القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch47 | DSYOM

 Ch47 | DSYOM


[ العائلة ] 


منغ تشانغ يي ( جده / والد أمه ) لقد عاش حياة طويلة ومشرّفة …

كان أكاديمياً ، رائداً في مجال الطاقة ، 

وأحد الممهدين للنظام المحلي للطاقة الحرارية ،

تفرّق طلابه في الجامعات على امتداد البلاد ، 

وحتى المسؤولون على مستوى المقاطعات والوزارات كانوا 

يعاملونه بتواضع واحترام


لكن كل ذلك لم يستطع أن يمنع الموت المبكر لابنته 

الوحيدة ، ولا هجمات المرض المتلاحقة عليه


حين دخل بيان تشنغ إلى الجناح ، 

كان منغ تشانغ يي يستند إلى عكاز بجانب النافذة ، 

ممسكاً بسيجارة من نوع ' باوتا شان '


اقترب بيان تشنغ وانتزع السيجارة مباشرةً من يده وأطفأها قائلاً :

“ التدخين ممنوع في الجناح . 

شخصية مرموقة مثلك يجب أن تنتبه إلى تأثيرها .”


تنهد منغ تشانغ يي بأسى وقال :

“ توسلت إلى العجوز تشنغ طويلاً حتى أعطاني إياها سرّاً .”


لم يكن بيان تشنغ قد سمع بهذا الاسم من قبل — 

{ لا بد أنه صديق جديد تعرف عليه منغ تشانغ يي بين المرضى }


بعد لحظة صمت ، تنهد منغ تشانغ يي مجدداً ، 

وانساب من فمه أثر خافت من الدخان :

“ لقد رحل هذا الصباح . 

لا أدري إن كان الآن يدخن في العالم الآخر .”


رمى بيان تشنغ عقب السيجارة في سلة المهملات ، 

ولاحظ أن الأرضية بجواره ، وطاولة السرير ، والخزانة ، كلها 

مكدسة بباقة زهور ، وسلال فواكه، ومنشطات غذائية


و على كل منها اسم المرسل ورسالة [ نتمنى لك الشفاء 

العاجل ] مع أن الجميع يعرف أن ذلك مستحيل


وبينما يرتب سلال الفاكهة ، عثر تحت برتقالة على مجموعة مفاتيح ، 

بدا له شكلها مألوف . فسأل :

“ هل جاء والدي إلى هنا ؟”


أجاب منغ تشانغ يي وهو يلمح المفاتيح :

“ نعم . طبق الفاكهة الموجود في الثلاجة كان قد قشّره بنفسه .”


منذ أن أخبره بيان تشنغ عن زواج والده الثاني ، 

صار منغ تشانغ يي بارداً تجاه صهره ،

ومع ذلك لم يقل حماس بيان هواييوان — فكان يزور 

الجناح كل عدة أيام


بيان تشنغ:

“ حتى المفاتيح لم يأخذها معه . كيف غادر إذن ؟”


أجابه منغ تشانغ يي :

“ ومن يدري ؟ على أية حال معه سائق .”


ساعده بيان تشنغ على العودة إلى السرير ، 

وعدّل إطار السرير ليسنده ، ثم دعم ظهره حتى يتمكن من 

الاستناد ببطء إلى اللوح الخلفي ،

ورغم أن منغ تشانغ يي تمتم قائلاً:

“ البقاء مستلقياً هنا طوال اليوم سيجعلني أعفن "

إلا أنه التزم مكانه بهدوء


تابع :

“ بالأمس طلبت من شياو ليو أن يدفعني إلى الشارع المقابل للمستشفى . 

عندما كنت قادراً على المشي ألست أحب حساء المعكرونة 

بالدجاج من ذاك المطعم ؟”


عبس بيان تشنغ بجبينه :

“ تسللت للخارج مجدداً ؟ 

لِمَ لا تطلب الطعام عبر التوصيل؟”


أجابه منغ تشانغ يه باستياء :

“ سيصبح الحساء متكتل عندما يصل عبر التوصيل !”

ثم تنهد :

“ لكن حين وصلت إلى الباب ، رأيت المحل سيُغلق نهائياً. 

و معلق على الباب إشعار أحمر مكتوب عليه [ هذا المتجر مفتوح حتى اليوم فقط ] ”


جلس بيان تشنغ إلى جوار السرير


تابع منغ تشانغ يي :

“ و في الآونة الأخيرة ، كثيراً ما أحلم بأمك . 

دائماً تشكو بأنها لا تستطيع رؤيتي ، 

تماماً كما كانت تفعل وهي صغيرة .”


بيان تشنغ:

“ لا تقل هراء .”


ابتسم منغ تشانغ يي بأسى :

“ مع كل هذه العلامات… سيكون من الوقاحة ألا أموت "


قال بيان تشنغ بحدة :

“ توقف عن قول مثل هذه الكلمات المشؤومة .”


رد منغ تشانغ يي  :

“ أي نوع من الخرافات الشعبية هذه تتفوه بها أمام أكاديمي ؟”

ثم أمسك بيد بيان تشنغ وهزّها قليلاً ، وفجأة ابتسم وقال:

“ لماذا تبدو أكثر كآبة مني ؟”


بيان تشنغ { ربما لأنني سمعت الكثير عن الموت مؤخراً }


منغ تشانغ يي :

“ لا تطل وجهك الكئيب هكذا . عندما تصل إلى مثل عمري، 

ستجد أن بعض الندم لا يُعوَّض إلا بالموت .”


تفاجأ بيان تشنغ من هذا القول :

“ أي ندم يمكن أن يكون لديك أنت ؟”


ابتسم منغ تشانغ يي ابتسامة باهتة :

“ بالطبع… أمك "


استعاد بيان تشنغ ذكريات حديث والدته عن طفولتها ، وقال :

“ كانت تقول دائماً إنك عاملتها بلطف بالغ .”


منغ تشانغ يي :

“ اامم . لقد كنتُ أجوب البلاد من أجل محطات الطاقة 

الحرارية ، فلم نكن نلتقي كثيراً . 

وعندما كان يتاح لنا وقت معاً ، كنتُ أدللها كثيراً . 

كان بوسعها أن تملك كل ما تريد ، وتفعل كل ما تشاء . 

كنت مستعداً أن أهبها العالم كله تعويضاً ، 

إلا أنني لم أستطع أن أمنحها الوقت والرفقة ….”

وبعد لحظة صمت، أضاف:

“ لم أتوقع أن يتكرر الأمر نفسه في الجيل التالي .”


بيان تشنغ:

“ أمي بالتأكيد دللتني كثيراً "


منغ تشانغ يي :

“ لقد شعرت بالذنب أكثر مني ، فدللتك حتى أفسدتك ، 

وحولتك إلى ولد وقح .”


بيان تشنغ:

“ من قال هذا ؟ طبعي السيئ كله من صنعك . 

عندما كنت صغيراً ، كنت تُبقيني دائماً إلى جانبك . 

وبوجودك ، كان رواد الأعمال وكبار المسؤولين يعاملونني باحترام بالغ . 

كنت أنال تقديراً يفوق مقامي ، فكبرت مغروراً .”


منغ تشانغ يي :

“ آهههخ … إذن هي غلطتي أنا "


بيان تشنغ:

“ طبعاً .”



ضحك منغ تشانغ يي ، وشتمه مازحاً بأنه “ ناكر للجميل”، 

ثم مد يده إلى كوب الماء قرب السرير


لكن بيان تشنغ كان أسرع ، فأحضره له فوراً


شرب الجد الماء ببطء شديد وحذر ، أشبه بطفل أخرق


وأثناء مراقبته ، سأل بيان تشنغ :

“ إذن… هل يشعر الجد بالذنب تجاهي ؟”


منغ تشانغ يي :

“ كلامك يزداد وقاحة يوماً بعد يوم "


ابتسم بيان تشنغ :

“ إن كنت تشعر بالذنب ، فعوّضني إذن… بالوقت والرفقة .”


نظر منغ تشانغ يي إليه ، وبدأت ابتسامته تتلاشى تدريجياً :

“ هذا الطلب صعب جداً… 

أصعب من إعادة بناء نظام توربينات حرارية .”


بيان تشنغ:

“ حقاً ؟”


منغ تشانغ يي :

“ نعم… لكنني سأبذل قصارى جهدي . 

عندما أرى أمك الليلة ، سأعتذر لها وأقول إنني سألحق بها بعد قليل .”


غطّى بيان تشنغ جده بالبطانية ووضع كوب الماء مجدداً 

على الطاولة بجانب السرير

بيان تشنغ:

“ إذن… ساعدني أيضاً وأخبرها أنني أفتقدها كثيراً "


حدق منغ تشانغ يي إلى حفيده طويلاً ، ثم أومأ برأسه


عندما عاد المرافق شياو ليو ، سأل بيان تشنغ عن المستجدات


ولعل حادثة هروب العجوز السابقة جعلت شياو ليو يبدو مذنباً قليلاً


ترك بيان تشنغ جده في رعاية المرافق رقيق القلب، 

ثم عاد إلى شقته


وبعد أن غسل وجهه ورتّب نفسه ، جلس أمام اللابتوب 


يوم واحد فقط من الانقطاع ، وكان بريده الإلكتروني قد 

امتلأ بعدة صفحات من الرسائل غير المقروءة


لفت نظره إشعار من مكتب الشؤون الأكاديمية 

[ إعادة هيكلة المناهج للفصل الدراسي القادم ]


مما يعني أنه سيضطر إلى إعادة كتابة الخطة الدراسية من جديد

و اجتاحته موجة من الضيق


وفجأة رنّ هاتفه


ألقى نظرة على الشاشة ، فإذا هو رقم غريب


أجاب على المكالمة ، وبعد صمت طويل ظهر صوت من الطرف الآخر :

“ غاغا ؟”


 جيانغ يو —— 


على الفور شدّ بيان تشنغ جسده وقال بقلق :

“ هل حصل شيء لأمك ؟”


رد جيانغ يو متعجباً :

“ أمي؟ لا… هي بخير اليوم "


{ إذن لماذا يتصل بي أصلاً ؟ }


تابع جيانغ يو بصوت بدا مليء بالسعادة :

“ استيقظت ، وأعدّت الطعام ، بل وسقت الزهور أيضاً .”


بيان تشنغ ببرود:

“ أنا مشغول جداً . إذا لم يكن هناك أمر عاجل ، فاغلق الاتصال .”


قال جيانغ يو بسرعة :

“ انتظر !”


تنهد بيان تشنغ :

“ لماذا اتصلت بي؟”


قال جيانغ يو متردداً:

“ أوه… لا يوجد صوت…”


قال بيان تشنغ وهو ينظر إلى شاشة هاتفه ليتأكد من أن 

المكالمة ما زالت متصلة:

“ ماذا ؟”


أوضح جيانغ يو:

“ أمي تنام طوال الوقت ، ولا أحد يتحدث إليّ… 

الجو صامت جداً ، صامت أكثر مما أحتمل .”


قال بيان تشنغ بصرامة :

“ لديّ عمل ، ولا وقت عندي لأحادثك ”


لكن جيانغ يو أسرع يضيف قبل أن يغلق الخط:

“ لا داعي للكلام… فقط اترك الخط مفتوح .”


فهم بيان تشنغ مقصده تقريباً وقال:

“ تريدني أن أبقي الاتصال مفتوح ؟ لن أُصدِر أي صوت وأنا أعمل "


أجابه جيانغ يو:

“ لا بأس… يكفيني أن أعلم أن هناك شخص موجود "


تردّد بيان تشنغ طويلاً ، لكنه في النهاية لم يُنهِي المكالمة


وضع الهاتف على الطاولة


ومضى الوقت شيئاً فشيئاً ؛ الطابعة تخرج الأوراق ، 

المساعد الذكي يُعلن التعليمات ، 

ولوحة المفاتيح تُصدر طقطقة منتظمة ،


شيئاً فشيئاً نسي أن هناك شخصاً آخر يتشارك معه أصوات الغرفة


بعد إنهاء الأعمال الإدارية ، 

فتح مقالة كتبها بالمشاركة مع أحد طلابه ، 

لكنه عجز عن العثور على إلهام


ومع ازدحام ذهنه بالأفكار المبعثرة ، وقف بلا وعي ، 

واتجه إلى الخزانة ، وأخرج الكمان من علبته


لطالما كان للموسيقى تأثير سحري عندما تتعثر أفكاره


شد على القوس ، وأعاد في ذهنه مقطع روندو مندلسون ، ثم بدأ يعزف



تراقصت الحروف في مخيلته مع اهتزاز الأوتار ، 

تجتاحه كما لو أنها عاصفة رملية


وعندما فتح عينيه ، كان عقرب الدقائق قد قطع نصف دائرة أخرى


لم يزرْه الإلهام بعد ، فأعاد الكمان إلى علبته ، 

وجلس أمام مكتبه


عندها لمح على شاشة هاتفه إشعار انخفاض البطارية، 

فتذكّر أن هناك شخصاً على الطرف الآخر من الخط


التقط الهاتف وسأل:

“ ما زلت هناك ؟”


جاء الرد فوراً :

“ مساء الخير !”


بيان تشنغ :

“ لماذا لم تذهب للنوم بعد ؟”


رد جيانغ يو على الفور:

“ قريباً… أنا أستمع إلى الموسيقى "


سأل بيان تشنغ بدهشة:

“ أي موسيقى ؟” ثم تردّد لحظة وأضاف : “ تقصد الكمان الذي عزفته؟”


جيانغ يو:

“ اوووه !! …. صوته جميل .”


صمت بيان تشنغ لحظة ، ثم سأل:

“ سمعك بخير ؟”


: “ هاه ؟” بدا جيانغ يو غير فاهم ، وأعاد التأكيد:

“ صوته جميل .”


بيان تشنغ:

“ أأنت من ذلك النوع من الأطفال؟ 

طالما أن الطعام من يد الأم فهو لذيذ ، 

وطالما أن العزف من يد الأخ فهو جميل ؟”


أجاب جيانغ يو بثقة :

“ طعام أمي لذيذ حقاً .”


لسبب ما، ارتسمت ابتسامة على وجه بيان تشنغ. قال:

“ اذهب إلى النوم .”


أجاب جيانغ يو بحماس:

“ حسناً… تصبح على خير غاغا !”


ثم أنهى بيان تشنغ المكالمة


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي