Extra8 | DJPWNK
في ليلة مدينة A المفعمة بالأضواء والشراب ،
الناس يتدفّقون كالنهر ،
بينما القمر البارد يلفّه ستارٌ رقيق ،
يراقب بهدوء الشوارع المزدحمة بسيول السيارات ،
قال لي يالي وهو ثمل ، مخاطبًا السائق :
“ شياو ليو أوصل تشانغ تشنغ إلى منزله أولًا ،
ثم أعدني إلى المنزل .”
أجابه شياو ليو:
“ حسنًا السيد لي.
سيد تشانغ هلّا أعطيتني عنوانك ؟”
انتظر قليلًا ، لكن لم يأتِ أي ردّ
فتجمّد في مكانه مستغربًا ، ثم أعاد السؤال:
“ السيد تشانغ؟”
مدّ لي يالي يده ليهزّ الرجل الجالس بجانبه في المقعد الخلفي قائلًا :
“ تشانغ تشنغ … إنه يناديك!”
: “ همم؟” جاء صوتٌ غائمٌ متثاقل، ففتح عينيه قليلًا،
والرجل الذي كان ينام مستندًا إلى النافذة بدا وكأنه استعاد شيئًا من وعيه ،
قال: “تشانغ تشنغ؟
أليس هو في سيارة لي يالي؟
قال إنه سيُعيده إلى المنزل .”
لم يكن ضوء السيارة الداخلي مضاءً ،
وما كان يصل من الخارج لا يكفي لرؤية واضحة
حدق لي يالي النظر في ملامح الرجل التي ضوء الشارع
يضيئها مرك ويغيبها مرك ، ثم فجأة أدرك الحقيقة :
“هوو تشنغتشونغ؟!” سأل بدهشة : “ ما الذي تفعله في سيارتي؟”
: “ اللعنة!” قال هوو تشنغتشونغ وقد انتفض من الصدمة
مستفيقًا: “ أليست هذه سيارتي؟”
قال لي يالي وهو يحلّل الموقف : “ انظر جيدًا ، هذا سائقي
هل من الممكن أنك ركبتَ السيارة الخطأ مع تشانغ تشنغ؟”
هوو تشنغتشونغ: “……”
رفع هاتفه واتّصل بسائقه وانغ بو —- فتأكّد أنّ تشانغ تشنغ
نائم الآن في المقعد الخلفي لسيارته
فقال عبر الهاتف :
“ اسأله عن عنوان بيته وأوصِله إلى هناك .
وإن كان لا يزال غائب الوعي ، فخذه إلى منزلي ...”
ثم التفت إلى لي يالي قائلًا:
“ دعني أبيت عندك الليلة ، على أي حال لا عمل لدي غدًا ،
ولا رغبة لي في إضاعة الوقت .”
قال لي يالي باستهجان :
“ أنت تتصرّف وكأنك صاحب المنزل !”
ردّ هوو تشنغتشونغ ضاحكًا :
“ لقد كنا رفقاء سكن لسنوات طويلة ، ومنزلك هذا زُرته أكثر من مرة .
أم أنك تخفي فيه عشيقة يا السيد لي؟
إن كان لديك حبيبة ، فسأنسحب تجنّبًا للإحراج .”
توقّف لي يالي لحظة ، ثم استسلم وقال:
“ تعال إذًا "
…..
حين وصلا إلى المنزل ،
الليل قد أرخى سدوله ،
و حتى القمر توارى خلف الغيوم ،
تأمل هوو تشنغتشونغ منزل لي يالي الفخم بتمعّن وقال بإعجاب :
“ غيّرت منزلك ؟
يبدو أنّ السيد لي يعيش أعوامه الأخيرة بثراء فاحش .”
فقال لي يالي وهو يناوله حذاءً منزليًا :
“ لو لم تكن قد سافرتَ للدراسة في الخارج وورثتَ أعمال
والدك ، لربما كان منزلك الآن أفخم من منزلي "
ثم نادى على الخادمة لتأتي بملابس نوم داخلية وخارجية جديدة له
: “ اذهب بسرعة للاستحمام ...” قال لي يالي وهو يدفعه
نحو الحمّام : “ وأُحذّرك ، لا تفكّر أن تتقيأ عندي!”
أجابه هوو تشنغتشونغ بهمهمة غير واضحة ،
بينما التفت لي يالي إلى الخادمة وقال :
“ رتّبي غرفة الضيوف ، وحين يخرج خذيه إليها لينام .”
: “ حسنًا يا سيد لي.” أجابت الخادمة وانصرفت لتغيير أغطية السرير
أخذ لي يالي ملابسه ودخل إلى حمّام غرفة نومه الرئيسي ليغتسل
عيناه ثقيلة قليلًا بفعل الشراب ،
فضبط حرارة الماء على البرودة ليوقظ نفسه بعض الشيء
كان الحمام موصولًا بسماعات تبثّ موسيقى بيانو هادئة،
ولي يالي كان دائمًا يجد فيها راحةً ومواساة
لكن الليلة ، لا يدري لماذا ، غمره شعور غامض بالمرارة ؛
وكلّما استمع ، ازداد صدره ضيقًا ،
و أطفأ الموسيقى تمامًا
ارتدى لي يالي ملابس النوم وخرج من الحمام،
ولم يفكر كثيرًا، بل تمدد مباشرة على السرير،
ليتفاجأ بصرخة حادة جعلته ينتفض جالسًا،
ثم سمع هوو تشنغتشونغ يتذمر:
“ لقد ضغطت على يدي !”
قال لي يالي بذهول وهو يرى الرجل في سريره:
“ ما هذا بحقّ الجحيييييم … ألم أقل لك أن تنام في غرفة الضيوف ؟”
أجابه هوو تشنغتشونغ بامتعاض وقد بدا عليه الانزعاج بعد أن أُيقظ من نومه :
“ منزلك كبير ، من يعرف أيها غرفة الضيوف ؟
رأيت سرير يصلح للنوم فاستلقيت فيه ! "
كاد لي يالي ينفجر غضبًا :
“ تقول يصلح للنوم ؟! أتعلم من صمم هذا السرير ؟”
لكن هوو تشنغتشونغ لم يُبدِ أي اكتراث لمدى فخامة
السرير الذي استولى عليه،
بل ابتعد قليلًا ليترك له نصف المساحة ، وقال بلا مبالاة :
“ حسنًا خذ نصفه . لم كل هذا الكلام ؟”
في تلك اللحظة ، سُمِع طرق على الباب ، فتنهد لي يالي وقال:
“ ادخل ، ما الأمر ؟”
فتحت الخادمة الباب وقد بدا عليها التوتر:
“ عذرًا سيد لي، لكن السيد الذي أحضرته قبل قليل اختفى .
حين أنهيت تجهيز الغرفة وعدت ، لم أجده .”
صفع لي يالي هوو تشنغتشونغ بجانبه بقوة وقال للخادمة:
“ هو هنا ، لا تقلقي ، عودي للنوم .”
صاح هوو تشنغتشونغ غاضبًا : “ ما خطبك يا لي يالي؟
تضرب الناس على مؤخرتهم؟”
كان ملفوفًا بالبطانية من رأسه حتى قدميه ،
ولم يظهر سوى خصلة صغيرة من شعره بالبني ،
بارزة للأعلى بطريقة حمقاء تكاد توحي بالبراءة
شعرت الخادمة أن الجو غريب قليلًا ،
لكنها أغلقت الباب بسرعة بعد سماعها كلام لي يالي
وبسبب هذه الفوضى ، شعر لي يالي باليقظة من جديد ،
ففرك صدغيه وقال :
“ لا تنم الآن ، تحدّث معي قليلًا .”
هوو تشنغتشونغ رد بعناد :
“ ولماذا أفعل ؟”
لي يالي ببرود:
“ لأنك الآن ضيف في منزلي ، وتنام على سريري .
وإلا طلبت من شياو ليو أن يرميك في الشارع حالًا .”
سكت هوو تشنغتشونغ لحظة ، ثم قال:
“ لي يالي … أنت لا تتصرف هكذا إلا مع أصدقائك .
لو كان جيانغ شو مكاني ، هل كنت ستظل متعجرفًا هكذا ؟”
تجمد وجه لي يالي وقال بضيق :
“ هل يمكنك ألا تذكر هذا الآن ؟”
ابتسم هوو تشنغتشونغ بملل :
“ ألست تريد الحديث معي فقط لأنك ما زلت غير مرتاح من
أمر جيانغ شو؟
حسنًا، لنتحدث ….
أخبرني أولًا ، لماذا أُعجبت به في البداية؟”
في الواقع كان لي يالي أول من وقع في حب جيانغ شو
لكنه كان بارعًا في الإخفاء ، فلم يلاحظ أحد ذلك
إلى أن جاء هوو تشنغتشونغ الذي اعترف صراحةً للي يالي
أنه أيضًا معجب بجيانغ شو
و بعد صمت طويل ، اعترف لي يالي بدوره أنه يكن له المشاعر نفسها
لحظة صمت طويلة مرت بينهما ،
شعرا خلالها أن صداقتهما على وشك الانهيار ……
هوو تشنغتشونغ بطبيعته المباشرة والمندفعة ،
سعى وراء جيانغ شو بجرأة وعلنية ،
مما دفع لي يالي إلى أن يتصرف بالطريقة نفسها ،
خشية أن يسبقه هوو تشنغتشونغ ——-
لكن ما لم يتوقعه كلاهما ، أن جيانغ شو رفضهما معًا بصرامة ،
ولم يمنحهما حتى فرصة للاستمرار في ملاحقته ،
وبعد هذه الخيبة ، التئمت صداقتهما المتصدعة من جديد
بفضل مرارة التجربة المشتركة
قال لي يالي بهدوء:
“ أُعجبت به لأنه… وسيم "
سخر هوو تشنغتشونغ:
“ سطحي التفكير .”
رد عليه لي يالي:
“ وأنت كنت أعمق مني !!!؟”
ابتسم هوو تشنغتشونغ بمكر وقال:
“ أنا أُعجبت بـ جسده . تلك النسبة المثالية ، و الخصر ،
و الساقان… لا مزاح ، منظره كان رائعًا
بل أظن ساقيه حين تلتفان حول خصر أحدهم ستكونان غاية في الجمال .”
تجمدت ملامح لي يالي:
“……”
ثم قال ساخرًا:
“ إذًا أنت 1 ( توب ) ؟
وهل تظن أنك أطول من جيانغ شو أصلًا ؟”
دحرج هوو تشنغتشونغ عينيه وقال بانزعاج :
“ كف عن التقليل من شأن القامة ، ليس كل قصير بلا قيمة"
همهم لي يالي بصوتًا متشككًا يدل على عدم اقتناعه
لكن هوو تشنغتشونغ تجاهله وأكمل:
“ لكن لم يكن الأمر جسديًا فقط… أنا رأيته طيب القلب .
تذكر أيام الجامعة ؟ كانت هناك دائمًا قطط ضالة ،
بعضها مصاب ، وكان يأخذها كثيرًا إلى كلية الطب البيطري
في الجامعة المجاورة ليعالجها الأساتذة هناك .
التقيت به مرارًا وهو يفعل ذلك .
كان حنونًا ودقيقًا… لا أعرف كيف أصفه ، لكنني أُعجبت به لذلك أيضًا .”
فكر لي يالي قليلًا ثم قال:
“ أعتقد أن لدي انطباعًا مشابهًا .
أتذكر أنه انضم لجمعية إنقاذ القطط والكلاب الضالة ،
وكان شين فانغ يو أيضًا معهم بحجة الترويج
كان يوزع منشورات لجمع التبرعات في كل الطوابق .”
توقف الاثنان فجأة عند هذه الذكرى
ثم قال لي يالي متجهمًا :
“ لا يعني ذلك… أنهما كانا على علاقة من ذلك الوقت، أليس كذلك ؟”
خرج هو تشنغتونغ من صمته بعد لحظة وقال وهو يضحك:
“ لو كنت أعلم لانضممت أنا أيضًا إلى ذلك الجمعيّة .”
ثم صمتا معًا قليلاً ، وفي النهاية مدّ هو تشنغتونغ كوعه لي يالي وقال:
“ قل لي بصدق… كيف أُعجبت به أنت؟”
لي يالي تردّد للحظة ، ثم ربّما بفعل أثر الكحول ازدادت
رغبته في البوح، فانفتح قلبه وأخرج ما خبّأه طويلًا:
“ ذات مرة كنا في تجربة الفيزياء معًا ،
وكنتُ أنا وهو في مجموعة واحدة .
كنتُ أخطئ في أحد البيانات مرارًا ، ولم أستطع تسليم
التقرير ولا مغادرة المختبر ...
كان المطر على وشك الهطول ، ولم يكن معنا مظلّات ...
قلت له أن يذهب قبلي، لكنه أصرّ قائلاً: نحن في مجموعة
واحدة ، لا يمكن أن أتركك وحدك .
وظلّ يوجّهني حتى أنهيت التجربة وسلمناها معًا ، ثم خرجنا ...”
ابتسم وهو يتذكّر:
“ قلت له أنني سأركض في المطر لأحضر مظلّة وأعود لاصطحابه ،
لكنه رفض وقال إن لديه موعدًا في قاعة المذاكرة ،
ثم خلع سترته ووضعها على رأسه وانطلق يجري في المطر.”
تنفّس لي يالي بعمق ، وصوته بدا وكأنه عاد إلى تلك اللحظة :
“ لم أفكر ، فقط ركضت وراءه .
كان يركض بسرعة كبيرة ، وعندما وصلتُ إلى المبنى كان
معطفه قد ابتلّ حتى صار الماء يتقاطر منه ،،،
حين رآني بدا متفاجئًا ، وسألني بابتسامة : هل أنتم طلاب
السكن عندكم تحبّون المذاكرة إلى هذا الحد ؟
والمضحك أنني لم أكن أنوي المذاكرة أصلًا ،
لكنني جلستُ في قاعة المذاكرة تلك الليلة بسببه حتى منتصف الليل ….”
ضحك بصوت خافت وعيناه تلمعان بالحنين:
“ أتذكّر أنّه أخذ معطفي وقال : لو عصرناه معًا سننتهي أسرع .
كان المطر يتساقط من الملابس ، وشَعره مبتل يلتصق بجبهته ،
فجعل وجهه أنقى وأشدّ بياضًا… وقتها ، وأنا أحدّق في وجهه ،
كان قلبي يخفق أقوى من صوت المطر ،،،
ومن يومها… أُعجبت به .”
مرت في ذهنه صورة بوابة المبنى تحت أضواء المساء البيضاء ،
وملامح الفتى الواضحة ، وتلك الليلة التي سجّلت أوّل نبضة
قلب في ذاكرته
ورغم مرور السنوات ، ظلّت تفاصيل اللحظة حيّة ، لا يمحوها الزمن
تنهد هو تشنغتونغ ، ثم ربت على كتفه وقال:
“ يا لها من ذكرى جميلة…
لكن انتهى زمننا يا صديقي
شبابك انتهى ، وشبابي أنا أيضًا انتهى .”
ابتسم لي يالي بسخرية خفيفة :
“ انتهى منذ زمن بعيد .
أما جيانغ شو… فهو بالنسبة لي مجرد ماضٍ لا أكثر "
ضحك هو تشنغتونغ مازحًا:
“ هاه .. يبدو أنّ قلبك جُرح أكثر من مرّة أليس كذلك؟”
ردّ لي يالي بسرعة :
“ وأنت في سنواتك بالخارج ، ألم تدخل في علاقات ؟”
قال هو تشنغتونغ بلا حيلة :
“ دخلت طبعًا… لكن بمعدل علاقة كل سنة ، وتنتهي كل سنة .
الشخص المناسب ليس من السهل العثور عليه "
ثم سأله :
“ وأنت ؟ لم تجد أحدًا أيضًا ؟”
تنهد لي يالي وأجاب:
“ لستُ مثلك .
أحببتُ واحدًا فقط ، لسنوات طويلة… كان آيدول شاب صاعد ،
لكنّه اليوم صار نجمًا كبيرًا ،
أنا من ساعدته على الصعود ، ثم تركني لأنه رأى أنني لم أعد أليق به "
هو تشنغتونغ شهق بدهشة:
“ هذا قاسٍ جدًا… من هو؟ قل لي اسمه لأتجنّبه "
التزم لي يالي الصمت ، ولم يشأ أن يذكر اسمه ،
فقد مضت القصة وانتهت ، وكلٌّ في حاله أفضل ،
فغيّر الموضوع قائلًا :
“ وماذا عنك أنت ؟
كم ستبقى هذه المرة بعد عودتك ؟”
أجاب هو تشنغتونغ وهو يتنهد:
“ لا أدري…”
عاد هوو تشنغتونغ ليعمل أستاذًا في جامعة الطب
بمدينة A، يجمع بين التدريس والبحث العلمي
لي ليالي:
“ ألم يطلب منك والدك أن ترث أعمال العائلة ؟”
أجاب هوو تشنغتونغ بلا مبالاة :
“ أنا لست مثلك — الابن الوحيد لثلاثة أجيال
والدي أكثر ما يملكه هو الأبناء ،
ولا أريد أن أزاحم إخوتي الكبار الذين يتصارعون بجنون على الإرث ،
أنا فقط أريد أن أعيش بسلام ، أبحث وأعمل في المجال الأكاديمي .”
ابتسم لي ليالي :
“ أحسنت يا أستاذ هوو لديك وعي فكري لا بأس به "
ضحك هوو تشنغتونغ قليلًا :
“ لا تستهِن بي،
ألم ترَى أن أعظم العلماء في العصور الوسطى كانوا من
أبناء العائلات الثرية؟
من يدري ، ربما أكون أنا الفائز القادم بجائزة نوبل "
ضحك لي ليالي :
“ إن حصلت فعلًا على نوبل ، سأحرص على أن تكون شركتي
هي المورد الرسمي للمياه في الحفل .”
: “ أليست شركتكم خاصة بمياه الشرب العادية؟”
لي ليالي : “ علينا أن نوسّع أنشطتنا ،
شركتي الآن تنتج مختلف المشروبات أيضًا .”
ابتسم هوو تشنغتونغ :
“ لي ليالي كريم بحق "
وبعد هذا المزاح التجاري المتبادل ، ساد الصمت فجأة ،
وأصبح الجو في الغرفة مشوبًا ببعض الغرابة
بحسب طبع هوو تشنغتونغ —— كان من المفترض أن يقول
شيئًا لكسر هذا الصمت ،
لكنه شعر ببعض الإرهاق فلم يجد رغبة في الحديث ،
كانت تلك الجلسة الممزوجة بالخمر بمثابة إعلان لنهاية مرحلة الشباب
أما من كانوا يومًا ما يتنافسون على قلب شخصٍ واحد،
فقد أصبح ذلك الشخص الآن رفيقًا لحياة آخر
ومع أن مرور السنوات جعل الأمر غير مؤلم ،
إلا أنه لم يَخلُو من شعور غامض يصعب وصفه ،
وكأنها إشارة إلى نهايةٍ كاملة لمرحلة زمنية ،
والشاهد الأوحد على تلك الأيام الماضية لم يكن سوى الآخر الجالس أمامه
قال لي ليالي فجأة وهو يحدّق في الرجل الصامت بجانبه:
“ هوو تشنغتونغ… ما رأيك ،،،،
هل نجرب نحن الاثنين ؟”
ارتعشت رموش هوو تشنغتونغ بخفة ، ثم التفت إليه ،
ولمعت في عينيه سخرية مازحة
رفع حاجبه ونظر إلى لي ليالي:
“ نحن الاثنين ؟”
أجاب لي ليالي : “ نعم ،
نحن نعرف بعضنا جيدًا ، وذوقنا متقارب ،
على الأقل أفضل من أولئك الذين نلتقي بهم عبر التطبيقات العشوائية .
لنجرب كأنها خطبة أو تعارف موعد مدبر ،
إن لم ينجح الأمر نفترق ، دون أن يفسد ذلك صداقتنا .”
ابتسم هوو تشنغتونغ :
“ وكأنك تعاملني كموظف تحت فترة تدريب في شركتك "
ضحك لي ليالي:
“ بل كموظف رسمي ، مع فترة تقييم ،
ويمكن لأيّ منا أن يوقف التجربة متى أراد .
فهل يفكّر أستاذ هوو في العرض ؟”
في غرفة النوم الفسيحة المضاءة بهدوء ،
كان لي ليالي ينظر إليه بتركيز شديد
ملامحه العميقة تحت ضوء المصباح أظهرت تباينًا جميلًا
بين الظل والنور ،
ورموشه الكثيفة أضفت على نظرته الصادقة مزيدًا من العمق ،
فكّر هوو تشنغتونغ قليلًا ، ثم ابتسم ابتسامة كسولة على
عينيه اللوزيتين
رد أخيرًا :
“ حسنًا… فلنجرب "
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق