Ch48 | DSYOM
[ العائلة ]
عندما تلقّى بيان تشنغ إشعار الخطر على حياة المريض ،
لم يعرف كيف يردّ الفعل ،
قبل الفراق ، كان هناك مرض طويل أشبه بمقدّمة ،
وفي هذه اللحظة اجتمع ارتجاف الصدمة الأخيرة مع
الارتياح الذي يحمله انغلاق الأمور المعلّقة ،
وحين دفعت الممرضة باب غرفة المستشفى ،
بدا الأمر وكأنّ ستارة الفصل الأخير قد أُسدلت
تقدّم هو ووالده نحو السرير
كان العجوز الهزيل يكاد يختفي تحت البطانية ،
وعلى يديه الملطّختين ببقع الشيخوخة —- الحياة تنسحب شيئًا فشيئًا
ظهر صوت بكاء خافت في صمت الغرفة
التفت بيان تشنغ ، فرأى بيان هوايوان قد غمرت الدموع وجهه
تمامًا كما كان الحال لحظة رحيل زوجته قبل سنوات
قال العجوز على السرير بنبرة هادئة :
“ لماذا تبكي؟
لقد قاربت التسعين ، وحان وقت رحيلي "
فقاطعه بيان هوايوان:
“ أبي ، لا تقل هذا .
انظر إلى الأكاديمي ني ، تجاوز التسعين وما زال يجوب البلاد
يشارك في المشاريع .
إن تجاوزت هذه الأزمة ، ستحتفل بعيد ميلادك المئة .”
لكن منغ تشانغ يي تجاهل كلمات المواساة الفارغة ،
وهو يدرك تمامًا أن حياته أوشكت على نهايتها
قال بصوت خافت :
“ سأذهب لألحق بشياو جي وأمها .
لقد تركتهما خلفي وقتًا طويلًا ...”
ثم التفت بكل ما تبقّى له من قوة نحو صهره :
“ اعتنِ بنفسك من الآن فصاعدًا .”
كان من النادر أن يبارك العم صهره ، فاستغرب بيان هوايوان للحظة
مظر منغ تشانغ يي إليه بنظرة عميقة ، تنهد ، ثم التفت إلى بيان تشنغ قائلًا :
“ دعنا نتحدّث على انفراد ، فقط نحن الاثنين .”
ربّت بيان هوايوان على كتف ابنه وغادر الغرفة
قرّب بيان تشنغ الكرسي وجلس إلى جانب السرير
كان وجه منغ تشانغ يي قد أصبح غائرًا أجوف،
لكن عينيه لامعتين على نحو مدهش
ربما كانت تلك ' اللحظة المضيئة الأخيرة ' قبل الموت ،
حتى صوته بدا أوضح من ذي قبل:
“ أنا رجل على شفا الموت الآن ، إن كان لديك أسرار ،
فبإمكانك أن تبوح بها لي "
لمع بريق دهشة خاطف في عيني بيان تشنغ
منغ تشانغ يي :
“ أنت ذكي ، لكنك لا تجيد إخفاء الأمور . تكلّم ، فما الذي
قد يعجز جدّك عن تقبّله في هذه اللحظة ؟”
{ صحيح ،،، لديّ أسرار …. أسرار دُفنت لسنوات طويلة حتى بدأت تتعفّن }
بيان تشنغ :
“ أمي لا تطهو كثيرًا "
كان هذا الجواب لا علاقة له بالسؤال ،
لكن منغ تشانغ يي أومأ مبتسمًا :
“ صحيح ، لم تكن تحب الطهو "
تابع بيان تشنغ:
“ حين كنت صغير ، عادت من رحلة عمل ،
وأرادت أن تصحبني للأكل خارجًا ،
لكنني قلت إنني أريد أن أتناول الطعام في المنزل ،
فحاولت أن تطهو ،، بحثت عن وصفات ، وعبثت في
المطبخ ، وفي النهاية قلّبت لحمًا مع فلفل أخضر .”
منغ تشانغ يي :
“ تلك وجبة سهلة التحضير .”
بيان تشنغ:
“ نعم ، لكنها كانت سيئة الطعم .
سيئة إلى حد أنني كرهت مذاق الفلفل الأخضر لسنوات بعدها .
كنت أظنه قابضًا ومرًّا .”
أصغى منغ تشانغ يي إلى الحكاية القديمة عن ابنته ،
حتى التفاصيل المحرجة منها ملأت قلبه بالسرور :
“ وماذا بعد ؟”
قال بيان تشنغ:
“ سألتني كيف كان الطعم ، فأجبتها بأنه لذيذ "
ابتسم منغ تشانغ يي قليلًا :
“ إذن تستطيع أن تتحدث أحيانًا مثل الناس العاديين ؟”
ضحك بيان تشنغ:
“ والنتيجة أنّه طوال سنوات بعد ذلك ،
كلما أرادت أن تطهو لي كانت تعدّ لحمًا مقليًا مع الفلفل الأخضر "
ضحك منغ تشانغ يي
تابع بيان تشنغ متأمّلًا:
“ بعض الأشياء إن لم تُقَل في المرة الأولى ، فلن تُقال أبدًا .
لقد ظنّت أنني أحببت الطبق الذي أعدّته .
وحتى يوم حادثها ، لم أجد فرصة لأخبرها بالحقيقة .”
ظلّ منغ تشانغ يي صامتًا لوقت طويل ، ثم أومأ قليلًا برأسه:
“ أهكذا كان الأمر ؟”
بيان تشنغ:
“ جدّي هل تظن أنه كان ينبغي أن أخبرها ؟
لو كنتُ أفصحت عن السر ، هل كانت ستسعد أكثر ؟”
فكّر منغ تشانغ يي قليلًا :
“ أمّك كانت باحثة ، وأنا كذلك . ومهما كانت الظروف ،
نحن دائمًا نريد أن نعرف الحقيقة ”
نظر بيان تشنغ إلى جده الذي يحتضر ، بينما جهاز مراقبة
القلب يصدر رنينًا منتظمًا
فقال بوضوح :
“ أنا مثلي "
تصلّب الهواء في غرفة المستشفى
غدت أنفاس العجوز الواهنة تضخّم الصمت حتى بدت
كأنه هدير يصمّ الأذن
منغ تشانغ يي :
“ أهكذا هو الأمر "
بيان تشنغ:
“ جدّي ألستَ متفاجئًا ؟”
منغ تشانغ يي :
“ أنا في غاية الدهشة ، لكنني لم أعد أملك القدرة على ردود
الأفعال الدرامية .”
بيان تشنغ :
“ إذن هل البوح بها أفضل ؟”
تنهد منغ تشانغ يي :
“ لقد حفرتُ لنفسي حفرة ورميتُ نفسي فيها .”
ثم أمسك بيد حفيده
قال بصوت خافت لكنه ثابت :
“ أتمنى أن لا تكون مثليًّا ، حقًّا أتمنى ذلك .
لكن هذه هي الحقيقة ، ولا شيء يمكن فعله .”
سأله بيان تشنغ:
“ لو عشت ، هل ستدعمني ؟”
أجابه منغ تشانغ يي :
“ بالطبع .”
تفاجأ بيان تشنغ:
“ حقًّا ؟ لكنك قبل قليل قلتَ…”
تنهد منغ تشانغ يي تنهيدة :
“ لا خيار أمامي ، هل يوجد غيري من يمكنه دعمك؟
أنت سيّئ للغاية في العلاقات ، ليس لديك حتى صديق واحد .”
ردّ بيان تشنغ:
“ سونغ يوتشي صديقي "
نظر إليه الجد بنظرة حادة وقال:
“ لن يطول الأمر قبل أن تبعده عنك أيضًا .
هل تظن أنني أتدخّل في شؤون عائلتهم يوميًا بلا سبب ؟
لقد انتشلته من سلطة والديه ليعاملك على نحو أفضل .”
قال بيان تشنغ مترددًا :
“ أهكذا هو الأمر ؟”
منغ تشانغ يي :
“من الصعب جدًا أن تكون مختلفًا .
ستُنتقد وتصبح موضوع لثرثرة الآخرين .
كنتُ أتمنى أن تحيا حياة أكثر راحة .
أنت بالفعل مختلف عن الناس في نواحٍ كثيرة ، فلماذا
تضيف شيء آخر ؟”
بيان تشنغ :
“ كوني مختلف ليس بالأمر السيئ .
لست خائف من الوحدة .”
منغ تشانغ يي :
“ أنت تظن أن الوحدة لا تعني شيئًا لأنك لست وحيدًا حقًّا "
ثم نظر إلى حفيده بقلق ، وهز رأسه
كان احتكاك شعره الفضي بوسادة السرير يُصدر صوتًا خفيفًا :
“ ماذا سيحدث في المستقبل ؟”
سعل منغ تشانغ يي مرتين ، وتوقّف الحوار فجأة
بدا وكأن شيئًا ملموسًا في الهواء ضغط على الأعصاب
حتى أصبح التنفّس أكثر صعوبة
كان هذا هو الوداع
اتجهت عينا منغ تشانغ يي إلى السقف،
حيث امتزج الضباب الأبيض الخفيف بعالم آخر غامض
هذه هي النهاية
شد بيان تشنغ فجأة على يد جده بقوة
: “ جدّي "
ارتفع البلغم من قصبته الهوائية ، واهتز صوته المتقطّع :
“… جدّك… لم يعد يستطع…”
تابع بيان تشنغ وهو يرى ظلّ الموت يزحف من جدّه ،
آخذًا معه شيئًا فشيئًا البريق من عينيه
بصوت مبحوح :
“ حين ترى أمي… أخبرها أنني بخير "
ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجه منغ تشانغ يي ،
فظنّ بيان تشنغ أنه قد لمح الشخص الذي طال شوقه للقائه
وقف بيان تشنغ وضغط زر النداء
فُتح الباب ودخلت الممرضة مع الطبيب وبيان هوايوان مسرعين
ضعفت يد الشيخ شيئًا فشيئًا، تباطأت ضربات قلبه،
ثم استوت الخطوط على الشاشة خطًّا مستقيمًا
“ الثامن عشر من يوليو ، الساعة الخامسة وخمسٍ وثلاثين
دقيقة مساءً ، تأكّيد وقت الوفاة .”
————-
الجنازة مهيبة —- حضر التلاميذ ، المسؤولون ، ورجال
الأعمال ، وامتلأت قاعة العزاء بالأكاليل داخلًا وخارجًا
ونشرت عدة وسائل إعلام وطنية كبرى نعيًا ، تخلّد فيه
ذكرى رحيل أحد علماء الجيل القديم
لكن لسبب ما، رغم ضجيج الحشود والموكب المتواصل
من السيارات والناس، شعر بيان تشنغ وكأنه يقف وحيدًا في
برّية ، لا يسمع سوى صفير الرياح في أذنيه ،
ربما لأنه أدرك أنه فقد آخر شخص يمكن أن يعدّه حقًّا من عائلته
بعد أن شاهد دفن الرماد ،
تحدّث بيان هوايوان مع بعض العمداء والمدراء ،
ثم عاد إلى مسكنه وحيدًا
مع انطفاء ضوء الشمس وتسلل ضوء القمر عبر الستائر،
جلس إلى المائدة الفارغة،
يحدّق في الصور على الجدار وهي تتلاشى شيئًا فشيئًا مع الظلام
ومع أن عينيه اعتادت العتمة ،
إلا أنه بالكاد لمح أضواءً بعيدة من وراء النافذة
وسط إيقاع أنفاسه الهادئة ، بدت ملامح الأثاث في الغرفة باهتة
في تلك اللحظة ، دوّى رنين الهاتف قاطعًا السكون
وكان بيان تشنغ يعرف تقريبًا من المتصل
أخرج هاتفه ، وبالفعل كان هو
كان جيانغ يو يتّصل به تقريبًا كل ليلة
أحيانًا يقول بضع كلمات ، وأحيانًا يترك الخط مفتوحًا وهو يعمل
بدا وكأن ذلك الفتى قد جُنّ بالفعل من الوحدة
أجاب بيان تشنغ المكالمة
جيانغ يو:
“غاغا… مساء الخير "
: “ همم "
جيانغ يو:
“ ألستَ … تعمل اليوم ؟”
: “ همم ”
: “ وجدت الكثير من نبات البرسيم ذو الأربع أوراق بجانب النهر ”
: “ همم ”
: “ هطلت الأمطار اليوم ، ورأيت قوس قزح جميل ”
: “ همم ”
: “ أصبت بقرحة في فمي ، ووضعت الكثير من الملح في البيضة المقليّة ”
: “ همم ”
جيانغ يو:
“ غاغا لا يبدو في مزاجٍ جيّد هذه الأيام "
ألقى بيان تشنغ نظرة على الصورة ؛ الليل قد ازداد حلكة ،
والملامح قد تشوّشت
قال : “ حقاً ؟”
جيانغ يو :
“ هل هناك شيء يحزنك ؟”
الحزن ، الكآبة ، الألم… كلمات كثيرة تصف المشاعر السلبية ،
لكن أياً منها لم يكن يعبّر بدقة عمّا يشعر به
فقال أخيرًا : “ ربما "
فكّر جيانغ يو لحظة ، ثم قال:
“ أمّي أخبرتني أن الحزن أو الخيبة ، أيًّا كان… يزولان حين تسمع شيئ واحد .”
: “ ما هو ؟”
جيانغ يو :
: “ أنا هنا ”
ظلّ بيان تشنغ صامتًا طويلًا ، ثم قال:
“ حقًّا ؟”
قال جيانغ يو : “ اووه ،، أنا هنا "
يتبع
شخصية بيان تشنغ الصريحة بسبب تربيته مع جده 😔
ولو ما جامل أمه بذاك الطبق ماكان عرف أبوه \\\ إللي لما عرف قال لزوجته للثانيه وطبختها له عشان يوافق يربي ولدها
ذحين فهمت ليش بيان تشنغ يكره المجاملات ~~~~
تعليقات: (0) إضافة تعليق