القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch38 بانغوان

 Ch38 بانغوان



امتدّ بياض واسع أمام عيني شين مانيي ،،،

يد ذات شكل جميل قد ظهرت ، حول أصابعه خيط 

قطني أبيض ناصع و تدلّى الخيط ليلامس بخفّة طرف أنفها


لم تُغطِّ اليد عينيها مباشرةً ، ولم يلمس بشرتها أيضاً ، 

بل حافظ على مسافة دقيقة وهو يحجب بصرها ، 

ثابت في الهواء بلا أدنى ارتجاف


تذكّرت أن المعلّم لي كان يقول إن هذا يُسمّى “ الذوق واللياقة ”


في السابق ، لم يفهمنَ ما الذي يقصده الاخوات 


كانوا الأخوات يطاردن بعضهنّ بعضاً في لعب صاخب، 

يشدِدن الضفائر ويجذبن التنانير مثل مجموعة من 

المجنونات الصغيرات


و في كل مرة يحدث ذلك ، كان المعلّم لي يكرّر هاتين 

الكلمتين طويلاً ، ثم يهزّ رأسه قائلاً :

“ لا بأس ، ستفهمنَ ذلك عندما تكبرن قليلاً .”


لكن للأسف ، بقيت شين مانيي على العمر نفسه ، ولم تكبر قط


رمشت بعينيها وقالت فجأة :

“ خيطك له رائحة جميلة .”


لم يكن الشخص الواقف خلفها ينوي مجاملة طفلة ، 

حتى صوته لم يحمل مشاعر وهو يجيب :

“ ماذا به "


حتى سؤاله بدا وكأنه جملة تقريرية ، لا يهمه إن تلقّى جواباً أم لا


فكّرت الطفلة بجدّية للحظة وقالت:

“ إنه يشبه رائحة منزلي .”


صمت الرجل خلفها بضع ثوانٍ ثم قال:

“ لقد أخذته من منزلك .”


شين مانيي: “…”


لم يكن هذا ما قصدت قوله حقاً ، لكنها كانت صغيرة ، 

عاجزة عن التعبير بدقة


لم تكن متأكدة إن كانت الرائحة تأتي من الخيط نفسه أو من يده


رغم أنها حرّكت أنفها وشمّت عدّة مرات أخرى ، لم تستطع 

أن تلتقطها ثانية


وهي تفكّر — بدا لها أن تلك الرائحة كانت مثل نسيم شتوي 

بارد يعبر الحديقة الخلفية


كانت تحب اللعب هناك كثيراً


العم تشي علّق أرجوحة في الحديقة ، وعلى جانبيها انتشرت 

أزهار صفراء فاتحة ، تشبه الفراشات وآذان الأرانب


ومن هناك كانت المربية تساي تستلهم طريقة ربط شرائطها وزخارفها


لكن مرّ وقت طويل منذ أن رأت شين مانيي تلك الحديقة الخلفية آخر مرة


فقد اعتادت أن تتجوّل في هذه الممرات ليلاً بعد ليل ، 

ولا ترى سوى السواد


الأبواب السوداء ، الرفوف السوداء ، الظلال السوداء… 

كل من يراها يصرخ ويبتعد عنها، وكأنها شيء ملوّث


تمتمت بصوت خافت :

“ لم أكن متسخة من قبل .”


و حين أنزلت رأسها ، اصطدم جبينها بـ كفّ وين شي


جباه الأطفال عادةً مدوّرة قليلاً ، مثل رؤوس الحيوانات الصغيرة


لكن جبين شين مانيي كان غريب ، لأن بشرتها ولحم وجهها قد انهارا


لم يسحب وين شي يده ، بل تركها تستند عليه


وبينما يراقب ، اقترب شيه وون منهم ، وانحنى ليعطي شين مانيي الشريط ، وقال لها :

“ لا أحد قال إنك متسخة .”


ثم رفع بصره وقال بنبرة لا يسمعها سوى وين شي:

“ لا تتحرك الآن .”


بعدها استدار ونظر إلى الركن حيث كان الآخرون متجمعين، 

ثم أشار إلى تلك الأريكة البالية


و على الفور فهم لاو ماو قصد رئيسه


فاتجه نحو السرير وسحب البطانية النظيفة ، ولفّ بها 

الجسد الذي قد تدحرج من الأريكة


أما الآخرون فما زالوا غارقين في الصدمة


بدأوا يحدّقون بجمود إلى وين شي وشين مانيي، ثم إلى 

شيه وون ولاو ماو


وبعد أن استوعبوا ببطء ما ينوي لاو ماو فعله ، مشوا بآلية للمساعدة


كان فم دا دونغ مفتوحاً ، وتجمّدت ملامح وجهه


جثا على ركبتيه ليساعد لاو ماو في التأكد من أنّ الجسد 

المتعفّن قد لُفَّ بإحكام ، ثم نقلوه إلى السرير الكبير


بدا الأمر وكأن تلك الطفلة المدعوّة شين مانيي قد اندفعت 

إلى غرفة والديها في إحدى بعد ظهر أيام عام 1913، 

ولعبت قليلاً، ثم أحسّت بالتعب، فزحفت إلى السرير الكبير 

ونامت، ملتفّة بالبطانيات


لم يسحب وين شي يده إلا بعدما انتهوا تماماً من مهمّتهم


ثم اعتدل شيه وون واقفاً هو الآخر


و بينما شين مانيي تحتضن شريطتها ، شعرت وكأنها ترى 

من جديد تلك الحديقة الخلفية في لحظةٍ بين الربيع والصيف


على ظهر الشريطة مشبك قديم صدئ


حكّت أصابعها الملطّخة بالصدأ بثوبها ، ثم ثبّتت المشبك 

على ملابسها بجدّية


بدأت تعبث بأطراف الشريطة المتدلّية نصفها إلى الأسفل 

كما لو أنها تلاعب أذني أرنب صغير


تلاشت مجاري الدم المتدفقة شيئاً فشيئاً ، 

وامتصّتها الجدران مثل بقع ماء سرعان ما جفّت دون أن تخلّف أثراً


و عاد الضباب الأسود الذي كان يملأ الغرفة إلى الدوران من جديد ، باهتاً رقيقاً، 

يلتفّ حولها بخيوط دقيقة ، لم يعد حادّاً جارحاً كما كان


وبينما الضباب يُسحب إلى الوراء ، مرّ بمحاذاة وجه دا دونغ


كان قد أنهى لتوّه إسدال الستائر بجانب السرير ليُخفي 

البطانية الملفوفة فوق السرير


وبعد أن لامسه الضباب ، رفع يده ليلمس وجهه ، فإذا به يتجمّد في مكانه


{ ما الذي حدث للتوّ بحق السماء ؟؟ }


بدأ يسترجع بذاكرته بسرعة — منذ اللحظة التي حصلت 

فيها شين مانيي على الشريطة ، تحوّلت الشبح العنيفة إلى 

هِرّ صغيرة ، 

مروراً باللحظة التي بدأ فيها الضباب الأسود يتبعثر بهياج


لقد كان مشهد الخيوط القطنية البيضاء المسمّرة بشكل متقاطع عبر الغرفة كلها صادماً بحق


حتى مجرّد استعادة ذلك المشهد في ذهنه جعله يكتم أنفاسه لا إرادياً


وبعد فترة قصيرة من حبس أنفاسه ، انكشف له أمر ما


{ لإسقاط الغرفة كلّها بسحب واحد للخيط — هل يتطلّب ذلك قوة هائلة ؟


نعم، يتطلّب 


وللتحكّم في هذا العدد الكبير من الخيوط في اتجاهات 

شتّى— هل يستلزم ذلك سيطرة فائقة ؟


نعم، يستلزم 


كل خيط كان واضح محدد ، ينثر الغبار في الهواء وهو يُسمّر 

في الجدران ؛ 

بدا وكأن قطع المعدن نفسه لم يكن ليشكّل عائقاً أمام تلك الخيوط 


هل يمكن لمثل هذه الطاقة الروحية أن تدخل ضمن 

تصنيف “مرتبة معلّمي الدمى”؟


نعم، يمكن، بل هي في مستوى معلمي نفسه


فمن هو الشخص الذي حقق كل ذلك؟


إنه كبير تلامذة عائلة شين … ( وين شي ) 


اللعنة }


استدار برأسه بسرعة حادّة فصدر صوت طقطقة من عنقه، 

مما أدهش لاو ماو قليلاً


لاو ماو:

“ ما الذي تفعله؟ هل تلبسّك روح ؟”


كانت عينا دا دونغ شاردتين وهو يحدّق بثبات في وين شي، 

حتى بدا أشدّ رعباً من شبح


لقد صار دا دونغ مخدّراً ، سواء بفعل الصدمات المتلاحقة 

أو بفعل عدم التصديق

وفي كل الأحوال، خرج صوته ضعيفاً وواهي النبرة:

“ دعني أسألك شيئ .”


لم يكن لاو ماو صاحب طبع متحمّس، على النقيض تماماً من التوأمان داجاو و شياوجاو 

ألقى نظرة فاترة على دا دونغ وأجاب بلا مبالاة :

“ ماذا هناك ؟”


دا دونغ بخفوت:

“ ذاك التلميذ الأكبر لعائلة شين… أنت تعرفه أليس كذلك؟”


لاو ماو: “ مَن؟”


لم يدرك في البداية أن “التلميذ الأكبر لعائلة شين” كان يقصد به وين شي


ألقى لاو ماو نظرة صامتة على دا دونغ وفكّر

{ الناس اليوم جريئون حقاً—يشيرون إلى سلف ويصفونه بالتلميذ


ربما تجرؤ أنت على تسميته هكذا ، لكن هل يجرؤون عائلة 

شين نفسهم على الاعتراف به كتلميذ ؟ }


ثم عبث بوجهه وقال على نحو معقّد:

“ نعم، أعرفه .”


ما زال صوته واهناً ، قال دا دونغ :

“ هل سبق أن رأيتموه يستخدم تقنيات الدمى قبل هذا؟”


لاو ماو: “ لقد رأينا .”

{ بل منذ طفولته حتى كبره }


قال دا دونغ بنبرة مشوشة:

“ هذه أول مرة أراها للتوّ… لقد أثّرت في عقلي قليلاً ”


لاو ماو: “؟”


دا دونغ: “ هناك مقولة تقول : اللاعب يرى أقل وضوحاً من المتفرّج . 

أخشى أن يكون حكمي قد غشيه الغرور .”


لاو ماو: “؟؟”



لم يتمالك لاو ماو نفسه أخيراً وقال:

“ إذا عندك ما تقوله ، أخرجه دفعة واحدة .”


دا دونغ: “ حسناً ،، إذن دعني أسألك ،،

من وجهة نظرك كمتفرّج، كيف ترى تقنيّات الدمى خاصتي 

مقارنةً بتقنياته ؟”


لاو ماو: “…”


أي شخص يسمع ذلك كان سيشعر بالذهول


عينا لاو ماو الداكنة المستديرة تلمع بحيرة ، 

ومع ارتعاش جفنه بدا مذهولاً بعمق ،

ضيّق عينيه وحدّق بدا دونغ :

“ هل أنت أعمى إلى هذه الدرجة ؟”


دا دونغ: “ لا، ولهذا السبب أنا مصدوم اللعنة الآن .”

{ بل أكثر من مجرد صدمة — فعندما أتذكّر كم كنت متكبّراً 

لحظة دخولنا القفص أول مرة ، أكاد أفقد عقلي !! 


أمام شخص يملك مهارة تكفي ليكون معلمي ، 

لقد تدخلت بثقة وقلت بتعجرف :

“ تنحّ قليلاً ، سأقوم بالأمر ”


و لقد انتقدت الشاب على ربطه الفوضوي للخيط، 

بل وحاولت أن أعلّمه أبسط تقنيات الدمى وقوانينها !!!


وفوق كل ذلك ،،،،، أشرت إلى طائري عديم القوة النارية 

وسمّيته دابنغ ذو الجناح الذهبي !!! 


لو أُعطين حبلاً في هذه اللحظة ، لأمكنني تعليق نفسي بنفسي فوراً !!! 


في كل الأحوال لم يعد لديّ أي وجهٍ يبقى }


لكن قبل أن ' ينتحر ' خطر بباله أمر آخر—


أشار إلى وين شي وقال، وكأنه يشكّك في وجوده كله:

“ بأي منظور نظرت ، تقنياته أقوى من تقنياتي ، صحيح ؟ 

يملك هذا المستوى من المهارة ومع ذلك لا يظهر اسمه 

على لوحة تسجيل الأسماء؟ أليس هذا استهزاءً صريحاً ؟!”


أفرغ دا دونغ أخيراً ما في صدره ، لكنه انفعل أكثر مما 

ينبغي ، فارتفع صوته قليلاً


ونتيجة لذلك ، عمّ الصمت في الغرفة للحظة

وتكرر صدى جملته: “ أليس هذا استهزاءً صريحاً ؟”


رفع تشو شو وشيا تشياو وسون سيتشي أنظارهم إليه


كما التفت كلٌّ من شيه وون ووين شي نحوه ، 

حتى شين مانيي أبعدت نظرها عن شريطتها ، ترمش 

بعينيها الصغيرة وهي تحدّق إليه


و بعد ثوانٍ ، كان تشو شو أوّل من تكلّم — قال:

“ اللعنة أخيراً يوجد شخص لديه نفس السؤال الذي كان لديّ ،،

بعد أن خرجت من القفص الماضي ، ظللت أفكّر بالأمر ولم 

أستطع النوم ليلة كاملة !!! ….”

وأشار إلى وين شي وقال لدا دونغ وكأنه يشي به:

“ عندما فكّ القفص في المرة السابقة ، استدعى دمية . 

لقد كانت—”


تلعثم تشو شو لحظة ، ثم التفت إلى وين شي ثم صحّح كلامه :

“ لقد كانت… ليست سيئة كثيراً ، أظن ….”


فمن الأفضل قتل هذا المهووس بالبطولة ( تشو شو ) 

على أن تتوقع منه أن يمدح شخصاً في وجهه ~~


“ على أية حال ، لم أستطع أن أفهم . 

لماذا لا يظهر اسمه على لوحة تسجيل الأسماء مع هذا 

المستوى من المهارة؟”


ثم تذكّر الخلاصة التي توصّل إليها تشانغ لان وتشانغ يالين 

بخصوص وين شي


فقد قالا إن التلميذ الأكبر لعائلة شين على الأرجح ليست 

قوته مستقرة ؛ و أحياناً تظهر منه انفجارات قوة مذهلة ، 

لكن مستواه العام ليس كافياً بعد


{ إلا أنّ…


إن كان إطلاق انفجارٍ واحد من القوة في كل قفص لا يزال 

يُعَدّ “عدم استقرار في القوة”—فأنا أيضاً أتمنى أن أمتلك 

مستوى قوة غير المستقر هذا !! }


وعندما لاحظ دا دونغ أنّ تشو شو يقف في صفه ، 

اشتعل حماسه فجأة وسأل وين شي بصراحة :

“ إذن لماذا لا يظهر اسمك على اللوحة ؟!”


كان يكفيه أن يتصرّف بتلك الحماقة وحده ، لكن من سوء 

حظه أنّ شيه وون، ذلك الوغد، قرر أن يزيد النار اشتعالاً 

بينما يراقب العرض

رفع حاجبيه على غير المتوقع وحدّق باتجاه وين شي، مقلّداً 

نبرة دا دونغ تماماً، وقال:

“ صحيح ~~ لماذا لا يظهر اسمك على اللوحة ~~~؟”


وين شي: “…”

{ … سامّ لعين }


لم يكن وين شي بارعاً في اختلاق الأكاذيب ، 

وكانت المسألة متروكة للقدر إن استطاع أن يجعل كلماته 

متناسقة أم لا


كانت عمليته في الكذب بسيطة : يبحث بوجه متجهّم عن عذر ، 

وكلما بحث أكثر تكاثرت الثغرات في الكذبة ، 

ثم يستسلم في النهاية —- إما أن يصدّقوه أو يذهبوا 

للجحيم ، هو لا يهتم 


أما من يفهمه ، فكان يجد في هذه العملية مشهداً ممتعاً


لكن قلّة قليلة من الذين فهموه تجرؤوا على السخرية منه


وباتباع مثال دا دونغ ، تظاهر الوغد شيه وون بإثارة المتاعب قليلاً

ثم بدا وكأنه تذكّر شيء ما ، فضحك بخفة و غيّر الموقف 

واستدار ليسأل دا دونغ:

“ على ذكر هذا الموضوع ، 

من ابتكر لوحة تسجيل الأسماء أصلاً ؟”


تجمّد دا دونغ من وقع السؤال ——-


وفي النهاية —- ، أجاب تشو شو—الملمّ بالنظريات—عوضاً عنه :

“ عائلتي .”


دا دونغ بدهشة : “ مَن؟”


تشو شو أدار عينيه بضيق وأجاب بعدم رضا :

“ عائلة تشانغ "


أطلق دا دونغ “ آووه آووه ” وقد بدأ الفهم يلوح عليه


لكن ما قاله تشو شو لم يكن صحيحاً تماماً


ففي الحقيقة ، لو رجعت لوحة تسجيل الأسماء إلى جذورها ، 

لوجد أصلها عند جيل تلامذة تشين بوداو


أول مخطّط نتيجة قرار جماعي ، وقد رسمه شخص واحد: 

بو نينغ —- ، الذي تخصّص في العرافة والمصفوفات


لم تُنشأ اللوحة في الأصل بغرض التصنيف ، ولا لإظهار 

عظمة عائلة معينة ،

بل أُنشئت لأنّ بو نينغ والبقية كانوا يستعدّون لقبول تلامذة خاصّين بهم ، 

وخافوا أن تتشعّب الأنساب كثيراً في المستقبل ويعمّ 

الفوضى بعد أجيال ،

فجاء هذا المخطّط لتصوير خطّ الوراثة والانتساب


كان هناك تصنيفات في ذلك الوقت ، لكنها لم تكن دقيقة 

ولا حسّاسة كما هي اليوم ؛ مجرد مفهوم عام —-


ولم يرسم بو نينغ المخطّط لتحفيز المنافسة ، بل فقط 

ليتاح للأجيال اللاحقة من التلاميذ وأحفاد التلاميذ أن 

يرجعوا إليه عند وقوعهم في قفص كبير يعجزون عن فكه ، 

فيستطيعون العثور على زميل لهم من البانغوان الأحياء ليعينهم ——-


لاحقاً —- ، بعد أن صاروا عائلة تشانغ أقوياء ، بدأوا في 

الاعتبار أنّ عدداً متزايداً من الأسماء يظهر على اللوحة ، 

وأنّ الفروع صارت أعقد —- لذا أدخلوا بعض التعديلات 

على أساس مخطّط بو نينغ ——-


لكنهم في الحقيقة لم يتمكنوا من إضافة أي شيء، 

ولا من حذف أي شيء


جلّ ما استطاعوا فعله هو صقل وتعديل التصنيفات قليلاً


وبصراحة ، لم يفعلوا سوى جعل اللوحة أكثر استجابةً وحساسيةً بعض الشيء


ومع انتشار الأمر ، بدأ بعض الناس يطلقون عليها “المخطّط الذي رسمته عائلة تشانغ”


كان تشانغ يالين قد شرح بالفعل التفاصيل كلها لتشو شو 

من قبل ، لكن من باب التبسيط ، كان تشو شو يتجاوز الجزء 

المتعلق بالأسلاف ويذهب مباشرةً إلى القول إنّها لوحة عائلة تشانغ —-


قال دا دونغ مسرعاً ، خشية أن يبدو جاهلاً : 

“ آووه صحيح، كدت أنسى ... إنهم عائلة تشانغ.”


إلا أنّ شيه وون أومأ برأسه وقال :

“ في هذه الحالة ، ينبغي أن تسأل عائلة تشانغ لماذا لا يظهر 

اسمه على لوحة تسجيل الأسماء ،، ما جدوى أن تسأله هو؟ 

فليس هو من رسمها .”


أُخرِس دا دونغ تماماً ، ولم يجد ما يقوله للرد

فهذا صحيح أيضاً ؛ فكما يعلم الجميع ، لا أحد يستطيع أن 

يُضيف اسمه قسراً على تلك اللوحة ، 

إلا إن كان ' بو نينغ ' قد وُلِد من جديد


شعر دا دونغ أنه طرح سؤال غبي


وعندما رأى الصمت الذي يستخدمه كبير تلاميذ عائلة شين ( وين شي ) ،

 خمّن دا دونغ أن هذا التلميذ لا يعرف ما الذي يمكن فعله 

فلوّح بيده بضعف قائلاً :

“ إذاً… إذاً تظاهروا وكأنني لم أقل شيئ .”


لكن مثل هذا الموقف كان نادراً بالفعل


فقرر في نفسه أنّه ما إن يعود ، سيسأل معلمه والسيدة 

العظيمة تشانغ عن الأمر


{ ألن يتصرّف أحد تجاه خللٍ بهذه الضخامة في لوحة 

تسجيل الأسماء؟ هذا أمر مخيف }


وهكذا انتهت هذه الفقرة القصيرة التي بدأها دا دونغ 

بنفسه وانتهت على نحو مُحرج بسببه


وبمساعدة شيه وون الذي نطق هذه المرة بكلام عقلاني 

على غير العادة ، خرج وين شي منتصراً من دون أن يفعل شيء


لم يحتاج حتى لاختراع أعذار واهية و طوي موضوع لوحة 

تسجيل الأسماء جانباً


سحب بصره ، ثم سأل شين مانيي عن أمرٍ يخص القفص:

“ هل هذا كل ما في منزلك ؟”


هزّت شين مانيي رأسها:

“ منزلي كبير جداً . له طابقان ، وفناء أمامي ، وحديقة خلفية .”


وين شي: “ وهذا هو الطابق الثاني ؟”


شين مانيي: “نعم.”


وين شي: “ إذا أردتِ الذهاب إلى مكان آخر ، فكيف تصلين إليه ؟”


قالت شين مانيي بتلقائية: “ أستخدم الدرج .”

لكنها توقّفت لحظة ، ثم هزّت رأسها من جديد:

“ آه، لم يعد بإمكانك استخدام الدرج .”


لم تكن مخطئة


فحين دخلوا القفص في البداية ، كان وين شي قد لاحظ أن 

الطابق الثاني من منزل عائلة شين بُني على شكل “回”، 

حيث الغرف في الأطراف والدرج في الوسط

لكن رغم تجوالهم المتكرر في الممرات ، لم يتمكنوا من 

العثور على مدخل الدرج ——-


فمهما كان جانب الممر الذي يقفون عنده ، كانوا يرون 

شكل الدرج نفسه ، وكان المدخل دائماً يلوح وكأنه خلف 

الزاوية اليسرى مباشرةً


أما الطرف الآخر من الدرج فكان مغموراً بالظلام الأبدي ، 

يستحيل تمييز أي شيء مما يقع في الأسفل


وفي الظروف العادية ، لم يكن هذا النوع من المشاهد يدل 

إلا على أمر واحد


أنّ هذا هو كامل القفص ، مكوَّن فقط من الطابق الثاني ، 

ولهذا لا وجود لمدخل يقود إلى الطابق الأول


لكن هذه المرة كان الوضع غير اعتيادي بوضوح


فبعد أن مسحوا الطابق الثاني كله ، لم يقابلوا بعد السيّد 

الحقيقي للقفص


وهذا يعني أنّ هناك مناطق أخرى في القفص ، إلا أنهم لم 

يجدوا بعد وسيلة للوصول إليها ——


سأل وين شي: “ هل هناك طرق أخرى ؟”


خفضت شين مانيي رأسها قائلة : “ لا أعرف .”


شيه وون: “ فلنواصل البحث إذن .”


قبضت شين مانيي على شريطتها وظلت واقفة صامتة لحظة طويلة ، ثم قالت فجأة بصوت خافت :

“ هل يمكنني أن أذهب معكم ؟”


ــ ماذا ؟؟؟


استدار تشو شو والآخرون نحوها فجأة وهم يحدقون


ترددت الفتاة الصغيرة لحظة ، ثم رفعت وجهها لتنظر إلى وين شي وشيه وون، ربما لأنها رأت فيهما من يمكن الاعتماد عليه 

وشرحت بجدية :

“ كان في المنزل الكثير من الناس من قبل ، 

وكان الجو حافلاً بالحياة . 

لكن حين اختفوا فيما بعد ، اضطررت أن أبحث عن آخرين 

ألعب معهم ، إلا أنهم لم يأخذونني معهم أبداً . 

كانوا يهربون بمجرد أن يروني .”


و الطريقة الوحيدة لتتمكن من الاختلاط بالمزيد من الناس، 

والطريقة الوحيدة ليكلّمها أحد ، أن تتظاهر بأنها شخص آخر ———


تابعت شين مانيي بأسى:

“ لا أريد أن أبقى وحدي… أنا خائفة .”


شعر شيا تشياو والآخرون وكأنهم مسحورون بكلماتها، 

{ نحن أكثر رعباً منك أنتِ يا أختي الصغيرة }


لم يسبق لـوين شي أن اصطحب شبحاً صغيراً معه من قبل في حياته ، 

وكانت هذه أيضاً أول مرة يسمع فيها شبحاً صغيراً يقدّم 

مثل هذا الطلب ، فبدا عليه شيء من الحيرة


وبينما يتأمل شيه وون ملامح وين شي المستغربة ، 

أنزل عينيه نحوها وسألها : " لا بأس ، لكن... هل ستواصلين 

لعبة العروس الحقيقية والعروس المزيفة ؟"


شدت شين مانيي شفتَيها للحظة ، ثم هزّت رأسها وقالت: 

" لا، سأتوقف ."


أصبحت الآن تبدو مطيعة ووديعة ، بل وكأنها طفلة مسكينة 

مع طريقة إحناء رأسها


بدت مختلفة تماماً عن هيئتها السابقة حينما كانت طاقة 

الحقد تتدفق منها في كل اتجاه


صدم دا دونغ ولم يجد ما يقول


أما وين شي، فلم يعترض على رد شيه وون، بل التفت 

ليسألها: "لم تفعلي شيئاً آخر مع الذين في الطابق الثاني، صحيح؟" 


هزّت شين مانيي رأسها مطيعة من جديد : " لم أفعل ."


: " حسناً ..." أومأ وين شي ثم التفت إلى دا دونغ قائلاً: 

" اسأل رفيقك أين هو "


دا دونغ: " رفيقي؟"


استغرق الأمر منه ثانية ليتذكر هاوزي ~~~ 

فآخر مرة تواصلوا معه عندما كانت شين مانيي تثير الفوضى 

بين أفراد الفريق 


وبما أنّه كان من الصعب وقتها التمييز بين الحقيقي والمزيّف ، لم يجرؤ دا دونغ على التواصل مع ذلك الشخص 

طوال الوقت ، وكان يشعر بأن هناك أمراً غريباً دائماً


لكن الآن —- بعدما كفّت شين مانيي عن إحداث المشاكل، 

أصبحوا على الأقل واثقين أن لا خطب في هاوزي الذي على 

الطرف الآخر من جهاز الاتصال ، 

ولم يعد يشكّل عبئاً التواصل معه ،

وفوق ذلك ، لم يظهر له أي أثر منذ وقت طويل ، 

فربما لم يكن في هذا الطابق أصلاً 


شعر دا دونغ ببعض الذنب ، فاقترب متسلّلاً وأخذ جهاز 

الاتصال من سون سيتشي


ضغط الزر وقال بسرعة : " هاوزي ، هاوزي ، أنا دا دونغ

أين أنت ؟ 

لقد التزمت الصمت منذ مدة ."


تكلّم بسرعة فائقة ، وما إن أنهى كلماته حتى ترك زر الارسال


و بعد لحظة ، دوّى في الغرفة صوت تشويش متقطع ، 

حاد بعض الشيء ، بدا واضح بشكل استثنائي في ظل صمت الجميع


ثم تردّد صوت دا دونغ نفسه عبر غرفة النوم،  

يرافقه ذلك التشويش: " هاوزي ، هاوزي ، أنا دا دونغ

أين أنت ؟ 

لقد التزمت الصمت منذ مدة "


في هذه اللحظة ، خيّم صمت ثقيل على غرفة النوم


أصيب دا دونغ بالذهول للحظة ، ثم أجتاحته قشعريرة 

صاعدة من ظهره نحو قمة رأسه


استدار نحو مصدر الصوت ، 

فإذا به يرى علاقة المعاطف المغطاة بقماش أبيض


حينها فقط تذكّر شيئ —- عندما دخلوا هذه الغرفة لأول مرة ، 

ارتاع تشو شو من تلك العلاقة ، لأنه ظنّها شخصاً يقف هناك


و للحظة ، تثبتت أنظار الجميع في ذلك الاتجاه ، 

لكن لم يجرؤ أحد على الحركة


حتى شيا تشياو والآخرون بدا أنهم تذكّروا ما قاله تشو شو 

سابقاً ، فشحبت وجوههم


وبعينين متسعتين ، ابتلع دا دونغ ، ثم رفع جهاز الاتصال 

وضغط الزر ثانيةً قائلاً : "هاوزي أين أنت..."


لكن صوته صدر مجدداً من جهة العلاقة ، مكرراً: " هاوزي 

أين أنت..."


شيه وون ببرود : " لننزِع الغطاء الأبيض ."


وين شي قد تقدّم بالفعل نحوها ، وبحركة واحدة سحب الغطاء القماشي


فإذا بهم أمام مشهد رجل يقف فوق قاعدة العلاقة 

وبالنظر إلى ملابسه ، كان على الأرجح هاوزي ، 

لكن رأسه متدلي إلى الأمام ، وجسده مترهّل رخو ، 

كما لو أنّ عظامه قد اختفت ——


لكن وين شي أدرك سريعاً أن الأمر لم يكن ' كما لو '

فالرجل أمامه لم يكن يملك عظاماً حقاً ——-

لم يكن واقفاً على العلاقة ، بل مُعلَّقاً منها ——-


العلاقة مغروزة في كتفيه ، وأطراف أصابعه بالكاد تلامس قاعدة العلاقة


هرع دا دونغ بجنون ، و وصل تماماً في اللحظة التي رفع 

فيها وين شي رأس الشخص المعلّق


لم يكن سوى طبقة فارغة من الجلد ——-


و سقط دا دونغ جالساً على الأرض على الفور


وين شي:

“ إنه مزيّف .”


لكن دا دونغ لم يستوعب مباشرةً 


لم يعرف إن كان وين شي يقول ذلك ليواسيه ، أم أنه يقول الحقيقة فعلاً


ظل جالساً على الأرض لبضع ثوانٍ ، ذهنه فارغ ، ثم التقط 

أنفاسه ولاحظ الوحمة على أذن ذلك الجلد في الجانب الأيسر


انهار دا دونغ وتمتم بصوت خافت :

“ اللعنة… أفزعتني حتى الموت .”


وحمة هاوزي كانت على أذنه اليمنى ——


ومع ذلك ، كان المشهد مرعباً بحق أن يروا شخصاً معلقاً بهذا الشكل


شدّ الجميع عزيمتهم بسرعة وأنزلوا الشيء المعلّق


وأثناء فعلهم ذلك ، انزاح الستار في زاوية الغرفة عن غير قصد


كانت عينا شيه وون حادة ، فرأى كتلة صغيرة من الورق 

محشورة في شق بجانب الجدار


لونها مشابهاً لصفحات المذكرات ، فالتقطها ونفض عنها الغبار


فتح الورقة ونظر فيها سريعاً ، ثم ناولها لوين شي


مكتوب فيها :

[ 26 مايو 1913: مطر

تمطر باستمرار في الآونة الأخيرة ،،،

الجو رطب جداً في المنزل ، فالأشياء تتعفن بسهولة . 

لم يعد بالإمكان إخفاء شين مانيي ، لقد اكتشف السيد لي الأمر .

آيييه يا لسوء حظه ]


{ ما معنى “يا لسوء حظه” هنا ؟ }


عبس وين شي بحاجبيه و وفجأة ، أحس بوجود أحد يراقبه من أمامه


لكنّه كان يواجه نافذة الغرفة —— 


{ لا يمكن أن يكون هناك شيء معلّق خارج نافذة الطابق 

الثاني يراقبني … أليس كذلك ؟ }


رفع رأسه بسرعة


كان زجاج النافذة ، المعتم بفعل الليل ، مغطى بطبقة ضبابية مشوشة


يعكس داخل الغرفة ، مع هيئة غامضة غير واضحة ——


حدّق وين شي في ذلك المكان قليلاً ، ثم رفع يده وفتح النافذة


الخارج ممتلئ بعتمة كثيفة متشابكة


ومن بعيد ، تسلل إلى سمعه صوت الحشرات ، أشبه 

بأصوات قرية مهجورة نائية


كأنه تذكّر شيئاً فجأة ، فأخرج نصف جسده إلى الخارج عبر النافذة



كان شيا تشياو في خضم تحمّله للخوف وهو يواصل العمل بصعوبة ، عندها ربت أحدهم فجأة على ظهره —-


ارتعد فزعاً وهتف:

“ مَن هناك ؟!”


أشار تشو شو إلى شيء وسأله :

“ ما الذي يفعله أخوك ؟”


التفت شيا تشياو إلى حيث كان يشير ، فرأى أخاه يقفز من النافذة


لقد قفز…


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي