Ch41 | DJPWNK
بدأت السماء تزداد قتامة قليلاً ،
ومع اقتراب عيد منتصف الخريف ،
بدأت أزهار الأوسمانثوس الذهبية تخرج من بين الأغصان،
لينتشر في أرجاء جيهوا عبير زهري حلو
بعد أن ترقّى الطبيب يو سانغ إلى طبيب مُقيم ،
انتقل إلى المكتب رقم اثنين وجلس بجوار جيانغ شو
عاد بعد أن أنهى ترتيب مكتبه السابق وتمدد قليلًا ،
ليلحظ فجأة أن مقعد شين فانغ يو فارغ ،
بينما جيانغ شو ما زال موجود
كان يعرف أن هذين الاثنين يغادران في الغالب واحداً بعد الآخر ،
فبينما يسارع الآخرون إلى الانصراف ،
كان هذان الشخصان يخشيان أن تكون ساعات عملهما أقل
من ساعات عمل الآخر ،
وكأن بينهما اتفاقاً غير معلن ' إن لم تغادر أنت ،
فلن أغادر أنا '
فسأله بفضول :
“ أخ شو لماذا غادر شين فانغ يو مبكراً اليوم ؟”
كان جيانغ شو في العادة لا يسمع الأحاديث الجانبية حين
يركز في عمله ،
لكن لا يُعرف أي كلمة من كلمات يو سانغ قد لامست
أعصابه اليوم ، حتى إنه أجابه فعلاً :
“ ذهب ليطبخ "
يو سانغ —- الذي لم يتوقع رد أصلا : “هاه؟”
ألقى جيانغ شو نظرة على ساعة المكتب
{ لقد غادر شين فانغ يو منذ ساعة وثمانيٍ وأربعين دقيقة }
يو سانغ : “ كيف عرفتَ أنه ذهب ليطبخ ؟”
: “ خمنت .” أجابه جيانغ شو ببرود ، ثم نظر إلى الساعة مجدداً
{ ساعة وتسع وأربعون دقيقة }
قال يو سانغ وهو يفكر في كلامه : “ قد يكون الأمر صحيحاً،
فهو عادةً يتناول طعامه في المستشفى ،
لكن بما أنه غادر قبل العشاء اليوم ، فربما فعلاً عاد ليطبخ ”
ثم شعر بالجوع : “ هل تريد أن نتعشى معاً ، أخ شو؟
يوجد مطعم سيتشوان افتتح للتو أمام المستشفى ،
جربته شياو تينغ ونصحت به.”
( مطاعم سيتشوان تقدم أطباق المطبخ السيتشواني،
وهو مطبخ صيني من مقاطعة سيتشوان يتميز بنكهات
قوية، ويكثر فيه استخدام الفلفل الأحمر والثوم.)
توقف قلم جيانغ شو عن الحركة: “ أنا…”
: “ هل أكلت ؟”
: “ لا "
: “ إذن هيا بنا ،
فأنت تحب طعام سيتشوان أكثر من أي شيء !”
عضَّ جيانغ شو شفتيه ، و هاتفه ما يزال مفتوح على نافذة
المحادثة مع شين فانغ يو
وآخر ما فيها كان تذكير شين فانغ يو له بأن يعود مبكراً
ليتناول العشاء ،
وقد ردَّ عليه بجملة : [ لا أستطيع، لدي عمل ]
{ شعور غريب …… لقد رفضت دعوة شين فانغ يو بأدب ،
فلماذا أشعر بالارتباك الآن ؟ }
أغلق هاتفه ، وخلع معطفه الأبيض ،
وارتدى معطف طويل ،
ثم تبع يو سانغ إلى المطعم الذي وصفه بالممتاز
—————————————
المطعم جديد ،
وقائمته وزينته كلها باللون الأحمر ،
والفلفل الأحمر اللامع بدا شهياً للغاية ،
لكن جيانغ شو شعر بأن الطعام بلا مذاق ،
ومع ذلك كان هناك إحساس غريب في قلبه ، أشبه بالقلق
أما يو سانغ فكان يأكل بحماس حتى احمرّت شفتاه وابتلت بالزيت
عندها وضع جيانغ شو عيدانه جانباً،
واستدعى النادل وأشار إلى وجبة فردية في القائمة:
“ من فضلك ، ضع مثلها في علبة للطلب الخارجي .”
استغرب يو سانغ: “ لماذا تطلب طعاماً معبأً ؟
هل هو لشخص في المنزل ؟”
أجاب جيانغ شو بلامبالاة : "همم"،
فظهرت على وجه يو سانغ فورًا ملامح الفضول والثرثرة،
وقال: "اوووه .. إذاً يا أخ شو .. منذ متى بدأتَ تُخفي جين وو زانغ جياو ؟"
( جين وو زانغ جياو : تعبير يعني إخفاء عشيقة )
جيانغ شو —- الذي يعرف أنّ يو سانغ شخص فضولي
بطبعه ، سارع بالمراوغة : " إنه أخي"
: " ألستَ وحيد والديك ؟"
: " إنه ابن عم بعيد من مسقط رأسي"
: " إذن ادعوه ليتناول الطعام هنا،
فالطبق سيكون قد برد حينما تحمله إلى المنزل "
تخيل يو سانغ في ذهنه أخًا أكبر بسيطًا ومجتهدًا يعمل بالزراعة ،
ثم تابع لجيانغ : " لقد قطع كل هذه المسافة ليراك ،
فكيف تدعه يأكل طعامًا باردًا ؟"
ألقى جيانغ شو نظرة معقدة على يو سانغ ،
وفكّر أنه حتى لو لم يكن هناك فرن مايكروويف في المنزل ،
فإطعام شين فانغ يو طعامًا باردًا يبقى أفضل من إطعامه
السمّ الذي يطبخه بنفسه
{ ما أخذه معي لن يكون طعام ، بل كأنه فحم في الشتاء ! }
ربما نتيجة معاشرته الطويلة لشين فانغ يو — بدأ جيانغ شو
هو الآخر يختلق الأكاذيب دون تفكير :
" هو معتاد على ذلك وأيضاً لا يحب الخروج"
أصبح تعبير يو سانغ أكثر غرابة؛ فقد تخيّل ذلك الأخ البسيط
الخجول الذي جاء ليزور جيانغ شو، والذي لا يُحسن الكلام،
بينما في الحقيقة ذلك ' الأخ ' هو فراشة جيهوا الاجتماعية
بلسان فصيح كزهرة اللوتس
( اللسان كزهرة اللوتس : تعبير عن الفصاحة والقدرة على الإقناع )
بعد أن افترق جيانغ شو عن يو سانغ حاملاً صندوق الطعام،
ألقى نظرة على هاتفه،
فكانت المحادثة مع شين فانغ يو لا تزال متوقفة عند رسالته الأخيرة
و لم يرسل شين فانغ يو أي رد آخر
وضع الطعام في المقعد المجاور له وقاد سيارته عائدًا إلى المنزل
وعندما أخرج مفتاحه ليفتح الباب،
شعر بشيء من الذنب لا يدري سببه،
لكن هذا الشعور كان يتخمّر داخله منذ لحظة مغادرة شين فانغ يو المكتب
تحسّس جيانغ شو حرارة الطعام ،
وقد قاد أسرع قليلًا اليوم مقارنةً ببقية الأيام ،
شعر أن الطعام لا يزال ساخنًا
كان يتوقع أن شين فانغ يو لن يستطيع تناول ما طبخه
بنفسه، لذا أحضر له هذا العشاء
فتح الباب ،
فلم يجد حركة في المنزل ،
ولم يرَى أحد في غرفة المعيشة ،
فوضع الطعام على طاولة الطعام ،
لكنه سمع صوتًا صادرًا من غرفة المكتب
التفت جيانغ شو —- فرأى شين فانغ يو يفتح باب المكتب ويخرج منه
الطبيب شين —- الذي قد ' تعرّض للتهميش مثل حمامة
تُترك في موعد ' ،
نظر إلى الساعة أمامه ثم أعاد نظره نحو جيانغ شو
( التعرّض للتهميش مثل الحمامة : تعبير يُشبه التخلّي عن
شخص أو تركه ينتظر بلا جدوى )
خفق قلب جيانغ شو فجأة
وقبل أن ينطق بكلمة ، قال شين فانغ يو بنبرة من الدهشة: " لقد عدتَ مبكرًا فعلًا ،
كنتُ أظنك ستختبئ لساعة أخرى على الأقل "
جيانغ شو: "..."
شين فانغ يو : " حسنًا، لا داعي للتفسير … أنا أعرفك "
نظر جيانغ شو إلى طاولة السفرة الفارغة وقال: " أأكلتَ ؟"
: " لا …" ذهب شين فانغ يو إلى المطبخ ، فتح قدر الأرز ،
وملأ وعاءين ،
ثم سخّن الأطباق الجاهزة في الميكروويف ووضعها على
طاولة الطعام الرخامية قائلًا : " كنتُ أنتظرك "
ثم مدّ عيدان الطعام نحو جيانغ وهو يقول : " أنت محظوظ
لأن لديك زميل سكن مثلي "
نظر جيانغ شو إلى عيدان الطعام التي مدّها له بتردّد ،
فأدرك شين فانغ يو الأمر وقال: " لقد أكلتَ بالفعل؟"
توقف جيانغ شو وأخذ عيدان الطعام ،،، وقال: " لا"
: " أوه..." جلس شين فانغ يو بشكل مائل أمامه وقال:
" إذًا جرّبها"
لقد أعد ثلاثة أطباق بالمجموع ،
وُضع في المنتصف طبق من الفلفل الأخضر النمر ،
ولم يكن أسود هذه المرة ، بل أخضر داكن مع خطوط
صفراء مائلة للبني،
وفوقه صلصة الفلفل الحار مع الزنجبيل ،
مما جعله يبدو ملونًا وجذابًا
ومع ذلك، وبحكم التجارب السابقة، لم يجرؤ جيانغ شو على
تحريك عيدانه، فسأل: "هل أنت متأكد أنه صالح للأكل؟"
أسند شين فانغ يو رأسه على إحدى يديه ونظر إليه بتكاسل،
وقال: " تدرّبت كثيرًا أثناء فترة مرضي حتى أتقنت هذا الطبق .
لقد جعت كثيرًا وأنا أنتظرك طوال الليل ، ومع ذلك لا تريد
حتى تذوقه "
كان جيانغ شو ما يزال مترددًا ،
لكن شين فانغ يو ناوله قطعة مباشرة إلى فمه،
وقال بنبرة طبيب أطفال يلاطف طفلاً : " آه——"
لامست الصلصة الدافئة شفتي جيانغ شو
فتردد لحظة ثم فتح فمه مستسلمًا ، وتناول قضمة
كان طعم الصلصة غنيًا ، يجمع بين نكهة الفلفل الأخضر
وقليل من الحدة ،
وكان الطعم متوازنًا تمامًا ، فرفع جيانغ شو عينيه بدهشة
: " هل هو لذيذ؟" أكل شين فانغ يو النصف الباقي على
عيدانه ، ونظر إلى جيانغ شو مبتسمًا
كانت عيناه جميلتين للغاية ، خاصةً عندما يبتسم ،
ومع انحناءة ' دودة القز ' أسفل عينيه تحت بريق النظرة اللطيفة ، بدت ملامحه ودودة أكثر
( انحناءة ' دودة القز ' عيون فانغ الي يتميز فيها )
اشتعل قلب جيانغ شو —— فأنزل عينيه إلى طبق الفلفل
الأخضر ذو اللون والرائحة المثاليين،
وسأل: "أأنت حقًا من أعدّ هذا ؟"
كان يشك في أن شين فانغ يو إما استعان بطاهٍ أو طلبه من الخارج
شين فانغ يو: " إن لم تصدقني، فعُد في المرة القادمة مبكرًا
وشاهدني أعدّه بعينيك.
لا تجعلني أنتظرك مجدداً "
نظر إليه جيانغ شو وسأله: "هل أنت غاضب؟"
ابتسم شين فانغ يو وقال: " الطبيب جيانغ شخص مشغول،
وأنا لا أجرؤ على الغضب"،
ثم مال قليلًا نحوه مضيفًا: " لم أُحسن صنعه في المرة
الماضية ، فمن الطبيعي أن لا تثق بي. سامحتك هذه المرة ،
لكن بما أنني أخرجت كل مهاراتي في الطبخ"، رفع حاجبيه
وتابع : "هل ستعود في الوقت المحدد في المستقبل ؟"
كان الضوء الأصفر الدافئ في منطقة الطعام مثاليًا ،
صُمم ليجعل الأطباق تبدو أكثر إشراقًا وشهية ،
لكنه الآن انعكس في عيني شين فانغ يو المبتسمتين،
فأصبحت أكثر توهجًا
شعر جيانغ شو أن قلبه ، الذي ظل معلقًا طوال المساء ،
قد عاد إلى مكانه فجأة …..
وأصيب بالدهشة حين أدرك أنه يهتم فعلًا بمشاعر شين فانغ يو
وحين رأى أن شين فانغ يو لم يكن منزعجًا من كونه قد تخلّى عنه ،
بل ظل يبتسم أمامه كما اعتاد ،
شعر أن كل الذنب الذي كان يثقل قلبه قد تلاشى
ألقى نظرة على وجبات المطعم الموجودة على الطاولة،
وأحس أنه قد بالغ قليلًا اليوم
كما لاحظ شين فانغ يو نظرته، لكن ملامحه التي كانت
مبتسمة قبل قليل تراجعت فجأة حين وقعت عيناه على
محتويات الطاولة
قال بنبرة متأثرة : "جيانغ شو... لا تجلب لي مثل هذه الإهانة .
هل تظن أن طعامي سيء لدرجة أنك جلبت طعامًا من
مطعم لتشعرني بالفارق في المهارة ؟"
لم يشرح جيانغ شو حسن نيته ،
بل أخذ قطعة أخرى من الفلفل الأخضر ،
وأكلها مع الأرز ، ثم قال بهدوء: " طعام المطعم ليس
بمستوى طعامك"
كان هذا الرد غير المتوقع كليًا كفيلًا بأن يصيب شين فانغ يو
بالذهول وهو يستعد لسكب وابل من الاتهامات
توقّف عقله عن العمل للحظة ،
ولم يستعد وعيه إلا بعد أن رمش عدة مرات
{ جيانغ شو … يمدحني حقًا على طبخي ،
إنه جيانغ شو ؟ ، لا مزيّف ولا متقمص ، بل الحقيقي ،
يمدحني !!! }
شعر شين فانغ يو فجأة وكأنه يخطو على القطن ويطفو في
الهواء، وكان سعيدًا بحق
قال شين فانغ يو وهو يرفع أكمامه بحماس ،
وكأنه حُقن بجرعة طاقة : " ماذا تريد أن تأكل أيضًا ؟
يمكنني أن أتعلم"
ألقى جيانغ شو نظرة عليه ،
ولم يستطع أن يقاوم ، وابتسم و أنزل رأسه بسرعة ليخفيها
والغريب أن أعراض الحمل لديه استمرت طويلًا ،
فلم يكن لديه أي شهية ،
لكن وبشكل غير متوقع ، هذا الطبق البسيط من الفلفل
الأخضر جعله يستعيد شهيته ، ولم يشعر بالغثيان
بل أنهى نصف الطبق دفعة واحدة
لم يفت الأمر على شين فانغ يو، فقد لمح الابتسامة
حدّق في الشامة الصغيرة تحت عينه التي ازدادت جمالًا
بابتسامته ، وقال: " جيانغ شو … تبدو جميلًا حقًا حين تبتسم"
لم يعد جيانغ شو يخفي الأمر ، فرفع رأسه ،
وترك الابتسامة تصل إلى عينيه ،
وقال ممازحًا في لحظة نادرة :
" إذًا أنا لا أبدو جميلًا عندما لا أبتسم ؟"
يتبع

خلاص دلع كلنا ندري انكم واقعين لبعض متى الاعتراف
ردحذف