القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

ch200 tgcf

 الفصل مئتان: يهيمن على السماء والأرض؛ كائن سماوي يخترق الفرن -٢-.






في تلك اللحظة، شعر الاثنان فجأة بموجة من الاهتزازات في الوقت نفسه، فتلاشت ابتساماتهما، وحلّ محلها التوتر واليقظة.


تساءل شي ليان بقلق طفيف:

"ما الذي يحدث؟ هل هو هذا التمثال الإلهي الذي يهتز؟ لن ينهار، أليس كذلك؟"


فبعد كل شيء، كان السقف المختوم للفرن مكوّناً من صخور ضخمة تزن ملايين الأطنان مليئة بالشرور، وإذا كان هذا التمثال الحجري العملاق سيتهاوى لمجرد أنه اخترق المدخل، فسيشعر بالذنب الشديد.


قال هوا تشينغ :

"لا تقلق، لا بأس. إنه الجبل الذي يهتز."


وبالفعل، أسفلهم انهارت طبقة سميكة من الثلج كالسيل الجارف، وانكشف جسد الجبل في بعض المناطق. بدا وكأن شيئاً ما على وشك أن يقتحم الفرن.


وقف هوا تشينغ أمام شي ليان، يحميه بجسده. فقال شي ليان:

"إنه الابيض عديم الوجه ."


بالطبع لم يصدق أن لكمة واحدة من هذا التمثال العملاق يمكن أن تقتل الابيض عديم الوجه. في أفضل الأحوال، ستجعله يتعثر للحظة، لذا كان شي ليان متأهباً لأقصى درجة. غير أنه بعد لحظة قصيرة، أحسا بتيار من الهواء الحار اللاهب يهب على وجهيهما.


اندفع ذلك الهواء الحارق من فوهة البركان التي لا يُرى قاعها، ومعه رائحة الكبريت. أحس شي ليان غريزياً بأن الخطر يقترب، وقال هوا تشينغ بجدية:

"غاغا ، ابتعد!"


كوّن شي ليان ختماً بيديه، ثم قفز بعد لحظة، آخذاً هوا تشينغ معه، فوق معصم ذلك التمثال العملاق وركضا على ذراعه حتى وقفا على كتفه. أطاع التمثال أوامره، فاتخذ خطوة واسعة عملاقة، متماشياً مع التيار المتدفق من الثلوج. في انزلاقة واحدة قطع عدة أميال، والأمواج الثلجية التي أحدثها اصطدمت بجسده. ورغم أن وزنه ملايين الأطنان، إلا أنه حافظ على توازنه بفتح ذراعيه.


لكن، قبل أن يقطع نصف الطريق نزولاً، كان الجبل كله يهتز بشدة أكبر، والتمثال بدا وكأنه يتمايل من قوة الزلازل. رفع شي ليان وهوا تشينغ رؤوسهما، فإذا بصوت هدير عظيم يتردد، ومن قمة الفرن اندفع عمود من الدخان الأسود القاتم!


كان ذلك الصوت الهائل يزلزل السماء والأرض، ومع عمود الدخان الكارثي، انبثق مشهد مروع. في لحظة، غطت سحابة سوداء كثيفة السماء كلها. وداخل تلك الغيوم الحالكة التي تحجب الشمس، كانت وجوه بشرية لا تُحصى وأذرع وسيقان وأطراف تتدحرج وتتشابك في منظر مرعب.


فتح شي ليان فاه مذهولاً:

"هذا...؟"


فأجاب هوا تشينغ ببرود:

"إنها أرواح الموتى من مملكة وويونغ."


يبدو أن كل شخص في وويونغ دُفن حياً بفعل ثوران البركان قد ظهر هناك.


ثم نبه هوا تشينغ فجأة:

"غاغا ، إلى الأسفل، على بعد عشرة أمتار فقط!"


وما إن خرجت الكلمات من فمه حتى كان شي ليان قد أمر التمثال العملاق بيده اليمنى أن يهوي ضارباً.


على بعد عشرة أمتار في الأسفل وسط الثلوج البيضاء، وقف رجل بثياب بيضاء. إنه الابيض عديم الوجه! بدا وكأنه اندمج مع الثلج، لكن عينيهما لم تُخدعا. اهتزت طبقات الثلج الثقيلة كتسونامي أبيض هائل من قوة الضربة، لكن الهدف لم يُصب.


فبعد أن وقع في هذا الفخ مرة في الظلام من قبل، كان الابيض عديم الوجه مستعداً هذه المرة. خطف بجسده مبتعداً، وفي لحظة ظهر عند ركبة التمثال الإلهي العملاق. لم يتردد التمثال الحجري، فهَمَّ أن يسحق ركبته بيده. لكن شي ليان أدرك الموقف فجأة، فشد أسنانه واستجمع طاقته، وأجبر التمثال على التوقف قبل أن يحطم نفسه، وهو يفكر: "كاد الأمر أن يكون كارثة!"


فالتمثال هو من اخترق سقف الفرن بالقوة. ولو سمح له شي ليان أن يضرب ركبته بهذه القوة، ولم يضبطها جيداً، فقد يفقد أحد أطرافه. ربما لهذا السبب قفز الابيض عديم الوجه هناك عمداً! أوقف شي ليان الهجوم فوراً، بينما أخرج هوا تشينغ سيفه الفضي الطويل والنحيف.


أمر الابيض عديم الوجه ببرود:

"انزل من هنا فوراً."


رفع الابيض عديم الوجه رأسه لينظر إليهما.


قال هوا تشينغ بصرامة:

"هذا التمثال الإلهي ليس للتدنيس."


فجأة، صرخ شي ليان:

"سان لانغ!!!"


وأشار إلى قمة الفرن. خلف عمود الدخان الأسود، اندفع شيء آخر. شيء بلون قرمزي ذهبي، يتدفق ويحترق.


إنها الحمم البركانية!


كانت الحمم القرمزية الذهبية تتدفق مختلطة مع الدخان الأسود، تملأ السماء والأرض، وتنحدر من فوهة الفرن. استغل الابيض عديم الوجه الفرصة، فوثب فجأة واختفى وسط الثلوج.


لم يكن لدى شي ليان وقت لمطاردته، فصرخ:

"اهرب!"


استجاب التمثال الإلهي العملاق لأوامره، فانطلق بخطوات هائلة، دُونغ! دُونغ! دُونغ! يهدر بينما يركض أسفل الفرن، ويهبط واقفاً عند سفح الجبل. اهتزت الأرض وتزلزل الجبل.


لكن، رغم سرعته، فإن الحمم والدخان الأسود لم يكونا أبطأ منه، بل كانا يلاحقانه مباشرة. بعد هبوطهما، لم يجرؤ شي ليان على التوقف، وأمر التمثال أن يواصل الركض وهو يحملهم. ومع ذلك، شعر شي ليان بأن سرعته بدأت تتباطأ. وبينما تملكه القلق، فجأة شعر أن جسده قد تجمد، ومع التمثال الإلهي بدأ يسقط إلى الأمام. فقد توقف التمثال عن طاعته وجثا على ركبته.


وبعد أن جثا، أخذ جسده يميل للأمام ببطء، وكأنه أنهكه التعب وشارف على السقوط. قفز قلب شي ليان إلى حلقه.


"لا! إنه سينهار!"


والحمم والدخان الكثيف سيصلان إليهم!


في تلك اللحظة، شعر شي ليان بشيء يشد خصره. وفي حركة واحدة، جذبه هوا تشينغ نحوه بسهولة، واحتضن خصره بيد، ورفع الأخرى ليمسك بذقنه، ثم طبع على شفتيه قبلة باردة!


"...."


اتسعت عينا شي ليان، لكن تياراً من الهواء العذب البارد اندفع إلى رئتيه فجأة، وانتشر في جسده كله، كأن روحه كلها انتعشت. كانت تلك القبلة قصيرة جداً، لكن ما إن انفصل هوا تشينغ عنه حتى قال بلهفة:


"غاغا ، جرّب أن تجعله ينهض مرة أخرى!"


استفاق شي ليان فوراً، وأعاد تشكيل الأختام بيديه، وقبل أن يهوي التمثال الحجري العملاق على الأرض، مد ذراعيه فجأة واستند بهما، ثم اعتدل واقفاً من جديد!


اتضح أن التمثال لم يكن يتظاهر بالإرهاق، بل كان مرهقاً حقاً. فلكي يسيطر على تمثال عملاق كهذا، كان يتطلب قدراً هائلاً من القوة الروحية. والكمية التي منحها له هوا تشينغ قبل ذلك كانت قد استُهلكت تماماً، لذا بدأ يترنح ويتباطأ. أما الآن، بعد أن ضخ هوا تشينغ فيه طاقة روحية جديدة، فقد عاد إلى "الحياة" من جديد. وهذه المرة صار أسرع من ذي قبل، وحركاته أكثر مرونة.


قال هوا تشينغ :

"غاغا ، اجعله يركض أسرع!"


كان شي ليان يرغب في ذلك أيضاً، لكنه خشي أن تستهلك هذه التعويذة طاقة روحية أكثر مما يحتمل، فتردد:

"هل سيتمكن من الصمود إن أسرعنا؟ ماذا لو نفدت طاقتنا الروحية؟"


لكن هوا تشينغ أجابه بثقة، وهو يهمس بجوار أذنه:

"لن تنفد. فقط ركز على الركض! لا تخف أبداً، أنا معك هنا دائماً!"


لم يكن يقف خلفه سوى شخص واحد، يداه تثبتان خصره، لكن شي ليان شعر وكأن العالم كله يسنده من الخلف. أخذ نفساً عميقاً، وأغمض عينيه.


"حسناً."


ثم مد ذراعيه إلى الأمام وأطلق كل طاقته الروحية، مشكلاً أقوى الأختام.


وصاح:

"اركض—!!!"


دَوِي! دَوِي! دَوِي!


انطلق التمثال العملاق كالمجنون، كل خطوة تقطع عدة أميال، يعبر الأودية بخطوة، ويطير فوق التلال بخطوة أخرى. وسرعان ما ترك وراءه سحابة الدخان الأسود والحمم البركانية. لقد كان جسماً ضخماً لا يمكن تجاهله؛ مع كل خطوة تتساقط الصخور وتتدحرج الأحجار، مسببة اهتزازات عنيفة.


تشتتت الوحوش والشياطين المنتشرة في جبل تونغ لو، كلها مذعورة من الأرض التي تهتز بجنون. وعندما رفعوا رؤوسهم، رأى كثير منهم سحابة الدخان السوداء وهي تلتف في السماء، فتعجبوا قليلاً، لكن لم يهتموا كثيراً. فهذا جبل تونغ لو، والمناظر العجيبة فيه ليست نادرة. أليست تلك الأرواح الحاقدة داخل السحب السوداء؟ هم أنفسهم مخلوقات شبيهة بالأرواح الحاقدة، يرونها كل يوم، فما المخيف في ذلك؟ لكن، عندما رأوا تمثالاً إلهياً عملاقاً لمسؤول عسكري يطأ بقدميه الأرض ماراً بجوارهم، أصابهم الذعر—


"مـا هـذا الـشـيء؟!!!"


ارتفعت الصرخات والعويل من كل اتجاه.


"أي رجل عملاق هذا، آآآآآآآآآآه!!!"


لم يروا في حياتهم تمثالاً ضخماً كهذا من قبل. لقد كان مرعباً بحق!


كان شي ليان قد خطط في البداية أن يلتف حول العاصمة الملكية لوويونغ، خشية أن يسحق تمثاله الإلهي المنازل القديمة ذات التاريخ الممتد ألفي عام، محولاً إياها إلى أنقاض. لكن حينها تذكر شيئاً.


فسأل:

"سان لانغ، هل الجنرال باي، وسيدة المطر، والبقية موجودون هنا في مكان قريب؟"


"نعم." أجاب هوا تشينغ .


فقال شي ليان بسرعة:

"إذن، لنعُد! لقد تركنا شيئاً وراءنا. لنلتقطهم ونأخذهم معنا!"


وهكذا، استدار التمثال الحجري العملاق الذي كان قد تجاوز الهدف، وتراجع بضع خطوات. لكن، وقبل أن يستدير تماماً، شعر شي ليان بجسده يهتز، فقد توازنه فجأة، وقُذف في الهواء.


لم يُدرك ما حدث إلا وهو في منتصف الهواء.


لقد تعثر التمثال الإلهي وسقط!


هبط شي ليان وهوا تشينغ بثبات على صدر التمثال، وحاول شي ليان أن يوجهه للنهوض مجدداً. لكن ما جعله يتعثر لم يكن منه هو نفسه، بل من شيء آخر—


إنه جبل شامخ!


بالطبع، هذا الجبل لم يكن يقارن بحجم الفرن نفسه، لكنه بالنسبة للتمثال العملاق كان أكبر منه بكثير. وتذكر شي ليان بوضوح أنهما عندما جاءا في البداية لم يعبرا مثل هذا الجبل. لذا، رفع بصره إلى ما وراءه، فإذا خلفه جبلان آخران بنفس الحجم تقريباً.


ثلاثة جبال ضخمة تسد طريق التمثال الإلهي العملاق.


قال هوا تشينغ :

"غاغا ، احذر. إنهم 'حراس' جبل تونغ لو—'الشيخوخة' و'المرض' و'الموت'."







يتبع...

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي