الفصل مئتان وسبعة وثلاثين: القرمزي الذي يبحث عن الزهرة ؛المعركة الشرسة ضد الأبيض عديم الوجه -٢-.
كان ذلك صوت سلاحٍ ينكسر!
التفت الجميع بسرعة نحو مصدر الصوت، فرأوا أن السيف المعقوف في يد هوا تشينغ ما زال سليمًا، بينما السيف الطويل الذي يحمله الأبيض عديم الوجه قد انكسر نصفين تحت ضربة هوا تشينغ !
عين سيف إي-مينغ التفتت لترى شي ليان، وبدأت تدور بجنون، كأنها تريد أن تستعرض نفسها أمامه، وتفجّرت بسعادة كادت ترفعها إلى السماء.
ضحك هوا تشينغ ضحكة عالية وقال بهدوء:
"لا بأس، لا حاجة لقلق غاغا."
ثم ردّ على الأبيض عديم الوجه :
"ولِم عليَّ أن أهتم بمثلك؟"
أطلق الأبيض عديم الوجه همهمة غاضبة، بينما غوشي لم يستطع التحمّل أكثر، خائفًا أن يستفز هوا تشينغ خصمه فقال:
"أيها الشاب! لا تكن مغرورًا!"
لكن المفاجأة أن ما قاله هوا تشينغ بعد ذلك كان أكثر جرأةً وتحديًا. رفع السيف بيد واحدة، يلمع ببريق حاد، وأشار به إلى الأبيض عديم الوجه ، مبتسمًا:
"في النهاية، لستَ سوى عجوزٍ معتوهٍ، قلبك مليء بالحسد."
غوشي فقد كل طاقته على التوبيخ من صدمته، حتى فنغ شين ومو تشينغ تجمّدا في أماكنهما. هذا الرجل جريء جدًا!
من يجرؤ أن يقول مثل هذه الكلمات أمام جون وو أو الأبيض عديم الوجه ؟!
لكن، لم يكن هناك شك أن الوحيد الذي يمكنه قول هذا هو هوا تشينغ ، لأنه على الأرجح الشخص الوحيد الذي يمكن أن يقولها ويبقى الطرفان عاجزين أمامه.
تمتم مو تشينغ وهو يخطو مبتعدًا قليلًا:
"لا عجب، في الماضي... كان جون وو دائمًا يقول: إن واجهتم زهرة المطر القرمزي فتجنّبوه، لا تواجهوه مباشرة."
وفجأة، ظهر ظل أبيض على شكل كرة أمام سيف إي-مينغ ليصدّه. عين شي ليان الحادة تعرّفت على الكائن فورًا.
صرخ:
"سان لانغ، لا تضرب ذلك الشيء!"
لقد كان روح الجنين! رآه شي ليان، وبالطبع رآه هوا تشينغ أيضًا. غيّر هوا تشينغ مسار الضربة في اللحظة الأخيرة، حوّلها من قطعٍ قاتل إلى رميةٍ خفيفة، فطارت الكرة البيضاء بعيدًا.
ضاق بؤبؤ فنغ شين لكنه تنفّس الصعداء عندما رأى أن روح الجنين لم تُقطع نصفين.
صرخ: "تعال إلى هنا!"
كان اتجاه رمية هوا تشينغ بالضبط نحو فنغ شين. اندفع ليمسك بالروح، لكن شعرها القليل انتصب بغضب، وأصدرت حلقها أصواتًا غرغرة وحشية، وبمجرد اقتراب فنغ شين، هاجمته بعضّاتٍ مجنونة، رافضة أن يدعها تمسك به.
ثار فنغ شين غاضبًا:
"اللعنة! عندما يراه يلتصق به، وعندما يراني يعضّني! مَن هو والدك أصلًا؟!"
لكن مو تشينغ علّق ببرود:
"هل سبق أن عاملته كابنك أصلًا؟ هل ناديته باسمه كما ينبغي؟"
توقف فنغ شين مذهولًا: "أنا..."
وفي الجهة الأخرى، لم يستطع شي ليان الوقوف مكتوف الأيدي، فأسرع يقول:
"كونا حذرَين، سأذهب لأتفقد الوضع!"
قال مو تشينغ بصوت منخفض:
"انتبه لنفسك! لا تنسى أن على جسدك ما زال هناك قيدان ..."
تفاجأ شي ليان قليلًا، ولمس عنقه لاشعوريًا، متذكرًا القيد الملعون. لكن، لسبب ما، شعر أن الأبيض عديم الوجه لن يستخدم القيد لتهديده. لم يعد هناك وقت للتفكير، فانطلق مسرعًا.
هناك، وسط الوميض الأحمر والأبيض، كانت المعركة ضارية بشكل لا يُسمح فيه لأحد بالتدخل. أطلق شي ليان رويي فالتفّت حول غوشي وجذبته إليه:
"سيدي غوشي ! هل أنت بخير؟"
مسح غوشي عرقه الغزير وقال:
"... بخير!"
تساءل شي ليان: "إن كنت بخير، فلماذا تتصبب عرقًا هكذا؟"
صرخ غوشي:
"أليس بفضل ذلك زهرة المطر القرمزي ، ذاك الشقي الذي لا يضع لسانه تحت رقابة! كاد أن يقتلني رعبًا!"
وفجأة، دوّى صوت فنغ شين وهو يصرخ بدهشة. رفع شي ليان رأسه فرأى الأبيض عديم الوجه يُسقط يده ببطء.
كانت إحدى ذراعيه مصابة. فتح كفّه، نظر إلى الدم الذي يغطيه، وأطلق ضحكة خافتة:
"... مرّت سنوات طويلة منذ أن تمكن أحد من إيذائي هكذا."
شعر شي ليان بالقلق، فسأل:
"سيدي، هل... هل جنّ؟"
أجاب غوشي وهو الأعرف به:
"لا... الأمر أسوأ من الغضب. إنه... سعيد."
استدار الأبيض عديم الوجه إلى هوا تشينغ وسأله بفضول:
"سيفك هذا... هل صُنع من عينك المفقودة؟"
من الواضح أن هوا تشينغ لم يرغب بالرد، لكن قلب شي ليان قفز بشدة. كان قد خمّن منذ البداية أن إي-مينغ ليس عاديًا، وربما صُنع من العين التي فقدها هوا تشينغ . والآن كلام الأبيض عديم الوجه بدا واثقًا جدًا... أيمكن أن يكون صحيحًا؟
عقد غوشي حاجبيه ثم قال فجأة:
"آه، تذكرت الآن."
سأله شي ليان بلهفة: "ماذا تذكرت؟"
قال غوشي:
"قيل لي إنه منذ مئات السنين، جاء شبح شرير إلى جبل تونغ لو..."
قاطعه مو تشينغ: "لا بد أن هناك مليون شبح مثله دخلوا تونغ لو."
صرخ غوشي: "لا تقاطع! ذلك الشبح الشرير كان قد تشكّل حديثًا، صغير العمر، شبه متلاشي، بالكاد متمسكًا بالوجود. ومع ذلك، ظل يردد أنه لن يرحل، لن يرحل. على ما يبدو لأن رغبته لم تتحقق. وفي ذلك العام، عندما فُتح تونغ لو، وقع حادث."
قلب شي ليان انقبض فجأة: "حادث؟ أي حادث؟"
قال غوشي:
"إلى جانب ملايين الأشباح التي اجتمعت في الداخل، عُلقت هناك مجموعة من البشر الأحياء الذين دخلوا بالخطأ."
شهق شي ليان: "ماذا؟!"
تابع غوشي:
"في تونغ لو لا يوجد سوى الوحوش، والبشر العاديون لا يمكنهم النجاة، مصيرهم أن يُلتهموا. ومع ذلك، ذلك الشبح الشرير، رغم حالته المبعثرة، حمى تلك المجموعة من البشر، وهرب بهم أيامًا. لكن في النهاية حوصروا من قبل الملايين. لم يبقَ أمامهم سوى الموت."
كان واضحًا أن ذلك الشبح لم يكن سوى هوا تشينغ .
تساءل شي ليان بلهفة: "ثم ماذا؟ هل وجد وسيلة للنجاة؟"
أجاب غوشي:
"نعم. الحل: أن يصنع سلاح دموي... ويقتل ليفتح الطريق."
تدخّل مو تشينغ:
"أسهل تضحية ستكون..."
أي أولئك البشر الأبرياء المحاصرون!
تبادل فنغ شين ومو تشينغ نظرات صامتة، بينما حبس شي ليان أنفاسه بانتظار التتمة.
قال غوشي:
"في لحظة جنون... اقتلع ذلك الشبح عينَه بنفسه!"
"...."
أكمل:
"لقد كاد يهاجم البشر، لكنه في النهاية لم يفعل. بل ضحّى بعينه ليصنع بها سلاحًا دمويًا. كان بالكاد متمسكًا بوجوده، وكان يفترض أن ينهار بعد اقتلاع عينه. لكنه بدلاً من ذلك، صحا تمامًا واستعاد وعيه، وصنع أداة شيطانية غامضة مكّنته من النجاة. وهناك حادثة أخرى غريبة."
سأله شي ليان بتوتر: "أي حادثة؟"
قال غوشي:
"بعد تلك المعركة، أرسلت السماء كارثة سماوية ضربت جبل تونغ لو. أتعلم ما معنى هذا؟"
لم يكن يحتاج إلى شرح — إن أرسلت السماء كارثة، فهذا يعني أن هناك من استحقّ الصعود!
أمسك شي ليان بغوشي بلهفة:
"من كان؟ من صعد؟!"
قال غوشي:
"هذا ما سمعته فقط. لكن لم يظهر أي إله سماوي في المحكمة العليا من تونغ لو. فإما أن القصة خرافة... أو أن من صعد رفض الصعود وقفز عائدًا للأسفل!"
مو تشينغ لم يصدق:
"شبح يصعد؟ ثم يرفض الصعود ويقفز للأسفل؟ مستحيل! كان وقتها قد دخل تونغ لو للتو، لم يكن حتى في رتبة سامي! أن يقفز هكذا غير عارفٍ إن كان سينجو... لماذا فعل هذا؟!"
لماذا ذهب إلى هذا الحدّ؟!
وفجأة، سمع شي ليان الأبيض عديم الوجه تنهد:
"شيان لي ... لديك مؤمن مخلص جدًا."
وما إن أنهى كلماته حتى ظهر قناع الباكي والضاحك المكسور أمام عيني شي ليان مباشرة، لم يتوقع قط أن يتمكن الأبيض عديم الوجه من الاقتراب إلى هذه الدرجة في لحظة خاطفة!
اندفعت رويي غاضبة لتهاجم، لكنها تراجعت. لم يكن باللوم عليها؛ فرويي كانت ذكية دائمًا، وعندما تعرف أن هجومها بلا جدوى، تتوقف من تلقاء نفسها.
بدا أن الأبيض عديم الوجه ابتسم، فازداد الشق في القناع عمقًا.
وفي اللحظة التالية، لمس طرف سيف إي-مينغ عنق شي ليان. لكن الأبيض عديم الوجه كان أسرع، فاختفى وظهر عند قمة جسر العبور، ورفع يده قليلًا.
قال بهدوء:
"لا داعي للتوتر، أنا فقط أستعيد ما يخصني."
في يده كان هناك سيف أسود قاتم كاليشم البارد، وفي منتصفه خيط فضي. مد شي ليان يده إلى ظهره لاشعوريًا... واكتشف أن سيف فانغ شين قد اختفى!
ذلك السيف المقدس، سيف ولي عهد وويونغ، قد عاد إلى مالكه الأصلي.
بدأ القناع يتشقق أكثر، قطعة بعد قطعة تساقطت، حتى سقط تمامًا، كاشفًا الوجه وراءه.
تحت لهيب النار، تحوّل الرداء الأبيض إلى درع أبيض.
وأخيرًا، نزع الأبيض عديم الوجه قناعه، ليكشف عن حقيقته:
جون وو.
حبس الجميع أنفاسهم، في حذر شديد.
لم يكن هناك حاجة للتخمين — بهذه الهيئة، لا بد أنه أصبح أقوى!
يتبع...
تعليقات: (0) إضافة تعليق