Ch52 | DSYOM
[ القنوع فقيرٌ مستغنٍ ، والغني غنيٌّ بما يكفي ]
لا تزال فوضى المكتب عالقة في ذاكرة وين دي،
وبسرعة وجد الصفّ في السنة الثانية ،
كان وقت الاستراحة ، والطلاب إما يتحدثون في مجموعات
صغيرة قرب الطاولات،
أو يتمشّون في الممر
سار وين دي حتى باب صف جيانغ يو ، ألقى نظرة للداخل،
ولم يرَى يانغ تيانهوا، فتنفّس الصعداء
ثم استوقف أحد الطلاب الذكور وقال:
“ يا زميل هل يمكنك أن تنادي لي تشيوو رويهنغ ؟”
رمش الفتى مرتين بكسل ، ثم صاح باتجاه الداخل :
“ شياو تشيوو ، أحدهم يبحث عنك !”
لمح وين دي فتى يجلس في الزاوية ، بجوار سلة القمامة ،
يقرأ كتابًا وحيدًا
كان يرفع رأسه أحيانًا بينما يمرّ أحدهم ليرمي زجاجة أو كرة ورق
حتى حينما لم تقع في السلة ، لم يُبدِ أي انزعاج ؛ بل ينتظر
حتى يبتعد الآخر ثم يلتقطها ويضعها في مكانها الصحيح،
ويعود بعدها إلى القراءة
وحين سمع اسمه ، رفع الفتى رأسه ونظر نحو الباب
عند التقاء عينيه بعينيه ، شعر وين دي بصدمة —-
كان بلا شك أجمل شاب رآه في حياته ،
بملامح متناسقة لدرجة بدت غير واقعية ،
نهض الفتى ومشى باتجاه الباب
كان طويل القامة ، بشفاه نحيلة وعينين غائرتين ،
إلا أنّ هالة قاتمة أحاطت به،
كأن الدنيا كلها مشمسة ما عدا المساحة التي يقف فيها،
تمطر مطرًا
فتح وين دي فمه ليقول شيئ ، لكن الفتى أشار له بيده
متجهًا نحو الممر
سارا معًا حتى وصلا إلى الزاوية عند باب غرفة الإرشاد
النفسي، وهناك فقط توقف الفتى وقال:
“ ماذا تريد مني؟”
وين دي:
“ أنا أخ جيانغ يو . وقد قال لي إنك صديقه .”
تجوّلت نظرات الفتى على وجه وين دي، وأثار في داخله
قشعريرة باردة ،، ثم قال بصوت هادئ :
“ هو يرى الجميع أصدقاء .”
هزّ وين دي كتفيه :
“ أظنه يعرف جيدًا في قلبه من هم أصدقاؤه حقًا .”
رد تشيوو رويهنغ باختصار :
“أه؟”
وين دي:
“ قد لا يفهم الكلمات التي يوبّخونه بها أو التي يمدحونه بها،
لكنه يعرف من يعامله بسوء ومن يعامله بلطف .
إنه لا يخبرنا حين يُضايقونه ، لأنه يعلم أننا إن عرفنا ،
سنُجبره على ترك المدرسة .
وقد حدث هذا من قبل .”
ظل تشيوو رويهنغ يحدّق صامتًا في الزجاج الداكن لغرفة
الإرشاد النفسي
أضاف وين دي:
“ أظن أنه جاء إلى هذه المدرسة بفضلك أليس كذلك؟
بعد طلاق والديه ، التحق بالمدرسة الابتدائية في مسقط
رأسه فترة من الزمن .
هل كنت تعرفه منذ ذلك الوقت ؟”
لكن تشيوو رويهنغ أجاب بجملة لا علاقة لها بالسؤال:
“ ما كان ينبغي له أن يأتي .."
ثم صمت قليلًا وأضاف:
“ إنه أحمق "
ابتسم وين دي :
“ هذا صحيح .”
وبعد لحظة طويلة ، اتجهت نظرة تشيوو رويهنغ نظره نحو وين دي وسأله :
“ هل هو بخير ؟”
وين دي:
“ هو بخير "
تشيوو رويهنغ :
“ لن يأتي إلى المدرسة بعد الآن، صحيح ؟”
أجاب وين دي:
“ صحيح.”
ارتسمت ابتسامة باهتة على وجه تشيوو رويهنغ ، ثم طرح سؤالًا محيّرًا:
“ أين أوقفت سيارتك ؟ في الموقف الشرقي ؟”
ارتبك وين دي لحظة ثم أومأ برأسه
تشيوو رويهنغ :
“ سألقاك هناك لاحقًا "
ثم استدار ليغادر
وقع بصر وين دي على مؤخرة عنقه فجأة ، فتوقف قلبه للحظة وقال :
“ الندبة على عنقك…”
توقف تشيوو رويهنغ قليلًا ، ثم التفت ونظر إليه:
“ لم تتركها ضربة أحد ، بل ظهرت حين ضربتُ أنا شخص "
بعد ذلك، لم يقل كلمة أخرى
مضى في الممر ، حيث كان الفتى الذي ناداه سابقًا متكئًا
على الدرابزين مع بعض الزملاء
ما إن رأوه حتى صاحوا به ساخرين —- :
“ من كان ذاك الآن ؟ حبيب أمك الجديد ؟”
“ ما اسم العائلة الذي ستغيّره هذه المرّة ؟”
“ وفّر على نفسك العناء ؛ بعد يومين حين تطرد ، ستضطر لتغييره مجددًا !”
لم يردّ تشيوو رويهنغ ، بل تجاوزهم بصمت ودخل الصف،
لا يبدو عليه أنه من النوع الذي يبدأ الشجار
نزل وين دي الدرج ورأى بيان تشنغ ينتظره عند أحواض الزهور
ألقى عليه نظرة استفهام ، متسائلًا عمّا كان يفعله
فأخبره وين دي بإيجاز ما دار بينه وبين تشيوو رويهنغ
طوال الطريق إلى الموقف ، ظل بيان تشنغ صامتًا
قال وين دي وهو يفكّر بالفتى ذو الاسم الصعب:
“ الكثير من الأطفال لا يتحدثون عن تنمّرهم ؛ بعضهم
يخاف من إزعاج أهله ،
والبعض الآخر يكتشف أن الوضع يسوء أكثر إذا أخبر .
كنت أظن أن جيانغ يو ربما في نفس الموقف ،
لذا أردت جمع أدلّة من ذلك الفتى .
لكن حين رأيته ، أدركت فجأة…”
{ لم يكن ما رآه جيانغ يو في ذلك اليوم نشاطًا للنادي ،
بل صديقًا قديمًا في نشاط النادي … } ch50
بعد لحظة صمت قال بيان تشنغ :
“ يبدو أنني حقًا لست أهلًا لأكون أبًا "
طمأنه وين دي:
“ لا تحبط نفسك ، فلا أحد ينجح من البداية .
وأيضاً من الطبيعي تمامًا أن يحتفظ الأطفال ببعض الأسرار الصغيرة .”
لكن حديثهما انقطع فجأة عندما ظهر تشيوو رويهنغ
كان واقفًا في زاوية الموقف ،
وما إن رآهما حتى اقترب بخطى سريعة ،
لم يعرّف بنفسه أو يفسّر غايته
أخرج ظرفًا من حقيبته وناوله لوين دي،
ثم تجاوزهما ومضى بلا كلمة
ناداه وين دي، لكنه لم يُجب
{ غير مؤدّب… كأنّه نسخة أخرى من شخص آخر نعرفه }
لم يستطع وين دي أن ينتزع منه أي ردّ،
فاكتفى بأخذ الظرف وصعد إلى السيارة
الظرف يحوي كمّية من المواد
جلس وين دي في المقعد الأمامي يتصفّحها في الطريق إلى
المجمع، وقد أصيب بالذهول:
“ من أين حصل على هذه الصور ؟”
لمّا توقفا عند إشارة حمراء ،
ألقى بيان تشنغ نظرة عابرة على بعضها
لم يظهر أي تعبير على وجهه ، لكن قلبه كان متفاجئ
قال وين دي متأمّلًا في طباع ذلك الفتى الكئيبة :
“ والأغرب أنه لم يكن يعرف أنني سآتي اليوم ،
مما يعني أنه كان يحمل هذه الأشياء معه طوال الوقت .
ما الذي يحاول فعله بالضبط ؟”
علّق بيان تشنغ :
“ الشباب في هذه الأيام ناضجون قبل أوانهم .”
وحين عادا وأوقفا السيارة ،
صعدا معًا إلى الطابق الثالث
تردّد بيان تشنغ قليلًا عند الباب ، ووضع يده على المقبض وسأل :
“ وماذا عن الصور ؟ نناقشها في شقتي ؟”
كانت حجّة ساذجة ليُبقيه أطول ، لكن وين دي توقّف بالفعل
بيان تشنغ:
“ ما رأيك أن نتناول الغداء معًا ؟”
ردّ وين دي:
“ طلب وجبات جاهزة مجددًا ؟
ألا تفكر قليلًا في غذاء متوازن بينما الطفل في طور النمو ؟”
تمتم بيان تشنغ:
“… لنذهب إلى مطعم مناسب إذًا ، المطعم شمال المجمع .”
فكّر وين دي للحظة ، ثم استدار وتبعه إلى الداخل
⸻
لم يكن جيانغ يو يشاهد التلفاز في الغرفة ، بل كان مستلقيًا
على طاولة الطعام، ممسكًا قلمًا ويؤدي واجباته المنزلية
بجدّ واجتهاد يكاد يبعث على الدموع
أوراق عمل لمواد مختلفة موجودة أمامه
وبينما مرّ وين دي بجانبه، ألقى نظرة عابرة ،
فإذا بكل إجابات أسئلة الاختيار المتعدد في اللغة الإنجليزية
معلّمة على الخيار (C)
سأل بيان تشنغ وهو يضع المفاتيح في صندوق التخزين:
“ أمضيت وقتك كله في المنزل ، هل تشعر بالملل ؟”
أومأ جيانغ يو برأسه ، وانزلق القلم من يده ، وقال بأسى:
“ أريد أن أذهب إلى المدرسة .”
قال بيان تشنغ وهو يجمع أوراق العمل:
“ أنا أبحث عن مدرسة جديدة ، خلال يومين ستتمكن من
الذهاب إليها .
ليست هناك حاجة لأن تنجز هذه الأوراق .”
نظر جيانغ يو إلى ما أنجزه بعناء وقال بقلق:
“ لكن المعلّم قال : إن لم تدرس يومًا واحدًا ستلاحظ أنت
بنفسك ، وإن لم تدرس يومين…” نسي ما تبقّى من المقولة،
لكنها كانت تعني ضرورة المثابرة
سحب بيان تشنغ ورقة الرياضيات ،
نظر إلى مسألة معادلة فيها ، فإذا بأرقام مائلة مكتوبة
أسفلها ، لا شيء سوى إعادة نسخ أرقام السؤال ،
أراد أن يتنهّد ، لكنه تماسك
قال:
“ هذا أصعب من مستواك . سأبحث لك لاحقًا عن مسائل أبسط ”
أجاب جيانغ يو بهدوء:
“ أوه…” ووضع قلمه ببطء، يبدو محبطًا :
“ ما زلت لا أستطيع تعلّمها .”
في هذه اللحظة ، وين دي قد جلس بالفعل على الكرسي بجواره ،
يلتقط البسكويت المبعثر من طبق الفاكهة ويأكله ،
وحين سمع كلامه التفت قائلًا :
“ ليس مهمًا إن لم تستطع تعلّمها "
رمش جيانغ يو بعينيه :
“ لكن المعلّم قال : إذا لم تدرس جيدًا ، فلن يكون لك
مستقبل عندما تكبر ”
ابتسم وين دي :
“ التفوق الدراسي والمستقبل المشرق أمران مختلفان .
انظر إليّ أنا مثلًا .”
قال جيانغ يو بقلق:
“ لكن المعلّم قال إن التعلّم مفيد في الحياة اليومية .
أنا لا أجيد الرياضيات ، إذن لن أستطيع عدّ النقود بشكل صحيح.”
: “ استخدم آلة حاسبة .”
: “ ولا أستطيع حفظ كلمات اللغة الإنجليزية "
: “ نحن صينيون ، لماذا نحتاج للتحدث بالإنجليزية ؟”
: “ ولا أجيد مادة التاريخ أيضًا "
: “ نحن نعيش في الحاضر ، ويجب أن نتطلع إلى الأمام .”
: “ ولا أفهم مادة السياسة "
: “ السياسة ؟ حتى السياسيون أنفسهم لا يفهمونها .”
فتح جيانغ يو عينيه بدهشة :
“ حقًا ؟”
وين دي:
“ وما المميز في الدرجات العالية أصلًا ؟
انظر إلى أخيك ، لا يزال عاجزًا عن إيجاد زوجة .”
ألقى جيانغ يو نظرة على بيان تشنغ وقال بإعجاب:
“ لكن أخي عبقري "
قال وين دي بعد لحظة تفكير:
“ وهل التفوق في الدراسة يعني العبقرية ؟
أنا أرى أن الشخص القادر على الشعور بالسعادة في كل
حين هو العبقري الحقيقي .”
وبينما يوجّه طعناته الساخرة للأخوين معًا ،
التفت فرأى بيان تشنغ يبتسم بزاوية فمه ،
ارتبك { ألم أكن أوبّخه قبل قليل ؟ }
قال وين دي بنبرة هجومية :
“ لما تبتسم ؟”
رد بيان تشنغ:
“ لو لم نكن متزوجَين بالفعل ، لكنتُ طلبت يدك الآن "
ضحك وين دي ساخرًا :
“ وكأنك قد خطبتني أصلًا بشكل لائق !
أنت الرجل الذي جعلني أطوي لك خاتمًا مرتجَلًا في اللحظة الأخيرة .”
بيان تشنغ { اووه … إضافة جديدة إلى قائمة شكاوى شريكي }
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق