Ch58 | DSYOM
[ أجسادنا هي حدائقنا ، وإرادتنا هي البستاني الذي يعتني بها ]
في صباح اليوم التالي ،
استيقظ وين دي وهو يشعر بالانتعاش ، وتمدد بكسل
النوم قد غسل عنه التوتر والغضب ،
واختفت انزعاجات الليلة السابقة ،
عادت الحياة فجأة مشرقة وجميلة ،
حين نهض ، كان السرير بجانبه فارغًا بالفعل
خرج من غرفة النوم فرأى بيان تشنغ جالسًا على طاولة الطعام ،
والهالات السوداء تحت عينيه واضحة ،
يشرب مشروب طاقة من ماكينة القهوة التي أهدتهم إياها يو جينغيي
و على يسار الطاولة توجد سلة من الخبز المحشو على البخار ،
وعيدان اليو تياو المقلية ،
وحليب الصويا الساخن ؛ وعلى اليمين كيس خبز توست
وحليب—مزيج حقيقي بين أسلوب الفطور الصيني والغربي
سأله وين دي: “ استيقظت مبكرًا لتشتري هذا ؟”
أومأ بيان تشنغ، مشيرًا له بالجلوس وتناول الطعام
كانت حركاته متعبة ، والحياة تكاد تغيب عن عينيه ~
جلس وين دي على الكرسي ، شاعِرًا بالرضا لأن الفطور جاهز فور استيقاظه
لم تمضي لحظات حتى دفع جيانغ يو الباب ودخل مرحبًا بصوت عالٍ :
“ صباح الخير !”
رد وين دي: “ صباح الخير !”
قال بيان تشنغ بصوت خافت : “ صباح الخير…”
جلس جيانغ يو بجانب وين دي —- أمسك بفطيرة لحم وقضمها
بينما شرب وين دي نصف علبة الحليب ثم لاحظ الشخص
المقابل له، وقد أغمض نصف عينيه ويبدو نعسانًا
وين دي: “ ألم تنم جيدًا الليلة الماضية؟”
رفع بيان تشنغ رأسه ببطء ، وحركته تشبه حيوان الكسلان
في فيلم زوتوبيا: “ هل تعلم أنك تشخر ؟”
فكر وين دي لحظة وقال: “ زملائي في السكن ذكروا ذلك
من قبل . هل هو مرتفع ؟”
بيان تشنغ: “ كأن في حلقك هاون "
ابتلع وين دي كمية من الحليب : “ هل هو مبالغ فيه إلى هذا الحد ؟”
أكد بيان تشنغ بصمته
سأل وين دي محرجًا : “ هل أزعجك ؟”
أجاب بيان تشنغ: “ لا بأس . هل تريد فطيرة محشوة أم توست ؟”
: “ توست ...” قال وين دي وهو يلتقط شريحة : “ هل يوجد مربى أو شيء ما؟”
بيان تشنغ: “ يوجد مربى فراولة ” نهض، فتح الخزانة،
وناول وين دي مرطبانًا جديدًا من المربى
أخذه وين دي وحاول فتحه ، لكن بلا جدوى
لفّه بقطعة من ملابسه وحاول مجددًا، وما زال مغلقًا
ذهب إلى المطبخ ، ارتدى قفازات غسل الصحون ،
وحشد كل ما تبقى لديه من قوة ،
لكن حتى الآن لم يفلح
{ هذا غريب ….عادةً يجب أن أنجح المحاولة الأخيرة }
قال وين دي: “ يبدو عالقًا "
بيان تشنغ: “ أعطني إياه "
ناول وين دي المرطبان لبيان تشنغ
أخذه وحاول في البداية بلفة عابرة ،
لكنه سرعان ما أدرك أنه قلّل من خصمه ،
بدأ يلف بقوة ، ومع ذلك لم ينفتح
رأى وين دي عروق ذراعيه تنتفخ ، ومع ذلك لم يُعطِ المربى وجهًا
وين دي: “ لا بأس ، سأأكل التوست كما هو "
أومأ بيان تشنغ، وضع يديه تحت الطاولة،
ثم سأل: “ هل ستذهب للمكتبة اليوم ؟”
وين دي: “ نعم . هل ستذهب للجامعة ؟”
بيان تشنغ: “ اووه . بحثت قليلًا ، وتوجد مدرسة تشي تشي
قرب شينجياكو تبدو جيدة.
اليوم سأترك جيانغ يو يحضر درسًا هناك كتجربة .
وبعد اجتماعي سأمرّ لآخذه .
هل نتناول العشاء معًا الليلة ؟ وجدت مطعمًا لطيفًا .”
: “ حسنًا ”
بعد أن أنهوا الإفطار ، رتّب وين دي بقايا الطعام على الطاولة ،
ولاحظ أن فطور بيان تشنغ بقي كما هو لم يمسّ ،
فسأله:
“ ألن تأكل فطورك ؟”
بيان تشنغ: “ سآكل لاحقًا "
توقف وين دي لحظة ثم سأله:
“ ما زلت تحاول فتح ذلك المرطبان ؟”
لم يُجب بيان تشنغ
فانحنى وين دي فجأة لينظر تحت الطاولة ، وكما توقّع ،
كانت اليدان على الجانب المقابل لا تزالان مشدودتين على
مرطبان المربى وتحاولان فتحه بقوة
ساد الصمت لبضع ثوانٍ ثم شرح بيان تشنغ:
“ كنتُ ألفّ في الاتجاه الخاطئ سابقًا "
: “ اوه اوه .”
: “ هذه أول مرة يحدث لي شيء كهذا .”
قال وين دي مواسيًا : “ أعرف ، تصميم المرطبان سيئ "
لكن هذا السبب لم يُقنع بيان تشنغ بوضوح ،
إلا أنه وضع المرطبان جانبًا مؤقتًا ،
وين دي: “ أسرع وخذ جيانغ يو إلى المدرسة "
————-
كان يوم المكتبة بالنسبة لوين دي مثل أي يوم آخر ؛
مراجعة للأبحاث ، القيام ببعض المهام المتفرقة ،
وكتابة مخطوط لأستاذه المشرف ،
باستثناء جولة قصيرة إلى متجر الموسيقى و هيتشينغ
غاردن خارج بوابة الجامعة ،
قضى بقية وقته في إثراء معرفته بمجالات جديدة
وحين خفت ضوء الشمس خارج النافذة ،
وهبّت نسمات المساء الرقيقة ،
بدأ الطلاب من حوله ينهضون لتناول العشاء
عندها فقط وقف وين دي، تمدد بتكاسل ، حرّك عضلاته ،
وألقى نظرة على هاتفه
كان بيان تشنغ قد أرسل رسالة يخبره فيها أنه سيقود
السيارة عائدًا مع جيانغ يو
ردّ عليهم وين دي طالبًا أن ينتظراه عند بوابة الجامعة
وبعد أن صعد إلى السيارة ، سأل بترقّب :
“ إلى أين سنذهب ؟”
بعد قليل من القيادة ، توقّف بيان تشنغ عند مطعم مختص بمأكولات شوندي
جلس الثلاثة في مقصورة داخلية في الخلف
مسح وين دي رمز الاستجابة السريعة ، فتح القائمة وبدأ
يتصفّحها بسعادة . قال مبتسمًا:
“ أستطيع أن أرى من أول نظرة أن هذا بالضبط ما أحب أن آكله ”
نظر بيان تشنغ إليه بنظرة متفاجئة : “ طبعًا، لقد أخبرتني سابقاً .”
أطلق وين دي صوت تساؤل وهو في وسط طلبه " هاه ؟ "
ذكّره بيان تشنغ: “ في ذلك الوقت ، عندما ذهبنا للحفل
الموسيقي وغرقت في النوم . ناقشنا تفضيلاتنا .”
ما إن سمع وين دي عبارة ' غرقت في النوم ' حتى ارتسمت
على وجهه ملامح ألم،
مستعيدًا تلك اللحظة المحرجة ،
{ هذا الرجل لا يعرف أبدًا كيف يتخلّى عن التفاصيل الزائدة
ليُبقي فقط على الجوهر ،
بل يصرّ دومًا على ذكر ما لا لزوم له }
لكن التأثير كان جيدًا؛ ذلك الموعد ترك أثرًا عميقًا فيه،
حتى إنه تذكّر على الفور تفاصيل شتى
قال وين دي بدهشة: “ والآن تُبنى وجباتنا على تفضيلاتي ؟
إن كنت أنا الوحيد الذي يأكل بسعادة ، وأنت تتناول طعامًا
لا تحبّه ، ألن يكون كل قضمة منه بمثابة صفعة لضميري…؟” ( اقتبس كلام بيان تشنغ سابقاً )
أجابه بيان تشنغ بهدوء : “ على الإطلاق "
أشار وين دي: “ أنت تناقض نفسك "
بيان تشنغ: “ أنا لا أحب الزهور ، لكن إن قدّمها لي شخص
أحبّه فسأكون سعيدًا بها.
ولا أحب بعض الأطباق ، لكن تناولها مع شخص أحبّه يجعل طعمها لذيذ .
ولا أحب فيلم ذهب مع الرياح ، لكن إن شاهدته مع شخص
أحبّه فسيكون ذلك رومانسيًا .”
حدّق وين دي فيه طويلاً ، ثم طرح السؤال الذي حيّره منذ زمن :
“ ما خطبك أنت بالذات ؟”
ألقى بيان تشنغ نظرة سريعة على الرباط المطاطي في يده، وقال:
“ ما خطبي ؟”
وين دي: “ مهاراتك في العلاقات تتأرجح بشدة ،
تتأرجح بين أقصى الطرفين .
وفصاحتك اللفظية تكشف ذلك بوضوح .”
بدأ بيان تشنغ يفكّر داخليًا للحظة ،
واستنتج أن كلام وين دي كان بمثابة انتقاد لأدائه بالأمس،
وفي الوقت نفسه مجاملة لما فعله للتو
تذكّر التجربة المؤلمة التي مرّ بها بالأمس حين تم انتقاده—
فمجرد تلقي تعليقات سلبية من دون تفسيرات محددة
يجعل من المستحيل أن يتحسن ،
لذا قرر أن يعقد جلسة مراجعة
قال:
“ بالمناسبة ، لم أسألك بعد—لماذا بالتحديد كنت غاضبًا البارحة ؟”
سأله وين دي وهو يضع الطلب :
“ أي مرة تقصد بالضبط ؟”
أجاب بيان تشنغ:
“ فهمت الأمرين المتعلّقين بترتيبات السكن والنوم ،
لكن لماذا انتقدتني أثناء تدريسي لك؟”
نظر وين دي إليه بعمق ، ثم أدرك أن بيان تشنغ فعلاً لا يعرف …. فقال:
“ شعرتُ أنك تحتقر مستواي في الرياضيات "
تسمر بيان تشنغ مذهولًا :
“ هل فعلتُ ؟”
وين دي:
“ إذًا ماذا كنت تفعل ؟”
رد بيان تشنغ:
“ كنت أشرح لماذا من الصعب فهم الطوبولوجيا .
من الطبيعي ألا يستوعب طلاب الآداب ذلك .”
لكن الأمر لم يبدُ مقنعًا أيضًا —- فسأله وين دي بريبة:
“ أنت لست من هؤلاء الأشخاص …؟
أولئك الذين يعتقدون أن دراسة الآداب لا تحتاج إلى ذكاء
كبير ، وأن المتفوقين في العلوم هم أصحاب الذكاء الحقيقي، صحيح ؟”
بدت ملامح بيان تشنغ وكأن شخصًا ما قدّم ضده شهادة في
محكمة بجريمة كبرى. وقال بسرعة:
“ كيف يمكن أن يكون ذلك؟
هذان مجرد مجالين مختلفين يتطلبان قدرات مختلفة .
لو طلبتَ مني أن أكتب مقالة مليئة بالعاطفة ، فلن أستطيع .
و من منظور عملي ، الرياضيات ليست بالضرورة أفضل من الأدب .”
وين دي :
“ حقًا ؟”
بيان تشنغ:
“ مع أن بعض النظريات الرياضية وُجدت لها تطبيقات في
مجالات أخرى ، مثلما أثبتت متباينة شوارتس مبدأ الريبة
لهايزنبرغ، إلا أن المشكلات التي أبحثها أنا متخصصة جدًا
وغامضة ، وليس لها بالضرورة قيمة عملية .
أنا أدرسها ببساطة لأنها ممتعة — ولا علاقة لذلك بتطوير
التكنولوجيا ، فضلًا عن المساهمة في البشرية ….”
توقف قليلًا ثم تابع:
“ وفوق ذلك ، أبحاث الرياضيات البحتة ليست ذات مكانة عالية .
يمكنك أن تتحقق بنفسك من عدد الأكاديميين في
الأكاديميتين المتخصصين بالرياضيات البحتة ،
أو كم التمويل الذي يخصصه المؤسسة الوطنية للعلوم
الطبيعية لهذه المشاريع كل عام .
المكانة مرتبطة مباشرة بالتمويل .
مثلًا، المشرف على سونغ يوتشي حصل العام الماضي على
ثلاثين مليون يوان كمرحلة أولى في مشروع علمي ضخم،
وحتى ألقى خطابًا تمثيليًا في مؤتمر الجامعة .
أما إجمالي التمويل الذي أستطيع التقديم عليه طوال
مسيرتي فلن يصل إلى هذا المستوى أبدًا .
من أي منظور ، ليست لدي أي أرضية لأزدري زملائي في كلية الآداب .”
رمش وين دي بعينيه فجأة وشعر أنه بدا شخصًا صغير النفس قليلًا . فقال:
“ اووه .”
بيان تشنغ :
“ ربما كانت صياغتي للكلام مشكلة ، لكن ذلك لم يكن قصدي ”
وين دي :
“ حسنًا .”
تابع بيان تشنغ:
“ إن حدث مستقبلًا—”
فقاطعه وين دي:
“ لا بأس ... لقد فهمت أفكارك الآن .
ومهما كانت طريقة تعبيرك لاحقًا ، فلن أسيء الفهم مجددًا ”
ألقى بيان تشنغ نظرة عليه ، ثم وضع يده على يد وين دي وضغط عليها بقوة
قال مبتسمًا :
“ لقد جاء طبق الدجاج المطهو على البخار. هيا، كُل بسرعة .”
لأن الأطباق المميزة كلها بدت شهية للغاية،
فقد طلبوا بالخطأ كمية كبيرة
وكان المطعم كريمًا أيضًا في تقديم الأرز
أكل وين دي أكثر من نصف وعاء—فقد تعوّد منذ صغره ألا
يبدّد الطعام—لكنه مع ذلك لم يستطع إنهاءه
فكل حبة أرز كُسبت بمشقة ، لكن الحفاظ على صحة المعدة أهم
أما جيانغ يو فكان لا يزال يستمتع بطعامه ، لذا فتح هاتفه قليلًا
أرسلت له يو جينغيي رسالة تخبره أن نتائج مقابلة وزارة
الخارجية ظهرت وأنها حصلت على الوظيفة
ردّ وين دي بعلامات تعجب متتالية ،
مفكرًا أنه بعد سنوات من النحس ،
أخيرًا ظهر بصيص من الضوء ،
و كان لا بد من الاحتفال قليلًا
فسأل يو جون عن وقت فراغها
وبما أن الأمر يتعلق بحفلة وداع ليو جينغيي،
فقد كان مدهشًا أن الشخص المشغول دائمًا أجابت بأنها
متفرغة في أي وقت
قضوا وقتًا في اختيار مطعم مناسب ،
وبحلول الوقت الذي أنهى فيه جيانغ يو طعامه ،
أشار بيان تشنغ للنادل ليجلب الفاتورة
عندها نظر وين دي إلى الطاولة ولاحظ فجأة شيء
ألقى نظرة على أدوات طعامه ، ثم على أدوات بيان تشنغ،
فتغيّرت ملامحه بين الصدمة والحيرة والذعر
قال مذهولًا وهو يحدّق في وعاء الأرز الفارغ أمامه:
“ أنت… أكلتَ الأرز المتبقي عندي؟”
كان بيان تشنغ منهمكًا في الدفع عبر هاتفه، فالتفت عند سماع ذلك:
“ ما الأمر ؟ هل ما زلتَ جائعًا ؟”
أجاب وين دي:
“ لا… لكن… أنت… فعلًا أكلتَ بقايا الأرز خاصتي؟”
ازداد استغراب الطرف الآخر :
“ هل أطلب لك وعاءً آخر ؟”
حدّق به وين دي —- كانت رغبته في شدّ الشريط المطاطي والرغبة في تقبيله بنفس القوة ،
لكن لوجود المراهق بجانبه لم يفعل أيًا منهما
تذكّر الأشياء التي تركها في زاوية غرفة المعيشة عندما عاد
إلى هتشينغ غاردن ظهرًا ، فابتسم وقال:
“ لنذهب إلى المنزل .”
———-
بعد دخولهم المنزل ،
ذهب جيانغ يو مباشرة إلى غرفة النوم ليشاهد الرسوم المتحركة كعادته
كان وين دي يخطط لأخذ شيء من غرفة المعيشة لكنه
تفاجأ فجأة بوجود شيء جديد قرب المدخل
سأل مشيرًا :
“ ما هذا ؟”
بيان تشنغ:
“ المكان الذي ترمي فيه قمامتك "
أمال وين دي رأسه يتفحّص سلة المهملات الجديدة
في المنزل ما يكفي من أماكن لرمي الأشياء ،
{ وها هو يضيف واحدة جديدة خصيصًا لي ؟ }
بيان تشنغ:
“ لست بحاجة إلى فرز القمامة بعد الآن ، فقط ارمِها هنا "
شعر وين دي وكأنه سمع للتو صوت كويكب يصطدم بالأرض
{ القمامة… لا حاجة لفرزها ؟ }
تابع بيان تشنغ:
“ دع الأمر لي لأفرزها … وأيضاً …” وأشار نحو الحمام :
“ بعد أن تستحم ، لست بحاجة لمسح الأرضية ، فقط ناديني .
يمكنك حتى تناول الوجبات الخفيفة في غرفة النوم ، طالما أن…”
قاطعه وين دي:
“ بعد أن أنتهي من الأكل ، أناديك لتأتي وتنظف ؟”
أومأ بيان تشنغ
عندها شعر وين دي وكأنه ملك لديه خادم شخصي
وين دي : “ هذا أمر مرهق جدًا…”
فأجابه بيان تشنغ:
“ هذه القواعد تخص عاداتنا نحن ، وليست عاداتك .
أنا وجيانغ يو لدينا معايير أعلى للنظافة من معظم الناس ،
لذا لا نرى الأمر مرهقًا .
أما أنت ، فمختلف .
وبما أنني أنا من يحدد المعيار ، فمن مسؤوليتي أن أقوم بالتنظيف .”
تأمله وين دي للحظة ، ثم ابتسم
سأله بيان تشنغ:
“ ما الأمر ؟”
وين دي:
“ فرز القمامة مزعج قليلًا ، لكن متى ما تعوّدت عليه ، فلن يكون سيئًا .
فقط اعتبره مساهمة في حماية البيئة .”
ظلّت نظرة بيان تشنغ معلّقة على وجهه ، حادة وطويلة
للحظة —- ظن وين دي أنه سيقبّله ،
لكن عين بيان تشنغ الجانبية التقطت شيئًا في زاوية غرفة
المعيشة، فتوقف فجأة
“ ما هذا ؟”
تفاجأ وين دي؛ لقد غلبته هرموناته وكاد ينسى الهدية التي تركها هناك
نظر إلى بيان تشنغ بجدية مفاجئة وقال :
“ لدي شيء لك "
ظهر على وجه بيان تشنغ تعبير يشبه الخوف
{ خوف ؟ لماذا ؟ } احتار وين دي —- لكنه ذهب إلى
الزاوية وأخرج علبة كمان سوداء تستند على الحائط
فتحها ، وأخرج ما بداخلها ، وقدّمها إلى بيان تشنغ بكلتا يديه
“ إنها لك "
أنزل بيان تشنغ عينيه فرأى كمانًا أسود
قال وين دي مفسّرًا :
“ كمان صامت ….” ثم أشار إلى منفذ في طرف الكمان: “ توصّل السماعات هنا ، وتسمع عزفك وحدك .
وإذا أردت تشغيله بصوت مسموع ، يمكنك ربطه بسماعة
خارجية ….” ثم تردد قليلًا وأضاف : “ أو ربما لا "
أمسك بيان تشنغ الكمان ، وبدأ يمرر أصابعه برفق على عنق القيقب
وعندما التفت لينظر إلى وين دي، كانت نظرته مليئة
بالامتنان، وكأن وين دي أنقذ حياته
وين دي:
“ لا تكن دراميًا إلى هذا الحد ، إنها مجرد هدية صغيرة "
بيان تشنغ:
“ شكرًا لك، فشخص يحب المال إلى هذا الحد…”
قاطعه وين دي:
“ لا داعي للشكر "
أخذ بيان تشنغ الكمان بعناية إلى غرفة النوم،
ووضعه بجانب صديقه القديم
وقف وين دي مكتوف الذراعين متكئًا على الحائط ،
يراقب بيان تشنغ وهو يضع الهدية ثم يعود إلى ملامحه
المعتادة ، فجأة سأله :
“ لماذا بدا عليك الخوف قبل قليل ؟”
اعتدل بيان تشنغ وسار نحوه قائلًا :
“ ظننتُ أنك ستطلب الطلاق "
ارتبك وين دي:
“ لماذا ؟”
رفع بيان تشنغ معصمه، فظهرت تحته علامة حمراء باهتة
تركها الشريط المطاطي
أمسك وين دي بمعصمه، وأزال الشريط، وبدأ يدلك الموضع بأصابعه :
“ بماذا تفكر ؟
حتى لو اختلفنا في بعض الأمور ، فهذا لا يقود إلى الطلاق ...
العيش معًا يحتاج بطبيعة الحال إلى بعض التنازل ،
وأنت بالفعل قمتَ بعمل رائع .”
بيان تشنغ:
“ لكن هناك أشياء قد لا أستطيع تغييرها .
أحيانًا قد أقول أمورًا غريبة من دون أن أشعر ”
فكر وين دي قليلًا ثم قال مبتسمًا:
“ لا بأس إن لم تستطع التغيير "
بيان تشنغ:
“ ألا تعتبره عيبًا ؟”
رد وين دي وهو يبتسم ويحدق فيه :
“ العيب لا يحتاج دائمًا إلى إصلاح .
أحيانًا، إذا حاولتَ صقل النتوءات ، قد تفقد الأماكن الكاملة أصلًا كمالها .”
ظل الآخر يحدّق به طويلًا ، طويلًا جدًا ——- ،
حتى خُيّل لوين دي أن الزمن قد تجمّد في هذه اللحظة
بيان تشنغ :
“ أنا معجب بك "
حدّق به وين دي دون أن ينطق ،
وبدأ يعدّ بصمت في قلبه ——
{ ثانية… ثانيتان… ثلاثة… أربعة… خمسة }
شعر بيان تشنغ وكأن قلبه سيتوقف عن الخفقان
رد وين دي أخيرًا :
“ وأنا أيضًا معجب بك ”
نظر بيان تشنغ إلى الابتسامة الخفيفة عند زاوية فمه ،
وفجأة أدرك الأمر ؛
{ ذكائي العاطفي ، الذي ظلّ خامدًا طويلًا ، بلغ ذروته
— هذا الشاب ينتقم مني الآن بسبب بطئي في الرد على مشاعره سابقًا } :
“ لقد تركتني أنتظر عن قصد أليس كذلك ؟”
انفجر وين دي ضاحكًا ،
ثم أعاد بيان تشنغ وضع الشريط المطاطي على يده وأطلقه بشدة
توقفت الضحكة ، لكن الابتسامة ظلت
رفع وين دي ذراعه وأحاط بها كتف بيان تشنغ :
“ بشأن الشخير ، سأذهب إلى المستشفى وأرى إن كان يمكن علاجه ”
مدّ بيان تشنغ يده ليعانق خصره ، وهو يشعر بشيء في
صدره يتضخّم حتى أقصى حد:
“ لن أستيقظ بسهولة عندما أكون مرهقًا "
رفع وين دي عينيه إليه ، وقبل أن ينطق بشيء ،
مال الرجل الذي أمامه وقبّل شفتيه ،
عانقته ذراعان قويتان بإحكام ،
فشعر وكأن جسده كله قد غمره شيء عارم
أطرافه بدت مشتعلة ،
والأماكن التي لامسها تحترق بحرارة
وبين وقفة قصيرة في القبلة ، بدأت تلك اليد تجول في أماكن أخرى ،
فانتشرت ألسنة اللهب في جسده كله بسرعة ،
الطقس لم يدفأ بعد ،
لكن هواء الغرفة امتلأ بحرارة الجسد
الجدران رقيقة ، لذا حتى خلع الملابس كان يتم بأقصى
درجات الحذر
ولئلا يصدرا صوتًا ، وضع بيان تشنغ يده على فم وين دي
بإمكان وين دي التنفّس ،
إلا أن سرعته لم تكفي لمجاراة الاستهلاك المفرط للأكسجين
وفي اللحظة الأخيرة ، رفع يده ليُبعد الأصابع عن شفتيه ،
وما إن تحرر حتى أخذ نفسًا عميقًا
و بقيت الغرفة ساكنة تحت ضوء القمر ،
ولم يُسمع سوى صوت حدة الأنفاس
وبعد وقت طويل ، قال وين دي:
“ علينا أن نشتري لشياو يو سماعات مانعة للضوضاء "
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق