دي يده ليلفّها حول خصر الرجل
الحركة جاءت طبيعية جدًا ، حتى إنه لم ينتبه أنه يمسكه
قال وين دي بحماس:
“لقد فُتح مكتب تراخيص الزواج بالفعل…
فلنذهب لنتزوج !”
————-
العملية كانت بسيطة : ملء استمارة ، دفع الرسوم ،
والتحقق من الوثائق .
ولأنهما كانا يعرفان أنهما سيذهبان إلى حانة مسبقًا ،
فقد أحضر وين دي جواز سفره ،
وأحضر بيان تشنغ رخصة قيادته الأمريكية ،
حين أخرجا الوثائق ، تبادلا نظراتٍ سريعة
وين دي:
“طالما أننا على وشك الزواج، ألا يجدر بنا أن نعرف الأسماء
الحقيقية لبعضنا البعض؟”
ناوله الرجل رخصته ، وأعطاه وين دي جواز سفره
تبادلا النظر في صور بطاقتي الهوية للحظة بإعجابٍ مكتوم
قرأ وين دي الحروف الإنجليزية على البطاقة وسأل:
“ أي تشنغ هذه؟”
: “ تشنغ بمعنى المدينة ...” ثم ابتسم بيان تشنغ وسأله :
“ ولِمَ ليس اسمك الإنجليزي ويندي…؟”
قاطعه وين دي بضحكة سريعة :
“ وقّع!”
حين خرجا من مكتب التراخيص ،
لاس فيغاس قد استيقظت بالكامل
الشوارع مليئة بالسياح ، وعازفي الشارع ،
وشخصيات الكوسبلاي، وتماثيل بشرية ،
وعروض سحرية لا تنتهي— حتى أن وين دي لمح ثلاثة
متنكرين بزي إلفيس
وعلى الرغم من سهره الليل بطوله ، ورحلة العناء الطويلة ،
كان من المفترض أن يكون قد بلغ أقصى درجات الإرهاق ،
لكن ربما بسبب الزواج، أو بسبب المعجزة التي وقعت ،
ظلّ قلبه منتشيًا لا يعرف التعب ،
توجّها إلى الفندق المجاور لمكتب التراخيص،
وهناك وجدا قسم خدمات الزفاف
استقبلتهما الموظفة بابتسامة ، وقدّمت لهما شرحًا عن
باقات الزفاف المختلفة
وبينما بيان تشنغ يتأمّل قائمة العروض المبهرة ،
التفت فجأة إلى وين دي وقال:
“ طرأت لي فكرة… لكنك ستعارضها بشدّة "
وين دي:
“ قل ما عندك .
أنا لست بكامل وعيي الآن ، فقد أوافق على أي شيء "
أشار بيان تشنغ إلى خانة في الاستمارة :
“ هل يمكن أن نترك المال للغد ؟ اليوم حدثت معجزة…
فلنُبقِها معجزة "
سأله وين دي بحذر:
“ ماذا تريد أن تفعل ؟”
بيان تشنغ بهدوء :
“ نهرب سرًّا "
حدّق وين دي فيه مذهولًا
بيان تشنغ بابتسامة : “ ألسنا في الأصل نهرب؟”
لو أنّ أحدًا اقترح عليه قبل يوم، أو ليلة ،
أو حتى قبل ساعتين ،
أن يترك النقود المضمونة لأجل حفلٍ صاخب بلا فائدة ،
لصفعه وين دي صفعة تُلقي به إلى مركز الأرض ،
لكنّه الآن قال بكل بساطة :
“ حسنًا .”
{ ربما جُنّنت ... لكن بما أنّ الكون كلّه قد انقلب رأسًا على
عقب ، فلِمَ لا أجنّ ؟ }
ومن غير تردّد ، أخرج بيان تشنغ المال الذي ربحاه ،
واشترى باقة ' الزفاف بالهرب '
والمفاجئ أنّ وين دي لم يشعر بأي ألمٍ في قلبه عندها
—————
في الطابق الأعلى من الفندق ،
دوّى هدير المروحية
اهتزّ الهواء من ضجيج محرّكاتها ،
والنسيم الصباحي ضغط على ثيابهما بقوة
مزيج من التوتر والإثارة والرهبة جعل كل شهيقٍ وزفير يرتعش
وخارج النافذة ، بدت أضواء نيون لاس فيغاس كسماءٍ
مرصّعة بالنجوم في وضح النهار، تندمج في لوحةٍ هائلة للمدينة
داخل المروحية دافئًا أنيقًا ، تزيّنه أزهار بيضاء وأغصان خضراء ،
محاولةً بثّ أجواء رومانسية مريحة في المساحة الصغيرة
المقاعد رُتّبت في صفّين متقابلين—العروسان في جهة،
والعاقد في الجهة الأخرى
لمح وين دي كتيّب مُتقن الصنع بجانبه ،
على الأرجح يحوي عبارات العهد والوعود
وفوقه وردة ورقية
مال إلى النافذة ، يراقب المشهد
المروحية تعلو فوق شوارع المدينة المتشابكة ،
ثم تجاوزت آخر المنازل ليروا الأفق فجأة
تحتهم اندفع ماء سد هوفر،
مزمجرًا وهو يتدفّق عبر نهر كولورادو،
مكوّنًا زبدًا أبيض متلاطمًا
وفي المسافة ، امتدّ الأخدود العظيم ' الغراند كانيون '
بتصدّعاته الهائلة ،
كأنه شروخٌ غائرة في جسد الأرض
منحدراته المتراكبة طبقةً فوق طبقةٍ رسمت تاريخ
جيولوجي يمتد لمئات آلاف السنين، بينما تردّد صدى النهر
العاصف بين جنبات الوادي
وصل صوت الطيّار من المقدّمة إلى المقصورة :
“ لقد وصلنا "
حلّقت المروحية فوق السدّ ، فابتسم العاقد ،
التقط الكتيّب ، وبدأ المراسم
رأس وين دي لا يزال يطنّ
كان العاقد يتحدّث عن ' قوة الحب ' و ' رفقة العمر '
و ' معنى الحياة '
فهم وين دي الكلمات كلمةً كلمة ، لكنه لم يستوعب معناها العميق ( العاقد يتكلم الانجليزية )
ثم طلب العاقد منهما تبادل عهود الزواج
نظر وين دي إلى الرجل
قال بيان تشنغ بجدّية :
“ سأعيد إليك السبعمئة دولار حتمًا "
فقاطعه وين دي مصحّحًا:
“ والهاتف أيضًا ”
كانا يتحدثان بالصينية ، بينما ظلّ العاقد مبتسمًا ،
ثم طلب منهما تبادل الخواتم
عندها ، نظر بيان تشنغ إلى وين دي
فأشار وين دي إلى الوردة الورقية الموضوعة على الكتيّب وسأله :
“ هل يمكن أن نستخدم هذه ؟”
أومأ العاقد موافقًا
التقط وين دي الوردة الورقية ، فكّ بتلاتها ،
طواها في شريط ، ثم ثنّاه على شكل دائرة وقدّمه لـ بيان تشنغ
وعندما ألبسه إياه، انتبه وين دي فجأة إلى جمال يدي الرجل
قال العاقد :
“ أُعلِنُكما الآن زوجًا و زوجًا "
قبل أن يستوعب وين دي وقع الكلمات ،
كان بيان تشنغ قد مال نحوه وقبّله
لم تكن قبلة عاصفة ، بل رقيقة كجريان جدولٍ صافٍ
ومع ذلك ، ارتجف وين دي قليلًا ، ربما بسبب اهتزاز المروحية
ابتعد بيان تشنغ قليلًا ، و أشعة الشمس تتدفّق من النافذة خلفه ،
لترسم هالة ساطعة حوله ، فبدا متألّقًا على نحوٍ خاص ،
نظر إليه وابتسم ببطء :
“ زفاف سعيد "
حدّق وين دي فيه، وصدره يضجّ بضجيجٍ أعلى من هدير
المحرّكات وصفير الرياح في الوادي
بلاد غريبة ، حانة ، سرقة ، كازينو ، زفاف — كم من أحداثٍ
غير متوقّعة ومجنونة جرت في هذا اليوم ،
لكن لا شيء منها يوازي هذه اللحظة ،
هذه الابتسامة فقط …..
الأدرينالين والهرمونات أوشكَا أن يُغرقاه ،
وعقله يعدو بجموح كحصانٍ منفلت
كان في حاجة ماسّة لشيء يسكّن اضطرابه
من شدّة نشوته شعر برغبة في أن يلقي بنفسه في هوّة الوادي السحيق
ربما كان الفرح الأقصى يُشبه أيضًا شعور السقوط وانعدام الوزن
أخرج العاقد زجاجة شمبانيا وكأسين قد أعدّهما تحت المقعد ، وقدّمهما لهما
خطف وين دي الزجاجة والكأس وشربه حتى آخر قطرة
{ نعم، هذا ما أحتاجه — الكحول }
كان بيان تشنغ يهمّ بمشاركته النخب،
لكن يده الممسكة بالكأس توقّفت في الهواء
وحين لاحظ وين دي ذلك، ملأ كأسًا آخر ، مال نحوه برفق،
وقرع كأسه بكأس بيان تشنغ
الرنين الصافي ضاع وسط عواء رياح الوادي
بيان تشنغ :
“ اشرب على مهل ، إن تقيّأت في المروحية…”
لكن قبل أن يُكمل عبارته ، كان وين دي قد شرب الكأس دفعةً واحدة
حاول بيان تشنغ أن يأخذ الزجاجة منه،
لكن وين دي عانقها إلى صدره مازحًا :
“ لا تشغل بالك بي "
تردّد بيان تشنغ لحظة ، ثم سحب يده
بدأت المروحية رحلتها عائدة ،
تاركين خلفهم مياه نهر كولورادو
نظر بيان تشنغ إليه وقال :
“ ألن تصرخ قليلًا ؟”
رفع وين دي حاجبًا
: “ إنه المكان المثالي للصراخ ،” أشار بيان تشنغ إلى الوادي
السحيق أسفلهم : “ أما زلت لا تريد أن تطلق بضع شتائم أخرى ؟”
ألقى وين دي نظرة إلى الأسفل ،
حيث الماء المتلألئ يتلوّى بين المنحدرات ، ثم قال:
“ لا ….” ومدّ يده إلى الزجاجة ليشرب منها مباشرةً :
“ أنا سعيد جدًّا الآن "
لكن الكحول لم يمنحه الخَدَر الذي كان يتوقّعه —
بل دفع عقله الهارب إلى نوعٍ آخر من الجنون
بدأ دمه المتسارع يخفت شيئًا فشيئًا ، ودقّات قلبه تهدأ ،
لكن هذا الهدوء العابر بدا أشبه ببحرٍ ساكن يختزن تياراتٍ
خفيّة تحت السطح ،
مستعدّة لإطلاق أمواجٍ هائلة في اللحظة المناسبة
عادت المروحية إلى سطح الفندق ،
فمدّ وين دي يده ليثبّت شعره المبعثر بالهواء ،
وعيناه على بيان تشنغ ،
شعر أنّ العاصفة في داخله تزداد عنفًا
تأمّله بيان تشنغ بعمق وسأل :
“هل… نُتَمّم زواجنا ؟” ( بالإنجليزية ) ( جنس )
كان يمسك بين أصابعه ورقتي نقد بالكاد تكفيان لأجرة التاكسي
خطفهما وين دي منه وقال بحزم :
“ طبعًا "
أوقفا سيارة أجرة في الشارع الرئيسي ، وأعطيا السائق اسم الفندق
جلسا متجاورَين في المقعد الخلفي،
تفصل بينهما مسافة ضئيلة،
لكن يد وين دي المسترخية بجانب فخذه ، لامس بخنصره
ظهر كف بيان تشنغ بخفة
تلك اللمسة الطفيفة كانت كشرارة كهربائية ،
جعلت مكان صغير من جلده يرتعش بلا توقف ،
كان يشعر وكأنه سيشتعل نارًا
لم يجرؤ على النظر إلى وجه الرجل ،
أبقى عينيه مثبتتين على النافذة
لكن حين انعطفت السيارة في أحد الشوارع ، أمسك فجأة على يد الرجل
قال للسائق :
“ توقّف هنا "
{ تبيّن أن مسكني يقع في الطريق نفسه المؤدي إلى فندق الرجل ….
يا للصدفة — ولحسن الحظ ... لو انتظرنا أكثر ،
ربما ما كنت لأحتمل .. }
لم يطرح بيان تشنغ أي سؤال
اكتفى بفتح الباب ، وخرج بعد وين دي ،
وظل ممسكًا بيده بإحكام طوال الطريق
المصعد بطيئًا على نحوٍ قاتل ،
كأنه يحتاج عشرة آلاف سنة ليبلغ الطابق الخامس
كاد وين دي يظن أنه سيموت من الترقب
تعثّرا إلى داخل الغرفة
أدخل البطاقة في القفل ،
وما إن استدار حتى حاصر عنق الرجل بذراعيه
تقدّم بيان تشنغ خطوة ، ضغطه على الحائط ،
وبدأ يقبّله بلهفة
تسللت يدا وين دي تحت قميصه ، دافعًا إياه للأعلى ،
كاشفًا عن خطوط عضلات مشدودة
وحين وصل القميص عند كتفيه ،
افترقا قليلًا لالتقاط أنفاسهما
لامست أنفاس بيان تشنغ جبين وين دي وهو يقول:
“ بعد كل ما شربته … هل ما زلت قادرًا ؟”
أصابع وين دي على صدره القوي
لم يكن بجسده ذرة دهون ، مجرد صلابة نابضة تحت كل نفس يتردّد
مرّر أصابعه على امتداد صدره ، ثم حاصر خصره قائلًا بابتسامة :
“ مع هذا المنظر… يمكنني في أي وقت "
رغم أنّ الوقت كان ظهيرة ،
إلا أنّ ستائر النوافذ الممتدة أُسدلت بإحكام ،
فغرق المكان في عتمة هادئة ،
لا يظهر منه سوى خيوط باهتة ترسم ملامح الأثاث ،
بيان تشنغ بنبرة منخفضة :
“ إلى السرير "
انتزع وين دي ملابسه ، ممسكًا بيد الرجل ،
يتراجع خطوه بعد خطوة إلى الغرفة الجانبية
قال مبتسمًا:
“ هذا جناحٌ استأجره زميلي . فيه غرفتان .”
نظر بيان تشنغ إلى الغرفة الأخرى بنظرة عابرة ،
لكن وين دي سحبه مجدداً ، ملتصقًا بشفتيه :
“ لا أحد هناك . هو مشغول الآن مع ذلك الإسكندنافي .”
انحنى الرجل ليقبّله مجددًا ، وأغلق الباب خلفهما باندفاع
ما تلا ذلك كان فوضى عارمة من الجنون،
ذكريات متداخلة عن غلافٍ ممزّق،
ألمٍ خافت،
إيقاعات عنيفة، قبلات لا تُحصى
امتزجت الكحول بالجسد وبإرهاق أكثر من ثلاثين ساعة بلا
نوم— و غرق وين دي في سبات
في أعماق الظلام —— ،
بدأ وعيه يتأرجح بين الغياب والعودة
تسللت أشعة القمر عبر النافذة ،
وظلال المصباح الجانبي تقصر وتطول كأنها أنفاس الليل
وفجأة ، هزّه أحدهم بقوة ،
بعثر نومه إلى شظايا
وعيه مثل عوامة تدفعها الأمواج ؛ يغرق ويطفو ،
حتى بلغ أخيرًا السطح حيث لا مفر من الاستيقاظ
لوّح وين دي بذراعه بضجر ، مغلقاً عينيه بقوة وهو يصرخ:
“ كفّ عن إزعاجي !”
جاءه صوت مألوف ، ضجر وحانق :
“ تصرخ عليّ ؟ مع من كنتَ أمس ؟
لم ترد حتى على مكالماتي !
بحثت عنك في كل مكان ، كدت أجن !
لو لم تظهر لكنت اتصلت بالشرطة !”
تمتم وين دي وهو يتقلّب ،
فإذا بموجة من الألم تداهمه من أسفل خصره ، فتأوّه:
“ اليوم أي يوم ؟”
ألقى جيانغ نانزي نظرة على هاتفه وقال:
“ السابع… أليس كذلك ؟”
اتسعت عينا وين دي فجأة :
“ السابع ؟! أليس أمس السادس ؟!”
: “ ما هذا الهراء ؟” ربت جيانغ نانزي على كتفه بانفعال :
“ انهض! لدينا رحلة !
أم أنك قررت الانسحاب من الجامعة ؟”
مسح وين دي وجهه بيديه ، عابسًا في ارتباك
ما يزال مذهولًا من الصدمة ؛ ذاكرته الواضحة توقفت عند
ركوب الطائرة إلى لاس فيغاس
بعد ذلك صار كل شيء متشابكًا ، ككرة خيوط معقدة
{ بدا وكأنني دخلت حانة ؟ كأنني قابلت أحد ؟ }
قال جيانغ نانزي وهو يرفع حاجبيه :
“ بالمناسبة ، كيف كان ذلك الوسيم الذي ارتبطت به الليلة الماضية ؟
كيف أداؤه ؟ جيد ؟”
حدّق وين دي فيه بذهول :
“ وسيم ؟ أي وسيم ؟”
: “ ذاك الرجل الذي قابلناه في الحانة ….” اتجهت نظرات
جيانغ نانزي نحو الغلاف الفضي الملقى على الطاولة الجانبية ( واقي ) ، فشهق بدهشة:
“ اللعنة ! هل ظللتم تفعلانها يومًا وليلة كاملة ؟
في شقته ، ثم عندي ؟! تعرف حقًا كيف تستمتع .”
جلس وين دي باستقامة ، شعر وكأن شيئًا صلبًا ضرب رأسه،
بينما عضلاته وعظامه جميعًا تصرخ من الألم
رأى جيانغ نانزي واقفًا عاقداً ذراعيه ، يحدق فيه بعينين مليئتين بالفضول والتهكم
أنزل وين دب عينيه إلى جسده ، فتأوه من الألم وسحب البطانية إلى الأعلى بسرعة
وبعد لحظة، ألقى نظرة خاطفة ، فانعقد حاجباه:
“ أين ملابسي ؟”
نقر جيانغ نانزي بلسانه وهزّ رأسه،
ثم ذهب إلى غرفة المعيشة،
والتقط ثياب وين دي الملقاة على الأرض وألقاها له
تثاقل وين دي في التقاطها ، لامس القماش بيده يبحث ،
وفجأة انحبس نفسه
قفز مرتديًا ملابسه التي ما زالت تفوح منها رائحة الكحول ،
متجاهلًا الأوجاع التي تنهش جسده ،
وركض حافيًا إلى غرفة المعيشة
بدأ يقلب بعنف أسفل وسائد الأريكة ، ثم رفع السجادة ،
وحرّك المصباح ، وبدأ يفتش بجنون في الأرض
وقف جيانغ نانزي متكئًا على الباب حائرًا:
“ ماذا الآن ؟”
توقف وين دي ببطء عن الحركة ، اعتدل واقفًا ،
وعيناه متسعتان بذهول :
“ المال…”
: “ ماذا ؟”
صرخ وين دي : “ مالي اختفى !
لابد أنّ ذلك الرجل من الحانة هو من سرقني !
لقد تعرضت للسرقة !”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق