القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch39 | ALFKR

 Ch39 | ALFKR



أوقف تشاو شينغهي السيارة بجانب مطعم في شارع بوُيي.

كانت النوافذ الزجاجية تمتد من الأرض إلى السقف، تطل 

على البحر الليلي، والإنارة ناعمة وخافتة


لم يكن المكان يوحي بأنه مخصص للترفيه التجاري


لكن مجددًا، لم يكن هناك سوى اثنين فقط —

لا فريق، لا مأدبة رسمية، 

لا كؤوس كحول تُرفع بدافع المجاملة


اصطحاب عميل إلى هذا المكان كان سيكون غريبًا… لو كان فعلاً مجرد 'عميل'


كان المطعم صغيرًا وقليل الروّاد، 

لكنه راقٍ في أجوائه


الطاولات المربعة لم تكن كبيرة ،

وعليها شموع تضيف لمسة دفء —

جو حميمي، مناسب لأحاديث ودّية


جلسا متقابلَين،

وانثنت ساقا تشاو شينغهي الطويلتان بطبيعية أسفل الطاولة

ورغم أن ساقيهما لم تتلامسا،

إلا أن تشين وان شعر وكأنه محاصر بينهما،

كما لو أن المساحة الضيقة تحت الطاولة قد قيدته

لم يجرؤ على الحركة


أما الطرف المقابل ، فبقي غير مبالٍ تمامًا، هادئًا كما عهد


كانت مشكلته في داخله هو —

ذنب لا مبرر له، وأفكار خائنة تجعله حساسًا أكثر من اللازم


هدّأ تشين وان من خفقات قلبه،

وأدار رأسه لينظر إلى البحر الليلي

لكن في انعكاس الزجاج،

رأى عينين عميقتين وساكنتين —

مظلمتين، ثابتتين، لا تُسبران


توقف قلبه للحظة ….


{ ليس أسد


تشاو شينغهي —

ذئب }


رفع ' الألفا ' كأسه بأسلوب أنيق :

“ نخب التعاون الناجح .”


بادلته تشين وان الكأس ، مثالًا في اللباقة :

“ نخب التعاون الناجح .”



وبعد أن قُدمت الأطباق ، بدآ يتناولان الطعام ،

وانساب الحديث بينهما بسهولة ،

ليتشكّل جو أكثر راحة وألفة


لم تكن العلاقة بينهما قريبة بما يكفي ليتحدثا عن كل شيء،

لكن تشين وان كان بارعًا في الحفاظ على سلاسة الحديث،

لا يترك له فرصة للسقوط


وكعادته، كان تشاو شينغهي يُصغي أكثر مما يتحدث


ومع ذلك، فإن طرقه المعتادة في المفاوضات —

التلميحات الدقيقة، والأسلوب الإقناعي المموّه —

لم تجدِي نفعًا هذه المرة


تشين وان بدا ودودًا ومتفاعلًا،

لكنه نادرًا بادر بالكلام عن نفسه


لم يذكر اهتماماته، ولا تفاصيل حياته اليومية، ولا تفضيلاته الشخصية،

ولم يحاول التطفل على حياة تشاو شينغهي أيضًا


كانت مساهماته في الحديث محصورة في التصريحات العامة،

عبارات التمنيات الطيبة،

ورؤى متفائلة لمستقبل المشروع


“…”


أبدى تشاو شينغهي اهتمامه،

وتناول الحديث عن الخطوات القادمة،

وتبادلا وجهات النظر حول سير المشروع


كان ضوء الشموع المتراقص، وصوت تلاقي الكؤوس، والأفكار غير المنطوقة 

التي غطّتها واجهة اللباقة المهنية —

كل ذلك مضبوطًا بإتقان، لا يترك مجالًا للفراغ



عند انتهاء العشاء، استأذن تشين وان للذهاب إلى دورة المياه


في هذه الأثناء ، تلقى تشاو شينغهي اتصالًا من شين 

تسونغنيان، يطلب لقاءه في دار الشاي


ويبدو أن تان يومينغ كان قريبًا بما يكفي لسماع المكالمة، 

إذ تسربت ضحكاته وصوت أنفاسه عبر الخط


لم يبالِ تشاو شينغهي بتطفله، وأجاب بلهجة حاسمة:

“ لم أنتهِي بعد .”


توقف شين تسونغنيان لحظة، مستغربًا من أن عقدًا لا يُعدّ 

معقدًا استغرق كل هذا الوقت


صحيح أنّها صفقة مهمة بالنسبة لشركة kxيانغ ،

لكن في سياق المشروع ككل ، 

لم تكن سوى ترس صغير ضمن آلة كبيرة


وبوصفه مستثمرًا ، لم يكن مهتمًا بالخوض في التفاصيل الدقيقة ؛

ما دام الأشخاص القائمون على الأمر موثوقين ، فذلك كافٍ بالنسبة له


ربّت على كتف تان يومينغ، منتظرًا ابتعاده، ثم سأل بنبرة هادئة :

“ كيف تسير الأمور ؟”


تشاو شينغهي: “ لست متأكد .”


شين تسونغنيان متأملًا: “ غير محسوم إذن .”


ثم، بعد لحظة صمت ، أضاف تشاو شينغهي:

“ قام بتقشير السلطعون لي مجدداً .”


شين تسونغنيان: “…هذه بحد ذاتها لفتة لافتة .”


بدا على تشاو شينغهي الحيرة فعلًا


ألقى بالمنشفة الساخنة التي كان يمسح بها يديه،

ثم اتكأ إلى الخلف على كرسيه، وسأل بنبرة جادة:

“ هل هو دائمًا هكذا ؟”


لم يعرف تشين وان بعدُ بما يكفي ليحلل تصرفاته ،

أما شين تسونغنيان فقد عرفه منذ زمن طويل


: “ هكذا كيف ؟”


: “ بهذا الشكل.”

{ مطيع ... متعاون …. لا يبدو عليه أي غضب 


هل يتعامل مع الجميع بالطريقة نفسها ؟ }


نادراً ما رأى شين تسونغنيان تشاو شينغهي مهووسًا بشيء على هذا النحو ،

لكنه أجابه بصدق:

“ ليس تمامًا ”


لقد رآه يرفض دعوات غير مناسبة بلطف لكن بحزم


كما رآه يتفادى التلامس الجسدي غير المرغوب فيه بهدوء وحسم


قد يبدو هادئًا ومسالمًا،

لكنه ليس خاضعًا، ولا ضعيف الشخصية

وهذا بالذات ما جعل تان يومينغ يكن له الاحترام


تشاو شينغهي : “ فهمت .”


وكان من السهل ملاحظة نبرة الرضا الخفي في صوته


لكن شين تسونغنيان لم يترك له المجال ليغتر، وأردف:

“ أو ربما يخشاك . ثم لا تنسى ….

أنت عميله الآن .”


صمت تشاو شينغهي للحظة ،

وتذكّر ما قاله تشين وان لـ سونغ تشينغمياو في معبد جينغليان


واصل شن تسونغنيان حديثه دون رحمة :

“ ألست قلقًا من احتمال أنه لا يكنّ لك شيئًا ؟”


أجاب تشاو شينغهي بدقته المعهودة:

“ ولا أنا أيضًا ”


رغم الشائعات في محيطهم التي تقول إنه لا يملك ميولًا 

واضحة من ناحية الجنس،

فإن تشاو شينغهي نفسه لم يكن على يقين تام


لقد كانت حياته كلها تدور حول العمل،

دون أن يترك مجالًا لهذه الأمور


سكت شين تسونغنيان قليلًا ، ثم قال بنبرة نادرة من الصدق :

“ إن لم يكن مهتمًا بك حقًّا… فلا تعبث بالأمر ”


فكر تشاو شينغهي في الأمر بجدية ، ثم رد بأدب:

“ لا أظن أن ذلك وارد ”


“…”


استرجع شين تسونغنيان بعضًا من ميول صديقه غير التقليدية ،

ثم وجّه له تحذيرًا وديًا :

“ هو ليس شخصًا عاديًا . 

تان يومينغ وتشو تشي شوان لن يسمحوا لك بفعل ما يحلو لك "


لكن تشاو شينغهي لم يكن يومًا منشغلًا بمثل هذه التفاصيل

فأجاب بنبرة ودودة مماثلة:

“ إذن عليه أن يكون راغبًا ”


“…”



بعد العشاء ، لم يكن لدى تشين وان أي نية للسماح 

لعميله المرتقب بإيصاله إلى المنزل


كان على وشك الاتصال بسائقه حين بادره تشاو شينغهي بالسؤال:


“ مستعجل على الذهاب ؟”


ظن تشين وان أنه يرغب في مناقشة تفاصيل المشروع، فرد بهدوء:

“ ليس تمامًا .”


قال تشاو شينغهي:

“ هل تود أن نتمشى قليلًا ؟ 

ما زلت مدينًا لك بهدية، أليس كذلك ؟”


شعر تشين وان بالدهشة للحظة


{ لقد تذكّر ….. كان يتذكّر دومًا 


لكنني ظننت أن تشاو شينغهي نسي الأمر }


: “ لنذهب إلى متجر سوجو 

أو إن كان هناك مكان آخر في بالك، فبإمكاننا الذهاب إليه .”


هزّ تشين وان رأسه

أي مكان يفي بالغرض ، لكنه عبّر عن قلقه قليلًا:

“ هل من الآمن أن تخرج هكذا ؟”


فرغم أن الأمن العام في الصين أفضل بلا شك من الخارج،

إلا أن وضع تشاو شينغهي الخاص جعله حذرًا


لم يكن قد نسي بعد تقارير إطلاق النار التي تعرّض له 

شينغهي في إيطاليا قبل سنوات


رمقه تشاو شينغهي بنظرة ، وابتسم بخفة

ثم لوّح بمفاتيح السيارة في يده وتقدّم نحو الخارج:

“ لن يتعرّف عليّ أحد .”


بهذه البساطة ، اقتنع تشين وان بابتسامته —

أو بالأحرى ، ارتبك بسببها


في طريق الذهاب ، كان منشغلًا باندفاعه وتوتره


لكن بعد مضيّ بعض الوقت، لاحظ فجأة أن تشاو شينغهي 

يقود ببراعة بالغة، وإن كانت عدوانية نوعًا ما


ربما لأنه كان قلقًا من إغلاق المجمع التجاري فقد كانت قيادته… شرسة


التسارع، والمناورات، وتجاوز السيارات—

كلها بدت مألوفة بشكل غريب


لكن تشين وان لم يستطع تذكّر أين رأى ذلك من قبل


منطقيًا، لم يسبق له أن رأى تشاو شينغهي يقود،

فضلًا عن أنه لم يركب معه يومًا


عند توقف السيارة عند إشارة حمراء، 

نقر تشاو شينغهي بأصابعه على عجلة القيادة، 

ثم التفت إليه وسأله :

“ هل أقود بسرعة زائدة ؟”


استفاق تشين وان من شروده ، وابتسم نافيًا


نظر تشاو شينغهي إلى شفتيه المبتسمة لثانيتين،

ثم حوّل بصره جانبًا

مدّ يده نحو زجاجة ماء ،

لكن الإشارة انقلبت خضراء في اللحظة ذاتها


قال تشين وان على الفور :

“ دعني أحملها لك .”


سلّم تشاو شينغهي الزجاجة إليه، 

ومع انسياب السيارة نحو طريق أوسع، 

لفّ تشين وان الغطاء ومرّر الزجاجة إليه مرة أخرى


أمسك الزجاجة منخفضًا عمدًا، تاركًا مساحة كافية 

ليستطيع تشاو شينغهي الإمساك بها — كانت لفتة مدروسة


ومع ذلك، ربما بسبب تركيز تشاو شينغهي على القيادة، لامست أيديهما بعضهما


كانت يداهما ليد رجل يتعامل مع الأسلحة — متصلبتان، 

بمفاصل بارزة، عريضتان وقويتان


لحظة ملامسة أصابعهما لظهر يد تشين وان، 

انتشر دفء هائل في الجلد، 

كالنار يزحف صعودًا في ذراعه وحتى في ذهنه


لكن تشاو شينغهي سحب يده سريعًا


لم تدم تلك الملامسة سوى جزءًا من الثانية


سواء لم يلحظ الأمر أو لم يكترث، شرب رشفة من الماء وقال بطبيعية :

“ شكرًا .”


أجاب تشين وان بنفس الهدوء:

“عفواً ”


حتى في وقت متأخر من الليل ، 

كانت متاجر السوق الحرة والبوتيكات في تايمز سكوير لا تزال تعج بالسياح


لكن داخل متجر التجزئة ، بدأ الزحام يقل قليلًا


عبر عرض ساعات ، لفت انتباه تشين وان فورًا ساعة معينة


{ إنها تناسب تشاو شينغهي تمامًا — دقيقة وأنيقة }


قرص يُظهر مراحل القمر، 

يرتاح أمام يديه الحادّتين، يمكن أن يصبح حلمه المفضل الجديد بسهولة 


كاد تشين وان أن يقول ' انسَى فكرة إهدائي هدية — ماذا 

لو تركتني أشتري لك واحدة بدلًا من ذلك ؟ ' 


لكنه اكتفى بالتفكير في الأمر ، وقرر أن يشتري الساعة سرًّا لاحقًا


تبع تشاو شينغهي نظره، وألقى نظرة على العرض، مع تعبير صار أكثر تعقيدًا


كانت تلك الساعة بوضوح من نفس المجموعة التي ينتمي 

إليها أزرار الكم من سلسلة وو جي الذي اشتراه في المرة السابقة


تقدم أمام تشين وان، مما حال دون رؤيته لطاولة العرض


نظر تشين وان إلى الأعلى


ميل برأس تشاو شينغهي قليلًا، وقال:

“ هيا نذهب لنرى هناك .”


تجولا في المتجر ، يمشيان لا قريبًا جدًا ولا بعيدًا


نادراً تسوّق تشين وان برفقة أحد


لكن تشاو شينغهي كان يتفقد المعروضات بتركيز كبير ، 

كأن اختيار هدية لـ تشين وان مهمة مهمة


قال:

“ تعال هنا .”


اقترب تشين وان : “ سيد تشاو هل تنوي إهدائي أزرار كم؟”


رفع تشاو شينغهي حاجبه قليلًا:

“ يمكنك أنت أن تهديها لي، لكن لا أستطيع أن أهديها لك؟”


“…”


ضحك تشين وان :  “ بالطبع لا ”


ومع ذلك، لم يستطع كبح تساؤله — { هل لا يزال تشاو 

شينغهي متعلقًا بتلك الأزرار التي سبق واشتريتها ؟ }


خفض نظره ، وفحص المجموعة بعناية ، ثم أشار إلى طقم منها:

“ هذا جميل .”


أخرج البائع الأزرار ليجرباها


قال تشاو شينغهي:

“ أعطني إياها .”


تردد تشين وان قليلًا


ظل البائع مبتسمًا ، ومرّر الأزرار إلى تشاو شينغهي


: “ تشين وان ….

يدك .”


ظل تعبير وجهه هادئًا ، وحركاته مهذبة بالكامل — خالية من أي تلميحات


رفع تشين وان ذراعه بتوتر


مال تشاو شينغهي قليلًا إلى الأمام، مائلًا رأسه، 

وهو يربط أزرار الكمّ له بتركيز هادئ


لامست أصابعه الأوردة الزرقاء الدقيقة على معصم تشين وان


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي