Ch112 بانغوان
الغابة كانت صامتة تمامًا من حولهم ، والغيوم الداكنة
متلبّدة في السماء — { … العاصفة ..حسنًا ، ربما العاصفة لن تأتي بعد الآن
وحتى إن لم تكن قد اختفت ، فقد أُبتلعت عائدة إلى أعماقها ~~ }
بو نينغ ألقى نظرة على الشيدي ، ثم على معلمهما
تشين بوداو لم يكن يتوقّع أبدًا أن ينتزع من البوابة شخصًا
صغيرًا إلى هذا الحد ، فتجمّد وجهه بدهشة نادرة للغاية
لم ينطق بشيء ، لكن انعكس في ملامحه المذهولة تعابير معقدة
و بعد وقت طويل ، تحركت يده الممسكة بيد الطفل قليلًا :
“ كيف كبرت بالعكس…”
تنهد ، وكأنه يكلّم نفسه ، ثم انحنى ونظر إلى العينين الشبيهة بعيني القطط
الحدقتان مستديرة ، حالكة السواد ، و انعكاس صورته
ظاهر بوضوح فيهما ،،،
وبعد أن تمعّن فيهما لبعض الوقت ، خفض صوته وسأل:
“ هل ما زلت تتعرف إليّ ؟”
الكرة الصغيرة المستديرة على هيئة طفل تحدّق فيه دون
حراك ، شدّ شفتيه الشاحبة بإحكام ،
للوهلة الأولى ، كان المشهد هو نفس المواجهة الصامتة كما دائمًا —-
لكن، حتى مع احمرار أطراف عينيه تدريجيًا ، ظلّ يرفض بعناد أن يرمش ،
مضت لحظة طويلة أخرى ، وأخيرًا اخترق صوته الصمت
: “ تشين بوداو "
في هذه اللحظة ، تنهد بو نينغ براحة
وبعدها مباشرةً ، لاحظ أن كتفي تشين بوداو ارتخيا على نحو غير متوقع ، و انسدل شعره الطويل إلى الأمام مع الحركة ،
حاجبًا جزءًا من وجهه
بو نينغ لم يتمكن من رؤية ملامح معلمه من زاويته ،
كل ما سمعه هو همهمة خافتة رقيقة من تشين بوداو ثم رفع الشخص الصغير أمامه بين ذراعيه وقال :
“ الجو بارد هنا . لنعد إلى المنزل أولًا .”
⸻
بوابة النسيان فُتحت هذه المرة في ' لونغشي ' —
وبالصدفة ، لم تكن سوى على بعد ثلاثة آلاف لي تقريبًا من نينغتشو
بالنسبة للناس العاديين ، ستكون المسافة بالسيارة لا تقل
عن عشر ساعات ، لكن باستخدام بوابة مصفوفة ، لم يستغرق الأمر أكثر من الوقت
اللازم لغلي إبريق شاي
وبينما تشين بوداو يعبر الممر الطويل المظلم داخل بوابة المصفوفة ، سمع الكرة الصغيرة في ذراعيه تقول :
“ أستطيع المشي "
كان الممر ساكنًا للغاية ؛ و صوت حديث بو نينغ — شيا تشياو — وتشانغ بيلينغ الخافت يتردّد من بعيد
أكمام تشين بوداو تلامس الظلال بخفة
لم يتوقف ، ولم يُنزله ، وقال :
“ لا جدوى من إتعاب ساقين على هذه الحال .”
ربما أدرك وين شي أن تشين بوداو لم يبتسم ولو مرة واحدة حتى الآن ،
وربما كان هناك سبب آخر
ففي الماضي ، كلما قال له أحد شيئًا مشابهًا ، كان وين شي
يرد دائمًا بالفعل أو بالكلام — تمامًا كما فعل حين أحضر
تلك السلحفاة الصغيرة إلى تشين بوداو قبل سنوات ،
لكن هذه المرة ، لم يتفوّه بكلمة ،
و كل ما فعله هو أن تشبّث بكتف تشين بوداو مطيعًا بهدوء
لدرجة تكاد تُعتبر انقيادًا
سار تشين بوداو مسافة أطول قليلًا ثم سأل فجأة :
“ كم تتذكر ؟”
الشخص المستند على كتفه ظلّ صامتًا ، كأنه على وشك أن يغفو ،
وبعد وقت طويل ، أجاب أخيرًا بتمتمة :
“ كل شيء "
في الحقيقة كان تشين بوداو يعلم ذلك مسبقًا
فبمجرد أن رأى تلك العينين وسمع كلمة “ تشين بوداو”،
أدرك أن وين شي ما زال يتذكر كل شيء
الشخص الذي أخرجه من بوابة النسيان كان هو نفسه كما
كان من قبل ؛ كاملًا وسليمًا ، لم يُفقد منه ذرة ،
كان الأمر فقط أن جسده مرّ بما اضطره إلى البدء من جديد
لكن، رغم ذلك، كان على تشين بوداو أن يسأل، وكأنه يؤكد لنفسه
تشين بوداو : “ وماذا عن بوابة النسيان ؟ هل تتذكرها ؟”
الشخص بين ذراعيه تصلّب قليلًا
تشين بوداو : “ هل كانت بوابة النسيان صعبة الاحتمال ؟”
: “… لا، لم تكن صعبة ...” ظلّ وين شي هادئًا لبضع ثوانٍ، ثم تابع :
“ لم يكن هناك شيء صعب . كان الأمر أشبه بأخذ قيلولة ”
مشى تشين بوداو طويلًا وهو يحتضن وين شي ،
وأخيرًا قال :
“ إذن ، لا يهمك الأمر حتى لو اضطررت للمرور بها بضع مرات أخرى ، أليس كذلك ؟
لأنه بعد خروجك منها يمكنك أن تكذب عليّ وتقول أنه ليس هناك شيء صعب في الأمر ؛ و أنه سهل مثل أخذ قيلولة
هل أنت متأكد أنني لن أتمكن أبدًا من دخول بوابة
النسيان ومعرفة كيف يبدو الوضع في الداخل ؟
وماذا لو سألتك كيف يكون حمل علامة ' سخط السماء' ، والدفن حيًا تحت الروابط الدنيوية ؟
هل ستقول لي أيضًا أنه لم يكن هناك ما يصعُب احتماله ، وأنه لا يختلف عن قيلولة ؟
وين شي، من الذي علمك أن تتصرف هكذا ؟”
ومع أن كلماته كانت صارمة ، ظل صوت تشين بوداو بطيئًا
غير متعجل — لكنه منخفض النبرة للغاية
وبالاقتران مع ظلام بوابة المصفوفة ، جعلت فترات الصمت
بين كلماته الفراغ يبدو أشدّ خواءً وصمتًا
كما لو أن الفراغ نفسه قد لاذ بالصمت ، خائفًا من الكلام
أما وين شي، فبقي صامت
بعد وقت طويل ، شعر تشين بوداو بالكرة الصغيرة بين
ذراعيه تتحرك قليلًا
و دون أن ينطق وين شي بكلمة ، شد ذراعيه حول عنقه
كان هذا بالضبط ما اعتاد أن يفعله حين كان طفلًا — دائمًا عنيدًا لا يلين ،
لا يرخو إلا للحظة فجائية حين يرتكب حماقة ولا يعرف ما يقوله ،
تشين بوداو: “…”
لقد ربّى وين شي بيديه ، فكان يعرف طباعه جيدًا
لو أن وين شي وقف أمامه بهيئته الراشدة ، لكان بالتأكيد إما
ردّ بعناد أو رفض المساومة ؛ ولن يكون قادراً على ابتلاع كبريائه ،
لكنّه الآن استطاع الإفلات بفعلته بفضل مظهره الحالي —-
مخادع وصغير الحجم لطيف
أراد تشين بوداو أن يضحك من شدّة الغضب
وبالفعل خرج منه ضحكة مكتومة ، عالقة في عمق حنجرته
الظلام الدامس في بوابة المصفوفة يحجب ملامحه عن الأنظار
وحتى إن رآه أحد ، لما استطاع أن يلتقط الخيوط المعقدة ،
المتفلّتة من الخوف الذي ما زال متشبثًا في أعماقه
تشين بوداو : “ حين تعود إلى هيئتك السابقة ، سأُصفّي الحساب معك كما ينبغي .”
“………”
هذه المرة ، حقًا توقف الشخص بين ذراعيه عن الكلام
⸻
في المقابل ، الثلاثة المتأخرون خلفهما أكثر ارتخاءً
مع أن بو نينغ كان قلقًا للغاية في البداية
فمع أنه واسع الاطلاع وذو معرفة شاملة في مجالات كثيرة ،
إلّا أن بوابة النسيان تجاوزت كل ما يعرفه ،
كان إدراكه لها مبنيًا فقط على القليل من التفاصيل التي قدمها وين شي ،
هذه المرة الأولى التي يرى فيها بوابة النسيان بعينيه ،
وكذلك المرة الأولى التي يرى فيها شخصًا يخرج منها ،
لقد كاد يظن أن وين شي قد نسي كل شيء وسيضطر للبدء من جديد ،
لحسن الحظ ، كان شيا تشياو حاضرًا —-
شياو تشياو لم يكن لديه خبرة عملية أيضًا ، لكن ذلك لم
يهم ، لأنه يملك جدّ استقبل وين شي مرتين —-
فشرح شيا تشياو: “ جدي أخبرني من قبل أن غا يبدو فعلًا
كطفل في كل مرة يخرج فيها من بوابة النسيان .”
سأل تشانغ بيلينغ: “ وماذا عن البقية ؟
هل يتأثر أي شيء آخر ؟ يبدو في الرابعة أو الخامسة من عمره ، أليس كذلك؟
هل يتذكر فقط الأشخاص والأشياء من ذلك السن ، أم يتذكر كل شيء ؟”
: “ هم…” حاول شيا تشياو أن يسترجع ذاكرته : “ دعني أتذكر ما قاله جدي ،،،
أظن أنه أخبرني أن غا يكون دائمًا مشوشًا قليلًا فور خروجه
من بوابة النسيان—ربما لا يزال يتخلص من الإحساس بداخلها ،
لكن بمجرد أن يتعافى من ذلك ، يستعيد ذاكرته كاملة .”
بو نينغ وقد بدا هذا أكثر ما يقلقه ، قال: “ فكم سيظل على
هذه الحال إذن؟ هل عليه أن ينمو من جديد ؟”
أجاب شيا تشياو فورًا : “ أوه بالتأكيد لاااا ،، الأمر يحدث بسرعة كبيرة .”
ثم تذكّر اليوميات التي تركها له جده شين تشياو وتابع :
“ حين رافق جدي غا عام 1921، لقد بلغ سن المراهقة
بحلول الوقت الذي قابله فيه ،
لم يمشوا طويلًا حتى عاد إلى هيئته الأصلية .
نفس الشيء حدث عندما التقيت غا بعد البوابة ،
الطريق من جبل جيانغجون إلى منزلنا يستغرق قرابة أربعين دقيقة بالسيارة .
وبحلول الوقت الذي وقف فيه أمامي ، كان قد عاد كما اعتدت أن أراه .”
أجرى شيا تشياو حسابًا سريعًا : “ لا يمكن أن يستغرق أكثر من ساعة . ربما نصف ساعة ، إن جرى الأمر بسرعة ”
عندها تدخّل تشو شو فجأة ليشرح لـ بونينغ : “ هذا يعادل نصف شيتشن أو تشيهين ”
( شيتشن ساعتين تقريبًا ، تشيهين ربع ساعة تقريبًا )
عندها تذكّر شيا تشياو أن بو نينغ لاوزو لا يقيس الوقت بهذه الطريقة
انزاح قلق بو نينغ أخيرًا : “ أوه فهمت ... حسنًا إذن .”
وأضاف شيا تشياو مطمئنًا : “ لا تقلق يا لاوزو ….
سترى التغيير بمجرد أن نخرج من هذه البوابة .
سيكون في سن المراهقة على الأقل .”
تحدث شياو تشياو بثقة تامة ——-
لكن، حين خرجوا فعليًا من الطرف الآخر للبوابة ، قابلهم
مشهد تشين بوداو مسندًا ظهره على خزانة الملابس ،
ذراعاه متشابكتان ، بينا الغا المصغّر جالس على السرير ،
وين شي يجلس متربعًا على السرير ، يحدّق بصمت في
الملاءات الرمادية الداكنة أمامه ، عارضًا للعالم ( لكن بالأخص لتشين بوداو ) شعره الأسود الفاحم الناعم
دارت كمية من علامات الاستفهام على وجه شيا تشياو ببطء
تشو شو أول من فقد صبره ، لكنه لم يجرؤ على قول شيء مبالغ فيه ،
فاكتفى بأن غرز أصبعه بقوة في ظهر شيا تشياو السفلي :
“ أليس ما زال في الرابعة أو الخامسة ؟!”
انكمش شيا تشياو مثل بالون فارغ وقال: “ أه… نعم "
تشو شو وقد حشر كلماته من زاوية فمه همسًا : “ ما معنى
هذا الـ ‘أه نعم’؟
ألم تقل إنه سيكبر خلال دقائق؟
هل تحسب دقائقك باستخدام عقرب الساعة القصير في هذا المنزل ؟”
بدا شيا تشياو في حيرة : “ كيف لي أن أعرف؟”
رمش بضع مرات ، ثم ناداه بتردد : “ غااا ؟”
الشخص المتأمل على السرير رفع رأسه ونظر نحوه
برق وميض شاحب فوق عينيه الداكنة الباردة
تراجع شيا تشياو خطوة للخلف قليلًا :
“ ما الذي يجري معك ؟”
من الواضح أن ' الغا الصغير ' لم يكن راغبًا في الكلام ،
و حدّق فيه طويلًا ثم قال باختصار : “ يوجد مشكلة بسيطة ، لذا لا أستطيع أن أنمو الآن .”
: “ وما المشكلة ؟”
: “ لا أعرف "
شيا تشياو : “ أوه”
في الخارج عند بوابة النسيان ، كانت المشاعر متأججة فلم
ينتبه كثيرًا لصوت الغا
أما الآن، وبعد أن أصغى إليه مجددًا ، فقد بدا صوته وكأنه تراجع قليلًا …
ليس بشكل مبالغ فيه ، لكن مع طبع الغا ، كان الأمر ملفتًا جدًا
{ لا عجب أنه متردد في الكلام }
و خشية أن يضغط على عصب حساس ، أنهى شيا تشياو
الحديث عند هذا الحد ،
ثم أدار رأسه نحو ' الرئيس شيه ' في الغرفة ،
حرّك شفتيه بصوت مبحوح بالكاد مسموع : “ أيها
المؤسس الموقر ، هل غا حقًا يواجه مشكلة ،
وليس هناك طريقة لينمو مجددًا ؟”
عينَا تشين بوداو لم تبتعدا لحظة عن السلف الجالس على السرير
ولسبب ما، شعر شيا تشياو أن في تعابير المؤسس الموقر
شيئًا… إضافيًا
كأنه يفكر ' لنرَى ماذا ستختلق هذه المرة '
و بعد لحظة ، همهم تشين بوداو وقال : “ بالفعل ،
لا يستطيع أن ينمو ،، الأمر مزعج بعض الشيء .”
ارتبك شيا تشياو فور سماعه كلمة ' مزعج ' : “ وماذا نفعل الآن ؟”
تشين بوداو: “ حمام دوائي "
وين شي: “؟” حدّق في تشين بوداو —- لكن قبل أن يتمكن من قول شيء ،
كان ذلك الأحمق شيا تشياو قد هرب بعيدًا بالفعل
: “ حمام دواء ؟” تذكّر شيا تشياو الدواء الذي سبق أن
حضّروه كمنقوع ليدي وين شي، فقال على الفور : “سأذهب
إلى المطبخ وأبحث عن وعاء الفخار الذي استخدمناه آخر مرة "
تشين بوداو: “ الوعاء صغير جدًا ، الغا خاصتك لن يتسع فيه ”
وين شي: “؟؟”
شيا تشياو: “ أوه، إذن ماذا عليّ أن أحضر ؟”
: “ حوض غسيل—” توقّف تشين بوداو لحظة ، ثم غيّر
الكلمة إلى ما هو أكثر شيوعًا اليوم : “— بانيو ،،
في هذه الحالة ، النقع لليدين وحدهما لن يجدي .
يجب أن يُغمر كل جزء لم ينمُو بعد .”
شيا تشياو: “… وماذا عن رأسه ؟”
تشين بوداو: “ فليُغمر أيضًا ، لأجل التناسب الجيد .
يوجد شخص ظل خائفًا من أن يبدو قبيحًا منذ كان طفلًا .”
وين شي: “؟؟؟”
: “ أين الدواء …”
تشين بوداو: “ موجود كله في الأعلى .
سيجمع لاو ماو المكونات بعد قليل.”
: “ لاو…”
{ لاو ماو ؟
لكن لاو ماو لم يعد هنا }
صُدم الجميع حين سمعوا ذلك ، خصوصًا تشانغ بيلينغ
من المعروف للجميع أن الـ دابنغ لاو ماو هو دمية من دمى تشين بوداو
وبمجرد أن يستعيد مؤسس الطائفة قوته ، ستعود دماه
أيضًا لترى نور النهار من جديد
لكن حتى مع ذلك، كان من المفترض أن يستخدم خيط التحريك أولًا —-
و قبل أن تنطق تشانغ بيلينغ بأسئلتها ، أدركت فجأة…
{ صحيح ،،،، المؤسس الموقر تشين بوداو ليس بحاجة أبدًا
إلى خيوط حين يخلق دماه … }
في هذه اللحظة —— ، جاء صوت من الطابق العلوي
صوت خطوات أقدام —— ، ليست ثقيلة على وجه الخصوص
وبسبب كسل صاحبها في رفع قدميه ، نتج عنها صوت
احتكاك خفيف متتابع مع ألواح الأرضية
تشانغ بيلينغ قد سمعت تلك الخطوات من قبل؛
أما شيا تشياو فكان أكثر ألفة بها ——
فكل مرة كان لاو ماو ينزل أو يصعد درج معرض شيبينغ
أو يتجول في الطابق الثاني في فيلا عائلة شين ،
كانت تلك الأصوات الخافتة ترافقه ،
وبالمنطق ، من السهل جدًا على دمية أن تمشي بلا أي صوت
خطوات كتلك لا بد أنها صُنعت عن عمد — لأجل ألا تُرعِب أحد ،
ولإضفاء شيء من الحيوية ، لتبدو الدمية ككائن حي
و تراكم عادات مقصودة كهذه عبر سنوات طويلة جدًا هو
ما يمكن أن يصنع وقع خطوات يحمل لمسة إنسانية متفردة كهذه
و بينما تشانغ بيلينغ تنصت للخطوات ، توقفت للحظة لتفكر { لماذا تحتاج إحدى دمى المؤسس الموقر لاكتساب مثل هذه العادة ؟ }
وقبل أن تجد إجابة حتى اندفع شيا تشياو من الغرفة ونادى
: “ لاو ماو؟!” وقف في غرفة المعيشة في الطابق الأول،
يمد عنقه ليتطلع إلى الأعلى
: “ لا تكن صاخبًا ، لقد سمعتك . أنا آخذ الدواء .” جاءه صوت من الطابق الثاني
{ إنه فعلًا لاو ماو ! }
رأى شيا تشياو ظلًا بشريًا يمتد فوق حاجز الطابق الثاني
ويتنقل من الغرفة اليسرى إلى اليمنى ،
ثم وُضع شيء على الأرض
وبعد ثانية ، جاء صوت رفرفة أجنحة
اندفعت من الطابق العلوي هيئة أشبه بالصقر ، محلّقة عبر
الهواء لتتجاوز شيا تشياو وتهبط بزاوية داخل غرفة النوم
جناحاه يشبهان مراوح منشورة ، تتخللهما خيوط ذهبية متألقة
حلّق الطائر دورة كاملة في الغرفة ثم حط بثبات على كتف وين شي
تمامًا كما اعتاد أن يفعل كل يوم على جبل سونغيون منذ سنوات مضت
وبصوت لا يمكن وصفه بالعذب ، قال:
“ بوجه عام ، إذا لم يكن وعاء الجسد ينمو ، فإما أن البنية
الجسدية هشة جدًا أو أن الوعي الروحي ضعيف ،
فلا يستطيع أن يدعم—”
لكن في منتصف كلامه ، أنزل لاو ماو عينيه الخرزيتين
وحدّق في أصابع وين شي
لا تزال توجد خيوط دمى مربوطة حول أصابع هذا السلف الصغير ،
تلك التي لُفّت في يوم بعيد منسي ، ملطخة ببقايا دماء
خيوط الدمى هي أصفى انعكاس للاوعي صانع الدمى —- ،
وأيضاً لقوة وعيه الروحي
فكلما كان أضعف ، ازدادت صلابة الخيوط وجمودها ؛
والعكس صحيح ، كلما كان صانع الدمى أقوى ، ازدادت الخيوط مرونة وحيوية ——
خيوط وين شي بدت وكأن لها عقلًا خاصًا — ترتجف بلا توقف ، تحاول الانفلات والتمرد
لكن في كل مرة ، كان وين شي يسطحها بصمت قبل أن تتمكن من الإفلات
كان هذا عراكًا بلا صوت
ولم يكن هناك من حظي بمقعد أمامي مثالي لمشاهدة
هذا النزاع سوى لاو ماو
وبالصدفة ، تمكن من رؤية كل حركة صغيرة من حركات
وين شي، فلم يستطع إكمال ما كان ينوي قوله ،
“…”
{ أي ضعف في وعيه الروحي هذا ؟!
فقط الأحمق المغفّل هو من قد يُخدع بمثل هذه المسرحية !! }
توقف لاو ماو فورًا عن التحليل
وانبعث صوته الطيري بنبرة آلية رتيبة وهو ينعق :
“ لقد جمعت المكونات ،،
اذهب وانقع نفسك في حمامك—”
{ من تظن أنك تخيف يا هذا ! }
يتبع
الفصل من ترجمة : Jiyan
تدقيق : Erenyibo
تعليقات: (0) إضافة تعليق