القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch51 | DSYOM

Ch51 | DSYOM



[ الأمور السيئة التي تبدأ بشكل سيئ تزداد سوءًا ]


في اللحظة التي أنهى فيها استرجاع ذكرياته ، رن جرس الباب


نهض بيان تشنغ ليُحضر العشاء ، 

بينما جلس وين دي إلى الطاولة وقلبه يموج بمزيج غامض 

من الدهشة والعجب ،


حاول أن يتخيل بيان تشنغ وهو يتصرف كطفل عادي ، 

يثني على مهارة أمه في الطبخ ويبتسم ، 

لكنه وجد صعوبة في تخيل ذلك ..


{ اتضح أن البروفيسور يملك هذا الجانب أيضًا }


عاد بيان تشنغ وهو يحمل كيس الطعام الجاهز ، 

فلاحظ الشخص الجالس عند الطاولة يحدق فيه ، 

فسأله عمّا به ،


هز وين دي رأسه :

“ لقد حصلت على فهم جديد لطبيعة البشر .”


نادَى بيان تشنغ على الصغير الذي كان يشاهد الرسوم 

المتحركة كي يأتي لتناول الطعام


ورغم أن جيانغ يو كان غارقًا تمامًا في المشاهدة ، 

فإنه خرج فور أن سمع اسمه وجلس باستقامة على الكرسي


ناول بيان تشنغ حصته إليه ، فكسر جيانغ يو عيدانه وبدأ يأكل بجدية


كان وين دي يراقب حركاته المرتبة البطيئة التي تُضعف 

الشهية ، ورأى فيها ملامح شبه عائلية واضحة


عكس بيان تشنغ تلك الحركات وكأنه مرآة مقابلة ، 

و بدأ في الأكل على نفس المنوال

وبعد أن أنهوا الطعام ، جمع الثلاثة علب الوجبات


ثم أخذ جيانغ يو ألبوم من رف الكتب في غرفة المعيشة 

ورفعه بحماس قائلاً :

“ غاغا انظر !”


مدّ وين دي عنقه بفضول ، فأراه جيانغ يو كتيبًا ألصق فيه 

العديد من اوراق البرسيم 🍀 رباعية الأوراق


فسّر بيان تشنغ لوين دي :

“ إنه يحب جمع مثل هذه الأشياء .”


قلّب جيانغ يو الصفحات بسعادة ، 

واحدًا تلو الآخر ، عارضًا الأوراق المرتبة بعناية ، وقال:

“ أخيرًا ملأته بالكامل !”


ظن وين دي أن بيان تشنغ سيُبدي بعض الإعجاب أو على 

الأقل إيماءة صغيرة

لكن الأخير نظر إلى أخيه بوجه جاد وقال :

“ أغلق الدفتر ، نحتاج إلى الحديث .”


لم يعتد جيانغ يو رؤية هذه الملامح على وجه أخيه، 

فأغلق الألبوم شاعرًا بأنه ارتكب خطأ ما دون أن يعرف ما هو


بيان تشنغ:

“ سوف ننتقل إلى مدرسة جديدة ”


أبدى وين دي موافقته


فسواء كان الأمر من أجل تنمية اهتمام أو بسبب رغبة 

جيانغ يو في الأنشطة المدرسية، 

فإن هذه المدرسة لم تكن مكانًا مناسبًا له


لكن ردّ جيانغ يو كان أبعد بكثير مما توقعاه


فعادةً كان يتقبل الأمور دون شكوى، 

بل ويتحمل المظالم برضا

لكن هذه المرة قاوم بشدة وقال :

“ لا ”


بيان تشنغ :

“ تلك المدرسة ليست مناسبة لك، سنذهب إلى مكان 

أفضل للدراسة .”


لم يُعرف إن كان جيانغ يو قد فهم المقصود ، لكنه واصل التكرار بعناد :

“ لا ”


هذا الفتى كان دائم الطاعة ، مما جعل بيان تشنغ في حيرة ، فسأله:

“ لماذا ؟”


جيانغ يو:

“ لأن هناك أصدقاء .”


تنهد بيان تشنغ


لقد كان الأمر دائرة مفرغة


كان جيانغ يو أشبه بمغناطيس بشري ، أينما ذهب ينجذب 

إليه أسوأ الناس


يلعبون به كالدمية ، والضحية تبقى غافلة وسعيدة ، 

بل تساعدهم في عدّ الأموال التي باعوه بها


بدأ الصداع يتسلل إلى رأسه، 

وهو يفكر بقلق في كيفية شرح مخاطر هذا العالم لهذا 

الأحمق البريء المشرق


ثم غادر جيانغ يو مائدة الطعام وركض إلى غرفته


حين عاد ، كان يحمل قطعة معدنية صغيرة


وضعها على الطاولة بعناية شديدة وأراها للكبار:

“ أعطاني إياها صديق ”


مال وين دي ليتفحصها ، فإذا بها علامة معدنية للكتب ( فاصل معدني للكتب ) فسأله:

“ ولماذا أعطاك إياها ؟”


فكر جيانغ يو قليلًا ثم قال:

“ لا أعلم ، إنه لا يسمح لي بالكلام معه .”


شعر بيان تشنغ بصداعه يزداد سوءًا


هذا لم يكن يبدو كهدية ، بل كتهكم


تخيّل المشهد أمامه —- أحد الزملاء يقرأ كتاب ، وجيانغ يو 

بدافع الفضول يسأله عمّا يقرأ، فيسخر منه قائلاً: “حتى 

الأحمق يريد أن يقرأ ” ثم يرمي له العلامة المعدنية وسط 

ضحك الآخرين


بيان تشنغ:

“ عليك أن تبتعد عن هذا النوع من الأشخاص من الآن فصاعدًا . ما اسمه ؟”


: “ تشيوو رويهنغ” كتب جيانغ يو الاسم على الطاولة ، 

لكنه توقف بعد أن خطّ الجذر الأول، ثم عبث برأسه محاولًا 

تذكّر باقي الحروف ، 

لكن سرعان ما أصابه الإحباط لأنه نسيها ثانيةً ،

{ لماذا لا يحمل هذا الشخص اسمًا أسهل ؟ }


حصل بيان تشنغ فقط على النطق ، لكن ذلك لم يمنعه من 

إضافته إلى قائمة المجرمين


ظل وين دي صامتًا للحظة ، ثم رفع عينيه نحو بيان تشنغ وقال:

“ خذني معك غدًا عندما تذهب إلى المدرسة .”


تفاجأ بيان تشنغ قليلًا :

“ ولماذا ؟”


وين دي:

“ سأستقيل . كيف أبقى هنا بعد أن أغضبت الممول الأكبر للمدرسة ؟ 

قبل أن يطردوني بنفسي سأقدّم استقالتي ، حتى يبدو الأمر 

وكأنني أنا من أزدريهم ، لا العكس . 

هذا يُسمى نصرًا معنويًا .”


بيان تشنغ :

“ آسف ، لقد واجهت هذه المشكلة بسبب أخي الصغير . 

آسف على الإزعاج .”


أسرع جيانغ يو وقال بخجل ، وهو يُنزل رأسه:

“ آسف .” لقد فهم ما معنى ' التسبب في المتاعب '


لوّح وين دي بيده قائلًا:

“ أنا الآن أشعر بالفخر بدوري كبطل ، لا تفسدوا عليّ المزاج . 

الأمر لا بأس به، أنا معتاد أصلًا . 

جسدي يجلب الحظ السيئ ، فما الفرق إن وقعت مرة إضافية ؟”


كرّر جيانغ يو في نفسه يفكر :

“ جسد يجلب الحظ السيئ ؟”


شرح وين دي ببساطة :

“ يعني أن حظي سيئ .” وعادت إليه الكآبة


فقد امتد نحسه من الدراسة إلى البحث عن عمل


كان يأمل أن يتحسن وضعه في موسم التوظيف الخريفي


وبعد انتهاء السهرة ، نهض وين دي لإنهاء بعض الأعمال 

المنزلية ، فاستأذن بالانصراف


ورغم أن منزله لا يبعد سوى عشر خطوات ، 

فإن بيان تشنغ أصرّ على مرافقته حتى الباب


نظر بيان تشنغ إلى القصائد المعلقة على جانبي الباب وقال:

“ منذ زمن طويل لم نتحدث بهذا الهدوء .”


ابتسم وين دي:

“ أليس بسبب وجود طفل هنا ؟”


: “ بلى ...” أجابه بيان تشنغ. ثم أضاف: “ شكرًا لمساعدتك له ،،

دعني أعزمك على وجبة في وقت فراغك .”


رأى وين دي أن هذا حق عادل ، فوافق

لكن فجأة خطر له سؤال:

“ عندما جئت إلى منزلكم للأكل ، لماذا لم يتفاجأ ؟ 

هل يعرف من أكون ؟”


فطمأنه بيان تشنغ:

“ لا، إنه فقط معجب بك . 

لا يعرف شيئًا عن علاقتنا ولا أن ' غا فو ' هو من ساعده ”

( غا = اخ / فو = زوج )


وين دي :

“ ماذا تقصد بـ غا فو ؟!”


أجاب بيان تشنغ بهدوء :

“ زوج الأخ ؟” ( رد بلقب ثاني بالانقليزي)


أمسك وين دي برأسه في إحباط:

“ ما هذا يا رجل ! إلى اللقاء !”


لكن قبل أن يغلق الباب ، خرج رأس صغير فجأة من خلفه


أنزل وين دي نظره ليرى عيني جيانغ يو الواسعتين تحدّقان فيه بترقب


سأله بيان تشنغ:

“ هل تريد أن تودّع غاغا ؟”


هز جيانغ يو رأسه ، ثم أخرج ألبوم مجموعته وقدمه لوين دي


نظر وين دي إلى الالبوم مرتبكًا :

“ لي أنا ؟” أخذه بتردد : “ ولماذا؟”


قال جيانغ يو ببساطة :

“ هذه أوراق البرسيم ذات الأربع أوراق ، ستتحسن الأمور بالتأكيد ”


أنزل وين دي عينيه ، فرأى اللون الأخضر يطلّ من بين الصفحات


نباتات البرسيم جُمعت بعناية ، جُففت وضُغطت بالكرتون ، 

ورتبت بدقة صفحة بعد أخرى


قال وين دي بصوت خافت :

“ شكرًا لك ” وفي هذه اللحظة ، أدرك الكثير من الأشياء فجأة


————————



في صباح اليوم التالي ، 

ما إن انتهى وين دي من تجهيز نفسه حتى طرق بيان تشنغ باب شقته


كان وجود من يوصله إلى العمل ويعيده أمرًا مريحًا فعلًا


وعندما وصلا إلى المدرسة ، 

اتجه وين دي أولًا قسم الثانوية ليقدّم استقالته ويستلم 

بقية راتب تدريبه ، 


بينما توجّه بيان تشنغ إلى مكتب المدير في مبنى الإدارة


مكتب المدير فسيح ، تتقدمه قاعة استقبال صغيرة



وُضِعت أريكتان متقابلتان ، تتوسطهما طاولة زجاجية عليها 

منفضة سجائر وأكواب شاي



في اليوم السابق ، تلقى بيان تشنغ اتصالًا من نائب المدير 

فانغ المسؤول عن شؤون الطلاب ، يخبره أن النقاش سيكون هنا اليوم


لكن حين دخل ، اكتشف أنه الوحيد في المكتب


دخلت السكرتيرة بابتسامة مهذّبة لكنها باردة ، 

وسكبت له كوبًا من الشاي


سألها بيان تشنغ:

“ أين والدا يانغ تيانهوا؟”


فأجابت:

“السيد والسيدة يانغ لديهما حفل كوكتيل مهم اليوم ، 

ولم يتمكّنا من الحضور . 

المحامي الخاص بهما سيتحدث معك ...” ثم نظرت إلى ساعتها  : “ربما ازدحمت الطرق ، 

يرجى الانتظار قليلًا .”


عبس بيان تشنغ بحاجبيه

{ أسلوبهم أكثر استخفافًا مما توقعت }




وبعد قليل ، ظهر عند الباب رجلان في منتصف العمر، 

أحدهما بكرش بارز والآخر يرتدي بدلة أنيقة


أشار السكرتير إلى الأول قائلاً إنه نائب المدير فانغ ، 

بينما الآخر، بطبيعة الحال، محامي عائلة يانغ


وبينما نائب المدير يبتسم ابتسامة عريضة ، شعر بيان تشنغ 

أن زيارته اليوم لن تفضي إلى شيء ——


وكما توقع —— ، ما إن ذكر حادثة الأمس حتى اختفت 

ابتسامة فانغ ، وعبس بجبينه قائلًا بصرامة:

“ تنمّر ؟ لا وجود لمثل هذا الأمر في مدرستنا .”


أدار له بيان تشنغ هاتفه ، عارضًا صورًا لرضوضٍ على الذراعين والساقين


ألقى نائب المدير نظرة سريعة ، ثم هزّ رأسه ودفع الهاتف بعيدًا : 

“ أيها الوصي على جيانغ يو لنكن واقعيين . 

الأولاد في هذا العمر يحصلون على خدوش وكدمات من 

الجري واللعب بين الحصص أو في درس الرياضة . 

لدينا في المدرسة أنشطة لا حصر لها ؛ الطلاب الذين 

يتعلمون المبارزة والفروسية وهوكي الجليد يتعرضون 

لكدمات أكثر من هذه .”


بيان تشنغ ببرود:

“ هو لا يتعلم المبارزة ولا الفروسية ولا الهوكي .”


فأجابه نائب المدير:

“ كيف لك أن تجزم ؟ الآباء أحيانًا لا يفهمون أولادهم .”


نظر إليه بيان تشنغ بحدة :

“ ماذا تعني؟”


قال فانغ:

“ أنت لست والده البيولوجي ، ولا تقضي معه وقتًا كافيًا . 

الأطفال أحيانًا يبالغون في نقل الحقائق ، وواجبنا كأولياء أن نميّز بدقة .”


تدخّل المحامي عندها قائلًا:

“ السيد بيان القانون يعتمد على الأدلة . 

إن كان هناك عنف جسدي ، فلا بد من تقرير طبي ؛ 

وإن كان عنفًا نفسيًا ، فلا بد من تشخيص مختص . 

لا يمكنك القدوم هكذا وإطلاق صفة التنمّر دون براهين ، 

فهذا ظلم ، أليس كذلك؟”


نظر بيان تشنغ إليه بنظرة باردة وقال :

“ إذن إن كُسِرت له بعض الأضلاع أو تركت على جسده ندوب ، فلا مشكلة ؟ 

طالما لم يُصَب بالجنون أو بالاكتئاب ، فالأمر عادي ؟”


قال نائب المدير محاولًا تهدئته :

“ أيها الوصي على جيانغ يو تمهّل . 

الأمور ليست بالخطورة التي تتصورها . 

أنت لم تكن حتى موجود .”


فجأة —- ، جاء صوت من عند الباب —— :

“ كنت موجود .”


التفت الرجلان الجالسان عند الأريكة نحو الباب، 

ليجدا وين دي واقفًا هناك


نظر نائب المدير إلى السكرتير بنظرة لوم ، 

وكأنه يحمّله مسؤولية عدم منعه من الدخول ، وقال:

“ هل هذا أيضًا ولي أمر جيانغ يو؟”


أجاب وين دي:

“ أنا شاهد عيان . رأيت الطالب المسمّى يانغ يصطدم به 

بالدراجة أمام عيني .”


تبادل المحامي ونائب المدير نظرة سريعة

ثم قال المحامي:

“ هل أنت متأكد أنّها كانت صدمة فعلية ؟ 

موكلي يقول إن الأمر مجرد بطء في ردّ الفعل ، 

وإنه لم يتفادَ في الوقت المناسب . هل لديك دليل مصوّر؟”


رد وين دي ساخرًا :

“ حين ترى دراجة تصدم أحد ، رد الفعل الطبيعي أن تسارع 

لمساعدته ، لا أن تفكر في التصوير .”


ابتسم المحامي ابتسامة باهتة :

“ ذلك…”


لكن وين دي أخرج هاتفه وأكمل:

“ لكن أنا سجلت ما جرى بعد ذلك ...” ثم شغّل مقطعين قصيرين:


[ “ لماذا تتصرف بغرور هكذا أيها المتدرّب ؟ 

والدي قادر على سحق عائلتك بأكملها بإصبعه فقط صدّق أو لا تصدّق ؟” ]


[ “ اللعنة ، أنت مجرد معلم ، وتظن نفسك شيئًا ؟ 

مكالمة واحدة كفيلة بجعلك تُطرد فورًا !” ]


أظلمت وجوه من في المكتب —— أوقف وين دي التسجيل وتنهد :

“ لو انتشر هذا على الإنترنت لكان أثره مدويًا . 

ولحسن الحظ لدي صديق يعمل في مجال الإعلام ”

ثم التفت إلى بيان تشنغ بنظرة ذات مغزى—فمهما كان 

حجم الكلام ، يمكن دائمًا تحريره بطريقة مؤثرة

وأضاف :

“ أما كلمات الأم… فكانت فظة بدورها . 

يمكن القول إنهما متشابهان إلى حد بعيد .”


حدّق المحامي فيه طويلًا وكأنه يحسب العواقب الإعلامية 

المحتملة …. ثم التفت إلى بيان تشنغ وسأله:

“ ما هي مطالبك إذن ؟”


بيان تشنغ ببرود :

“ الفصل ، وتسجيل وقائع العنف ضد الطلاب الآخرين في 

سجله الدراسي . هذا مطلب معقول أليس كذلك؟”


عبس المحامي ، واضح أنه لم يجد كلمة ' معقول ' مناسبة ،

وبعد تفكير قصير قال:

“ ما رأيك بهذا : موكلي لم يتعمّد الفعل ، لكن جيانغ يو 

تأذى بالفعل ، لذا نحن مستعدون لتعويضكم ماليًا عن خسائركم .”


بيان تشنغ : “ لا حاجة ،،، لقد أعلنت مطالبي ، وأتوقع الرد 

قبل الخامسة من مساء الغد . 

كما أريد أن يحضر والدا يانغ تيانهوا لمقابلتي شخصيًا . 

وإلا فسأنشر المقطع "


نهض عن مقعده ، وتجاوز كوب الشاي البارد على الطاولة، 

متوجهًا نحو وين دي


تبعه وين دي بخطوات طبيعية خارج المكتب حتى وصلا 

إلى ساحة الموقف


في الطريق، كان الطلاب يمرحون بصخب، 

يتجادلون ويضحكون ببراءة


شباب تغمرهم الحيوية ، وكأنّ الحزن لم ولن يمس حياتهم أبدًا


عند زاوية مبنى التدريس ، قال وين دي:

“ لو كان الأمر بيدي ، لكنت انسحبت من المدرسة وانتهى الأمر . 

لا ضجة، لا مشاهد ، ولا حتى فكرة عن المطالبة بالعدالة .”


دهش بيان تشنغ { هذا الذي حضّر الأدلة مسبقًا ، 

وتوقّع فشل المفاوضات ، وسارع للتدخل… 

يقول الآن إنه كان سيتنازل ببساطة ؟ }


تابع وين دي بصوت هادئ:

“ رغم أنني أحب فكرة انتصار العدالة ، إلا أن تطبيقها في 

الواقع أمر صعب . 

كإنسان عادي، مواجهة أصحاب النفوذ لا تجلب سوى 

المتاعب أكثر مما تجلب منافع . 

رد فعلي الأول دائمًا هو: اتركها تمضي .”


بيان تشنغ متسائلًا :

“ إذن لماذا…”


ابتسم وين دي ابتسامة مريحة وهو يلتفت نحوه:

“ لأنك موجود . أؤمن أنك ستتكفل بالجزء المزعج ...” 

ثم أضاف بارتباك خفيف:

“ ستفعل… صحيح ؟”


طمأنه بيان تشنغ بسرعة :

“ بالتأكيد ”


أومأ وين دي، وكأنّه لا يحتاج إلى أي برهان آخر ، ثم سأل:

“ إذن لماذا لا تخاف من المتاعب ؟”


بيان تشنغ:

“ المدرسة ليست المجتمع . 

على الأقل خلال مرحلة التعليم الإلزامي ، لا يمكننا السماح 

للطلاب أن يعتقدوا أنّه ما دمت تملك السلطة يمكنك أن 

تفعل ما تشاء بلا عقاب . 

إذا غرسَت المدرسة فيهم هذه العقلية ، فالمجتمع عندها 

لن يُرجى منه خلاص .”


لم يتفاجأ وين دي —- فقد اعتاد أنّ هذا الرجل مثالي 

للغاية عندما يتعلّق الأمر بالتعليم والأكاديمية


وبما أن الحديث جرى حول المدرسة ، تذكّر بيان تشنغ أنّ 

وين دي قد قدّم استقالته مؤخرًا ، فقال:

“ آسف لأنني تسببت في خسارتك وظيفتك .”


تنهد وين دي:

“ لقد سئمت من سماع اعتذاراتك مؤخرًا . 

قلت لك إن الأمر لا يهم ، فهذه المدرسة البائسة لم يكن 

يستحق البقاء فيها أصلًا . 

وأيضاً كنت أخطط منذ زمن للاتجاه نحو التعليم الجامعي.”


كانا قد تزوجا منذ خمس سنوات ، وهذه أول مرة يتحدثان 

عن خططهما المستقبلية


لذا استبدّ الفضول ببيان تشنغ تجاه خطط شريكه في الحياة فسأله :

“ ولماذا تريد أن تكون أستاذًا جامعيًا ؟”


أجاب وين دي:

“ ليس أمرًا كنت أريده حقًا… لكنني، بطريقة ما، وجدت 

نفسي في هذا الطريق .”


بالنسبة لبيان تشنغ ، لم يكن ' بطريقة ما ' مبررًا كافيًا


فالعمل الأكاديمي طريق شاق ومرهق ، والعائد المالي ضعيف ، 

والميزة الوحيدة هي حرية البحث


فإذا لم تكن شغوفًا به بحق ، فإن خوض هذا الطريق خسارة محضة ، 

فسأله:

“ إذا لم تكن راغبًا فعلًا في الأكاديمية ، فلماذا سعيت للحصول على الدكتوراه ؟”


وين دي:

“ كثير من الناس لا يسعون للحصول على درجة الدكتوراه 

لأنهم يريدون العمل في المجال الأكاديمي . 

خذني مثلًا ، تخصصي في الجامعة كان خيارًا ثانويًا ، 

ولم أكن بارعًا فيه . 

خلال السنوات الأولى انشغلت بالدراسة فقط ، بلا أي خطط مهنية . 

وحين وصلت السنة الثالثة لم أكن قد أنجزت أي تدريب، 

ولم تكن لدي أي فكرة عن السوق أو بيئة العمل . 

في الصيف ، قدّمت على بعض الوظائف ، 

وخلال المقابلات الجماعية ، كنت تائهًا تمامًا ، 

لا أعرف كيف أتنافس على وقت الكلام . 

سألني المحاور عما إذا كان لدي أي خبرة تتناسب مع 

الوظيفة ، ولم أستطع أن أقول أي شيء سوى الدراسة . 

بعد أن تم رفضي عدة مرات ، أدركت فجأة أن أكبر قوتي هي قدرتي على الدراسة ، 

أدركت فجأة أن قوتي الوحيدة هي القدرة على الدراسة ، وأفضل مكان لي هو المدرسة . 

فقلت لنفسي: لم لا أبقى في المدرسة طوال حياتي ؟ 

وهكذا قررت متابعة الدكتوراه .”


وحين يسترجع الأمر ، يراه خيارًا غير حكيم


إذ لم يكن بارعًا أصلًا في البحث الأدبي ، 

وكان مشرفه سيئ التوافق معه ، 

فكانت أبرز مهارة اكتسبها خلال الدكتوراه هي قدرته على 

إنجاز الأعمال المتفرقة ،


وأضاف وين دي مبتسمًا بسخرية :

“ وبالطبع توجد مسألة المكانة الاجتماعية . 

حين يسألني الأقارب والأصدقاء أين أعمل ، وأجيب أنني 

أستاذ جامعي ، ينتهي الحديث بجو يرضي الطرفين .”


قال بيان تشنغ بدهشة :

“ إذن أنت تدرس الأكاديمية فقط لتتفادى المواقف 

المحرجة في عطلة رأس السنة ؟”


عبس وين دي وحدّق فيه :

“ وهذا سبب وجيه جدًا ! 

أنت لم تعش وسط دائرة اجتماعية مألوفة ، ولا تضع في 

اعتبارك مشاعر الآخرين ، لذا طبيعي أن لا يهمك الأمر .”


لم يجادله بيان تشنغ، بل سأل بما أنّه أشار إلى عدم ملاءمته لدراسة الأدب :

“ إذن لماذا لم تغيّر تخصصك ؟”


وين دي:

“ الأمر ليس بهذه السهولة . في أول سنتين لم يكن معدلي 

يسمح بالتحويل . 

وبعد أن تحسنت علاماتي ، كان الأوان قد فات . 

وأيضاً إلى أي تخصص كنت سأحوّل أصلًا ؟ 

فرص العمل في التخصصات الإنسانية متشابهة ، فلا جدوى من التغيير . 

أما الانتقال من الآداب إلى العلوم فذلك أشبه بالمستحيل ”


وهكذا ، مثلما ' دخل الأكاديمية بطريقةٍ ما '

بقي أيضًا ' بطريقةٍ ما ' في قسم اللغات الأجنبية 


نظر بيان تشنغ متفكرًا ، ولسبب ما شعر وين دي في صمته بشيء من الندم


سأله وين دي:

“ ما الأمر ؟”


بيان تشنغ:

“ أنت ذكي، لديك قدرة عالية على التعلّم ، وتتحمل المشقة . 

لو أنك بدأت الطريق الصحيح منذ البداية ، لكنت حققت 

إنجازات عظيمة .”


لم يتفاجأ وين دي من جملة “ أنت يا عبقري ، تظنني ذكيًا ”

اتجهت عيناه نحو شجرة الصفصاف التي بدأت تخرج براعمها ، وبعد فترة قال:

“ هل تذكر يو جينغيي؟ زميلتي في السكن .”


أومأ بيان تشنغ، فقد التقاها مرة واحدة أثناء جداله مع وين دي


وين دي:

“ كانت الأولى على دفعتنا . 

وكان الأساتذة كلهم يعترفون بأنها أفضل طالبة مرت على 

قسم اللغات الأجنبية خلال العقد الماضي . 

أطروحة تخرجها حصلت على جائزة في مؤتمر لغوي مهم ، 

وأستاذ من كامبريدج أعجب بها كثيرًا وأراد أن يتخذها طالبة عنده .”


بيان تشنغ:

“ أليس ذلك رائعًا ؟”


وين دي:

“ نعم ، وهي تحب اللغويات… في الواقع ، لا ينبغي أن أقول 

تحب ، بل مهووسة بها. 

لكن رغم أنها لم تكن من عائلة فقيرة ، إلا أن والديها مجرد 

عاملين عاديين ، ولم يكن لديهم الكثير من المال .”


كان بيان تشنغ قد سمع قصصًا كهذه من قبل ، 

فقد اضطر بعض طلاب الرياضيات إلى تغيير تخصصهم 

بسبب صعوبات مالية


تابع وين دي:

“ هي لم تكن تنوي السفر في البداية . 

لكن حين علم والداها ، استدعياها ووبخاها قائلين إنه لا 

يوجد والدان في العالم يمنعان ابنتهما من الذهاب إلى كامبريدج . 

فباعا منزلهما وأرسلاها إلى بريطانيا لتكمل الدكتوراه . 

وبعد أكثر من عام بقليل ، في سنتها الثانية ، تم تشخيص 

والدها بسرطان الرئة .


طلبت إجازة لتعود وتعتني به. 

خضع للعلاج لعام كامل ، لكن المال نفذ ، وفي النهاية توفي …

لم يتبقَ في البيت سوى والدتها، وكانت على وشك التقاعد، 

بلا منزل حتى. 

كانت تنوي أن تبحث عن عمل في مسقط رأسها وتقضي 

حياتها مع والدتها، لكن الأم شجعتها على الخروج ، 

قائلة إن البقاء هناك سيدفن موهبتها . 

وهكذا جاءت إلى بكين . 

الآن، تعمل معلمة في مؤسسة آيلتس بينما تستعد 

لامتحانات وزارة الخارجية . 

في أيام الجامعة لم يخطر لها قط أنها ستصبح موظفة حكومية . أرأيت ؟ حتى لو بدأت الطريق الصحيح ، 

قد تجد نفسك في النهاية خارج المسار .”


كانت السنوات الثلاث الماضية من حياة يو جينغيي قاسية للغاية ، 

ومع ذلك أمكن اختصارها في قصة لا تستغرق دقائق لسردها ،

رفع وين دي عينيه إلى وجوه الطلبة الشابة في الحرم المدرسي ،

بالنسبة لهم ، ما تزال الحياة تحمل احتمالات لا تُحصى ، 

وغدًا مليئ بالأمل


وين دي:

“ العالم مجرد مسرح مؤقت ضخم ، والجميع أُسندت 

إليهم أدوار خاطئة . 

الذين كان ينبغي أن يدرسوا اللغويات صاروا يدرّسون الآيلتس ، 

والذين كان عليهم أن يكونوا مخرجين يعملون في البنوك 

الاستثمارية ، والذين وُلدوا علماء علوم أصبحوا يدرسون الأدب ...”

ثم تنهد قائلًا وهو ينظر إلى بيان تشنغ:

“ إن أخطأ شخص أو اثنان فهذا مفهوم ، لكن لماذا يبدو أن 

الجميع في غير أماكنهم؟ 

لهذا السبب أحسدك… أنت الوحيد الذي حصل على النص 

الصحيح من البداية إلى النهاية .”


الموهبة ، والاجتهاد ، والحظ ، مضافًا إليها هالة المكانة التي 

وفّرها له والداه ، 

كل ذلك مكّنه من الحفاظ على بريق المثالية حتى اليوم ،


يا لها من روعة ، المثالية


تنهد وهو يسير بمحاذاة البحيرة الاصطناعية متجهًا نحو المدرسة المتوسطة


عندها ناداه بيان تشنغ في حيرة:

“ موقف السيارات في الجهة الأخرى .”


فأجابه :

“ أعرف ، لكنني ذاهب لأبحث عن شخص ما "


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي