Ch44 | IOWY
في طريقه عائدًا إلى كلية الفنون في سيارة الأجرة،
تذكّر يانغ شياولي أنه لم يلقِ نظرة على هاتفه منذ أن اتصل
بياو لان باكيًا ، ولا شك أنه أقلق صديقه كثيرًا
وبالفعل ، ما إن فتح تطبيق ويتشات حتى رأى عددًا من
الرسائل المتراكمة في المحادثة مع مومو
و كلها تسأل عن مكانه
أجاب يانغ شياولي معتذرًا بأنه في طريق العودة إلى الجامعة ،
ووعده بأنه سيخبره كل ما حدث هذه الليلة حين يلتقيان
رد عليه يان لان بكلمة واحدة : [ حسنًا ]
بعد أكثر من نصف ساعة ،
توقفت سيارة الأجرة أمام البوابة الجنوبية للجامعة ،
وما إن خرج منها حتى رأى يان لان واقفًا عند المدخل بانتظاره
احتضن باقة الورد التي بيده وركض نحوه قائلًا بحماس:
“ مومو! لقد عدت !”
رأى يان لان أنه بخير ، رغم الانتفاخ الشديد في عينيه ،
فتنفّس الصعداء على مضض
حين وصلا إلى السكن ، شرب يانغ شياولي كوبين كبيرين
من الماء دفعة واحدة، ثم أخرج كيسًا من بسكويت
الحبوب الكاملة وقال :
“ كدت أموت جوعًا في الطريق !”
وبينما يأكل البسكويت ، كان يان لان يحدّق في باقة الورود الجميلة
اقترب يانغ شياولي وجلس إلى جواره وهو ينظر معها إلى الباقة وقال :
“ هذه هي الورود التي كان سيهديها لنانا
لكنني أغضبته كثيرًا فرماها في سلة القمامة .
وأنا… التقطتها، ومعها أيضًا… سوار .”
التفت يان لان إليه ، وحين رأى أنه أنهى طعامه ،
ذهب ليجلب له كيسًا من الثلج ليضعه على عينيه
أسند يانغ شياولي ظهره إلى الدرج المؤدي إلى سريره العلوي ،
ورفع وجهه واضعًا كيس الثلج على عينيه ،
ثم بدأ يسرد على يان لان كل ما حدث الليلة ،
دون أن يخفي شيئ
قال بصوت منخفض :
“ عندما كنت أعتذر ، كنت خائفًا جدًا ،
لدرجة أنني تمنيت الموت ….
كنت مرعوبًا من أن يقول لي شيئًا لا أستطيع تحمّله ،
مثل أن ينعتني بالمقزز أو المنحرف… لكنه لم يقل شيئًا من هذا ،
كان فقط غاضبًا من أنني خدعته وتنكرت في هيئة فتاة
ربما شعر وكأنني كنت ألهو به
لكنني شرحت له بكل وضوح أنني معجب به ،
وأنني لطالما كنت صادقًا في مشاعري .
بعدها بدا وكأنه لم يعد غاضبًا كما في البداية…
برأيك ، هل لدي فرصة ؟”
أسند يانغ شياولي ذقنه إلى الطاولة ،
وعيناه تحدّقان بالسوار الفضي ،
لم يستطع أن يمنع نفسه من التفكير في هذا المشهد
{ حين كان بيان شيانيانغ يهمّ بإهداء باقة الورود وهذا السوار لنانا، يا تُرى، ماذا كان سيقول لها ؟ }
فتح يان لان دفتره وبدأ يكتب :
[ من الطبيعي أن يغضب ، لكن ما حدث بعد ذلك كان مفاجئًا
يبدو أنه لا يمانع كونك شاب ]
قال يانغ شياولي بنبرة فيها شيء من التأكيد ،
وهو يغلق علبة المجوهرات ويعانقها إلى صدره:
“ أليس كذلك ؟ إذًا لم أكن أتوهّم…
طريقة تعامله مع نانا مختلفة تمامًا عن تعامله معي "
كتب يان لان :
[ يمكن تفهّمه ]
تنهد يانغ شياولي تنهيدة ثقيلة :
“ أنا أعلم… لكن نانا هي أنا ،
وهذا التناقض بين الشخصيتين مؤلم أكثر مما ظننت ،
رغم أنني أستحق كل ما حدث .”
كتب يان لان بهدوء:
[ لقد فعلت ما يجب فعله ،
واجهت أخطاءك ولم تهرب ،
وهذه شجاعة لا يملكها الكثير ]
يانغ شياولي بصوت خافت:
“ لكن هذا لا يُغير أنني كنت المخطئ منذ البداية ،
تصرّفت بشكل سيئ ، ولا أستحق أن يحبني أحد .”
كتب يان لان :
[ صحيح أن ما حدث لا يمكن تغييره ،
لكن ما يزال بإمكانك إصلاحه …
يمكنك أن تكفّر عن خطئك
وأنت لست شخصًا لا يستحق الحب ،
بيان شيانيانغ على الأرجح يفكر بالمثل ،
وإلا لما سمح لك بدخول منزله ،
ولما طلب منك أن تطهو له شريحة لحم ]
صمت يانغ شياولي
في داخله لم يكن يشعر بأي قدر كافٍ من الطمأنينة
لا يعرف إن كان لا يزال هناك أمل في أن يلتقي ببيان شيانيانغ مجدداً ،
أو أن يتحدث معه ،
أو هل تكون هذه الليلة آخر مرة تجمع بينهما
كل تلك الأسئلة المجهولة الجواب أثقلت صدره حتى ضاق نفسه ،
وسكنه قلق لا مخرج له ،
ومع ذلك، لم يجد ما يقوله سوى:
“ دعنا نكف عن الحديث عني…
هل اشترى يون تشي الألماسة ؟”
أومأ يان لان برأسه :
[ سيعود غدًا صباحًا ]
تحمّس يانغ شياولي قليلًا وقال:
“ حقًا ؟ رائع ! كم دفع ثمنها ؟
أذكر أن ألماسات بهذا المستوى تباع بالمزادات بأسعار
خيالية أليس كذلك ؟”
هز يان لان رأسه نافيًا:
[ لا أعرف ، شيه يون تشي أخبرني فقط أنه حصل عليها ،
لكنه لم يقل كم دفع ]
أخذ يانغ شياولي هاتفه وبدأ يبحث:
“ انتهى المزاد بالتأكيد ، لا بد أن الخبر نُشر…
آه، وجدته!
يا إلهي، خمسة وخمسون مليون دولار !”
أذهلهم هذا الرقم ،
حتى يان لان الذي بدا عليه الذهول ،
لم يتوقع أن تكون الألماسة الوردية بتلك القيمة الباهظة
{ خمسة وخمسون مليون دولار ؟!
أي ما يعادل ما يقارب أربعة مليارات يوان؟!!!!
لشراء ماسة وردية واحدة ؟! }
يانغ شياولي مذهولًا:
“ الأغنياء مجانين فعلًا…”
وافقه يان لان الرأي ، وظل يومئ برأسه مؤيدًا :
[ أتفق تمامًا ]
ثم قال يانغ شياولي بفضول:
“ طالما أن الألماسة أصبحت ملكًا لشيه يون تشي
فهل تظن أنك ستحظى بفرصة لرؤيتها ؟”
هز يان لان رأسه :
[ شيء بهذه القيمة سيُحتفظ به في مكان آمن بالتأكيد ]
رفع يانغ شياولي حاجبيه :
“ ألست فضوليًّا ؟ ألا ترغب برؤيتها ؟”
أومأ يان لان نافيًا ،
فرغم أن قيمة الصفقة أذهلته حتى شعر بالذهول ،
إلا أنه لم يشعر بأي رغبة لرؤية الألماسة بعينيه ،
فهو لا يرى أن لونها الوردي مهما بلغ جماله يمكن أن
يستحق مبلغًا يقارب أربعة مليارات يوان
———————-
في صباح اليوم التالي ،
أولى محاضرات يان لان ويانغ شياولي تبدأ في التاسعة ،
لذا تمكّنا من الاستمتاع بفطور مريح ،
ولم يكتفيا بالحليب والخبز المعتاد ، بل ذهبا إلى مطعم
الكلية وتناولا وعاءين من نودلز اللحم المُقدَّد والمخلل الساخن
وأثناء إضافة الفلفل إلى طبقه ، علّق يانغ شياولي مبتسمًا:
“ الكربوهيدرات تجلب السعادة !!!!”
ابتسم يان لان بهدوء ، منشغلًا بتقشير بيضة مسلوقة بصمت
يانغ شياولي بينما يتابع فطوره :
“ يبدو أن يون تشي وصل ، أليس كذلك ؟”
أومأ يان لان ، ثم حرّك يديه كما لو أنه يكتب على لوحة مفاتيح ،
مشيرًا إلى أنه ذهب مباشرةً إلى العمل
قال يانغ شياولي متعجبًا :
“ آه~ حقًا متعب رئيسنا .
بالكاد نزل من الطائرة ولم يجد وقتًا ليستريح .”
أومأ يان لان موافقًا
بعد الإفطار ، رتّب الاثنان الطاولة وغادرا إلى قاعتهما الدراسية
وفي استراحة الساعة العاشرة والنصف ،
كان يان لان مستغرقًا في مراجعة الدرس السابق ،
ولم ينتبه إلى النظرات الكثيرة التي تلاحقه من زملائه في الصف ،
حتى عاد يانغ شياولي راكضًا من دورة المياه ،
و ملامح وجهه مزيج من الذهول والفرح
صرخ بحماس :
“ مومو! يا إلهي !”
التفت إليه يان لان باندهاش ،
غير مستوعب سبب انفعاله وهو يراه يركض إليه
قال يانغ شياولي وهو يناوله الهاتف :
“ انظر بسرعة !
هذا فيديو لوصول شيه يون تشي إلى المطار صباح اليوم !”
أخذ يان لان الهاتف مترددًا ، وضغط على زر التشغيل
الفيديو لا يزيد عن دقيقة واحدة ،
وكان واضحًا أنه صُوّر في المطار ،
يظهر فيه شيه يون تشي في منتصف الإطار ، مرتديًا بدلة سوداء أنيقة
استغرب يان لان في البداية سبب أهمية هذا الفيديو ،
إلى أن سمع صوت مراسل يتحدث بسرعة بالغة دون توقف تقريبًا :
“ في مزاد سوذبيز لخريف هذا العام ، الرئيس شيه أنفق
ببذخ 55 مليون دولار أمريكي لشراء ألماسة وردية نادرة تزن 12.56 قيراط
تُرى هل ستُعرض ضمن معرض فينوس السنوي للمجوهرات ؟”
لكن المفاجأة الكبرى لم تكن في السؤال ،
بل في أن شيه يون تشي – الذي لم يسبق له الرد على أي
سؤال صحفي في مناسبات غير رسمية – أجاب —-
قال بوضوح وثقة :
“ لا .. هذه الألماسة اشتريتها من أجل عرض زواج ،
وهي تخص حبيبي يان لان ”
تجمد يان لان في مكانه ، مشدوهًا ،
وعاد بيده يشغّل المقطع مجدداً ليسمع العبارة بوضوح
كلماته لم تصدم يان لان وحده ،
بل أحدثت ضجة هائلة بين الحشود الصحفية حول شيه يون تشي ،
ومع ذلك ، لم يجب شيه يون تشي عن أي سؤال بعد ذلك،
بل غادر صامتًا قاعة الوصول وركب السيارة التي كانت بانتظاره
قال يانغ شياولي بانبهار ، عينيه تتسعان من الدهشة :
“ تلك الألماسة… اشتراها ليطلب يدك !
من البداية كلها كانت من أجلك !”
لكن يان لان ظلّ يحدّق بصمت في وجه شيه يون تشي على شاشة الهاتف،
مذهولًا، لا يظهر عليه أي تعبير
وبعد لحظة، أعاد الهاتف الذي أُغلق تلقائيًا إلى يانغ شياولي
كان رد فعل يان مفاجئًا لـ لي لي ، الذي خفّ حماسه قليلًا وسأله بتردد :
“ماذا بك مومو؟
شيه يون تشي يريد أن يتقدّم لخطبتك ، ألا يسعدك ذلك ؟”
كان شعور يان لان معقدًا إلى حدٍ لم يعد يعرف كيف يتعامل معه
{ طلب شيه يون تشي للزواج مني جعلني بالطبع سعيد …
بل في غاية السعادة ،
لكن… لماذا أنفق كل هذا المبلغ لشراء تلك الألماسة
الوردية من مزاد علني ؟
أنا لم أطلب شيئ من هذا النوع يومًا ….
لم أعبّر أبدًا عن حاجتي إلى شيء ثمين بهذا الشكل !
فلماذا إذن ؟
لماذا أنفق كل هذه الأموال لأجلي ؟
ثلاثمئة وتسعة وثمانون مليون يوان ! }
هذا الرقم الفلكي خيّم على كتفي يان لان كجبل ،
حتى صار من الصعب عليه أن يفرح ببساطة
الأمر أثقل من أن يكون مجرد مفاجأة سعيدة
ثم إنه ليس شيئًا يقدر على تحمّل ثقله – لا معنويًا ولا نفسيًا
لاحظ يانغ شياولي شحوب وجهه، فسأله بقلق :
“ مومو … وجهك يبدو مرهقًا… هل أنت متوعك ؟”
رفع يان لان يده إلى جبهته بإعياء، وهز رأسه،
ثم كتب بهدوء في دفتره :
[ أنا بخير… أحتاج فقط لبعض الوقت لأهدأ ]
ظلّ يانغ شياولي يحدق فيه بعدم فهم، لكنه لم يُلحّ
ردّة فعل يان لان لم تكن فرحًا ولا دهشة ،
بل أقرب إلى الخوف… ولهذا فضّل الصمت
انتهت المحاضرة الصباحية عند الثانية عشرة ظهرًا
وخلال الغداء ، لم يذهب يان لان إلى الكافتيريا ،
بل عاد مباشرةً إلى السكن
أما يانغ شياولي، فقد جلب له وجبة أرز مقلي وهو عائد من المقصف
ولأن يان لان بدا غارقًا في تفكيره ، لم يخبره بما رآه في طريقه
لم يخبره بأن الإنترنت قد انفجر ضجيجًا
حتى عندما مرّ بكافتيريا الجامعة ، كان الناس في ست
طاولات من أصل عشر يناقشون نفس الخبر:
أن شيه يون تشي اشترى الألماسة الوردية ليطلب الزواج من يان لان
قال يانغ شياولي بنبرة فيها أسى :
“ مومو لماذا لا تبدو سعيدًا ؟
هذه… هذه من المفترض أن تكون مناسبة رائعة ”
لكن يان لان، وهو يفتح علبة الطعام البلاستيكية،
لم يكن على وجهه سوى الحيرة والثقل… لا أثر للفرح
تنهّد يانغ شياولي بخفوت ولم يعلّق بعدها
مع نهاية دوامهم ،
سلّم يان لان كتبه الدراسية إلى يانغ شياولي كي يعيدها للسكن ،
بينما هو توجّه إلى منزل عائلة شيه
بعد الخروج من بوابة الجامعة وصعود الحافلة ،
أرسل يان لان رسالة على ويتشات،
يخبره فيها بالوقت التقريبي لوصوله إلى المنزل
ردّ شيه يون تشي بعد بضع دقائق :
[ حسنًا، وسأعود أنا أيضًا مبكرًا اليوم ]
لم يذكر أيٌّ منهما شيئًا عن الألماسة…
ولا عن عرض الزواج
كأن شيئًا لم يكن
عاد شيه يون تشي قبل العشاء بقليل
وكالعادة، ما إن سمع يان لان صوت محرّك السيارة حتى قام
تلقائيًا لاستقباله عند الباب
دخلا معًا إلى المنزل
وبعد أن خلع شيه يون تشي حذاءه ،
أمسك بيد يان لان وصعدا معًا إلى غرفة النوم
وكان أول ما فعله حين دخلا الغرفة هو أن أمسك وجه يان لان بكلتا يديه وقال برقة :
“ مومو ما بك؟ أشعر وكأنك غير سعيد "
حدّق فيه يان لان طويلًا ،
وبينما تذكّر الرقم ٣٫٩٨ مليار ، بدأ يشعر بالدوار مجددًا
لم يكن شيه يون تشي يدرك أن ما يقلق يان لان هو ثمن الألماسة،
فكان لا يزال ممسكًا وجهه، وقد ألصق جبهته بجبهته يتحسّس حرارته ليطمئن،
ثم قال بلطف:
“ هل لم تنم جيدًا ؟ أم أنك فقط مرهق جدًا ؟”
رفع يان لان يده بهدوء وأزاح ذراعه قليلًا ،
ثم أشار بنظرات ثابتة :
" لا أستطيع قبول تلك الألماسة… لا يجب أن تكون لي "
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق