Extra6 | DJPWNK
—- يوم السبت ، داخل إحدى قاعات جامعة الطب A —
الأرواح الحرة المحاصرة في القاعة تتوق إلى العالم الخارجي ،
بينما تُجبر على الاستماع إلى الأستاذ على المنصة وهو
يشرح معلومات طبية مملة ،
ربما لم يكن هناك ما هو أكثر إحباطًا من حضور
المحاضرات في عطلة نهاية الأسبوع ،
خصوصًا عندما تكون مادة اختيارية ؛ إذ انخفض عدد
الطلاب الذين يُصغون بانتباه إلى النصف ،
خلال الدرس ، كان بعض الطلاب يراجعون استعدادًا
لامتحانات تخصصهم ،
بينما يحاول آخرون اللعب بهواتفهم خلسة ،
تاركين أذنًا واحدة فقط تُصغي لأي معلومة قد تكون مفتاحًا للاختبار
لكن اليوم بدا مختلفًا قليلًا — إذ إن قلة من الطلاب كانوا
منشغلين بتأمل الأستاذ الذي يلقي المحاضرة ،
والذي بدا وسيماً بشكل استثنائي على المنصة
شاب يرتدي معطف رمادي أنيق رفع هاتفه ليلتقط صورة للمُحاضر
اعتقد الطالب الجالس بجانبه — والذي كان يضع سماعة
واحدة في أذنه — أنه يلتقط صورة لنقاط مهمة في الاختبار،
فنكزه بمرفقه وسأله :
“ هيه ، هل الأستاذ أعطى تلميحًا عن—”
لكن قبل أن يُكمل جملته ، تجمّد مكانه حين رأى وجه هذا الشاب
الطالب ارتجف وقد تجمّدت ملامحه على خوف واضح وهو يتمتم متلعثمًا :
“ أ… أستاذ شين؟”
أشار له شين فانغ يو بهدوء : “ ششش .... ”، وأغلق شاشة
هاتفه ثم قال:
“ انتبه للمحاضرة ”
تجمّد الطالب الذي كان يلعب ، وقد شعر بصدمة كبيرة
فقد بدأ هذا العام فقط العمل في مشروع ابتكار جامعي
داخل المختبر ، وكان مشرفه هو شين فانغ يو
{ والآن تم ضبطي متلبسًا من قِبل أستاذي المشرف … }
كاد أن ينهار من الرعب
لم يكن شين فانغ يو يتوقع أن يربح ' غنيمة جانبية ' وهو
قادم فقط ليستمع إلى محاضرة جيانغ شو
وبعد أن رنّ جرس انتهاء المحاضرة ، قال ببرود وهو يهمّ بالمغادرة :
“ تعال إلى مكتبي غدًا واشرح لي ما حصل "
ثم ترك الطالب اليائس خلفه ، متوجهًا بخطوات واثقة نحو المنصة
قدم لجيانغ الكتاب الدراسي الذي كان بيده ،
وقد علق داخله تذكرتان لملاهي ، وقال:
“ أستاذ جيانغ ، لدي سؤال أود أن أطرحه عليك .”
المعلم على المنصة كان وقورًا ، والشاب أمامه بدا متواضع ،
لذا لم يلحظ أحد السؤال الحقيقي الذي همس به شين فانغ يو:
“ أستاذ جيانغ هل يمكنك أن تفرغ بعض الوقت لتذهب
معي ونحتفل بذكرى زواجنا ؟”
كان جيانغ شو يجمع أغراضه ورأسه منحني ،
لكنه ابتسم قليلًا عند سماع ذلك
ألقى نظرة على الكتاب في يد شين فانغ :
“ احترافي جدًا "
رد شين فانغ يو مبتسمًا :
“ هذا ليس كتابي ، بل كتاب أحد طلابي . هو لا يفتحه أصلًا،
فأخذته أقلب فيه ...”
ثم فتح الكتاب أمام جيانغ وتابع :
“ لم أرَى كتابًا أنظف من هذا من قبل ...”
ثم نظر إلى كتاب جيانغ المليء بالملاحظات وقال:
“ كتاب تحضيرك أجمل بكثير ”
ناولَه جيانغ شو كتابه الخاص وقال بهدوء :
“ إذن خذه واقرأه .”
وقف شين فانغ يو أسفل المنصة ،
أخذ الكتاب وألقى نظرة عليه ،
ثم رفع عينيه نحو جيانغ وقال:
“ هيه جيانغ شو، ألا تشعر أن هذه القاعة مألوفة بعض الشيء ؟”
فكّر جيانغ شو للحظة ثم هزّ رأسه نافيًا
ابتسم شين فانغ يو :
“ يبدو أنها القاعة التي أعدتَ لي فيها ملابسي "
: “ ملابس؟” سأل جيانغ شو باستغراب
مع أن جيانغ شو لم يتأكد إن كانت هذه القاعة بالذات أم لا،
إلا أن كلمات شين فانغ يو ذكّرته بأمر ما
كان ذلك في الشتاء ——-
جدول الامتحانات الذي وضعته إدارة الشؤون الأكاديمية
كان غير معقول بعض الشيء — إذ حُددت مادتان
امتحانيتان متتاليتان بفاصل زمني قصير جدًا بينهما
وكالعادة ، كان جيانغ شو وشين فانغ يو آخر من يغادر القاعة
ومع حلول الليل واقتراب موعد الامتحان الصباحي ،
بدأ ذهن جيانغ شو يزداد خمولًا
غسل وجهه بالماء البارد مرارًا لكن دون جدوى
في الحقيقة كان يريد العودة إلى النوم ،
لكن في كل مرة يلتفت فيها كان يرى شين فانغ يو ما يزال
ممسكًا بقلمه ، يكتب بنشاط وتركيز
فأيقظ ذلك حس التحدي داخله ، وأجبر نفسه على البقاء
في القاعة ، رافضًا العودة إلى السكن
لكن شين فانغ يو ضحك من خلفه وقال بلا مبالاة :
“ إذا أردت أن تنام ، فاذهب ونم .
لا بأس… لن أقلّل منك .”
اشتعل الغضب في جيانغ شو —- فمزّق ورقة من دفتر
ملاحظاته وكتب عليها: [ شين فانغ يو أحمق ]
لكن قبل أن يُكمل كتابة الكلمة الأخيرة ، هزمه النعاس تمامًا وسقط في النوم
ظل شين فانغ يو يراقب جسده المتمايل حتى انهار على الطاولة ونام بعمق
شعر بنوع من الرضا وهو يغلق كتابه ،
ثم تقدّم بخطوات هادئة نحو جيانغ شو ،
متأملًا ملامحه النائمة والورقة المبعثرة أمامه ،
طوى الورقة بكسل، أعادها مكانها، وضحك بخفة:
“ يا لك من ساذج ...”
ثم تمتم :
“ أنا شربت ثلاث أكواب قهوة فقط لأتغلب عليك ~ .”
لكن جيانغ شو كان غارقًا في النوم، لم يسمع شيئ
ابتسم شين فانغ يو ابتسامة فوز ،
حمل حقيبته وتوجه نحو الباب , لكنه توقف فجأة ،
وعاد بخطوات بطيئة ، ثم خلع معطفه وألقاه فوق جسد
جيانغ شو ثم غادر
…
بعد أربع ساعات ، في قاعة امتحان الإحصاء الطبي بجامعة الطب A
دخل جيانغ شو القاعة وهو يحمل حقيبته والمعطف في يده
لم يهرع للبحث عن مقعده مباشرة ، بل أخذ يجول ببصره في القاعة
كان شين فانغ يو قد جلس في مكانه وهو يلعب بقلمه بملل
وعندما وقعت عيناه على المعطف الذي يحمله جيانغ شو
لمعت ابتسامة في عينيه
تمتم هوو تشنغتشون الذي كان يجلس بجانب شين فانغ : “ إلى مَن ينظر جيانغ ؟” ، محاولًا إخفاء ارتباكه بصوت
هادئ : “ لماذا أشعر أنه ينظر إليّ أنا ؟”
حلّل لي يالي من الخلف وقال :
“ لا، من هذه الزاوية… الأرجح أنه ينظر إليّ ! "
في ذلك الوقت لم يكن شين فانغ يو مدركًا لخيانة رفيقي سكنه ،
وظنّهما مجرد يثرثران ،
فتابع الحديث بجدية :
“ أنا أراهن أنه ينظر إليّ "
لكن قبل أن يُطلق رهانه ، تقدّم جيانغ شو مباشرة نحوه
وألقى المعطف عليه
قال شين فانغ يو بكسل وهو يتكئ إلى الوراء في مقعده محاولًا استفزازه :
“ ألم يكن بإمكانك على الأقل أن تغسله لي قبل أن تعيده ؟”
نظر إليه جيانغ شو من فوق ، ثم أخرج بطاقته الجامعية
وصفعها على طاولته :
“ خذه بنفسك إلى المغسلة واغسله .”
انتقلت نظرات شين فانغ يو من وجه جيانغ شو إلى البطاقة الجامعية
الصورة الفوتوغرافية على البطاقة كانت باردة وخالية من
التعابير ، تمامًا مثل صاحبها الواقف أمامه
رفع البطاقة وبدأ يطرق بها على الطاولة بلا مبالاة وهو يقول :
“ إذا لم أعدها لك، كيف ستأكل إذن ؟”
لكن جيانغ شو تجاهله وتوجه إلى مقعد الامتحان
تابع شين فانغ يو ظهره بنظرة قصيرة ، ثم التقط المعطف
ورماه على نفسه باسترخاء،
لكن ما إن أمسك قلمه حتى شمّ بوضوح رائحة مسحوق الغسيل
معاطف الشتاء الثقيلة لا تجف بسهولة ،
مما يعني أن جيانغ شو قد غسلها وجففها بنفسه
{ لم يكن عليّ أن أغطيه أصلًا…
فالمعطف النظيف والجاف يعني أن جيانغ شو لم ينم أكثر من ساعتين في الليل }
وكان شين فانغ يو محقًا
بالفعل ، بالكاد نام جيانغ شو تلك الليلة ،
واعتمد فقط على عزيمته ليكمل الامتحان
لذا لم يعد يذكر في أي قاعة امتحان كان حينها
———-
تذكر الأمر جعله ينزعج قليلًا ، فقال بحدة :
“ تجرؤ تذكّر تلك الليلة ؟”
ضحك شين فانغ يو :
“ ولِم لا أذكرها ؟ كنت صاحب نية طيبة .”
تبادلا الحديث بينما السيارة تتجه نحو مدينة الملاهي،
فأشار جيانغ شو إلى منصة القفز بالحبال الشاهقة في الأفق وقال ساخرًا :
“ وهل هذه أيضًا من نواياك الطيبة ؟”
صحيح أن القيام بشيء يرفع الأدرينالين أمر جديد ،
لكن مناسبات الناس الخاصة لا تُحتفل عادةً بمثل هذه الإثارة
لم يخطر ببال جيانغ شو أبدًا أن المفاجأة التي ظلّ شين
فانغ يو يتحدث عنها منذ أيام ،
لم تكن سوى دعوة إلى القفز بالحبال
قال شين فانغ يو بابتسامة :
“ ذاكرتك سيئة فعلًا يا جيانغ شو…
ألا تتذكر ما اتفقنا عليه ليلة رأس السنة في سنتنا الأولى ؟”
تغيرت ملامح جيانغ شو على الفور وصارت دقيقة ومعقدة
نادراً ما يحظى طلاب الطب بفرصة للاحتفال برأس السنة،
لأن الامتحانات تتكدس مباشرة بعدها
لكن رأس السنة تبقى إجازة على أي حال،
ولهذا غادر زملاؤهم الذين كانوا يراجعون في القاعة مبكرين تلك الليلة
وبينما جيانغ شو يراجع ، رفع رأسه ليجد نفسه وحيدًا
نظر إلى ساعته ، كانت تشير إلى الحادية عشرة وخمسين دقيقة ،
أي عشر دقائق فقط تفصل عن بداية العام الجديد ،
شعر فجأة بالتعب ، فوضع الكتاب جانبًا ، وفرك صدغيه ،
لكنه فجأة سمع صوتًا قريبًا منه يقول :
“ ما زلت هنا ؟”
دخل شين فانغ يو حاملًا كوب ماء ساخن ، وسأله وهو يشرب منه:
“ إنها ليلة رأس السنة ، لا تقل لي أنك ما زلت تدرس ؟”
ردّ جيانغ شو ببرود : “ كنت على وشك المغادرة .”
ونظرته وحدها كانت تحمل المعنى المطلوب
ابتسم شين فانغ يو :
“ حسنًا إذن ...” وضع الكوب جانبًا، التقط قلمه ،
وأعلن متحديًا :
“ فلنبقَ هنا ندرس حتى نسقط موتى .”
لسبب ما، حين جلس شين فانغ يو يراجع بجانبه ،
شعر قلب جيانغ شو —- الذي كان مضطربًا قليلًا بسبب
أجواء رأس السنة —- ، بالسكينة فجأة
كان صوت القلم وهو يخربش على الورق ثابتًا ،
وكاد جيانغ شو يركّز مجددًا في القراءة ،
لكن شين فانغ قطع الصمت فجأة وقال :
“ جيانغ شو تعال إلى الممر !!!!”
تفاجأ جيانغ شو — وحين رأى شين فانغ يو يركض بسرعة،
اعتقد أن مشكلة حدثت ، فسارع للحاق به
لكن عندما خرج ، وجد شين فانغ يو متكئًا على درابزين الممر ، ينظر إليه مبتسمًا :
“ لقد أتيت فعلًا ؟”
استدار جيانغ شو ليعود ، لكن شين فانغ يو أوقفه
طرق بخفة على ساعته التي أشارت تمامًا إلى الثانية عشرة،
ثم أدار رأسه نحو ملعب المدرسة الفارغ وهو يهتف بصوت مرتفع :
“ جيانغ شو سنة جديدة سعيدة !!!!”
كان في الملعب قلة من الناس ، والرياح الشتوية الباردة
التهمت صوته سريعًا،
ومع ذلك ظلّت عيناه تلمعان بابتسامة ، وقال له:
“ ألا يمكنك أنت أن تصرخ أيضًا ؟”
تجهم جيانغ شو وسأله :
“ ما الذي تفعله بالضبط ؟”
رد شين فانغ يو :
“ دعنا نسترخي قليلًا .
في أول عشر دقائق من العام الجديد ، لا أريد أن أذاكر ،
بل أريد أن أهدأ ”
قال جيانغ شو وهو يضع يده في جيبه :
“ حسنًا… سنة جديدة سعيدة ”
شين فانغ يو :
“ ألا تريد أن تخبرني بأمنيتك للسنة الجديدة ؟”
أجابه جيانغ شو بلا مبالاة :
“ إذا حصلت على مجموع أعلى منك ، فسأذهب للقفز بالحبال "
ضحك شين فانغ يو :
“ إذًا لن تقفز في حياتك أبدًا "
وفي النهاية ، لم يقفز جيانغ شو فعلًا ، لأنه حصل على نفس درجته بالصدفة
ثم نسي لاحقًا ما جرى في تلك الليلة الأخيرة من العام ….
———
الوادي صامت ، والرياح تعصف بشدة
مربوطين بحبال مطاطية ، محتضنين بعضهما ،
اندفع شين فانغ يو وجيانغ شو من ارتفاع شاهق
صفير الرياح مرّ بجانب أذني جيانغ شو حتى كاد يعجز عن
سماع أي صوت آخر
الرياضات الخطرة دائمًا أفضل محفّز للأدرينالين
خفقات القلب المتسارعة جعلت العناق أكثر التصاقًا
لم يكن جيانغ شو في التاسعة عشرة ليتخيّل أبدًا أن أول
قفزة له بالحبال ستكون مع ذاك الشخص الذي قال له إنه
لن يقفز في حياته
سطح الماء أسفلهم عكس ظلًا واحدًا لجسدين اندمجا في بعضهما
الرياح باردة على الجسد ، لكن الداخل كان ساخن وممتلئ
بالحياة بفعل تقلب الهرمونات
الروح منتعشة ، واللحظة سهلة لدرجة أن الكلام ينساب بلا عناء
جلس شين فانغ يو في القارب الذي استقبلهم بعد القفزة ،
وأسند رأسه إلى كتف جيانغ شو وقال بهدوء :
“ في الحقيقة… كنت أفكر مؤخرًا ...
كم من الفرص سنحت لنا لنقع في الحب ،
كيف احتجنا لكل هذا الوقت حتى نكون معًا ؟”
وفوق ذلك ، فما إن ارتبطا حتى رزقا بطفلة ،
ولم يكادا ينعمان بوقت خاص بهما وحدهما ،
كل يوم مع جيانغ شو كان يجعل شين فانغ يو يتمنى أن يدوم أكثر
نظر جيانغ شو إلى الملابس الداخلية السوداء التي ظهرت
قليلًا من تحت بنطال شين فانغ يو المرفوع وقال مازحًا
بصوت خافت :
“ ربما السبب هو أنك ترتدي ملابس داخلية حرارية .”
انفجر شين فانغ يو ضاحكًا ، فتأرجح القارب بخفة كما تتأرجح قلوبهما
قال بجدية :
“ جيانغ شو… دعنا نعيدها .
لو كان بإمكاننا إعادة الزمن…
هل نستطيع أن نكون معًا منذ أن كنا في الثامنة عشرة ؟”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق